الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَال: سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ أَرْضُ الْعَجَمِ، وَسَتَجِدُونَ فِيهَا حَمَّامَاتٍ، فَامْنَعُوا نِسَاءَكُمْ إِلَاّ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ (1) . وَعَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا دُخُول الْحَمَّامِ لِعُذْرٍ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ مَرَضٍ. (2)
الْمُحَافَظَةُ عَلَى مَظَاهِرِ الأُْنُوثَةِ:
23 -
يَعْتَنِي الإِْسْلَامُ بِجَعْل الأُْنْثَى تُحَافِظُ عَلَى مَظَاهِرِ أُنُوثَتِهَا، فَحَرَّمَ عَلَيْهَا التَّشَبُّهَ بِالرِّجَال فِي أَيِّ مَظْهَرٍ مِنْ لِبَاسٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ أَيِّ تَصَرُّفٍ. وَقَدْ لَعَنَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَال. وَفِي الطَّبَرَانِيِّ أَنَّ امْرَأَةً مَرَّتْ عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَقَلِّدَةً قَوْسًا، فَقَال: لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَال، وَالْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَال بِالنِّسَاءِ. (3)
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْقَيِّمِ أَنَّ مِنَ الْكَبَائِرِ: تَرَجُّل الْمَرْأَةِ وَتَخَنُّثَ الرَّجُل (4) .
وَقَدْ أَبَاحَ لَهَا الإِْسْلَامُ أَنْ تَتَّخِذَ مِنْ وَسَائِل الزِّينَةِ مَا يَكْفُل لَهَا الْمُحَافَظَةَ عَلَى أُنُوثَتِهَا، فَيَحِل ثَقْبُ
(1) حديث: " ستفتح عليكم أرض العجم. . . . " أخرجه أبو داود (4 / 102 ط عزت عبيد دعاس) وابن ماجه (2 / 1233 ط الحلبي) وأعله المنذري بضعف أحد رواته (مختصر سنن أبي داود 6 / 15 نشر دار المعرفة بيروت) .
(2)
فتح القدير 8 / 97 - 108 ط الأميرية، وحاشية الحموي 2 / 171 ط العامرة، وحاشية ابن عابدين 5 / 32، 33، وحاشية العدوي على الخرشي 7 / 43، وحاشية البناني على الزرقاني 7 / 45، والأشباه للسيوطي ص 237 ط الحلبي، والمغني 1 / 231 ط الرياض.
(3)
حاشية ابن عابدين 5 / 271. وحديث: " لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال. . . . " أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس كما في مجمع الزوائد (8 / 103) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه علي بن الرازي وهو لين، وبقية رجاله ثقات.
(4)
إعلام الموقعين 4 / 402.
أُذُنِهَا لِتَعْلِيقِ الْقُرْطِ فِيهِ. يَقُول الْفُقَهَاءُ: لَا بَأْسَ بِثَقْبِ آذَانِ النِّسْوَانِ، وَلَا بَأْسَ بِثَقْبِ آذَانِ الأَْطْفَال مِنَ الْبَنَاتِ؛ لأَِنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي زَمَانِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ، يَقُول ابْنُ الْقَيِّمِ: الأُْنْثَى مُحْتَاجَةٌ لِلْحِلْيَةِ فَثَقْبُ الأُْذُنِ مَصْلَحَةٌ فِي حَقِّهَا. (1)
وَيُبَاحُ لَهَا التَّزَيُّنُ بِلُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ دُونَ الرِّجَال؛ لأَِنَّهُ مِنْ زِينَةِ النِّسَاءِ، فَقَدْ رَوَى أَبُو مُوسَى أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: حَرَامٌ لِبَاسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، وَأُحِلّ لإِِنَاثِهِمْ (2) قَال ابْنُ قُدَامَةَ: أُبِيحَ التَّحَلِّي فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ لِحَاجَتِهَا إِلَى التَّزَيُّنِ لِلزَّوْجِ وَالتَّجَمُّل عِنْدَهُ. (3) كَذَلِكَ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَخْضِبَ يَدَيْهَا، وَأَنْ تُعَلِّقَ الْخَرَزَ فِي شَعْرِهَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ ضُرُوبِ الزِّينَةِ. (4)
وُجُوبُ التَّسَتُّرِ وَعَدَمُ الاِخْتِلَاطِ بِالرِّجَال الأَْجَانِبِ:
24 -
إِذَا خَرَجَتِ الْمَرْأَةُ لِحَاجَتِهَا لَا تَخْرُجُ إِلَاّ مُتَسَتِّرَةً. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَحَيْثُ أَبَحْنَا لَهَا الْخُرُوجَ فَإِنَّمَا يُبَاحُ بِشَرْطِ عَدَمِ الزِّينَةِ، وَعَدَمِ تَغْيِيرِ الْهَيْئَةِ إِلَى مَا يَكُونُ دَاعِيَةً لِنَظَرِ الرِّجَال
(1) حاشية ابن عابدين 5 / 271، والفتاوى الهندية 5 / 357، وتحفة المودود ص 125.
(2)
حديث: " حرام لباس الحرير والذهب على ذكور. . . . " أخرجه أحمد (4 / 392 - ط الميمنية) والنسائي (8 / 161 - ط المكتبة التجارية) من حديث أبي موسى الأشعري، وهو صحيح لطرقه.
(3)
ابن عابدين 5 / 224، ومنح الجليل 1 / 33، والمغني 1 / 77، 588، 591.
(4)
الفتاوى الهندية 5 / 359، والفواكه الدواني 2 / 403.
وَالاِسْتِمَالَةِ، (1) قَال اللَّهُ تَعَالَى:{وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُْولَى} (2) .
