الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَمْ يُجَوِّزِ الشَّافِعِيَّةُ الْوَقْفَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الْوَقْفَ تَسْلِيطٌ فِي الْحَال بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ. (1)
وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَلَا يَصِحُّ عِنْدَهُمُ الْوَقْفُ عَلَى حَمْلٍ أَصَالَةً، كَأَنْ يَقِفَ دَارَهُ عَلَى مَا فِي بَطْنِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ؛ لأَِنَّهُ تَمْلِيكٌ، وَالْحَمْل لَا يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ بِغَيْرِ الإِْرْثِ وَالْوَصِيَّةِ، أَمَّا إِذَا وَقَفَ عَلَى الْحَمْل تَبَعًا لِمَنْ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، كَأَنْ يَقِفَ عَلَى أَوْلَادِهِ، أَوْ عَلَى أَوْلَادِ فُلَانٍ وَفِيهِمْ حَمْلٌ، فَإِنَّ الْوَقْفَ يَشْمَلُهُ عِنْدَهُمْ. (2)
الْمَرْحَلَةُ الثَّانِيَةُ - الطُّفُولَةُ:
14 -
تَبْدَأُ هَذِهِ الْمَرْحَلَةُ مِنْ حِينِ انْفِصَال الْجَنِينِ عَنْ أُمِّهِ حَيًّا، وَتَمْتَدُّ إِلَى سِنِّ التَّمْيِيزِ، فَفِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ تَثْبُتُ لِلْمَوْلُودِ الذِّمَّةُ الْكَامِلَةُ، فَيَصِيرُ أَهْلاً لِلْوُجُوبِ لَهُ وَعَلَيْهِ، أَمَّا أَهْلِيَّتُهُ لِلْوُجُوبِ لَهُ فَهِيَ ثَابِتَةٌ حَتَّى قَبْل الْوِلَادَةِ - كَمَا سَبَقَ - فَتَثْبُتُ لَهُ بَعْدَهَا بِطَرِيقِ الأَْوْلَى، بَل صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ: بِأَنَّ لَهُ يَدًا وَاخْتِصَاصًا كَالْبَالِغِ (3) .
وَأَمَّا أَهْلِيَّتُهُ لِلْوُجُوبِ عَلَيْهِ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ يَأْتِي.
وَوُجُوبُ الْحُقُوقِ الثَّابِتَةِ عَلَى الطِّفْل فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ، الْمُرَادُ مِنْهُ: حُكْمُهُ، وَهُوَ الأَْدَاءُ عَنْهُ، فَكُل مَا يُمْكِنُ أَدَاؤُهُ عَنْهُ يَجِبُ عَلَيْهِ، وَمَا لَا فَلَا.
وَإِنَّمَا قُيِّدَ الأَْدَاءُ بِالْمُمْكِنِ؛ لأَِنَّ الطِّفْل فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ، وَإِنْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ كَافَّةُ الْحُقُوقِ كَالْبَالِغِ، إِلَاّ أَنَّهُ يُعَامَل بِمَا يُنَاسِبُهُ فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ؛ لِضَعْفِ
(&# x661 ;) حاشية ابن عابدين 5 / 419 ط بولاق، وجواهر الإكليل 2 / 317 ط دار المعرفة، وحاشية قليوبي 36 / 99 ط الحلبي، ونهاية المحتاج 5 / 361 ط المكتبة الإسلامية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 4 / 249 ط النصر.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية القليوبي 3 / 125 ط الحلبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٦)</span><hr/></div>بِنْيَتِهِ، وَلِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى مُبَاشَرَةِ الأَْدَاءِ بِنَفْسِهِ، فَيُؤَدِّي عَنْهُ وَلِيُّهُ مَا أَمْكَنَ أَدَاؤُهُ عَنْهُ، وَلِهَذَا فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ ذَكَرُوا تَفْصِيلاً فِي الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ، الَّتِي تُؤَدَّى عَنْهُ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ أَمْ حُقُوقِ الْعِبَادِ، كَمَا ذَكَرُوا أَيْضًا حُكْمَ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ. وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: حُقُوقُ الْعِبَادِ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> حُقُوقُ الْعِبَادِ أَنْوَاعٌ: مِنْهَا مَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ عَنِ الطِّفْل لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا يُؤَدَّى عَنْهُ.</p>فَحُقُوقُ الْعِبَادِ الْوَاجِبَةُ وَالَّتِي تُؤَدَّى عَنْهُ هِيَ:</p>أ - مَا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمَال وَيَحْتَمِل النِّيَابَةَ، فَإِنَّهُ يُؤَدِّي عَنْهُ؛ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ كَالْغُرْمِ وَالْعِوَضِ.</p>ب - مَا كَانَ صِلَةً شَبِيهَةً بِالْمُؤَنِ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ، أَوْ كَانَ صِلَةً شَبِيهَةً بِالأَْعْوَاضِ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ، فَإِنَّهُ يُؤَدَّى عَنْهُ.</p>وَأَمَّا حُقُوقُ الْعِبَادِ الَّتِي لَا تَجِبُ عَلَيْهِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا تُؤَدَّى عَنْهُ فَهِيَ:</p>أ - الصِّلَةُ الشَّبِيهَةُ بِالأَْجْزِيَةِ كَتَحَمُّل الدِّيَةِ مَعَ الْعَاقِلَةِ، فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ.</p>ب - الْعُقُوبَاتُ كَالْقِصَاصِ، أَوِ الأَْجْزِيَةِ الشَّبِيهَةِ بِهَا كَالْحِرْمَانِ مِنَ الْمِيرَاثِ، فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> هَذِهِ الْحُقُوقُ أَيْضًا مِنْهَا مَا يَجِبُ عَلَى الطِّفْل، وَمِنْهَا مَا لَا يَجِبُ.</p>فَالْحُقُوقُ الَّتِي هِيَ مَئُونَةٌ مَحْضَةٌ كَالْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ تَجِبُ عَلَيْهِ، وَتُؤَدَّى عَنْهُ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الْمَال، فَتَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ، وَيُمْكِنُ أَدَاؤُهُ عَنْهُ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٧)</span><hr/></div>وَأَمَّا الْعِبَادَاتُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ بَدَنِيَّةً أَمْ مَالِيَّةً.</p>أَمَّا الْبَدَنِيَّةُ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَغَيْرِهَا، فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ عَنِ الْفَهْمِ وَضَعْفِ بَدَنِهِ.</p>وَأَمَّا الْمَالِيَّةُ، فَإِنْ كَانَتْ زَكَاةَ فِطْرٍ، فَإِنَّهَا تَجِبُ فِي مَالِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ.</p>وَإِنْ كَانَتْ زَكَاةَ مَالٍ، فَإِنَّهَا تَجِبُ فِي مَالِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّهَا لَيْسَتْ عِبَادَةً خَالِصَةً بَل فِيهَا مَعْنَى الْمَئُونَةِ، أَوْجَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الأَْغْنِيَاءِ حَقًّا لِلْمُحْتَاجِينَ، فَتَصِحُّ فِيهَا النِّيَابَةُ كَمَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّهَا عِنْدَهُمْ عِبَادَةٌ خَالِصَةٌ، وَتَحْتَاجُ إِلَى النِّيَّةِ، وَلَا تَصِحُّ فِيهَا النِّيَابَةُ.</p>وَأَمَّا إِنْ كَانَتْ حُقُوقُ اللَّهِ عُقُوبَاتٍ كَالْحُدُودِ، فَإِنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ، كَمَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْعُقُوبَاتُ الَّتِي هِيَ حُقُوقُ الْعِبَادِ كَالْقِصَاصِ؛ لأَِنَّ الْعُقُوبَةَ إِنَّمَا وُضِعَتْ جَزَاءً لِلتَّقْصِيرِ، وَهُوَ لَا يُوصَفُ بِهِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: أَقْوَالُهُ وَأَفْعَالُهُ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> أَقْوَال الصَّبِيِّ وَأَفْعَالُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا حُكْمٌ؛ لأَِنَّهُ مَا دَامَ لَمْ يُمَيِّزْ فَلَا اعْتِدَادَ بِأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التلويح على التوضيح 2 / 163، 164 ط صبيح، والتقرير والتحبير 2 / 165، 166 ط الأميرية، وكشف الأسرار عن أصول البزدوي 4 / 239، 248 ط دار الكتاب العربي، وفتح الغفار على المنار 3 / 81 ط الحلبي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المنثور للزركشي 2 / 301، نشر وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية في الكويت، وانظر أيضا مصطلح (طفل، وصغير) في الموسوعة الفقهية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْمَرْحَلَةُ الثَّالِثَةُ: التَّمْيِيزُ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> التَّمْيِيزُ فِي اللُّغَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ: مِزْتُهُ مَيْزًا، مِنْ بَابِ بَاعَ، وَهُوَ: عَزْل الشَّيْءِ وَفَصْلُهُ مِنْ غَيْرِهِ.</p>وَيَكُونُ فِي الْمُشْتَبِهَاتِ وَالْمُخْتَلِطَاتِ، وَمَعْنَى تَمَيُّزِ الشَّيْءِ: انْفِصَالُهُ عَنْ غَيْرِهِ، وَمِنْ هُنَا فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ يَقُولُونَ: سِنُّ التَّمْيِيزِ، وَمُرَادُهُمْ بِذَلِكَ: تِلْكَ السِّنُّ الَّتِي إِذَا انْتَهَى إِلَيْهَا عَرَفَ مَضَارَّهُ وَمَنَافِعَهُ، وَكَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ مَيَّزْتُ الأَْشْيَاءَ: إِذَا فَرَّقْتُهَا بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بِهَا، وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُونَ: التَّمْيِيزُ قُوَّةٌ فِي الدِّمَاغِ يُسْتَنْبَطُ بِهَا الْمَعَانِيَ.</p>وَهَذِهِ الْمَرْحَلَةُ تَبْدَأُ بِبُلُوغِ الصَّبِيِّ سَبْعَ سِنِينَ، وَهُوَ سِنُّ التَّمْيِيزِ كَمَا حَدَّدَهُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَتَنْتَهِي بِالْبُلُوغِ، فَتَشْمَل الْمُرَاهِقَ وَهُوَ الَّذِي قَارَبَ الْبُلُوغَ. (1)</p>فَفِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ يُصْبِحُ عِنْدَ الصَّبِيِّ مِقْدَارٌ مِنَ الإِْدْرَاكِ وَالْوَعْيِ يَسْمَحُ لَهُ بِمُبَاشَرَةِ بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ، فَتَثْبُتُ لَهُ أَهْلِيَّةُ الأَْدَاءِ الْقَاصِرَةِ؛ لأَِنَّ نُمُوَّهُ الْبَدَنِيَّ وَالْعَقْلِيَّ لَمْ يَكْتَمِلَا بَعْدُ، وَبَعْدَ اكْتِمَالِهِمَا تَثْبُتُ لَهُ أَهْلِيَّةُ الأَْدَاءِ الْكَامِلَةِ؛ لأَِنَّ أَهْلِيَّةَ الأَْدَاءِ الْكَامِلَةِ لَا تَثْبُتُ إِلَاّ بِاكْتِمَال النُّمُوِّ الْبَدَنِيِّ وَالنُّمُوِّ الْعَقْلِيِّ، فَمَنْ لَمْ يَكْتَمِل نُمُوُّهُ الْبَدَنِيُّ وَالْعَقْلِيُّ مَعًا، أَوْ لَمْ يَكْتَمِل فِيهِ نُمُوُّ أَحَدِهِمَا فَأَهْلِيَّةُ الأَْدَاءِ فِيهِ تَكُونُ قَاصِرَةً.</p>فَالْمَعْتُوهُ كَالصَّبِيِّ؛ لِعَدَمِ اكْتِمَال الْعَقْل فِيهِ، وَإِنْ كَانَ كَامِلاً مِنَ النَّاحِيَةِ الْبَدَنِيَّةِ، بِخِلَافِ أَهْلِيَّةِ الْوُجُوبِ، فَإِنَّهَا تَثْبُتُ كَامِلَةً مُنْذُ الْوِلَادَةِ، فَالطِّفْل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير مادة:" ميز "، وحاشية ابن عابدين 5 / 421 ط بولاق، وجواهر الإكليل 1 / 22 ط دار المعرفة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٨)</span><hr/></div>أَهْلٌ لِلْوُجُوبِ لَهُ وَعَلَيْهِ، كَمَا سَبَقَ. (1)</p>وَلِلتَّمْيِيزِ أَثَرُهُ فِي التَّصَرُّفَاتِ، فَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ يَجُوزُ لَهُ بِأَهْلِيَّتِهِ الْقَاصِرَةِ مُبَاشَرَةُ بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ وَتَصِحُّ مِنْهُ؛ لأَِنَّ الثَّابِتَ مَعَ الأَْهْلِيَّةِ الْقَاصِرَةِ صِحَّةُ الأَْدَاءِ، وَيُمْنَعُ مِنْ مُبَاشَرَةِ بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ الأُْخْرَى، وَخَاصَّةً تِلْكَ الَّتِي يَعُودُ ضَرَرُهَا عَلَيْهِ، فَلَا تَصِحُّ مِنْهُ.</p>وَمِنَ التَّصَرُّفَاتِ أَيْضًا مَا يَمْتَنِعُ عَلَى الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ أَنْ يُبَاشِرَهَا بِنَفْسِهِ، بَل لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ إِذْنِ الْوَلِيِّ.</p>وَفِيمَا يَلِي مَا قَالَهُ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى سَبِيل الإِْجْمَال، أَمَّا التَّفْصِيل فَفِي مُصْطَلَحِ (تَمْيِيزٍ) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَصَرُّفَاتُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي يُبَاشِرُهَا الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ، إِمَّا أَنْ تَكُونَ فِي‌<span class="title">‌ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى</span>، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِمَّا: أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْحُقُوقُ عِبَادَاتٍ وَعَقَائِدَ، أَوْ حُقُوقًا مَالِيَّةً، أَوْ عُقُوبَاتٍ، وَإِمَّا: أَنْ تَكُونَ تِلْكَ التَّصَرُّفَاتُ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ، وَهِيَ إِمَّا: مَالِيَّةٌ أَوْ غَيْرُ مَالِيَّةٍ.</p> </p>أ - حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى:</p><font color=#ff0000>20 -</font> أَمَّا الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ كَالصَّلَاةِ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي عَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ إِلَاّ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِأَدَائِهَا فِي سِنِّ السَّابِعَةِ، وَيُضْرَبُ عَلَى تَرْكِهَا فِي سِنِّ الْعَاشِرَةِ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: مُرُوا صِبْيَانَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التلويح على التوضيح 2 / 164 ط وصبيح، وكشف الأسرار عن أصول البزدوي 4 / 248 ط دار الكتاب العربي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٨)</span><hr/></div>سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ (1) .</p>وَأَمَّا الْعَقَائِدُ كَالإِْيمَانِ، فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَصِحُّ مِنَ الصَّبِيِّ، فَيُعْتَبَرُ إِيمَانُهُ؛ لأَِنَّهُ خَيْرٌ مَحْضٌ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا: إِنَّ إِسْلَامَهُ لَا يَصِحُّ حَتَّى يَبْلُغَ؛ لِحَدِيثِ: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ وَمِنْهَا عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ. . .</p>وَأَمَّا رِدَّتُهُ، فَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ رِدَّتِهِ؛ لأَِنَّهَا ضَرَرٌ مَحْضٌ.</p>وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى الْحُكْمِ بِصِحَّةِ رِدَّتِهِ، وَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّينَ مَا عَدَا الْقَتْل.</p>وَنُقِل فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَالْمُنْتَقَى رُجُوعُ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى قَوْل أَبِي يُوسُفَ (2) .</p>وَأَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ سبحانه وتعالى الْمَالِيَّةُ كَالزَّكَاةِ، فَإِنَّهَا تَجِبُ فِي مَالِهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَلَا تَجِبُ فِي مَالِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التلويح على التوضيح 2 / 164، نيل الأوطار 1 / 377 ط دار الجيل، وبدائع الصنائع 1 / 155 ط الأولى، وجواهر الإكليل 1 / 34 ط دار المعرفة، وحاشية قليوبي 1 / 121 ط الحلبي، وكشاف القناع 1 / 225 ط النصر. وحديث:" مروا صبيانكم. . . " سبق تخريجه في مصطلح (أنوثة / ف / 9) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 3 / 306، والتلويح على التوضيح 2 / 164، 165، وجواهر الإكليل 1 / 116، والمنثور للزركشي 2 / 295، والمغني 8 / 133 - 148.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 2 / 504 ط الأولى، وجواهر الإكليل 2 / 326 ط دار المعرفة، والروضة 2 / 149 ط المكتب الإسلامي، وكشاف القناع 2 / 169 ط النصر.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٩)</span><hr/></div>وَأَمَّا الْعُقُوبَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِحُقُوقِ اللَّهِ سبحانه وتعالى كَحَدِّ السَّرِقَةِ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّهَا لَا تُقَامُ عَلَى الصَّبِيِّ، وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ. (1)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ حُقُوقُ الْعِبَادِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> أَمَّا الْمَالِيَّةُ مِنْهَا كَضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ وَأُجْرَةِ الأَْجِيرِ وَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالأَْقَارِبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَجِبُ فِي مَالِهِ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا هُوَ الْمَال، وَأَدَاؤُهُ يَحْتَمِل النِّيَابَةَ، فَيَصِحُّ لِلصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ أَدَاؤُهُ، فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهِ أَدَّاهُ وَلِيُّهُ. (2)</p>وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا عُقُوبَةُ الْقِصَاصِ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّ فِعْل الصَّبِيِّ لَا يُوصَفُ بِالتَّقْصِيرِ، فَلَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِلْعُقُوبَةِ لِقُصُورِ مَعْنَى الْجِنَايَةِ فِي فِعْلِهِ، وَلَكِنْ تَجِبُ فِي فِعْلِهِ الدِّيَةُ؛ لأَِنَّهَا وَجَبَتْ لِعِصْمَةِ الْمَحَل، وَالصِّبَا لَا يَنْفِي عِصْمَةَ الْمَحَل؛ وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ وُجُوبِهَا الْمَال، وَأَدَاؤُهُ قَابِلٌ لِلنِّيَابَةِ، وَوُجُوبُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.</p>وَخَالَفَ الشَّافِعِيَّةُ فِي ذَلِكَ عَلَى الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ، حَيْثُ قَالُوا: إِنَّ عَمْدَ الصَّبِيِّ فِي الْجِنَايَاتِ عَمْدٌ، فَتَغْلُظُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَيُحْرَمُ إِرْثَ مَنْ قَتَلَهُ. (3)</p><font color=#ff0000>22 -</font> أَمَّا تَصَرُّفَاتُهُ الْمَالِيَّةُ، فَفِيهَا تَفْصِيلٌ عَلَى النَّحْوِ الآْتِي:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 2 / 142، 143 ط المكتبة الإسلامية، وجواهر الإكليل 2 / 293 ط دار المعرفة، ونهاية المحتاج 7 / 440 ط المكتبة الإسلامية، وكشاف القناع 6 / 129 ط النصر.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التقرير والتحبير 2 / 170 ط الأميرية، والتلويح على التوضيح 2 / 165 ط صبيح.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفتاوى الهندية 6 / 3، 4، والدسوقي 4 / 237، والمنثور للزركشي 2 / 298، وكشاف القناع 5 / 521.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٩)</span><hr/></div><font color=#ff0000>(1)</font> تَصَرُّفَاتٌ نَافِعَةٌ لَهُ نَفْعًا مَحْضًا، وَهِيَ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا دُخُول شَيْءٍ فِي مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ، مِثْل قَبُول الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ، وَهَذِهِ تَصِحُّ مِنْهُ، دُونَ تَوَقُّفٍ عَلَى إِجَازَةِ الْوَلِيِّ أَوِ الْوَصِيِّ؛ لأَِنَّهَا خَيْرٌ عَلَى كُل حَالٍ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تَصَرُّفَاتٌ ضَارَّةٌ بِالصَّغِيرِ ضَرَرًا مَحْضًا، وَهِيَ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْ مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ، كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَقْفِ وَسَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ وَالطَّلَاقِ وَالْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ، وَهَذِهِ لَا تَصِحُّ مِنْهُ، بَل تَقَعُ بَاطِلَةً، وَلَا تَنْعَقِدُ، حَتَّى وَلَوْ أَجَازَهَا الْوَلِيُّ أَوِ الْوَصِيُّ؛ لأَِنَّهُمَا لَا يَمْلِكَانِ مُبَاشَرَتَهَا فِي حَقِّ الصَّغِيرِ فَلَا يَمْلِكَانِ إِجَازَتَهَا.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تَصَرُّفَاتٌ دَائِرَةٌ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ بِحَسَبِ أَصْل وَضْعِهَا، كَالْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ وَسَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَهَذِهِ يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِيهَا:</p>فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَصِحُّ صُدُورُهَا مِنْهُ، بِاعْتِبَارِ مَا لَهُ مِنْ أَصْل الأَْهْلِيَّةِ؛ وَلاِحْتِمَال أَنَّ فِيهَا نَفْعًا لَهُ، إِلَاّ أَنَّهَا تَكُونُ مَوْقُوفَةً عَلَى إِجَازَةِ الْوَلِيِّ أَوِ الْوَصِيِّ لِنَقْصِ أَهْلِيَّتِهِ، فَإِذَا أَجَازَهَا نَفَذَتْ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْهَا بَطَلَتْ.</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تَقَعُ صَحِيحَةً لَكِنَّهَا لَا تَكُونُ لَازِمَةً، وَيَتَوَقَّفُ لُزُومُهَا عَلَى إِجَازَةِ الْوَلِيِّ أَوِ الْوَصِيِّ.</p>وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ لَا يَصِحُّ صُدُورُهَا مِنَ الصَّبِيِّ، فَإِذَا وَقَعَتْ كَانَتْ بَاطِلَةً لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَيُّ أَثَرٍ. (1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التلويح على التوضيح 2 / 166، والفتاوى الهندية 1 / 353، والتقرير والتحبير 2 / 170، والدسوقي 2 / 265، والروضة 8 / 22، 23، وكشاف القناع 5 / 234.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْمَرْحَلَةُ الرَّابِعَةُ - الْبُلُوغُ:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> الْبُلُوغُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: قُوَّةٌ تَحْدُثُ لِلشَّخْصِ، تَنْقُلُهُ مِنْ حَال الطُّفُولَةِ إِلَى حَال الرُّجُولَةِ.</p>وَهُوَ يَحْصُل بِظُهُورِ عَلَامَةٍ مِنْ عَلَامَاتِهِ الطَّبِيعِيَّةِ كَالاِحْتِلَامِ، وَكَالْحَبَل وَالْحَيْضِ فِي الأُْنْثَى، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ كَانَ الْبُلُوغُ بِالسِّنِّ.</p>وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَقْدِيرِهِ، فَقَدَّرَهُ أَبُو حَنِيفَةَ بِثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً لِلْفَتَى، وَسَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً لِلْفَتَاةِ، وَقَدَّرَهُ الصَّاحِبَانِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تَقْدِيرُهُ بِثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً لِكُلٍّ مِنَ الذَّكَرِ وَالأُْنْثَى. (1)</p>وَفِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ، وَهِيَ مَرْحَلَةُ الْبُلُوغِ، يَكْتَمِل فِيهَا لِلإِْنْسَانِ نُمُوُّهُ الْبَدَنِيُّ وَالْعَقْلِيُّ، فَتَثْبُتُ لَهُ أَهْلِيَّةُ الأَْدَاءِ الْكَامِلَةِ، فَيَصِيرُ أَهْلاً لأَِدَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَتَحَمُّل التَّبِعَاتِ، وَيُطَالَبُ بِأَدَاءِ كَافَّةِ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ، وَغَيْرِ الْمَالِيَّةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ أَمْ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ.</p>وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا اكْتَمَل نُمُوُّهُ الْعَقْلِيُّ مَعَ اكْتِمَال نُمُوِّهِ الْبَدَنِيِّ، أَمَّا إِذَا وَصَل إِلَى سِنِّ الْبُلُوغِ وَلَمْ يَكْتَمِل نُمُوُّهُ الْعَقْلِيُّ، بِأَنْ بَلَغَ مَعْتُوهًا أَوْ سَفِيهًا، فَإِنَّهُ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ، وَيَسْتَمِرُّ ثُبُوتُ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ، خِلَافًا لأَِبِي حَنِيفَةَ فِي السَّفِيهِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌الْمَرْحَلَةُ الْخَامِسَةُ - الرُّشْدُ:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> الرُّشْدُ فِي اللُّغَةِ: الصَّلَاحُ وَإِصَابَةُ الصَّوَابِ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 5 / 97، وجواهر الإكليل 2 / 97 ط دار المعرفة، والقرطبي 5 / 34 - 36، وحاشية القليوبي 2 / 300، 301.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الهندية 5 / 56 ط المكتبة الإسلامية.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح المنير.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٠)</span><hr/></div>وَالرُّشْدُ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: حُسْنُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَال، وَالْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِثْمَارِهِ وَاسْتِغْلَالِهِ اسْتِغْلَالاً حَسَنًا.</p>وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: صَلَاحُ الدِّينِ وَالصَّلَاحُ فِي الْمَال.</p>وَهَذَا الرُّشْدُ قَدْ يَأْتِي مَعَ الْبُلُوغِ، وَقَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ قَلِيلاً أَوْ كَثِيرًا، تَبَعًا لِتَرْبِيَةِ الشَّخْصِ وَاسْتِعْدَادِهِ وَتَعَقُّدِ الْحَيَاةِ الاِجْتِمَاعِيَّةِ وَبَسَاطَتِهَا، فَإِذَا بَلَغَ الشَّخْصُ رَشِيدًا كَمُلَتْ أَهْلِيَّتُهُ، وَارْتَفَعَتِ الْوِلَايَةُ عَنْهُ وَسُلِّمَتْ إِلَيْهِ أَمْوَالُهُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ؛ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (1) .</p>وَإِذَا بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ، وَكَانَ عَاقِلاً كَمُلَتْ أَهْلِيَّتُهُ، وَارْتَفَعَتِ الْوِلَايَةُ عَنْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، إِلَاّ أَنَّهُ لَا تُسَلَّمُ إِلَيْهِ أَمْوَالُهُ، بَل تَبْقَى فِي يَدِ وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ حَتَّى يَثْبُتَ رُشْدُهُ بِالْفِعْل، أَوْ يَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، فَإِذَا بَلَغَ هَذِهِ السِّنَّ سُلِّمَتْ إِلَيْهِ أَمْوَالُهُ، وَلَوْ كَانَ مُبَذِّرًا لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ؛ لأَِنَّ مَنْعَ الْمَال عَنْهُ كَانَ عَلَى سَبِيل الاِحْتِيَاطِ وَالتَّأْدِيبِ، وَلَيْسَ عَلَى سَبِيل الْحَجْرِ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَرَى الْحَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ، وَالإِْنْسَانُ بَعْدَ بُلُوغِهِ هَذِهِ السِّنَّ وَصَلَاحِيَّتِهِ لأََنْ يَكُونَ جَدًّا لَا يَكُونُ أَهْلاً لِلتَّأْدِيبِ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ الشَّخْصَ إِذَا بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ كَمُلَتْ أَهْلِيَّتُهُ، وَلَكِنْ لَا تَرْتَفِعُ الْوِلَايَةُ عَنْهُ، وَتَبْقَى أَمْوَالُهُ تَحْتَ يَدِ وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ حَتَّى يَثْبُتَ رُشْدُهُ؛ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَا تُؤْتُوا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النساء / 6.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦١)</span><hr/></div>السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَل اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفًا وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (1) فَإِنَّهُ مَنَعَ الأَْوْلِيَاءَ وَالأَْوْصِيَاءَ مِنْ دَفْعِ الْمَال إِلَى السُّفَهَاءِ، وَنَاطَ دَفْعَ الْمَال إِلَيْهِمْ بِتَوَافُرِ أَمْرَيْنِ: الْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ الْمَال إِلَيْهِمْ بِالْبُلُوغِ مَعَ عَدَمِ الرُّشْدِ. (2)</p>أَمَّا إِذَا بَلَغَ الشَّخْصُ رَشِيدًا، ثُمَّ طَرَأَ السَّفَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَحْثِ، بَيْنَ‌<span class="title">‌ عَوَارِضِ الأَْهْلِيَّةِ</span>.</p> </p>عَوَارِضُ الأَْهْلِيَّةِ:</p><font color=#ff0000>25 -</font> الْعَوَارِضُ: جَمْعُ عَارِضٍ أَوْ عَارِضَةٍ، وَالْعَارِضُ فِي اللُّغَةِ مَعْنَاهُ: السَّحَابُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِل أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} (3) .</p>وَأَمَّا الْعَوَارِضُ فِي الاِصْطِلَاحِ فَمَعْنَاهَا: أَحْوَالٌ تَطْرَأُ عَلَى الإِْنْسَانِ بَعْدَ كَمَال أَهْلِيَّةِ الأَْدَاءِ، فَتُؤَثِّرُ فِيهَا بِإِزَالَتِهَا أَوْ نُقْصَانِهَا، أَوْ تُغَيِّرُ بَعْضَ الأَْحْكَامِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ عَرَضَتْ لَهُ مِنْ غَيْرِ تَأْثِيرٍ فِي أَهْلِيَّتِهِ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَنْوَاعُ عَوَارِضِ الأَْهْلِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>26 -</font> عَوَارِضُ الأَْهْلِيَّةِ نَوْعَانِ: سَمَاوِيَّةٌ وَمُكْتَسَبَةٌ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النساء / 5، 6.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 5 / 95، والفتاوى الهندية 5 / 56، وجواهر الإكليل 1 / 161، 2 / 98، والروضة 4 / 177، 178، وحاشية القليوبي 2 / 301، والمغني 4 / 506، وكشاف القناع 3 / 452.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الأحقاف / 24، وانظر الصحاح مادة:" عرض ".</p><font color=#ff0000>(4)</font> التقرير والتجير 2 / 172 ط الأميرية، وكشف الأسرار عن أصول البزدوي 4 / 262 ط دار الكتاب العربي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦١)</span><hr/></div>فَ‌<span class="title">‌الْعَوَارِضُ السَّمَاوِيَّةُ: </span>هِيَ تِلْكَ الأُْمُورُ الَّتِي لَيْسَ لِلْعَبْدِ فِيهَا اخْتِيَارٌ، وَلِهَذَا تُنْسَبُ إِلَى السَّمَاءِ؛ لِنُزُولِهَا بِالإِْنْسَانِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَإِرَادَتِهِ، وَهِيَ: الْجُنُونُ، وَالْعَتَهُ، وَالنِّسْيَانُ، وَالنَّوْمُ، وَالإِْغْمَاءُ، وَالْمَرَضُ، وَالرِّقُّ، وَالْحَيْضُ، وَالنِّفَاسُ، وَالْمَوْتُ.</p>وَالْمُكْتَسَبَةُ: هِيَ تِلْكَ الأُْمُورُ الَّتِي كَسَبَهَا الْعَبْدُ أَوْ تَرَكَ إِزَالَتَهَا، وَهِيَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، فَالَّتِي تَكُونُ مِنْهُ: الْجَهْل، وَالسُّكْرُ، وَالْهَزْل، وَالسَّفَهُ، وَالإِْفْلَاسُ، وَالسَّفَرُ، وَالْخَطَأُ، وَالَّذِي يَكُونُ مِنْ غَيْرِهِ الإِْكْرَاهُ. (1)</p>وَفِيمَا يَلِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْعَوَارِضِ إِجْمَالاً، مَعَ إِحَالَةِ التَّفْصِيل إِلَى الْعَنَاوِينِ الْخَاصَّةِ بِهَا.</p> </p>الْعَوَارِضُ السَّمَاوِيَّةُ:</p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: الْجُنُونُ:</span></p><font color=#ff0000>27 -</font> الْجُنُونُ فِي اللُّغَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ: أَجَنَّهُ اللَّهُ فَجُنَّ، فَهُوَ مَجْنُونٌ، بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُول. (2)</p>وَأَمَّا عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ فَإِنَّهُ: اخْتِلَالٌ لِلْعَقْل يَمْنَعُ مِنْ جَرَيَانِ الأَْفْعَال وَالأَْقْوَال عَلَى نَهْجِ الْعَقْل (3) . وَالْجُنُونُ يُؤَثِّرُ فِي أَهْلِيَّةِ الأَْدَاءِ، فَهُوَ مُسْقِطٌ لِلْعِبَادَاتِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ.</p>وَفِي زَكَاةِ مَال الْمَجْنُونِ خِلَافٌ، مَعَ مُرَاعَاةِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْجُنُونِ الْمُطْبَقِ وَغَيْرِهِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التقرير والتحبير 2 / 172 ط الأميرية، والتلويح على التوضيح 2 / 167 ط صبيح، وكشف الأسرار عن أصول البزدوي 4 / 263 ط دار الكتاب العربي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح المنير مادة:" جنن ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> التقرير والتحبير 2 / 173 ط الأميرية، والتلويح على التوضيح 2 / 167 ط صبيح، وفتح الغفار 3 / 86 ط الحلبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٢)</span><hr/></div>وَأَمَّا الْمُعَامَلَاتُ، فَحُكْمُهُ فِيهَا حُكْمُ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، فَلَا يُعْتَدُّ بِأَقْوَالِهِ لاِنْتِفَاءِ تَعَقُّلِهِ لِلْمَعَانِي.</p>وَأَمَّا أَهْلِيَّةُ الْوُجُوبِ، فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الْجُنُونُ، فَإِنَّ الْمَجْنُونَ يَرِثُ وَيَمْلِكُ لِبَقَاءِ ذِمَّتِهِ، وَالْمُتْلَفَاتُ بِسَبَبِ أَفْعَالِهِ مَضْمُونَةٌ فِي مَالِهِ كَالصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَصِل إِلَى سِنِّ التَّمْيِيزِ.</p>وَتَفْصِيل الأَْحْكَامِ الْخَاصَّةِ بِالْجُنُونِ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ:(جُنُونٍ) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: الْعَتَهُ:</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> الْعَتَهُ فِي اللُّغَةِ: نُقْصَانُ الْعَقْل مِنْ غَيْرِ جُنُونٍ أَوْ دَهْشٍ. (1)</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: آفَةٌ تُوجِبُ خَلَلاً فِي الْعَقْل، فَيَصِيرُ صَاحِبُهَا مُخْتَلَطَ الْكَلَامِ، فَيُشْبِهُ بَعْضُ كَلَامِهِ كَلَامَ الْعُقَلَاءِ، وَبَعْضُهُ كَلَامَ الْمَجَانِينِ (2) .</p>وَالْمَعْتُوهُ فِي تَصَرُّفَاتِهِ كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ، فَتَثْبُتُ لَهُ أَهْلِيَّةُ الأَْدَاءِ الْقَاصِرَةِ، إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّبِيِّ كَمَا جَاءَ فِي التَّلْوِيحِ، إِلَاّ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ: أَنَّ امْرَأَةَ الْمَعْتُوهِ إِذَا أَسْلَمَتْ لَا يُؤَخَّرُ عَرْضُ الإِْسْلَامِ عَلَيْهِ، كَمَا لَا يُؤَخَّرُ عَرْضُهُ عَلَى وَلِيِّ الْمَجْنُونِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ، فَإِنَّ الصِّبَا مُقَدَّرٌ بِخِلَافِ الْعَتَهِ وَالْجُنُونِ. وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ:(عَتَهٍ (3)) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: النِّسْيَانُ:</span></p><font color=#ff0000>29 -</font> النِّسْيَانُ فِي اللُّغَةِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح مادة: " عته ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> التقرير والتحبير 2 / 176 ط الأميرية.</p><font color=#ff0000>(3)</font> التلويح على التوضيح 2 / 169 ط صبيح، وانظر مصطلح:" عته ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٢)</span><hr/></div>أَحَدُهُمَا: تَرْكُ الشَّيْءِ عَلَى ذُهُولٍ وَغَفْلَةٍ، وَهُوَ خِلَافُ التَّذَكُّرِ.</p>وَثَانِيهِمَا: التَّرْكُ عَنْ تَعَمُّدٍ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْل بَيْنَكُمْ} (1) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: عَدَمُ اسْتِحْضَارِ صُورَةِ الشَّيْءِ فِي الذِّهْنِ وَقْتَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ (2) . وَالنِّسْيَانُ لَا يُؤَثِّرُ فِي أَهْلِيَّةِ الْوُجُوبِ، وَلَا يُؤَثِّرُ أَيْضًا فِي أَهْلِيَّةِ الأَْدَاءِ لِكَمَال الْعَقْل، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ النِّسْيَانَ عُذْرٌ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَقِّ الإِْثْمِ وَعَدَمِهِ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: وُضِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ (3) . . .</p>وَلِلنِّسْيَانِ أَحْكَامٌ تَفْصِيلُهَا فِي مُصْطَلَحِ: (نِسْيَانٍ) .</p> </p>‌<span class="title">‌رَابِعًا: النَّوْمُ:</span></p><font color=#ff0000>30 -</font> النَّوْمُ: غَشْيَةٌ ثَقِيلَةٌ تَهْجُمُ عَلَى الْقَلْبِ فَتَقْطَعُهُ عَنِ الْمَعْرِفَةِ بِالأَْشْيَاءِ.</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: فُتُورٌ يَعْرِضُ مَعَ قِيَامِ الْعَقْل يُوجِبُ الْعَجْزَ عَنْ إِدْرَاكِ الْمَحْسُوسَاتِ وَالأَْفْعَال الاِخْتِيَارِيَّةِ وَاسْتِعْمَال الْعَقْل (4) .</p>وَالنَّوْمُ لَا يُنَافِي أَهْلِيَّةَ الْوُجُوبِ لِعَدَمِ إِخْلَالِهِ بِالذِّمَّةِ، إِلَاّ أَنَّهُ يُوجِبُ تَأْخِيرَ تَوَجُّهِ الْخِطَابِ بِالأَْدَاءِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 237، وانظر المصباح مادة:" نسي ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> التقرير والتحبير 2 / 176 ط الأميرية.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: وضع عن أمتي الخطأ والنسيان. . . " أخرجه البيهقي والحاكم بهذا المعنى. وذكر السخاوي طرق الحديث المختلفة والطعون الواردة عليها وقال: مجموع هذه الطرق يظهر أن للحديث أصلا. (فيض القدير 6 / 7362، والمستدرك 2 / 198، والمقاصد الحسنة ص 228 - 230 نشر مكتبة الخانجي) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> المصباح مادة: " نوم "، والتقرير والتحبير 2 / 177 ط الأميرية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٣)</span><hr/></div>إِلَى حَال الْيَقِظَةِ؛ لأَِنَّهُ فِي حَال النَّوْمِ عَاجِزٌ عَنِ الْفَهْمِ فَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ الْخِطَابُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا انْتَبَهَ مِنَ النَّوْمِ أَمْكَنَهُ الْفَهْمُ، وَلِهَذَا فَإِنَّ النَّائِمَ مُطَالَبٌ بِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ مِنَ الصَّلَوَاتِ فِي أَثْنَاءِ نَوْمِهِ، وَأَمَّا عِبَارَاتُ النَّائِمِ مِنَ الأَْقَارِيرِ وَغَيْرِهَا فَهِيَ بَاطِلَةٌ، وَلَا يُعْتَدُّ بِهَا.</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ كُلِّهِ مَحَلُّهُ مُصْطَلَحُ:(نَوْمٍ) .</p> </p>‌<span class="title">‌خَامِسًا: الإِْغْمَاءُ:</span></p><font color=#ff0000>31 -</font> الإِْغْمَاءُ فِي اللُّغَةِ: الْخَفَاءُ، وَفِي الاِصْطِلَاحِ: آفَةٌ فِي الْقَلْبِ أَوِ الدِّمَاغِ تُعَطِّل الْقُوَى الْمُدْرِكَةَ وَالْحَرَكَةَ عَنْ أَفْعَالِهَا مَعَ بَقَاءِ الْعَقْل مَغْلُوبًا. (1)</p>وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْمَرَضِ، وَلِذَا لَمْ يُعْصَمْ مِنْهُ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام.</p>وَتَأْثِيرُ الإِْغْمَاءِ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ أَشَدُّ مِنْ تَأْثِيرِ النَّوْمِ عَلَى النَّائِمِ، وَلِذَا اعْتُبِرَ فَوْقَ النَّوْمِ؛ لأَِنَّ النَّوْمَ حَالَةٌ طَبِيعِيَّةٌ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ، وَسَبَبُهُ شَيْءٌ لَطِيفٌ سَرِيعُ الزَّوَال، وَالإِْغْمَاءُ عَلَى خِلَافِهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ التَّنْبِيهَ وَالاِنْتِبَاهَ مِنَ النَّوْمِ فِي غَايَةِ السُّرْعَةِ، وَأَمَّا التَّنْبِيهُ مِنَ الإِْغْمَاءِ فَغَيْرُ مُمْكِنٍ. (2)</p>وَحُكْمُ الإِْغْمَاءِ فِي كَوْنِهِ عَارِضًا مِنْ عَوَارِضِ الأَْهْلِيَّةِ حُكْمُ النَّوْمِ، فَلَزِمَهُ مَا لَزِمَ النَّوْمُ، وَلِكَوْنِهِ يَزِيدُ عَنْهُ جَعَلَهُ نَاقِضًا لِلْوُضُوءِ فِي جَمِيعِ الأَْحْوَال حَتَّى فِي الصَّلَاةِ.</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ كُلِّهِ مَحَلُّهُ مُصْطَلَحُ:(إِغْمَاءٍ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح مادة: " غمي "، والتقرير والتحبير 2 / 179 ط الأميرية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التلويح على التوضيح 2 / 170 ط صبيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌سَادِسًا: الرِّقُّ:</span></p><font color=#ff0000>32 -</font> الرِّقُّ فِي اللُّغَةِ بِكَسْرِ الرَّاءِ: الْعُبُودِيَّةُ. (1) وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَهُوَ: حَجْزٌ حُكْمِيٌّ عَنِ الْوِلَايَةِ وَالشَّهَادَةِ وَالْقَضَاءِ وَمِلْكِيَّةِ الْمَال وَالتَّزَوُّجِ وَغَيْرِهَا (2) .</p>هَذَا وَالأَْحْكَامُ الْخَاصَّةُ بِالرَّقِيقِ يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي مُصْطَلَحِ: (رِقٍّ) .</p> </p>‌<span class="title">‌سَابِعًا: الْمَرَضُ:</span></p><font color=#ff0000>33 -</font> الْمَرَضُ فِي اللُّغَةِ: حَالَةٌ خَارِجَةٌ عَنِ الطَّبْعِ ضَارَّةٌ بِالْفِعْل.</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: مَا يَعْرِضُ لِلْبَدَنِ فَيُخْرِجُهُ عَنِ الاِعْتِدَال الْخَاصِّ (3) .</p>وَهُوَ لَا يُنَافِي أَهْلِيَّةَ التَّصَرُّفَاتِ، أَيْ ثُبُوتُهُ وَوُجُوبُهُ عَلَى الإِْطْلَاقِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى أَمْ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ؛ لأَِنَّهُ لَا يُخِل بِالْعَقْل وَلَا يَمْنَعُهُ مِنَ اسْتِعْمَالِهِ، فَيَصِحُّ مَا تَعَلَّقَ بِعِبَارَتِهِ مِنَ الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ سَبَبُ الْمَوْتِ بِتَرَادُفِ الآْلَامِ، وَأَنَّهُ - أَيِ الْمَوْتَ - عَجْزٌ خَالِصٌ، كَانَ الْمَرَضُ مِنْ أَسْبَابِ الْعَجْزِ، فَشُرِعَتِ الْعِبَادَاتُ مَعَهُ بِقَدْرِ الْمُكْنَةِ؛ لِئَلَاّ يَلْزَمَ تَكْلِيفُ مَا لَيْسَ فِي الْوُسْعِ، فَيُصَلِّي قَاعِدًا إِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ، وَمُضْطَجِعًا إِنْ عَجَزَ عَنْهُ، وَيُعْتَبَرُ الْمَرَضُ سَبَبًا لِلْحَجْرِ عَلَى الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ حِفْظًا لِحَقِّ الْوَارِثِ وَحَقِّ الْغَرِيمِ إِذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير مادة:" رقق ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> التقرير والتحبير 2 / 180 ط الأميرية، وفتح الغفار 3 / 91 ط الحلبي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح مادة:" مرض "، والتقرير والتحبير 2 / 186 ط الأميرية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٤)</span><hr/></div>اتَّصَل بِهِ الْمَوْتُ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمَرَضَ الْمُمِيتَ هُوَ سَبَبُ الْحَجْرِ لَا نَفْسُ الْمَرَضِ. (1)</p>هَذَا، وَتَفْصِيل الأَْحْكَامِ الْخَاصَّةِ بِالْمَرَضِ يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي مُصْطَلَحِ (مَرَضٍ)</p> </p>‌<span class="title">‌ثَامِنًا: الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ:</span></p><font color=#ff0000>34 -</font> الْحَيْضُ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: السَّيَلَانُ، وَمِنْهُ الْحَوْضُ.</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: الدَّمُ الْخَارِجُ مِنَ الرَّحِمِ لَا لِوِلَادَةٍ وَلَا لِعِلَّةٍ (2) .</p>وَأَمَّا النِّفَاسُ فَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: الْوِلَادَةُ. وَفِي الاِصْطِلَاحِ: الدَّمُ الْخَارِجُ عَقِبَ فَرَاغِ الرَّحِمِ مِنَ الْحَمْل (3) .</p>وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ لَا يُؤَثِّرَانِ فِي أَهْلِيَّةِ الْوُجُوبِ، وَلَا فِي أَهْلِيَّةِ الأَْدَاءِ، إِلَاّ أَنَّهُمَا اعْتُبِرَا مِنَ الْعَوَارِضِ لأَِنَّ الطَّهَارَةَ مِنْهُمَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ كُل عِبَادَةٍ يُشْتَرَطُ فِيهَا الطَّهَارَةُ كَالصَّلَاةِ مَثَلاً. (4)</p>وَتَفْصِيل الأَْحْكَامِ الْخَاصَّةِ بِالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ مَحَلُّهُ (حَيْضٌ، وَنِفَاسٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَاسِعًا: الْمَوْتُ:</span></p><font color=#ff0000>35 -</font> الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَوْتِ تَتَلَخَّصُ فِي أَنَّ تِلْكَ الأَْحْكَامَ إِمَّا دُنْيَوِيَّةٌ أَوْ أُخْرَوِيَّةٌ، وَالدُّنْيَوِيَّةُ مِنْ حَيْثُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح الغفار 3 / 96 ط الحلبي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح مادة:" حيض "، وفتح الغفار 3 / 98 ط الحلبي، والتقرير والتحبير 2 / 188 ط الأميرية، وحاشية قليوبي 1 / 98 ط الحلبي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح مادة:" نفس "، وحاشية قليوبي 1 / 98 ط الحلبي.</p><font color=#ff0000>(4)</font> التلويح على التوضيح 2 / 176، 177 ط صبيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٤)</span><hr/></div>التَّكْلِيفُ حُكْمُهَا السُّقُوطُ إِلَاّ فِي حَقِّ الْمَأْتَمِ، أَوْ مَا شُرِعَ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ أَوْ لِحَاجَةِ غَيْرِهِ.</p>وَالأُْخْرَوِيَّةُ حُكْمُهَا الْبَقَاءُ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ وَاجِبَةً لَهُ عَلَى الْغَيْرِ، أَمْ لِلْغَيْرِ عَلَيْهِ، مِنَ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ وَالْمَظَالِمِ، أَوْ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ ثَوَابٍ بِوَاسِطَةِ الطَّاعَاتِ، أَوْ عِقَابٍ بِوَاسِطَةِ الْمَعَاصِي. (1)</p>هَذَا، وَمَحَل تَفْصِيل هَذِهِ الأَْحْكَامِ مُصْطَلَحُ (مَوْتٍ)</p> </p>‌<span class="title">‌الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ:</span></p><font color=#ff0000>36 -</font> الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ إِمَّا مِنَ الإِْنْسَانِ، وَإِمَّا مِنْ غَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ الَّتِي مِنَ الإِْنْسَانِ هِيَ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْجَهْل:</span></p><font color=#ff0000>37 -</font> مَعْنَى الْجَهْل فِي اللُّغَةِ: خِلَافُ الْعِلْمِ. (2) وَفِي الاِصْطِلَاحِ: عَدَمُ الْعِلْمِ مِمَّنْ شَأْنُهُ الْعِلْمُ (3) .</p>وَالْجَهْل لَا يُؤَثِّرُ فِي الأَْهْلِيَّةِ مُطْلَقًا، وَلَهُ أَقْسَامٌ بَعْضُهَا يَصْلُحُ عُذْرًا، وَبَعْضُهَا لَا يَصْلُحُ عُذْرًا. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (جَهْلٍ (4))<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التقرير والتحبير 2 / 189 ط الأميرية، والتلويح على التوضيح 2 / 178 ط صبيح، وفتح الغفار 3 / 98 ط الحلبي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح مادة:" جهل ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح الغفار 3 / 102، 103 ط الحلبي.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المنثور 2 / 12، 13، 23 ط الفليج، وفتح الغفار 3 / 102 - 106 ط الحلبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٥)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ السُّكْرُ:</span></p><font color=#ff0000>38 -</font> مِنْ مَعَانِي السُّكْرِ: زَوَال الْعَقْل، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ أَسْكَرَهُ الشَّرَابُ: أَيْ أَزَال عَقْلَهُ. (1)</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: حَالَةٌ تَعْرِضُ لِلإِْنْسَانِ مِنْ تَنَاوُل الْمُسْكِرِ، يَتَعَطَّل مَعَهَا عَقْلُهُ، فَلَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الأُْمُورِ الْحَسَنَةِ وَالْقَبِيحَةِ (2) .</p>وَالسُّكْرُ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَخَاصَّةً إِنْ كَانَ طَرِيقُهُ مُحَرَّمًا، كَأَنْ يَتَنَاوَل الْمُسْكِرَ مُخْتَارًا عَالِمًا بِأَنَّ مَا يَشْرَبُهُ يُغَيِّبُ الْعَقْل.</p>وَخُلَاصَةُ مَا قَالَهُ الْفُقَهَاءُ فِي السُّكْرِ هُوَ: أَنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا الْمُسْكِرَ مُسْقِطًا لِلتَّكْلِيفِ وَلَا مُضَيِّعًا لِلْحُقُوقِ، وَلَا مُخَفِّفًا لِمِقْدَارِ الْجِنَايَاتِ الَّتِي تَصْدُرُ مِنَ السَّكْرَانِ، لأَِنَّهُ جِنَايَةٌ، وَالْجِنَايَةُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْهَا صَاحِبُهَا. وَتَفْصِيل الأَْحْكَامِ الْخَاصَّةِ بِالسُّكْرِ مَحَلُّهَا مُصْطَلَحُ:(سُكْرٍ) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْهَزْل:</span></p><font color=#ff0000>39 -</font> الْهَزْل: ضِدُّ الْجِدِّ، أَوْ هُوَ اللَّعِبُ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: مَأْخُوذٌ مِنْ هَزَل فِي كَلَامِهِ هَزْلاً: إِذَا مَزَحَ.</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: أَلَاّ يُرَادَ بِاللَّفْظِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ وَلَا الْمَجَازِيَّ، بَل يُرَادُ بِهِ غَيْرُهُمَا (3) .</p>وَالْهَزْل لَا يُنَافِي الأَْهْلِيَّةَ، إِلَاّ أَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي بَعْضِ الأَْحْكَامِ بِالنِّسْبَةِ لِلْهَازِل.