الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عُقُوبَةُ الْقَتْل وَالزِّنَى؛ لأَِنَّ هَذِهِ مَعَاصٍ ارْتَكَبُوهَا، وَهِيَ دُونَ الْكُفْرِ فِي الْقُبْحِ وَالْحُرْمَةِ، وَبَقِيَتِ الذِّمَّةُ مَعَ الْكُفْرِ، فَمَعَ الْمَعْصِيَةِ أَوْلَى (1) .
حُكْمُ مَنْ نَقَضَ الْعَهْدَ مِنْهُمْ:
44 -
إِذَا نَقَضَ الذِّمِّيُّ الْعَهْدَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُرْتَدِّ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ، وَيُحْكَمُ بِمَوْتِهِ بِاللَّحَاقِ بِدَارِ الْحَرْبِ، لأَِنَّهُ الْتَحَقَ بِالأَْمْوَاتِ، وَتَبِينُ مِنْهُ زَوْجَتُهُ الذِّمِّيَّةُ الَّتِي خَلَّفَهَا فِي دَارِ الإِْسْلَامِ، وَتُقْسَمُ تَرِكَتُهُ، وَإِذَا تَابَ وَرَجَعَ تُقْبَل تَوْبَتُهُ وَتَعُودُ ذِمَّتُهُ، إِلَاّ أَنَّهُ لَوْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَأُسِرَ يُسْتَرَقُّ، بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (2) .
وَفَصَّل الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي حُكْمِ نَاقِضِ الْعَهْدِ، حَسَبَ اخْتِلَافِ أَسْبَابِ النَّقْضِ، فَقَال الْمَالِكِيَّةُ: قُتِل بِسَبِّ نَبِيٍّ بِمَا لَمْ يَكْفُرْ بِهِ وُجُوبًا، وَبِغَصْبِ مُسْلِمَةٍ عَلَى الزِّنَى، أَوْ غُرُورِهَا بِإِسْلَامِهِ فَتَزَوَّجَتْهُ، وَهُوَ غَيْرُ مُسْلِمٍ، وَأَبَى الإِْسْلَامَ بَعْدَ ذَلِكَ، أَمَّا الْمُطَّلِعُ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ فَيَرَى الإِْمَامُ فِيهِ رَأْيَهُ بِقَتْلٍ أَوِ اسْتِرْقَاقٍ. وَمَنِ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ أَسَرَهُ الْمُسْلِمُونَ جَازَ اسْتِرْقَاقُهُ، وَإِنْ خَرَجَ لِظُلْمٍ لَحِقَهُ لَا يُسْتَرَقُّ وَيُرَدُّ لِجِزْيَتِهِ (3) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مَنِ انْتَقَضَ عَهْدُهُ بِقِتَالٍ يُقْتَل، وَإِنِ انْتَقَضَ عَهْدُهُ بِغَيْرِهِ لَمْ يَجِبْ إِبْلَاغُهُ مَأْمَنَهُ فِي
(1) البدائع 7 / 113، والهداية مع فتح القدير 5 / 302، 303.
(2)
ابن عابدين 3 / 277، والبناية على الهداية 5 / 842.
(3)
جواهر الإكليل 1 / 269، والشرح الكبير للدردير على هامش الدسوقي 2 / 205.
الأَْظْهَرِ، بَل يَخْتَارُ الإِْمَامُ فِيهِ قَتْلاً أَوْ رِقًّا أَوْ مَنًّا أَوْ فِدَاءً (1) .
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ، فَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَسْبَابِ النَّقْضِ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَقَالُوا: خُيِّرَ الإِْمَامُ فِيهِ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: الْقَتْل وَالاِسْتِرْقَاقِ وَالْفِدَاءِ وَالْمَنِّ، كَالأَْسِيرِ الْحَرْبِيِّ؛ لأَِنَّهُ كَافِرٌ قَدَرْنَا عَلَيْهِ فِي دَارِنَا بِغَيْرِ عَهْدٍ وَلَا عَقْدٍ، فَأَشْبَهَ اللِّصَّ الْحَرْبِيَّ، وَيَحْرُمُ قَتْلُهُ بِسَبَبِ نَقْضِ الْعَهْدِ إِذَا أَسْلَمَ (2) .
هَذَا، وَلَا يَبْطُل أَمَانُ ذُرِّيَّتِهِمْ وَنِسَائِهِمْ بِنَقْضِ عَهْدِهِمْ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) لأَِنَّ النَّقْضَ إِنَّمَا وُجِدَ مِنَ الرِّجَال الْبَالِغِينَ دُونَ الذُّرِّيَّةِ، فَيَجِبُ أَنْ يَخْتَصَّ حُكْمُهُ بِهِمْ. وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ تُسْتَرَقُّ ذُرِّيَّتُهُمْ (3) .
أَهْل الشُّورَى
انْظُرْ: مَشُورَةً
(1) مغني المحتاج 4 / 258، 259.
(2)
كشاف القناع 3 / 144، والمغني 8 / 459، 529.
(3)
ابن عابدين 3 / 277، وجواهر الإكليل 1 / 269، ومغني المحتاج 4 / 259، وكشاف القناع 3 / 144.