الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وُجُوبُ الْخَرَاجِ لَا نَفْسُ الشِّرَاءِ، فَمَا لَمْ يُوضَعْ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ لَا يَصِيرُ ذِمِّيًّا.
وَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا يَصِيرُ ذِمِّيًّا بِشَرْطِ تَنْبِيهِهِ عَلَى أَنَّهُ فِي حَالَةِ عَدَمِ بَيْعِهِ الأَْرْضَ وَرُجُوعِهِ إِلَى بِلَادِهِ سَيَكُونُ ذِمِّيًّا، إِذْ لَا يَصِحُّ جَعْلُهُ ذِمِّيًّا بِلَا رِضًى مِنْهُ أَوْ قَرِينَةٍ مُعْتَبَرَةٍ تَكْشِفُ عَنْ رِضَاهُ (1) .
هَذَا، وَلَمْ نَجِدْ لِسَائِرِ الْفُقَهَاءِ رَأْيًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
ثَالِثًا - صَيْرُورَتُهُ ذِمِّيًّا بِالتَّبَعِيَّةِ:
15 -
هُنَاكَ حَالَاتٌ يَصِيرُ فِيهَا غَيْرُ الْمُسْلِمِ ذِمِّيًّا تَبَعًا لِغَيْرِهِ؛ لِعَلَاقَةٍ بَيْنَهُمَا تَسْتَوْجِبُ هَذِهِ التَّبَعِيَّةَ فِي الذِّمَّةِ مِنْهَا:
أ -
الأَْوْلَادُ الصِّغَارُ وَالزَّوْجَةُ:
16 -
صَرَّحَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: (الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) أَنَّ الأَْوْلَادَ الصِّغَارَ يَدْخُلُونَ فِي الذِّمَّةِ تَبَعًا لآِبَائِهِمْ أَوْ أُمَّهَاتِهِمْ إِذَا دَخَلُوا فِي الذِّمَّةِ (2) ؛ لأَِنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ فِيهِ الْتِزَامُ أَحْكَامِ الإِْسْلَامِ فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى الْمُعَامَلَاتِ، وَالصَّغِيرُ فِي مِثْل هَذَا يَتْبَعُ خَيْرَ الْوَالِدَيْنِ، كَمَا عَلَّلَهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَهَذَا مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمَالِكِيَّةِ، حَيْثُ قَالُوا. لَا تُعْقَدُ الذِّمَّةُ إِلَاّ لِكَافِرٍ حُرٍّ بَالِغٍ ذَكَرٍ، فَأَمَّا الْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ فَهُمْ أَتْبَاعٌ (3) .
وَإِذَا بَلَغَ صِبْيَانُ أَهْل الذِّمَّةِ تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ دُونَ حَاجَةٍ إِلَى عَقْدٍ جَدِيدٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ
(1) البدائع 7 / 110، وابن عابدين 3 / 346، والزيلعي 2 / 269
(2)
السير الكبير 5 / 1870، والمهذب للشيرازي 2 / 251، 253، والمغني لابن قدامة 8 / 508.
(3)
القوانين الفقهية لابن جزي ص 104.
وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ خُلَفَائِهِ تَجْدِيدُ الْعَقْدِ لِهَؤُلَاءِ وَلأَِنَّهُمْ تَبِعُوا الأَْبَ فِي الأَْمَانِ، فَتَبِعُوهُ فِي الذِّمَّةِ (1) .
وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ لَهُ عَقْدَ الذِّمَّةِ؛ لأَِنَّ الْعَقْدَ الأَْوَّل كَانَ لِلأَْبِ دُونَهُ، فَعَلَى هَذَا جِزْيَتُهُ عَلَى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ التَّرَاضِي (2) .
وَمِثْل هَذَا الْحُكْمِ أَنَّ التَّبَعِيَّةَ فِي الذِّمَّةِ يَجْرِي عَلَى الزَّوْجَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ أَنَّ زَوْجَيْنِ مُسْتَأْمَنَيْنِ دَخَلَا دَارَ الإِْسْلَامِ بِالأَْمَانِ، أَوْ تَزَوَّجَ مُسْتَأْمَنٌ مُسْتَأْمَنَةً فِي دَارِنَا ثُمَّ صَارَ الرَّجُل ذِمِّيًّا، أَوْ دَخَلَتْ حَرْبِيَّةٌ دَارَ الإِْسْلَامِ بِأَمَانٍ فَتَزَوَّجَتْ ذِمِّيًّا، صَارَتْ ذِمِّيَّةً تَبَعًا لِلزَّوْجِ؛ لأَِنَّ الْمَرْأَةَ فِي الْمُقَامِ تَابِعَةٌ لِزَوْجِهَا (3) .
ب -
اللَّقِيطُ:
17 -
إِذَا وُجِدَ اللَّقِيطُ فِي مَكَانِ أَهْل الذِّمَّةِ، كَقَرْيَتِهِمْ أَوْ بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ يُعْتَبَرُ ذِمِّيًّا تَبَعًا لَهُمْ، وَلَوِ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (4) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِذَا وُجِدَ اللَّقِيطُ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ - وَفِيهَا أَهْل ذِمَّةٍ - أَوْ بِدَارٍ فَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ وَأَقَرُّوهَا بِيَدِ الْكُفَّارِ صُلْحًا، أَوْ أَقَرُّوهَا بِيَدِهِمْ بَعْدَ
(1) السير الكبير 5 / 1870، والقوانين الفقهية ص 104، والمهذب 2 / 253، والروضة 8 / 300، والمغني 8 / 508.
(2)
المهذب للشيرازي 2 / 253، والروضة 8 / 300.
(3)
السير الكبير 5 / 1865، والفتاوى الهندية 2 / 235.
(4)
ابن عابدين 3 / 326، والحطاب 6 / 82، وجواهر الإكليل 2 / 220.