الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يُنْتَفَعُ بِهِ حَيًّا مِنْ أَجْل إِهَابِهِ، فَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَفِي ذَلِكَ يَقُول الْقَاضِي زَكَرِيَّا الأَْنْصَارِيُّ: بَيْعُ غَيْرِ الْجَوَارِحِ الْمُعَلَّمَةِ كَالأَْسَدِ وَالذِّئْبِ بَاطِلٌ، وَلَا نَظَرَ لِمَنْفَعَةِ الْجِلْدِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَا لِمَنْفَعَةِ الرِّيشِ. (1)
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ لَا يُبِيحُونَ ذَبْحَ الْحَيَوَانِ مِنْ أَجْل جِلْدِهِ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يُنْتَفَعُ بِهِ حَيًّا، كَالسَّبُعِ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ وَالْهِرِّ وَنَحْوِهِ لِلْجِلْدِ (2) ؛ لأَِنَّهُمُ اعْتَبَرُوا الاِنْتِفَاعَ بِالْجِلْدِ مَنْفَعَةً مَشْرُوعَةً مَقْصُودَةً، فَصَارَ الْحَيَوَانُ مُنْتَفَعًا بِهِ، فَيَجُوزُ بَيْعُهُ.
سَلْخُ إِهَابِ الذَّبِيحَةِ:
13 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ سَلْخِ إِهَابِ الذَّبِيحَةِ قَبْل زَهُوقِ رُوحِهَا؛ لِنَهْيِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بُدَيْل بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقَ، يَصِيحُ فِي فِجَاجِ مِنًى: لَا تُعَجِّلُوا الأَْنْفُسَ أَنْ تُزْهَقَ (3) . وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ زِيَادَةِ أَلَمِ الْحَيَوَانِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ إِحْسَانِ الذِّبْحَةِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ (4) . فَإِنْ سَلَخَ إِهَابَهَا
(1) أسنى المطالب 2 / 10.
(2)
الشرح الصغير 3 / 24، وطبع كشاف القناع 3 / 156، وابن عابدين 4 / 7 ط بولاق.
(3)
حديث: " ألا ولا تعجلوا الأنفس أن تزهق. . . . " أخرجه الدارقطني في الصيد (4 / 283 / 45) ط دار المحاسن. وقد نوه بضعفه البيهقي في الضحايا (9 / 278) .
(4)
حديث: " وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح. . . . ". أخرجه مسلم في الصيد (3 / 1548 / 1955) ط الحلبي، والترمذي في الديات (4 / 23 / 1409) ط أحمد شاكر.
قَبْل أَنْ تُزْهَقَ رُوحُهَا فَقَدْ أَسَاءَ، وَجَازَ أَكْلُهَا؛ لأَِنَّ زِيَادَةَ أَلَمِهَا لَا تَقْتَضِي تَحْرِيمَ أَكْلِهَا (1) .
بَيْعُ إِهَابِ الأُْضْحِيَّةِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ:
14 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ الإِْهَابَ وَلَا شَيْءَ مِنَ الأُْضْحِيَّةِ إِلَى الْجَزَّارِ أُجْرَةً لَهُ عَلَى ذَبْحِهَا.
وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ بَيْعِ جِلْدِ الأُْضْحِيَّةِ.
فَذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الأَْوْزَاعِيِّ إِلَى جَوَازِ بَيْعِهِ مُقَايَضَةً بِآلَةِ الْبَيْتِ كَالْغِرْبَال وَالْمُنْخُل وَنَحْوِ ذَلِكَ، مِمَّا تَبْقَى عَيْنُهُ دُونَ مَا يُسْتَهْلَكُ؛ لأَِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ هُوَ وَغَيْرُهُ، فَجَرَى مَجْرَى تَفْرِيقِ اللَّحْمِ، فَإِنْ بَاعَهُ بِدَرَاهِمَ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ وَجَازَ، إِلَاّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ فَلَا يُكْرَهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ.
وَذَهَبَ الأَْئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ إِهَابِ الأُْضْحِيَّةِ مُطْلَقًا لَا بِآلَةِ الْبَيْتِ وَلَا بِغَيْرِهَا. (2)
أَمَّا الْكَلَامُ عَنْ دِبَاغِ الإِْهَابِ فَيُنْظَرُ فِي (دِبَاغَةٌ) .
(1) شرح الزرقاني على خليل 3 / 17، وأسنى المطالب 1 / 554، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 5 / 292 نشر دار المعرفة في بيروت، كشاف القناع 6 / 211.
(2)
الإفصاح 1 / 203، وما بعدها، والمغني 8 / 634 وما بعدها، وابن عابدين 5 / 208، وأسنى المطالب 1 / 546.