الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَذَلِكَ يُمْنَعُ أَهْل الذِّمَّةِ مِنْ إِظْهَارِ بَيْعِ الْخُمُورِ وَالْخَنَازِيرِ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ إِدْخَالِهَا فِيهَا عَلَى وَجْهِ الشُّهْرَةِ وَالظُّهُورِ. وَيُمْنَعُونَ كَذَلِكَ مِنْ إِظْهَارِ فِسْقٍ يَعْتَقِدُونَ حُرْمَتَهُ كَالْفَوَاحِشِ وَنَحْوِهَا.
وَيُؤْخَذُ أَهْل الذِّمَّةِ بِالتَّمْيِيزِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي زِيِّهِمْ وَمَرَاكِبِهِمْ وَمَلَابِسِهِمْ، وَلَا يُصَدَّرُونَ فِي مَجَالِسَ، وَذَلِكَ إِظْهَارًا لِلصِّغَارِ عَلَيْهِمْ، وَصِيَانَةً لِضَعَفَةِ الْمُسْلِمِينَ عَنِ الاِغْتِرَارِ بِهِمْ أَوْ مُوَالَاتِهِمْ (1) .
وَتَفْصِيل مَا يُمَيِّزُ بِهِ أَهْل الذِّمَّةِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي الزِّيِّ وَالْمَلْبَسِ وَالْمَرْكَبِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَسَائِل تُنْظَرُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ، عِنْدَ الْكَلَامِ عَنِ الْجِزْيَةِ وَعَقْدِ الذِّمَّةِ.
جَرَائِمُ أَهْل الذِّمَّةِ وَعُقُوبَاتُهُمْ
أَوَّلاً - مَا يَخْتَصُّ بِأَهْل الذِّمَّةِ فِي الْحُدُودِ:
37 -
إِذَا ارْتَكَبَ أَحَدٌ مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ جَرِيمَةً مِنْ جَرَائِمِ الْحُدُودِ، كَالزِّنَى أَوِ الْقَذْفِ أَوِ السَّرِقَةِ أَوْ قَطْعِ الطَّرِيقِ، يُعَاقَبُ بِالْعِقَابِ الْمُحَدَّدِ لِهَذِهِ الْجَرَائِمِ شَأْنُهُمْ فِي ذَلِكَ شَأْنُ الْمُسْلِمِينَ، إِلَاّ شُرْبَ الْخَمْرِ حَيْثُ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ فِيهِ؛ لِمَا يَعْتَقِدُونَ مِنْ حِلِّهَا، وَمُرَاعَاةً لِعَهْدِ الذِّمَّةِ، إِلَاّ إِنْ أَظْهَرُوا شُرْبَهَا، فَيُعَزَّرُونَ، وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ فِي الْجُمْلَةِ، إِلَاّ أَنَّ هُنَاكَ بَعْضَ الأَْحْكَامِ يَخْتَصُّ بِهَا أَهْل الذِّمَّةِ نُجْمِلُهَا فِيمَا يَأْتِي:
(1) البناية على الهداية 4 / 840، والبدائع للكاساني 7 / 113، 114، وجواهر الإكليل 1 / 268، 269، ومغني المحتاج 4 / 256، 257، وكشاف القناع 3 / 126، 127، والأحكام السلطانية للماوردي ص 140، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 144، 145.
أ - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى الْمُسَاوَاةِ فِي تَطْبِيقِ عُقُوبَةِ الرَّجْمِ عَلَى الذِّمِّيِّ وَالْمُسْلِمِ، وَلَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا مِنْ ذِمِّيَّةٍ، لِعُمُومِ النُّصُوصِ فِي تَطْبِيقِ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ، وَلِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِرَجْمِ يَهُودِيَّيْنِ (1) .
وَصَرَّحَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ بِأَنَّ الزَّانِيَ مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ إِذَا كَانَ مُتَزَوِّجًا لَا يُرْجَمُ؛ لاِشْتِرَاطِ الإِْسْلَامِ فِي تَطْبِيقِ الرَّجْمِ عِنْدَهُمَا، وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الْمُتَزَوِّجُ بِالْكِتَابِيَّةِ لَا يُرْجَمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لأَِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الإِْحْصَانِ: الإِْسْلَامُ وَالزَّوَاجُ مِنْ مُسْلِمَةٍ (2) مُسْتَدِلًّا بِمَا قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِحُذَيْفَةَ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ يَهُودِيَّةً: دَعْهَا فَإِنَّهَا لَا تُحْصِنُكَ (3) ،
ب - لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَذَفَ أَحَدًا مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ، بَل يُعَزَّرُ، سَوَاءٌ كَانَ الْقَاذِفُ مُسْلِمًا أَمْ مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ؛ لأَِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْقَذْفِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْذُوفُ مُسْلِمًا، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ (4) .
ج - يُطَبَّقُ حَدُّ السَّرِقَةِ عَلَى السَّارِقِ الْمُسْلِمِ أَوِ الذِّمِّيِّ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ مُسْلِمًا أَمْ مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ اتِّفَاقًا، إِلَاّ إِذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا،
(1) حديث: " رجم اليهودين. . . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 12 / 1166 ح 6841 مصور عن طبعة السلفية) .
(2)
البدائع 7 / 38، وحاشية الدسوقي 4 / 320، والمنتقى شرح الموطأ 3 / 331، والمهذب 2 / 268، والمغني لابن قدامة 10 / 129.
(3)
حديث: " إنها لا تحصنك. . . . " أخرجه الداقطني عن كعب بن مالك (3 / 148 نشر دار المحاسن 1386 هـ) وقال: فيه أبو بكر بن مريم وهو ضعيف.
(4)
ابن عابدين 3 / 168، والبدائع للكاساني 7 / 40، والحطاب 6 / 298، 299، والمهذب 2 / 273، والمغني 8 / 216.