</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ:(هَزْلٍ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير مادة: " سكر ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> التلويح على التوضيح 2 / 185 ط صبيح، وفتح الغفار 3 / 106 ط الحلبي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح مادة:" هزل "، والتقرير والتحبير 2 / 194 ط الأميرية، والتلويح على التوضيح 2 / 187 ط صبيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٥)</span><hr/></div>د -‌<span class="title">‌ السَّفَهُ:</span></p><font color=#ff0000>40 -</font> السَّفَهُ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: نَقْصٌ فِي الْعَقْل، وَأَصْلُهُ الْخِفَّةُ. وَفِي الاِصْطِلَاحِ: خِفَّةٌ تَعْتَرِي الإِْنْسَانَ فَتَبْعَثُهُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ بِخِلَافِ مُقْتَضَى الْعَقْل، مَعَ عَدَمِ الاِخْتِلَال فِي الْعَقْل (1) .</p>وَإِنَّمَا كَانَ السَّفَهُ مِنَ الْعَوَارِضِ الْمُكْتَسَبَةِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْعَوَارِضِ السَّمَاوِيَّةِ؛ لأَِنَّ السَّفِيهَ بِاخْتِيَارِهِ يَعْمَل عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الْعَقْل مَعَ بَقَاءِ الْعَقْل. (2)</p>وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّفَهِ وَالْعَتَهِ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الْمَعْتُوهَ يُشَابِهُ الْمَجْنُونَ فِي بَعْضِ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ، بِخِلَافِ السَّفِيهِ فَإِنَّهُ لَا يُشَابِهُ الْمَجْنُونَ لَكِنْ تَعْتَرِيهِ خِفَّةٌ، فَيُتَابِعُ مُقْتَضَاهَا فِي الأُْمُورِ الْمَالِيَّةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَرَوِيَّةٍ فِي عَوَاقِبِهَا؛ لِيَقِفَ عَلَى أَنَّ عَوَاقِبَهَا مَحْمُودَةٌ أَوْ مَذْمُومَةٌ. (3)</p>وَالسَّفَهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الأَْهْلِيَّةِ بِقِسْمَيْهَا، وَلَا يُنَافِي شَيْئًا مِنَ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، فَالسَّفِيهُ يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ الْخِطَابُ بِحُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ الْعِبَادِ، إِلَاّ أَنَّ الشَّرِيعَةَ رَاعَتْ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ، فَقَرَّرَتْ أَنْ يُمْنَعَ السَّفِيهُ مِنْ حُرِّيَّةِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ صِيَانَةً لَهُ، وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ مَحَلُّهُ مُصْطَلَحُ:(سَفَهٍ) .</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ السَّفَرُ:</span></p><font color=#ff0000>41 -</font> السَّفَرُ - بِفَتْحَتَيْنِ - مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: قَطْعُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح مادة: " سفه "، والتلويح على التوضيح 2 / 191 ط صبيح، والتقرير والتحبير 2 / 201 ط الأميرية، وكشف الأسرار 4 / 369 ط دار الكتاب العربي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح الغفار 3 / 114 ط الحلبي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> التلويح 2 / 191 ط صبيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٦)</span><hr/></div>الْمَسَافَةِ، وَيُقَال ذَلِكَ إِذَا خَرَجَ لِلاِرْتِحَال أَوْ لِقَصْدِ مَوْضِعٍ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى؛ لأَِنَّ الْعَرَبَ لَا يُسَمُّونَ مَسَافَةَ الْعَدْوَى سَفَرًا. (1)</p>وَفِي الشَّرْعِ: الْخُرُوجُ بِقَصْدِ الْمَسِيرِ مِنْ مَحَل الإِْقَامَةِ إِلَى مَوْضِعٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَمَا فَوْقَهَا بِسَيْرِ الإِْبِل وَمَشْيِ الأَْقْدَامِ. (2) عَلَى خِلَافٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ.</p>وَالسَّفَرُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الأَْهْلِيَّةِ بِقِسْمَيْهَا، إِلَاّ أَنَّهُمْ جَعَلُوهُ مِنَ الْعَوَارِضِ؛ لأَِنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهُ سَبَبًا لِلتَّخْفِيفِ فِي الْعِبَادَاتِ، كَقَصْرِ الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ وَالْفِطْرِ فِي الصَّوْمِ لِلْمُسَافِرِ. (3)</p>وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ مَحَلُّهُ مُصْطَلَحُ:(سَفَرٍ) .</p> </p>و‌<span class="title">‌ الْخَطَأُ:</span></p><font color=#ff0000>42 -</font> الْخَطَأُ فِي اللُّغَةِ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ: مَا قَابَل الصَّوَابَ، وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ: مَا قَابَل الْعَمْدَ، وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمُرَادُ بِهِ فِي عَوَارِضِ الأَْهْلِيَّةِ. (4)</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: فِعْلٌ يَصْدُرُ مِنَ الإِْنْسَانِ بِلَا قَصْدٍ إِلَيْهِ عِنْدَ مُبَاشَرَةِ أَمْرٍ مَقْصُودٍ سِوَاهُ (5) .</p>وَالْخَطَأُ لَا يُنَافِي الأَْهْلِيَّةَ بِنَوْعَيْهَا؛ لأَِنَّ الْعَقْل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح مادة: " عدا " والعدوى: طلبك إلى وال ليعديك على من ظلمك، أي ينتقم منه باعتدائه عليك. والفقهاء يقولون: مسافة العدوى، استفارة من صاحبها يصل فيها الذهاب والعود بعدو واحد.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشف الأسرار 4 / 376 ط دار الكتاب العربي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> التلويح 2 / 193 ط صبيح، وفتح الغفار 3 / 117 ط الحلبي، والتقرير والتحبير 2 / 203 ط الأميرية، وجواهر الإكليل 1 / 88 ط دار المعرفة، والروضة 1 / 385 ط المكتب الإسلامي، وكشاف القناع 1 / 504 ط النصر.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المصباح مادة:" خطأ ".</p><font color=#ff0000>(5)</font> التلويح 2 / 195 ط صبيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٦)</span><hr/></div>مَوْجُودٌ مَعَهُ، وَالْجِنَايَةُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ التَّثَبُّتِ، وَلِذَا يُؤَاخَذُ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، فَلَا تُقَدَّرُ الْعُقُوبَةُ فِيهِ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ نَفْسِهَا، وَإِنَّمَا بِقَدْرِ عَدَمِ التَّثَبُّتِ الَّذِي أَدَّى إِلَى حُصُولِهَا.</p>وَالْخَطَأُ يُعْذَرُ بِهِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ سبحانه وتعالى إِذَا اجْتَهَدَ، كَمَا فِي مَسْأَلَةِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَاعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ شُبْهَةً تَدْرَأُ الْعُقُوبَةَ عَنِ الْمُخْطِئِ، وَأَمَّا حُقُوقُ الْعِبَادِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْخَطَأُ عُذْرًا فِيهَا، وَلِذَا فَإِنَّ الْمُخْطِئَ يَضْمَنُ مَا تَرَتَّبَ عَلَى خَطَئِهِ مِنْ ضَرَرٍ أَوْ تَلَفٍ. (1)</p>وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ مَحَلُّهُ مُصْطَلَحُ:(خَطَأٍ) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ الَّتِي مِنْ غَيْرِ الإِْنْسَانِ نَفْسِهِ:</span></p><font color=#ff0000>43 -</font> وَهِيَ عَارِضٌ وَاحِدٌ فَقَطْ وَهُوَ‌<span class="title">‌ الإِْكْرَاهُ: </span>وَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: الْحَمْل عَلَى الأَْمْرِ قَهْرًا. (2)</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: حَمْل الْغَيْرِ عَلَى مَا لَا يَرْضَاهُ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، وَلَا يَخْتَارُ مُبَاشَرَتَهُ لَوْ تُرِكَ وَنَفْسَهُ. (3)</p>وَهُوَ مُعْدِمٌ لِلرِّضَى لَا لِلاِخْتِيَارِ؛ لأَِنَّ الْفِعْل يَصْدُرُ عَنِ الْمُكْرَهِ بِاخْتِيَارِهِ، لَكِنَّهُ قَدْ يَفْسُدُ الاِخْتِيَارُ بِأَنْ يَجْعَلَهُ مُسْتَنِدًا إِلَى اخْتِيَارٍ آخَرَ، وَقَدْ لَا يُفْسِدُهُ بِأَنْ يَبْقَى الْفَاعِل مُسْتَقِلًّا فِي قَصْدِهِ.</p>هَذَا، وَالإِْكْرَاهُ سَوَاءٌ أَكَانَ مُلْجِئًا أَمْ غَيْرَ مُلْجِئٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التقرير والتحبير 2 / 204 ط الأميرية، وفتح الغفار 3 / 118 ط الحلبي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح مادة:" كره ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> التقرير والتحبير 2 / 206 ط الأميرية، والتلويح 2 / 196 ط صبيح، وفتح الغفار 3 / 119 ط الحلبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٧)</span><hr/></div>كَمَا قَال الْحَنَفِيَّةُ - أَوْ إِكْرَاهًا بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ - كَمَا قَال الشَّافِعِيَّةُ - لَا يُؤَثِّرُ فِي أَهْلِيَّةِ الْوُجُوبِ لِبَقَاءِ الذِّمَّةِ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِي أَهْلِيَّةِ الأَْدَاءِ لِبَقَاءِ الْعَقْل وَالْبُلُوغِ، إِلَاّ أَنَّهُمْ عَدُّوهُ مِنَ الْعَوَارِضِ؛ لأَِنَّهُ يُفْسِدُ الاِخْتِيَارَ، وَيُجْعَل الْمُكْرَهُ - بِفَتْحِ الرَّاءِ - فِي بَعْضِ صُوَرِهِ آلَةً لِلْمُكْرِهِ - بِكَسْرِ الرَّاءِ - (1)</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ كُلِّهِ مَحَلُّهُ مُصْطَلَحُ:(إِكْرَاهٍ) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِهْمَالٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الإِْهْمَال لُغَةً: التَّرْكُ، وَأَهْمَل أَمْرَهُ: لَمْ يُحَكِّمْهُ، وَأَهْمَلْتُ الأَْمْرَ: تَرَكْتُهُ عَنْ عَمْدٍ أَوْ نِسْيَانٍ، وَأَهْمَلَهُ إِهْمَالاً: خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ، أَوْ تَرَكَهُ وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ.</p>وَمِنْهُ: الْكَلَامُ الْمُهْمَل، وَهُوَ خِلَافُ الْمُسْتَعْمَل. (2)</p>وَلَا يَخْرُجُ مَعْنَى الإِْهْمَال فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ عَمَّا وَرَدَ مِنْ مَعَانِيهِ فِي اللُّغَةِ حَسْبَمَا ذُكِرَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 5 / 190 ط دار المعرفة، والفتاوى الهندية 5 / 54 ط المكتبة الإسلامية، وجواهر الإكليل 2 / 97 ط دار المعرفة، وحاشية قليوبي 2 / 299 ط الحلبي، وكشاف القناع 3 / 416 ط النصر، والحموي على ابن نجيم 1 / 191 ط العامرة، والمنثور 3 / 345 ط الفليج، والأشباه لابن النجيم ص 160 ط الهلال.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب، والمصباح المنير والصحاح وتاج العروس والقاموس المحيط مادة:" همل ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الإِْهْمَال فِي الأَْمَانَاتِ إِذَا أَدَّى إِلَى هَلَاكِهَا أَوْ ضَيَاعِهَا يُوجِبُ الضَّمَانَ، سَوَاءٌ أَكَانَ أَمَانَةً بِقَصْدِ الاِسْتِحْفَاظِ كَالْوَدِيعَةِ، أَمْ كَانَ أَمَانَةً ضِمْنَ عَقْدٍ كَالْمَأْجُورِ، أَمْ كَانَ بِطَرِيقِ الأَْمَانَةِ بِدُونِ عَقْدٍ وَلَا قَصْدٍ، كَمَا لَوْ أَلْقَتِ الرِّيحُ فِي دَارِ أَحَدٍ ثَوْبَ جَارِهِ (1) .</p>فَالْعَيْنُ الْمُودَعَةُ - مَثَلاً - الأَْصْل فِيهَا أَنْ تَكُونَ أَمَانَةً فِي يَدِ الْوَدِيعِ، فَإِنْ تَلِفَتْ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا إِهْمَالٍ لَمْ يَضْمَنْ؛ لأَِنَّ الأَْمِينَ لَا يَضْمَنُ إِلَاّ بِالتَّعَدِّي أَوِ الإِْهْمَال؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِل ضَمَانٌ، وَلَا عَلَى الْمُسْتَوْدِعِ غَيْرِ الْمُغِل ضَمَانٌ (2) .</p>وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ:(إِعَارَةٍ، الْوَدِيعَةِ) .</p> </p>وَإِهْمَال الأَْجِيرِ الْخَاصِّ يَسْتَوْجِبُ الضَّمَانَ، أَمَّا الأَْجِيرُ الْمُشْتَرَكُ (3) فَإِنَّهُ ضَامِنٌ مُطْلَقًا عِنْدَ جُمْهُورِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مجلة الأحكام العدلية مادة:(762 - 768) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار على الدر المختار 4 / 503، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 419، 436، 437، والمغني مع الشرح الكبير 7 / 280. وحديث:" ليس على المستعير غير المغل ضمان. . . " أخرجه الدارقطني من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعا وقال: في إسناده عمرو وعبيدة وهما ضعيفان، وإنما يروى عن شريح القاضي غير مرفوع (سنن الدارقطني 3 / 41 ط دار المحاسن، والتلخيص الحبير 3 / 97 ط شركة الطباعة الفنية المتحدة) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأجير المشترك هو: الذي يعمل للمؤجر ولغيره، كالطبيب والبناء. وهذا ما يؤخذ من تعريفات الفقهاء جميعا (رد المحتار 6 / 64، وحاشية الدسوقي 4 / 4، والمهذب 1 / 408، وكشاف القناع 4 / 33) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٨)</span><hr/></div>الْفُقَهَاءِ (1) عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ: (إِجَارَةٍ، وَضَمَانٍ) .</p>وَمُسْتَأْجِرُ الطَّاحُونِ وَنَحْوِهَا، إِنْ أَهْمَلَهَا حَتَّى سُرِقَ بَعْضُ أَدَوَاتِهَا عَلَيْهِ ضَمَانُهُ. (2) وَإِهْمَال الْحَاذِقِ مِنْ طَبِيبٍ أَوْ خِتَانٍ أَوْ مُعَلِّمٍ يُوجِبُ ضَمَانَ مَا يَحْدُثُ بِسَبَبِ إِهْمَالِهِ.</p>فَلَوْ سَلَّمَ الْوَلِيُّ الصَّبِيَّ إِلَى سَبَّاحٍ لِيُعْلِمَهُ السِّبَاحَةَ، فَتَسَلَّمَهُ فَغَرِقَ، وَجَبَتْ عَلَيْهِ دِيَتُهُ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ:(دِيَةٍ) .</p> </p>وَإِهْمَال الْقَاطِعِ الْحَاذِقِ فِي الْقِصَاصِ وَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ بِتَجَاوُزِهِ مَا أُمِرَ بِهِ، أَوِ الْقَطْعِ فِي غَيْرِ مَحَل الْقَطْعِ يُوجِبُ الضَّمَانَ؛ لأَِنَّهُ إِتْلَافٌ نَتَجَ عَنْ إِهْمَالِهِ وَلَا يَخْتَلِفُ ضَمَانُهُ بِالْعَمْدِ وَالْخَطَأِ.</p>وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. (3)</p>وَالْحَسْمُ بَعْدَ الْقَطْعِ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ مُسْتَحَبٌّ لِلْمَقْطُوعِ عَلَى الأَْصَحِّ؛ لأَِنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الْمُعَالَجَةُ وَدَفْعُ الْهَلَاكِ عَنْهُ بِنَزْفِ الدَّمِ، وَهَذَا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَمُفَادُهُ أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الإِْمَامِ.</p>وَقِيل: إِنَّ الْحَسْمَ مِنْ تَوَابِعِ الْحَدِّ، وَهُوَ وَاجِبٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَيَلْزَمُ الإِْمَامَ فِعْلُهُ، وَلَيْسَ لَهُ إِهْمَالُهُ وَتَرْكُهُ، وَمُسْتَحَبٌّ لِلإِْمَامِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 4 / 211، والشرح الصغير 4 / 47، والمهذب 1 / 415، ونهاية المحتاج 5 / 307 و 308، وكشاف القناع 4 / 25، والمغني 5 / 524 - 527 ط الرياض، والموسوعة الفقهية مصطلح (إجارة) 1 / 288، 297.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جامع الفصولين 2 / 122 (ر: إجارة. ضمان) في الموسوعة الفقهية.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرج المنهاج وحاشية قليوبي 4 / 174، ونهاية المحتاج 7 / 333، والمغني مع الشرح الكبير 6 / 120.</p><font color=#ff0000>(4)</font> رد المحتار على الدر المختار 3 / 206، وشرح المنهاج 4 / 198، ونهاية المحتاج 7 / 444، 445، وحاشية الدسوقي 4 / 332، والمغني لابن قدامة 8 / 260، 261.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌إِعْمَال الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إِهْمَالِهِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> مِنَ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ قَاعِدَةُ: إِعْمَال الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إِهْمَالِهِ، وَهَذَا لأَِنَّ الْمُهْمَل لَغْوٌ، وَكَلَامُ الْعَاقِل يُصَانُ عَنْهُ، فَيَجِبُ حَمْلُهُ مَا أَمْكَنَ عَلَى أَقْرَبِ وَجْهٍ يَجْعَلُهُ مَعْمُولاً بِهِ مِنْ حَقِيقَةٍ مُمْكِنَةٍ، وَإِلَاّ فَمَجَازٌ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الأَْصْل فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ، وَالْمَجَازُ فَرْعٌ عَنْهُ وَخَلَفٌ لَهُ.</p>وَاتَّفَقَ الأُْصُولِيُّونَ عَلَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ إِذَا تَعَذَّرَتْ، أَوْ هُجِرَتْ يُصَارُ إِلَى الْمَجَازِ، وَتَعَذُّرُ الْحَقِيقَةِ: إِمَّا بِعَدَمِ إِمْكَانِهَا أَصْلاً؛ لِعَدَمِ وُجُودِ فَرْدٍ لَهَا مِنَ الْخَارِجِ، كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ، وَلَيْسَ لَهُ إِلَاّ أَحْفَادٌ، فَيُصَارُ إِلَى الْمَجَازِ - وَهُوَ الصَّرْفُ إِلَى الأَْحْفَادِ - لِتَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ.</p>أَوْ بِعَدَمِ إِمْكَانِهَا شَرْعًا: كَالْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ، فَإِنَّ حَمْلَهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ - وَهِيَ التَّنَازُعُ - مَحْظُورٌ شَرْعًا، قَال تَعَالَى:{وَلَا تَنَازَعُوا} (1) ، وَلِذَا تُحْمَل عَلَى الْمَجَازِ، وَهُوَ رَفْعُ الدَّعْوَى وَالإِْقْرَارِ وَالإِْنْكَارِ.</p>وَبِمَثَابَةِ التَّعَذُّرِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُل مِنْ هَذَا الْقِدْرِ، أَوْ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، أَوْ هَذَا الْبُرِّ، فَإِنَّ الْحَقِيقَةَ، وَهِيَ الأَْكْل مِنْ عَيْنِهَا مُمْكِنَةٌ لَكِنْ بِمَشَقَّةٍ، فَيُصَارُ فِي الأَْمْثِلَةِ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْمَجَازِ، وَهُوَ الأَْكْل مِمَّا فِي الْقِدْرِ، أَوْ مِنْ ثَمَرِ الشَّجَرَةِ إِنْ كَانَ، وَإِلَاّ فَمِنْ ثَمَنِهَا، أَوْ مِمَّا يُتَّخَذُ مِنَ الْبُرِّ فِي الثَّالِثِ.</p>وَلَوْ أَكَل عَيْنَ الشَّجَرَةِ مَثَلاً لَمْ يَحْنَثْ.</p>وَمِثْل تَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ هَجْرُهَا، إِذِ الْمَهْجُورُ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا كَالْمُتَعَذَّرِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ، فَإِنَّ الْحَقِيقَةَ فِيهِ مُمْكِنَةٌ، لَكِنَّهَا مَهْجُورَةٌ، وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْعُرْفِ الدُّخُول، فَلَوْ وَضَعَ قَدَمَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الأنفال / 46.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٩)</span><hr/></div>فِيهَا بِدُونِ دُخُولٍ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ دَخَلَهَا رَاكِبًا حَنِثَ.</p>وَإِنْ تَعَذَّرَتِ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ أُهْمِل الْكَلَامُ لِعَدَمِ الإِْمْكَانِ.</p>فَإِذَا تَعَذَّرَ إِعْمَال الْكَلَامِ، بِأَنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَعْنًى حَقِيقِيٍّ لَهُ مُمْكِنٍ؛ لِتَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، أَوْ لِتَزَاحُمِ الْمُتَنَافِيَيْنِ مِنَ الْحَقَائِقِ تَحْتَهَا، وَلَا مُرَجِّحَ، وَلَا عَلَى مَعْنًى مَجَازِيٍّ مُسْتَعْمَلٍ، أَوْ كَانَ يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ مِنْ حِسٍّ، أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ مِنْ نَحْوِ الْعَادَةِ، فَإِنَّهُ يُهْمَل حِينَئِذٍ، أَيْ يُلْغَى وَلَا يُعْمَل بِهِ.</p>أَمَّا تَزَاحُمُ الْمُتَنَافِيَيْنِ: فَكَمَا لَوْ كَفَل وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا كَفَالَةُ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ، فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ.</p>وَأَمَّا تَعَذُّرُ الْحَقِيقَةِ، وَعَدَمُ إِمْكَانِ الْحَمْل عَلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُسْتَعْمَلٍ، فَكَمَا لَوْ قَال لِمَعْرُوفِ النَّسَبِ: هَذَا ابْنِي، فَإِنَّهُ كَمَا لَا يَصِحُّ إِرَادَةُ الْحَقِيقَةِ مِنْهُ؛ لِثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنَ الْغَيْرِ، لَا يَصِحُّ أَيْضًا إِرَادَةُ الْمَجَازِ، وَهُوَ الإِْيصَاءُ لَهُ بِإِحْلَالِهِ مَحَل الاِبْنِ فِي أَخْذِ مِثْل نَصِيبِهِ مِنَ التَّرِكَةِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ الْمَجَازَ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ، وَالْحَقِيقَةُ إِذَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَعْمَلَةً لَا يُصَارُ إِلَيْهَا، فَالْمَجَازُ أَوْلَى.</p>وَكَذَا لَوْ قَال لاِمْرَأَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ لأَِبِيهَا: هَذِهِ بِنْتِي، لَمْ تَحْرُمْ بِذَلِكَ أَبَدًا.</p>وَأَمَّا تَكْذِيبُ الْحِسِّ: فَكَدَعْوَى قَتْل الْمُورَثِ وَهُوَ حَيٌّ، أَوْ قَطْعُ الْعُضْوِ وَهُوَ قَائِمٌ، وَكَدَعْوَى الدُّخُول بِالزَّوْجَةِ وَهُوَ مَجْبُوبٌ.</p>وَأَمَّا مَا فِي حُكْمِ الْحِسِّ: فَكَدَعْوَى الْبُلُوغِ مِمَّنْ لَا يَحْتَمِلُهُ سِنُّهُ أَوْ جِسْمُهُ، وَكَدَعْوَى صَرْفِ الْمُتَوَلِّي أَوِ الْوَصِيِّ عَلَى الْوَقْفِ أَوِ الصَّغِيرِ مَبْلَغًا لَا يَحْتَمِلُهُ الظَّاهِرُ، فَإِنَّ كُل ذَلِكَ يُلْغَى، وَلَا يُعْتَبَرُ وَلَا يُعْمَل</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٩)</span><hr/></div>بِهِ، وَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ. (1)</p>وَيُرْجَعُ فِيمَا ذُكِرَ إِلَى مُصْطَلَحَاتِ (تَرْجِيحٍ، وَوَكَالَةٍ، وَكَفَالَةٍ، وَوِصَايَةٍ، وَوَصِيَّةٍ، وَوَقْفٍ) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَوْزَانٌ</span></p> </p>انْظُرْ: مَقَادِيرَ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَوْسُقٌ</span></p> </p>انْظُرْ: مَقَادِيرَ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَوْصَافٌ</span></p> </p>انْظُرْ: صِفَةً.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأشباه والنظائر لابن نجيم، القاعدة التاسعة ص 135، 136 وما بعدها ط دار مكتبة الهلال / بيروت، والأشباه والنظائر للسيوطي القاعدة العاشرة ص 128، 129 وما بعدها ط مصطفى الحلبي بمصر، وجامع الفصولين 2 / 187 الطبعة الأولى بالمطبعة الأميرية، ورد المحتار على الدر المختار 4 / 253، والتوضيح على التنقيح 1 / 339.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَوْقَاتُ الصَّلَاةِ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الْوَقْتُ: مِقْدَارٌ مِنَ الزَّمَانِ مُقَدَّرٌ لأَِمْرٍ مَا، وَكُل شَيْءٍ قَدَّرْتُ لَهُ حِينًا فَقَدْ وَقَّتُّهُ تَوْقِيتًا. وَأَوْقَاتُ الصَّلَاةِ هِيَ: الأَْزْمِنَةُ الَّتِي حَدَّدَهَا الشَّارِعُ لِفِعْل الصَّلَاةِ أَدَاءً، فَالْوَقْتُ سَبَبُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ، فَلَا تَصِحُّ قَبْل دُخُولِهِ، وَتَكُونُ (قَضَاءً) بَعْدَ خُرُوجِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَقْسَامُ الصَّلَوَاتِ الَّتِي لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> تَنْقَسِمُ الصَّلَوَاتُ الَّتِي لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ:</p>الْقِسْمُ الأَْوَّل: صَلَوَاتٌ مَفْرُوضَةٌ، وَهِيَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ.</p>الْقِسْمُ الثَّانِي: صَلَوَاتٌ وَاجِبَةٌ، وَهِيَ الْوِتْرُ وَالْعِيدَانِ.</p>الْقِسْمُ الثَّالِثُ: صَلَوَاتٌ مَسْنُونَةٌ، كَالسُّنَنِ الْقَبْلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ.</p>وَالْجُمْهُورُ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ، وَالْوِتْرُ عِنْدَهُمْ سُنَّةٌ، وَكَذَلِكَ الْعِيدَانِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ</span></p>‌<span class="title">‌أَصْل مَشْرُوعِيَّةِ هَذِهِ الأَْوْقَاتِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> أَصْل مَشْرُوعِيَّةِ هَذِهِ الأَْوْقَاتِ عُرِفَ بِالْكِتَابِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح مادة " وقت " والطحطاوي ص 93.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٠)</span><hr/></div>قَال تَعَالَى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمَدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَْرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} (1)</p>قَال بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالتَّسْبِيحِ الصَّلَاةُ، أَيْ: صَلُّوا حِينَ تُمْسُونَ، أَيْ حِينَ تَدْخُلُونَ فِي وَقْتِ الْمَسَاءِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ. وَ {حِينَ تُصْبِحُونَ} الْمُرَادُ بِهِ صَلَاةُ الصُّبْحِ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَعَشِيًّا} صَلَاةُ الْعَصْرِ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَحِينَ تُظْهِرُونَ} صَلَاةُ الظُّهْرِ. (2)</p>وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْل وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (3)</p>وَقَدْ بَيَّنَتِ السُّنَّةُ الشَّرِيفَةُ أَوْقَاتَ الصَّلَاةِ كَحَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيل لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَصُّهُ: أَمَّنِي جِبْرِيل عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ، فَصَلَّى الظُّهْرَ فِي الأُْولَى مِنْهُمَا حِينَ كَانَ الْفَيْءُ مِثْل الشِّرَاكِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ كُل شَيْءٍ مِثْل ظِلِّهِ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ وَأَفْطَرَ الصَّائِمُ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ بَرَقَ الْفَجْرُ وَحَرُمَ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ، وَصَلَّى الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَهُ لِوَقْتِ الْعَصْرِ بِالأَْمْسِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ لِوَقْتِهِ الأَْوَّل، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ الآْخِرَةَ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْل، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ سَفَرَتِ الأَْرْضُ، ثُمَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الروم / 17، 18.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أحكام القرآن للقرطبي 14 / 14.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الإسراء / 78.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧١)</span><hr/></div>الْتَفَتَ إِلَيَّ جِبْرِيل وَقَال: يَا مُحَمَّدُ هَذَا وَقْتُ الأَْنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ، وَالْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ (1)</p>‌<span class="title">‌عَدَدُ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ عَدَدَ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ خَمْسٌ بِقَدْرِ عَدَدِ الصَّلَوَاتِ، وَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّ الْوِتْرَ فَرْضٌ فَيَكُونُ عَدَدُ الأَْوْقَاتِ سِتًّا لَيْسَ صَحِيحًا، بَل إِنَّهُ يَقُول: إِنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ، وَهُوَ أَقَل رُتْبَةً مِنَ الْفَرْضِ. (2)</p>‌<span class="title">‌مَبْدَأُ كُل وَقْتٍ وَنِهَايَتُهُ</span></p>‌<span class="title">‌مَبْدَأُ وَقْتِ الصُّبْحِ وَنِهَايَتُهُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ مَبْدَأَ وَقْتِ الصُّبْحِ طُلُوعُ الْفَجْرِ الصَّادِقِ (3) وَيُسَمَّى الْفَجْرُ الثَّانِي، وَسُمِّيَ صَادِقًا؛ لأَِنَّهُ بَيَّنَ وَجْهَ الصُّبْحِ وَوَضَّحَهُ، وَعَلَامَتُهُ بَيَاضٌ يَنْتَشِرُ فِي الأُْفُقِ عُرْضًا. أَمَّا الْفَجْرُ الْكَاذِبُ، وَيُسَمَّى الْفَجْرُ الأَْوَّل، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ، وَلَا يَدْخُل بِهِ وَقْتُ الصُّبْحِ، وَعَلَامَتُهُ بَيَاضٌ يَظْهَرُ طُولاً يَطْلُعُ وَسَطَ السَّمَاءِ ثُمَّ يَنْمَحِي بَعْدَ ذَلِكَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أمني جبريل عند البيت مرتين، فصلى الظهر. . . " أخرجه الترمذي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وقال: هذا حديث حسن صحيح، وقال ابن عبد البر في التمهيد: وقد تكلم بعض الناس في حديث ابن عباس هذا بكلام لا وجه له، ورواته كلهم مشهورون بالعلم. (سنن الترمذي 1 / 178 - 280 ط الحلبي، ونصب الراية 1 / 221، وجامع الأصول 5 / 209، 210) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 1 / 123 الطبعة الأولى سنة 1327 هـ، وبداية المجتهد 1 / 47 المطبعة المولوية بفاس سنة 1327 هـ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 1 / 142، وبداية المجتهد 1 / 51، والإقناع في شرح ألفاظ أبي شجاع 1 / 273 مطبعة بولاق. والمغني 1 / 395 مطبعة المنار بمصر.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧١)</span><hr/></div>وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَجْرَيْنِ مُقَدَّرٌ بِثَلَاثِ دَرَجَاتٍ.</p>وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ إِمَامَةِ جِبْرِيل لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. حَيْثُ قَال: ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ بَرَقَ الْفَجْرُ وَحَرُمَ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ، وَصَلَّى الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ الصُّبْحَ حِينَ أَسْفَرَتِ الأَْرْضُ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَال: يَا مُحَمَّدُ هَذَا وَقْتُ الأَْنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ، وَالْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذِهِ الْوَقْتَيْنِ (1)</p><font color=#ff0000>6 -</font> أَمَّا نِهَايَةُ وَقْتِ الصُّبْحِ، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ: قُبَيْل طُلُوعِ الشَّمْسِ (2) ، وَذَهَبَ مَالِكٌ فِي أَحَدِ الأَْقْوَال عَنْهُ إِلَى أَنَّ الْوَقْتَ الاِخْتِيَارِيَّ لِلصُّبْحِ إِلَى الإِْسْفَارِ، وَبَعْدَ الإِْسْفَارِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقْتُ ضَرُورَةٍ لأَِصْحَابِ الأَْعْذَارِ، كَالْحَائِضِ تَطْهُرُ بَعْدَ الإِْسْفَارِ، وَمِثْل ذَلِكَ النُّفَسَاءُ، وَالنَّائِمُ يَسْتَيْقِظُ، وَالْمَرِيضُ يَبْرَأُ مِنْ مَرَضِهِ، جَازَ لِهَؤُلَاءِ الصَّلَاةُ فِي هَذَا الْوَقْتِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهِيَةٍ، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الصُّبْحَ كُل وَقْتِهِ اخْتِيَارِيٌّ. (3)</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الصُّبْحَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَهُوَ أَوَّلُهُ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إِلَى الإِْسْفَارِ، وَجَوَازٍ بِلَا كَرَاهَةٍ إِلَى الْحُمْرَةِ، وَكَرَاهَةٌ بَعْدَ الْحُمْرَةِ، وَالْمُرَادُ بِوَقْتِ الْفَضِيلَةِ مَا فِيهِ ثَوَابٌ أَكْثَرُ مِنْ وَقْتِ الاِخْتِيَارِ، وَالْمُرَادُ بِوَقْتِ الْجَوَازِ بِلَا كَرَاهَةٍ مَا لَا ثَوَابَ فِيهِ.</p>وَذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَى أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا الاِخْتِيَارِيِّ الإِْسْفَارُ. وَبَعْدَ الإِْسْفَارِ وَقْتُ عُذْرٍ وَضَرُورَةٍ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَمَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أمني جبريل. . . " سبق تخريجه (ف / 3) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 1 / 240.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بلغة السالك 1 / 83.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٢)</span><hr/></div>الصُّبْحِ وَلَمْ يَسْتَيْقِظْ إِلَاّ بَعْدَ الإِْسْفَارِ، جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ بِلَا كَرَاهَةٍ.</p>وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا اسْتَيْقَظَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَأَخَّرَ صَلَاةَ الصُّبْحِ إِلَى مَا بَعْدَ الإِْسْفَارِ بِدُونِ عُذْرٍ، كَانَتْ صَلَاتُهُ مَكْرُوهَةً. (1)</p><font color=#ff0000>7 -</font> مِمَّا تَقَدَّمَ يُعْرَفُ أَنَّ جُمْهُورَ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الصُّبْحِ طُلُوعُ الشَّمْسِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: إِنَّ لِلصَّلَاةِ أَوَّلاً وَآخِرًا، وَإِنَّ أَوَّل وَقْتِ الْفَجْرِ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ، وَآخِرَهُ حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ (2)</p> </p>‌<span class="title">‌مَبْدَأُ وَقْتِ الظُّهْرِ وَنِهَايَتُهُ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ مَبْدَأَهُ مِنْ زَوَال الشَّمْسِ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ تُجَاهَ الْغَرْبِ، وَلَا يَصِحُّ أَدَاؤُهَا قَبْل الزَّوَال. (3)</p>وَيُعْرَفُ الزَّوَال بِأَنْ تَغْرِزَ خَشَبَةً مُسْتَوِيَةً فِي أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ، وَالشَّمْسُ لَا زَالَتْ فِي الْمَشْرِقِ، فَمَا دَامَ ظِل الْخَشَبَةِ يُنْتَقَصُ فَالشَّمْسُ قَبْل الزَّوَال، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْخَشَبَةِ ظِلٌّ، أَوْ تَمَّ نَقَصَ الظِّل، بِأَنْ كَانَ الظِّل أَقَل مَا يَكُونُ، فَالشَّمْسُ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ، وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي تُحْظَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، فَإِذَا انْتَقَل الظِّل مِنَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْمَشْرِقِ، وَبَدَأَ فِي الزِّيَادَةِ، فَقَدْ زَالَتِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 1 / 353 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" إن للصلاة أولا وآخرا. . . " أخرجه الترمذي مطولا وقال عبد القادر الأرناؤوط محقق جامع الأصول: هو حديث حسن (سنن الترمذي 1 / 238، 284 ط الحلبي، وجامع الأصول 5 / 214، 215.) ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> بداية المجتهد 1 / 48.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٢)</span><hr/></div>الشَّمْسُ مِنْ وَسَطِ السَّمَاءِ وَدَخَل وَقْتُ الظُّهْرِ.</p>وَالدَّلِيل عَلَى أَنَّ أَوَّل وَقْتِ الظُّهْرِ الزَّوَال، حَدِيثُ إِمَامَةِ جِبْرِيل الْمُتَقَدِّمُ.</p>وَأَمَّا نِهَايَةُ وَقْتِ الظُّهْرِ فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَمَعَهُمْ الصَّاحِبَانِ، إِلَى أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ بُلُوغُ ظِل الشَّيْءِ مِثْلَهُ سِوَى فَيْءِ الزَّوَال، لِحَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيل الْمُتَقَدِّمِ وَفِيهِ: أَنَّهُ صَلَّى بِهِ الظُّهْرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي حِينَ صَارَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَهُ (1) .</p>وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: حِينَ يَبْلُغُ ظِل الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ سِوَى فَيْءِ الزَّوَال: وَالْمُرَادُ بِفَيْءِ الزَّوَال: الظِّل الْحَاصِل لِلأَْشْيَاءِ حِينَ تَزُول الشَّمْسُ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ، وَسُمِّيَ فَيْئًا؛ لأَِنَّ الظِّل رَجَعَ إِلَى الْمَشْرِقِ بَعْدَ أَنْ كَانَ فِي الْمَغْرِبِ، وَيَخْتَلِفُ ظِل الزَّوَال طُولاً وَقِصَرًا وَانْعِدَامًا بِاخْتِلَافِ الأَْزْمِنَةِ وَالأَْمْكِنَةِ. وَكُلَّمَا بَعُدَ الْمَكَانُ مِنْ خَطِّ الاِسْتِوَاءِ كُلَّمَا كَانَ فَيْءُ الزَّوَال أَطْوَل، وَهُوَ فِي الشِّتَاءِ أَطْوَل مِنْهُ فِي الصَّيْفِ. (2)</p>وَاسْتَدَل أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ بُلُوغُ ظِل الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ سِوَى فَيْءِ الزَّوَال، بِمَا رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُْمَمِ كَانَ بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ أُوتِيَ أَهْل التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا. ثُمَّ أُوتِيَ أَهْل الإِْنْجِيل الإِْنْجِيل فَعَمِلُوا إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِينَا الْقُرْآنَ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) راجع المراجع المذكورة لجميع الفقهاء في أوقات الصلاة. والمغني (1 / 374، 375) ط الرياض.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 1 / 240، وبلغة السالك 1 / 83، ونهاية المحتاج 1 / 353، والمغني 1 / 395.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٣)</span><hr/></div>فَعَمِلَنَا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَأُعْطِينَا قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَقَال: أَهْل الْكِتَابَيْنِ: أَيْ رَبَّنَا، أَعْطَيْتَ هَؤُلَاءِ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، وَأَعْطَيْتَنَا قِيرَاطًا قِيرَاطًا وَنَحْنُ كُنَّا أَكْثَرَ عَمَلاً؟ قَال: قَال اللَّهُ عز وجل: هَل ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَيْءٍ، قَالُوا: لَا. قَال: فَهُوَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ (1)</p>دَل الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مُدَّةَ الْعَصْرِ أَقَل مِنْ مُدَّةِ الظُّهْرِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَاّ إِذَا كَانَ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ الْمِثْلَيْنِ.</p>وَاسْتَدَل لأَِبِي حَنِيفَةَ كَذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ وَالإِْبْرَادُ لَا يَحْصُل إِلَاّ إِذَا كَانَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، لَا سِيَّمَا فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ كَالْحِجَازِ (2) .</p>وَالْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الظُّهْرَ لَهُ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَهُوَ أَوَّلُهُ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إِلَى آخِرِهِ، وَوَقْتُ عُذْرٍ لِمَنْ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمْعَ تَأْخِيرٍ، فَيُصَلِّي الظُّهْرَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ عِنْدَ الْجَمْعِ. (3)</p>وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الْوَقْتَ الاِخْتِيَارِيَّ لِلظُّهْرِ إِلَى بُلُوغِ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَهُ، وَوَقْتُهُ الضَّرُورِيُّ حِينَ الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمْعَ تَأْخِيرٍ، فَيُصَلِّي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر. . . " أخرجه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما (فتح الباري 2 / 38 ط السلفية، وعمدة القاري 5 / 50 ط المنيرية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أبي سعيد: " أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم. . . . " أخرجه البخاري مرفوعا من حديث أبي سعيد رضي الله عنه (فتح الباري 2 / 18 ط السلفية) وانظر البدائع 1 / 122، 123، وبداية المجتهد 1 / 48.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية شرح المنهاج 1 / 270.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٣)</span><hr/></div>الظُّهْرَ بَعْدَ بُلُوغِ الظِّل مِثْلَهُ، إِلَى مَا قَبْل غُرُوبِ الشَّمْسِ بِوَقْتٍ لَا يَسَعُ إِلَاّ صَلَاةَ الْعَصْرِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌مَبْدَأُ وَقْتِ الْعَصْرِ وَنِهَايَتُهُ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> أَمَّا مَبْدَأُ وَقْتِ الْعَصْرِ فَهُوَ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنْ حِينِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمِثْل، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ حِينِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمِثْلَيْنِ (2) وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى تَدَاخُل وَقْتَيِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَلَوْ أَنَّ شَخْصًا صَلَّى الظُّهْرَ عِنْدَ صَيْرُورَةِ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَهُ، وَآخَرُ صَلَّى الْعَصْرَ فِي هَذَا الْوَقْتِ كَانَتْ صَلَاتُهُمَا أَدَاءً، وَخَالَفَ فِي هَذَا ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ (3) .</p>اسْتَدَل أَبُو حَنِيفَةَ بِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ الَّذِي تَقَدَّمَ، وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّ مَثَلَكُمْ وَمَثَل مَنْ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُْمَمِ. . .، وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا كَانَ مَفْهُومُ الْحَدِيثِ أَنَّ مُدَّةَ الْعَصْرِ أَقَل مِنْ مُدَّةِ الظُّهْرِ، فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ أَوَّل وَقْتِ الْعَصْرِ بَعْدَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمِثْلَيْنِ.</p>وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيل الْمُتَقَدِّمِ، وَفِيهِ أَنَّهُ صَلَّى بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَهُ، أَيْ بَعْدَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمِثْل، وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ دَفْعًا لِلتَّعَارُضِ فِي الْحَدِيثِ؛ لأَِنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ يَدُل عَلَى أَنَّهُ صَلَّى بِهِ الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَهُ فِي الْيَوْمِ الأَْوَّل، وَهُوَ يَتَعَارَضُ مَعَ صَلَاتِهِ الظُّهْرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي حِينَ صَارَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَهُ، الأَْمْرُ الَّذِي يَدُل عَلَى تَدَاخُل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بلغة السالك 1 / 82، 83 ط بيروت.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراجع المذكور في أوقات الصلاة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بلغة السالك 1 / 82.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٤)</span><hr/></div>وَقْتَيِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَدَفْعًا لِهَذَا التَّعَارُضِ قَالُوا: إِنَّهُ صَلَّى بِهِ الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَهُ، أَيْ بَعْدَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمِثْل. (1)</p>وَاسْتَدَل الْمَالِكِيَّةُ بِظَاهِرِ حَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيل، وَفِيهِ: أَنَّهُ صَلَّى بِهِ الْعَصْرَ فِي الْيَوْمِ الأَْوَّل فِي الْوَقْتِ الَّذِي صَلَّى بِهِ الظُّهْرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، الأَْمْرُ الَّذِي يَدُل عَلَى تَدَاخُل الْوَقْتَيْنِ.</p><font color=#ff0000>10 -</font> أَمَّا نِهَايَةُ وَقْتِ الْعَصْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَمَا لَمْ تَغِبِ الشَّمْسُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْل أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ (2) وَيُضِيفُ الْحَنَابِلَةُ: أَنَّ وَقْتَ الاِخْتِيَارِ يَنْتَهِي بِمَبْدَأِ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ، وَفِي رِوَايَةٍ: حِينَ يَصِيرُ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَيْهِ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْهُمْ إِلَى أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ؛ لِحَدِيثِ: إِذَا صَلَّيْتُمُ الْعَصْرَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ (3) ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْعَصْرَ لَهُ سَبْعَةُ أَوْقَاتٍ، فَضِيلَةٌ: أَوَّلُهُ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ: إِلَى الْمِثْلَيْنِ، وَوَقْتُ عُذْرٍ - لِمَنْ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمْعَ تَأْخِيرٍ - فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ، وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ كَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ تَطْهُرَانِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ، وَالْمَرِيضُ يَبْرَأُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ أَيْضًا، وَوَقْتُ جَوَازٍ بِلَا كَرَاهَةٍ وَهُوَ بَعْدَ الْمِثْلَيْنِ، وَوَقْتُ كَرَاهَةٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 1 / 22.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من أدرك. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 56 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " إذا صليتم العصر. . . " أخرجه مسلم مرفوعا من حديث عبد الله بن عمرو (صحيح مسلم 1 / 426 ط عيسى الحلبي) وبداية المجتهد 1 / 49.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٤)</span><hr/></div>حُرْمَةٍ، وَهُوَ مَا قَبْل آخِرِ الْوَقْتِ بِوَقْتٍ لَا يَسَعُ جَمِيعَهَا. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌مَبْدَأُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَنِهَايَتُهُ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ مَبْدَأَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ، لِحَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيل الْمُتَقَدِّمِ، وَفِيهِ: أَنَّهُ صَلَّى بِهِ الْمَغْرِبَ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ فِي الْيَوْمَيْنِ جَمِيعِهِمَا.</p>أَمَّا آخِرُ وَقْتِهَا فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: وَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ (2) .</p>وَالْقَوْل الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَا امْتِدَادَ لَهُ، بَل يُقَدَّرُ بِقَدْرِ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ بَعْدَ تَحْصِيل شُرُوطِهَا مِنْ مَكَارِهِ حَدَثٍ وَخَبَثٍ وَسِتْرِ عَوْرَةٍ. (3) وَلِحَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيل الْمُتَقَدِّمِ، وَفِيهِ: أَنَّهُ صَلَّى الْمَغْرِبَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي الْيَوْمَيْنِ جَمِيعًا.</p>وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ: يَنْقَضِي وَقْتُهَا بِمُضِيِّ قَدْرِ وُضُوءٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ وَأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَخَمْسِ رَكَعَاتٍ، وَهِيَ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ الْمَغْرِبُ وَرَكْعَتَانِ سُنَّةٌ بَعْدَهَا. (4)</p> </p>‌<span class="title">‌مَبْدَأُ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَنِهَايَتُهُ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> يَبْدَأُ وَقْتُ الْعِشَاءِ حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ، إِلَاّ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 1 / 353.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" وقت صلاة المغرب. . . " أخرجه مسلم (صحيح مسلم 1 / 427 ط عيسى الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> بداية المجتهد 1 / 51 - 52.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البدائع 1 / 123، وجواهر الإكليل 1 / 33، ونهاية المحتاج 1 / 353، 354، وحاشية القليوبي على المنهاج 1 / 114 ط عيسى الحلبي، والمغني 1 / 374، 375.