قَال مُجَاهِدٌ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَخْرُجُ تَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ الرِّجَال، فَذَلِكَ تَبَرُّجُ الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَال قَتَادَةَ: كَانَتْ لَهُنَّ مِشْيَةُ تَكَسُّرٍ وَتَغَنُّجٍ، فَنَهَى اللَّهُ سبحانه وتعالى عَنْ ذَلِكَ (3) .
وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الثِّيَابُ الَّتِي تَظْهَرُ بِهَا أَمَامَ النَّاسِ مِمَّا يَظْهَرُ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ جَسَدِهَا الْوَاجِبِ سِتْرُهُ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ يَشِفُّ عَمَّا تَحْتَهُ؛ لأَِنَّهُ إِذَا اسْتَبَانَ جَسَدُهَا كَانَتْ كَاسِيَةً عَارِيَّةً حَقِيقَةً. (4) وَقَدْ قَال النَّبِيُّ: سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَّاتٌ، عَلَى رُءُوسِهِنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ، الْعَنُوهُنَّ فَإِنَّهُنَّ مَلْعُونَاتٌ. (5)
وَفِي الْفَوَاكِهِ الدَّوَانِي: لَا يَلْبَسُ النِّسَاءُ مِنَ الرَّقِيقِ مَا يَصِفُهُنَّ إِذَا خَرَجْنَ مِنْ بُيُوتِهِنَّ، وَالْخُرُوجُ لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَحَاصِل الْمَعْنَى: أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ لُبْسُ مَا يُرَى مِنْهُ جَسَدُهَا بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَحِل لَهُ النَّظَرُ. (6)
وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَأْتِيَ مِنَ الأَْعْمَال مَا يُلْفِتُ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الاِفْتِتَانُ بِهَا، قَال تَعَالَى:{وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} (7) قَال
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 665، والفواكه الدواني 2 / 409.
(2)
سورة الأحزاب / 33.
(3)
مختصر تفسير ابن كثير 2 / 92، 3 / 599، 600.
(4)
بدائع الصنائع 5 / 123.
(5)
حديث: " سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات. . . " أخرجه أحمد (2 / 223 - ط الميمنية) وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني في الثلاثة، ورجال أحمد رجال الصحيح. (مجمع الزوائد 5 / 1371 - ط القدسي) .
(6)
الفواكه الدواني 2 / 406.
(7)
سورة النور / 31.
ابْنُ كَثِيرٍ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا كَانَتْ تَمْشِي فِي الطَّرِيقِ، وَفِي رِجْلِهَا خَلْخَالٌ صَامِتٌ لَا يُعْلَمُ صَوْتُهُ، ضَرَبَتْ بِرِجْلِهَا الأَْرْضَ فَيَسْمَعُ الرِّجَال طَنِينَهُ، فَنَهَى اللَّهُ سبحانه وتعالى الْمُؤْمِنَاتِ عَنْ مِثْل ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ شَيْءٌ مِنْ زِينَتِهَا مَسْتُورًا، فَتَحَرَّكَتْ بِحَرَكَةٍ لِتُظْهِرَ مَا هُوَ خَفِيٌّ دَخَل فِي هَذَا النَّهْيِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ} .
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا تُنْهَى عَنِ التَّعَطُّرِ وَالتَّطَيُّبِ عِنْدَ خُرُوجِهَا مِنْ بَيْتِهَا فَيَشُمُّ الرِّجَال طِيبَهَا، فَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كُل عَيْنٍ زَانِيَةٌ، وَالْمَرْأَةُ إِذَا اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ بِالْمَجْلِسِ فَهِيَ كَذَا وَكَذَا (1) يَعْنِي زَانِيَةً.
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُنَّ يُنْهَيْنَ عَنِ الْمَشْيِ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ؛ لِمَا رَوَى حَمْزَةُ بْنُ أَبِي أُسَيْدٍ الأَْنْصَارِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَقَدِ اخْتَلَطَ النِّسَاءُ مَعَ الرِّجَال فِي الطَّرِيقِ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلنِّسَاءِ: اسْتَأْخِرْنَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ. (2)
وَلَا تَجُوزُ خَلْوَةُ الْمَرْأَةِ بِالأَْجْنَبِيِّ وَلَوْ فِي عَمَلٍ، وَالْمُرَادُ بِالْخَلْوَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مَعَ الرَّجُل فِي مَكَان يَأْمَنَانِ فِيهِ مِنْ دُخُول ثَالِثٍ. (ر: خَلْوَةٌ) .
قَال أَبُو حَنِيفَةَ: أَكْرَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّجُل امْرَأَةً حُرَّةً يَسْتَخْدِمُهَا وَيَخْلُو بِهَا؛ لأَِنَّ الْخَلْوَةَ بِالْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ مَعْصِيَةٌ. (3) وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
(1) حديث: " كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت. . . . " أخرجه أحمد (4 / 418 - ط الميمنية) والترمذي (5 / 106 - ط الحلبي) وقال: حسن صحيح.
(2)
مختصر تفسير ابن كثير 2 / 602. وحديث: " استأخرن فإنه ليس لكن. . . . " أخرجه أبو داود (5 / 422 ط عزت عبيد دعاس) وفي إسناده جهالة (ميزان الاعتدال للذهبي 2 / 265 ط الحلبي) .
(3)
بدائع الصنائع 4 / 189، والفواكه الدواني 2 / 438، ومنتهى الإرادات 3 / 7، والمغني 6 / 53، والأحكام السلطانية للماوردي 248، 257، والتبصرة بهامش فتح العلي 1 / 296.