الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
4 -
أَوْرَدَ الْحَنَفِيَّةُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْعَقِدُ بِالإِْيجَابِ وَالْقَبُول. وَأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْعَاقِدَيْنِ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمَبِيعِ مَعْرِفَةً نَافِيَةً لِلْجَهَالَةِ الْمُفْضِيَةِ لِلْمُنَازَعَةِ. فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ حَاضِرًا اكْتُفِيَ بِالإِْشَارَةِ إِلَيْهِ؛ لأَِنَّهَا مُوجِبَةٌ لِلتَّعْرِيفِ قَاطِعَةٌ لِلْمُنَازَعَةِ. وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِالأُْنْمُوذَجِ كَالْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ فَرُؤْيَةُ الأُْنْمُوذَجِ كَرُؤْيَةِ الْجَمِيعِ إِلَاّ أَنْ يَخْتَلِفَ فَيَكُونَ لَهُ خِيَارُ الْعَيْبِ، أَوْ خِيَارُ فَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ. وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِالأُْنْمُوذَجِ كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ فَيَذْكُرُ لَهُ جَمِيعَ الأَْوْصَافِ قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ وَيَكُونُ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ.
كَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ كَذَلِكَ مِنْ مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ الثَّمَنِ وَصِفَتِهِ إِذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ، وَإِنْ أَطْلَقَ الثَّمَنَ فَهُوَ عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَامَلُوا بِهَا انْصَرَفَ إِلَى الْمُعْتَادِ عِنْدَهُمْ. وَيَكْفِي أَنْ يَرَى الْمُشْتَرِي مِنَ الْمَبِيعِ مَا يَدُل عَلَى الْعِلْمِ؛ لأَِنَّ رُؤْيَةَ جَمِيعِ الْمَبِيعِ غَيْرُ مَشْرُوطَةٍ لِتَعَذُّرِهَا كَوَجْهِ صُبْرَةٍ لَا تَتَفَاوَتُ آحَادُهَا (1) . فَمَتَى كَانَ الأُْنْمُوذَجُ قَدْ دَل عَلَى مَا فِي الصُّبْرَةِ مِنْ مَبِيعٍ دَلَالَةً نَافِيَةً لِلْجَهَالَةِ، وَكَانَ مِمَّا لَا تَتَفَاوَتُ آحَادُهُ، وَكَانَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا، كَانَ الْبَيْعُ بِهِ صَحِيحًا وَبِغَيْرِهِ لَا.
هَذَا مَا عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ، فَقَدْ شَرَطُوا فِيمَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ: مَعْرِفَةُ الْعَاقِدَيْنِ بِالْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ مَعْرِفَةً نَافِيَةً لِلْجَهَالَةِ، وَأَنَّ رُؤْيَةَ بَعْضِ الْمَبِيعِ تَكْفِي إِنْ دَلَّتْ عَلَى الْبَاقِي فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ أَجْزَاؤُهُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي الأُْنْمُوذَجِ الْمُتَمَاثِل الْمُتَسَاوِي
(1) الاختيار شرح المختار 2 / 4، 5 ط دار المعرفة، وابن عابدين 4 / 5، 21، 65، 66.
الأَْجْزَاءَ كَالْحُبُوبِ: إِنَّ رُؤْيَتَهُ تَكْفِي عَنْ رُؤْيَةِ بَاقِي الْمَبِيعِ، وَالْبَيْعُ بِهِ جَائِزٌ. وَإِذَا أَحْضَرَ الْبَائِعُ الأُْنْمُوذَجَ وَقَال: بِعْتُكَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ كَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ مَالاً لِيَكُونَ بَيْعًا، وَلَمْ يُرَاعِ شَرْطَ السَّلَمِ، وَلَا يَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ الْوَصْفِ فِي السَّلَمِ؛ لأَِنَّ الْوَصْفَ بِاللَّفْظِ يُرْجَعُ إِلَيْهِ عِنْدَ النِّزَاعِ، فَإِنْ عَيَّنَ الثَّمَنَ وَبَيَّنَهُ جَازَ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الْبَيْعَ بِالأُْنْمُوذَجِ لَا يَصِحُّ إِذَا لَمْ يَرَ الْمَبِيعَ وَقْتَ الْعَقْدِ، أَمَّا إِذَا رُئِيَ فِي وَقْتِهِ وَكَانَ عَلَى مِثَالِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ (1) .
إِنْهَاءٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
الإِْنْهَاءُ فِي اللُّغَةِ: يَكُونُ بِمَعْنَى الإِْعْلَامِ، وَالإِْبْلَاغِ، يُقَال أَنْهَيْتُ الأَْمْرَ إِلَى الْحَاكِمِ أَيْ أَعْلَمْتُهُ بِهِ. وَيَكُونُ بِمَعْنَى الإِْتْمَامِ وَالإِْنْجَازِ. يُقَال: أَنْهَى الْعَمَل إِذَا أَنْجَزَهُ (2) .
وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِمَعْنَى إِبْلَاغِ الْقَاضِي قَاضِيًا آخَرَ بِحُكْمِهِ لِيُنَفِّذَهُ، أَوْ بِمَا حَصَل عِنْدَهُ مِمَّا هُوَ دُونَ الْحُكْمِ، كَسَمَاعِ الدَّعْوَى لِقَاضٍ آخَرَ لِيُتَمِّمَهُ. وَيَكُونَ إِمَّا مُشَافَهَةً أَوْ بِكِتَابٍ أَوْ
(1) الشرح الكبير 3 / 24، وجواهر الإكليل 2 / 2، 6 - 7، وعميرة على شرح المحلى على منهاج الطالبين 2 / 152 - 153، 161 - 163، 165، وكشاف القناع 3 / 163 طبعة بيروت.
(2)
الصحاح والمصباح المنير، وتهذيب الأسماء واللغات، والمرجع لعبد الله العلايلي، مادة (نهى) .