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٥)</span><hr/></div>فِي مَعْنَى الشَّفَقِ، فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الشَّفَقَ هُوَ الْبَيَاضُ الَّذِي يَظْهَرُ فِي جَوِّ السَّمَاءِ بَعْدَ ذَهَابِ الْحُمْرَةِ الَّتِي تَعْقُبُ غُرُوبَ الشَّمْسِ، وَذَهَبَ الصَّاحِبَانِ إِلَى أَنَّ الشَّفَقَ هُوَ الْحُمْرَةُ، وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّفَقَيْنِ يُقَدَّرُ بِثَلَاثِ دَرَجَاتٍ، وَهِيَ تَعْدِل اثْنَتَيْ عَشْرَةَ دَقِيقَةً. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ لِلْعِشَاءِ سَبْعَةَ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَهُوَ أَوَّلُهُ، وَاخْتِيَارٌ إِلَى آخِرِ ثُلُثِ اللَّيْل الأَْوَّل، وَقِيل إِلَى نِصْفِ اللَّيْل لِحَدِيثِ: لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأََخَّرْتُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْل (1) وَجَوَازٌ بِلَا كَرَاهَةٍ لِلْفَجْرِ الأَْوَّل، وَبِكَرَاهَةٍ إِلَى الْفَجْرِ الثَّانِي، وَوَقْتُ حُرْمَةٍ وَضَرُورَةٍ وَعُذْرٍ.</p>اسْتَدَل أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى أَنَّ الشَّفَقَ هُوَ الْبَيَاضُ، بِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثِ: إِنَّ آخِرَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ حِينَ يَسْوَدُّ الأُْفُقُ (2) وَإِنَّمَا يَسْوَدُّ إِذَا خَفِيَتِ الشَّمْسُ فِي الظَّلَامِ، وَهُوَ وَقْتُ مَغِيبِ الشَّفَقِ الأَْبْيَضِ. (3)</p>وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الشَّفَقَ هُوَ الْحُمْرَةُ بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ عِنْدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " لولا أن أشق. . . " أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا بلفظ: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه ". وقال: حديث أبي هريرة حديث صحيح (تحفة الأحوذي 1 / 508 نشر المكتبة السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " إن آخر وقت المغرب حين يسود الأفق. . . " أورده الزيلعي في نصب الراية بلفظ: " آخر وقت المغرب إذا اسود الأفق " واستغربه، وقال ابن حجر في الدراية: لم أجده لكن في حديث أبي مسعود عند أبي داود: ويصلي المغرب حين تسقط الشمس ويصلي العشاء حين يسود الأفق (نصب الراية 1 / 234، والدراية 1 / 103، وعون المعبود 1 / 152 ط الهند) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 1 / 124.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٥)</span><hr/></div>مَغِيبِ الْقَمَرِ فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ (1) وَهُوَ وَقْتُ مَغِيبِ الشَّفَقِ الأَْحْمَرِ. (2)</p><font color=#ff0000>13 -</font> أَمَّا نِهَايَةُ وَقْتِ الْعِشَاءِ، فَحِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ الصَّادِقُ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، وَغَيْرُ الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوَّل وَقْتِ الْعِشَاءِ حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ، وَآخِرُهُ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ (3) وَالْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا ثُلُثُ اللَّيْل، لِحَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيل الْمُتَقَدِّمِ، وَفِيهِ: أَنَّهُ صَلَاّهُمَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فِي ثُلُثِ اللَّيْل.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " أنه كان يصلي العشاء عند مغيب القمر في الليلة الثالثة " أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي من حديث النعمان بن بشير بلفظ " أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة صلاة العشاء الآخرة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة " قال ابن العربي: هو حديث صحيح. (تحفة الأحوذي 1 / 507 نشر المكتبة السلفية، وسنن النسائي 1 / 264 وسنن أبي داود 1 / 291، 292 ط استانبول، ونيل الأوطار 2 / 9، 10 ط المطبعة العثمانية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 1 / 124.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " أول وقت العشاء حين يغيب الشفق، وآخره حين يطلع الفجر " الشطر الأول من الحديث أخرجه الترمذي بلفظ " إن أول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الأفق " ضمن حديث طويل، وقال عبد القادر الأرناؤوط: هو حديث حسن. وأما الشطر الثاني من الحديث أورده ابن حجر في الدراية بلفظ: " آخر وقت العشاء حين يطلع الفجر " وقال: لم أجده، لكن قال الطحاوي: يظهر من مجموع الأحاديث أن آخر وقت العشاء حين يطلع الفجر، وذلك أن في حديث ابن عباس وأبي موسى وأبي سعيد الخدري رووا أنه أخرها إلى ثلث الليل، وفي حديث أبي هريرة وأنس: أنه أخرها حتى انتصف، وفي حديث عائشة: أنه أعتم بها حتى ذهب عامة الليل، فثبت أن الليل كله وقت لها، ويؤيده كتاب عمر إلى أبي موسى: وصل العشاء أي الليل شئت. وحديث أبي قتادة: " ليس في النوم تفريط "(سنن الترمذي 1 / 283، 284 ط الحلبي. وجامع الأصول 5 / 241، 215، والدراية 1 / 103 ط الفجالة) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٦)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا الاِخْتِيَارِيِّ ثُلُثُ اللَّيْل، وَبَعْدَهُ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقْتُ ضَرُورَةٍ، بِأَنْ يَكُونَ مَرِيضًا شُفِيَ مِنْ مَرَضِهِ، أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ طَهُرَتَا. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌انْقِسَامُ الْوَقْتِ إِلَى مُوَسَّعٍ وَمُضَيَّقٍ وَبَيَانُ وَقْتِ الْوُجُوبِ وَوُجُوبِ الأَْدَاءِ</span></p> </p><font color=#ff0000>14 -</font> الْوَقْتُ الْمُوَسَّعُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لِكُلٍّ مِنَ الْفَرَائِضِ هُوَ: مِنْ أَوَّل الْوَقْتِ إِلَى أَلَاّ يَبْقَى مِنَ الْوَقْتِ أَكْثَرُ مِمَّا يَسَعُ تَكْبِيرَةَ الإِْحْرَامِ لِلصَّلَاةِ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ مِنَ الْوَقْتِ إِلَاّ مَا يَسَعُ تَكْبِيرَةَ الإِْحْرَامِ لِلصَّلَاةِ فَهُوَ وَقْتٌ مُضَيَّقٌ، يَحْرُمُ التَّأْخِيرُ عَنْهُ. وَعِنْدَ زُفَرَ: يَتَضَيَّقُ الْوَقْتُ إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَاّ مَا يَتَّسِعُ لِرَكَعَاتِ الصَّلَاةِ.</p>أَمَّا وَقْتُ الْوُجُوبِ فَهُوَ مِنْ أَوَّل الْوَقْتِ إِلَى مَا قَبْل خُرُوجِهِ بِزَمَنٍ يَسَعُ تَكْبِيرَةَ الإِْحْرَامِ أَوْ ثَلَاثَ رَكَعَاتِ الْمَغْرِبِ مَثَلاً.</p>وَأَمَّا وَقْتُ وُجُوبِ الأَْدَاءِ فَهُوَ الْوَقْتُ الْبَاقِي الَّذِي يَسَعُ تَكْبِيرَةَ الإِْحْرَامِ أَوْ ثَلَاثَ رَكَعَاتِ الْمَغْرِبِ.</p>هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ (2) ، وَمِنْهُ يَتَبَيَّنُ أَنَّ وُجُوبَ الأَْدَاءِ يَتَعَلَّقُ بِآخِرِ الْوَقْتِ، وَقَبْل آخِرِ الْوَقْتِ يَكُونُ الْمُكَلَّفُ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَدَاءِ الصَّلَاةِ فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْوَقْتِ وَبَيْنَ عَدَمِ أَدَائِهَا.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ وُجُوبَ الأَْدَاءِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بداية المجتهد 1 / 9، وجواهر الإكليل 1 / 33، وقليوبي 1 / 114، والمغني 1 / 381، والمراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 1 / 94 - 95.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٦)</span><hr/></div>يَتَعَلَّقُ بِأَيِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْوَقْتِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِآخِرِ الْوَقْتِ. (1)</p>وَيَظْهَرُ أَثَرُ الْخِلَافِ فِي مُقِيمٍ سَافَرَ فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ حِينَ يَقْضِي الظُّهْرَ يَقْضِيهِ رَكْعَتَيْنِ؛ لأَِنَّ وُجُوبَ الأَْدَاءِ يَتَعَلَّقُ بِآخِرِ الْوَقْتِ، وَهُوَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ كَانَ مُسَافِرًا، فَيَقْضِي صَلَاةَ الْمُسَافِرِينَ. وَعِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ يَقْضِي الظُّهْرَ أَرْبَعًا؛ لأَِنَّ وُجُوبَ الأَْدَاءِ يَتَعَلَّقُ بِالْجُزْءِ الأَْوَّل مِنَ الْوَقْتِ وَمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ فِي الْجُزْءِ الأَْوَّل مِنَ الْوَقْتِ كَانَ مُقِيمًا فَوَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ صَلَاةِ الْمُقِيمِينَ.</p>وَمِثْل ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ أَوْ نَفِسَتْ فِي آخِرِ الْوَقْتِ أَوْ جُنَّ الْعَاقِل أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ قَضَاءُ هَذَا الْفَرْضِ إِذَا زَال الْمَانِعُ؛ لأَِنَّ وُجُوبَ الأَْدَاءِ يَتَعَلَّقُ بِآخِرِ الْوَقْتِ، وَهَؤُلَاءِ جَمِيعًا لَيْسُوا أَهْلاً لِلْخِطَابِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ، وَحَيْثُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمُ الأَْدَاءُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمُ الْقَضَاءُ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْوْقَاتُ الْمُسْتَحَبَّةُ لِلصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ:</span></p> </p>‌<span class="title">‌وَقْتُ الصُّبْحِ الْمُسْتَحَبِّ </span>(2) :</p><font color=#ff0000>15 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الإِْسْفَارُ بِالْفَجْرِ أَيْ تَأْخِيرُهُ إِلَى أَنْ يَنْتَشِرَ الضَّوْءُ وَيَتَمَكَّنَ كُل مَنْ يُرِيدُ الصَّلَاةَ بِجَمَاعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ أَنْ يَسِيرَ فِي الطَّرِيقِ بِدُونِ أَنْ يَلْحَقَهُ ضَرَرٌ، كَأَنْ تَزِل قَدَمُهُ، أَوْ يَقَعَ فِي حُفْرَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَْضْرَارِ الَّتِي تَنْشَأُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القليوبي 1 / 115، 117، والمغني 1 / 397.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المستحب: هو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم أو رغب فيه ولم يوجبه، ولم يواظب عليه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٧)</span><hr/></div>مِنَ السَّيْرِ فِي الظَّلَامِ، وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلأَْجْرِ (1) .</p>وَلأَِنَّ فِي الإِْسْفَارِ تَكْثِيرًا لِلْجَمَاعَةِ، وَفِي التَّغْلِيسِ أَيِ السَّيْرِ فِي الظُّلْمَةِ تَقْلِيلُهَا، فَكَانَ أَفْضَل، هَذَا فِي حَقِّ الرِّجَال، أَمَّا النِّسَاءُ فَإِنَّهُنَّ يُصَلِّينَ فِي بُيُوتِهِنَّ أَوَّل الْوَقْتِ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الشَّابَّاتُ وَالْعَجَائِزُ، لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ الَّذِي ظَهَرَ فِيهِ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ.</p>وَكَذَلِكَ الْحَاجُّ فِي مُزْدَلِفَةَ فَجْرَ يَوْمِ النَّحْرِ، يُصَلِّي الْفَجْرَ بِغَلَسٍ فِي أَوَّل الْوَقْتِ؛ لِيَتَفَرَّغَ لِوَاجِبِ الْوُقُوفِ الَّذِي يَبْدَأُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي يَوْمَ النَّحْرِ وَآخِرُهُ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْهُ؛ لأَِنَّ الْوُقُوفَ وَاجِبٌ مِنْ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ. (2)</p>وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (3) إِلَى أَنَّ التَّغْلِيسَ - أَيِ السَّيْرَ فِي الظَّلَامِ - أَفْضَل؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كُنَّ نِسَاءُ الْمُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْفَجْرِ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ حِينَ يَقْضِينَ الصَّلَاةَ لَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الْغَلَسِ (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر. . . " أخرجه أبو داود والترمذي واللفظ له وقال: هذا حديث حسن صحيح قال الحافظ ابن حجر في الفتح: رواه أصحاب السنن وصححه غير واحد (سنن أبي داود 1 / 294 ط استانبول، وتحفة الأحوذي 1 / 477 - 479 نشر المكتبة السلفية، وفتح الباري 2 / 55 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الطحطاوي على المراقي ص 98، وابن عابدين 2 / 178 ط الأولى، وبدائع الصنائع 1 / 125.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بلغة السالك 1 / 73، والإقناع 1 / 378 - 379، والمغني 1 / 405.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث عائشة رضي الله عنهما: " كن نساء المؤمنات " أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 54 ط السلفية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٧)</span><hr/></div><font color=#ff0000>16 -</font> أَمَّا‌<span class="title">‌ وَقْتُ الظُّهْرِ الْمُسْتَحَبُّ</span>، فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ إِلَى الإِْبْرَادِ بِظُهْرِ الصَّيْفِ، وَالتَّعْجِيل بِظُهْرِ الشِّتَاءِ، إِلَاّ فِي يَوْمِ غَيْمٍ فَيُؤَخِّرُ. (1)</p>وَمَعْنَى الإِْبْرَادِ بِالظُّهْرِ تَأْخِيرُهُ إِلَى أَنْ تَخِفَّ حِدَّةُ الْحَرِّ، وَيَتَمَكَّنُ الذَّاهِبُونَ إِلَى الْمَسْجِدِ مِنَ السَّيْرِ فِي ظِلَال الْجُدَرَانِ، وَإِنَّمَا كَانَ التَّأْخِيرُ أَفْضَل لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ (2)</p>وَلأَِنَّ فِي التَّأْخِيرِ تَكْثِيرَ الْجَمَاعَةِ، وَفِي التَّعْجِيل تَقْلِيلَهَا فَكَانَ أَفْضَل. أَمَّا ظُهْرُ الشِّتَاءِ فَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهُ؛ لأَِنَّ الصَّلَاةَ فِي أَوَّل وَقْتِهَا رِضْوَانُ اللَّهِ، وَلَا مَانِعَ مِنَ التَّعْجِيل؛ لأَِنَّ الْمَانِعَ مِنَ التَّعْجِيل فِي ظُهْرِ الصَّيْفِ لُحُوقُ الضَّرَرِ بِالْمُصَلِّينَ، الأَْمْرُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى تَقْلِيل الْجَمَاعَةِ، وَهَذَا الْمَانِعُ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي ظُهْرِ الشِّتَاءِ، فَكَانَ التَّعْجِيل أَفْضَل. أَمَّا فِي يَوْمِ الْغَيْمِ فَيُؤَخِّرُ، مَخَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ قَبْل دُخُول وَقْتِهِ. (3)</p>وَذَهَبَتِ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ التَّعْجِيل أَفْضَل صَيْفًا وَشِتَاءً إِلَاّ لِمَنْ يَنْتَظِرُ جَمَاعَةً، فَيُنْدَبُ التَّأْخِيرُ بِرُبُعِ الْقَامَةِ، أَمَّا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَيُنْدَبُ التَّأْخِيرُ حَتَّى يَبْلُغَ الظِّل نِصْفَ قَامَةٍ. (4)</p>وَالْمُرَادُ بِرُبُعِ الْقَامَةِ أَوْ نِصْفِهَا - اللَّذَيْنِ يُنْدَبُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المراجع المذكورة للحنفية والحنابلة في أوقات الصلاة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم. . . " سبق تخريجه (ف / 8) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> واللجنة ترى أن هذا إذا لم يكن هناك ضوابط للوقت كالساعات وغيرها.</p><font color=#ff0000>(4)</font> بلغة السالك 1 / 73.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٨)</span><hr/></div>التَّأْخِيرُ إِلَيْهَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - رُبُعُ الْمِثْل أَوْ نِصْفُهُ.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ يُصَلِّي وَحْدَهُ يُعَجِّل، وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي بِجَمَاعَةٍ يُؤَخِّرُ حَتَّى يَكُونَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ يَمْشِي فِيهِ طَالِبُ الْجَمَاعَةِ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ حَارٍّ كَالْحِجَازِ (1) .</p><font color=#ff0000>17 -</font> أَمَّا‌<span class="title">‌ وَقْتُ الْعَصْرِ الْمُسْتَحَبُّ: </span>فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (2) يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا مَا لَمْ تَتَغَيَّرِ الشَّمْسُ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُؤَخِّرُ الْعَصْرَ مَا دَامَتِ الشَّمْسُ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً (3) وَلِيَتَمَكَّنَ مِنَ التَّنَفُّل قَبْلَهَا؛ لأَِنَّ التَّنَفُّل بَعْدَهَا مَكْرُوهٌ.</p>وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى اسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِهَا، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: الْوَقْتُ الأَْوَّل مِنَ الصَّلَاةِ رِضْوَانُ اللَّهِ، وَالْوَقْتُ الآْخِرُ عَفْوُ اللَّهِ (4)</p><font color=#ff0000>18 -</font> أَمَّا‌<span class="title">‌ وَقْتُ الْمَغْرِبِ الْمُسْتَحَبُّ: </span>فَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي اسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِهَا؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَزَال أُمَّتِي بِخَيْرٍ - أَوْ قَال عَلَى الْفِطْرَةِ - مَا لَمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الإقناع 1 / 398 - 399.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 1 / 246، 247.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان يؤخر العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية. . . ". أخرجه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري. (عون المعبود 1 / 158 ط الهند، ومختصر سنن أبي داود للمنذري 1 / 240 نشر دار المعرفة) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " الوقت الأول من الصلاة رضوان الله، والوقت الآخر عفو الله " أخرجه الترمذي والبيهقي من طريق يعقوب بن الوليد المدني، وقال البيهقي: هذا الحديث يعرف بيعقوب بن الوليد المدني، ويعقوب منكر الحديث، وضعفه يحيى بن معين، وكذبه أحمد بن حنبل، وسائر الحفاظ نسبوه إلى الوضع، وقد روي بأسانيد أخر كلها ضعيفة. (سنن الترمذي 1 / 321 ط الحلبي، والسنن الكبرى للبيهقي 1 / 435 ط الهند، ونصب الراية 1 / 242، 243) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٨)</span><hr/></div>يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ إِلَى أَنْ تَشْتَبِكَ النُّجُومُ (1) وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا فِي يَوْمِ الْغَيْمِ مَخَافَةَ أَنْ تُصَلَّى قَبْل دُخُول وَقْتِهَا. (2)</p><font color=#ff0000>19 -</font> أَمَّا‌<span class="title">‌ وَقْتُ الْعِشَاءِ الْمُسْتَحَبُّ: </span>فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ إِلَى مَا قَبْل ثُلُثِ اللَّيْل؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأََخَّرْتُ الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْل أَوْ نِصْفِهِ (3) ، وَالتَّأْخِيرُ إِلَى النِّصْفِ مُبَاحٌ، وَبَعْدَ النِّصْفِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً تَحْرِيمِيَّةً.</p>وَالْمَكْرُوهُ تَحْرِيمًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَا يُعَاقَبُ عَلَى فِعْلِهِ عِقَابًا أَقَل مِنْ عِقَابِ تَارِكِ الْفَرْضِ، أَعْنِي أَنَّهُ يَكُونُ بِتَرْكِ وَاجِبٍ عَمْدًا.</p>وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهَا فِي يَوْمِ الْغَيْمِ مَظِنَّةَ الْمَطَرِ أَوِ الْبَرْدِ؛ لأَِنَّهُمَا يُؤَدِّيَانِ إِلَى تَقْلِيل الْجَمَاعَةِ. وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ إِنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَى الْمُصَلِّينَ؛ لِحَدِيثِ: لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي. . . الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَرِيبًا.</p>أَمَّا أَوْقَاتُ الاِسْتِحْبَابِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فَقَدْ تَقَدَّمَتْ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ الْوَاجِبَةُ وَالْمَسْنُونَةُ</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> الصَّلَوَاتُ الْوَاجِبَةُ - غَيْرُ الْفَرْضِ - الَّتِي لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ، هِيَ: الْوِتْرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعِيدَانِ.</p>أ - أَمَّا الْوِتْرُ: فَقَدْ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ مَبْدَأَ وَقْتِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " لا تزال أمتي بخير. . . " أخرجه أبو داود وسكت عنه، وقال عبد القادر الأرناؤوط محقق جامع الأصول: إسناده حسن. (عون المعبود 1 / 161 ط الهند، وجامع الأصول 5 / 233) وانظر المراجع المذكورة سابقا.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراجع المذكورة، والبدائع 1 / 123، والمغني 1 / 319.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" لولا أن أشق. . . " سبق تخريجه (ف / 12) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٩)</span><hr/></div>الْوِتْرِ هُوَ بِعَيْنِهِ مَبْدَأُ وَقْتِ الْعِشَاءِ، وَهُوَ مَغِيبُ الشَّفَقِ الأَْبْيَضِ، إِلَاّ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى الْوِتْرُ قَبْل الْعِشَاءِ لِلتَّرْتِيبِ اللَاّزِمِ بَيْنَهُمَا. وَذَهَبَ الصَّاحِبَانِ إِلَى أَنَّ مَبْدَأَ وَقْتِهِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. (1)</p>اسْتَدَل أَبُو حَنِيفَةَ بِدَلِيلٍ مَعْقُولٍ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُصَل الْعِشَاءَ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ، لَزِمَهُ قَضَاءُ الْوِتْرِ وَالْعِشَاءِ بِاتِّفَاقٍ، وَلَوْ كَانَ وَقْتُهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ الْوِتْرِ لأََنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ وَقْتُهُ؛ لأَِنَّ وَقْتَهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَهُوَ لَمْ يُصَلِّهَا، وَيَسْتَحِيل أَنْ تَنْشَغِل ذِمَّتُهُ بِصَلَاةِ الْوِتْرِ بِدُونِ فِعْل الْعِشَاءِ، فَدَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّ وَقْتَهُ هُوَ وَقْتُ الْعِشَاءِ.</p>وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ زَادَكُمْ صَلَاةً، فَصَلُّوهَا فِيمَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ: الْوِتْرُ، الْوِتْرُ (2) وَكَلِمَةُ (بَيْنَ) فِي الْحَدِيثِ تَدُل عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ.</p>وَالْخِلَافُ بَيْنَ الْجُمْهُورِ وَبَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ حَقِيقِيٌّ، يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي حَال مَا إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ نَاسِيًا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى الْوِتْرَ، ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُعِيدُ الْعِشَاءَ دُونَ الْوِتْرِ؛ لأَِنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ، أَمَّا الْوِتْرُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) انظر حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 288، وابن عابدين 1 / 241، 247، وجواهر الإكليل 1 / 75، وقليوبي 1 / 212، والمغني 2 / 161.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" إن الله زادكم صلاة فصلوها فيما بين العشاء إلى صلاة الصبح الوتر الوتر. . . " روي بعدة طرق منها ما أخرجه أحمد والطبراني في الكبير من حديث أبي بصرة الغفاري، قال الهيثمي: له إسنادان عند أحمد، أحدهما رجاله رجال الصحيح عدا علي بن إسحاق السلمي شيخ أحمد وهو ثقة. (مجمع الزوائد 2 / 239 نشر مكتبة القدسي، ونصب الراية 2 / 108 وما بعدها) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٩)</span><hr/></div>فَلَا يُعِيدُهُ؛ لأَِنَّهُ صَلَاّهُ فِي وَقْتِهِ بِوُضُوءٍ، وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ يُعِيدُ الْوِتْرَ وَالْعِشَاءَ. أَمَّا الْوِتْرُ فَلأَِنَّهُ صَلَاّهُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ، وَأَمَّا الْعِشَاءُ فَلأَِنَّهُ صَلَاّهَا بِغَيْرِ وُضُوءٍ. (1)</p>أَمَّا نِهَايَةُ وَقْتِ الْوِتْرِ فَهُوَ طُلُوعُ الْفَجْرِ الصَّادِقِ لَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي ذَلِكَ؛ لِحَدِيثِ: إِنَّ اللَّهَ زَادَكُمْ صَلَاةً. . . الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. (2)</p>ب - أَمَّا الْعِيدَانِ فَوَقْتُهُمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَارْتِفَاعِهَا قَدْرَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ، وَيَخْتَلِفُ وَقْتُهُمَا بِاخْتِلَافِ الأَْمْكِنَةِ.</p>وَأَمَّا نِهَايَةُ وَقْتِهِمَا فَزَوَال الشَّمْسِ مِنْ وَسَطِ السَّمَاءِ، وَهَذَا مِمَّا لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.</p><font color=#ff0000>21 -</font> أَمَّا السُّنَنُ الَّتِي لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ وَتُسَمَّى السُّنَنُ الرَّاتِبَةُ الْمُؤَكَّدَةُ الَّتِي تُطْلَبُ كُل يَوْمٍ، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ: اثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَهِيَ رَكْعَتَانِ قَبْل الْفَجْرِ، وَأَرْبَعٌ قَبْل الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَهُ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْل الْجُمُعَةِ، وَأَرْبَعًا بَعْدَهَا، فَتَكُونُ الرَّكَعَاتُ الْمَطْلُوبَةُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، بِخِلَافِ سَائِرِ الأَْيَّامِ، فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهَا فِي كُل يَوْمٍ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً.</p>وَالأَْصْل فِي هَذِهِ السُّنَنِ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ ثَابَرَ عَلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ: رَكْعَتَيْنِ قَبْل الْفَجْرِ، وَأَرْبَعٍ قَبْل الظُّهْرِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 1 / 272.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراجع السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٠)</span><hr/></div>وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهُ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ (1)</p>وَأَمَّا الأَْرْبَعُ الَّتِي بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَدَلِيلُهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلْيُصَل أَرْبَعًا (2) .</p>وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ أَنْ تُصَلَّى رَكْعَتَا الْفَجْرِ. قَال: وَتَأَكُّدُ النَّفْل قَبْل الظُّهْرِ وَبَعْدَهَا، وَقَبْل الْعَصْرِ، وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَلَا حَدَّ فِي الْجَمِيعِ، وَيَكْفِي فِي تَحْصِيل النَّدْبِ رَكْعَتَانِ.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمَسْنُونَ مِنَ الصَّلَوَاتِ عَشْرُ رَكَعَاتٍ: رَكْعَتَانِ قَبْل الصُّبْحِ، وَرَكْعَتَانِ قَبْل الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَهُ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ كُلٍّ مِنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ (3) . لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: حَفِظْتُ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ رَكَعَاتٍ: رَكْعَتَيْنِ قَبْل الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهُ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْل الْعِشَاءِ فِي بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْل صَلَاةِ الصُّبْحِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" من ثابر على ثنتي عشرة ركعة. . . " أخرجه الترمذي (2 / 273 ط الحلبي، والنسائي 3 / 260، 261 ط المطبعة المصرية، وابن ماجه 1 / 361 ط الحلبي من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا وإسناده حسن. كما قال المباركفوري وشعيب الأرناؤوط (تحفة الأحوذي 2 / 467 نشر السلفية، وشرح السنة بتحقيق شعيب الأرناؤوط 3 / 444) وفي الباب عن أم حبيبة وأبي هريرة وأبي موسى وابن عمر. قال الترمذي: وحديث أم حبيبة من طريق عنبسة حديث حسن صحيح.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا. . . " أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا (صحيح مسلم 2 / 600 ط الحلبي) . وانظر البدائع 1 / 284.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الإقناع 1 / 390 - 391، والمغني 1 / 762، وبلغة السالك 1 / 771.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث ابن عمر " حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 58 ط السلفية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٠)</span><hr/></div><font color=#ff0000>22 -</font> أَمَّا الْمَنْدُوبُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَأَرْبَعٌ قَبْل الْعَصْرِ وَقَبْل الْعِشَاءِ وَبَعْدَهُ، وَسِتٌّ بَعْدَ الْمَغْرِبِ. (1) وَذَهَبَتِ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُؤَكَّدِ أَنْ يَزِيدَ رَكْعَتَيْنِ قَبْل الظُّهْرِ وَبَعْدَهَا، وَيُنْدَبُ أَرْبَعٌ قَبْل الْعَصْرِ، وَاثْنَتَانِ قَبْل الْعِشَاءِ. وَلِتَفْصِيلِهِ وَرَأْيِ بَقِيَّةِ الْمَذَاهِبِ ارْجِعْ إِلَى الْمَنْدُوبِ مِنَ الصَّلَوَاتِ فِي (بَابِ النَّوَافِل) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَوْقَاتُ الْكَرَاهَةِ</span></p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً - أَوْقَاتُ الْكَرَاهَةِ لأَِمْرٍ فِي نَفْسِ الْوَقْتِ</span></p>‌<span class="title">‌عَدَدُ أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ عَدَدَهَا ثَلَاثَةٌ: عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ تَرْتَفِعَ بِمِقْدَارِ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ، وَعِنْدَ اسْتِوَائِهَا فِي وَسَطِ السَّمَاءِ حَتَّى تَزُول، وَعِنْدَ اصْفِرَارِهَا بِحَيْثُ لَا تُتْعِبُ الْعَيْنَ فِي رُؤْيَتِهَا إِلَى أَنْ تَغْرُبَ. وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ الصَّلَاةَ بِمَكَّةَ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ كَمَا يَأْتِي. (2)</p>وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ الأَْوْقَاتُ أَوْقَاتَ كَرَاهَةٍ؛ لأَِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ وَتَسْتَوِي وَتَصْفَرُّ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ فَتَكُونُ الصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ تَشَبُّهًا بِمَنْ يَعْبُدُونَ الشَّمْسَ؛ لأَِنَّهُمْ يَعْبُدُونَهَا فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ. يَدُل عَلَى ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالنَّسَائِيُّ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ وَمَعَهَا قَرْنُ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا، ثُمَّ إِذَا اسْتَوَتْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 1 / 290.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 1 / 246، والمغني 1 / 753، والبجيرمي على الإقناع 2 / 109 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨١)</span><hr/></div>قَارَنَهَا، فَإِذَا زَالَتْ فَارَقَهَا، فَإِذَا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَارَنَهَا، فَإِذَا غَرَبَتْ فَارَقَهَا، وَنَهَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ السَّاعَاتِ (1) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ عَدَدَ أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ اثْنَانِ: عِنْدَ الطُّلُوعِ وَعِنْدَ الاِصْفِرَارِ، أَمَّا وَقْتُ الاِسْتِوَاءِ فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ عِنْدَهُمْ، وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ عَمَل أَهْل الْمَدِينَةِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ فِي وَقْتِ الاِسْتِوَاءِ، وَعَمَل أَهْل الْمَدِينَةِ حُجَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لأَِنَّ الْمَدِينَةَ مَوْطِنُ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، وَالْوَحْيُ كَانَ يَنْزِل بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَلَوْ صَحَّ حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ الَّذِي سَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ، وَالَّذِي يَدُل عَلَى النَّهْيِ فِي وَقْتِ الاِسْتِوَاءِ، لَعَمِلُوا بِهِ. (2)</p>وَذَهَبَتِ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الأَْوْقَاتَ الثَّلَاثَةَ مَكْرُوهَةٌ إِلَاّ فِي مَكَّةَ، وَإِلَاّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الاِسْتِوَاءِ. أَمَّا فِي مَكَّةَ فَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ (3) .</p>وَأَمَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الاِسْتِوَاءِ فَلأَِنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يُصَلُّونَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ فِي وَقْتِ الاِسْتِوَاءِ حَتَّى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان. . . " أخرجه مالك في الموطأ واللفظ له والنسائي وابن ماجه، وقال الحافظ البوصيري: إسناده مرسل ورجاله ثقات (الموطأ 1 / 219 ط الحلبي، وسنن النسائي 1 / 275، وسنن ابن ماجه 1 / 397 ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> بداية المجتهد 1 / 53.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البجيرمي على الإقناع 2 / 109 وما بعدها. وحديث: " يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف. . . " أخرجه الترمذي والبغوي من حديث جبير بن مطعم وصححاه (سنن الترمذي 3 / 220 ط الحلبي، وشرح السنة 3 / 331 نشر المكتب الإسلامي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨١)</span><hr/></div>يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ عُمَرُ لِيَخْطُبَ فِيهِمْ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ.</p><font color=#ff0000>24 -</font> وَلَا يُعْلَمُ خِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي كَرَاهَةِ التَّطَوُّعِ الْمُطْلَقِ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ. أَمَّا السُّنَنُ، فَقَدْ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى كَرَاهَتِهَا (1) لِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيل الشَّمْسُ، وَحِينَ تُضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ - أَيْ حِينَ تَمِيل - حَتَّى تَغْرُبَ (2) . وَالْمُرَادُ بِقَبْرِ الْمَوْتَى فِي الْحَدِيثِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ، لَا الدَّفْنُ، فَإِنَّ الدَّفْنَ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ.</p>وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا إِبَاحَةُ السُّنَنِ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ، إِلَاّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ عِنْدَهُ، وَالثَّانِيَةُ: كَرَاهَةُ السُّنَنِ مُطْلَقًا فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ.</p>وَحُجَّتُهُ عَلَى الرِّوَايَةِ الأُْولَى: أَنَّهُ وَرَدَ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ دَلِيلَانِ مُتَعَارِضَانِ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (أَحَدُهُمَا) حَدِيثُ عُقْبَةَ الْمَارُّ ذِكْرُهُ، وَالَّذِي يَدُل عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ أَيَّ صَلَاةٍ كَانَتْ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ.</p>(ثَانِيهِمَا) قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ غَفَل فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا (3)، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَدُل عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ فِي كُل وَقْتٍ عِنْدَ التَّذَكُّرِ. وَأَشَارَ ابْنُ رُشْدٍ إِلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 1 / 315 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث عقبة بن عامر:" ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي. . . " أخرجه مسلم (صحيح مسلم 1 / 568، 569 ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> أخرجه مسلم (1 / 477 - ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٢)</span><hr/></div>الْحَدِيثَيْنِ، بِأَنْ نَسْتَثْنِيَ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ السُّنَنَ، وَيَكُونُ النَّهْيُ مُنَصَّبًا عَلَى الْفَرَائِضِ، أَمَّا السُّنَنُ فَلَيْسَتْ مَنْهِيًّا عَنْهَا.</p>وَحُجَّةُ مَالِكٍ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ كَرَاهَةُ السُّنَنِ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ: حَدِيثُ عُقْبَةَ الَّذِي يَدُل عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا فِيهَا. (1)</p>وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَتَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ إِذَا دَخَل الْمَسْجِدَ لَا لِغَرَضِ أَنْ يُصَلِّيَهَا، بِأَنْ دَخَل الْمَسْجِدَ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ، ثُمَّ صَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ (2) .</p>وَأَجَازَ الْحَنَابِلَةُ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ.</p><font color=#ff0000>25 -</font> وَأَمَّا حُكْمُ صَلَاةِ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ، فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ؛ لِحَدِيثِ عُقْبَةَ الْمَارِّ ذِكْرُهُ، وَالَّذِي يَدُل عَلَى النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا مُطْلَقًا.</p>وَلَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ إِذَا حَضَرَتْ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ، ثُمَّ أُخِّرَتِ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا بِدُونِ عُذْرٍ إِلَى الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ. وَلَا تَجُوزُ سَجْدَةُ تِلَاوَةٍ تُلِيَتْ آيَتُهَا أَوْ سُمِعَتْ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ، ثُمَّ سَجَدَ لَهَا التَّالِي أَوِ السَّامِعُ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ. أَمَّا إِذَا حَضَرَتِ الْجِنَازَةُ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ، فَهِيَ صَحِيحَةٌ مَعَ الْكَرَاهَةِ.</p>وَمِثْل ذَلِكَ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ إِذَا تُلِيَتْ آيَتُهَا فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ، ثُمَّ سَجَدَ لَهَا التَّالِي أَوِ السَّامِعُ فِي هَذَا الْوَقْتِ، فَإِنَّهَا تَصِحُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ.</p>وَدَلِيل الْحَنَفِيَّةِ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، إِذَا حَضَرَتِ الْجِنَازَةُ فِي الْوَقْتِ غَيْرِ الْمَكْرُوهِ، ثُمَّ أُخِّرَتِ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا إِلَى الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ: حَدِيثُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بداية المجتهد 1 / 53.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البجيرمي على الإقناع 2 / 109 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٢)</span><hr/></div>عُقْبَةَ الْمَارُّ ذِكْرُهُ. وَدَلِيلُهُمْ عَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ: أَنَّ مَا وَجَبَ فِي وَقْتٍ نَاقِصٍ يُؤَدَّى فِي النَّاقِصِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَمَا وَجَبَ فِي كَامِلٍ لَا يُؤَدَّى فِي النَّاقِصِ، وَمَنْ أَجْل ذَلِكَ صَحَّ عَصْرُ الْيَوْمِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، إِذَا أُدِّيَ فِي وَقْتِ الاِصْفِرَارِ؛ لأَِنَّهُ وَجَبَ فِي نَاقِصٍ فَيُؤَدَّى كَمَا وَجَبَ، وَلَمْ يَصِحَّ عَصْرُ أَمْسِ إِذَا أَدَّاهُ فِي وَقْتِ الاِصْفِرَارِ الْيَوْمَ؛ لأَِنَّهُ وَجَبَ فِي كَامِلٍ فَلَا يُؤَدَّى فِي النَّاقِصِ. (1)</p>وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ؛ لِحَدِيثِ: إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ غَفَل عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، دَل الْحَدِيثُ عَلَى جَوَازِ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ فِي كُل وَقْتٍ عِنْدَ التَّذَكُّرِ. (2)</p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: أَوْقَاتُ الْكَرَاهَةِ لأَِمْرٍ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ</span></p><font color=#ff0000>26 -</font> وَهِيَ عَشْرَةُ أَوْقَاتٍ، كَمَا ذَكَرَهَا الشُّرُنْبُلَالِيُّ: وَأَوْصَلَهَا ابْنُ عَابِدِينَ إِلَى نَيِّفٍ وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا، أَهَمُّهَا:(3)</p>‌<span class="title">‌الْوَقْتُ الأَْوَّل: قَبْل صَلَاةِ الصُّبْحِ</span>.</p><font color=#ff0000>27 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى كَرَاهِيَةِ التَّنَفُّل قَبْل صَلَاةِ الصُّبْحِ إِلَاّ بِسُنَّةِ الْفَجْرِ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ إِذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يُصَلِّيَهُ بِاللَّيْل، فَلَمْ يُصَلِّهِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ.</p>وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنَفُّل قَبْل صَلَاةِ الصُّبْحِ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِيُبَلِّغَ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 1 / 250.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بداية المجتهد 12 / 53 وما بعدها، والبجيرمي على الإقناع 2 / 209 وما بعدها، والمغني 1 / 753 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 1 / 254.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٣)</span><hr/></div>وَلَا تُصَلُّوا بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَاّ سَجْدَتَيْنِ. (1)</p>أَيْ لَا صَلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَاّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌الْوَقْتُ الثَّانِي: بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ:</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنَفُّل الْمُطْلَقِ (وَهُوَ مَا لَا سَبَبَ لَهُ) بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، (3) لِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى جَوَازِ أَدَاءِ كُل صَلَاةٍ لَهَا سَبَبٌ، كَالْكُسُوفِ وَالاِسْتِسْقَاءِ وَالطَّوَافِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ فَائِتَةً فَرْضًا أَمْ نَفْلاً، لأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَقَال: هُمَا اللَّتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: ليبلغ شاهدكم غائبكم، ولا تصلوا بعد الفجر إلا سجدتين " أخرجه أبو داود واللفظ له والترمذي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وقال: حديث ابن عمر حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث قدامة بن موسى وروى عنه غير واحد. وذكر الزيلعي طرقا أخرى للحديث من غير طريق قدامة بن موسى، وقال: وكل ذلك يعكر على الترمذي في قوله: لا نعرفه إلا من حديث قدامة. ويدل على ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له - من حديث حفصة " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركع وسنن الترمذي 2 / 279، 280 ط الحلبي، وفتح الباري 3 / 58 ط السلفية، وصحيح مسلم 1 / 500 ط الحلبي، ونصب الراية 1 / 255، 256) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> اللباب شرح مختصر القدوري ط المطبعة الأزهرية 1 / 50، وابن عابدين 1 / 254، والإقناع 2 / 110، والمغني 1 / 447، وبلغة السالك 1 / 77.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البجيرمي على الخطيب 2 / 101 والحديث أخرجه البخاري 3 / 105</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٣)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ الإِْتْيَانِ بِسُنَّةِ الْفَجْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، إِذَا نَسِيَهَا وَلَمْ يَتَذَكَّرْهَا إِلَاّ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ قَيْسِ بْنِ فَهْدٍ قَال: خَرَجَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الصُّبْحَ، فَوَجَدَنِي أُصَلِّي، فَقَال: مَهْلاً يَا قَيْسُ أَصَلَاتَانِ مَعًا؟ قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي لَمْ أَكُنْ رَكَعْتُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ. قَال: فَلَا إِذَنْ (1) ظَنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الرَّجُل يُصَلِّي الصُّبْحَ بَعْدَ أَنْ صَلَاّهُ مَعَهُ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ يُصَلِّي سُنَّةَ الْفَجْرِ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ. وَلأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَضَى سُنَّةَ الظُّهْرِ بَعْدِ الْعَصْرِ، وَسُنَّةُ الْفَجْرِ فِي مَعْنَاهَا. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌الْوَقْتُ الثَّالِثُ: بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ:</span></p><font color=#ff0000>29 -</font> ذَهَبَتِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى كَرَاهَةِ التَّنَفُّل الْمُطْلَقِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ الَّذِي تَقَدَّمَ: لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ. (3)</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ قَضَاءِ سُنَّةِ الظُّهْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى نَافِلَةَ الظُّهْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ. (4)</p> </p>‌<span class="title">‌الْوَقْتُ الرَّابِعُ: قَبْل صَلَاةِ الْمَغْرِبِ:</span></p><font color=#ff0000>30 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى كَرَاهَةِ التَّنَفُّل قَبْل صَلَاةِ الْمَغْرِبِ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: بَيْنَ كُل أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث قيس بن فهد " خرج رسول الله. . . " أخرجه الترمذي (2 / 285 ط الحلبي) والحاكم (1 / 274 - 275 ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 1 / 757.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 1 / 254 وما بعدها، والشرح الصغير 1 / 404، والقليوبي وعميرة 1 / 211.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 1 / 758.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٤)</span><hr/></div>إِلَاّ الْمَغْرِبَ. (1) وَالْمُرَادُ بِالأَْذَانَيْنِ: الأَْذَانُ وَالإِْقَامَةُ، فَبَيْنَ أَذَانِ الصُّبْحِ وَإِقَامَتِهِ سُنَّةُ الْفَجْرِ، وَبَيْنَ أَذَانِ الظُّهْرِ وَإِقَامَتِهِ سُنَّةُ الظُّهْرِ الْقَبْلِيَّةُ، وَبَيْنَ أَذَانِ الْعَصْرِ وَإِقَامَتِهِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ مَنْدُوبَةً عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَبَيْنَ أَذَانِ الْعِشَاءِ وَإِقَامَتِهِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ مَنْدُوبَةً عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَاّ الْمَغْرِبَ لِقِصَرِ وَقْتِهِ.