الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْقَاضٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
أَنْقَاضٌ: جَمْعٌ مُفْرَدُهُ نِقْضٌ. وَالنِّقْضُ - بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا - الْمَنْقُوضُ أَيِ الْمَهْدُومُ.
وَالنِّقْضُ: اسْمٌ لِبِنَاءِ الْمَنْقُوضِ إِذَا هُدِمَ، وَالنَّقْضُ - بِالْفَتْحِ - الْهَدْمُ (1) .
وَاسْتَعْمَلَهُ الْفُقَهَاءُ بِالْمَعْنَى نَفْسِهِ (2) .
الأَْحْكَامُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهِ
.
أَوَّلاً: حُكْمُ التَّصَرُّفِ فِي أَنْقَاضِ الْوَقْفِ:
2 -
مَا انْهَدَمَ مِنْ بِنَاءِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ يُنْتَفَعُ بِأَنْقَاضِهِ فِي عِمَارَتِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ إِعَادَةُ عَيْنِهِ بِيعَ وَصُرِفَ الثَّمَنُ فِي عِمَارَتِهِ.
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْمَسْجِدِ إِذَا انْهَدَمَ، فَإِذَا لَمْ يُمْكِنِ الاِنْتِفَاعُ بِالْمَسْجِدِ وَلَا إِعَادَةُ بِنَائِهِ انْتَفَعَ بِأَنْقَاضِهِ أَوْ بِثَمَنِهَا فِي مَسْجِدٍ آخَرَ.
وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَالْحَنَفِيَّةِ غَيْرِ مُحَمَّدٍ، وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ كَابْنِ زَرْبٍ وَابْنِ لُبَابَةَ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. إِلَاّ أَنَّهُ عِنْدَهُمْ إِذَا لَمْ يُنْتَفَعْ بِأَنْقَاضِ الْمَسْجِدِ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يُحْفَظُ وَلَا يُبَاعُ. وَعِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ يَعُودُ إِلَى الْبَانِي أَوْ إِلَى
(1) لسان العرب، وتاج العروس، والنهاية لابن الأثير ص 107.
(2)
الدسوقي 4 / 96 ط دار الفكر.
الْوَرَثَةِ. وَقَال الشَّيْخُ خَلِيلٌ وَالشَّيْخُ عُلَيْشٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ بِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ نَقْضِ الْعَقَارِ الْمَوْقُوفِ (1) .
ثَانِيًا: حُكْمُ نَقْضِ الأَْبْنِيَةِ الْمُقَامَةِ:
الأَْبْنِيَةُ إِمَّا أَنْ يُقِيمَهَا الإِْنْسَانُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ أَوْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ.
مَا يُقِيمُهُ الإِْنْسَانُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ:
3 -
مَا يُقِيمُهُ الإِْنْسَانُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ وَكَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْغَيْرِ يَجِبُ نَقْضُهُ، وَذَلِكَ كَمَنْ أَخْرَجَ جَنَاحًا إِلَى الطَّرِيقِ وَكَانَ يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ نَقْضُهُ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ (2) . وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ. وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ سُقُوطِهِ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى صَاحِبِهِ. وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ (3) وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ: (ر: جِنَايَةٌ - تَلَفٌ - ضَمَانٌ) .
مَا يُقِيمُهُ الإِْنْسَانُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ:
4 -
مَا يُقِيمُهُ الإِْنْسَانُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ أَوْ بِدُونِ إِذْنِهِ.
(1) منتهى الإرادات 2 / 515 ط دار الفكر، والمغني 5 / 631 ط الرياض، والبدائع 6 / 221 ط الجمالية، وابن عابدين 3 / 382، 383 ط ثالثة، وفتح القدير 5 / 446 ط دار إحياء التراث العربي، ومغني المحتاج 2 / 392 ط الحلبي، ومنح الجليل 4 / 69 ط النجاح ليبيا، والمواق بهامش الحطاب 6 / 42 ط النجاح.
(2)
حديث: " لا ضرر ولا ضرار " أخرجه ابن ماجه (2 / 784 - ط الحلبي)، وقال النووي:(له طرق يقوي بعضها بعضا) . جامع العلوم والحكم لابن رجب (ص 286 - ط الحلبي) .
(3)
جواهر الإكليل 2 / 122 ط دار المعرفة بيروت، والمهذب 1 / 341 ط دار المعرفة بيروت، والاختيار 5 / 45 ط دار المعرفة بيروت، ومنتهى الإرادات 2 / 269.
أ - مَا يُقِيمُهُ الإِْنْسَانُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَذَلِكَ كَمَنْ يَسْتَعِيرُ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا. فَإِنْ كَانَتِ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَوْ مُؤَقَّتَةً بِوَقْتٍ، وَشَرَطَ الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ نَقْضَ الْبِنَاءِ عِنْدَ انْتِهَاءِ الْوَقْتِ أَوْ عِنْدَ الرُّجُوعِ، فَإِنَّ الْمُسْتَعِيرَ يُلْزَمُ بِنَقْضِ الْبِنَاءِ لِحَدِيثِ: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ (1) .
