الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا يَرِدُ عَلَيْهِ الاِنْفِسَاخُ:
8 -
مَحَل الاِنْفِسَاخِ الْعَقْدُ لَا غَيْرُهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ سَبَبُهُ الْفَسْخَ أَمْ غَيْرَهُ؛ لأَِنَّهُمْ عَرَّفُوا الاِنْفِسَاخَ بِانْحِلَال ارْتِبَاطِ الْعَقْدِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُتَصَوَّرُ إِلَاّ إِذَا كَانَ هُنَاكَ ارْتِبَاطٌ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ بِوَاسِطَةِ الْعَقْدِ. (1)
أَمَّا إِذَا أُرِيدَ مِنَ الاِنْفِسَاخِ الْبُطْلَانُ وَالنَّقْضُ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَرِدَ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَنْشَأُ عَنْ إِرَادَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكَذَلِكَ الْعُهُودُ وَالْوُعُودُ، كَمَا يُسْتَعْمَل أَحْيَانًا فِي الْعِبَادَاتِ وَيَرِدُ عَلَى النِّيَّاتِ، كَانْفِسَاخِ نِيَّةِ صَلَاةِ الْفَرْضِ إِلَى النَّفْل، وَكَذَلِكَ انْفِسَاخُ الْحَجِّ بِالْعُمْرَةِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَصَرَفَهُ إِلَى الْعُمْرَةِ يَنْفَسِخُ الْحَجُّ إِلَى الْعُمْرَةِ.
وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْجَدِيدِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَفْسَخَ نِيَّةَ الْحَجِّ بَعْدَمَا أَحْرَمَ، وَيَقْطَعَ أَفْعَالَهُ، وَيَجْعَل إِحْرَامَهُ وَأَفْعَالَهُ لِلْعُمْرَةِ. (2)
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (إِحْرَامٌ) .
أَسْبَابُ الاِنْفِسَاخِ:
9 -
الاِنْفِسَاخُ لَهُ أَسْبَابٌ مُخْتَلِفَةٌ: مِنْهَا مَا هُوَ اخْتِيَارِيٌّ، وَهُوَ مَا يَأْتِي بِإِرَادَةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ بِإِرَادَةِ كِلَيْهِمَا أَوْ بِحُكْمِ الْقَاضِي، وَمِنْهَا مَا هُوَ سَمَاوِيٌّ وَهُوَ مَا يَأْتِي بِدُونِ إِرَادَةِ الْعَاقِدَيْنِ أَوِ الْقَاضِي، بَل بِعَوَامِل خَارِجَةٍ عَنِ الإِْرَادَةِ لَا يُمْكِنُ اسْتِمْرَارُ الْعَقْدِ مَعَهَا.
(1) المنثور للزركشي 3 / 45، والأشباه لابن نجيم ص 338
(2)
ابن عابدين 2 / 172، والمغني 3 / 289، ولتفصيل جواز وعدم جواز انفساخ الحج للعمرة، وما ورد فيه من الأحاديث وأدلة المجوزين والمانعين راجع فتح القدير 3 / 365، 366
يَقُول الْكَاسَانِيُّ: مَا يَنْفَسِخُ بِهِ الْعَقْدُ نَوْعَانِ: اخْتِيَارِيٌّ وَضَرُورِيٌّ، فَالاِخْتِيَارِيُّ هُوَ أَنْ يَقُول: فَسَخْتُ الْعَقْدَ أَوْ نَقَضْتُهُ وَنَحْوُهُ، وَالضَّرُورِيُّ: أَنْ يَهْلِكَ الْمَبِيعُ قَبْل الْقَبْضِ مَثَلاً. (1)
الأَْسْبَابُ الاِخْتِيَارِيَّةُ:
أَوَّلاً: الْفَسْخُ:
10 -
الْمُرَادُ بِالْفَسْخِ هُنَا مَا يَرْفَعُ بِهِ حُكْمَ الْعَقْدِ بِإِرَادَةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا، وَهَذَا يَكُونُ فِي الْعُقُودِ غَيْرِ اللَاّزِمَةِ بِطَبِيعَتِهَا، كَعَقْدَيِ الْعَارِيَّةِ وَالْوَكَالَةِ مَثَلاً، أَوْ مَا يَكُونُ فِيهِ أَحَدُ الْخِيَارَاتِ، أَوْ بِسَبَبِ الأَْعْذَارِ الَّتِي يَتَعَذَّرُ بِهَا اسْتِمْرَارُ الْعَقْدِ، أَوْ بِسَبَبِ الْفَسَادِ.
وَيُنْظَرُ حُكْمُ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي مُصْطَلَحَيْ: (إِقَالَةٌ وَفَسْخٌ) .
ثَانِيًا: الإِْقَالَةُ:
11 -
الإِْقَالَةُ رَفْعُ الْعَقْدِ وَإِزَالَتُهُ بِرِضَى الطَّرَفَيْنِ (2) ، وَهِيَ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الاِنْفِسَاخِ الاِخْتِيَارِيَّةِ، وَتَرِدُ عَلَى الْعُقُودِ اللَاّزِمَةِ، كَالْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ. أَمَّا إِذَا كَانَ الْعَقْدُ غَيْرَ لَازِمٍ كَالْعَارِيَّةِ، أَوْ لَازِمًا بِطَبِيعَتِهِ وَلَكِنْ فِيهِ أَحَدُ الْخِيَارَاتِ فَلَا حَاجَةَ فِيهِ لِلإِْقَالَةِ؛ لِجَوَازِ فَسْخِهِ بِطَرِيقٍ أُخْرَى، كَمَا تَقَدَّمَ. (3)
وَيُنْظَرُ الْكَلَامُ فِيهِ تَحْتَ عُنْوَانِ: (إِقَالَةٌ) .
(1) البدائع 5 / 298.
(2)
ابن عابدين 4 / 164، ومجلة الأحكام م 163.
(3)
البدائع 5 / 306، والمنثور للزركشي 3 / 47.