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ قَبْل الْمَغْرِبِ سُنَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا قَال النَّوَوِيُّ؛ لِلأَْمْرِ بِهِمَا فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد صَلُّوا قَبْل صَلَاةِ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ، (2) وَقَال الْحَنَابِلَةُ: هُمَا جَائِزَتَانِ، وَلَيْسَتَا بِسُنَّةٍ. (3)</p>كَمَا اسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ ابْتَدَرُوا السَّوَارِيَ، (4) فَيَرْكَعُونَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى إِنَّ الرَّجُل الْغَرِيبَ لَيَدْخُل الْمَسْجِدَ، فَيَحْسِبُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ صُلِّيَتْ مِنْ كَثْرَةِ مَنْ يُصَلِّيهِمَا. (5)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث " بين كل أذانين صلاة إلا المغرب. . . ". أخرجه الدارقطني والبيهقي في سننيهما من طريق حيان بن عبيد الله العدوي من حديث بريدة بلفظ:" إن عند كل أذانين ركعتين ما خلا المغرب " رواه البزار في مسنده وقال: لا نعلم من رواه عن ابن بريدة إلا حيان بن عبيد ال ونصب الراية 2 / 140، وعمدة القاري 5 / 138 ط المنيرية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الحديث أخرجه البخاري (3 / 59) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المراجع السابقة، والمغني 2 / 129.</p><font color=#ff0000>(4)</font> أي أسرع كل واحد منهم إلى عمود من أعمدة المسجد لصلاة الركعتين.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني 1 / 466. وحديث:" كنا بالمدينة، فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب. . . " أخرجه مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه (صحيح مسلم 1 / 573 ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْوَقْتُ الْخَامِسُ: عِنْدَ خُرُوجِ الْخَطِيبِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ:</span></p><font color=#ff0000>31 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى كَرَاهَةِ التَّنَفُّل عِنْدِ خُرُوجِ الْخَطِيبِ إِلَى الْمِنْبَرِ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ - وَالإِْمَامُ يَخْطُبُ - فَقَدْ لَغَوْتَ. (1) دَل الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مَنْ يَأْمُرُ غَيْرَهُ بِالإِْنْصَاتِ، كَانَ أَمْرُهُ لَغْوًا مِنَ الْكَلَامِ مَنْهِيًّا عَنْهُ، فَإِذَا كَانَ الأَْمْرُ بِالإِْنْصَاتِ - وَهُوَ أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ - لَغْوًا مِنَ الْكَلَامِ مَنْهِيًّا عَنْهُ، كَانَ التَّنَفُّل لَغْوًا مِنَ الأَْعْمَال مَنْهِيًّا عَنْهُ، أَضِفْ إِلَى ذَلِكَ أَنَّ التَّنَفُّل يُفَوِّتُ الاِسْتِمَاعَ إِلَى الْخَطِيبِ الَّذِي هُوَ وَاجِبٌ، فَلَا يُتْرَكُ الْوَاجِبُ مِنْ أَجْل النَّفْل.</p>وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ لِمَنْ دَخَل وَالإِْمَامُ يَخْطُبُ، فَأَجَازُوا التَّنَفُّل بِرَكْعَتَيْنِ. (2)</p>لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَال: جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ فَجَلَسَ، فَقَال لَهُ: يَا سُلَيْكُ قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌الْوَقْتُ السَّادِسُ: عِنْدَ الإِْقَامَةِ:</span></p><font color=#ff0000>32 -</font> ذَهَبَتِ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى كَرَاهَةِ التَّنَفُّل عِنْدَ الإِْقَامَةِ لِلصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ، إِلَاّ سُنَّةَ الْفَجْرِ إِذَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ، أَمَّا إِذَا خَافَ فَوْتَهَا تَرَكَهَا، وَإِنَّمَا كُرِهَ التَّنَفُّل لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَاّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت " أخرجه البخاري مرفوعا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (فتح الباري 2 / 414 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 1 / 255 وما بعدها، والشرح الصغير 1 / 513، والبجيرمي 1 / 189، والمغني 2 / 319 ط الرياض.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث جابر:" قال جاء سليك الغطفاني. . . " أخرجه مسلم (صحيح مسلم 2 / 597 ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٥)</span><hr/></div>الْمَكْتُوبَةَ. (1) وَاسْتَثْنَى مِنَ الْحَدِيثِ سُنَّةَ الْفَجْرِ لِكَوْنِهَا آكَدَ السُّنَنِ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا دَخَل الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ الإِْمَامَ يُصَلِّي الصُّبْحَ، فَلْيَدْخُل مَعَهُ فِي صَلَاتِهِ، وَيَتْرُكْ سُنَّةَ الْفَجْرِ. وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ: فَإِنْ خَافَ أَنْ يَفُوتَهُ الإِْمَامُ بِرَكْعَةٍ تَرَكَ سُنَّةَ الْفَجْرِ وَقَضَاهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ أَنْ يَفُوتَهُ الإِْمَامُ بِرَكْعَةٍ أَتَى بِالسُّنَّةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ. (2)</p>وَالْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِهِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَكَوْنِهِ دَاخِلَهُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ دَاخِل الْمَسْجِدِ وَصَلَّى سُنَّةَ الْفَجْرِ، وَالإِْمَامُ يُصَلِّي الصُّبْحَ، كَانَتَا صَلَاتَيْنِ مَعًا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَيَكُونُ مُخْتَلِفًا مَعَ الإِْمَامِ، فَهُوَ يُصَلِّي نَفْلاً، وَالإِْمَامُ يُصَلِّي فَرْضًا، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَال: سَمِعَ قَوْمٌ الإِْقَامَةَ، فَقَامُوا يُصَلُّونَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: أَصَلَاتَانِ مَعًا؟ أَصَلَاتَانِ مَعًا؟ وَذَلِكَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْل الصُّبْحِ. (3)</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا يَشْرَعُ فِي صَلَاةٍ نَافِلَةٍ وَلَوْ رَاتِبَةً، وَلَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة " أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا. (صحيح مسلم 1 / 493 ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الصغير 1 / 409.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: " سمع قوم الإقامة فقاموا يصلون. . . " أخرجه مالك في الموطأ وقال ابن عبد البر: لم يختلف الرواة عن مالك في إرسال هذا الحديث. وقال عبد القادر الأرناؤوط محقق جامع الأصول: في إسناده أيضا شريك بن عبد الله ابن أبي نمر، وهو جامع الأصول 6 / 22) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٥)</span><hr/></div>شَرَعَ فِيهَا لَا تَنْعَقِدُ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ سُنَّةُ الْفَجْرِ وَغَيْرُهَا مِنَ السُّنَنِ؛ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌الْوَقْتُ السَّابِعُ: قَبْل صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا:</span></p><font color=#ff0000>33 -</font> ذَهَبَتِ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى كَرَاهَةِ التَّنَفُّل قَبْل صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْمَنْزِل وَالْمَسْجِدِ، وَبَعْدَ الصَّلَاةِ يُكْرَهُ التَّنَفُّل فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا يُكْرَهُ فِي الْمَنْزِل؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يُصَلِّي قَبْل الْعِيدِ شَيْئًا، فَإِذَا رَجَعَ إِلَى الْمَنْزِل صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. (2)</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى كَرَاهَةِ التَّنَفُّل قَبْل صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى كَرَاهَةِ التَّنَفُّل قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا فِي الْمُصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ. (3)</p>وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ التَّنَفُّل قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ لِغَيْرِ الإِْمَامِ. (4)</p> </p>‌<span class="title">‌الْوَقْتُ الثَّامِنُ: بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ:</span></p><font color=#ff0000>34 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى كَرَاهَةِ التَّنَفُّل بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ فِي عَرَفَةَ، وَالْمَجْمُوعَتَيْنِ جَمْعَ تَأْخِيرٍ فِي مُزْدَلِفَةَ، فَإِذَا جَمَعَ الإِْمَامُ بَيْنَ الظُّهْرِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير 1 / 409 ط. دار المعارف. والبجيرمي على الخطيب 2 / 4 ط دار المعرفة، وكشاف القناع 1 / 459، والمغني 2 / 387.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي قبل العيد. . . " أخرجه ابن ماجه من حديث أبي سعيد الخدري. قال الحافظ ابن حجر: إسناده حسن. وقال الحافظ البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات. (سنن ابن ماجه 1 / 41 ط الحلبي، وفتح الباري 2 / 476 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الصغير 1 / 189، والمغني 2 / 387.</p><font color=#ff0000>(4)</font> القليوبي 1 / 308.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٦)</span><hr/></div>وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ، يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ، وَيَتْرُكُ سُنَّةَ الظُّهْرِ الْبَعْدِيَّةَ، وَمِثْل ذَلِكَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ. فَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ، وَيَتْرُكُ سُنَّةَ الْمَغْرِبِ الْبَعْدِيَّةَ؛ لأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتَطَوَّعْ بَيْنَهُمَا.</p>قَال الْقُرْطُبِيُّ: فَأَمَّا الْفَصْل بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِعَمَلٍ غَيْرِ الصَّلَاةِ، فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ نَزَل فَتَوَضَّأَ، فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُل إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الْعِشَاءُ فَصَلَّى، وَلَمْ يُصَل بَيْنَهُمَا. (1) وَقَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ السُّنَّةَ أَلَاّ يَتَطَوَّعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌الْوَقْتُ التَّاسِعُ: عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِ الْمَكْتُوبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>35 -</font> لَا يُعْلَمُ خِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّنَفُّل عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِ الْمَكْتُوبَةِ، فَإِذَا ضَاقَ وَقْتُ الظُّهْرِ مَثَلاً، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَاّ مَا يَسَعُ صَلَاتَهُ، حَرُمَ التَّنَفُّل لِمَا فِي التَّنَفُّل مِنْ تَرْكِ أَدَاءِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالاِشْتِغَال بِالنَّفْل، وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ لَمْ تَنْعَقِدْ نَافِلَةً - وَلَوْ رَاتِبَةً - مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث أسامة بن زيد " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء المزدلفة. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 240 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير القرطبي 2 / 424، 425 في تفسير قوله تعالى:(فإذا أفضتم من عرفات) في المسألة الخامسة عشر، ونهاية المحتاج 3 / 281، وكشاف القناع 2 / 492، والدر المختار ورد المحتار 1 / 485، ومراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي ص 239.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 1 / 261، ونهاية المحتاج 2 / 114، وابن عابدين 1 / 483، والحطاب 2 / 66.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌حُكْمُ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا</span></p>‌<span class="title">‌تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ بِلَا عُذْرٍ:</span></p><font color=#ff0000>36 -</font> لَا يُعْلَمُ خِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا بِدُونِ عُذْرٍ ذَنْبٌ عَظِيمٌ، لَا يُرْفَعُ إِلَاّ بِالتَّوْبَةِ وَالنَّدَمِ عَلَى مَا فَرَّطَ مِنَ الْعَبْدِ، وَقَدْ سَمَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ فَعَل ذَلِكَ بِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ أَيْ مُقَصِّرٌ، حَيْثُ قَال: لَيْسَ التَّفْرِيطُ فِي النَّوْمِ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ. (1)</p><font color=#ff0000>37 -</font> أَمَّا تَأْخِيرُهَا بِعُذْرِ النِّسْيَانِ، فَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَيْضًا فِي أَنَّ الْعَبْدَ غَيْرُ مُؤَاخَذٍ عَلَى هَذَا التَّأْخِيرِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ. (2)</p><font color=#ff0000>38 -</font> وَأَمَّا تَأْخِيرُهَا بِعُذْرِ النَّوْمِ، فَالَّذِي يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ، فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا. (3)</p>أَنَّ النَّوْمَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا لَا يُؤَاخَذُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَلَا يُعْتَبَرُ مُفَرِّطًا، وَقَدْ نَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي حَدِيثِ التَّعْرِيسِ (4) عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَال: سِرْنَا مَعَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة. . . " أخرجه أبو داود والترمذي واللفظ له، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأصل الحديث أخرجه مسلم مطولا (سنن الترمذي 1 / 3341، 335 ط الحلبي، وسنن أبي داود 1 / 304 ط عزت عبيد دعاس، وصحيح مسلم 1 / 472، 473 ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. . . " سبق تخريجه في مصطلح أهلية (ف / 39) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " ليس في النوم تفريط. . . " سبق تخريجه (ف / 36) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> التعريس: نزول القوم المسافرين في مكان الاستراحة آخر الليل، ثم يرتحلون بعد ذلك.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٧)</span><hr/></div>رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً، فَقَال بَعْضُ الْقَوْمِ: لَوْ عَرَّسْتَ بِنَا يَا رَسُول اللَّهِ، قَال: أَخَافُ أَنْ تَنَامُوا عَنِ الصَّلَاةِ، قَال بِلَالٌ: أَنَا أُوقِظُكُمْ، فَاضْطَجَعُوا، وَأَسْنَدَ بِلَالٌ ظَهْرَهُ إِلَى رَاحِلَتِهِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَنَامَ، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَقَال: يَا بِلَال أَيْنَ مَا قُلْتَ؟ فَقَال: مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ، قَال: إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، وَرَدَّهَا عَلَيْكُمْ حِينَ شَاءَ، يَا بِلَال قُمْ فَأَذِّنِ النَّاسَ بِالصَّلَاةِ، فَتَوَضَّأْ، فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، وَابْيَاضَّتْ، قَامَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ (1) غَيْرَ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ نَامَ تَفُوتُهُ الصَّلَاةُ يُكَلِّفُ أَحَدًا بِإِيقَاظِهِ، وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ. (2) وَقَدْ قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّهُ يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْل صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيَّةِ وَأَحْمَدَ، لِحَدِيثِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا. (3)</p>وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْل الصَّلَاةِ فِي جَمِيعِ الأَْوْقَاتِ، وَالظَّاهِرُ عِنْدَهُمْ كَرَاهَةُ النَّوْمِ بَعْدَ دُخُول الْوَقْتِ، أَمَّا قَبْل دُخُولِهِ فَجَائِزٌ عِنْدَهُمْ. (4)</p><font color=#ff0000>39 -</font> أَمَّا تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا، أَوْ تَقْدِيمُهَا بِعُذْرِ السَّفَرِ أَوِ الْمَطَرِ، فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بِعُذْرِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث أبي قتادة " سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . " أخرجه البخاري، وزيادة " بالناس " عند أبي داود فقط. (فتح الباري 2 / 66، 67 ط السلفية، وسنن أبي داود 1 / 307 ط عزت عبيد دعاس) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 1 / 246، وبلغة السالك في أوقات الصلاة 1 / 232 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبلها. . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 49 - ط السلفية) ومسلم (1 / 447 ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> رد المحتار 1 / 246، وشرح المحلى على المنهاج 1 / 115.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٧)</span><hr/></div>السَّفَرِ أَوِ الْمَطَرِ (1) لِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَال: رَأَيْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا عَجَّل بِهِ السَّيْرُ فِي السَّفَرِ يُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ. (2) وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ارْتَحَل قَبْل أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ - أَيْ قَبْل أَنْ تَزُول الشَّمْسُ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ - أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَزَل، فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْل أَنْ يَرْتَحِل صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ. (3) دَل الْحَدِيثُ الأَْوَّل عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ مُسَافِرًا، وَأَسْرَعَ فِي السَّيْرِ؛ لِيَصِل إِلَى غَرَضِهِ فِي الْوَقْتِ الْمُنَاسِبِ، أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ. وَدَل الْحَدِيثُ الثَّانِي عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إِذَا ابْتَدَأَ السَّفَرَ قَبْل دُخُول وَقْتِ الظُّهْرِ، أَخَّرَ الظُّهْرَ وَجَمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَصْرِ، وَإِذَا ابْتَدَأَ السَّفَرَ قَبْل دُخُول وَقْتِ الظُّهْرِ، صَلَاّهَا ثُمَّ سَافَرَ، وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَصْرِ، وَيُسْتَدَل لِلْجُمْهُورِ أَيْضًا بِالأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِلسَّفَرِ وَغَيْرِهِ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إِلَاّ فِي عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ، فِي الْيَوْمِ التَّاسِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَيَجْمَعُ الإِْمَامُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ، بِأَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ بِعَرَفَاتٍ، وَيَجْمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ جَمْعَ تَأْخِيرٍ بِمُزْدَلِفَةَ فَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جواهر الإكليل 1 / 92، والإقناع 2 / 169، والمغني 1 / 409.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث ابن عمر أخرجه البخاري (الفتح 2 / 572 ط السلفية) ومسلم (1 / 489 ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث أنس بن مالك أخرجه البخاري (الفتح 2 / 582 ط السلفية) ومسلم (1 / 489 ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٨)</span><hr/></div>وَالْعِشَاءَ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ.</p>وَاشْتَرَطَ أَبُو حَنِيفَةَ لِجَوَازِ هَذَا الْجَمْعِ: أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ لَا عُمْرَةٍ، وَأَنْ تَكُونَ هَذِهِ الصَّلَاةُ بِجَمَاعَةٍ، وَأَنْ يَكُونَ الإِْمَامُ فِي جَمْعِ عَرَفَةَ هُوَ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ.</p>وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - صَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ - أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ بِجَمَاعَةٍ، وَأَجَازُوا لِلْمُحْرِمِ بِحَجٍّ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْجَمْعِ وَلَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا، أَمَّا الْجَمْعُ فِي مُزْدَلِفَةَ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ غَيْرُ الإِْحْرَامِ وَالْمَكَانِ، وَهُوَ مُزْدَلِفَةُ.</p><font color=#ff0000>40 -</font> وَقَدْ تَضَمَّنَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَمْرَيْنِ:(الأَْوَّل) أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ. (الثَّانِي) لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ بِعُذْرِ سَفَرٍ أَوْ مَطَرٍ.</p>أَمَّا الأَْمْرُ الأَْوَّل فَدَلِيلُهُ: أَنَّ الَّذِينَ رَوَوْا نُسُكَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجِّهِ، اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُ هَذَا الْجَمْعَ الْمَذْكُورَ.</p>وَأَمَّا الأَْمْرُ الثَّانِي - وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي غَيْرِ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ بِعُذْرِ سَفَرٍ أَوْ مَطَرٍ - فَدَلِيلُهُ: أَنَّ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةَ عُرِفَتْ مُؤَقَّتَةً بِأَوْقَاتِهَا بِالدَّلَائِل الْمَقْطُوعِ بِهَا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ وَالإِْجْمَاعِ، فَلَا يَجُوزُ تَغْيِيرُهَا عَنْ أَوْقَاتِهَا بِنَوْعٍ مِنَ الاِسْتِدْلَال وَخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَالسَّفَرُ أَوِ الْمَطَرُ لَا أَثَرَ لَهُمَا فِي تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ تَقْدِيمِهَا عَنْ وَقْتِهَا. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌مَنْ لَمْ يَجِدْ بَعْضَ الأَْوْقَاتِ الْخَمْسَةِ</span></p><font color=#ff0000>41 -</font> اخْتَلَفَ عُلَمَاءُ الْحَنَفِيَّةِ فِيمَنْ لَمْ يَجِدْ بَعْضَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) انظر رد المحتار 1 / 256، والبدائع 1 / 127.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٨)</span><hr/></div>الأَْوْقَاتِ الْخَمْسَةِ، كَسُكَّانِ الْمَنَاطِقِ الْقُطْبِيَّةِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْمَنَاطِقَ تَسْتَمِرُّ فِي نَهَارٍ دَائِمٍ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَفِي لَيْلٍ دَائِمٍ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أُخْرَى، كَمَا يَقُول الْجُغْرَافِيُّونَ، فَهَل يَجِبُ عَلَى سُكَّانِ هَذِهِ الْمَنَاطِقِ - إِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ - أَنْ يُصَلُّوا الصَّلَوَاتِ الَّتِي لَمْ يَجِدُوا وَقْتًا لَهَا، بِأَنْ يُقَدِّرُوا لِكُل صَلَاةٍ وَقْتًا أَوْ تَسْقُطُ عَنْهُمْ هَذِهِ الصَّلَوَاتُ؟ .</p>وَكَذَلِكَ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ الْقَرِيبَةِ مِنَ الْمَنَاطِقِ الْقُطْبِيَّةِ، تَأْتِي فِيهَا فَتَرَاتٌ لَا يُوجَدُ وَقْتُ الْعِشَاءِ، أَوْ يَطْلُعُ الْفَجْرُ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ مُبَاشَرَةً.</p>وَفِي بَعْضِ الْمَنَاطِقِ لَا تَغِيبُ الشَّمْسُ مُطْلَقًا.</p>ذَهَبَ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى عَدَمِ سُقُوطِ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ عَنْهُمْ، وَيُقَدِّرُونَ لِكُل صَلَاةٍ وَقْتًا، فَفِي السِّتَّةِ الأَْشْهُرِ الَّتِي تَسْتَمِرُّ فِي نَهَارٍ دَائِمٍ يُقَدِّرُونَ لِلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالْوِتْرِ وَالْفَجْرِ وَقْتًا، مِثْل ذَلِكَ السِّتَّةُ الأَْشْهُرِ الأُْخْرَى يُقَدِّرُونَ لِلصُّبْحِ وَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَقْتًا، بِاعْتِبَارِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ الَّتِي لَا تَتَوَارَى فِيهَا الأَْوْقَاتُ الْخَمْسَةُ.</p>وَقَدِ اسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْقِيَاسِ عَلَى أَيَّامِ الدَّجَّال، الَّذِي هُوَ مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الْكُبْرَى، فَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالتَّقْدِيرِ فِيهَا، فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَال: ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الدَّجَّال وَلُبْثَهُ فِي الأَْرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا: يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ. قَال الرَّاوِي: قُلْنَا يَا رَسُول اللَّهِ، أَرَأَيْتَ الْيَوْمَ الَّذِي كَالسَّنَةِ، أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ؟ قَال: لَا، وَلَكِنِ اقْدُرُوا لَهُ. أَيْ صَلُّوا صَلَاةَ سَنَةٍ فِي الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ كَسَنَةٍ، وَقَدِّرُوا لِكُل صَلَاةٍ وَقْتًا. (1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الدجال ولبثه في الأرض. . . " أخرجه أحمد والترمذي مطولا من حديث النواس بن سمعان الكلابي، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر. (مسند أحمد بن حنبل 4 / 181 ط الميمنية، وسنن الترمذي 4 / 510 - 514 ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٩)</span><hr/></div>وَذَهَبَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى سُقُوطِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي لَمْ يَجِدُوا وَقْتًا لَهَا؛ لأَِنَّ الْوَقْتَ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ، فَإِذَا عُدِمَ السَّبَبُ - وَهُوَ الْوَقْتُ - عُدِمَ الْمُسَبَّبُ وَهُوَ الْوُجُوبُ. (1)</p>وَهَذَا يَنْطَبِقُ عَلَى الْبِلَادِ الَّتِي يَقْصُرُ فِيهَا اللَّيْل أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي الصَّيْفِ، فَقَبْل أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ الأَْحْمَرُ، يَظْهَرُ الْفَجْرُ الصَّادِقُ فَلَا يُوجَدُ وَقْتٌ لِلْعِشَاءِ وَالْوِتْرِ؛ لأَِنَّ أَوَّل وَقْتِ الْعِشَاءِ مَغِيبُ الشَّفَقِ الأَْحْمَرِ، وَقَدْ ظَهَرَ الْفَجْرُ الصَّادِقُ قَبْل أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ.</p>فَذَهَبَ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ إِلَى عَدَمِ سُقُوطِ الْوِتْرِ وَالْعِشَاءِ عَنْ أَهْل هَذِهِ الْبِلَادِ، بَل يُقَدِّرُونَ لِلْعِشَاءِ وَالْوِتْرِ وَقْتًا بِاعْتِبَارِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إِلَيْهِمْ. وَذَهَبَ بَعْضٌ آخَرُ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى سُقُوطِ الْوِتْرِ وَالْعِشَاءِ، وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ نُورِ الإِْيضَاحِ وَعِبَارَتُهُ: وَمَنْ لَمْ يَجِدْ وَقْتَهَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ. لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ وَمَا عَلَيْهِ الْمُتُونُ.</p>وَذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ (2) إِلَى تَقْدِيرِ مَغِيبِ شَفَقِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا كَانَ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إِلَيْهِمْ يَغِيبُ فِيهَا الشَّفَقُ بَعْدَ سَاعَةٍ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَمُدَّةُ اللَّيْل فِي هَذِهِ الْبِلَادِ ثَمَانِي سَاعَاتٍ، فَيَكُونُ أَوَّل الْعِشَاءِ عِنْدَهُمْ بَعْدَ سَاعَةٍ مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار ورد المحتار عليه 1 / 242، 244.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بلغة السالك 1 / 72، والمنهاج 1 / 110.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٩)</span><hr/></div>غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَإِذَا كَانَتْ مُدَّةُ اللَّيْل فِي الْبِلَادِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا عِشَاءٌ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَاعَةً، فَيُقَدَّرُ مَغِيبُ الشَّفَقِ عِنْدَهُمْ بِسَاعَةٍ وَنِصْفٍ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ؛ لأَِنَّ مُدَّةَ بَقَاءِ الشَّفَقِ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إِلَيْهِمْ سَاعَةٌ، وَهِيَ تُعَادِل الثُّمُنَ مِنَ اللَّيْل؛ لأَِنَّ اللَّيْل عِنْدَهُمْ ثَمَانِي سَاعَاتٍ، وَالْبِلَادُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا عِشَاءٌ وَلَيْلُهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً، يُقَدَّرُ لِغِيَابِ الشَّفَقِ ثُمُنَ هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَهِيَ سَاعَةٌ وَنِصْفٌ.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى وُجُوبِ قَضَاءِ الْعِشَاءِ عَلَى أَهْل هَذِهِ الْبِلَادِ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ. (1)</p>قَال ابْنُ عَابِدِينَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَقَلُوا فِيهَا الْخِلَافَ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ مِنْ مَشَايِخِنَا وَهُمُ: الْبَقَّالِيُّ وَالْحَلْوَانِيُّ وَالْبُرْهَانِيُّ الْكَبِيرُ، وَأَفْتَى الْبَقَّالِيُّ: بِعَدَمِ الْوُجُوبِ، وَكَانَ الْحَلْوَانِيُّ يُفْتِي بِالْقَضَاءِ، ثُمَّ وَافَقَ الْبَقَّالِيَّ حِينَمَا أَرْسَل إِلَيْهِ مَنْ يَسْأَلُهُ عَمَّنْ أَسْقَطَ صَلَاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ: أَيَكْفُرُ؟ فَأَجَابَ الْبَقَّالِيُّ السَّائِل: مَنْ قُطِعَتْ يَدَاهُ أَوْ رِجْلَاهُ كَمْ فُرُوضُ وُضُوئِهِ؟ قَال: ثَلَاثٌ. قَال: فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ، فَاسْتَحْسَنَ الْحَلْوَانِيُّ، وَرَجَعَ إِلَى قَوْل الْبَقَّالِيِّ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ. أَمَّا الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ فَقَدْ رَجَّحَ الْقَوْل بِالْوُجُوبِ، وَمَنَعَ مَا أَفْتَى بِهِ الْبَقَّالِيُّ مِنَ الْقَوْل بِعَدَمِ الْوُجُوبِ لِعَدَمِ السَّبَبِ وَهُوَ الْوَقْتُ، كَمَا يَسْقُطُ غُسْل الْيَدَيْنِ عَنْ مَقْطُوعِهِمَا.</p>وَقَال: لَا يَرْتَابُ مُتَأَمِّلٌ فِي ثُبُوتِ الْفَرْقِ بَيْنَ عَدَمِ مَحَل الْفَرْضِ، وَبَيْنَ عَدَمِ السَّبَبِ وَهُوَ الْوَقْتُ. إِلَى أَنْ قَال: وَانْتِفَاءُ الدَّلِيل عَلَى الشَّيْءِ لَا يَلْزَمُ فِيهِ انْتِفَاءُ هَذَا الشَّيْءِ؛ لِجَوَازِ دَلِيلٍ آخَرَ. وَقَدْ وُجِدَ وَهُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المنهاج 1 / 110.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٠)</span><hr/></div>مَا تَوَاطَأَتْ عَلَيْهِ أَخْبَارُ الإِْسْرَاءِ، مِنْ فَرْضِ اللَّهِ تَعَالَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَجَعْلِهَا شَرْعًا عَامًّا لأَِهْل الآْفَاقِ، لَا تَفْضِيل بَيْنَ قُطْرٍ وَقُطْرٍ.</p>قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَقَدْ وَرَدَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ فِي الْمَذْهَبِ، وَالأَْرْجَحُ الْقَوْل بِالْوُجُوبِ، لَا سِيَّمَا إِذَا قَال بِهِ إِمَامٌ مِنَ الأَْئِمَّةِ، وَهُوَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه، وَهَل يَنْوِي الْقَضَاءَ أَوْ لَا يَنْوِيهِ؟ ذَكَرَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَنْوِي الْقَضَاءَ لِفَقْدِ وَقْتِ الأَْدَاءِ، وَاعْتَرَضَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَنْوِ الْقَضَاءَ يَكُونُ أَدَاءً، ضَرُورَةً لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا، وَهِيَ لَيْسَتْ أَدَاءً؛ لأَِنَّ الْوَقْتَ الَّذِي صُلِّيَتْ فِيهِ لَيْسَ وَقْتًا لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ، بَل وَقْتٌ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ. (1)</p>وَمَعْنَى التَّقْدِيرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: افْتِرَاضُ أَنَّ الْوَقْتَ مَوْجُودٌ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ وَقْتًا لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَعْنَى التَّقْدِيرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ، عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ سَابِقًا مِنْ مَذْهَبِهِمْ. (2)</p>أَمَّا الْبِلَادُ الَّتِي يَقْصُرُ فِيهَا وَقْتُ الظُّهْرِ، فَيَبْلُغُ ظِل الشَّيْءِ مِثْلَهُ بَعْدَ زَوَال الشَّمْسِ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ بِوَقْتٍ قَصِيرٍ لَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ الْمُصَلِّي مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ، فَلَمْ نَجِدْ فِي كُتُبِ الْفُقَهَاءِ نَصًّا عَلَى حُكْمِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَوْقَاتُ الْكَرَاهِيَةِ</span></p>انْظُرْ: أَوْقَاتَ الصَّلَاةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 1 / 242، 243.</p><font color=#ff0000>(2)</font> واللجنة ترى أن الأخذ بالرأي الثاني أقرب إلى مقاصد الشريعة ألا وهو الذي يؤيده حديث الدجال، وفي الموضوع مسائل عصرية يرجع إليها في ملحق المسائل المستجدة</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَوْقَاتٌ</span></p> </p>انْظُرْ: أَوْقَاتَ الصَّلَاةِ</p> </p>‌<span class="title">‌أَوْقَاصٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الأَْوْقَاصُ: جَمْعُ وَقَصٍ بِفَتْحَتَيْنِ، وَقَدْ تَسْكُنُ الْقَافُ، وَالْوَقَصُ مِنْ مَعَانِيهِ فِي اللُّغَةِ: قِصَرُ الْعُنُقِ، كَأَنَّمَا رَدٌّ فِي جَوْفِ الصَّدْرِ. وَالْكَسْرُ: يُقَال: وُقِصَتْ عُنُقُهُ أَيْ: كُسِرَتْ وَدَقَّتْ. (1)</p>وَقَدِ اسْتُعْمِل فِي الشَّرْعِ: لِمَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ فِي أَنْصِبَةِ زَكَاةِ الإِْبِل وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، أَوْ هُوَ: مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ فِي الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ، أَوْ فِي الْبَقَرِ خَاصَّةً، وَهُوَ وَاحِدُ الأَْوْقَاصِ.</p>فَمَثَلاً إِذَا بَلَغَتِ الْغَنَمُ أَرْبَعِينَ، فَفِيهَا شَاةٌ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ مِائَةً وَعِشْرِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَةً وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ، فَفِيهَا شَاتَانِ. فَالثَّمَانُونَ الَّتِي بَيْنَ الأَْرْبَعِينَ وَبَيْنَ الْمِائَةِ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ وَقَصٌ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والصحاح، والقاموس مادة:" وقص ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح الرسالة مع حاشية العدوي 1 / 443 ط النصر، والعناية على الهداية 1 / 494 ط الأميرية، وبدائع الصنائع 2 / 62 ط الجمالية، وتبيين الحقائق 1 / 259 ط دار المعرفة، وابن عابدين 2 / 20 ط المصرية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الأَْشْنَاقُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الأَْشْنَاقُ: جَمَعَ شَنَقٍ، هَذَا وَجَاءَ فِي الْمِصْبَاحِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ أَنَّ الشَّنَقَ بِفَتْحَتَيْنِ: مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ، وَبَعْضُهُمْ يَقُول: هُوَ الْوَقَصُ، وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَخُصُّ الشَّنَقَ بِالإِْبِل، وَالْوَقَصَ بِالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ.</p>وَفَسَّرَ مَالِكٌ الشَّنَقَ بِمَا يُزَكَّى مِنَ الإِْبِل بِالْغَنَمِ. كَالْخَمْسِ مِنَ الإِْبِل فَفِيهَا شَاةٌ، وَالْعَشْرِ فِيهَا شَاتَانِ، وَالْخَمْسَ عَشْرَةَ فِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَالْعِشْرِينَ فِيهَا أَرْبَعٌ. (1)</p>ب -‌<span class="title">‌ الْعَفْوُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> يُقَال لِمَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ أَيْضًا: الْعَفْوُ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرُ عَفَا، وَمِنْ مَعَانِيهِ: الْمَحْوُ وَالإِْسْقَاطُ. (2)</p>وَأَمَّا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُ كَالْوَقَصِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ الَّذِي يَفْصِل بَيْنَ الْوَاجِبَيْنِ فِي زَكَاةِ النَّعَمِ، أَوْ فِي كُل الأَْمْوَال، وَسُمِّيَ عَفْوًا لأَِنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، أَيْ لَا زَكَاةَ فِيهِ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح والقاموس ولسان العرب مادة:" شنق "، والعدوي على الرسالة 1 / 439 ط دار المعرفة، والمدونة 1 / 310 ط السعادة، ومواهب الجليل 2 / 257 ط النجاح، وحاشية الجمل 2 / 221 ط التراث، وروضة الطالبين 2 / 153 ط المكتب الإسلامي، وكشاف القناع 2 / 189 ط النصر.</p><font color=#ff0000>(2)</font> القاموس المحيط، والمصباح مادة:" عفو ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبيين الحقائق 1 / 260 ط دار المعرفة، وابن عابدين 2 / 20 ط المصرية، وكشاف القناع 2 / 189 ط النصر.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p>‌<span class="title">‌أَوْقَاصُ الإِْبِل:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> يُبْحَثُ عَنِ الأَْحْكَامِ الْخَاصَّةِ بِالأَْوْقَاصِ فِي مُصْطَلَحِ (زَكَاةٍ) أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ مِنْهَا بِزَكَاةِ النَّعَمِ، وَهِيَ الإِْبِل وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، إِذِ الأَْوْقَاصُ كَمَا سَبَقَ: مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ مِنْ كُل الأَْنْعَامِ، وَالْمُرَادُ بِالْفَرِيضَتَيْنِ النِّصَابَانِ. فَمَا بَيْنَ كُل نِصَابَيْنِ يُعْتَبَرُ وَقْصًا. هَذَا. وَالأَْوْقَاصُ فِي الإِْبِل عَلَى خَمْسِ مَرَاتِبَ:</p>الأُْولَى: الأَْرْبَعَةُ الَّتِي تَفْصِل بَيْنَ مَا تَجِبُ فِيهِ الشَّاةُ وَهِيَ الْخَمْسُ مِنَ الإِْبِل، وَالشَّاتَانِ وَهِيَ الْعَشْرُ، وَالثَّلَاثُ شِيَاهٍ وَهِيَ الْخَمْسَ عَشْرَةَ، وَالأَْرْبَعُ شِيَاهٍ وَهِيَ الْعِشْرُونَ، وَبِنْتُ الْمَخَاضِ وَهِيَ الْخَمْسُ وَالْعِشْرُونَ.</p>الثَّانِيَةُ: الْعَشَرَةُ، وَهِيَ الَّتِي تَفْصِل بَيْنَ مَا تَجِبُ فِيهِ بِنْتُ الْمَخَاضِ، وَهِيَ الْخَمْسُ وَالْعِشْرُونَ، وَمَا تَجِبُ فِيهِ بِنْتُ اللَّبُونِ وَهِيَ السِّتُّ وَالثَّلَاثُونَ.</p>الثَّالِثَةُ: التِّسْعَةُ، وَهِيَ الَّتِي تَفْصِل بَيْنَ مَا تَجِبُ فِيهِ بِنْتَ اللَّبُونِ وَهِيَ السِّتُّ وَالثَّلَاثُونَ، وَمَا تَجِبُ فِيهِ الْحِقَّةُ، وَهِيَ السِّتُّ وَالأَْرْبَعُونَ.</p>الرَّابِعَةُ: الأَْرْبَعَ عَشْرَةَ، وَهِيَ الَّتِي تَفْصِل بَيْنَ مَا تَجِبُ فِيهِ الْحِقَّةُ وَهِيَ السِّتُّ وَالأَْرْبَعُونَ، وَمَا تَجِبُ فِيهِ الْجَذَعَةُ وَهِيَ الإِْحْدَى وَالسِّتُّونَ. وَهِيَ الَّتِي تَفْصِل أَيْضًا بَيْنَ مَا تَجِبُ فِيهِ الْجَذَعَةُ وَهِيَ الإِْحْدَى وَالسِّتُّونَ، وَمَا تَجِبُ فِيهِ بِنْتَا اللَّبُونِ وَهِيَ السِّتُّ وَالسَّبْعُونَ، وَالَّتِي تَفْصِل أَيْضًا بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا تَجِبُ فِيهِ الْحِقَّتَانِ وَهِيَ الإِْحْدَى وَالتِّسْعُونَ.</p>الْخَامِسَةُ: التِّسْعُ وَالْعِشْرُونَ، وَهِيَ الَّتِي تَفْصِل بَيْنَ مَا تَجِبُ فِيهِ الْحِقَّتَانِ وَهِيَ الإِْحْدَى وَالتِّسْعُونَ،</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٢)</span><hr/></div>وَمَا تَجِبُ فِيهِ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَهِيَ الإِْحْدَى وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، إِذْ زِيَادَةُ الْوَاحِدَةِ عَلَى الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ تُؤَثِّرُ عِنْدَهُمْ فِي تَغْيِيرِ الْوَاجِبِ.</p>وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ زِيَادَةَ الْوَاحِدَةِ عَلَى الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ لَا تُؤَثِّرُ فِي تَغْيِيرِ الْوَاجِبِ، وَإِنَّمَا يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ عِنْدَهُمْ بِزِيَادَةِ خَمْسٍ، فَيَسْتَمِرُّ أَخْذُ الْحِقَّتَيْنِ عِنْدَهُمْ إِلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ.</p>فَالْمَرْتَبَةُ الْخَامِسَةُ مِنْ مَرَاتِبِ الْوَقَصِ عَلَى هَذَا الْقَوْل تَكُونُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ.</p>وَالَّذِي ارْتَضَاهُ الإِْمَامُ مَالِكٌ أَنَّ الْوَاجِبَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ يَتَغَيَّرُ بِزِيَادَةِ عَشْرَةٍ، فَإِنْ كَانَ الزَّائِدُ أَقَل مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ السَّاعِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِ الْحِقَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ. (1) وَالتَّفْصِيل مَعَ الأَْدِلَّةِ وَمَا قِيل فِيهَا مَحَلُّهُ مُصْطَلَحُ:(زَكَاةٍ) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَوْقَاصُ الْبَقَرِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الأَْوْقَاصُ فِي الْبَقَرِ لَا تَخْرُجُ عَنْ عَدَدَيْنِ:</p>أَحَدُهُمَا: التِّسْعَةُ، وَهِيَ الَّتِي تَفْصِل بَيْنَ مَا يَجِبُ فِيهِ التَّبِيعُ أَوِ التَّبِيعَةُ، وَهُوَ الثَّلَاثُونَ، وَمَا يَجِبُ فِيهِ الْمُسِنَّةُ أَوِ الْمُسِنُّ وَهُوَ الأَْرْبَعُونَ، وَهُوَ الَّتِي تَقَعُ أَيْضًا بَعْدَ الْعَدَدِ الَّذِي يَتَغَيَّرُ فِيهِ الْوَاجِبُ بِزِيَادَةِ عَشْرَةٍ اتِّفَاقًا وَهُوَ السِّتُّونَ، وَمَا فَوْقَهَا كَالتِّسْعَةِ الَّتِي بَيْنَ السِّتِّينَ وَالسَّبْعِينَ. وَالسَّبْعِينَ وَالثَّمَانِينَ.</p>وَهَكَذَا. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية العدوي على الرسالة 1 / 439 - 441 ط دار المعرفة، وتبيين الحقائق 1 / 260 ط دار المعرفة، وروضة الطالبين 2 / 151 ط المكتب الإسلامي، وكشاف القناع 2 / 184 - 186 و 189 ط النصر</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 1 / 261، 262 ط دار المعرفة، وحاشية العدوي على الرسالة 1 / 441، 442 ط دار المعرفة، وروضة الطالبين 2 / 152 ط المكتب الإسلامي، وكشاف القناع 2 / 191 ط النصر.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٢)</span><hr/></div>الثَّانِي: التِّسْعَةَ عَشَرَ، وَهِيَ الَّتِي تَفْصِل بَيْنَ الْعَدَدِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الْمُسِنَّةُ أَوِ الْمُسِنُّ عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ وَهُوَ الأَْرْبَعُونَ، وَالْعَدَدُ الَّذِي يَتَغَيَّرُ بَعْدَهُ الْوَاجِبُ بِزِيَادَةِ عَشْرَةٍ وَهُوَ السِّتُّونَ، فَإِنَّهَا وَقَصٌ لَا زَكَاةَ فِيهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ. (1)</p>هَذَا وَتَذْكُرُ كُتُبُ الْحَنَفِيَّةِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْبَقَرِ إِذَا زَادَ عَدَدُهَا عَلَى الأَْرْبَعِينَ. سَيَأْتِي ذِكْرُهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌أَوْقَاصُ الْغَنَمِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> الأَْوْقَاصُ فِي الْغَنَمِ تَكُونُ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:</p>أَوَّلاً: الثَّمَانُونَ، وَهِيَ الَّتِي تَفْصِل بَيْنَ مَا تَجِبُ فِيهِ الشَّاةُ الْوَاحِدَةُ وَهِيَ الأَْرْبَعُونَ، وَمَا تَجِبُ فِيهِ الشَّاتَانِ وَهِيَ الإِْحْدَى وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ. ثَانِيًا: التِّسْعُ وَالسَّبْعُونَ، وَهِيَ الَّتِي تَفْصِل بَيْنَ مَا تَجِبُ فِيهِ الشَّاتَانِ وَهِيَ الإِْحْدَى وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ، وَمَا تَجِبُ فِيهِ الثَّلَاثُ الشِّيَاهِ وَهِيَ الْوَاحِدَةُ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ.</p>ثَالِثًا: التِّسْعُ وَالتِّسْعُونَ، وَهِيَ الَّتِي تَقَعُ بَعْدَ الْعَدَدِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الثَّلَاثُ الشِّيَاهِ وَهُوَ الْوَاحِدُ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ وَقَبْل الْعَدَدِ الَّذِي يَتَغَيَّرُ بَعْدَهُ الْوَاجِبُ بِزِيَادَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 1 / 261، 262 ط دار المعرفة، وحاشية العدوي على الرسالة 1 / 441، 442 ط دار المعرفة، وروضة الطالبين 2 / 152 ط المكتب الإسلامي، وكشاف القناع 2 / 191 ط النصر.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٣)</span><hr/></div>مِائَةٍ وَهُوَ الثَّلَاثُمِائَةِ، فَيَسْتَمِرُّ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقَصُ عَلَى تِسْعٍ وَتِسْعِينَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌زَكَاةُ أَوْقَاصِ الإِْبِل:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي زَكَاةِ أَوْقَاصِ الإِْبِل قَوْلَيْنِ:</p>أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا لَا زَكَاةَ فِيهَا؛ لأَِنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالنِّصَابِ فَقَطْ؛ وَلأَِنَّ الْوَقَصَ عَفْوٌ بَعْدَ النِّصَابِ كَمَا هُوَ عَفْوٌ أَيْضًا قَبْل النِّصَابِ، فَالأَْرْبَعَةُ الْوَاقِعَةُ بَعْدَ الْخَمْسَةِ وَقَبْل الْعَشَرَةِ عَفْوٌ، إِذْ هِيَ كَالأَْرْبَعَةِ الْوَاقِعَةِ قَبْل الْخَمْسِ. وَهَذَا الْقَوْل هُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ أَيْضًا أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، وَقَوْل الشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا فِي الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ. (2)</p>الثَّانِي: أَنَّهَا تُزَكَّى، وَهُوَ قَوْل مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ أَيْضًا الْقَوْل الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ الإِْمَامُ مَالِكٌ، وَهُوَ أَيْضًا قَوْل الشَّافِعِيِّ فِي رِوَايَةِ الْبُوَيْطِيِّ، وَدَلِيل هَذَا الْقَوْل حَدِيثُ أَنَسٍ: فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِْبِل فَمَا دُونَهَا مِنَ الْغَنَمِ فِي كُل خَمْسٍ شَاةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ أُنْثَى، (3) فَجَعَل الْفَرْضَ فِي النِّصَابِ وَمَا زَادَ. وَلأَِنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى نِصَابٍ فَلَمْ يَكُنْ عَفْوًا، كَالزِّيَادَةِ عَلَى نِصَابِ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 1 / 263، وحاشية العدوي على الرسالة 1 / 442، وروضة الطالبين 2 / 153، وكشاف القناع 2 / 194.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 2 / 20، وحاشية العدوي على الرسالة 1 / 439، والمهذب 1 / 152.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث أنس: " في أربع وعشرين من الإبل. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 317 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> ابن عابدين 2 / 20 ط المصرية، وحاشية العدوي على الرسالة 1 / 439، والمهذب 1 / 152.