الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (1) .
حَتَّى إِنَّ الْفُقَهَاءَ صَرَّحُوا بِأَنَّ أَهْل الْحَرْبِ إِذَا اسْتَوْلُوا عَلَى أَهْل الذِّمَّةِ، فَسَبَوْهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِمْ، وَجَبَ رَدُّهُمْ إِلَى ذِمَّتِهِمْ، وَلَمْ يَجُزِ اسْتِرْقَاقُهُمْ، وَهَذَا فِي قَوْل عَامَّةِ أَهْل الْعِلْمِ، كَمَا قَال صَاحِبُ الْمُغْنِي: لأَِنَّ ذِمَّتَهُمْ بَاقِيَةٌ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ مَا يَنْقُضُهَا، وَحُكْمُ أَمْوَالِهِمْ حُكْمُ أَمْوَال الْمُسْلِمِينَ فِي حُرْمَتِهَا (2) .
ثَانِيًا - حَقُّ الإِْقَامَةِ وَالتَّنَقُّل:
21 -
لأَِهْل الذِّمَّةِ أَنْ يُقِيمُوا فِي دَارِ الإِْسْلَامِ آمِنِينَ مُطْمَئِنِّينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمْ مَا يُنْتَقَضُ بِهِ عَهْدُهُمْ؛ لأَِنَّهُمْ إِنَّمَا بَذَلُوا الْجِزْيَةَ لِتَكُونَ أَمْوَالُهُمْ كَأَمْوَالِنَا وَدِمَاؤُهُمْ كَدِمَائِنَا، وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ.
لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ إِقَامَةِ الذِّمِّيِّ وَاسْتِيطَانِهِ فِي مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ فِيمَا سِوَاهُمَا، يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (أَرْضُ الْعَرَبِ) (3) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَجْتَمِعُ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ دِينَانِ (4) وَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: لَئِنْ عِشْتُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - لأَُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ
(1) حديث: " ألا من ظلم معاهدا. . . . " أخرجه أبو داود 3 / 437 ح 3052، قال العراقي: إسناده جيد (تنزيه الشريعة 2 / 182، نشر مكتبة القاهرة) .
(2)
ابن عابدين 3 / 243، 244، والمهذب 2 / 253، والمغني 8 / 444
(3)
الموسوعة الفقهية في الكويت 3 / 126.
(4)
حديث: " لا يجتمع في أرض العرب دينان. . . " أخرجه أبو عبيد في الأموال ص 128 نشر دار الفكر سنة 1395 هـ.
الْعَرَبِ (1) .
أَمَّا فِي غَيْرِهَا مِنَ الْمُدُنِ وَالْقُرَى فِي دَارِ الإِْسْلَامِ فَيَجُوزُ لأَِهْل الذِّمَّةِ أَنْ يَسْكُنُوا فِيهَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مُنْفَرِدِينَ، لَكِنْ لَيْسَ لَهُمْ رَفْعُ بِنَائِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِقَصْدِ التَّعَلِّي، وَإِذَا لَزِمَ مِنْ سُكْنَاهُمْ فِي الْمِصْرِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ تَقْلِيل الْجَمَاعَةِ أُمِرُوا بِالسُّكْنَى فِي نَاحِيَةٍ - خَارِجَ الْمِصْرِ - لَيْسَ فِيهَا جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ إِذَا ظَهَرَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ (2) .
22 -
وَأَمَّا حَقُّ التَّنَقُّل فَيَتَمَتَّعُ أَهْل الذِّمَّةِ بِهِ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ أَيْنَمَا يَشَاءُونَ لِلتِّجَارَةِ وَغَيْرِهَا، إِلَاّ أَنَّ فِي دُخُولِهِمْ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَأَرْضَ الْحِجَازِ تَفْصِيلٌ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي مُصْطَلَحِ (أَرْضُ الْعَرَبِ) .
ثَالِثًا - عَدَمُ التَّعَرُّضِ لَهُمْ فِي عَقِيدَتِهِمْ وَعِبَادَتِهِمْ:
23 -
إِنَّ مِنْ مُقْتَضَى عَقْدِ الذِّمَّةِ أَلَاّ يَتَعَرَّضَ الْمُسْلِمُونَ لأَِهْل الذِّمَّةِ فِي عَقِيدَتِهِمْ وَأَدَاءِ عِبَادَتِهِمْ دُونَ إِظْهَارِ شَعَائِرِهِمْ، فَعَقْدُ الذِّمَّةِ إِقْرَارُ الْكُفَّارِ عَلَى كُفْرِهِمْ بِشَرْطِ بَذْل الْجِزْيَةِ وَالْتِزَامِ أَحْكَامِ الْمِلَّةِ، وَإِذَا كَانَ هُنَاكَ احْتِمَال دُخُول الذِّمِّيِّ فِي الإِْسْلَامِ
(1) ابن عابدين 3 / 275، وجواهر الإكليل 1 / 267، والماوردي ص 167، والمغني 8 / 529، وأحكام أهل الذمة لابن القيم 1 / 176 - 186. والحديث:" لئن عشت إن شاء الله لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب ". أخرجه مسلم (3 / 1388 نشر عيسى الحلبي 1375 هـ، والترمذي 4 / 156 / ح 1606، نشر مصطفى الحلبي مصر 1398 هـ) واللفظ للترمذي. وقال: حسن صحيح.
(2)
ابن عابدين 3 / 275، 276، والأحكام السلطانية للماوردي 145، 168، ولأبي يعلى ص 143، والمغني 8 / 524، 530، وجواهر الإكليل 1 / 267، وكشاف القناع 3 / 136.