الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَغَيْرِهِمْ. وَعَلَى ذَلِكَ فَأَهْل الْكِتَابِ مِنَ الْكُفَّارِ. فَالْكُفَّارُ أَعَمُّ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ؛ لأَِنَّهُ يَشْمَل أَهْل الْكِتَابِ وَغَيْرَهُمْ (1) .
ب -
أَهْل الذِّمَّةِ:
3 -
أَهْل الذِّمَّةِ هُمُ: الْمُعَاهَدُونَ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ يُقِيمُ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ. وَيُقِرُّونَ عَلَى كُفْرِهِمْ بِشَرْطِ بَذْل الْجِزْيَةِ وَالْتِزَامِ أَحْكَامِ الإِْسْلَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ (2) .
فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ أَهْل الذِّمَّةِ وَأَهْل الْكِتَابِ، فَقَدْ يَكُونُ ذِمِّيًّا غَيْرَ كِتَابِيٍّ، وَقَدْ يَكُونُ كِتَابِيًّا غَيْرَ ذِمِّيٍّ، وَهُمْ مَنْ كَانَ فِي غَيْرِ دَارِ الإِْسْلَامِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.
التَّفَاوُتُ بَيْنَ أَهْل الْكِتَابِ:
4 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ أَهْل الْكِتَابِ (الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى) إِذَا قُوبِلُوا بِالْمَجُوسِ. فَالْمَجُوسِيَّةُ شَرٌّ (3)، وَأَمَّا الْيَهُودِيَّةُ إِذَا قُوبِلَتْ بِالنَّصْرَانِيَّةِ فَاخْتَلَفَتْ آرَاءُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُفَسِّرِينَ عَلَى الاِتِّجَاهَاتِ التَّالِيَةِ:
الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل: أَنَّهُ لَا تَفَاوُتَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْفِرْقَتَيْنِ. وَهَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ أَقْوَال أَصْحَابِ التَّفَاسِيرِ وَالْفُقَهَاءِ، الَّذِينَ تَكَلَّمُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِمَّنْ رَتَّبُوا أَحْكَامًا فِقْهِيَّةً كَثِيرَةً عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى دُونَ أَيِّ تَفْرِقَةٍ بَيْنَهُمَا، وَعَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، مِثْل: جَوَازِ الْمُنَاكَحَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، كَأَهْل الْمَذَاهِبِ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَجَوَازِ شَهَادَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ،
(1) المغني 8 / 496.
(2)
القاموس وكشاف القناع 3 / 116.
(3)
المبسوط 5 / 48، وفتح القدير 3 / 287.
وَجَوَازِ أَكْل ذَبِيحَتِهِمْ، وَحِل نِكَاحِ نِسَائِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَْحْكَامِ الْفِقْهِيَّةِ؛ لأَِنَّهُمْ أَهْل مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ نِحَلُهُمْ؛ وَلأَِنَّهُ يَجْمَعُهُمُ اعْتِقَادُ الشِّرْكِ وَالإِْنْكَارِ لِنُبُوَّةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم (1) .
الاِتِّجَاهُ الثَّانِي: أَنَّ النَّصْرَانِيَّةَ شَرٌّ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ.
وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ، مِنْهُمُ ابْنُ نُجَيْمٍ وَصَاحِبُ الدُّرَرِ وَابْنُ عَابِدِينَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ، وَفَرَّعُوا عَلَى هَذَا الْفَرْقِ بِقَوْلِهِمْ: يَلْزَمُ عَلَى هَذَا كَوْنُ الْوَلَدِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْ يَهُودِيَّةٍ وَنَصْرَانِيٍّ أَوْ عَكْسِهِ تَبَعًا لِلْيَهُودِيِّ لَا النَّصْرَانِيِّ.
وَفَائِدَتُهُ خِفَّةُ الْعُقُوبَةِ فِي الآْخِرَةِ، حَيْثُ إِنَّ فِي الآْخِرَةِ يَكُونُ النَّصْرَانِيُّ أَشَدَّ عَذَابًا؛ لأَِنَّ نِزَاعَ النَّصَارَى فِي الإِْلَهِيَّاتِ، وَنِزَاعَ الْيَهُودِ فِي النُّبُوَّاتِ.
وَكَذَا فِي الدُّنْيَا؛ لِمَا ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ مِنْ كِتَابِ الأُْضْحِيَّةِ أَنَّهُ: يُكْرَهُ الأَْكْل مِنْ طَعَامِ الْمَجُوسِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ؛ لأَِنَّ الْمَجُوسِيَّ يَطْبُخُ الْمُنْخَنِقَةَ وَالْمَوْقُوذَةَ وَالْمُتَرَدِّيَةَ، وَالنَّصْرَانِيَّ لَا ذَبِيحَةَ لَهُ، وَإِنَّمَا يَأْكُل ذَبِيحَةَ الْمُسْلِمِ أَوْ يَخْنُقُهَا، وَلَا بَأْسَ بِطَعَامِ الْيَهُودِيِّ؛ لأَِنَّهُ لَا يَأْكُل إِلَاّ مِنْ ذَبِيحَةِ الْيَهُودِيِّ أَوِ الْمُسْلِمِ، فَعُلِمَ أَنَّ النَّصْرَانِيَّ شَرٌّ مِنَ الْيَهُودِيِّ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا أَيْضًا (2) .
وَالاِتِّجَاهُ الثَّالِثُ: مَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ، مَنْقُولاً عَنِ الْخُلَاصَةِ أَيْضًا، وَهُوَ قَوْلٌ لِبَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ: أَنَّ
(1) المبسوط 4 / 210، و 5 / 32، 38، 44، والمغني 8 / 567، 568، وروضة الطالبين 7 / 135، 136، والحطاب 3 / 447، والمدونة الكبرى 4 / 306.
(2)
ابن عابدين 2 / 395، والبحر الرائق 3 / 225، 226، وشرح الدرر 1 / 235، والتفسير الكبير 12 / 67.