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٣)</span><hr/></div>وَيَظْهَرُ أَثَرُ الْخِلَافِ - كَمَا جَاءَ فِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ - فِيمَنْ مَلَكَ تِسْعًا مِنَ الإِْبِل، فَهَلَكَ بَعْدَ الْحَوْل مِنْهَا أَرْبَعَةٌ لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ عَلَى الأَْوَّل، وَيَسْقُطُ عَلَى الثَّانِي أَرْبَعَةُ أَتْسَاعِ شَاةٍ. (1)</p>هَذَا وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الأَْوْقَاصَ لَا زَكَاةَ فِيهَا قَوْلاً وَاحِدًا؛ لأَِنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالنِّصَابِ فَقَطْ، فَلَوْ كَانَ لَهُ تِسْعُ إِبِلٍ مَغْصُوبَةٍ حَوْلاً، فَخَلَصَ مِنْهَا بَعِيرًا، لَزِمَهُ خُمُسِ شَاةٍ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌زَكَاةُ أَوْقَاصِ الْبَقَرِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي زَكَاةِ مَا زَادَ عَلَى الأَْرْبَعِينَ إِلَى السِّتِّينَ مِنَ الْبَقَرِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:</p>أَحَدُهَا: أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَقْصٌ لَا زَكَاةَ فِيهَا، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ، وَدَلِيل هَذَا الْقَوْل أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُل ثَلَاثِينَ مِنَ الْبَقَرِ تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً، وَمِنْ كُل أَرْبَعِينَ مُسِنًّا أَوْ مُسِنَّةً، فَقَالُوا: الأَْوْقَاصَ، فَقَال: مَا أَمَرَنِي فِيهَا بِشَيْءٍ، وَسَأَسْأَل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهُ عَنِ الأَْوْقَاصِ فَقَال: لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ (3) .</p>وَفَسَّرُوهَا بِمَا بَيْنَ أَرْبَعِينَ إِلَى سِتِّينَ؛ وَلأَِنَّ الأَْصْل فِي الزَّكَاةِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ كُل وَاجِبَيْنِ وَقْصٌ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 2 / 20.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 2 / 189.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" لما بعث رسول الله. . . " أخرجه الدارقطني (2 / 99 - ط شركة الطباعة الفنية) والبزار كما في مجمع الزوائد (3 / 73 - ط دار السعادة) وقال الهيثمي: لم يتابع بقية - يعني ابن الوليد - على رفعه إلا الحسن بن عمارة والحسن ضعيف، وقد روي عن عطاء مرسلا.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٤)</span><hr/></div>لأَِنَّ تَوَالِيَ الْوَاجِبَاتِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِيهَا، لَا سِيَّمَا فِيمَا يُؤَدِّي إِلَى التَّشْقِيصِ فِي الْمَوَاشِي. (1)</p>الثَّانِي: وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةِ الأَْصْل عَنْهُ - وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ - أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الأَْرْبَعِينَ يَجِبُ فِيهِ بِحِسَابِهِ إِلَى السِّتِّينَ، فَفِي الْوَاحِدَةِ الزَّائِدَةِ رُبُعُ عُشْرِ مُسِنَّةٍ، أَوْ ثُلُثُ عُشْرِ التَّبِيعِ، وَفِي الثِّنْتَيْنِ نِصْفُ عُشْرِ مُسِنَّةٍ أَوْ ثُلُثَا عُشْرِ تَبِيعٍ وَهَكَذَا.</p>وَدَلِيل هَذَا الْقَوْل هُوَ أَنَّ الْمَال سَبَبُ الْوُجُوبِ، وَنَصْبُ النِّصَابِ بِالرَّأْيِ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا إِخْلَاؤُهُ عَنِ الْوَاجِبِ بَعْدَ تَحَقُّقِ سَبَبِهِ، وَأَمَّا حَدِيثُ مُعَاذٍ فَهُوَ غَيْرُ ثَابِتٍ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ بِرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ فِي الصَّحِيحِ. (2) الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْهُ - وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ - أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي الزِّيَادَةِ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا مُسِنَّةٌ وَرُبُعُ مُسِنَّةٍ أَوْ ثُلُثُ تَبِيعٍ.</p>وَدَلِيل هَذَا الْقَوْل هُوَ أَنَّ الأَْوْقَاصَ مِنَ الْبَقَرِ تِسْعٌ تِسْعٌ، كَمَا قَبْل الأَْرْبَعِينَ وَبَعْدَ السِّتِّينَ، فَكَذَا هُنَا. (3) :</p> </p>‌<span class="title">‌زَكَاةُ أَوْقَاصِ الْغَنَمِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> وَلَا زَكَاةَ فِي أَوْقَاصِ الْغَنَمِ بِالاِتِّفَاقِ (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 1 / 262، وحاشية العدوي على الرسالة 1 / 441، 442، وروضة الطالبين 2 / 152، وكشاف القناع 2 / 191.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 1 / 262.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبيين الحقائق 1 / 262، وفتح القدير 1 / 499، 500، وبدائع الصنائع 2 / 28، والمبسوط 2 / 187.</p><font color=#ff0000>(4)</font> كشاف القناع 2 / 194، وتبيين الحقائق 1 / 263، وروضة الطالبين 2 / 153.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَوْقَافٌ</span></p> </p>انْظُرْ وَقْفٌ.</p> </p>‌<span class="title">‌أُوقِيَّةٌ</span></p> </p>انْظُرْ مَقَادِيرَ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَوْلَوِيَّةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الأَْوْلَوِيَّةُ لُغَةً: مَصْدَرٌ صِنَاعِيٌّ لِلأَْوَّل، أَيْ كَوْنُ الشَّيْءِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ. وَيُقَال: هُوَ أَوْلَى بِكَذَا: أَيْ أَحْرَى بِهِ وَأَجْدَرُ وَأَقْرَبُ وَأَحَقُّ، مُشْتَقٌّ مِنَ الْوَلِيِّ: وَهُوَ الْقُرْبُ. (1) وَقَدِ اسْتَعْمَل الأُْصُولِيُّونَ وَالْفُقَهَاءُ الأَْوْلَى بِمَعْنَى: الأَْحْرَى وَالأَْفْضَل، إِلَاّ أَنَّ أَفْعَل التَّفْضِيل هُنَا عَلَى غَيْرِ بَابِهِ، بِدَلِيل أَنَّ مُقَابِل الأَْوْلَى - وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِخِلَافِ الأَْوْلَى - لَا فَضْل فِيهِ، بَل فِيهِ نَوْعُ كَرَاهَةٍ خَفِيفَةٍ.</p>كَمَا اسْتَعْمَل الْفُقَهَاءُ الأَْوْلَى أَيْضًا بِمَعْنَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التاج والمصباح ومفردات الراغب ونهاية ابن الأثير مادة:" ولي "، والبحر المحيط لأبي حيان 8 / 71.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٥)</span><hr/></div>الأَْحَقِّ، عَلَى غَيْرِ بَابِ أَفْعَل التَّفْضِيل أَيْضًا، بِمَعْنَى أَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلشَّيْءِ دُونَ غَيْرِهِ. (1)</p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p>أَوَّلاً:</p><font color=#ff0000>2 -</font> يُعَبِّرُ الأُْصُولِيُّونَ وَالْفُقَهَاءُ أَحْيَانًا عَنِ النَّدْبِ الْخَفِيفِ بِالأَْوْلَى، وَقَدْ يَقُولُونَ: إِنَّ الأَْمْرَ عَلَى سَبِيل الأَْوْلَوِيَّةِ. (2)</p>ثَانِيًا:</p><font color=#ff0000>3 -</font> الأَْمْرُ بِالشَّيْءِ يُفِيدُ النَّهْيَ عَنْ ضِدِّهِ فِي الْجُمْلَةِ، فَالأَْمْرُ بِفِعْل الْمَنْدُوبَاتِ يُسْتَفَادُ مِنْهُ النَّهْيُ عَنْ تَرْكِهَا، لَكِنْ لَمَّا كَانَ تَرْكُ الْمَنْدُوبِ لَا يَسْتَوْجِبُ إِثْمًا، عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ التَّرْكِ بِأَنَّهُ خِلَافُ الأَْوْلَى.</p>وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ مَنِ ارْتَكَبَ خِلَافَ الأَْوْلَى فَقَدْ أَسَاءَ. وَالإِْسَاءَةُ عِنْدَهُمْ دُونَ الْكَرَاهَةِ، أَوْ أَفْحَشُ، أَوْ أَنَّهَا وَسَطٌ بَيْنَ كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ وَالتَّحْرِيمِ. (3)</p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: الدَّلَالَةُ وَالْفَحْوَى:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> مِنْ أَنْوَاعِ الدَّلَالَةِ اللَّفْظِيَّةِ " الدَّلَالَةُ وَالْفَحْوَى " وَهِيَ: ثُبُوتُ حُكْمِ الْمَنْطُوقِ لِلْمَسْكُوتِ لِفَهْمِ مَنَاطِ الْحُكْمِ بِاللُّغَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَا تَقُل لَهُمَا أُفٍّ} (4)</p>وَيُفْهَمُ مِنْهُ تَحْرِيمُ الضَّرْبِ؛ لأَِجْل أَنَّ مَنَاطَ النَّهْيِ عَنْهُ هُوَ الإِْيذَاءُ، وَهَذَا مَفْهُومٌ لُغَةً، مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ، فَكَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ، وَمِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 1 / 374 ط الأولى، والقليوبي 3 / 129، وشرح جمع الجوامع 1 / 81 ط مصطفى الحلبي، وفواتح الرحموت 1 / 409.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح جمع الجوامع 1 / 81، وابن عابدين 1 / 374.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 1 / 375 و 381، والهداية 1 / 55، 187 ط الحلبي.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة الإسراء / 23.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٥)</span><hr/></div>جُزْئِيَّاتِهِ الضَّرْبُ فَيَكُونُ مَنْهِيًّا عَنْهُ أَيْضًا، وَلَا يَجِبُ فِي الدَّلَالَةِ أَوْلَوِيَّةُ الْمَسْكُوتِ فِي تَحَقُّقِ الْمَنَاطِ فِيهِ.</p>وَقِيل: إِنَّهُ تَنْبِيهٌ بِالأَْدْنَى عَلَى الأَْعْلَى فَتُشْتَرَطُ الأَْوْلَوِيَّةُ عَلَى هَذَا، وَيَخْرُجُ مَا فِيهِ مُسَاوَاةٌ، وَيُسَمَّى الأَْوَّل عِنْدَئِذٍ فَحْوَى الْخِطَابِ، كَمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ (الْمَفْهُومُ الأَْوَّل) وَيُسَمَّى الثَّانِي (لَحْنُ الْخِطَابِ) . وَالْمَشْهُورُ أَنَّ فَحْوَى الْخِطَابِ وَلَحْنَ الْخِطَابِ مُتَرَادِفَانِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌رَابِعًا: قِيَاسُ الأَْوْلَى:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> مِنْ أَنْوَاعِ الْقِيَاسِ: الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ، وَهُوَ: مَا قُطِعَ فِيهِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ، أَوْ كَانَ تَأْثِيرُ الْفَارِقِ فِيهِ احْتِمَالاً ضَعِيفًا. فَالأَْوَّل كَقِيَاسِ الأَْمَةِ عَلَى الْعَبْدِ فِي تَقْوِيمِ حِصَّةِ الشَّرِيكِ عَلَى شَرِيكِهِ الْمُعْتَقِ الْمُوسِرِ وَعِتْقُهَا عَلَيْهِ. وَمِثَال مَا كَانَ فِيهِ تَأْثِيرُ الْفَارِقِ احْتِمَالاً ضَعِيفًا: قِيَاسُ الْعَمْيَاءِ عَلَى الْعَوْرَاءِ فِي الْمَنْعِ مِنَ التَّضْحِيَةِ، حَيْثُ إِنَّ الْعَمْيَاءَ تُرْشَدُ لِلْمَرْعَى الْحَسَنِ، بِخِلَافِ الْعَوْرَاءِ، فَإِنَّهَا تُوكَل إِلَى بَصَرِهَا - وَهُوَ نَاقِصٌ - فَلَا تَسْمَنُ، فَيَكُونُ الْعَوَرُ مَظِنَّةَ الْهُزَال. وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَنْظُورَ إِلَيْهِ فِي عَدَمِ الإِْجْزَاءِ نَقْصُ الْجَمَال بِسَبَبِ نَقْصِ تَمَامِ الْخِلْقَةِ، لَا نَقْصِ السِّمَنِ.</p>وَقِيل: الْجَلِيُّ: الْقِيَاسُ الأَْوَّل، كَقِيَاسِ الضَّرْبِ عَلَى التَّأْفِيفِ فِي التَّحْرِيمِ، وَعَلَى التَّعْرِيفِ الأَْوَّل يَصْدُقُ بِالأَْوْلَى كَالْمُسَاوِي. (2)</p>وَهُنَاكَ خِلَافٌ فِي كَوْنِ قِيَاسِ الأَْوَّل مِنَ الْقِيَاسِ الأُْصُولِيِّ أَوِ اللُّغَوِيِّ، يُنْظَرُ فِي مَحَلِّهِ. (3) وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى مَا سَبَقَ مَحَلُّهُ الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فواتح الرحموت 1 / 409، وشرح جمع الجوامع 1 / 240، 241.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح جمع الجوامع 2 / 340.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح جمع الجوامع 1 / 241.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٦)</span><hr/></div>خَامِسًا:</p><font color=#ff0000>6 -</font> مِنَ الأَْلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى الأَْوْلَوِيَّةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَحْيَانًا كَلِمَةُ (لَا بَأْسَ) ، لَكِنِ الْغَالِبُ اسْتِعْمَالُهَا فِيمَا تَرْكُهُ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ تُسْتَعْمَل فِي الْمَنْدُوبِ أَحْيَانًا، فَإِنْ قَالُوا: لَا بَأْسَ بِكَذَا دَل عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ غَيْرُهُ غَالِبًا. (1)</p>‌<span class="title">‌مِنْ مَوَاطِنِ الْبَحْثِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> يَذْكُرُ الأُْصُولِيُّونَ مَبَاحِثَ الأَْوْلَوِيَّةِ وَالأَْوْلَى فِي مَبَاحِثِ الْحُكْمِ وَأَنْوَاعِهِ، وَفِي مَبَاحِثِ الدَّلَالَةِ وَأَنْوَاعِ الْقِيَاسِ كَمَا تَقَدَّمَ. كَمَا يَذْكُرُهَا الْفُقَهَاءُ بِمُنَاسَبَةِ الْكَلَامِ عَلَى صِيغَةِ " لَا بَأْسَ " وَفِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ بِحَسَبِ الْمُنَاسَبَاتِ كَالأَْوْلَى بِالإِْمَامَةِ وَبِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالدَّفْنِ وَالذَّبْحِ فِي الْحَجِّ وَبِالْحَضَانَةِ وَتَرْبِيَةِ اللَّقِيطِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَوْلِيَاءٌ</span></p>انْظُرْ: وِلَايَةٌ.</p> </p>‌<span class="title">‌إِيَاسٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الإِْيَاسُ مِنَ الشَّيْءِ، وَالْيَأْسُ مِنْهُ: انْقِطَاعُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 1 / 81، 442.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٦)</span><hr/></div>الرَّجَاءِ وَالطَّمَعِ وَالأَْمَل فِيهِ (وَالْيَأْسُ) مَصْدَرُ يَئِسَ يَيْأَسُ فَهُوَ يَائِسٌ. وَقَدْ وَرَدَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَثِيرًا: أَيِسَ يَيْأَسُ فَهُوَ آيِسٌ. (1)</p>هَذَا، وَيُقَال لِلرَّجُل يَائِسٌ وَآيِسٌ، وَلِلْمَرْأَةِ يَائِسَةٌ وَآيِسَةٌ، لَكِنْ إِنْ أُرِيدَ يَأْسُهَا مِنَ الْحَيْضِ خَاصَّةً قِيل: هِيَ آيِسٌ، (2) بِدُونِ تَاءٍ. وَهُوَ الأَْحْرَى عَلَى قَوَاعِدِ اللُّغَةِ، وَيَرِدُ فِيهَا أَيْضًا فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ كَثِيرًا: آيِسَةٌ. (3)</p>هَذَا، وَيَرِدُ الْيَأْسُ وَالإِْيَاسُ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ بِمَعْنَيَيْنِ:</p>الأَْوَّل، وَهُوَ اصْطِلَاحٌ لَهُمْ: أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى انْقِطَاعِ الْحَيْضِ عَنِ الْمَرْأَةِ بِسَبَبِ الْكِبَرِ وَالطَّعْنِ فِي السِّنِّ.</p>وَالثَّانِي: هُوَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ الْمُتَقَدِّمُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: الْيَأْسُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَقَوْلُهُمْ: تَوْبَةُ الْيَائِسِ أَيْ تَوْبَةُ مَنْ يَئِسَ مِنَ الْحَيَاةِ. وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ أَحْكَامِ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً:</p>الإِْيَاسُ بِمَعْنَى انْقِطَاعِ الْحَيْضِ بِسَبَبِ الْكِبَرِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الإِْيَاسُ دُورٌ مِنْ حَيَاةِ الْمَرْأَةِ، يَنْقَطِعُ فِيهِ الْحَيْضُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تاج العروس واللسان، مادة:" أيس "، والمطلع على أبواب المقنع ص 348، ورد المحتار 1 / 201، 202، والمغرب في ترتيب المعرب للمطرزي ص 509. ومنه حديث:" إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون " أخرجه مسلم (4 / 2166 - ط الحلبي) والترمذي (4 / 330 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 7 / 503، الطبعة الثالثة وما يوافقها.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 5 / 240، وشرح المنهاج مع حاشية القليوبي 3 / 348، والمغني 7 / 458، 459.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٧)</span><hr/></div>وَالْحَمْل، بِسَبَبِ تَغَيُّرَاتٍ تَطْرَأُ عَلَى جِسْمِهَا.</p>وَيُرَافِقُ هَذَا الاِنْقِطَاعَ اضْطِرَابٌ فِي وَظَائِفِ الأَْعْضَاءِ، وَاضْطِرَابَاتٌ نَفْسِيَّةٌ. (1)</p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْقُعُودُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> قُعُودُ الْمَرْأَةِ بِمَعْنَى إِيَاسِهَا. فَقَدْ فَسَّرَهُ أَهْل اللُّغَةِ بِانْقِطَاعِ الْحَيْضِ وَالْوَلَدِ عَنْهَا. قَال ابْنُ السِّكِّيتِ: امْرَأَةٌ قَاعِدٌ إِذَا قَعَدَتْ عَنِ الْمَحِيضِ. فَإِذَا أَرَدْتَ الْقُعُودَ قُلْتَ: هِيَ قَاعِدَةٌ. وَجَمْعُهَا قَوَاعِدُ. وَقَدْ فُسِّرَ قَوْله تَعَالَى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ} (2) بِمَنِ انْقَطَعَ عَنْهُنَّ الْحَيْضُ. وَقَال الزَّجَّاجُ: هُنَّ اللَاّتِي قَعَدْنَ عَنِ الأَْزْوَاجِ. (3)</p>ب -‌<span class="title">‌ الْعُقْرُ وَالْعُقُمُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الْمَرْأَةُ الْعَاقِرُ: هِيَ الَّتِي لَا تَلِدُ. وَيُقَال لِلرَّجُل أَيْضًا: عَاقِرٌ، إِنْ كَانَ لَا يُولَدُ لَهُ. وَالْعُقُمُ أَيْضًا فِي الْمَرْأَةِ وَالرَّجُل، يُقَال: قَدْ عَقُمَتِ الْمَرْأَةُ بِمَعْنَى: أَعْقَمَهَا اللَّهُ. فَهِيَ عَقِيمٌ وَمَعْقُومَةٌ. وَيُقَال لِلرَّجُل أَيْضًا: عَقِيمٌ، إِنْ كَانَ لَا يُولَدُ لَهُ. (4)</p>وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمَرْأَةَ يُقَال لَهَا: عَاقِرٌ وَعَقِيمٌ، إِذَا كَانَتْ لَا تَحْمِل وَلَوْ كَانَتْ ذَاتَ حَيْضٍ، وَبِهَذَا تُخَالِفُ الآْيِسَةَ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَكُونُ آيِسَةً إِلَاّ إِذَا امْتَنَعَ عَنْهَا الْحَيْضُ بِسَبَبِ السِّنِّ، ثُمَّ إِنِ امْتَنَعَ الْحَيْضُ بِسَبَبِ ذَلِكَ امْتَنَعَ الْحَمْل عَادَةً وَلَا بُدَّ. فَكُل آيِسَةٍ عَقِيمٌ، وَلَا عَكْسَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النور / 60.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب، والمصباح، والتاج.</p><font color=#ff0000>(4)</font> اللسان.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٧)</span><hr/></div>ج -‌<span class="title">‌ امْتِدَادُ الطُّهْرِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> قَدْ يُمْتَنَعُ الْحَيْضُ عَنِ الْمَرْأَةِ قَبْل‌<span class="title">‌ سِنِّ الإِْيَاسِ </span>لِعَارِضٍ مِنْ هُزَالٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ رَضَاعٍ، فَلَا يُسَمَّى ذَلِكَ يَأْسًا. وَقَدْ يَكُونُ امْتِنَاعُهُ لِسَبَبٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ، فَيُقَال لَهَا فِي كُل تِلْكَ الأَْحْوَال (مُمْتَدَّةُ الطُّهْرِ) أَوْ (مُنْقَطِعَةُ الْحَيْضِ) . وَفَرَّقَ فِي (الدُّرِّ الْمُنْتَقَى) بَيْنَ هَذَيْنِ الاِصْطِلَاحَيْنِ فَقَال: مُنْقَطِعَةُ الْحَيْضِ: هِيَ الَّتِي بَلَغَتْ بِالسِّنِّ وَلَمْ تَحِضْ قَطُّ. وَمُرْتَفِعَةُ الْحَيْضِ: هِيَ مَنْ حَاضَتْ وَلَوْ مَرَّةً، ثُمَّ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا وَامْتَدَّ طُهْرُهَا، وَلِذَا تُسَمَّى مُمْتَدَّةَ الطُّهْرِ. (1)</p> </p>سِنُّ الإِْيَاسِ:</p><font color=#ff0000>6 -</font> يُقَرِّرُ الأَْطِبَّاءُ أَنَّ وَظِيفَةَ الْحَمْل لَدَى الْمَرْأَةِ تَسْتَمِرُّ لَدَيْهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ 35 عَامًا، تَتَعَطَّل لَدَيْهَا بَعْدَهَا وَظِيفَةُ الْحَمْل وَالإِْنْجَابِ.</p>وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِ سِنِّ الإِْيَاسِ عَلَى أَقْوَالٍ:</p><font color=#ff0000>(1)</font> فَقَال بَعْضُهُمْ: لَا حَدَّ لأَِكْثَرِهِ. وَعَلَيْهِ فَأَيُّ سِنٍّ رَأَتْ فِيهَا الدَّمَ فَهُوَ حَيْضٌ. وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ السِّتِّينَ. وَهَذَا قَوْل بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ. قَالُوا: لَا يُحَدُّ الإِْيَاسُ بِمُدَّةٍ، بَل إِيَاسُهَا أَنْ تَبْلُغَ مِنَ السِّنِّ مَا لَا يَحِيضُ مِثْلُهَا فِيهِ. فَإِذَا بَلَغَتْهُ، وَانْقَطَعَ دَمُهَا، حُكِمَ بِإِيَاسِهَا. فَمَا رَأَتْهُ بَعْدَ الاِنْقِطَاعِ حَيْضٌ، فَيَبْطُل بِهِ الاِعْتِدَادُ بِالأَْشْهُرِ، وَتَفْسُدُ الأَْنْكِحَةُ أَيْ يَظْهَرُ فَسَادُ نِكَاحِهَا إِنْ كَانَتِ اعْتَدَّتْ بِالأَْشْهُرِ وَتَزَوَّجَتْ، ثُمَّ رَأَتِ الدَّمَ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 5 / 240 ط بولاق الأولى. وقد عبر بعض الحنفية بدل انقطاع الحيض في هذه الحالة بامتناع الحيض كما في ابن عابدين 2 / 602، 606.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار وحاشية ابن عابدين 2 / 606، وفتح القدير 4 / 145 ط الميمنية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٨)</span><hr/></div><font color=#ff0000>(2)</font> وَقِيل: يُحَدُّ بِخَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، هُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، قِيل فِيهِ إِنَّ عَلَيْهِ الاِعْتِمَادَ، وَإِنَّ عَلَيْهِ أَكْثَرَ الْمَشَايِخِ، فَمَا رَأَتْهُ مِنَ الدَّمِ بَعْدَهَا فَلَيْسَ بِحَيْضٍ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، إِلَاّ إِذَا كَانَ دَمًا خَالِصًا فَحَيْضٌ، حَتَّى يَبْطُل بِهِ الاِعْتِدَادُ بِالأَْشْهُرِ، إِنْ جَاءَهَا قَبْل تَمَامِ الأَْشْهُرِ لَا بَعْدَهَا، حَتَّى لَا تَفْسُدَ الأَْنْكِحَةُ، قَالُوا: وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى، وَعَلَيْهِ فَالنِّكَاحُ إِنْ وَقَعَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الأَْشْهُرِ ثُمَّ رَأَتِ الدَّمَ جَائِزٌ. (1)</p><font color=#ff0000>(3)</font> وَقِيل يُحَدُّ بِخَمْسِينَ سَنَةً، وَهُوَ قَوْلٌ لِلْحَنَفِيَّةِ، قَال صَاحِبُ الدُّرِّ: عَلَيْهِ الْمُعَوَّل وَالْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا.</p>وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. (2) وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْل بِقَوْل عَائِشَةَ رضي الله عنها: " لَنْ تَرَى الْمَرْأَةُ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا بَعْدَ الْخَمْسِينَ ".</p><font color=#ff0000>(4)</font> وَقِيل يُحَدُّ سِنُّ الْيَأْسِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كُل امْرَأَةٍ بِيَأْسِ نِسَاءِ عَشِيرَتِهَا مِنَ الأَْبَوَيْنِ؛ لِتَقَارُبِهِنَّ فِي الطَّبْعِ. فَإِذَا بَلَغَتِ السِّنَّ الَّذِي يَنْقَطِعُ فِيهِ حَيْضُهُنَّ فَقَدْ بَلَغَتْ سِنَّ الْيَأْسِ، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ. (3)</p><font color=#ff0000>(5)</font> وَالْقَوْل الْجَدِيدُ لِلشَّافِعِيِّ: الْمُعْتَبَرُ سِنُّ الْيَأْسِ لِجَمِيعِ النِّسَاءِ بِحَسَبِ مَا يَبْلُغُ الْخَبَرُ عَنْهُنَّ. وَأَقْصَاهُ فِيمَا عُلِمَ اثْنَتَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً. وَقِيل: سِتُّونَ. وَقِيل خَمْسُونَ. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 2 / 606، وفتح القدير 4 / 45.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر وحاشيته 2 / 606، والمغني 1 / 460.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح المنهاج للمحلي بحاشية القليوبي 3 / 43، والجمل على شرح المنهج 4 / 445.</p><font color=#ff0000>(4)</font> شرح المنهاج 3 / 43، والجمل 4 / 445.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٨)</span><hr/></div><font color=#ff0000>(6)</font> وَقِيل بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ بَعْضِ الأَْجْنَاسِ وَبَعْضٍ، فَهُوَ لِلْعَرَبِيَّاتِ سِتُّونَ عَامًا، وَلِلْعَجَمِيَّاتِ خَمْسُونَ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لأَِنَّ الْعَرَبِيَّةَ أَقْوَى طَبِيعَةً. (1)</p><font color=#ff0000>(7)</font> وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فِيمَا نَقَلَهُ الْخِرَقِيُّ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّ الإِْيَاسَ لَهُ حَدَّانِ: أَعْلَى وَأَدْنَى. فَأَقَلُّهُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا خَمْسُونَ سَنَةً. وَأَعْلَاهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ سَبْعُونَ. قَالُوا: فَمَنْ بَلَغَتْ سَبْعِينَ فَدَمُهَا غَيْرُ حَيْضٍ قَطْعًا. وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْ خَمْسِينَ فَدَمُهَا حَيْضٌ قَطْعًا. وَلَا يُسْأَل النِّسَاءُ - أَيْ ذَوَاتُ الْخِبْرَةِ - فِيهِمَا. وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ يُرْجَعُ فِيهِ لِلنِّسَاءِ؛ لأَِنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ. (2)</p>وَأَعْلَاهُ عِنْدَ أَحْمَدَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ سِتُّونَ سَنَةً، تَيْأَسُ بَعْدَهَا يَقِينًا. وَمَا بَيْنَ الْخَمْسِينَ وَالسِّتِّينَ مِنَ الدَّمِ مَشْكُوكٌ فِيهِ، لَا تَتْرُكْ لَهُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ. وَتَقْضِي الصَّوْمَ الْمَفْرُوضَ احْتِيَاطًا. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّهُ مَتَى بَلَغَتِ الْمَرْأَةُ خَمْسِينَ فَانْقَطَعَ حَيْضُهَا عَنْ عَادَتِهَا عِدَّةَ مَرَّاتٍ لِغَيْرِ سَبَبٍ فَقَدْ صَارَتْ آيِسَةً؛ لأَِنَّ وُجُودَ الْحَيْضِ فِي حَقِّ هَذِهِ نَادِرٌ، بِدَلِيل قِلَّةِ وُجُودِهِ، وَقَوْل عَائِشَةَ: لَنْ تَرَى الْمَرْأَةُ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا بَعْدَ الْخَمْسِينَ فَإِذَا انْضَمَّ إِلَى هَذَا انْقِطَاعُهُ عَنِ الْعَادَةِ مَرَّاتٍ حَصَل الْيَأْسُ مِنْ وُجُودِهِ، فَلَهَا حِينَئِذٍ أَنْ تَعْتَدَّ بِالأَْشْهُرِ، وَإِنِ انْقَطَعَ قَبْل ذَلِكَ فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَنِ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ - أَيْ فَتَتَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ لاِسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ، وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ لِلْعِدَّةِ - وَإِنْ رَأَتِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 1 / 363 و 7 / 460، 461.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الزرقاني على خليل في أبواب العدة 4 / 204، والشرح الكبير 2 / 273.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٩)</span><hr/></div>الدَّمَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ عَلَى الْعَادَةِ الَّتِي كَانَتْ تَرَاهُ فِيهَا فَهُوَ حَيْضٌ فِي الصَّحِيح؛ لأَِنَّ دَلِيل الْحَيْضِ الْوُجُودُ فِي زَمَنِ الإِْمْكَانِ، وَهَذَا يُمْكِنُ وُجُودُ الْحَيْضِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ نَادِرًا. وَإِنْ رَأَتْهُ بَعْدَ السِّتِّينَ فَقَدْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ لأَِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌اشْتِرَاطُ انْقِطَاعِ الدَّمِ مُدَّةً قَبْل الْحُكْمِ بِالإِْيَاسِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ الْحَنَفِيَّةُ فِي سِيَاقِ الْقَوْل بِأَنَّ سِنَّ الإِْيَاسِ 50 أَوْ 55 عَامًا، قَالُوا: يُشْتَرَطُ لِلْحُكْمِ بِالإِْيَاسِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ أَنْ يَنْقَطِعَ الدَّمُ عَنْهَا مُدَّةً طَوِيلَةً، وَهِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فِي الأَْصَحِّ. قَالُوا: وَالأَْصَحُّ أَلَاّ يَشْتَرِطَ أَنْ يَكُونَ انْقِطَاعُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ مُدَّةِ الإِْيَاسِ. بَل لَوْ كَانَ مُنْقَطِعًا قَبْل مُدَّةِ الإِْيَاسِ، ثُمَّ تَمَّتْ مُدَّةُ الإِْيَاسِ، وَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا يُحْكَمُ بِإِيَاسِهَا وَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ. (2) وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِهَذَا الشَّرْطِ غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ فِيمَا اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌إِيَاسُ مَنْ لَمْ تَحِضْ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> لَمْ يَعْرِضْ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالنَّصِّ عَلَيْهَا فِيمَا اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ. فَقَدْ قَالُوا: إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتْ بِالسِّنِّ، وَاسْتَمَرَّ امْتِنَاعُ الْحَيْضِ، فَإِنَّهَا يُحْكَمُ بِإِيَاسِهَا مَتَى بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ عَامًا. نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنِ الْجَامِعِ. (3)</p>وَمُقْتَضَى إِطْلَاقِ غَيْرِهِمْ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِيَاسِهَا إِلَاّ مَتَى بَلَغَتْ سِنَّ الإِْيَاسِ الْمُعْتَبَرِ، كَغَيْرِهَا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 461.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 607.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 2 / 602، 606.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌السُّنَّةُ وَالْبِدْعَةُ فِي تَطْلِيقِ الآْيِسَةِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> السُّنَّةُ فِي طَلَاقِ الْمَرْأَةِ أَنْ يَكُونَ فِي طُهْرٍ لَمْ يَأْتِهَا فِيهِ زَوْجُهَا، أَوْ أَثْنَاءَ الْحَمْل. أَمَّا طَلَاقُهَا أَثْنَاءَ الْحَيْضِ، أَوْ فِي طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيهِ، فَإِنَّهُ طَلَاقٌ بِدْعِيٌّ. وَأَمَّا الآْيِسَةُ مِنَ الْحَيْضِ فَقَدْ قِيل: لَا سُنَّةَ لِطَلَاقِهَا وَلَا بِدْعَةَ، وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: السُّنَّةُ فِي طَلَاقِهَا أَنْ تَطْلُقَ عَلَى رَأْسِ كُل شَهْرٍ طَلْقَةً.</p>وَقِيل: طَلَاقُهَا طَلَاقٌ سُنِّيٌّ وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ. (1)</p>وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (طَلَاقٍ) .</p> </p>‌<span class="title">‌عِدَّةُ طَلَاقِ الآْيِسَةِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> تَعْتَدُّ ذَاتُ الأَْقْرَاءِ مِنَ الطَّلَاقِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ. وَالْحَامِل عِدَّتُهَا إِلَى وَضْعِ حَمْلِهَا، أَمَّا الَّتِي أَيِسَتْ مِنَ الْحَيْضِ، إِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَعِدَّتُهَا مِنَ الطَّلَاقِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ. وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (2) لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{وَاللَاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ} . (3)</p>وَالتَّفْصِيل فِي (عِدَّةٍ) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَنْ تَأْخُذُ حُكْمَ الآْيِسَةِ مِنَ النِّسَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> إِنَّ الْمُطَلَّقَةَ إِذَا ارْتَفَعَ حَيْضُهَا، وَعَرَفَتْ مَا رَفَعَهُ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ نِفَاسٍ، فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ زَوَال الْعَارِضِ وَعَوْدَ الدَّمِ وَإِنْ طَال، إِلَاّ أَنْ تَصِيرَ فِي سِنِّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 2 / 419، وشرح المنهاج وحاشية القليوبي 3 / 348، وشرح منتهى الإرادات 3 / 134 مطبعة أنصار السنة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 2 / 602، وشرح المنتهى 3 / 220، والمغني 7 / 425، 458، 459، 503.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الطلاق / 4.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٠)</span><hr/></div>الْيَأْسِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الآْيِسَاتِ. (1)</p>أَمَّا إِنْ كَانَ ارْتِفَاعُ حَيْضِهَا لِسَبَبٍ لَا تَعْلَمُهُ، وَكَانَتْ حُرَّةً، فَقَدْ قِيل: تَتَرَبَّصُ سَنَةً: تِسْعَةَ أَشْهُرٍ لِلْحَمْل، ثُمَّ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كَالآْيِسَةِ. وَقِيل فِي مُدَّةِ تَرَبُّصِهَا غَيْرُ ذَلِكَ (2) (ر: عِدَّةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَحْكَامُ اللِّبَاسِ وَالنَّظَرِ وَنَحْوِهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِلآْيِسَةِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا اجْتَمَعَ لَهَا مَعَ الإِْيَاسِ انْقِطَاعُ رَجَائِهَا فِي النِّكَاحِ ثَبَتَ لَهَا نَوْعٌ مِنَ الرُّخْصَةِ فِي كَمَال الاِسْتِتَارِ. قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَاّتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} (3)، قَال الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهَا: هُنَّ الْعُجَّزُ اللَّوَاتِي قَعَدْنَ عَنِ التَّصَرُّفِ مِنِ السِّنِّ، وَقَعَدْنَ عَنِ الْوَلَدِ وَالْمَحِيضِ. هَذَا قَوْل أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ. وَقَال أَبُو عُبَيْدَةَ: هُنَّ اللَاّتِي قَعَدْنَ عَنِ الْوَلَدِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُسْتَقِيمٍ؛ لأَِنَّ الْمَرْأَةَ تَقْعُدُ عَنِ الْوَلَدِ، وَفِيهَا مُسْتَمْتَعٌ. وَإِنَّمَا خَصَّ الْقَوَاعِدَ بِهَذَا الْحُكْمِ - وَهُوَ جَوَازُ وَضْعِ الْجِلْبَابِ أَوِ الرِّدَاءِ عَنْهُنَّ، إِذَا كَانَ مَا تَحْتَهُ مِنَ الثِّيَابِ سَاتِرًا لِمَا يَجِبُ سِتْرُهُ - لاِنْصِرَافِ الأَْنْفُسِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 465.</p><font color=#ff0000>(2)</font> واللجنة ترى أن المرأة التي لم تبلغ سن الإياس، ولكن تحقق بما لا يبقى معه مجال للشك امتناع الحيض والحمل في حقها، لا شك أن حكمها في الاعتداد ونحوه حكم الآيسة ولا فرق، لأن حكم الآيسة ينطبق عليها أنها ممن (يئسن من المحيض) ومثال ذلك أن تكون قد استؤصل منها</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النور / 60.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٠)</span><hr/></div>عَنْهُنَّ، وَقِيل: لَا بَأْسَ بِالنَّظَرِ مِنْهَا إِلَى مَا يَظْهَرُ غَالِبًا وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، إِذْ لَا مَذْهَبَ لِلرِّجَال فِيهِنَّ، فَأُبِيحَ لَهُنَّ مَا لَمْ يُبَحْ لِغَيْرِهِنَّ، وَأُزِيل عَنْهُنَّ كُلْفَةُ التَّحَفُّظِ الْمُتْعِبَةِ لَهُنَّ. (1)</p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا:</p>الإِْيَاسُ بِمَعْنَى انْقِطَاعِ الرَّجَاءِ</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> الإِْيَاسُ مِنْ حُصُول بَعْضِ الأَْشْيَاءِ جَائِزٌ وَلَا بَأْسَ بِهِ. بَل اسْتِحْضَارُ الإِْيَاسِ مِنْ بَعْضِ الأَْشْيَاءِ الْبَعِيدَةِ الْحُصُول قَدْ يَكُونُ رَاحَةً لِلنَّفْسِ مِنْ تَطَلُّبِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ أَجْمَعُ الإِْيَاسِ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ. (2)</p>وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ لِلْمُؤْمِنِ الْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ.</p>وَمِنْ أَمْثِلَةِ الإِْيَاسِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الإِْيَاسُ مِنَ الرِّزْقِ أَوْ نَحْوِهِ كَالْوَلَدِ، أَوْ وُجُودِ الْمَفْقُودِ، أَوْ يَأْسِ الْمَرِيضِ مِنَ الْعَافِيَةِ، أَوْ يَأْسِ الْمُذْنِبِ مِنَ الْمَغْفِرَةِ.</p>وَالإِْيَاسِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَنْهِيٌّ عَنْهُ. وَقَدْ عَدَّهُ الْعُلَمَاءُ مِنَ الْكَبَائِرِ. قَال ابْنُ حَجَرٍ الْمَكِّيُّ: عَدُّ ذَلِكَ كَبِيرَةً هُوَ مَا أَطْبَقُوا عَلَيْهِ؛ لِمَا وَرَدَ فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير القرطبي 12 / 309، وأحكام القرآن لابن العربي 3 / 1388 ط عيسى الحلبي، وشرح المنتهى 3 / 5، وابن عابدين 5 / 235، والهندية 5 / 329، والمغني 6 / 559.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" أجمع الأياس مما في أيدي الناس " أخرجه أحمد (5 / 412 - ط الميمنية) من حديث أبي أيوب الأنصاري وضعفه البوصيري في الزوائد كما في التعليق على ابن ماجه (2 / 1396 - ط الحلبي) ، ولكن له شاهد من حديث سعد بن أبي وقاص أخرجه الحاكم (4 / 326 ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠١)</span><hr/></div>اللَّهِ إِلَاّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (1)، وقَوْله تَعَالَى:{وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَاّ الضَّالُّونَ} . (2)</p>وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْبَزَّارُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِل: مَا الْكَبَائِرُ؟ فَقَال: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالإِْيَاسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، وَالأَْمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ، وَهَذَا أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ (3) قِيل: وَالأَْشْبَهُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ مَوْقُوفًا، وَبِكَوْنِهِ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ صَرَّحَ ابْنُ مَسْعُودٍ كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالطَّبَرَانِيُّ. ثُمَّ قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَإِنَّمَا كَانَ الْيَأْسُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ مِنَ الْكَبَائِرِ لأَِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ تَكْذِيبَ النُّصُوصِ الْقَطْعِيَّةِ. ثُمَّ هَذَا الْيَأْسُ قَدْ يَنْضَمُّ إِلَيْهِ حَالَةٌ هِيَ أَشَدُّ مِنْهُ، وَهِيَ التَّصْمِيمُ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِ الرَّحْمَةِ لَهُ، وَهَذَا هُوَ الْقُنُوطُ، بِحَسَبِ مَا دَل عَلَيْهِ سِيَاقُ الآْيَةِ:{وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ} (4) وَتَارَةً يَنْضَمُّ إِلَيْهِ أَنَّهُ مَعَ اعْتِقَادِهِ عَدَمَ وُقُوعِ الرَّحْمَةِ لَهُ يَرَى أَنَّهُ سَيُشَدِّدُ عَذَابَهُ كَالْكُفَّارِ. وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِسُوءِ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى. (5)</p>وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنِ الْيَأْسِ مِنَ الرِّزْقِ فِي مِثْل قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِحَبَّةٍ وَسَوَاءٍ ابْنَيْ خَالِدِ لَا تَيْأَسَا مِنَ الرِّزْقِ مَا تَهَزْهَزَتْ رُءُوسُكُمَا. (6)</p>وَوَرَدَ النَّهْيُ عَنِ الْقَنُوطِ بِسَبَبِ الْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة يوسف / 87.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الحجر / 56.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " الكبائر. . . " أخرجه البزار والطبراني كما في المجمع (4 / 104 - ط المقدسي) وقال: ورجاله موثقون.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة فصلت / 49.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر بتصرف قليل 1 / 82 - 83.</p><font color=#ff0000>(6)</font> حديث: " لا تيأس من الرزق ما تهزهزت رؤوسكما " أخرجه أحمد (3 / 469 - ط الميمنية) وابن ماجه (2 / 1394 - ط الحلبي) وقال البوصيري: إسناده صحيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠١)</span><hr/></div>حُلُول الْمُصِيبَةِ فِي مِثْل قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآِيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} . (1)</p>وَوَرَدَ النَّهْيُ عَنِ الْيَأْسِ مِنْ مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ فِي قَوْله تَعَالَى: {قُل يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} . (2)</p>فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَتَعَاظَمُهُ ذَنْبٌ أَنْ يَغْفِرَهُ، فَرَحْمَتُهُ وَسِعَتْ كُل شَيْءٍ. وَمِنْ أَجْل ذَلِكَ فَالإِْنَابَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَطْلُوبَةٌ، وَبَابُ التَّوْبَةِ إِلَيْهِ مِنَ الذُّنُوبِ جَمِيعًا مَفْتُوحٌ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ، أَيْ حِينَ يَيْأَسُ مِنَ الْحَيَاةِ.</p>فَتَوْبَةُ الْيَائِسِ - وَهِيَ تَوْبَةُ مَنْ يَئِسَ مِنَ الْحَيَاةِ كَالْمُحْتَضَرِ - الْمَشْهُورُ أَنَّهَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، كَإِيمَانِ الْيَائِسِ. وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُورِ. وَفَرَّقَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بَيْنَ تَوْبَةِ الْيَائِسِ وَإِيمَانِ الْيَائِسِ، فَقَالُوا بِقَبُول الأَْوَّل دُونَ الثَّانِي (3) (ر: احْتِضَارٌ. تَوْبَةٌ) .</p>أَمَّا مَنْ مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ فَإِنَّهُ هُوَ الْيَائِسُ حَقًّا مِنْ مَغْفِرَةِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ، (4) بِخِلَافِ مَنْ مَاتَ عَلَى الإِْيمَانِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُرْجَى لَهُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الروم / 36، 37.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الزمر / 53.</p><font color=#ff0000>(3)</font> وانظر حاشية ابن عابدين 1 / 571 و 3 / 289.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة العنكبوت / 23.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَيَامَى</span></p> </p>انْظُرْ نِكَاحٌ.</p> </p>‌<span class="title">‌إِيتَارٌ</span></p> </p>انْظُرْ وَتْرٌ.</p> </p>‌<span class="title">‌إِيتِمَانٌ</span></p> </p>انْظُرْ أَمَانَةٌ.</p> </p>‌<span class="title">‌إِيجَابٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الإِْيجَابُ: لُغَةً مَصْدَرُ أَوْجَبَ. يُقَال أَوْجَبَ الأَْمْرَ عَلَى النَّاسِ إِيجَابًا: أَيْ أَلْزَمَهُمْ بِهِ إِلْزَامًا، وَيُقَال: وَجَبَ الْبَيْعُ يَجِبُ وُجُوبًا أَيْ: لَزِمَ وَثَبَتَ، وَأَوْجَبَهُ إِيجَابًا: أَلْزَمَهُ إِلْزَامًا. (1)</p>وَاصْطِلَاحًا: يُطْلَقُ عَلَى عِدَّةِ مَعَانٍ، مِنْهَا:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب والمصباح المنير في مادة: " وجب ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٢)</span><hr/></div>طَلَبُ الشَّارِعِ الْفِعْل عَلَى سَبِيل الإِْلْزَامِ، وَهُوَ بِهَذَا يُخَالِفُ الاِخْتِيَارَ.</p>وَمِنْهَا: التَّلَفُّظُ الَّذِي يَصْدُرُ عَنْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْرِيفِهِ بِهَذَا الْمَعْنَى، فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: الإِْيجَابُ: هُوَ مَا صَدَرَ أَوَّلاً مِنْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ بِصِيغَةٍ صَالِحَةٍ لإِِفَادَةِ الْعَقْدِ، وَالْقَبُول: مَا صَدَرَ ثَانِيًا مِنْ أَيِّ جَانِبٍ كَانَ.</p>وَيَرَى غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الإِْيجَابَ: مَا صَدَرَ مِنَ الْبَائِعِ، وَالْمُؤَجِّرِ، وَالزَّوْجَةِ، أَوْ وَلِيِّهَا، عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ، سَوَاءٌ صَدَرَ أَوَّلاً أَوْ آخِرًا؛ لأَِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ سَيُمَلِّكُونَ: الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ الْمَبِيعَةَ، وَالْمُسْتَأْجِرَ مَنْفَعَةَ الْعَيْنِ، وَالزَّوْجَ الْعِصْمَةَ، وَهَكَذَا. (1)</p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْفَرْضُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> يَأْتِي الْفَرْضُ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا بِمَعْنَى: الإِْيجَابِ يُقَال: فَرَضَ اللَّهُ الأَْحْكَامَ فَرْضًا أَيْ أَوْجَبَهَا، وَلَا فَرْقَ عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالإِْيجَابِ.</p>أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَالْفَرْضُ: مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ لَا شُبْهَةَ فِيهِ، وَيَكْفُرُ جَاحِدُهُ إِذَا كَانَ مِمَّا عُلِمَ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ. وَالْوَاجِبُ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ فِيهِ شُبْهَةٌ كَالْقِيَاسِ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التهانوي 472، 1204، 1448، وفتح القدير 2 / 344، والمغني 3 / 561 ط الرياض، والمجموع 7 / 165 ط السعودية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح المنير في المادة، والتعريفات للجرجاني، والمستصفى للغزالي 1 / 66، ومسلم الثبوت 1 / 59.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٣)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ الْوُجُوبُ:</span></p>وَهُوَ أَثَرُ الإِْيجَابِ، فَالإِْيجَابُ مِنَ الْحَاكِمِ بِهِ، وَالْوُجُوبُ صِفَةُ الْفِعْل الْمَحْكُومِ فِيهِ، فَمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ صَارَ بِإِيجَابِهِ وَاجِبًا.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ النَّدْبُ: </span>وَهُوَ طَلَبُ الشَّارِعِ الْفِعْل لَا عَلَى وَجْهِ الإِْلْزَامِ بِهِ، كَصَلَاةِ النَّافِلَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌مَصْدَرُ الإِْيجَابِ الشَّرْعِيِّ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الإِْيجَابُ الشَّرْعِيُّ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ لَا يَكُونُ إِلَاّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لأَِنَّهُ خِطَابُ الشَّرْعِ لِلْمُكَلَّفِينَ بِمَا يُوجِبُهُ عَلَيْهِمْ. وَقَدْ يُوجِبُ الإِْنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ فِعْل طَاعَةٍ بِالنَّذْرِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ شَرْعًا؛ لإِِيجَابِ اللَّهِ الْوَفَاءَ بِالنَّذْرِ، كَأَنْ يَنْذُرَ شَخْصٌ صَوْمَ أَيَّامٍ، أَوْ حَجَّ الْبَيْتِ، أَوْ صَدَقَةً مُعَيَّنَةً.</p>وَيُنْظَرُ لِتَفَاصِيل أَحْكَامِ الْوَاجِبِ الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْيجَابُ فِي الْمُعَامَلَاتِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> يَكُونُ الإِْيجَابُ بِاللَّفْظِ، وَهُوَ الأَْكْثَرُ. وَيَكُونُ بِالإِْشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ مِنَ الأَْبْكَمِ وَنَحْوِهِ فِي غَيْرِ النِّكَاحِ. وَقَدْ يَكُونُ بِالْفِعْل كَمَا فِي بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ. وَقَدْ يَكُونُ بِالْكِتَابَةِ. وَيَكُونُ الإِْيجَابُ بِالرِّسَالَةِ أَوِ الرَّسُول، إِذْ يُعْتَبَرُ مَجْلِسُ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ أَوِ الرَّسُول، وَعِلْمُهُ بِمَا فِيهَا، هُوَ مَجْلِسُ الإِْيجَابِ. (1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية 3 / 17، وفتح القدير 5 / 79، والبدائع 5 / 138، وابن عابدين 2 / 425، 4 / 379، 5 / 421، وقليوبي وعميرة 2 / 153، 329، 3 / 130، 219، 327، وجواهر الإكليل 1 / 233، 348.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٣)</span><hr/></div>وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ، وَالْخِلَافُ فِيهِ، فِي أَبْوَابِ الْمُعَامَلَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ وَخَاصَّةً الْبُيُوعُ، وَانْظُرْ أَيْضًا مُصْطَلَحَ (إِرْسَالٍ. إِشَارَةٍ. عَقْدٍ) .</p> </p>‌<span class="title">‌شُرُوطُ صِحَّةِ الإِْيجَابِ فِي الْعُقُودِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الإِْيجَابِ فِي الْعُقُودِ شُرُوطٌ أَهَمُّهَا: أَهْلِيَّةُ الْمُوجِبِ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (صِيغَةٌ، وَعَقْدٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌خِيَارُ الإِْيجَابِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> يَرَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ - مِثْل الْحَنَفِيَّةِ - أَنَّ لِلْمُوجِبِ حَقَّ الرُّجُوعِ قَبْل الْقَبُول، وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الْمُوجِبَ لَوْ رَجَعَ عَمَّا أَوْجَبَهُ لِصَاحِبِهِ قَبْل أَنْ يُجِيبَهُ الآْخَرُ، لَا يُفِيدُهُ رُجُوعُهُ إِذَا أَجَابَهُ صَاحِبُهُ بِالْقَبُول، وَلَا يَمْلِكُ أَنْ يَرْجِعَ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَجْلِسِ.</p>أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ خِيَارَ الْمَجْلِسِ، وَهُوَ يَقْتَضِي جَوَازَ رُجُوعِ الْمُوجِبِ عَنْ إِيجَابِهِ حَتَّى بَعْدَ قَبُول الْعَاقِدِ الآْخَرِ، فَمِنْ بَابِ أَوْلَى يَصِحُّ رُجُوعُهُ قَبْل اتِّصَال الْقَبُول بِهِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌إِيجَارٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الإِْيجَارُ: مَصْدَرُ آجَرَ، وَفِعْلُهُ الثُّلَاثِيُّ أَجَرَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل 4 / 241، وفتح القدير 5 / 78 - 80، والمغني مع الشرح 4 / 4، وشرح الروض 2 / 5، والشرواني على التحفة 4 / 223، والبدائع 5 / 134 ط المكتبة الإسلامية، وشرح المنهاج وحاشية القليوبي 2 / 155.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٤)</span><hr/></div>يُقَال: آجَرَ الشَّيْءُ يُؤَجِّرُهُ إِيجَارًا. وَيُقَال: آجَرَ فُلَانٌ فُلَانًا دَارَهُ أَيْ: عَاقَدَهُ عَلَيْهَا.</p>وَالْمُؤَاجَرَةُ: الإِْثَابَةُ وَإِعْطَاءُ الأَْجْرِ.</p>وَآجَرْتُ الدَّارَ أُوجِرُهَا إِيجَارًا، فَهِيَ مُؤَجَّرَةٌ.</p>وَالاِسْمُ: الإِْجَارَةُ.</p>وَلِلتَّفْصِيل (ر: إِجَارَةٌ ج 1 252)</p>وَالإِْيجَارُ (أَيْضًا) مَصْدَرٌ لِلْفِعْل أَوْجَرَ، وَفِعْلُهُ الثُّلَاثِيُّ (وَجَرَ)، يُقَال: أَوْجَرَهُ: إِذَا أَلْقَى الْوُجُورَ فِي حَلْقِهِ. (1)</p>هَذَا فِي اللُّغَةِ، وَلَمْ يَخْرُجِ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ يَسْتَعْمِلُونَ الإِْيجَارَ بِمَعْنَى: صَبِّ اللَّبَنِ أَوِ الدَّوَاءِ أَوْ غَيْرِهِمَا فِي الْحَلْقِ. (2)</p>وَاشْتَهَرَ عِنْدَهُمُ التَّعْبِيرُ بِلَفْظِ الإِْجَارَةِ بِمَعْنَى: بَيْعِ الْمَنْفَعَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ إِيجَارَ لَبَنِ امْرَأَةٍ فِي حَلْقِ طِفْلٍ رَضِيعٍ فِيمَا بَيْنَ الْحَوْلَيْنِ يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ، كَارْتِضَاعِهِ مِنْ ثَدْيِهَا؛ لأَِنَّ الْمُؤَثِّرَ فِي التَّحْرِيمِ هُوَ حُصُول الْغِذَاءِ بِاللَّبَنِ وَإِنْبَاتِ اللَّحْمِ وَإِنْشَازِ الْعَظْمِ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا رَضَاعَ إِلَاّ مَا أَنْشَزَ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ (3) وَذَلِكَ يَحْصُل بِالإِْيجَارِ؛ لأَِنَّهُ يَصِل إِلَى الْجَوْفِ، وَبِذَلِكَ يُسَاوِي الاِرْتِضَاعَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب والمصباح المنير وتاج العروس وتهذيب الأسماء واللغات مادة:" وجر ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 2 / 104، 105، 413 ط بولاق ثالثة، ونهاية المحتاج 3 / 168 ط المكتبة الإسلامية.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 2 / 413، 419، والدسوقي 2 / 502 ط دار الفكر، والمهذب 2 / 157، 158 ط دار المعرفة، والمغني 7 / 537، 538 ط الرياض، وكشاف القناع 5 / 446 ط الرياض. وحديث:" لا رضاع. . . " أخرجه أبو داود (2 / 549 - ط عزت عبيد دعاس) وقال ابن حجر: أبو موسى الهلالي وأبوه، قال أبو حاتم: مجهولان (التلخيص الحبير 2 / 4 - ط شركة الطباعة الفنية)</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٤)</span><hr/></div>مِنَ الثَّدْيِ فِي التَّحْرِيمِ.</p>وَفِي هَذَا خِلَافٌ لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ، مَعَ اخْتِلَافِهِمْ أَيْضًا فِي عَدَدِ الرَّضَعَاتِ الَّتِي تَنْشُرُ الْحُرْمَةَ.</p>وَلِلتَّفْصِيل (ر: رَضَاعٌ) .</p>وَيَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي وُصُول شَيْءٍ لِجَوْفِ الصَّائِمِ بِالإِْيجَارِ مُكْرَهًا، هَل يَصِيرُ بِهِ مُفْطِرًا أَمْ لَا؟ يَقُول الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: لَوْ أَوْجَرَ الصَّائِمُ مُكْرَهًا، أَوْ كَانَ نَائِمًا وَصُبَّ فِي حَلْقِهِ شَيْءٌ، كَانَ مُفْطِرًا بِذَلِكَ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ.</p>وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: مَنْ أُوجِرَ مُكْرَهًا لَمْ يَكُنْ مُفْطِرًا بِذَلِكَ؛ لاِنْتِفَاءِ الْفِعْل وَالْقَصْدِ مِنْهُ، وَلِعُمُومِ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> يَأْتِي تَفْصِيل الإِْيجَارِ بِمَعْنَى صَبِّ شَيْءٍ فِي الْحَلْقِ فِي الرَّضَاعِ وَالصَّوْمِ، كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ، وَذَلِكَ بِإِيجَارِ سُمٍّ فِي فَمِ إِنْسَانٍ.</p> </p>‌<span class="title">‌إِيدَاعٌ</span></p> </p>انْظُرْ وَدِيعَةً<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 2 / 104، 105، والدسوقي 1 / 526، ومغني المحتاج 1 / 430، وكشاف القناع 2 / 320. وحديث:" رفع عن أمتي الخطأ والنسيان. . . ". أخرجه الحاكم (2 / 198 ط دار الكتاب العربي) وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌إِيصَاءٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الإِْيصَاءُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ أَوْصَى، يُقَال: أَوْصَى فُلَانٌ بِكَذَا يُوصِي إِيصَاءً، وَالاِسْمُ الْوِصَايَةُ (بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا) وَهُوَ: أَنْ يَعْهَدَ إِلَى غَيْرِهِ فِي الْقِيَامِ بِأَمْرٍ مِنَ الأُْمُورِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْقِيَامُ بِذَلِكَ الأَْمْرِ فِي حَال حَيَاةِ الطَّالِبِ أَمْ كَانَ بَعْدَ وَفَاتِهِ. (1)</p>وَفِي الْمُغْرِبِ: أَوْصَى زَيْدٌ لِعُمَرَ بِكَذَا إِيصَاءً، وَقَدْ وَصَّى بِهِ تَوْصِيَةً، وَالْوَصِيَّةُ وَالْوَصَاةُ اسْمَانِ فِي مَعْنَى الْمَصْدَرِ، وَمِنْهُ {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا} (2) وَالْوِصَايَةُ بِالْكَسْرِ مَصْدَرُ الْوَصِيِّ. وَقِيل الإِْيصَاءُ: طَلَبُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِهِ لِيَفْعَلَهُ عَلَى غَيْبٍ مِنْهُ حَال حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ (3)</p>أَمَّا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ، فَالإِْيصَاءُ بِمَعْنَى الْوَصِيَّةِ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ هُوَ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ إِقَامَةُ الإِْنْسَانِ غَيْرَهُ مَقَامَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي تَصَرُّفٍ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ، أَوْ فِي تَدْبِيرِ شُئُونِ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَرِعَايَتِهِمْ، وَذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُقَامُ يُسَمَّى الْوَصِيُّ.</p>أَمَّا إِقَامَةُ غَيْرِهِ مَقَامَهُ فِي الْقِيَامِ بِأَمْرٍ فِي حَال حَيَاتِهِ، فَلَا يُقَال لَهُ فِي الاِصْطِلَاحِ إِيصَاءٌ عِنْدَهُمْ، وَإِنَّمَا يُقَال لَهُ وَكَالَةٌ. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مختار الصحاح. مادة " وصى ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النساء / 12.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغرب، وتهذيب الأسماء واللغات 2 / 95، وابن عابدين 6 / 647.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الصغير وحاشية الصاوي 2 / 181، وفتاوى قاضي خان 3 / 512 (هامش الفتاوى الهندية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْوَصِيَّةُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: أَنَّ الْوَصِيَّةَ أَعَمُّ مِنَ الإِْيصَاءِ، فَهِيَ عِنْدَهُمْ، تَصْدُقُ عَلَى التَّمْلِيكِ الْمُضَافِ إِلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ، وَتَصْدُقُ عَلَى الإِْيصَاءِ، وَهُوَ طَلَبُ شَيْءٍ مِنْ غَيْرِهِ لِيَفْعَلَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ، كَقَضَاءِ دُيُونِهِ وَتَزْوِيجِ بَنَاتِهِ. (1)</p>وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ الْوَصِيَّةَ وَالإِْيصَاءَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. فَقَدْ عَرَّفَهَا الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهَا: عَقْدٌ يُوجِبُ حَقًّا فِي ثُلُثِ مَال الْعَاقِدِ يَلْزَمُ بِمَوْتِهِ، أَوْ يُوجِبُ نِيَابَةً عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ (2) وَعَرَّفَهَا بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ:(3) بِأَنَّهَا الأَْمْرُ بِالتَّصَرُّفِ بَعْدَ الْمَوْتِ، أَوِ التَّبَرُّعِ بِالْمَال بَعْدَهُ.</p>فَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ التَّعْرِيفَيْنِ يُفِيدُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ قَدْ تَكُونُ بِالتَّبَرُّعِ بِالْمَال بَعْدَ الْمَوْتِ، وَقَدْ تَكُونُ بِإِقَامَةِ الْمُوصِي غَيْرَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي أَمْرٍ مِنَ الأُْمُورِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَهِيَ شَامِلَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ، فَكِلَاهُمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْوَصِيَّةِ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْوِلَايَةُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الْوِلَايَةُ هِيَ: الْقُدْرَةُ عَلَى إِنْشَاءِ الْعُقُودِ وَالتَّصَرُّفَاتِ النَّافِذَةِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إِجَازَةِ أَحَدٍ. فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْعُقُودُ وَالتَّصَرُّفَاتُ مُتَعَلِّقَةً بِمَنْ قَامَ بِهَا سُمِّيَتِ الْوِلَايَةُ وِلَايَةً قَاصِرَةً، وَإِنْ كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِغَيْرِهِ سُمِّيَتِ الْوِلَايَةُ وِلَايَةً مُتَعَدِّيَةً، وَهَذِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 333، وتبيين الحقائق 6 / 182، والدر المختار ورد المحتار 6 / 648، والإقناع 4 / 24، وقليوبي 3 / 156 و 177.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير 4 / 375، والبهجة في شرح التحفة 2 / 310.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الروض المربع 2 / 245.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٦)</span><hr/></div>الْوِلَايَةُ الْمُتَعَدِّيَةُ أَعَمُّ مِنَ الْوِصَايَةِ؛ لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُمَلِّكُ صَاحِبَهُ التَّصَرُّفَ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ غَيْرِهِ، إِلَاّ أَنَّ الْوِلَايَةَ قَدْ يَكُونُ مَصْدَرُهَا الشَّرْعَ، كَوِلَايَةِ الأَْبِ عَلَى ابْنِهِ، (1) وَقَدْ يَكُونُ مَصْدَرُهَا الْعَقْدَ كَمَا فِي‌<span class="title">‌ الْوَكَالَةِ </span>وَالإِْيصَاءِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ بِتَوْلِيَةِ صَاحِبِ الشَّأْنِ فِي التَّصَرُّفِ، فَهُوَ الَّذِي يَعْهَدُ إِلَى غَيْرِهِ بِالنِّيَابَةِ عَنْهُ فِي بَعْضِ الأُْمُورِ بَعْدَ وَفَاتِهِ.</p> </p>ج - الْوَكَالَةُ:</p><font color=#ff0000>4 -</font> الْوَكَالَةُ: إِقَامَةُ الشَّخْصِ غَيْرَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي تَصَرُّفِ مَمْلُوكٍ قَابِلٍ لِلنِّيَابَةِ؛ لِيَفْعَلَهُ فِي حَال حَيَاتِهِ.</p>فَهِيَ تُشْبِهُ الإِْيصَاءَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيهِ تَفْوِيضٌ لِلْغَيْرِ فِي الْقِيَامِ بِبَعْضِ الأُْمُورِ نِيَابَةً عَمَّنْ فَوَّضَهُ، إِلَاّ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا مِنْ نَاحِيَةِ أَنَّ التَّفْوِيضَ لِلْغَيْرِ فِي الإِْيصَاءِ يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ، أَمَّا فِي الْوَكَالَةِ فَإِنَّ التَّفْوِيضَ يَكُونُ فِي حَال الْحَيَاةِ.</p>هَذَا وَسَوْفَ يَقْتَصِرُ الْكَلَامُ فِي هَذَا الْبَحْثِ عَلَى الإِْيصَاءِ بِمَعْنَى إِقَامَةِ الْوَصِيِّ، أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِسَائِرِ أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ فَيُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ:(وَصِيَّةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ عَقْدُ الإِْيصَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> يَتَحَقَّقُ عَقْدُ الإِْيصَاءِ بِإِيجَابٍ مِنَ الْمُوصِي، وَقَبُولٍ مِنَ الْمُوصَى إِلَيْهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الإِْيجَابِ أَنْ يَكُونَ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ، بَل يَصِحُّ بِكُل لَفْظٍ يَدُل عَلَى تَفْوِيضِ الأَْمْرِ إِلَى الْمُوصَى إِلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، مِثْل: جَعَلْتُ فُلَانًا وَصِيًّا، أَوْ عَهِدْتُ إِلَيْهِ بِمَال أَوْلَادِي بَعْدَ وَفَاتِي، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 6 / 647، والشرح الكبير 4 / 375، والإقناع 4 / 24.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٦)</span><hr/></div>وَكَذَلِكَ الْقَبُول، فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِكُل مَا يَدُل عَلَى الْمُوَافَقَةِ وَالرِّضَى بِمَا صَدَرَ مِنَ الْمُوصِي، سَوَاءٌ أَكَانَ بِالْقَوْل كَقَبِلْتُ أَوْ رَضِيتُ، أَوْ أَجَزْتُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، أَمْ بِالْفِعْل الدَّال عَلَى الرِّضَى، كَبَيْعِ شَيْءٍ مِنَ التَّرِكَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، أَوْ شِرَائِهِ شَيْئًا يَصْلُحُ لِلْوَرَثَةِ، أَوْ قَضَائِهِ لِدَيْنٍ أَوِ اقْتِضَائِهِ لَهُ. (1)</p>وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَبُول أَنْ يَكُونَ فِي مَجْلِسِ الإِْيجَابِ، بَل يَمْتَدُّ زَمَنُهُ إِلَى مَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي؛ لأَِنَّ أَثَرَ عَقْدِ الإِْيصَاءِ لَا يَظْهَرُ إِلَاّ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، فَكَانَ الْقَبُول مُمْتَدًّا إِلَى مَا بَعْدَهُ.</p>وَصَحَّ قَبُول الإِْيصَاءِ فِي حَال حَيَاةِ الْمُوصِي عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ فِي مُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ؛ لأَِنَّ تَصَرُّفَ الْمُوصَى إِلَيْهِ يَقَعُ لِمَنْفَعَةِ الْمُوصِي. فَلَوْ وَقَفَ الْقَبُول وَالرَّدُّ عَلَى مَوْتِهِ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَمُوتَ الْمُوصِي، وَلَمْ يُسْنِدْ وَصِيَّتَهُ إِلَى أَحَدٍ، فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ إِضْرَارٌ بِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ قَبُول الْوَصِيَّةِ بِجُزْءٍ مِنَ الْمَال فَإِنَّ قَبُول الْمُوصَى لَهُ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا إِلَاّ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي؛ لأَِنَّ الاِسْتِحْقَاقَ فِيهَا إِنَّمَا هُوَ لِحَقِّ الْمُوصَى لَهُ، فَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَا يَدْعُو إِلَى تَقْدِيمِ الْقَبُول عَلَى الْمَوْتِ. (2) وَفِي الْقَوْل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لَا يَصِحُّ الْقَبُول فِي الإِْيصَاءِ إِلَاّ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي؛ لأَِنَّ الإِْيصَاءَ مُضَافٌ إِلَى الْمَوْتِ، فَقَبْل الْمَوْتِ لَمْ يَدْخُل وَقْتُهُ، فَلَا يَصِحُّ الْقَبُول أَوِ الرَّدُّ قَبْلَهُ، كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَال.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الاختيار 5 / 66، والدر المختار ورد المحتار 6 / 700، وتبيين الحقائق 6 / 206، ومغني المحتاج 3 / 77.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الروض المربع 2 / 248، والمغني لابن قدامة 6 / 141، والشرح الكبير 4 / 405.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌حُكْمُ الإِْيصَاءِ مِنْ حَيْثُ هُوَ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> الأَْصْل فِي الإِْيصَاءِ إِلَى الْغَيْرِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَذَلِكَ لأَِنَّ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ مِمَّنْ صَدَرَ عَنْهُ، وَالْمُوصِي تَنْتَهِي وِلَايَتُهُ بِالْمَوْتِ، إِلَاّ أَنَّ الشَّرْعَ أَجَازَهُ اسْتِثْنَاءً مِنْ هَذَا الأَْصْل، وَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ كَانَ يُوصِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ، فَاعْتُبِرَ هَذَا إِجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى الْجَوَازِ. رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَال: أَوْصَى إِلَى الزُّبَيْرِ سَبْعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ عُثْمَانُ، وَالْمِقْدَادُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَمُطِيعُ بْنُ الأَْسْوَدِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ لَمَّا عَبَرَ الْفُرَاتَ أَوْصَى إِلَى عُمَرَ. وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَدْ أَوْصَى فَكَتَبَ: إِنْ حَدَثَ بِي حَادِثُ الْمَوْتِ مِنْ مَرَضِي هَذَا، فَمَرْجِعُ وَصِيَّتِي إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، ثُمَّ إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ.</p>وَلأَِنَّ الإِْيصَاءَ وَكَالَةٌ وَأَمَانَةٌ فَأَشْبَهَ الْوَدِيعَةَ وَالْوَكَالَةَ فِي الْحَيَاةِ، وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ، فَكَذَلِكَ الإِْيصَاءُ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ الإِْيصَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوصِي:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> الإِْيصَاءُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوصِي يَكُونُ وَاجِبًا عَلَيْهِ إِذَا كَانَ بِرَدِّ الْمَظَالِمِ، وَقَضَاءِ الدُّيُونِ الْمَجْهُولَةِ، أَوِ الَّتِي يَعْجِزُ عَنْهَا فِي الْحَال؛ لأَِنَّ أَدَاءَهَا وَاجِبٌ، وَالإِْيصَاءُ هُوَ الْوَسِيلَةُ لأَِدَائِهِ، فَيَكُونُ وَاجِبًا مِثْلَهُ. وَكَذَلِكَ الإِْيصَاءُ عَلَى الأَْوْلَادِ الصِّغَارِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ إِذَا خِيفَ عَلَيْهِمُ الضَّيَاعُ؛ لأَِنَّ فِي هَذَا الإِْيصَاءِ صِيَانَةً<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 3 / 73، 74، والمغني لابن قدامة 6 / 144.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٧)</span><hr/></div>لَهُمْ مِنَ الضَّيَاعِ، وَصِيَانَةُ الصِّغَارِ مِنَ الضَّيَاعِ وَاجِبَةٌ بِلَا خِلَافٍ؛ لِحَدِيثِ: كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُول. (1)</p>أَمَّا الإِْيصَاءُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ الْمَعْلُومِ، وَرَدِّ الْمَظَالِمِ الْمَعْلُومَةِ، وَتَنْفِيذِ الْوَصَايَا إِنْ كَانَتْ، وَالنَّظَرِ فِي أَمْرِ الأَْوْلَادِ الصِّغَارِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمُ الَّذِينَ لَا يُخْشَى عَلَيْهِمُ الضَّيَاعُ، فَهُوَ سُنَّةٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، تَأَسِّيًا بِالسَّلَفِ الصَّالِحِ فِي ذَلِكَ، حَيْثُ كَانَ يُوصِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، (2) كَمَا تَقَدَّمَ.</p>هَذَا هُوَ حُكْمُ الإِْيصَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوصِي.</p>أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْوَصِيِّ، فَإِنَّهُ إِذَا أَوْصَى إِلَيْهِ أَحَدٌ جَازَ لَهُ قَبُول الْوَصِيَّةِ، إِذَا كَانَتْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْقِيَامِ بِمَا أُوصِيَ إِلَيْهِ فِيهِ، وَوَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ أَدَاءَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ؛ لأَِنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ كَانَ بَعْضُهُمْ يُوصِي إِلَى بَعْضٍ، فَيَقْبَلُونَ الْوَصِيَّةَ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ وَصِيًّا لِرَجُلٍ، وَكَانَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَصِيًّا لِسَبْعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.</p>وَقِيَاسُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ (3) أَنَّ تَرْكَ الدُّخُول فِي الْوَصِيَّةِ أَوْلَى؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الْخَطَرِ، وَهُوَ لَا يَعْدِل بِالسَّلَامَةِ شَيْئًا، وَلِذَلِكَ كَانَ يَرَى تَرْكَ الاِلْتِقَاطِ، وَتَرْكُ الإِْحْرَامِ مِنْ قَبْل الْمِيقَاتِ أَفْضَل؛ تَحَرِّيًا لِلسَّلَامَةِ وَاجْتِنَابًا لِلْخَطَرِ، وَيَدُل عَلَى ذَلِكَ، مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَنَّ النَّبِيَّ قَال لأَِبِي ذَرٍّ: إِنِّي أَرَاكَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول " أخرجه مسلم (2 / 692 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 3 / 73، والمغني لابن قدامة 6 / 144، وابن عابدين 6 / 648، والإقناع 4 / 34، وقليوبي وعميرة 3 / 177، والشرح الصغير 2 / 465.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني لابن قدامة 6 / 144.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٨)</span><hr/></div>ضَعِيفًا، وَإِنِّي أُحِبُّ لَك مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي، فَلَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَال يَتِيمٍ. (1)</p>وَفِي رَدِّ الْمُحْتَارِ: أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ يَقْبَل الْوِصَايَةَ؛ لأَِنَّهَا عَلَى خَطَرٍ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: الدُّخُول فِيهَا أَوَّل مَرَّةٍ غَلَطٌ، وَالثَّانِيَةُ خِيَانَةٌ، وَالثَّالِثَةُ سَرِقَةٌ. (2) وَعَنِ الْحَسَنِ: لَا يَقْدِرُ الْوَصِيُّ أَنْ يَعْدِل وَلَوْ كَانَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. وَقَال أَبُو مُطِيعٍ: مَا رَأَيْتُ فِي مُدَّةِ قَضَائِي عِشْرِينَ سَنَةً مَنْ يَعْدِل فِي مَال ابْنِ أَخِيهِ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌لُزُومُ عَقْدِ الإِْيصَاءِ وَعَدَمُ لُزُومِهِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> الإِْيصَاءُ لَيْسَ تَصَرُّفًا لَازِمًا فِي حَقِّ الْمُوصِي بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ مَتَى شَاءَ، أَمَّا فِي حَقِّ الْوَصِيِّ، فَإِنَّ عَقْدَ الإِْيصَاءِ لَا يَكُونُ لَازِمًا فِي حَيَاةِ الْمُوصِي بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ مَتَى شَاءَ، فَإِذَا رَجَعَ كَانَ رُجُوعُهُ عَزْلاً لِنَفْسِهِ عَنِ الإِْيصَاءِ.</p>إِلَاّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَيَّدُوا صِحَّةَ هَذَا الرُّجُوعِ بِعِلْمِ الْمُوصِي؛ لِيَتَمَكَّنَ مِنَ الإِْيصَاءِ إِلَى غَيْرِهِ إِذَا شَاءَ، فَإِنْ رَجَعَ عَنِ الْوَصِيَّةِ بِغَيْرِ عِلْمِ الْمُوصِي فَلَا يَصِحُّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إني أراك ضعيفا. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1458 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 6 / 700.</p><font color=#ff0000>(3)</font> واللجنة ترى أنه لا خلاف حقيقيا بين الفقهاء في هذه المسألة، لأن من قال بالجواز قيد ذلك بالاطمئنان إلى أنه سيكون أمينا عدلا، وأما من قال إنه خلاف الأولى أو إنه مكروه، فقد بنوا ذلك على أن السلامة في هذا الأمر نادرة، وأن الكثير الغالب ألا يقوم الوصي بحق ا</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٨)</span><hr/></div>رُجُوعُهُ حَتَّى لَا يَصِيرَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ. (1)</p>وَقَيَّدَ الشَّافِعِيَّةُ جَوَازَ رُجُوعِ الْوَصِيِّ عَنِ الْوِصَايَةِ إِذَا كَانَ الإِْيصَاءُ وَاجِبًا عَلَى الْمُوصِي بِأَلَاّ يَتَعَيَّنَ الْوَصِيُّ، أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ تَلَفُ الْمَال الْمُوصَى بِرِعَايَتِهِ، بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ عَلَيْهِ مِنْ قَاصِدٍ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ تَعَيَّنَ الْوَصِيُّ، أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَلَفُ الْمَال فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنِ الْوَصِيَّةِ. (2)</p>أَمَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، فَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ عَزْل نَفْسِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، ذَكَرَهَا ابْنُ مُوسَى فِي الإِْرْشَادِ؛ لأَِنَّ الْوَصِيَّ لَمَّا قَبِل الْوَصِيَّةَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي فَقَدْ جَعَلَهُ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِيمَا أَوْصَى بِهِ إِلَيْهِ، فَإِذَا رَجَعَ عَنِ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَانَ تَغْرِيرًا بِهِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: لِلْوَصِيِّ عَزْل نَفْسِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي؛ لأَِنَّ الْوِصَايَةَ كَالْوَكَالَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَصَرُّفٌ بِالإِْذْنِ، وَالْوَكِيل لَهُ عَزْل نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ، فَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ. وَقَدِ اسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ مَا إِذَا وَجَبَ الإِْيصَاءُ وَتَعَيَّنَ الْقَبُول عَلَى الْوَصِيِّ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ عَنِ الْوَصِيَّةِ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌مَنْ يَكُونُ لَهُ تَوْلِيَةُ الْوَصِيِّ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> تَوْلِيَةُ الْوَصِيِّ تَخْتَلِفُ تَبَعًا لاِخْتِلَافِ مَا يَتَعَلَّقُ الإِْيصَاءُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الإِْيصَاءُ بِتَصَرُّفٍ مُعَيَّنٍ، كَقَضَاءِ الدُّيُونِ وَاقْتِضَائِهَا، وَرَدِّ الْوَدَائِعِ وَاسْتِرْدَادِهَا، وَتَنْفِيذِ الْوَصَايَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَالَّذِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 6 / 700.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الإقناع 4 / 34، والقليوبي وعميرة 3 / 177.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 6 / 700، والمغني لابن قدامة 6 / 141، والإقناع 3 / 34، والشرح الكبير 4 / 405، ومواهب الجليل 6 / 403.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٩)</span><hr/></div>يَكُونُ لَهُ تَوْلِيَةُ الْوَصِيِّ هُوَ صَاحِبُ الشَّأْنِ فِي ذَلِكَ التَّصَرُّفِ؛ لأَِنَّ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى تَصَرُّفٍ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ، كَانَ لَهُ أَنْ يُنِيبَ عَنْهُ غَيْرَهُ فِيهِ لِلْقِيَامِ بِهِ فِي حَال حَيَاتِهِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ، وَبَعْدَ وَفَاتِهِ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ، أَمَّا إِنْ كَانَ الإِْيصَاءُ بِرِعَايَةِ الأَْوْلَادِ الصِّغَارِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ، كَالْمَجَانِينِ وَالْمَعْتُوهِينَ، وَالنَّظَرِ فِي أَمْوَالِهِمْ بِحِفْظِهَا وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا بِمَا يَنْفَعُهُمْ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ تَوْلِيَةَ الْوَصِيِّ تَكُونُ لِلأَْبِ؛ لأَِنَّ لِلأَْبِ - عِنْدَهُمْ جَمِيعًا - الْوِلَايَةُ عَلَى أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ فِي حَال حَيَاتِهِ، فَيَكُونُ لَهُ الْحَقُّ فِي إِقَامَةِ خَلِيفَةٍ عَنْهُ فِي الْوِلَايَةِ عَلَيْهِمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ.</p>وَمِثْل الأَْبِ فِي هَذَا الْحُكْمِ الْجَدُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (1) وَالشَّافِعِيَّةِ (2) ، فَلَهُ حَقُّ تَوْلِيَةِ الْوَصِيِّ؛ لأَِنَّ الْجَدَّ لَهُ عِنْدَهُمُ الْوِلَايَةُ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَإِنْ نَزَلُوا، فَيَكُونُ لَهُ حَقُّ الإِْيصَاءِ عَلَيْهِمْ لِمَنْ شَاءَ بَعْدَ مَوْتِهِ كَالأَْبِ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ (3) وَالْحَنَابِلَةُ (4) : لَيْسَ لِلْجَدِّ حَقُّ تَوْلِيَةِ وَصِيٍّ عَنْهُ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ؛ لأَِنَّ الْجَدَّ لَا وِلَايَةَ لَهُ عِنْدَهُمْ عَلَى أَمْوَال هَؤُلَاءِ الأَْوْلَادِ؛ لأَِنَّهُ لَا يُدْلِي إِلَيْهِمْ بِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يُدْلِي إِلَيْهِمْ بِالأَْبِ، فَكَانَ كَالأَْخِ وَالْعَمِّ، وَلَا وِلَايَةَ لأَِحَدِهِمَا عَلَى مَال أَوْلَادِ أَخِيهِ، فَكَذَلِكَ الْجَدُّ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى مَال أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ.</p>وَلِوَصِيِّ الأَْبِ حَقُّ الإِْيصَاءِ بَعْدَهُ لِمَنْ شَاءَ عِنْدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 6 / 714.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 3 / 76، وشرح المحلى على المنهاج 2 / 304.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الصغير 2 / 474.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الروض المربع 2 / 249، والمغني 6 / 135.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٩)</span><hr/></div>الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ الأَْبَ أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ، فَكَانَ لَهُ الإِْيصَاءُ كَالأَْبِ، وَيُوَافِقُ الْحَنَفِيَّةَ فِي ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ، إِلَاّ أَنَّهُمْ قَيَّدُوا حَقَّ الْوَصِيِّ فِي الإِْيصَاءِ لِغَيْرِهِ بِمَا إِذَا لَمْ يَمْنَعْهُ الأَْبُ مِنَ الإِْيصَاءِ إِلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ مَنَعَهُ مِنَ الإِْيصَاءِ إِلَى غَيْرِهِ، كَأَنْ قَال لَهُ: أَوْصَيْتُكَ عَلَى أَوْلَادِي، وَلَيْسَ لَكَ أَنْ تُوصِيَ عَلَيْهِمْ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ الإِْيصَاءُ. (1)</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ: لَيْسَ لِلْوَصِيِّ حَقُّ الإِْيصَاءِ إِلَى غَيْرِهِ، إِلَاّ إِذَا جَعَل لَهُ الإِْيصَاءَ إِلَى غَيْرِهِ؛ لأَِنَّ الْوَصِيَّ يَتَصَرَّفُ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنِ الْمُوصِي، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ التَّفْوِيضُ إِلَى غَيْرِهِ، إِلَاّ إِذَا أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، كَالْوَكِيل، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَوْكِيل غَيْرِهِ فِيمَا وُكِّل فِيهِ، إِلَاّ إِذَا أَذِنَ لَهُ الْمُوَكِّل، فَكَذَلِكَ (2) الْوَصِيُّ.</p>وَلِلْقَاضِي إِذَا لَمْ يُوصِ الأَْبُ وَالْجَدُّ أَوْ وَصِيُّهُمَا لأَِحَدٍ أَنْ يُعَيِّنَ وَصِيًّا مِنْ قِبَلِهِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّهُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ. (3) وَالْقَاضِي لَا يَلِي أُمُورَ الْقَاصِرِينَ بِنَفْسِهِ، وَلَكِنَّهُ يَكِل أُمُورَهُمْ إِلَى مَنْ يُعَيِّنُهُمْ مِنَ الأَْوْصِيَاءِ. (4)</p>أَمَّا الأُْمُّ فَلَيْسَ لَهَا تَوْلِيَةُ الْوَصِيِّ عَلَى أَوْلَادِهَا عِنْدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير وحاشية الصاوي 2 / 474.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 3 / 76، والروض المربع 2 / 249، والمغني لابن قدامة 6 / 142.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " السلطان ولي من لا ولي له ". أخرجه الترمذي (3 / 408 - ط الحلبي) والحاكم (2 / 168 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الصغير 2 / 474، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4 / 402، والإقناع 4 / 52، والمنهاج وشرح الجلال 2 / 304، والمغني لابن قدامة 6 / 640، 641، وحاشية ابن عابدين 6 / 722.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٠)</span><hr/></div>الْحَنَفِيَّةِ (1) وَالشَّافِعِيَّةِ (2) وَالْحَنَابِلَةِ (3) لأَِنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهَا عَلَى أَوْلَادِهَا فِي حَال حَيَاتِهَا، فَلَا يَكُونُ لَهَا حَقُّ إِقَامَةِ خَلِيفَةٍ عَنْهَا فِي حَال وَفَاتِهَا.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لِلأُْمِّ الْحَقُّ فِي الإِْيصَاءِ عَلَى أَوْلَادِهَا، إِذَا تَوَافَرَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ::</p><font color=#ff0000>(1)</font> أَنْ يَكُونَ مَال الأَْوْلَادِ مَوْرُوثًا عَنِ الأُْمِّ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَوْرُوثٍ عَنْهَا، فَلَيْسَ لَهَا الإِْيصَاءُ فِيهِ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أَنْ يَكُونَ الْمَال الْمَوْرُوثُ عَنْهَا قَلِيلاً، فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَلَا يَكُونُ لَهَا الإِْيصَاءُ عَلَيْهِ، وَالْمُعَوَّل عَلَيْهِ فِي اعْتِبَارِ الْمَال قَلِيلاً أَوْ كَثِيرًا هُوَ الْعُرْفُ، فَمَا اعْتُبِرَ فِي عُرْفِ النَّاسِ كَثِيرًا كَانَ كَثِيرًا، وَمَا اعْتُبِرَ فِي عُرْفِهِمْ قَلِيلاً كَانَ قَلِيلاً.</p><font color=#ff0000>(3)</font> أَلَاّ يَكُونَ لِلأَْوْلَادِ أَبٌ، أَوْ وَصِيٌّ مِنَ الأَْبِ أَوِ الْقَاضِي، فَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَلَيْسَ لِلأُْمِّ حَقُّ الإِْيصَاءِ عَلَيْهِمْ. (4)</p> </p>‌<span class="title">‌مَنْ تَكُونُ عَلَيْهِ الْوِصَايَةُ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْوِصَايَةَ تَكُونُ عَلَى الصِّغَارِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ، وَهُمُ الْمَجَانِينُ وَالْمَعْتُوهُونَ مِنَ الْجِنْسَيْنِ؛ لأَِنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إِلَى مَنْ يَرْعَى شُؤُونَهُمْ فِي التَّعْلِيمِ وَالتَّأْدِيبِ وَالتَّزْوِيجِ إِنِ احْتَاجُوا إِلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ لَهُمْ مَالٌ احْتَاجُوا إِلَى مَنْ يَقُومُ بِحِفْظِهِ وَصِيَانَتِهِ وَاسْتِثْمَارِهِ. (5)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 6 / 714.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 3 / 76، والإقناع 4 / 33.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الروض المربع 2 / 249، ومنار السبيل في شرح الدليل 2 / 47.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الصغير 2 / 474.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 312، 6 / 714، والشرح الصغير 2 / 474، وشرح الجلال المحلي وقليوبي 3 / 177، ومغني المحتاج 3 / 73، والمغني لابن قدامة 6 / 135، ومنار السبيل شرح الدليل 2 / 47.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شُرُوطُ الْوَصِيِّ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> اشْتَرَطَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُوصَى إِلَيْهِ شُرُوطًا لَا يَصِحُّ الإِْيصَاءُ إِلَاّ بِتَوَافُرِهَا، وَهَذِهِ الشُّرُوطُ بَعْضُهَا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اشْتِرَاطِهَا، وَبَعْضُهَا اخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِهِ.</p>أَمَّا الشُّرُوطُ الَّتِي اتَّفَقُوا عَلَى اشْتِرَاطِهَا فَهِيَ:</p><font color=#ff0000>(1)</font> الْعَقْل وَالتَّمْيِيزُ، وَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ الإِْيصَاءُ إِلَى الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ؛ لأَِنَّهُ لَا وِلَايَةَ لأَِحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي شُئُونِ غَيْرِهِ بِالطَّرِيقِ الأَْوْلَى.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الإِْسْلَامُ، إِذَا كَانَ الْمُوصَى عَلَيْهِ مُسْلِمًا؛ لأَِنَّ الْوِصَايَةَ وِلَايَةٌ، وَلَا وِلَايَةَ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ؛ لِقَوْل اللَّهِ تبارك وتعالى:{وَلَنْ يَجْعَل اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} (1) وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (2) وَلأَِنَّ الاِتِّفَاقَ فِي الدِّينِ بَاعِثٌ عَلَى الْعِنَايَةِ وَشِدَّةِ الرِّعَايَةِ بِالْمُوَافِقِ فِيهِ، كَمَا أَنَّ الاِخْتِلَافَ فِي الدِّينِ بَاعِثٌ فِي الْغَالِبِ عَلَى تَرْكِ الْعِنَايَةِ بِمَصَالِحِ الْمُخَالِفِ فِيهِ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> قُدْرَةُ الْمُوصَى إِلَيْهِ عَلَى الْقِيَامِ بِمَا أُوصِيَ إِلَيْهِ فِيهِ، وَحُسْنُ التَّصَرُّفِ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنِ الْقِيَامِ بِذَلِكَ؛ لِمَرَضٍ أَوْ كِبَرِ سِنٍّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَلَا يَصِحُّ الإِْيصَاءُ إِلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ تُرْجَى مِنَ الإِْيصَاءِ إِلَى مَنْ كَانَ هَذَا حَالُهُ.</p>وَأَمَّا الشُّرُوطُ الَّتِي اخْتَلَفُوا فِيهَا فَهِيَ:</p><font color=#ff0000>(1)</font> الْبُلُوغُ، فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْمُوصَى إِلَيْهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (3) وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النساء / 141.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة التوبة / 71.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الكبير 4 / 402، والشرح الصغير 2 / 474، ومغني المحتاج 3 / 74.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 6 / 137.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١١)</span><hr/></div>فَلَا يَصِحُّ الإِْيصَاءُ إِلَى الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ؛ لأَِنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا عَلَى مَالِهِ، فَلَا تَكُونُ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى غَيْرِهِ وَمَالِهِ، كَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ.</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: بُلُوغُ الْمُوصَى إِلَيْهِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الإِْيصَاءِ إِلَيْهِ، بَل الشَّرْطُ عِنْدَهُمْ هُوَ التَّمْيِيزُ، (1) وَعَلَى هَذَا: لَوْ أَوْصَى الأَْبُ أَوِ الْجَدُّ إِلَى الصَّبِيِّ الْعَاقِل كَانَ الإِْيصَاءُ صَحِيحًا عِنْدَهُمْ، وَلِلْقَاضِي أَنْ يُخْرِجَهُ مِنَ الْوِصَايَةِ، وَيُعَيِّنَ وَصِيًّا آخَرَ بَدَلاً مِنْهُ؛ لأَِنَّ الصَّبِيَّ لَا يَهْتَدِي إِلَى التَّصَرُّفِ، وَلَوْ تَصَرَّفَ قَبْل الإِْخْرَاجِ، قِيل يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ، وَقِيل لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُ إِلْزَامُهُ بِالْعُهْدَةِ فِيهِ.</p>وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَجْهًا فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ إِلَى الصَّبِيِّ الْعَاقِل؛ لأَِنَّ أَحْمَدَ قَدْ نَصَّ عَلَى صِحَّةِ وَكَالَتِهِ، وَعَلَى هَذَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ قَدْ جَاوَزَ الْعَشْرَ. (2)</p><font color=#ff0000>(2)</font> الْعَدَالَةُ، وَالْمُرَادُ بِهَا: الاِسْتِقَامَةُ فِي الدِّينِ، وَتَتَحَقَّقُ بِأَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ الدِّينِيَّةِ، وَعَدَمِ ارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ مِنَ الْكَبَائِرِ، كَالزِّنَى وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ إِلَى غَيْرِ الْعَدْل - وَهُوَ الْفَاسِقُ - لَا تَصِحُّ؛ لأَِنَّ الْوِصَايَةَ وِلَايَةٌ وَائْتِمَانٌ، وَلَا وِلَايَةَ وَلَا ائْتِمَانَ لِفَاسِقٍ. (3)</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: الْعَدَالَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي الْمُوصَى إِلَيْهِ، فَيَصِحُّ عِنْدَهُمُ الإِْيصَاءُ لِلْفَاسِقِ مَتَى كَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 6 / 702.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 6 / 137.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 3 / 74، والمغني 6 / 138.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١١)</span><hr/></div>يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ، وَلَا يُخْشَى مِنْهُ الْخِيَانَةُ. (1) وَيُوَافِقُ الْحَنَفِيَّةَ فِي ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ، حَيْثُ إِنَّهُمْ قَالُوا: الْمُرَادُ بِالْعَدَالَةِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي الْوَصِيِّ: الأَْمَانَةُ وَالرِّضَى فِيمَا يَشْرَعُ فِيهِ وَيَفْعَلُهُ، بِأَنْ يَكُونَ حَسَنَ التَّصَرُّفِ، حَافِظًا لِمَال الصَّبِيِّ، وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْمَصْلَحَةِ. (2)</p>وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُل عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ إِلَى الْفَاسِقِ صَحِيحَةٌ، فَإِنَّهُ قَال فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: إِذَا كَانَ (يَعْنِي الْوَصِيَّ) مُتَّهَمًا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ. وَهَذَا يَدُل عَلَى صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ إِلَيْهِ، وَيَضُمُّ الْحَاكِمُ إِلَيْهِ أَمِينًا. (3)</p>أَمَّا الذُّكُورَةُ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي الْوَصِيِّ، فَيَصِحُّ الإِْيصَاءُ إِلَى الْمَرْأَةِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَوْصَى إِلَى ابْنَتِهِ حَفْصَةَ، وَلأَِنَّ الْمَرْأَةَ مِنْ أَهْل الشَّهَادَةِ كَالرَّجُل، فَتَكُونُ أَهْلاً لِلْوِصَايَةِ مِثْلَهُ. (4)</p> </p>‌<span class="title">‌الْوَقْتُ الْمُعْتَبَرُ لِتَوَافُرِ الشُّرُوطِ فِي الْمُوصَى إِلَيْهِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْوَقْتِ الْمُعْتَبَرِ لِتَوَافُرِ الشُّرُوطِ الْمَطْلُوبَةِ فِي الْمُوصَى إِلَيْهِ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْوَقْتَ الْمُعْتَبَرَ لِتَحَقُّقِ الشُّرُوطِ فِي الْمُوصَى إِلَيْهِ أَوْ عَدَمُ تَحَقُّقِهَا هُوَ وَقْتُ وَفَاةِ الْمُوصِي؛ لأَِنَّ هَذَا الْوَقْتَ هُوَ وَقْتُ اعْتِبَارِ الْقَبُول وَتَنْفِيذُ الإِْيصَاءِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر وحاشية ابن عابدين 6 / 700.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 402، والشرح الصغير وحاشية الصاوي 2 / 474.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 6 / 138.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مغني المحتاج 3 / 75، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 402، والمغني 6 / 137.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٢)</span><hr/></div>فَيَكُونُ هُوَ الْمُعْتَبَرَ دُونَ غَيْرِهِ، وَعَلَى هَذَا لَوِ انْتَفَتِ الشُّرُوطُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا عِنْدَ الإِْيصَاءِ، ثُمَّ وُجِدَتْ عِنْدَ الْمَوْتِ، صَحَّ الإِْيصَاءُ، وَلَوْ تَحَقَّقَتِ الشُّرُوطُ كُلُّهَا عِنْدَ الإِْيصَاءِ، ثُمَّ انْتَفَتْ أَوِ انْتَفَى بَعْضُهَا عِنْدَ الْمَوْتِ، فَلَا يَصِحُّ الإِْيصَاءُ.</p>وَهَذَا الرَّأْيُ أَيْضًا هُوَ رَأْيُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ نَجِدْهُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي كُتُبِهِمُ الَّتِي رَجَعْنَا إِلَيْهَا، وَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا قَالُوهُ فِي اشْتِرَاطِ أَلَاّ يَكُونَ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَال وَارِثًا لِلْمُوصِي، فَإِنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْوَقْتَ الْمُعْتَبَرَ لِتَحَقُّقِ هَذَا الشَّرْطِ أَوْ عَدَمِ تَحَقُّقِهِ هُوَ وَقْتُ وَفَاةِ الْمُوصِي، لَا وَقْتُ الْوَصِيَّةِ، (1) وَهَذَا يَدُل دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْمَوْتِ هُوَ أَيْضًا الْمُعْتَبَرُ عِنْدَهُمْ فِي الشُّرُوطِ الْوَاجِبِ تَوَافُرُهَا فِي الْوَصِيِّ إِلَيْهِ لِصِحَّةِ الإِْيصَاءِ.</p>وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، الْوَقْتُ الْمُعْتَبَرُ لِتَحَقُّقِ هَذِهِ الشُّرُوطِ أَوْ عَدَمِ تَحَقُّقِهَا هُوَ وَقْتُ الإِْيصَاءِ وَوَقْتُ وَفَاةِ الْمُوصِي جَمِيعًا، أَمَّا وَجْهُ اعْتِبَارِ وُجُودِهَا عِنْدَ الإِْيصَاءِ فَلأَِنَّهَا شُرُوطٌ لِصِحَّةِ عَقْدِ الإِْيصَاءِ، فَاعْتُبِرَ وُجُودُهَا حَال وُجُودِهِ، كَسَائِرِ الْعُقُودِ.</p>وَأَمَّا وَجْهُ اعْتِبَارِ وُجُودِهَا عِنْدَ الْمَوْتِ؛ فَلأَِنَّ الْمُوصَى إِلَيْهِ إِنَّمَا يَتَصَرَّفُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، فَاعْتُبِرَ وُجُودُهَا عِنْدَهُ، كَالإِْيصَاءِ لَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَال. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌سُلْطَةُ الْوَصِيِّ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> سُلْطَةُ الْوَصِيِّ إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى حَسَبِ الإِْيصَاءِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر وحاشية ابن عابدين 6 / 649، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 389، والشرح الصغير وحاشية الصاوي 2 / 469</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 6 / 139، ومنار السبيل شرح الدليل 2 / 46، ومغني المحتاج 3 / 74، 76، وشرح الجلال وحاشية القليوبي 3 / 178، والإقناع 4 / 33.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٢)</span><hr/></div>عُمُومًا وَخُصُوصًا، فَإِنْ كَانَ الإِْيصَاءُ خَاصًّا بِشَيْءٍ، كَقَضَاءِ الدُّيُونِ أَوِ اقْتِضَائِهَا، أَوْ رَدِّ الْوَدَائِعِ أَوِ اسْتِرْدَادِهَا، أَوِ النَّظَرِ فِي أَمْرِ الأَْطْفَال وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ، كَانَتْ سُلْطَةُ الْوَصِيِّ مَقْصُورَةً عَلَى مَا أُوصِيَ إِلَيْهِ فِيهِ، لَا تَتَعَدَّاهُ إِلَى غَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ الإِْيصَاءُ عَامًّا، كَأَنْ قَال الْمُوصِي: أَوْصَيْتُ إِلَى فُلَانٍ فِي كُل أُمُورِي، كَانَتْ سُلْطَةُ الْوَصِيِّ شَامِلَةً لِجَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ، كَقَضَاءِ الدُّيُونِ وَاقْتِضَائِهَا، وَرَدِّ الْوَدَائِعِ وَاسْتِرْدَادِهَا، وَحِفْظِ أَمْوَال الصِّغَارِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا، وَتَزْوِيجِ مَنِ احْتَاجَ إِلَى الزَّوَاجِ مِنْ أَوْلَادِهِ. وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ الْوَصِيَّ يَتَصَرَّفُ بِالإِْذْنِ مِنَ الْمُوصِي كَالْوَكِيل. فَإِنْ كَانَ الإِْذْنُ خَاصًّا كَانَتْ سُلْطَتُهُ مَقْصُورَةً عَلَى مَا أُذِنَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الإِْذْنُ عَامًّا كَانَتْ سُلْطَتُهُ عَامَّةً، وَقَدِ اسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ، فَقَالُوا: لَا يَصِحُّ الإِْيصَاءُ بِتَزْوِيجِهِمَا؛ لأَِنَّ الصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ لَا يُزَوِّجُهُمَا إِلَاّ الأَْبُ أَوِ الْجَدُّ؛ وَلأَِنَّ الْوَصِيَّ لَا يَتَعَيَّرُ بِدُخُول الدَّنِيِّ فِي نَسَبِهِمْ. (1)</p>وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ فِي الْمَذْهَبِ: إِنَّ الإِْيصَاءَ الصَّادِرَ مِنَ الأَْبِ يَكُونُ عَامًّا، وَلَا يَقْبَل التَّخْصِيصَ بِنَوْعٍ أَوْ مَكَان أَوْ زَمَانٍ؛ لأَِنَّ الْوَصِيَّ قَائِمٌ مَقَامَ الأَْبِ، وَوِلَايَةُ الأَْبِ عَامَّةٌ، فَكَذَلِكَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَلأَِنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ لَاحْتَجْنَا إِلَى تَعْيِينِ وَصِيٍّ آخَرَ، وَالْمُوصِي قَدِ اخْتَارَ هَذَا وَصِيًّا فِي بَعْضِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير 4 / 401، والشرح الصغير 2 / 473، وشرح جلال الدين المحلي 3 / 179، ومغني المحتاج 3 / 76، والمغني لابن قدامة 6 / 136، ومنار السبيل شرح الدليل 2 / 48، والدر وحاشية ابن عابدين 6 / 722، 723.