الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَرَسُولِهِ، فَتَعَيَّنَ السَّيْفُ دَاعِيًا لَهُمْ إِلَى الإِْسْلَامِ، وَلِهَذَا لَمْ يَقْبَل رَسُول اللَّهِ مِنْهُمُ
الْجِزْيَةَ
(1) .
وَفِي الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: يَجُوزُ عَقْدُ الذِّمَّةِ لِجَمِيعِ أَصْنَافِ الْكُفَّارِ، لَا فَرْقَ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَغَيْرِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ وَثَنِيٍّ عَرَبِيٍّ، وَوَثَنِيٍّ غَيْرِ عَرَبِيٍّ (2) .
شُرُوطُ عَقْدِ الذِّمَّةِ:
9 -
جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ أَنْ يَكُونَ مُؤَبَّدًا؛ لأَِنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ فِي إِفَادَةِ الْعِصْمَةِ كَالْخَلَفِ عَنْ عَقْدِ الإِْسْلَامِ، وَعَقْدُ الإِْسْلَامِ لَا يَصِحُّ إِلَاّ مُؤَبَّدًا، فَكَذَا عَقْدُ الذِّمَّةِ. وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَصِحُّ مُؤَقَّتًا.
وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْعَقْدِ قَبُول وَالْتِزَامُ أَحْكَامِ الإِْسْلَامِ فِي غَيْرِ الْعِبَادَاتِ، مِنْ حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَغَرَامَةِ الْمُتْلِفَاتِ، وَكَذَا مَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ كَالزِّنَى وَالسَّرِقَةِ، كَمَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّ الرِّجَال مِنْهُمْ قَبُول بَذْل الْجِزْيَةِ كُل عَامٍ (3) .
10 -
وَذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ شُرُوطًا أُخْرَى لَمْ يَذْكُرْهَا الآْخَرُونَ. قَال الْمَاوَرْدِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: يُشْتَرَطُ عَلَيْهِمْ سِتَّةُ أَشْيَاءَ:
(1)
أَلَاّ يَذْكُرُوا كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى بِطَعْنٍ وَلَا تَحْرِيفٍ لَهُ.
(1) البدائع 7 / 111، وجواهر الإكليل 1 / 266، والحطاب 3 / 380، والمغني 8 / 500.
(2)
الحطاب 3 / 380، 381، وجواهر الإكليل 1 / 266، 267. وترى اللجنة قوة هذا الرأي ووجاهته تاريخيا، لأن قواد العرب دائما كانوا قبل أن يقاتلوا أي قوم يعرضون عليهم الإسلام أو الجزية.
(3)
البدائع 7 / 111، ومغني المحتاج 4 / 242، 243، والمغني لابن قدامة 8 / 505، وكشاف القناع 3 / 117، 121.
(2)
وَأَلَاّ يَذْكُرُوا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَكْذِيبٍ لَهُ وَلَا ازْدِرَاءٍ.
(3)
وَأَلَاّ يَذْكُرُوا دِينَ الإِْسْلَامِ بِذَمٍّ لَهُ وَلَا قَدْحٍ فِيهِ.
(4)
وَأَلَاّ يُصِيبُوا مُسْلِمَةً بِزِنًى وَلَا بِاسْمِ نِكَاحٍ.
(5)
وَأَلَاّ يَفْتِنُوا مُسْلِمًا عَنْ دِينِهِ وَلَا يَتَعَرَّضُوا لِمَالِهِ.
(6)
وَأَلَاّ يُعِينُوا أَهْل الْحَرْبِ وَلَا يُؤْوُوا لِلْحَرْبِيِّينَ عَيْنًا (جَاسُوسًا) .
قَال الْمَاوَرْدِيُّ: فَهَذِهِ حُقُوقٌ مُلْتَزَمَةٌ، فَتَلْزَمُهُمْ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَإِنَّمَا تُشْتَرَطُ إِشْعَارًا لَهُمْ وَتَأْكِيدًا لِتَغْلِيظِ الْعَهْدِ عَلَيْهِمْ، وَيَكُونُ ارْتِكَابُهَا بَعْدَ الشَّرْطِ نَقْضًا لِعَهْدِهِمْ (1) .
وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو يَعْلَى مِنَ الْحَنَابِلَةِ (2) . وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهَا الآْخَرُونَ لِدُخُولِهَا فِي شَرْطِ الْتِزَامِ أَحْكَامِ الإِْسْلَامِ (3) .
11 -
هَذَا، وَزَادَ بَعْضُهُمْ شُرُوطًا أُخْرَى كَاسْتِضَافَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَدَمِ إِظْهَارِ مُنْكَرٍ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ وَغَيْرِهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ أَوِ اسْتِحْبَابِ اشْتِرَاطِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الشُّرُوطِ، وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلإِْمَامِ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِمْ شُرُوطًا نَحْوَ مَا شَرَطَهُ عُمَرُ رضي الله عنه، وَقَدْ رُوِيَتْ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فِي ذَلِكَ أَخْبَارٌ، مِنْهَا مَا رَوَاهُ الْخَلَاّل
(1) الأحكام السلطانية للماوردي ص 145، وانظر مغني المحتاج 4 / 243.
(2)
) الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 142.
(3)
واللجنة ترى أن المذاهب الفقهية الأخرى وإن لم تصرح باشتراط هذه الشروط إلا أنهم يقولون بوجوب التزام أهل الذمة بهذه الشروط، وأن عهدهم يكون منقوضا إذا فعلوا شيئا مما ذكر.