وَإِنْ كَانَ الْمُعِيرُ لَمْ يَشْتَرِطِ النَّقْضَ، فَإِنْ رَضِيَ الْمُسْتَعِيرُ بِالنَّقْضِ نَقَضَ، وَإِنْ أَبَى لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ لِمَفْهُومِ حَدِيثِ: لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ (2) ؛ وَلأَِنَّهُ بُنِيَ بِإِذْنِ رَبِّ الأَْرْضِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ قَلْعَهُ، وَفِي الْقَلْعِ ضَرَرٌ بِنَقْصِ قِيمَتِهِ بِذَلِكَ. وَيَكُونُ - فِي هَذِهِ الْحَالَةِ - الْخِيَارُ لِلْمُعِيرِ بَيْنَ أَخْذِ الْبِنَاءِ بِقِيمَتِهِ، وَبَيْنَ قَلْعِهِ مَعَ ضَمَانِ نُقْصَانِهِ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، أَوْ يُبْقِيهِ بِأَجْرِ مِثْلِهِ.
وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (3) .
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِنْ كَانَتِ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَوْ مُؤَقَّتَةً وَانْتَهَى وَقْتُهَا فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُجْبِرَ الْمُسْتَعِيرَ عَلَى نَقْضِ الْبِنَاءِ؛ لأَِنَّ فِي التَّرْكِ ضَرَرًا بِالْمُعِيرِ؛ لأَِنَّهُ لَا نِهَايَةَ لَهُ وَلَا غَرَرَ مِنْ جِهَتِهِ.
وَإِنْ كَانَتْ مُؤَقَّتَةً وَأَرَادَ إِخْرَاجَهُ قَبْل الْوَقْتِ فَلَا يُجْبَرُ الْمُسْتَعِيرُ عَلَى النَّقْضِ بَل يَكُونُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ ضَمَّنَ صَاحِبَ الأَْرْضِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا سَلِيمًا وَتَرَكَهُ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ بِنَاءَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى
(1) حديث: " المسلمون على شروطهم. . . " أخرجه الترمذي (التحفة 4 / 584 ط السلفية) وله طرق يشهد بعضها لبعض.
(2)
حديث: " ليس لعرق ظالم حق " أخرجه أبو داود (3 / 454 - ط عزت عبيد دعاس) وقواه ابن حجر في الفتح (5 / 19 - ط السلفية) .
(3)
منتهى الإرادات 2 / 394، ومغني المحتاج 2 / 271 - 273.
صَاحِبِ الأَْرْضِ.
ثُمَّ إِنَّمَا يَثْبُتُ نَقْضُ الْبِنَاءِ إِذَا لَمْ يَكُنِ النَّقْضُ مُضِرًّا بِالأَْرْضِ، فَإِنْ كَانَ مُضِرًّا بِهَا فَالْخِيَارُ لِلْمَالِكِ؛ لأَِنَّ الأَْرْضَ أَصْلٌ وَالْبِنَاءَ تَابِعٌ، فَكَانَ الْمَالِكُ صَاحِبَ أَصْلٍ فَلَهُ الْخِيَارُ، إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ الْبِنَاءَ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِالنَّقْضِ (1) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الإِْعَارَةِ الْمُشْتَرَطَةِ أَوِ الْمُعْتَادَةِ وَفِي الأَْرْضِ بِنَاءٌ، فَالْمُعِيرُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِلْزَامِ الْمُسْتَعِيرِ بِالْهَدْمِ، وَبَيْنَ أَخْذِ الْبِنَاءِ وَدَفْعِ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا (2) .
ب - مَا يُقِيمُهُ الإِْنْسَانُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ، كَمَنْ غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى فِيهَا، فَإِنَّ الْغَاصِبَ يُجْبَرُ عَلَى نَقْضِ الْبِنَاءِ مَتَى طَالَبَهُ رَبُّ الأَْرْضِ بِذَلِكَ، وَيُلْزَمُ بِتَسْوِيَتِهَا وَأَرْشِ نَقْصِهَا، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (3) .
إِلَاّ أَنَّهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِذَا كَانَتِ الأَْرْضُ تَنْقُصُ بِالنَّقْضِ فَلِلْمَالِكِ أَخْذُ الْبِنَاءِ وَضَمَانُ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا، وَهُوَ أَيْضًا رَأْيُ الْمَجْدِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ.
وَقَال الْكَرْخِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَكْثَرَ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ قِيمَةَ الأَْرْضِ وَلَا يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ أَخْذِ الْبِنَاءِ وَدَفْعِ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا، وَبَيْنَ أَمْرِ الْغَاصِبِ بِهَدْمِهِ وَتَسْوِيَةِ أَرْضِهِ (4) .
(1) بدائع الصنائع 6 / 216.
(2)
حاشية الدسوقي 3 / 439 ط دار الفكر.
(3)
كشاف القناع 4 / 81 ط النصر بالرياض، ومغني المحتاج 2 / 291، وابن عابدين 5 / 126، والبدائع 7 / 149.
(4)
الدسوقي 3 / 454.