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٣)</span><hr/></div>أُمُورِهِ، فَجَعْلُهُ وَصِيًّا فِي الْكُل أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ؛ لأَِنَّهُ رَضِيَ بِتَصَرُّفِ هَذَا فِي الْبَعْضِ، وَلَمْ يَرْضَ بِتَصَرُّفِ غَيْرِهِ فِي شَيْءٍ أَصْلاً، وَعَلَى هَذَا: لَوْ أَوْصَى الأَْبُ إِلَى رَجُلٍ بِتَفْرِيقِ ثُلُثِ مَالِهِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ مَثَلاً، صَارَ وَصِيًّا عَامًّا عَلَى أَوْلَادِهِ وَتَرِكَتِهِ، وَلَوْ أَوْصَى إِلَى رَجُلٍ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ، وَإِلَى آخَرَ بِتَنْفِيذِ وَصَيِّتَةِ، كَانَا وَصِيَّيْنِ فِي كُل شَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ عُقُودِ الْوَصِيِّ وَتَصَرُّفَاتِهِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> الْقَاعِدَةُ الْعَامَّةُ فِي عُقُودِ الْوَصِيِّ وَتَصَرُّفَاتِهِ: أَنَّ الْوَصِيَّ مُقَيَّدٌ فِي تَصَرُّفِهِ بِالنَّظَرِ وَالْمَصْلَحَةِ لِمَنْ فِي وِصَايَتِهِ، وَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ لِلْوَصِيِّ سُلْطَةُ مُبَاشَرَةِ التَّصَرُّفَاتِ الضَّارَّةِ ضَرَرًا مَحْضًا كَالْهِبَةِ، أَوِ التَّصَدُّقِ، أَوِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، فَإِذَا بَاشَرَ الْوَصِيُّ تَصَرُّفًا مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ كَانَ تَصَرُّفُهُ بَاطِلاً، لَا يَقْبَل الإِْجَازَةَ مِنْ أَحَدٍ، وَيَكُونُ لَهُ سُلْطَةُ مُبَاشَرَةِ التَّصَرُّفَاتِ النَّافِعَةِ نَفْعًا مَحْضًا، كَقَبُول الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ، وَالْكَفَالَةِ لِلْمَال. وَمِثْل هَذَا: التَّصَرُّفَاتُ الدَّائِرَةُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالإِْجَارَةِ وَالاِسْتِئْجَارِ وَالْقِسْمَةِ وَالشَّرِكَةِ، فَإِنَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُبَاشِرَهَا، إِلَاّ إِذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا ضَرَرٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ صَحِيحَةً.</p>هَذَا مُجْمَل الْقَوْل فِي عُقُودِ الْوَصِيِّ وَتَصَرُّفَاتِهِ، أَمَّا تَفْصِيل الْقَوْل فِيهَا فَهُوَ كَمَا يَأْتِي:</p>أ - يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ مِنْ أَمْوَال مَنْ فِي وِصَايَتِهِ، وَأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُمْ، مَا دَامَ الْبَيْعُ أَوِ الشِّرَاء بِمِثْل الْقِيمَةِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ، وَهُوَ مَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ عَادَةً؛ لأَِنَّ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِهِ فِي الْمُعَامَلَاتِ الْمَالِيَّةِ، فَإِذَا لَمْ يَتَسَامَحْ فِيهِ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 6 / 723، الاختيار لتعليل المختار 5 / 69.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٣)</span><hr/></div>سَدِّ بَابِ التَّصَرُّفَاتِ.</p>أَمَّا إِذَا كَانَ الْبَيْعُ أَوِ الشِّرَاءُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، وَهُوَ مَا لَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ عَادَةً، فَإِنَّ الْعَقْدَ لَا يَكُونُ صَحِيحًا.</p>وَهَذَا إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَنْقُولاً، أَمَّا إِنْ كَانَ عَقَارًا فَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَهُ، إِلَاّ إِذَا كَانَ هُنَاكَ مُسَوِّغٌ شَرْعِيٌّ؛ لأَِنَّ الْعَقَارَ مَحْفُوظٌ بِنَفْسِهِ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى بَيْعِهِ إِلَاّ إِذَا وُجِدَ مُسَوِّغٌ شَرْعِيٌّ، كَأَنْ يَكُونَ بَيْعُ الْعَقَارِ خَيْرًا مِنْ بَقَائِهِ، وَذَلِكَ فِي الْحَالَاتِ الآْتِيَةِ:</p><font color=#ff0000>(1)</font> أَنْ يَرْغَبَ شَخْصٌ فِي شِرَاءِ الْعَقَارِ بِضِعْفِ قِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنَّ الْوَصِيَّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، يَسْتَطِيعُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ عَقَارًا أَنْفَعَ مِنَ الَّذِي بَاعَهُ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أَنْ تَكُونَ ضَرِيبَةُ الْعَقَارِ وَمَا يُصْرَفُ عَلَيْهِ لِلصِّيَانَةِ أَوِ الزِّرَاعَةِ تَزِيدُ عَلَى غَلَاّتِهِ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> أَنْ يَكُونَ الصِّغَارُ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ فِي حَاجَةٍ إِلَى النَّفَقَةِ، وَلَا سَبِيل إِلَى تَدْبِيرِ ذَلِكَ إِلَاّ بِبَيْعِ الْعَقَارِ الْمَمْلُوكِ لَهُمْ، فَيَسُوغُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ قَدْرَ مَا يَكْفِي لِلإِْنْفَاقِ عَلَيْهِمْ. (1)</p>وَمِثْل ذَلِكَ بَيْعُ وَصِيِّ الأَْبِ أَوِ الْجَدِّ مَال نَفْسِهِ لِلْمُوصَى عَلَيْهِمْ، أَوْ شِرَاءُ مَال نَفْسِهِ لَهُمْ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَاّ إِذَا كَانَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْمُوصَى عَلَيْهِمْ، كَأَنْ يَبِيعَ الْعَقَارَ لَهُمْ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، وَيَشْتَرِيَهُ مِنْهُمْ بِضِعْفِ قِيمَتِهِ، وَفِي غَيْرِ الْعَقَارِ: أَنْ يَبِيعَ لَهُمْ مَا يُسَاوِي خَمْسَةَ عَشَرَ بِعَشَرَةٍ، وَيَشْتَرِيَ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِخَمْسَةَ عَشَرَ، وَهَذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 6 / 211، 213، والاختيار لتعليل المختار 5 / 68، والدر وحاشية ابن عابدين 6 / 711، والمنهاج وشرح الجلال 2 / 305، والمغني 4 / 241.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٤)</span><hr/></div>عَلَى الْقَوْل الْمُفْتَى بِهِ فِي مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ رَأْيُ الإِْمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ. (1) وَقَال الأَْئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ، وَمُحَمَّدٌ، (2) وَأَبُو يُوسُفَ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ: لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا مِنْ مَال الْمُوصَى عَلَيْهِمْ مُطْلَقًا، وَذَلِكَ لِعَدَمِ وُفُورِ شَفَقَتِهِ، مِمَّا يَجْعَلُهُ يُؤْثِرُ مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ عَلَى مَصْلَحَةِ مَنْ فِي وِصَايَتِهِ؛ وَلأَِنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي هَذَا التَّصَرُّفِ.</p>وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ إِذَا اشْتَرَى لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ مَال الْمُوصَى عَلَيْهِمْ، نَظَرَ الْحَاكِمُ فِيهِ، فَإِنْ وَجَدَ فِي شِرَائِهِ مَصْلَحَةً، بِأَنِ اشْتَرَى الْمَبِيعَ بِقِيمَتِهِ أَمْضَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِيهِ مَصْلَحَةً رَدَّهُ.</p>وَلِلْوَصِيِّ اقْتِضَاءُ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَلَهُ تَأْخِيرُ اقْتِضَاءِ الدَّيْنِ الْحَال إِنْ كَانَ فِي تَأْخِيرِهِ مَصْلَحَةٌ. (3)</p> </p>ب - وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ مَال مَنْ فِي وِصَايَتِهِ لِمَنْ يَسْتَثْمِرُهُ اسْتِثْمَارًا شَرْعِيًّا، كَالْمُضَارَبَةِ وَالْمُشَارَكَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُل مَا لَهُمْ فِيهِ خَيْرٌ وَمَنْفَعَةٌ.</p>كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَقُومَ بِالاِتِّجَارِ فِيهِ بِنَفْسِهِ، فِي نَظِيرِ جُزْءٍ مِنَ الرِّبْحِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُكْرَهُ لِلْوَصِيِّ اسْتِثْمَارُ مَال مَنْ فِي وِصَايَتِهِ بِجُزْءٍ مِنَ الرِّبْحِ؛ لِئَلَاّ يُحَابِيَ نَفْسَهُ، فَإِنِ اسْتَثْمَرَهُ مَجَّانًا فَلَا يُكْرَهُ، بَل هُوَ مِنَ الْمَعْرُوفِ الَّذِي يَقْصِدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ. (4) وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَتَى اتَّجَرَ الْوَصِيُّ فِي الْمَال بِنَفْسِهِ، فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْيَتِيمِ عَلَى الصَّحِيحِ. (5)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 6 / 212، والاختيار 5 / 68.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير 4 / 405، والمغني 5 / 109، قليوبي 2 / 305.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الشلبي 6 / 212، والدر وحاشية ابن عابدين 6 / 720.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الكبير 4 / 405.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني 4 / 240.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٤)</span><hr/></div>وَاسْتِثْمَارُ مَال الصِّغَارِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ وَاجِبٌ عَلَى الْوَصِيِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لِقَوْل عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: ابْتَغُوا فِي أَمْوَال الْيَتَامَى، لَا تَأْكُلْهَا الصَّدَقَةُ (1) وَمَنْدُوبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّ فِيهِ خَيْرًا وَنَفْعًا لأَِصْحَابِ الْمَال، وَالشَّرْعُ يَحُثُّ عَلَى فِعْل مَا فِيهِ الْخَيْرُ لِلنَّاسِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَدُل عَلَى الْوُجُوبِ، وَالأَْمْرُ بِالاِتِّجَارِ فِي قَوْل عُمَرَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ، كَمَا قَال ابْنُ رُشْدٍ. (2)</p> </p>ج - وَلِلْوَصِيِّ الإِْنْفَاقُ عَلَى الصِّغَارِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ بِحَسَبِ قِلَّةِ الْمَال وَكَثْرَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ، فَلَا يَضِيقُ عَلَى صَاحِبِ الْمَال الْكَثِيرِ دُونَ نَفَقَةِ مِثْلِهِ، وَلَا يُوَسِّعُ عَلَى صَاحِبِ الْمَال الْقَلِيل بِأَكْثَرَ مِنْ نَفَقَةِ مِثْلِهِ.</p>وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنَ النَّفَقَةِ إِلَيْهِمْ أَوْ إِلَى مَنْ يَكُونُونَ فِي حَضَانَتِهِ لِمُدَّةِ شَهْرٍ، إِذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يُتْلِفُونَهُ، فَإِنْ خَافَ إِتْلَافَهُ دَفَعَ إِلَيْهِمْ مَا يَحْتَاجُونَهُ يَوْمًا فَيَوْمًا.</p>وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَضْمَنُ مَا أَنْفَقَهُ فِي الْمُصَاهَرَاتِ بَيْنَ الْيَتِيمِ وَالْيَتِيمَةِ وَغَيْرِهِمَا فِي خَلْعِ الْخَاطِبِ أَوِ الْخَطِيبَةِ، وَفِي الضِّيَافَاتِ الْمُعْتَادَةِ، وَالْهَدَايَا الْمَعْهُودَةِ، وَفِي الأَْعْيَادِ - وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ - وَفِي اتِّخَاذِ ضِيَافَةٍ لِخَتْنِهِ لِلأَْقَارِبِ وَالْجِيرَانِ، مَا لَمْ يُسْرِفْ فِيهِ، وَكَذَا لِمُؤَدِّبِهِ، وَمَنْ عِنْدَهُ مِنَ الصِّبْيَانِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأثر عن عمر:" ابتغوا في أموال اليتامى. . . " أخرجه البيهقي (4 / 107 - ط دائرة المعارف العثمانية) وقال: إسناده صحيح.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 405، وحاشية الشلبي 6 / 213، والمغني 4 / 240، وحاشية القليوبي 2 / 304، وخبايا الزوايا ص 276.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٥)</span><hr/></div>فَإِنْ أَسْرَفَ كَانَ ضَامِنًا لِمَا أَسْرَفَ فِيهِ. (1)</p>كَمَا نَصُّوا عَلَى أَنَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْيَتِيمِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالأَْدَبِ، إِنْ كَانَ أَهْلاً لِذَلِكَ، وَصَارَ الْوَصِيُّ مَأْجُورًا عَلَى تَصَرُّفِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلاً لِهَذَا التَّعَلُّمِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَكَلَّفَ فِي تَعْلِيمِهِ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ فِي صَلَاتِهِ. (2) وَفِي الْمُغْنِي:(3) يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُلْحِقَ الصَّبِيَّ بِالْمَكْتَبِ لِيَتَعَلَّمَ الْقِرَاءَةَ وَالْكِتَابَةَ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِ حَاكِمٍ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي صِنَاعَةٍ، إِذَا كَانَتْ مَصْلَحَتُهُ فِي ذَلِكَ.</p> </p>د - وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَحْتَال بِدَيْنِ مَنْ فِي وِصَايَتِهِ إِذَا كَانَ الْمُحَال عَلَيْهِ أَمْلأََ مِنَ الْمَدِينِ الأَْصْلِيِّ، فَإِنْ كَانَ أَعْسَرَ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ؛ لأَِنَّ وِلَايَتَهُ مُقَيَّدَةٌ بِالنَّظَرِ، وَلَيْسَ مِنَ النَّظَرِ قَبُول الْحَوَالَةِ عَلَى الأَْعْسَرِ. (4)</p> </p>هـ - وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ أَنْ يَهَبَ شَيْئًا مِنْ مَال الصَّغِيرِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِ، وَلَا أَنْ يَتَصَدَّقَ، وَلَا أَنْ يُوصِيَ بِشَيْءٍ مِنْهُ؛ لأَِنَّهَا مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الضَّارَّةِ ضَرَرًا مَحْضًا، فَلَا يَمْلِكُهَا الْوَصِيُّ، وَلَا الْوَلِيُّ وَلَوْ كَانَ أَبًا.</p> </p>و وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقْرِضَ مَال الصَّغِيرِ وَنَحْوَهُ لِغَيْرِهِ، وَلَا أَنْ يَقْتَرِضَهُ لِنَفْسِهِ؛ لِمَا فِي إِقْرَاضِهِ مِنْ تَعْطِيل الْمَال عَنِ الاِسْتِثْمَارِ، وَالْوَصِيُّ مَأْمُورٌ بِتَنْمِيَتِهِ بِقَدْرِ الإِْمْكَانِ. وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ. (5) وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَا يَجُوزُ الإِْقْرَاضُ بِلَا ضَرُورَةٍ إِلَاّ بِإِذْنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 6 / 725.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر وحاشية ابن عابدين 6 / 725.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 4 / 243.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تبيين الحقائق 6 / 211.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حاشية ابن عابدين 6 / 712، وحاشية الدسوقي 4 / 405.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٥)</span><hr/></div>الْقَاضِي. (1) وَقَيَّدَ الْحَنَابِلَةُ عَدَمَ جَوَازِ الإِْقْرَاضِ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَظٌّ لِلْيَتِيمِ، فَمَتَى أَمْكَنَ الْوَصِيُّ التِّجَارَةَ بِهِ أَوْ تَحْصِيل عَقَارٍ لَهُ فِيهِ الْحَظُّ لَمْ يُقْرِضْهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ وَكَانَ فِي إِقْرَاضِهِ حَظٌّ لِلْيَتِيمِ جَازَ، كَأَنْ يَكُونَ لِلْيَتِيمِ مَالٌ مَثَلاً يُرِيدُ نَقْلَهُ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ، فَيُقْرِضُهُ لِرَجُلٍ لِيَقْضِيَهُ بَدَلَهُ فِي الْبَلَدِ الآْخَرِ، يَقْصِدُ حِفْظَهُ مِنَ الْغَرَرِ فِي نَقْلِهِ، أَوْ يَخَافُ عَلَيْهِ الْهَلَاكَ مِنْ نَهْبٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، أَوْ يَكُونُ مِمَّا يُتْلَفُ بِتَطَاوُل مُدَّتِهِ، أَوْ يَكُونُ حَدِيثُهُ خَيْرًا مِنْ قَدِيمِهِ كَالْحِنْطَةِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَظٌّ، وَإِنَّمَا قَصَدَ إِرْفَاقَ الْمُقْتَرِضِ وَقَضَاءَ حَاجَتِهِ، فَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌النَّاظِرُ عَلَى الْوَصِيِّ، وَمُهِمَّتُهُ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> النَّاظِرُ عَلَى الْوَصِيِّ هُوَ الشَّخْصُ الَّذِي يُعَيِّنُهُ الْمُوصِي أَوِ الْقَاضِي لِمُرَاقَبَةِ أَعْمَال الْوَصِيِّ وَتَصَرُّفَاتِهِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْوِصَايَةِ، دُونَ أَنْ يَشْتَرِكَ مَعَهُ فِي إِجْرَائِهَا، وَذَلِكَ لِضَمَانِ قِيَامِ الْوَصِيِّ بِعَمَلِهِ عَلَى الْوَجْهِ الأَْكْمَل. وَتَسْمِيَتُهُ بِهَذَا الاِسْمِ اصْطِلَاحُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ (3)، وَيُسَمِّيهِ الْمَالِكِيَّةُ أَيْضًا وَالشَّافِعِيَّةُ: مُشْرِفًا، (4) أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَيُسَمُّونَهُ: أَمِينًا. (5)</p>وَمُهِمَّةُ الْمُشْرِفِ أَنْ يُرَاقِبَ الْوَصِيَّ فِي إِدَارَةِ مَال الصِّغَارِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ، وَتَصَرُّفَاتُهُ فِيهِ. وَعَلَى الْوَصِيِّ أَنْ يُجِيبَ الْمُشْرِفَ إِلَى كُل مَا يَطْلُبُهُ مِنْ إِيضَاحٍ عَنْ إِدَارَتِهِ وَتَصَرُّفَاتِهِ، كَيْ يَتَمَكَّنَ مِنَ الْقِيَامِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) قليوبي 2 / 305.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 4 / 243.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 6 / 703، وحاشية الصاوي 2 / 275.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية الدسوقي 4 / 403، ومغني المحتاج 3 / 78</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني 6 / 141.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٦)</span><hr/></div>بِمُهِمَّتِهِ الَّتِي عُيِّنَ مِنْ أَجْلِهَا، وَلَيْسَ لِلْمُشْرِفِ حَقُّ الاِشْتِرَاكِ فِي الإِْدَارَةِ وَلَا الاِنْفِرَادِ بِالتَّصَرُّفِ، وَإِذَا خَلَا مَكَانُ الْوَصِيِّ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْعَى مَال الصَّغِيرِ وَيَحْفَظَهُ إِلَى أَنْ يُعَيَّنَ وَصِيٌّ جَدِيدٌ.</p> </p>‌<span class="title">‌تَعَدُّدُ الأَْوْصِيَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> الإِْيصَاءُ قَدْ يَكُونُ لِوَاحِدٍ، وَقَدْ يَكُونُ لأَِكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ. فَإِذَا كَانَ الإِْيصَاءُ لأَِكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَصَدَرَ الإِْيصَاءُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، بِأَنْ قَال الْمُوصِي: أَوْصَيْتُ إِلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَقَبِل كُلٌّ مِنْهُمَا الْوِصَايَةَ صَارَ وَصِيًّا، وَكَذَلِكَ إِذَا حَصَل الإِْيصَاءُ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ، بِأَنْ أَوْصَى إِلَى رَجُلٍ، ثُمَّ أَوْصَى إِلَى رَجُلٍ آخَرَ، فَإِنَّهُمَا يَكُونَانِ وَصِيَّيْنِ، إِلَاّ إِذَا قَال الْمُوصِي: أَخْرَجْتُ الأَْوَّل أَوْ عَزَلْتُهُ، أَمَّا إِذَا وُجِدَتِ الْوَصِيَّةُ إِلَيْهِمَا بِعَقْدَيْنِ مِنْ غَيْرِ عَزْل وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُمَا يَكُونَانِ وَصِيَّيْنِ، كَمَا لَوْ أَوْصَى إِلَيْهِمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً.</p>فَإِذَا تَعَدَّدَ الأَْوْصِيَاءُ، وَحَدَّدَ الْمُوصِي لِكُل وَاحِدٍ اخْتِصَاصَهُ، بِأَنْ عَهِدَ إِلَى أَحَدِ الأَْوْصِيَاءِ الْقِيَامَ بِشُئُونِ الأَْرَاضِي، وَإِلَى آخَرَ بِشُئُونِ الْمَتْجَرِ، أَوِ الْمَصْنَعِ، وَإِلَى ثَالِثٍ بِالنَّظَرِ فِي أَمْرِ أَطْفَالِهِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مَا جُعِل إِلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ.</p>وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى إِلَى وَصِيَّيْنِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَجَعَل لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفَ مُنْفَرِدًا، بِأَنْ يَقُول: أَوْصَيْتُ إِلَى كُل وَاحِدٍ مِنْكُمَا بِالنَّظَرِ فِي أَمْرِ أَطْفَالِي، وَلِكُلٍّ مِنْكُمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ، كَانَ لِكُل وَصِيٍّ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ؛ لأَِنَّ الْمُوصِيَ جَعَل كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصِيًّا مُنْفَرِدًا، وَهَذَا يَقْتَضِي صِحَّةَ تَصَرُّفِهِ عَلَى الاِنْفِرَادِ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٦)</span><hr/></div>أَمَّا لَوْ أَوْصَى إِلَى وَصِيَّيْنِ لِيَتَصَرَّفَا مُجْتَمِعَيْنِ، فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الاِنْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ، فَلَوْ تَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا بِدُونِ الآْخَرِ أَوْ تَوْكِيلٍ مِنْهُ كَانَ لَهُ رَدُّ تَصَرُّفِهِ؛ لأَِنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يَجْعَل ذَلِكَ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَرْضَ بِنَظَرِهِ وَحْدَهُ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ إِلَاّ فِي الصُّورَةِ الأُْولَى، وَهِيَ مَا إِذَا خَصَّصَ لِكُل وَصِيٍّ عَمَلاً، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُول: إِنَّ الْوِصَايَةَ لَا تَتَخَصَّصُ بِالتَّخْصِيصِ مِنَ الْمُوصِي، بَل يَكُونُ الْوَصِيُّ وَصِيًّا فِيمَا يَمْلِكُهُ الْمُوصِي، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى سُلْطَةِ الْوَصِيِّ.</p>وَإِذَا تَعَدَّدَ الأَْوْصِيَاءُ، وَكَانَ الإِْيصَاءُ مُطْلَقًا عَنِ التَّخْصِيصِ أَوِ التَّقْيِيدِ بِالاِنْفِرَادِ أَوِ الاِجْتِمَاعِ، بِأَنْ قَال: أَوْصَيْتُ إِلَيْكُمَا بِالنَّظَرِ فِي شُئُونِ أَطْفَالِي مَثَلاً، فَلِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ آرَاءٍ. فَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ يَقُولَانِ: لَيْسَ لأَِحَدِ الْوَصِيَّيْنِ الاِنْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ، إِلَاّ أَنَّهُمَا اسْتَثْنَيَا مِنْ ذَلِكَ بَعْضَ التَّصَرُّفَاتِ، فَأَجَازَا لِكُل وَاحِدٍ الاِنْفِرَادَ بِهَا لِلضَّرُورَةِ، لأَِنَّهَا تَصَرُّفَاتٌ عَاجِلَةٌ لَا تَحْتَمِل التَّأْخِيرَ، أَوْ لأَِنَّهَا لَازِمَةٌ لِحِفْظِ الْمَال، أَوْ لأَِنَّ اجْتِمَاعَ الرَّأْيِ فِيهَا مُتَعَذَّرٌ، كَتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ وَقَضَاءِ دَيْنِهِ، وَرَدِّ الْمَغْصُوبِ الْمُعَيَّنِ، وَرَدِّ الْوَدِيعَةِ وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ الْمُعَيَّنَتَيْنِ، وَشِرَاءِ مَا لَا بُدَّ لِلصَّغِيرِ مِنْهُ كَالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ، وَقَبُول الْهِبَةِ لَهُ، وَالْخُصُومَةِ عَنِ الْمَيِّتِ فِيمَا يُدْعَى لَهُ أَوْ عَلَيْهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَشُقُّ الاِجْتِمَاعُ عَلَيْهِ، أَوْ يَضُرُّ تَأْخِيرُهُ.</p>وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ قَرِيبٌ مِمَّا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِذَا أَوْصَى إِلَى اثْنَيْنِ وَلَمْ يَجْعَل لِكُلٍّ مِنْهُمَا الاِنْفِرَادَ بِالتَّصَرُّفِ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ، بَل لَا بُدَّ مِنَ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ، وَهَذَا فِي أَمْرِ الأَْطْفَال وَأَمْوَالِهِمْ، وَتَفْرِقَةِ الْوَصَايَا غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ،</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٧)</span><hr/></div>وَقَضَاءُ دَيْنٍ لَيْسَ فِي التَّرِكَةِ جِنْسُهُ. وَأَمَّا رَدُّ الأَْعْيَانِ الْمُسْتَحَقَّةِ كَالْمَغْصُوبِ وَالْوَدَائِعِ وَالأَْعْيَانِ الْمُوصَى بِهَا وَقَضَاءُ دَيْنٍ فِي التَّرِكَةِ جِنْسُهُ، فَلأَِحَدِهِمَا الاِسْتِقْلَال بِهِ. (1)</p>وَحُجَّةُ أَصْحَابِ هَذَا الرَّأْيِ أَنَّ الْوِصَايَةَ إِنَّمَا تَثْبُتُ بِالتَّفْوِيضِ مِنَ الْمُوصِي، فَيُرَاعَى وَصْفُ هَذَا التَّفْوِيضِ، وَهُوَ الاِجْتِمَاعُ؛ لأَِنَّهُ وَصْفٌ مُفِيدٌ، إِذْ رَأْيُ الْوَاحِدِ لَا يَكُونُ كَرَأْيِ الاِثْنَيْنِ، وَالْمُوصِي مَا رَضِيَ إِلَاّ بِرَأْيِهِمَا، بِدَلِيل اخْتِيَارِهِ لأَِكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ يَدُل دَلَالَةً ظَاهِرَةً عَلَى أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ ذَلِكَ اجْتِمَاعُ رَأْيِهِمَا وَاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّصَرُّفَاتِ، حَتَّى تَكُونَ أَصْلَحَ وَأَنْفَعَ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَنْفَرِدُ بِهَا وَصِيٌّ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا جَازَ انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمُسْتَثْنَاةِ لأَِنَّهَا ضَرُورِيَّاتٌ، وَالضَّرُورِيَّاتُ مُسْتَثْنَاةٌ دَائِمًا. (2)</p>وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: أَنَّهُ لَيْسَ لأَِحَدٍ الْوَصِيَّيْنِ الاِنْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ، وَهَذَا فِي جَمِيعِ الأَْشْيَاءِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ اجْتِمَاعُهُمَا فَالْحَاكِمُ - كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ - يُقِيمُ أَمِينًا مَقَامَ الْغَائِبِ.</p>وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْمُوصِيَ قَدْ شَرَّكَ بَيْنَ الْوَصِيَّيْنِ فِي النَّظَرِ، فَلَمْ يَكُنْ لأَِحَدِهِمَا الاِنْفِرَادُ فِي التَّصَرُّفِ، كَالْوَكِيلَيْنِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لأَِحَدِهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ بِدُونِ الآْخَرِ، فَكَذَلِكَ الْوَصِيَّانِ. (3)</p>وَقَال أَبُو يُوسُفَ: لِكُلٍّ مِنَ الْوَصِيَّيْنِ أَنْ يَنْفَرِدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر وحاشية ابن عابدين 6 / 703 - 705، وتبيين الحقائق 6 / 208، 209، ومغني المحتاج 3 / 77، 78، وحاشية القليوبي 3 / 179.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 6 / 208 / 209.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 403، والشرح الصغير وحاشية الصاوي 2 / 475، والمغني 6 / 136.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٧)</span><hr/></div>بِالتَّصَرُّفِ فِي جَمِيعِ الأَْشْيَاءِ، وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْوِصَايَةَ مِنْ قَبِيل الْوِلَايَةِ، وَهِيَ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ لَا يَتَجَزَّأُ، فَتَثْبُتُ لِكُلٍّ مِنَ الْوَصِيِّينَ عَلَى وَجْهِ الْكَمَال، كَوِلَايَةِ الإِْنْكَاحِ إِلَى الأَْخَوَيْنِ، فَإِنَّهَا تَثْبُتُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى وَجْهِ الْكَمَال، فَكَذَلِكَ الْوِصَايَةُ تَثْبُتُ لِكُلٍّ مِنَ الْوَصِيَّيْنِ عَلَى وَجْهِ الْكَمَال؛ لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وِلَايَةٌ. (1)</p>وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ لَمْ يُجْعَل لِكُلٍّ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ مُنْفَرِدًا جَعَل الْقَاضِيَ مَكَانَهُ آخَرًا، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّ الْوَصِيَّ لَمَّا أَوْصَى إِلَى الاِثْنَيْنِ لَمْ يَرْضَ بِنَظَرِ الْبَاقِي مِنْهُمَا وَحْدَهُ. (2)</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ، وَلَمْ يُوصِ قَبْل مَوْتِهِ إِلَى صَاحِبِهِ أَوْ إِلَى غَيْرِهِ، كَانَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَنْظُرَ فِيمَا فِيهِ الأَْصْلَحُ، فَإِنْ رَأَى الأَْصْلَحَ فِي إِبْقَاءِ الْحَيِّ مِنْهُمَا وَصِيًّا وَحْدَهُ لَمْ يَجْعَل مَعَهُ وَصِيًّا آخَرَ، وَإِنْ رَأَى الأَْصْلَحَ فِي جَعْل غَيْرِهِ وَصِيًّا مَعَهُ جَعَل مَعَهُ غَيْرَهُ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْجْرُ عَلَى الْوِصَايَةِ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْخُذَ أَجْرًا عَلَى نَظَرِهِ وَعَمَلِهِ؛ لأَِنَّ الْوَصِيَّ كَالْوَكِيل، وَالْوَكِيل يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الأَْجْرِ عَلَى عَمَلِهِ، فَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ، بِهَذَا قَال الْحَنَابِلَةُ (4) ، وَبِهِ أَيْضًا قَال الْمَالِكِيَّةُ، فَإِنَّهُمْ نَصُّوا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 6 / 208.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 6 / 209، والدر وحاشية ابن عابدين 6 / 705، والقليوبي 3 / 179، والمغني 6 / 142.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 403، والشرح الصغير وحاشية الصاوي 2 / 475.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 6 / 142.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٨)</span><hr/></div>عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ إِذَا طَلَبَ أُجْرَةً عَلَى نَظَرِهِ فِي مَال الْيَتِيمِ، فَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهُ أُجْرَةً عَلَى نَظَرِهِ بِقَدْرِ شُغْلِهِ فِي مَال الْيَتِيمِ وَشِرَاءِ نَفَقَتِهِ. فَإِنْ تَوَرَّعَ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ. كَمَا نَصُّوا عَلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لِلْوَصِيِّ أُجْرَةً عَلَى نَظَرِهِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ سَدَادًا لِلأَْيْتَامِ (1) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا كَانَ النَّاظِرُ فِي أَمْرِ الطِّفْل أَجْنَبِيًّا، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَال الطِّفْل قَدْرَ أُجْرَةِ عَمَلِهِ، فَإِنْ أَخَذَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ مَا أَخَذَهُ، وَلَوْ لِكِفَايَتِهِ، وَإِنْ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا، أَوْ أُمًّا - بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ لَهَا - فَلَا يَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا إِنْ كَانَ غَنِيًّا، فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَنَفَقَتُهُ عَلَى الطِّفْل، وَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِ حَاكِمٍ (2) .</p>أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْوَصِيَّ إِنْ كَانَ وَصِيُّ الْمَيِّتِ فَلَيْسَ لَهُ أَجْرٌ عَلَى وَصِيَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ وَصِيَّ الْقَاضِي، فَلِلْقَاضِي أَنْ يَجْعَل لَهُ أَجْرَ الْمِثْل عَلَى وَصِيَّتِهِ (3) .</p>وَمَعَ هَذَا فَقَدْ أَجَازُوا لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْكُل مِنْ مَال الْيَتِيمِ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا، وَيَرْكَبَ دَابَّتَهُ إِذَا ذَهَبَ فِي حَاجَتِهِ (4)، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} (5)، وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: إِنَّ عِنْدِي يَتِيمًا عِنْدَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البهجة في شرح التحفة، وحلى المعاصم المطبوع بهامش الشرح المذكور 2 / 309.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 3 / 78، 79.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر وحاشية ابن عابدين 6 / 713.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الاختيار لتعليل المختار 5 / 69، 70.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة النساء / 6.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٨)</span><hr/></div>مَالٌ، وَلَيْسَ لِي مَالٌ، آكُل مِنْ مَالِهِ؟ قَال: كُل بِالْمَعْرُوفِ غَيْرَ مُسْرِفٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌انْتِهَاءُ الْوِصَايَةِ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> تَنْتَهِي الْوِصَايَةُ بِأَحَدِ الأُْمُورِ الآْتِيَةِ:</p><font color=#ff0000>(1)</font> مَوْتُ الْوَصِيِّ، أَوْ فَقْدُهُ لِشَرْطٍ مِنَ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِيهِ، فَإِنْ مَاتَ الْوَصِيُّ، أَوْ فَقَدَ شَرْطًا مِنَ الشُّرُوطِ الْوَاجِبِ تَوَافُرُهَا لِصِحَّةِ الإِْيصَاءِ، كَالإِْسْلَامِ وَالْعَقْل وَغَيْرِهِمَا انْتَهَتْ وِصَايَتُهُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ كَمَا تُعْتَبَرُ فِي الاِبْتِدَاءِ تُعْتَبَرُ فِي الدَّوَامِ وَالْبَقَاءِ (2) .</p> </p><font color=#ff0000>(2)</font> انْتِهَاءُ مُدَّةِ الْوِصَايَةِ، فَإِذَا أُقِّتَتِ الْوِصَايَةُ بِمُدَّةٍ، كَأَنْ قَال الْمُوصِي: أَوْصَيْتُ إِلَى فُلَانٍ لِمُدَّةِ سَنَةٍ، أَوْ قَال: أَوْصَيْتُ إِلَى فُلَانٍ مُدَّةَ غِيَابِ وَلَدِي فُلَانٍ، أَوْ إِلَى أَنْ يَصِيرَ رَشِيدًا، فَإِذَا حَضَرَ أَوْ رَشَدَ فَهُوَ وَصِيِّي، فَإِنَّ الإِْيصَاءَ يَنْتَهِي إِذَا حَضَرَ وَلَدُهُ، أَوْ صَارَ رَشِيدًا؛ لأَِنَّ الإِْيصَاءَ كَالإِْمَارَةِ، وَالإِْمَارَةُ يَصِحُّ تَوْقِيتُهَا وَتَعْلِيقُهَا عَلَى الشَّرْطِ، فَكَذَلِكَ الإِْيصَاءُ؛ وَلأَِنَّ الإِْيصَاءَ مُؤَقَّتٌ شَرْعًا بِبُلُوغِ الأَْيْتَامِ أَوْ إِينَاسِ الرُّشْدِ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ مُؤَقَّتًا بِالشَّرْطِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَيْضًا (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مباذر ولا متأثل. . . ". أخرجه أبو داود (3 / 293 - ط عزت عبيد دعاس) والنسائي (6 / 256 - ط المكتبة التجارية) وقواه ابن حجر في الفتح (8 / 241 - ط السلفية) . ورواه ابن أبي حاتم (مختصر تفسير ابن كثير 1 / 359) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير 4 / 403، والشرح الصغير 2 / 475، ومغني المحتاج 3 / 75، والمغني 6 / 140، 141، والدر وحاشية ابن عابدين 6 / 705، 706.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الصغير 2 / 473، ومغني المحتاج 3 / 77، والإقناع 4 / 34، والاختيار 5 / 69.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٩)</span><hr/></div><font color=#ff0000>(3)</font> عَزْل الْوَصِيِّ نَفْسَهُ، فَلَوْ عَزَل الْوَصِيُّ نَفْسَهُ بَعْدِ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبُول الإِْيصَاءِ، انْتَهَتْ وِصَايَتُهُ، وَهَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.</p>أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، فَإِنَّ الْوَصِيَّ لَيْسَ لَهُ عَزْل نَفْسِهِ عَنِ الإِْيصَاءِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبُولِهِ إِيَّاهُ إِلَاّ لِعُذْرٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَنْ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الإِْيصَاءِ.</p> </p><font color=#ff0000>(4)</font> انْتِهَاءُ الْعَمَل الَّذِي عُهِدَ إِلَى الْوَصِيِّ الْقِيَامُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْعَمَل هُوَ قَضَاءُ الدُّيُونِ الَّتِي عَلَى الْمَيِّتِ، أَوِ اقْتِضَاءُ دُيُونِهِ الَّتِي لَهُ عَلَى غَيْرِهِ، أَوْ تَوْزِيعُ وَصَايَاهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ بِهَا، انْتَهَتِ الْوِصَايَةُ بِدَفْعِ الدُّيُونِ إِلَى أَصْحَابِهَا، أَوْ بِأَخْذِهَا مِمَّنْ كَانَتْ عَلَيْهِمْ، أَوْ بِإِعْطَاءِ الْوَصَايَا لِمَنْ أَوْصَى لَهُمْ بِهَا. وَإِنْ كَانَ هَذَا الْعَمَل هُوَ النَّظَرُ فِي شُئُونِ الأَْوْلَادِ الصِّغَارِ وَأَمْوَالِهِمُ، انْتَهَتْ هَذِهِ الْوِصَايَةُ بِبُلُوغِ الصَّغِيرِ عَاقِلاً رَشِيدًا، بِحَيْثُ يُؤْتَمَنُ فِي إِدَارَةِ أَمْوَالِهِ، وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا، وَلَمْ يُحَدِّدْ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ لِهَذَا الرُّشْدِ سِنًّا مُعَيَّنَةً يُحْكَمُ بِزَوَال الْوِصَايَةِ عَنِ الْقَاصِرِ مَتَى بَلَغَهَا، بَل هُوَ مَوْكُولٌ إِلَى ظُهُورِهِ بِالْفِعْل، وَذَلِكَ عَنْ طَرِيقِ الاِخْتِبَارِ وَالتَّجْرِبَةِ، فَإِذَا دَلَّتِ التَّجْرِبَةُ عَلَى تَحَقُّقِ الرُّشْدِ حُكِمَ بِرُشْدِهِ، وَسُلِّمَتْ إِلَيْهِ أَمْوَالُهُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (1) .</p>وَإِذَا بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ وَكَانَ عَاقِلاً لَا تَكْمُل أَهْلِيَّتُهُ، وَلَا تَرْتَفِعُ الْوِلَايَةُ أَوِ الْوِصَايَةُ عَنْهُ فِي مَالِهِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النساء / 6.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٩)</span><hr/></div>بَل تَبْقَى أَمْوَالُهُ تَحْتَ يَدِ وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ حَتَّى يَثْبُتَ رُشْدُهُ، وَذَلِكَ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَل اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفًا وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (1) ، فَإِنَّهُ مَنَعَ الأَْوْلِيَاءَ وَالأَْوْصِيَاءَ مِنْ دَفْعِ الْمَال إِلَى السُّفَهَاءِ، وَأَنَاطَ دَفْعَ الْمَال إِلَيْهِمْ بِحُصُول أَمْرَيْنِ: الْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ. فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُدْفَعَ إِلَيْهِمْ بِالْبُلُوغِ، مَعَ عَدَمِ الرُّشْدِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا النَّصِّ وَلَا فِي غَيْرِهِ تَحْدِيدٌ لِلرُّشْدِ بِسِنٍّ مُعَيَّنَةٍ، بَل هُوَ مَوْكُولٌ إِلَى ظُهُورِهِ بِالْفِعْل، وَذَلِكَ عَنْ طَرِيقِ الاِخْتِبَارِ وَالتَّجْرِبَةِ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى تَحَقُّقِ الرُّشْدِ كَمُلَتْ أَهْلِيَّتُهُ، وَسُلِّمَتْ إِلَيْهِ أَمْوَالُهُ، وَإِلَاّ بَقِيَتِ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ، وَبَقِيَتْ أَمْوَالُهُ تَحْتَ يَدِ وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ، كَمَا كَانَتْ قَبْل الْبُلُوغِ مَهْمَا طَال الزَّمَنُ.</p>وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ غَيْرَ رَشِيدٍ - وَكَانَ عَاقِلاً - كَمُلَتْ أَهْلِيَّتُهُ، وَارْتَفَعَتِ الْوِلَايَةُ أَوِ الْوِصَايَةُ عَنْهُ، إِلَاّ أَنَّهُ لَا تُسَلَّمُ إِلَيْهِ أَمْوَالُهُ، بَل تَبْقَى فِي يَدِ وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ حَتَّى يَثْبُتَ رُشْدُهُ بِالْفِعْل، أَوْ يَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، فَإِذَا بَلَغَ هَذِهِ السِّنَّ سُلِّمَتْ إِلَيْهِ أَمْوَالُهُ، وَلَوْ كَانَ مُبَذِّرًا لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ؛ لأَِنَّ مَنْعَ الْمَال عَنْهُ كَانَ عَلَى سَبِيل الاِحْتِيَاطِ وَالتَّأْدِيبِ، وَلَيْسَ عَلَى سَبِيل الْحَجْرِ عَلَيْهِ، وَالإِْنْسَانُ بَعْدَ بُلُوغِ هَذِهِ السِّنِّ، وَصَلَاحِيَّتِهِ لأََنْ يَكُونَ جَدًّا، لَا يَكُونُ أَهْلاً لِلتَّأْدِيبِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النساء / 5، 6</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 7 / 170، والدر وحاشية ابن عابدين 6 / 149، 150، والشرح الصغير 2 / 138، والمغني 5 / 601، والروض المربع 2 / 202.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌إِيفَاءٌ</span></p> </p>انْظُرْ: وَفَاءٌ</p> </p>‌<span class="title">‌إِيقَاظٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الإِْيقَاظُ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرُ أَيْقَظَهُ: إِذَا نَبَّهَهُ مِنْ نَوْمِهِ (1) وَلَا يَخْتَلِفُ مَعْنَاهُ فِي الْفِقْهِ عَنْهُ فِي اللُّغَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> تَرِدُ عَلَى الإِْيقَاظِ الأَْحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ التَّالِيَةُ: - فَيَكُونُ فَرْضًا، إِذَا تَرَتَّبَ عَلَى نَوْمِهِ تَرْكُ فَرْضٍ. أَوْ كَانَ فِي تَرْكِهِ تَعْرِيضُ حَيَاتِهِ لِخَطَرٍ مُحَقَّقٍ.</p>- وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا، إِذَا كَانَ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ تَرْكَهُ نَائِمًا قَدْ يُعَرِّضُهُ لِخَطَرٍ، أَوْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ تَرْكَهُ يُفَوِّتُ فَرْضًا عَلَيْهِ إِنْ نَامَ بَعْدَ دُخُول الْوَقْتِ.</p>- وَقَدْ يَكُونُ سِنَةً، كَإِيقَاظِ مَنْ نَامَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَوْ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ؛ لِوُرُودِ أَخْبَارٍ بِالنَّهْيِ عَنِ النَّوْمِ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ (2) .</p>-<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح ومعجم متن اللغة مادة:" يقظ ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث النوم بعد صلاة العصر، وحديث ذم النوم بعد صلاة الصبح. أخرجهما ابن الجوزي في الموضوعات (3 / 68 - 69 ط السلفية) وحكم عليهما بعدم الصحة، وذكرهما كذلك ابن عراق في تنزيه الشريعة (2 / 290 ط مكتبة القاهرة) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٠)</span><hr/></div>وَكَذَلِكَ يُنْدَبُ الإِْيقَاظُ لِغَسْل يَدَيْهِ أَوْ ثَوْبِهِ مِنْ بَقَايَا الطَّعَامِ - لَا سِيَّمَا اللَّحْمَ - لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنِ النَّوْمِ عَلَى تِلْكَ الْحَال. قَال: مَنْ بَاتَ، وَفِي يَدِهِ غَمْرٌ، فَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَاّ نَفْسَهُ (1) .</p>- وَكَذَلِكَ إِيقَاظُ مَنْ نَامَ فِي الْمِحْرَابِ أَوْ فِي قِبْلَةِ الْمُصَلِّينَ فِي الصَّفِّ الأَْوَّل.</p>- وَقَدْ يَكُونُ حَرَامًا، كَمَا لَوْ كَانَ فِي إِيقَاظِهِ ضَرَرٌ مُحَقَّقٌ، كَالْمَرِيضِ إِذَا نَهَى الطَّبِيبُ عَنْ إِيقَاظِهِ.</p>هَذَا وَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ الْقَاعِدَةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي دَفْعِ الضَّرَرِ الأَْكْبَرِ بِارْتِكَابِ مَا هُوَ أَخَفُّ مِنْهُ؛ لأَِنَّهُ يَرْتَكِبُ أَهْوَن الضَّرَرَيْنِ.</p>عَلَى أَنَّهُ إِذَا انْتَفَى سَبَبٌ مِمَّا سَبَقَ، فَإِنَّ الأَْصْل كَرَاهَةُ إِيقَاظِ النَّائِمِ لِمَا فِيهِ مِنَ الإِْيذَاءِ، وَلِمَا وَرَدَ مِنْ أَخْبَارٍ تُرَاعَى فِيهَا حَال النَّائِمِ، كَمَنْعِ السَّلَامِ عَلَى النَّائِمِ، وَخَفْضِ الصَّوْتِ لِمَنْ يُصَلِّي جَهْرًا بِحَضْرَةِ نَائِمٍ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌مِنْ مَوَاطِنِ الْبَحْثِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> يَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ حُكْمَ الإِْيقَاظِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، حِينَ الْكَلَامِ عَلَى أَوْقَاتِهَا، بِمُنَاسَبَةِ التَّعَرُّضِ لِكَرَاهَةِ النَّوْمِ قَبْل الصَّلَاةِ خَوْفَ تَضْيِيعِهَا بِخُرُوجِ الْوَقْتِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" من بات. . . " أخرجه الترمذي (4 / 289 ط الحلبي) وصححه ابن حجر في الفتح (9 / 579 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الجمل على المنهج 1 / 274 ط الميمنية، وجواهر الإكليل 1 / 34 ط الحلبي، والزرقاني على متن خليل 1 / 148 ط بولاق، والإنصاف شرح المقنع 1 / 389 ط مطبعة السنة المحمدية، وابن عابدين 2 / 97 ط الأولى مع التصرف.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌إِيقَافٌ</span></p> </p>انْظُرْ: وَقْفٌ</p> </p>‌<span class="title">‌إِيلَاءٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الإِْيلَاءُ فِي اللُّغَةِ مَعْنَاهُ: الْحَلِفُ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ أَمْ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ، مَأْخُوذٌ مِنْ آلَى عَلَى كَذَا يُولِي إِيلَاءً وَأَلْيَةً: إِذَا حَلَفَ عَلَى فِعْل شَيْءٍ أَوْ تَرْكِهِ.</p>كَانَ الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا غَضِبَ مِنْ زَوْجَتِهِ حَلَفَ أَلَاّ يَطَأَهَا السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، أَوْ أَلَاّ يَطَأَهَا أَبَدًا، وَيَمْضِي فِي يَمِينِهِ مِنْ غَيْرِ لَوْمٍ أَوْ حَرَجٍ، وَقَدْ تَقْضِي الْمَرْأَةُ عُمْرَهَا كَالْمُعَلَّقَةِ، فَلَا هِيَ زَوْجَةٌ تَتَمَتَّعُ بِحُقُوقِ الزَّوْجَةِ، وَلَا هِيَ مُطَلَّقَةٌ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِرَجُلٍ آخَرَ، فَيُغْنِيهَا اللَّهُ مِنْ سَعَتِهِ.</p>فَلَمَّا جَاءَ الإِْسْلَامُ أَنْصَفَ الْمَرْأَةَ، وَوَضَعَ لِلإِْيلَاءِ أَحْكَامًا خَفَّفَتْ مِنْ أَضْرَارِهِ، وَحَدَّدَ لِلْمُولِي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَأَلْزَمَهُ إِمَّا بِالرُّجُوعِ إِلَى مُعَاشَرَةِ زَوْجَتِهِ، وَإِمَّا بِالطَّلَاقِ عَلَيْهِ.</p>قَال اللَّهُ تَعَالَى:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 226، 227.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢١)</span><hr/></div>وَالإِْيلَاءُ فِي الاِصْطِلَاحِ - يُعَرِّفُهُ الْحَنَفِيَّةُ - أَنْ يَحْلِفَ الزَّوْجُ بِاللَّهِ تَعَالَى، أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ الَّتِي يُحْلَفُ بِهَا، أَلَاّ يَقْرَبَ زَوْجَتَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَنْ يُعَلِّقَ عَلَى قُرْبَانِهَا أَمْرًا فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُول الرَّجُل لِزَوْجَتِهِ: وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، أَوْ سِتَّةً، أَوْ يَقُول: وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ أَبَدًا، أَوْ مُدَّةَ حَيَاتِي، أَوْ وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ وَلَا يَذْكُرُ مُدَّةً، وَهَذِهِ صُورَةُ الْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى، أَمَّا صُورَةُ التَّعْلِيقِ، فَهُوَ أَنْ يَقُول: إِنْ قَرُبْتُكِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صِيَامُ شَهْرٍ، أَوْ حَجٌّ، أَوْ إِطْعَامُ عِشْرِينَ مِسْكِينًا، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَى النَّفْسِ، فَإِذَا قَال الزَّوْجُ شَيْئًا مِنْ هَذَا اعْتُبِرَ قَوْلُهُ إِيلَاءً. أَمَّا إِذَا امْتَنَعَ الرَّجُل مِنْ قُرْبَانِ زَوْجَتِهِ بِدُونِ يَمِينٍ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إِيلَاءً، وَلَوْ طَالَتْ مُدَّةُ الاِمْتِنَاعِ حَتَّى بَلَغَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ، بَل يُعْتَبَرُ سُوءُ مُعَاشَرَةٍ يُتِيحُ لِزَوْجَتِهِ طَلَبَ الْفُرْقَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عُذْرٌ يَمْنَعُ مِنْ قُرْبَانِهَا. وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ الزَّوْجُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَالنَّبِيِّ وَالْوَلِيِّ أَلَاّ يَقْرَبَ زَوْجَتَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إِيلَاءً؛ لأَِنَّ الإِْيلَاءَ يَمِينٌ، وَالْحَلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ يَمِينًا شَرْعًا؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ (1) .</p>وَمِثْل هَذَا لَوْ عَلَّقَ الرَّجُل عَلَى قُرْبَانِ زَوْجَتِهِ أَمْرًا لَيْسَ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَى النَّفْسِ، كَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ إِطْعَامِ مِسْكِينٍ، لَا يَكُونُ إِيلَاءً.