الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هـ -
الْفَسْخُ:
6 -
الْفَسْخُ: هُوَ حَل ارْتِبَاطِ الْعَقْدِ، وَهَذَا يَكُونُ بِإِرَادَةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا، أَوْ بِحُكْمِ الْقَاضِي، فَهُوَ عَمَل الْمُتَعَاقِدَيْنِ غَالِبًا، أَوْ فِعْل الْحَاكِمِ فِي بَعْضِ الأَْحْوَال كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مَوْضِعِهِ.
أَمَّا الاِنْفِسَاخُ: فَهُوَ انْحِلَال ارْتِبَاطِ الْعَقْدِ، سَوَاءٌ أَكَانَ أَثَرًا لِلْفَسْخِ، أَوْ نَتِيجَةً لِعَوَامِل غَيْرِ اخْتِيَارِيَّةٍ. فَإِذَا كَانَ الاِنْحِلَال أَثَرًا لِلْفَسْخِ كَانَتِ الْعَلَاقَةُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالاِنْفِسَاخِ عَلَاقَةَ السَّبَبِ بِالْمُسَبَّبِ، كَمَا إِذَا فَسَخَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ عَقْدَ الْبَيْعِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ مَثَلاً، فَالاِنْفِسَاخُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَتِيجَةُ الْفَسْخِ الَّذِي مَارَسَهُ الْعَاقِدُ اخْتِيَارًا. يَقُول الْقَرَافِيُّ: الْفَسْخُ قَلْبُ كُل وَاحِدٍ مِنَ الْعِوَضَيْنِ لِصَاحِبِهِ، وَالاِنْفِسَاخُ انْقِلَابُ كُل وَاحِدٍ مِنَ الْعِوَضَيْنِ لِصَاحِبِهِ، فَالأَْوَّل فِعْل الْمُتَعَاقِدَيْنِ إِذَا ظَفِرُوا بِالْعُقُودِ الْمُحَرَّمَةِ، وَالثَّانِي صِفَةُ الْعِوَضَيْنِ، فَالأَْوَّل سَبَبٌ شَرْعِيٌّ، وَالثَّانِي حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، فَهَذَانِ فَرْعَانِ: فَالأَْوَّل مِنْ جِهَةِ الْمَوْضُوعَاتِ، وَالثَّانِي مِنْ جِهَةِ الأَْسْبَابِ وَالْمُسَبَّبَاتِ. (1)
وَمِثْلُهُ مَا جَاءَ فِي الْمَنْثُورِ لِلزَّرْكَشِيِّ، إِلَاّ أَنَّهُ أَطْلَقَ وَلَمْ يُقَيِّدِ الْفَسْخَ بِالْعُقُودِ الْمُحَرَّمَةِ؛ لأَِنَّ الْفَسْخَ يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ فِي الْعُقُودِ غَيْرِ الْمُحَرَّمَةِ، وَذَلِكَ بِإِرَادَةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا كَمَا هُوَ الْحَال غَالِبًا. (2)
أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنِ الاِنْفِسَاخُ أَثَرًا لِلْفَسْخِ، بَل نَتِيجَةً لِعَوَامِل خَارِجَةٍ عَنْ إِرَادَةِ الْعَاقِدَيْنِ، كَمَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ فِي الْعُقُودِ غَيْرِ اللَاّزِمَةِ مَثَلاً، فَلَا يُوجَدُ بَيْنَ
(1) الفروق للقرافي 3 / 269.
(2)
المنثور للزركشي 3 / 42.
الْفَسْخِ وَالاِنْفِسَاخِ عَلَاقَةُ السَّبَبِيَّةِ الَّتِي قَرَّرَهَا الْقَرَافِيُّ.
7 -
وَمِنَ الأَْمْثِلَةِ الَّتِي قَرَّرَ الْفُقَهَاءُ فِيهَا انْفِسَاخَ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ مَا يَأْتِي:
أ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ تَلِفَتِ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ انْفَسَخَتِ الإِْجَارَةُ، كَمَا إِذَا تَلِفَتِ الدَّابَّةُ الْمُعَيَّنَةُ، أَوِ انْهَدَمَتِ الدَّارُ الْمُسْتَأْجَرَةُ. (1)
ب - لَوْ غُصِبَتِ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ سَقَطَ الأَْجْرُ لِزَوَال التَّمَكُّنِ مِنَ الاِنْتِفَاعِ، وَتَنْفَسِخُ الإِْجَارَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، لَكِنَّ الشَّافِعِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ قَالُوا: لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِنَفْسِهِ، بَل يَثْبُتُ خِيَارُ الْفَسْخِ لِلْمُسْتَأْجِرِ. (2)
ج - إِذَا مَاتَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا فِي الْعُقُودِ غَيْرِ اللَاّزِمَةِ، (3) كَالْعَارِيَّةِ وَالْوَكَالَةِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ.
د - يَنْفَسِخُ عَقْدُ الإِْجَارَةِ بِمَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، خِلَافًا لِلْجُمْهُورِ، وَكَذَلِكَ تَنْفَسِخُ الإِْجَارَةُ بِالأَْعْذَارِ (4) ، عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ يُذْكَرُ فِي أَسْبَابِ الاِنْفِسَاخِ.
وَسَوْفَ يَقْتَصِرُ الْكَلَامُ فِي هَذَا الْبَحْثِ عَلَى الاِنْفِسَاخِ الَّذِي لَا يَكُونُ أَثَرًا لِلْفَسْخِ. أَمَّا الاِنْفِسَاخُ الَّذِي هُوَ أَثَرٌ لِلْفَسْخِ فَيُرْجَعُ إِلَيْهِ تَحْتَ عُنْوَانِ (فَسْخٌ) .
(1) ابن عابدين 5 / 52، والشرح الصغير 4 / 49، ونهاية المحتاج 5 / 300، 318، والإقناع لحل ألفاظ أبي شجاع ص 72، والمغني 6 / 25
(2)
الزيلعي 5 / 108، وابن عابدين 5 / 8، والشرح الصغير 4 / 49، ونهاية المحتاج 5 / 318، والمغني 6 / 28 - 30
(3)
العقود غير اللازمة هي ما للعاقد نسخه ولو لم يكن العاقد الآخر راضيا (الأشباه لابن نجيم ص 193)
(4)
ابن عابدين 5 / 52، والشرح الصغير 4 / 49، ونهاية المحتاج 5 / 314، والمغني 6 / 42