</p>وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتِ الْمُدَّةُ الَّتِي حَلَفَ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ فِيهَا أَقَل مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَا يُعْتَبَرُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ". أخرجه البخاري (الفتح 12 / 530 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1267 - ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٢)</span><hr/></div>إِيلَاءً، وَذَلِكَ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ لِلإِْيلَاءِ فِي حُكْمِ الطَّلَاقِ مُدَّةً مُقَدَّرَةً هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، فَلَا يَكُونُ الْحَلِفُ عَلَى مَا دُونَهَا إِيلَاءً فِي حَقِّ هَذَا الْحُكْمِ.</p>وَقَدْ وَافَقَ الْحَنَفِيَّةُ - فِي أَنَّ الإِْيلَاءَ يَكُونُ بِالْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِالتَّعْلِيقِ - الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَةٍ.</p>وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ، فَقَالُوا: الإِْيلَاءُ لَا يَكُونُ إِلَاّ بِالْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى، أَمَّا تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ أَوِ الْعِتْقِ أَوِ الْمَشْيِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إِيلَاءً؛ لأَِنَّ الإِْيلَاءَ قَسَمٌ، وَالتَّعْلِيقَ لَا يُسَمَّى قَسَمًا شَرْعًا وَلَا لُغَةً، وَلِهَذَا لَا يُؤْتَى فِيهِ بِحَرْفِ الْقَسَمِ، وَلَا يُجَابُ بِجَوَابِهِ، وَلَا يَذْكُرُهُ أَهْل الْعَرَبِيَّةِ فِي بَابِ الْقَسَمِ، وَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ إِيلَاءً (1) .</p>وَحُجَّةُ الْحَنَفِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ: أَنَّ تَعْلِيقَ مَا يَشُقُّ عَلَى النَّفْسِ يَمْنَعُ مِنْ قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ خَوْفًا مِنْ وُجُوبِهِ، فَيَكُونُ إِيلَاءً كَالْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّعْلِيقُ - وَإِنْ كَانَ لَا يُسَمَّى قَسَمًا شَرْعًا وَلُغَةً - وَلَكِنَّهُ يُسَمَّى حَلِفًا عُرْفًا (2) .</p>وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الإِْيلَاءَ يَكُونُ بِالْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ.</p>وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ)(3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 171، والخرشي 3 / 230، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2 / 427، ومغني المحتاج 3 / 344، والمغني لابن قدامة 7 / 298.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الخرشي 3 / 230، والشرح الكبير 2 / 428، ومغني المحتاج 3 / 343، والمغني لابن قدامة 7 / 300.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٢)</span><hr/></div>إِلَى أَنَّ الإِْيلَاءَ لَا يَكُونُ إِلَاّ بِالْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ هَذِهِ الآْرَاءِ وَأَدِلَّتُهَا فِي الْكَلَامِ عَنْ مُدَّةِ الإِْيلَاءِ.</p><font color=#ff0000>2 -</font> وَالْحِكْمَةُ فِي مَوْقِفِ الشَّرِيعَةِ الإِْسْلَامِيَّةِ مِنَ الإِْيلَاءِ هَذَا الْمَوْقِفَ: أَنَّ هَجْرَ الزَّوْجَةِ قَدْ يَكُونُ مِنْ وَسَائِل تَأْدِيبِهَا، كَمَا إِذَا أَهْمَلَتْ فِي شَأْنِ بَيْتِهَا أَوْ مُعَامَلَةِ زَوْجِهَا، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأُْمُورِ الَّتِي تَسْتَدْعِي هَجْرَهَا، عَلَّهَا تَثُوبَ إِلَى رُشْدِهَا وَيَسْتَقِيمَ حَالُهَا، فَيَحْتَاجُ الرَّجُل فِي مِثْل هَذِهِ الْحَالَاتِ إِلَى الإِْيلَاءِ، يُقَوِّي بِهِ عَزْمَهُ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ زَوْجَتِهِ تَأْدِيبًا لَهَا وَرَغْبَةً فِي إِصْلَاحِهَا، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَْغْرَاضِ الْمَشْرُوعَةِ.</p>فَلِهَذَا لَمْ تُبْطِل الشَّرِيعَةُ الإِْسْلَامِيَّةُ الإِْيلَاءَ جُمْلَةً، بَل أَبْقَتْهُ مَشْرُوعًا فِي أَصْلِهِ؛ لِيُمْكِنَ الاِلْتِجَاءُ إِلَيْهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌رُكْنُ الإِْيلَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> رُكْنُ الإِْيلَاءِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ تَحَقُّقُ الإِْيلَاءِ عَلَى وُجُودِهِ هُوَ: اللَّفْظُ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ عَلَى التَّفْصِيل وَالْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ.</p>وَالَّذِي يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ: الْكِتَابَةُ الْمُسْتَبِينَةُ، وَهِيَ الْكِتَابَةُ الظَّاهِرَةُ الَّتِي يَبْقَى أَثَرُهَا، كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْوَرَقِ وَنَحْوِهِ. أَمَّا الْكِتَابَةُ غَيْرُ الْمُسْتَبِينَةِ، وَهِيَ الَّتِي لَا يَبْقَى أَثَرُهَا، كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْهَوَاءِ، أَوْ عَلَى الْمَاءِ فَلَا تَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَصِحُّ بِهَا الإِْيلَاءُ.</p>وَمِثْل الْكِتَابَةِ فِي ذَلِكَ الإِْشَارَةُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ النُّطْقِ بِالْعِبَارَةِ، كَالأَْخْرَسِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِ. فَإِذَا كَانَ لِلأَْخْرَسِ إِشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ، يَعْرِفُ الْمُتَّصِلُونَ بِهِ أَنَّ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٣)</span><hr/></div>الْمُرَادَ بِهَا الْحَلِفُ عَلَى الاِمْتِنَاعِ مِنْ قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ، صَحَّ الإِْيلَاءُ بِهَا، كَمَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌شَرَائِطُ الإِْيلَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> شَرَائِطُ الإِْيلَاءِ كَثِيرَةٌ وَمُتَنَوِّعَةٌ، مِنْهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي رُكْنِ الإِْيلَاءِ، وَمِنْهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ مَعًا، وَمِنْهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّجُل الْمُولِي، وَمِنْهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُدَّةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا.</p>وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ كُل نَوْعٍ مِنْهَا:</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ شَرَائِطُ الرُّكْنِ:</span></p>يُشْتَرَطُ فِي رُكْنِ الإِْيلَاءِ، وَهُوَ صِيغَتُهُ، ثَلَاثَ شَرَائِطَ:</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّرِيطَةُ الأُْولَى:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ صَالِحًا لِلدَّلَالَةِ عَلَى مَعْنَى الإِْيلَاءِ، وَذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ مَادَّةُ اللَّفْظِ دَالَّةً عَلَى مَنْعِ الزَّوْجِ مِنْ قُرْبَانِ زَوْجَتِهِ دَلَالَةً وَاضِحَةً عُرْفًا، مِثْل قَوْل الرَّجُل لِزَوْجَتِهِ: وَاللَّهِ لَا أُوَاقِعُكِ، أَوْ لَا أُجَامِعُكِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.</p>وَيَنْقَسِمُ اللَّفْظُ الصَّالِحُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الإِْيلَاءِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ عَلَى مَا هُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ:</p>الأَْوَّل: صَرِيحٌ، وَهُوَ مَا دَل عَلَى الْوَطْءِ لُغَةً وَعُرْفًا.</p>وَحُكْمُ هَذَا النَّوْعِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ إِيلَاءً مَتَى صَدَرَ عَنْ قَصْدٍ إِلَى التَّلَفُّظِ بِهِ بِدُونِ تَوَقُّفٍ عَلَى النِّيَّةِ، وَلَوْ قَال الزَّوْجُ: إِنَّهُ لَمْ يُرِدِ الإِْيلَاءَ لَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ لَا دِيَانَةً<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الخرشي 3 / 229.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٣)</span><hr/></div>وَلَا قَضَاءً؛ لأَِنَّ اللَّفْظَ لَا يَحْتَمِل غَيْرَ الإِْيلَاءِ، فَإِرَادَةُ مَعْنًى آخَرَ خِلَافَهُ تَكُونُ إِرَادَةً مَحْضَةً بِدُونِ لَفْظٍ يَدُل عَلَيْهَا، فَلَا تُعْتَبَرُ.</p>الثَّانِي: مَا يَجْرِي مَجْرَى الصَّرِيحِ، وَهُوَ مَا يُسْتَعْمَل فِي الْجِمَاعِ عُرْفًا، كَلَفْظِ الْقُرْبَانِ وَالاِغْتِسَال، وَذَلِكَ كَأَنْ يَحْلِفَ الرَّجُل أَلَاّ يَقْرَبَ زَوْجَتَهُ، وَبِهِ وَرَدَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ قَال تَعَالَى:{وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} (1) .</p>وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ أَلَاّ يَغْتَسِل مِنْهَا؛ لأَِنَّ الاِغْتِسَال مِنْهَا لَا يَكُونُ إِلَاّ عَنِ الْجِمَاعِ عَادَةً.</p>وَحُكْمُ هَذَا النَّوْعِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ إِيلَاءً فِي الْقَضَاءِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى النِّيَّةِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَال الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ: وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهَذَا اللَّفْظِ الْجِمَاعَ، لَا يُقْبَل مِنْهُ هَذَا الاِدِّعَاءُ فِي الْقَضَاءِ، وَيُقْبَل مِنْهُ دِيَانَةً، أَيْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لأَِنَّ اللَّفْظَ الَّذِي وَرَدَ فِي عِبَارَتِهِ يَحْتَمِل الْمَعْنَى الَّذِي ادَّعَاهُ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ، فَإِذَا نَوَاهُ فَقَدْ نَوَى مَعْنًى يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ، فَتَكُونُ إِرَادَتُهُ صَحِيحَةً، إِلَاّ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ يُخَالِفُ الْمَعْنَى الظَّاهِرَ مِنْ ذَلِكَ اللَّفْظِ لَمْ يُقْبَل مِنْهُ مَا ادَّعَاهُ قَضَاءً، وَقُبِل مِنْهُ دِيَانَةً.</p>الثَّالِثُ: الْكِنَايَةُ، وَهُوَ مَا يَحْتَمِل الْجِمَاعَ وَغَيْرَهُ، وَلَمْ يَغْلِبِ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْجِمَاعِ عُرْفًا، كَمَا إِذَا حَلَفَ الرَّجُل: أَلَاّ يَمَسَّ جِلْدُهُ جِلْدَ زَوْجَتِهِ، أَوْ أَلَاّ يَقْرَبَ فِرَاشَهَا، أَوْ أَلَاّ يَجْمَعَ رَأْسَهُ وَرَأْسَهَا وِسَادَةٌ.</p>وَحُكْمُ هَذَا النَّوْعِ: أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إِيلَاءً إِلَاّ بِالنِّيَّةِ، فَإِذَا قَال الزَّوْجُ: أَرَدْتُ تَرْكَ الْجِمَاعِ كَانَ مُولِيًا، وَإِنْ قَال: لَمْ أُرِدْ تَرْكَ الْجِمَاعِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا؛ لأَِنَّ هَذِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 222.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٤)</span><hr/></div>الأَْلْفَاظَ تُسْتَعْمَل فِي الْجِمَاعِ وَفِي غَيْرِهِ اسْتِعْمَالاً وَاحِدًا فَلَا يَتَعَيَّنُ الْجِمَاعُ إِلَاّ بِالنِّيَّةِ.</p>وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَالَهُ الْمَالِكِيَّةُ: أَنَّ الأَْلْفَاظَ فِي ذَلِكَ تَنْقَسِمُ إِلَى صَرِيحَةٍ وَكِنَايَةٍ فَقَطْ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّرِيطَةُ الثَّانِيَةُ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> أَنْ تَكُونَ الصِّيغَةُ دَالَّةً عَلَى الإِْرَادَةِ الْجَازِمَةِ لِلْحَال، وَيَتَحَقَّقُ هَذَا الشَّرْطُ بِخُلُوِّ الصِّيغَةِ مِنْ كُل كَلِمَةٍ تَدُل عَلَى التَّرَدُّدِ أَوِ الشَّكِّ. وَأَلَاّ تَكُونَ مُشْتَمِلَةً عَلَى أَدَاةٍ مِنَ الأَْدَوَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّأْخِيرِ وَالتَّسْوِيفِ، كَحَرْفِ السِّينِ أَوْ سَوْفَ؛ لأَِنَّ التَّرَدُّدَ كَالرَّفْضِ مِنْ حَيْثُ الْحَكَمُ، وَالتَّأْخِيرُ وَعْدٌ بِإِنْشَاءِ التَّصَرُّفِ فِي الْمُسْتَقْبَل، وَلَيْسَ إِنْشَاءً لَهُ فِي الْحَال، فَالإِْرَادَةُ فِي التَّصَرُّفِ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي الْحَال، وَلَا يُوجَدُ التَّصَرُّفُ إِلَاّ بِإِرَادَةِ إِنْشَائِهِ فِي الْحَال.</p>فَمَنْ يَقُول لِزَوْجَتِهِ: وَاللَّهِ سَأَمْنَعُ نَفْسِي مِنْ مُوَاقَعَتِكِ، أَوْ سَوْفَ أَمْنَعُ نَفْسِي مِنْ مُعَاشَرَتِكِ، لَا يَكُونُ مُولِيًا لأَِنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ لَا تَدُل عَلَى إِرَادَةِ مَنْعِ نَفْسِهِ مِنَ الْمُوَاقَعَةِ فِي الْحَال، وَإِنَّمَا تَدُل عَلَى أَنَّهُ سَيَفْعَل ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَل.</p>هَذَا، وَمِمَّا يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ لَهُ هُنَا أَنَّ اشْتِرَاطَ الْجَزْمِ فِي الإِْرَادَةِ لِلْحَال لَا يُنَافِي جَوَازَ أَنْ تَكُونَ الصِّيغَةُ مُعَلَّقَةً عَلَى حُصُول أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَل، أَوْ مُضَافَةً إِلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الإِْرَادَةَ فِي الإِْيلَاءِ الْمُعَلَّقِ وَالْمُضَافِ مَقْطُوعٌ بِهَا، لَا تَرَدُّدَ فِيهَا، غَايَةُ الأَْمْرِ أَنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1)) البدائع 3 / 162، وابن عابدين 2 / 845، والمغني 7 / 315، 316، والدسوقي على الشرح الكبير 2 / 427، وشرح المنهاج 4 / 10.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٤)</span><hr/></div>الإِْيلَاءَ الْمُعَلَّقَ لَمْ يَحْصُل الْجَزْمُ بِهِ مِنْ قِبَل الْمُولِي فِي الْحَال، بَل عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَالإِْيلَاءُ الْمُضَافُ مَجْزُومٌ بِهِ فِي الْحَال، غَيْرَ أَنَّ ابْتِدَاءَ حُكْمِهِ مُؤَخَّرٌ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ، وَأَنَّ التَّعْلِيقَ وَالإِْضَافَةَ قَدْ صَدَرَا بِإِرَادَةٍ جَازِمَةٍ فِي الْحَال.</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّرِيطَةُ الثَّالِثَةُ: صُدُورُ التَّعْبِيرِ عَنْ قَصْدٍ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> يَتَحَقَّقُ هَذَا الشَّرْطُ بِإِرَادَةِ الزَّوْجِ النُّطْقَ بِالْعِبَارَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الإِْيلَاءِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا، فَإِذَا اجْتَمَعَ مَعَ هَذِهِ الإِْرَادَةِ رَغْبَةٌ فِي الإِْيلَاءِ وَارْتِيَاحٌ إِلَيْهِ كَانَ الإِْيلَاءُ صَادِرًا عَنْ رِضًى وَاخْتِيَارٍ صَحِيحٍ، وَإِنْ وُجِدَتِ الإِْرَادَةُ فَقَطْ، وَانْتَفَتِ الرَّغْبَةُ فِي الإِْيلَاءِ وَالاِرْتِيَاحِ إِلَيْهِ لَمْ يَتَحَقَّقِ الرِّضَى، وَذَلِكَ كَأَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مُكْرَهًا عَلَى الإِْيلَاءِ مِنْ زَوْجَتِهِ بِتَهْدِيدِهِ بِالْقَتْل أَوِ الضَّرْبِ الشَّدِيدِ أَوِ الْحَبْسِ الْمَدِيدِ، فَيَصْدُرُ عَنْهُ الإِْيلَاءُ خَوْفًا مِنْ وُقُوعِ مَا هُدِّدَ بِهِ لَوِ امْتَنَعَ، فَإِنَّ صُدُورَ الصِّيغَةِ مِنَ الزَّوْجِ فِي هَذِهِ الْحَال يَكُونُ عَنْ قَصْدٍ وَإِرَادَةٍ، لَكِنْ لَيْسَ عَنْ رِضًى وَاخْتِيَارٍ صَحِيحٍ. وَالإِْيلَاءُ فِي هَذِهِ الْحَال - حَال الإِْكْرَاهِ - غَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، مُسْتَنِدِينَ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (1)، وَإِلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " أخرجه ابن ماجه (1 / 659 - ط الحلبي) وغيره من طرق كثيرة ذكرها السخاوي في المقاصد ص 229 - 230 ط السعادة. ثم قال: مجموع هذه الطرق يظهر أن للحديث أصلا.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٥)</span><hr/></div>إِغْلَاقٍ (1) وَالإِْغْلَاقُ: الإِْكْرَاهُ؛ لأَِنَّ الْمُكْرَهَ يُغْلَقُ عَلَيْهِ أَمْرُهُ، وَيُقْفَل عَلَيْهِ رَأْيُهُ وَقَصْدُهُ، وَإِلَى أَنَّ الْمُكْرَهَ يُحْمَل عَلَى النُّطْقِ بِالْعِبَارَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا حُكْمٌ، كَنُطْقِهِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ إِذَا أُكْرِهَ عَلَيْهَا (2) .</p>أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَإِيلَاءُ الْمُكْرَهِ مُعْتَبَرٌ، وَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ آثَارُهُ الَّتِي سَيَأْتِي بَيَانُهَا؛ لأَِنَّ الإِْيلَاءَ عِنْدَهُمْ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَصِحُّ مَعَ الإِْكْرَاهِ، نَصُّوا عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ الأَْيْمَانِ وَالطَّلَاقِ، وَأَنَّ الإِْيلَاءَ يَمِينٌ فِي أَوَّل الأَْمْرِ، وَطَلَاقٌ بِاعْتِبَارِ الْمَال، فَيَنْطَبِقُ عَلَيْهِ مَا يُقَرَّرُ فِي بَابَيِ الأَْيْمَانِ وَالطَّلَاقِ.</p>وَقَدِ اسْتَنَدُوا فِي ذَلِكَ إِلَى قِيَاسِ الْمُكْرَهِ عَلَى الْهَازِل؛ لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَصْدُرُ عَنْهُ صِيغَةُ التَّصَرُّفِ عَنْ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ، لَكِنَّهُ لَا يُرِيدُ حُكْمَهَا، وَطَلَاقُ الْهَازِل وَيَمِينُهُ مُعْتَبَرَانِ، فَكَذَلِكَ الْمُكْرَهُ (3) .</p> </p><font color=#ff0000>8 -</font> وَلَوْ صَدَرَتْ صِيغَةُ الإِْيلَاءِ مِنَ الزَّوْجِ، لَكِنَّهُ لَمْ يُرِدْ مُوجَبَهَا، بَل أَرَادَ اللَّهْوَ وَاللَّعِبَ - وَهَذَا هُوَ الْهَازِل - فَإِنَّ الإِْيلَاءَ يَكُونُ مُعْتَبَرًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ (4)،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" لا طلاق ولا عتاق في إغلاق. . . ". أخرجه ابن ماجه (1 / 660 - ط الحلبي) والحاكم (2 / 198 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه، ورده الذهبي بقوله: محمد بن عبيدي لم يحتج به مسلم، وقال أبو حاتم: ضعيف.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الخرشي 3 / 173، والشرح الكبير 2 / 367، ومغني المحتاج 3 / 289، والمغني لابن قدامة 7 / 118.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير 3 / 39، وحاشية ابن عابدين 2 / 650، 652، والبدائع 3 / 100.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البدائع 3 / 100، والشرح الكبير 2 / 366، ومغني المحتاج 3 / 288، والمغني لابن قدامة 6 / 535.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٥)</span><hr/></div>لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ (1) وَلأَِنَّ الْهَازِل قَاصِدٌ لِلسَّبَبِ، وَهُوَ الصِّيغَةُ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ لِحُكْمِهِ، وَأَنَّ تَرَتُّبَ الأَْحْكَامِ عَلَى أَسْبَابِهَا مَوْكُولٌ إِلَى الشَّارِعِ لَا إِلَى الْمُتَصَرِّفِ.</p> </p><font color=#ff0000>9 -</font> وَلَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِغَيْرِ الإِْيلَاءِ، فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ الإِْيلَاءُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ أَصْلاً - وَهُوَ الْمُخْطِئُ - فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَدَمُ اعْتِبَارِ إِيلَاءِ الْمُخْطِئِ؛ لأَِنَّ التَّصَرُّفَ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ إِذَا قَصَدَ اللَّفْظَ الَّذِي يَدُل عَلَيْهِ وَأُرِيدَ حُكْمُهُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، أَوْ قَصَدَ اللَّفْظَ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ حُكْمَهُ، وَالْمُخْطِئُ. لَمْ يَقْصِدِ اللَّفْظَ الدَّال عَلَى الإِْيلَاءِ وَلَا حُكْمَهُ، فَلَا يَكُونُ الإِْيلَاءُ الصَّادِرُ مِنْهُ مُعْتَبَرًا (2) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمُخْطِئِ إِلَى أَنَّ إِيلَاءَهُ لَا يُعْتَبَرُ دِيَانَةً، وَيُعْتَبَرُ قَضَاءً. وَمَعْنَى اعْتِبَارِهِ فِي الْقَضَاءِ دُونَ الدِّيَانَةِ: أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالإِْيلَاءِ إِلَاّ الزَّوْجُ، كَانَ لَهُ أَنْ يُعَاشِرَ زَوْجَتَهُ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَإِذَا مَضَتْ مُدَّةُ الإِْيلَاءِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَإِذَا سَأَل فَقِيهًا عَمَّا صَدَرَ مِنْهُ جَازَ لَهُ أَنْ يُفْتِيَهُ بِأَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، مَتَى عَلِمَ صِدْقَهُ فِيمَا يَقُول. فَإِذَا تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ وَرُفِعَ الأَْمْرُ إِلَى الْقَاضِي حَكَمَ بِلُزُومِ الْكَفَّارَةِ بِالْحِنْثِ إِذَا اتَّصَل بِزَوْجَتِهِ قَبْل مُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَبِوُقُوعِ الطَّلَاقِ إِذَا مَضَتِ الْمُدَّةُ بِدُونِ مُعَاشَرَةٍ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ الْقَاضِيَ يَبْنِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) منتقي الأخبار مع شرح نيل الأوطار 6 / 249. وحديث:" ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد. . . ". أخرجه أبو داود (2 / 644 - ط عزت عبيد دعاس) وحسنه ابن حجر في التلخيص (3 / 210 - ط دار المحاسن) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 3 / 287، والمغني لابن قدامة 6 / 235.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٦)</span><hr/></div>أَحْكَامَهُ عَلَى الظَّاهِرِ، وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ. وَلَوْ قَبِل فِي الْقَضَاءِ دَعْوَى أَنَّ مَا جَرَى عَلَى لِسَانِهِ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ شَيْءٌ آخَرُ لَا نَفْتَحُ الْبَابَ أَمَامَ الْمُحْتَالِينَ الَّذِينَ يَقْصِدُونَ النُّطْقَ بِالصِّيغَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الإِْيلَاءِ، ثُمَّ يَدَّعُونَ أَنَّهُ سَبْقُ لِسَانٍ (1) .</p>وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ - كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي الطَّلَاقِ - أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَقْصِدِ النُّطْقَ بِصِيغَةِ الإِْيلَاءِ، بَل قَصَدَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِغَيْرِ الإِْيلَاءِ، فَزَل لِسَانُهُ، وَتَكَلَّمَ بِالصِّيغَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الإِْيلَاءِ لَا يَكُونُ إِيلَاءً فِي الْقَضَاءِ، كَمَا لَا يَكُونُ إِيلَاءً فِي الدِّيَانَةِ وَالْفَتْوَى (2) .</p>وَيَتَّضِحُ مِمَّا تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْخَطَأِ: وَالْهَزْل وَالإِْكْرَاهِ، وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْخَطَأِ لَا تَكُونُ الْعِبَارَةُ الَّتِي نَطَقَ بِهَا الزَّوْجُ مَقْصُودَةً أَصْلاً، بَل الْمَقْصُودُ عِبَارَةٌ أُخْرَى، وَصَدَرَتْ هَذِهِ بَدَلاً عَنْهَا. وَفِي الْهَزْل: تَكُونُ الْعِبَارَةُ مَقْصُودَةً؛ لأَِنَّهَا بِرِضَى الزَّوْجِ وَاخْتِيَارِهِ، وَلَكِنْ حُكْمُهَا لَا يَكُونُ مَقْصُودًا؛ لأَِنَّ الزَّوْجَ لَا يُرِيدُ هَذَا الْحُكْمَ، بَل يُرِيدُ شَيْئًا آخَرَ هُوَ اللَّهْوُ وَاللَّعِبُ. وَفِي الإِْكْرَاهِ: تَكُونُ الْعِبَارَةُ صَادِرَةً عَنْ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ، وَلَكِنَّهُ اخْتِيَارٌ غَيْرُ سَلِيمٍ؛ لِوُجُودِ الإِْكْرَاهِ، وَهُوَ يُؤَثِّرُ فِي الإِْرَادَةِ، وَيَجْعَلُهَا لَا تَخْتَارُ مَا تَرْغَبُ فِيهِ وَتَرْتَاحُ إِلَيْهِ، بَل تَخْتَارُ مَا يَدْفَعُ الأَْذَى وَالضَّرَرَ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَحْوَال صِيغَةِ الإِْيلَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> الصِّيغَةُ الَّتِي يُنْشِئُ الزَّوْجُ الإِْيلَاءَ بِهَا تَارَةً<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 556، 657، والفتاوى الهندية 1 / 330.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير 2 / 366.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٦)</span><hr/></div>تَصْدُرُ خَالِيَةً مِنَ التَّعْلِيقِ عَلَى حُصُول أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَل، وَمِنَ الإِْضَافَةِ إِلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، وَتَارَةً تَصْدُرُ مُشْتَمِلَةً عَلَى التَّعْلِيقِ عَلَى حُصُول أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَل، أَوِ الإِْضَافَةُ إِلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ.</p>فَإِذَا صَدَرَتِ الصِّيغَةُ، وَكَانَتْ خَالِيَةً مِنَ التَّعْلِيقِ وَالإِْضَافَةِ، كَانَ الإِْيلَاءُ مُنَجَّزًا. وَإِنْ صَدَرَتْ، وَكَانَتْ مُشْتَمِلَةً عَلَى التَّعْلِيقِ عَلَى حُصُول أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَل، كَانَ الإِْيلَاءُ مُعَلَّقًا. وَإِنْ صَدَرَتْ وَكَانَتْ مُضَافَةً إِلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، كَانَ الإِْيلَاءُ مُضَافًا.</p>وَعَلَى هَذَا فَالإِْيلَاءُ الْمُنَجَّزُ هُوَ: مَا كَانَتْ صِيغَتُهُ مُطْلَقَةً غَيْرَ مُضَافَةٍ إِلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، وَلَا مُعَلَّقَةً عَلَى حُصُول أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَل، وَمِنْ أَمْثِلَةِ التَّنْجِيزِ أَنْ يَقُول الرَّجُل لِزَوْجَتِهِ: وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ، وَهَذَا يُعْتَبَرُ إِيلَاءً فِي الْحَال، وَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ آثَارُهُ بِمُجَرَّدِ صُدُورِهِ.</p>وَالإِْيلَاءُ الْمُعَلَّقُ هُوَ: مَا رُتِّبَ فِيهِ الاِمْتِنَاعُ عَنْ قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ عَلَى حُصُول أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَل بِأَدَاةٍ مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ، مِثْل (إِنْ)(وَإِذَا)(وَلَوْ)(وَمَتَى) وَنَحْوِهَا، وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُول الرَّجُل لِزَوْجَتِهِ: إِنْ أَهْمَلْتِ شُئُونَ الْبَيْتِ، أَوْ يَقُول لَهَا: لَوْ كَلَّمْتِ فُلَانًا فَوَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ.</p>وَفِي هَذِهِ الْحَال، لَا يُعْتَبَرُ مَا صَدَرَ عَنِ الرَّجُل إِيلَاءً قَبْل وُجُودِ الشَّرْطِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ التَّعْلِيقَ يَجْعَل وُجُودَ التَّصَرُّفِ الْمُعَلَّقِ مُرْتَبِطًا بِوُجُودِ الشَّرْطِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، فَفِي الْمِثَال الْمُتَقَدِّمِ لَا يَكُونُ الزَّوْجُ مُولِيًا قَبْل أَنْ تُهْمِل الْمَرْأَةُ فِي شُئُونِ الْبَيْتِ، أَوْ تُكَلِّمَ ذَلِكَ الشَّخْصَ، فَإِذَا أَهْمَلَتْ شُئُونَ الْبَيْتِ أَوْ كَلَّمَتْهُ صَارَ مُولِيًا، وَاحْتُسِبَتْ مُدَّةُ الإِْيلَاءِ مِنْ وَقْتِ الإِْهْمَال أَوِ التَّكْلِيمِ فَقَطْ، لَا مِنْ وَقْتِ قَوْل الزَّوْجِ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٧)</span><hr/></div>وَالإِْيلَاءُ الْمُضَافُ هُوَ: مَا كَانَتْ صِيغَتُهُ مَقْرُونَةً بِوَقْتٍ مُسْتَقْبَلٍ يَقْصِدُ الزَّوْجُ مَنْعَ نَفْسِهِ مِنْ قُرْبَانِ زَوْجَتِهِ عِنْدَ حُلُول هَذَا الْوَقْتِ، وَمِثَالُهُ: أَنْ يَقُول الرَّجُل لِزَوْجَتِهِ: وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ مِنْ أَوَّل الشَّهْرِ الآْتِي، أَوْ يَقُول لَهَا: وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ مِنْ غَدٍ.</p>وَفِي هَذِهِ الْحَال، يُعْتَبَرُ مَا صَدَرَ عَنِ الرِّجَال إِيلَاءً مِنْ وَقْتِ صُدُورِ الْيَمِينِ، وَلَكِنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إِلَاّ عِنْدَ وُجُودِ الْوَقْتِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ الإِْيلَاءُ؛ لأَِنَّ الإِْضَافَةَ لَا تَمْنَعُ انْعِقَادَ الْيَمِينِ سَبَبًا لِحُكْمِهِ، وَلَكِنَّهَا تُؤَخِّرُ حُكْمَهُ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ، فَفِي قَوْل الرَّجُل لِزَوْجَتِهِ: وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ مِنْ أَوَّل الشَّهْرِ الْقَادِمِ يُعْتَبَرُ الزَّوْجُ مُولِيًا مِنْ زَوْجَتِهِ مِنَ الْوَقْتِ الَّذِي صَدَرَتْ فِيهِ هَذِهِ الصِّيغَةُ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الرَّجُل قَدْ حَلَفَ بِاللَّهِ تَعَالَى أَلَاّ يُوَلِّيَ مِنْ زَوْجَتِهِ حُكِمَ بِحِنْثِهِ فِي هَذِهِ، وَإِنْ لَمْ يَحِنِ الْوَقْتُ الَّذِي أُضِيفَتْ إِلَيْهِ الْيَمِينُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِمُجَرَّدِ صُدُورِ الصِّيغَةِ الْمُضَافَةِ، لَكِنْ لَوِ اتَّصَل بِزَوْجَتِهِ قَبْل مَجِيءِ الشَّهْرِ الَّذِي أَضَافَ الإِْيلَاءَ إِلَيْهِ لَا يُحْكَمُ بِحِنْثِهِ وَوُجُوبِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ، كَمَا أَنَّ مُدَّةَ الإِْيلَاءِ لَا تُحْتَسَبُ إِلَاّ مِنْ أَوَّل الشَّهْرِ الَّذِي أَضَافَ الإِْيلَاءَ إِلَيْهِ.</p>وَإِنَّمَا صَحَّ تَعْلِيقُ الإِْيلَاءِ وَإِضَافَتُهُ لأَِنَّهُ يَمِينٌ، وَالْيَمِينُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَقْبَل الإِْضَافَةَ وَالتَّعْلِيقَ (1) .</p>وَلَمْ نَعْثُرْ عَلَى كَلَامٍ لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي قَبُول الإِْيلَاءِ لِلإِْضَافَةِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 165.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الروضة 8 / 244، الخرشي 4 / 90.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٧)</span><hr/></div>أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ أَوْرَدُوا مِنْ تَطْبِيقَاتِ الإِْيلَاءِ مَا يَدُل عَلَى قَبُول الإِْيلَاءِ لِلإِْضَافَةِ (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ مَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ مَعًا:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الإِْيلَاءِ فِي الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ مَعًا قِيَامُ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا عِنْدَ حُصُول الإِْيلَاءِ أَوْ إِضَافَتِهِ إِلَى النِّكَاحِ.</p>أَمَّا قِيَامُ النِّكَاحِ حَقِيقَةً، فَيَتَحَقَّقُ بِعَقْدِ الزَّوَاجِ الصَّحِيحِ، وَقَبْل حُصُول الْفُرْقَةِ بَيْنَ الرَّجُل وَزَوْجَتِهِ، سَوَاءٌ أَدَخَل الرَّجُل بِزَوْجَتِهِ أَمْ لَمْ يَدْخُل.</p>وَأَمَّا قِيَامُهُ حُكْمًا، فَيَتَحَقَّقُ بِوُجُودِ الْعِدَّةِ مِنَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ؛ لأَِنَّ الْمَرْأَةَ بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ تَكُونُ زَوْجَةً مِنْ كُل وَجْهٍ مَا دَامَتِ الْعِدَّةُ، فَتَكُونُ مَحَلًّا لِلإِْيلَاءِ، كَمَا تَكُونُ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ، فَإِذَا أَقْسَمَ الزَّوْجُ أَلَاّ يَقْرَبَ زَوْجَتَهُ الَّتِي طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا مُدَّةً تَسْتَغْرِقُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ كَانَ مُولِيًا، فَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَالْمَرْأَةُ لَا تَزَال فِي الْعِدَّةِ، بِأَنْ كَانَتْ حَامِلاً، أَوْ كَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ وَكَانَ طُهْرُهَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ يَمْتَدُّ طَوِيلاً، فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يُؤْمَرُ الرَّجُل بِالْفَيْءِ، فَإِنْ لَمْ يَفِئْ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي إِنِ امْتَنَعَ عَنِ الطَّلَاقِ، عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَنْ أَثَرِ الإِْيلَاءِ بَعْدَ انْعِقَادِهِ.</p>وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ أُخْرَى (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 5 / 359 ط النصر، ومطالب أولي النهى 5 / 499 - ط المكتب الإسلامي، والإنصاف 9 / 176 ط التراث، ومنتهى الإرادات 2 / 320 ط دار العروبة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية وفتح القدير 3 / 194، وحاشية ابن عابدين 2 / 842، والبدائع 3 / 171، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 2 / 427، ومغني المحتاج 3 / 349، والمغني لابن قدامة 7 / 313.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٨)</span><hr/></div>أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْعِدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ فِي أَثْنَائِهَا لَا تَكُونُ مَحَلًّا لِلإِْيلَاءِ، سَوَاءٌ أَكَانَ بَائِنًا بَيْنُونَةً صُغْرَى، أَمْ بَائِنًا بَيْنُونَةً كُبْرَى؛ لأَِنَّ الطَّلَاقَ الْبَائِنَ بِنَوْعَيْهِ يُزِيل رَابِطَةَ الزَّوْجِيَّةِ، وَلَا يُبْقِي مِنْ آثَارِ الزَّوَاجِ شَيْئًا سِوَى الْعِدَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ أَحْكَامٍ، فَيَحْرُمُ عَلَى الْمُطَلِّقِ قُرْبَانُ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا بَائِنًا وَلَوْ كَانَتِ الْعِدَّةُ قَائِمَةً، فَإِذَا حَلَفَ الرَّجُل أَلَاّ يَقْرَبَ زَوْجَتَهُ الَّتِي طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا كَانَتْ يَمِينُهُ لَغْوًا فِي حُكْمِ الْبِرِّ، حَتَّى لَوْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَلَمْ يَقْرَبْهَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا طَلَاقٌ ثَانٍ.</p>أَمَّا فِي حُكْمِ الْحِنْثِ فَإِنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ، وَلِهَذَا لَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا، ثُمَّ وَطِئَهَا حَنِثَ فِي يَمِينِهِ، وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ؛ لِعَدَمِ الْوَفَاءِ بِمُوجِبِهَا، وَهُوَ عَدَمُ قُرْبَانِهَا، أَيْ أَنَّ حَلِفَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ إِيلَاءً، وَلَكِنَّهُ انْعَقَدَ يَمِينًا.</p>وَمِثْل هَذَا لَوْ قَال لاِمْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ: وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ، وَأَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ، أَوْ قَال: أَبَدًا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مُولِيًا فِي حُكْمِ الْبِرِّ؛ لِعَدَمِ قِيَامِ النِّكَاحِ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا عِنْدَ الْحَلِفِ، حَتَّى لَوْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَعْدَ الزَّوَاجِ، وَلَمْ يَقْرَبْهَا لَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ؛ لأَِنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا عِنْدَ حُصُول الْيَمِينِ، لَكِنْ لَوْ قَرَبَهَا بَعْدَ الزَّوَاجِ أَوْ قَبْلَهُ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ؛ لاِنْعِقَادِ الْيَمِينِ فِي حَقِّ الْحِنْثِ؛ لأَِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِهِ فِي حَقِّ الْحِنْثِ قِيَامُ النِّكَاحِ، بِخِلَافِ انْعِقَادِهِ فِي حَقِّ الْبِرِّ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ قِيَامُ النِّكَاحِ (1) .</p>وَأَمَّا إِضَافَةُ الإِْيلَاءِ إِلَى النِّكَاحِ، فَصُورَتُهُ أَنْ يَقُول الرَّجُل لاِمْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ: إِنْ تَزَوَّجْتُكِ فَوَاللَّهِ لَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 871.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٨)</span><hr/></div>أَقْرَبُكِ، ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُولِيًا، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ الَّذِينَ أَجَازُوا إِضَافَةَ الطَّلَاقِ أَوْ تَعْلِيقَهُ عَلَى النِّكَاحِ (1)، وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ كَالْمُنَجَّزِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَالْمَرْأَةُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ زَوْجَةٌ، فَتَكُونُ مَحَلًّا لِلإِْيلَاءِ الْمُضَافِ إِلَى النِّكَاحِ، كَمَا تَكُونُ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: لَا يَصِحُّ الإِْيلَاءُ الْمُضَافُ إِلَى النِّكَاحِ؛ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَل الإِْيلَاءَ مِنَ الزَّوْجَةِ، وَالْمَرْأَةُ الَّتِي يُضَافُ الإِْيلَاءُ مِنْهَا إِلَى نِكَاحِهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً عِنْدَ حُصُول الإِْيلَاءِ، فَلَا يَكُونُ الإِْيلَاءُ مِنْهَا صَحِيحًا؛ وَلأَِنَّ الإِْيلَاءَ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ، وَحُكْمُ الشَّيْءِ لَا يَتَقَدَّمُهُ، كَالطَّلَاقِ وَالْقَسَمِ؛ وَلأَِنَّ الْمُدَّةَ تُضْرَبُ لِلْمُولِي لِقَصْدِهِ الإِْضْرَارَ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا كَانَتِ الْيَمِينُ قَبْل النِّكَاحِ لَمْ يَتَحَقَّقْ هَذَا الْقَصْدُ، فَأَشْبَهَ الْمُمْتَنِعَ بِغَيْرِ يَمِينٍ (2) .</p><font color=#ff0000>12 -</font> وَالْخِلَافُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي صِحَّةِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَالإِْيلَاءِ بِالنِّكَاحِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي التَّعْلِيقِ وَأَثَرِهِ فِي التَّصَرُّفِ الْمُعَلَّقِ. فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: التَّعْلِيقُ يُؤَخِّرُ انْعِقَادَ التَّصَرُّفِ الْمُعَلَّقِ سَبَبًا لِحُكْمِهِ حَتَّى يُوجَدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ. فَالتَّصَرُّفُ الْمُعَلَّقُ لَا وُجُودَ لَهُ عِنْدَ التَّكَلُّمِ بِالصِّيغَةِ، وَإِنَّمَا يُوجَدُ عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ.</p>وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمُ: التَّعْلِيقُ لَا يُؤَخِّرُ انْعِقَادَ التَّصَرُّفِ سَبَبًا لِحُكْمِهِ، وَإِنَّمَا يَمْنَعُ تَرَتُّبَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 171، وحاشية ابن عابدين 2 / 843، والشرح الكبير 2 / 370، والخرشي 3 / 176.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 3 / 292، والمغني لابن قدامة 7 / 312.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٩)</span><hr/></div>الْحُكْمِ عَلَيْهِ حَتَّى يُوجَدَ الشَّرْطُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ.</p>فَعِنْدَهُمُ التَّصَرُّفُ الْمُعَلَّقُ عَلَى شَرْطٍ مَوْجُودٌ عِنْدَ التَّكَلُّمِ بِالصِّيغَةِ، غَيْرَ أَنَّ حُكْمَهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إِلَاّ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ.</p>وَبِنَاءً عَلَى هَذَا: مَنْ قَال لاِمْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ: إِنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَمَنْ مَعَهُمْ؛ لأَِنَّ الشَّرْطَ لِصِحَّةِ الطَّلَاقِ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ عِنْدَ وُجُودِهِ، وَالطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ لَا يُوجَدُ فِي رَأْيِهِمْ إِلَاّ عِنْدَ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ، وَعِنْدَ تَحْقِيقِ الشَّرْطِ تَكُونُ الْمَرْأَةُ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ، إِذْ هِيَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ زَوْجَةٌ، فَيَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ.</p>وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لأَِنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِحُكْمِهِ عِنْدَ التَّكَلُّمِ بِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً، فَلَمْ تَتَحَقَّقِ الْمَحَلِّيَّةُ الَّتِي هِيَ شَرْطُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ. وَأَنَّ الإِْيلَاءَ كَالطَّلَاقِ فِي هَذَا الْحُكْمِ (1) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُولِي:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> يُشْتَرَطُ فِي الرَّجُل لِكَيْ يَكُونَ إِيلَاؤُهُ صَحِيحًا مَا يَأْتِي:</p>أَوَّلاً: الْبُلُوغُ، بِظُهُورِ الْعَلَامَاتِ الطَّبِيعِيَّةِ أَوْ بِالسِّنِّ، فَإِيلَاءُ الصَّبِيِّ لَا يَنْعَقِدُ (2) (ر: مُصْطَلَحُ: بُلُوغٍ) .</p>ثَانِيًا: الْعَقْل، فَلَا يَصِحُّ الإِْيلَاءُ مِنَ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِل، وَلَا مِنَ الْمَعْتُوهِ؛ لأَِنَّ الْمَعْتُوهَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التحرير مع شرح التيسير 1 / 178 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 3 / 100، والخرشي 3 / 229، ومغني المحتاج 3 / 343، والمغني لابن قدامة 7 / 314.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٩)</span><hr/></div>قَدْ لَا يَكُونُ عِنْدَهُ إِدْرَاكٌ وَلَا تَمْيِيزٌ فَيَكُونُ كَالْمَجْنُونِ، وَقَدْ يَكُونُ عِنْدَهُ إِدْرَاكٌ وَتَمْيِيزٌ وَلَكِنَّهُ لَا يَصِل إِلَى دَرَجَةِ الإِْدْرَاكِ عِنْدَ الرَّاشِدِينَ الْعَادِيِّينَ كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ، وَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ الإِْيلَاءُ، فَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ (1) .</p>وَمِثْل الْمَجْنُونِ فِي الْحُكْمِ الأَْشْخَاصُ التَّالِي ذِكْرُهُمُ:</p><font color=#ff0000>(1)</font> الْمَدْهُوشُ، وَهُوَ الَّذِي اعْتَرَتْهُ حَالَةُ انْفِعَالٍ لَا يَدْرِي فِيهَا مَا يَقُول أَوْ يَفْعَل، أَوْ يَصِل بِهِ الاِنْفِعَال إِلَى دَرَجَةٍ يَغْلِبُ مَعَهَا الْخَلَل فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ.</p>فَإِذَا صَدَرَ الإِْيلَاءُ مِنَ الزَّوْجِ، وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَال لَا يُعْتَبَرُ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُهُ وَيُرِيدُهُ؛ لأَِنَّ هَذَا الْعِلْمَ وَهَذِهِ الإِْرَادَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَيْنِ؛ لِعَدَمِ حُصُولِهِمَا عَنْ إِدْرَاكٍ صَحِيحٍ، كَمَا لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ (2) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمُ، فَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي حُكْمِ الْمَجْنُونِ، وَمِثْلُهُ النَّائِمُ؛ لأَِنَّهُ لَا إِدْرَاكَ عِنْدَهُ وَلَا وَعْيَ، فَلَا يُعْتَدُّ بِالإِْيلَاءِ الَّذِي يَصْدُرُ عَنْهُ كَمَا لَا يُعْتَدُّ بِطَلَاقِهِ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> السَّكْرَانُ، وَهُوَ الَّذِي صَارَ عَقْلُهُ مَغْلُوبًا مِنْ تَأْثِيرِ الْمُسْكِرِ، حَتَّى صَارَ يَهْذِي وَيَخْلِطُ فِي كَلَامِهِ، وَلَا يَعِي بَعْدَ إِفَاقَتِهِ مَا كَانَ مِنْهُ فِي حَال سُكْرِهِ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ إِيلَاءَ السَّكْرَانِ لَا يُعْتَبَرُ إِذَا كَانَ سُكْرُهُ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ، كَمَا لَوْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ لِلضَّرُورَةِ، أَوْ تَحْتَ ضَغْطِ الإِْكْرَاهِ؛ لأَِنَّ السَّكْرَانَ لَا وَعْيَ عِنْدَهُ وَلَا إِدْرَاكَ كَالْمَجْنُونِ وَالنَّائِمِ، بَل أَشَدُّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 659، والمغني لابن قدامة 7 / 314.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 3 / 100، وحاشية ابن عابدين 2 / 659.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٠)</span><hr/></div>حَالاً مِنَ النَّائِمِ، إِذِ النَّائِمُ يَنْتَبِهُ بِالتَّنْبِيهِ، أَمَّا السَّكْرَانُ فَلَا يَنْتَبِهُ إِلَاّ بَعْدَ الإِْفَاقَةِ مِنَ السُّكْرِ، فَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرِ الإِْيلَاءُ الصَّادِرُ مِنَ النَّائِمِ، فَلَا يُعْتَبَرُ الإِْيلَاءُ الصَّادِرُ مِنَ السَّكْرَانِ بِالطَّرِيقِ الأَْوْلَى.</p>وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا كَانَ السُّكْرُ بِطَرِيقٍ مُحَرَّمٍ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَشْرَبَ الْمُسْكِرَ بِاخْتِيَارِهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مُسْكِرٌ، مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ حَتَّى يَسْكَرَ، فَقَال بَعْضُهُمْ: يُعْتَبَرُ إِيلَاؤُهُ، وَهُوَ قَوْل جُمْهُورِ الْحَنَفِيَّةِ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ؛ لأَِنَّهُ لَمَّا تَنَاوَل الْمُحَرَّمَ بِاخْتِيَارِهِ يَكُونُ قَدْ تَسَبَّبَ فِي زَوَال عَقْلِهِ، فَيُجْعَل مَوْجُودًا عُقُوبَةً لَهُ وَزَجْرًا عَنِ ارْتِكَابِ الْمَعْصِيَةِ (1) .</p>وَقَال بَعْضُهُمْ: لَا يُعْتَبَرُ إِيلَاؤُهُ، وَهُوَ قَوْل زُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَاخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ وَالْكَرْخِيُّ، وَهُوَ أَيْضًا قَوْل أَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ، وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ: أَنَّ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ تَعْتَمِدُ عَلَى الْقَصْدِ وَالإِْرَادَةِ الصَّحِيحَةِ، وَالسَّكْرَانُ قَدْ غَلَبَ السُّكْرُ عَلَى عَقْلِهِ، فَلَا يَكُونُ عِنْدَهُ قَصْدٌ وَلَا إِرَادَةٌ صَحِيحَةٌ، فَلَا يُعْتَدُّ بِالْعِبَارَةِ الصَّادِرَةِ مِنْهُ، كَمَا لَا يُعْتَدُّ بِالْعِبَارَةِ الصَّادِرَةِ مِنَ الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَالنَّائِمِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ.</p>وَالشَّارِعُ لَمْ يَتْرُكِ السَّكْرَانَ بِدُونِ عُقُوبَةٍ عَلَى سُكْرِهِ، حَتَّى نَحْتَاجَ إِلَى عُقُوبَةٍ أُخْرَى نُنْزِلُهَا بِهِ، خُصُوصًا إِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْعُقُوبَةُ الأُْخْرَى لَا تَقْتَصِرُ عَلَى الْجَانِي، بَل تَتَعَدَّاهُ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الزَّوْجَةِ وَالأَْوْلَادِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية وفتح القدير 3 / 40، والبدائع 3 / 99، والخرشي 3 / 171، 172، ومغني المحتاج 3 / 279، والمغني لابن قدامة 7 / 114.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٠)</span><hr/></div>وَأَسَاسُ هَذَا الاِخْتِلَافِ هُوَ الاِخْتِلَافُ فِي اعْتِبَارِ طَلَاقِهِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ: فَمَنْ قَال بِاعْتِبَارِ طَلَاقِهِ قَال بِاعْتِبَارِ إِيلَائِهِ، وَمَنْ قَال بِعَدَمِ اعْتِبَارِ طَلَاقِهِ قَال بِعَدَمِ اعْتِبَارِ إِيلَائِهِ؛ لأَِنَّ الإِْيلَاءَ كَطَلَاقٍ مُعَلَّقٍ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَسَبَبٌ لِلطَّلَاقِ عِنْدَ آخَرِينَ، فَيَكُونُ لَهُ حُكْمُهُ (1) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُدَّةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الإِْيلَاءَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُدَّةٍ يَحْلِفُ الزَّوْجُ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ زَوْجَتِهِ فِيهَا.</p>لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ هَذِهِ الْمُدَّةِ. فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ مُدَّةَ الإِْيلَاءِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرُ، وَهُوَ قَوْل عَطَاءٍ وَالثَّوْرِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.</p>فَلَوْ حَلَفَ الرَّجُل عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ زَوْجَتِهِ أَقَل مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَا يَكُونُ إِيلَاءً، بَل يَكُونُ يَمِينًا. فَإِذَا حَنِثَ بِالْوَطْءِ قَبْل مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.</p>وَعَلَى هَذَا لَوْ حَلَفَ الزَّوْجُ: أَلَاّ يَطَأَ زَوْجَتَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَانَ إِيلَاءً بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ: أَلَاّ يَقْرَبَ زَوْجَتَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُدَّةً، أَوْ قَال: أَبَدًا، فَإِنَّهُ يَكُونُ إِيلَاءً بِالاِتِّفَاقِ أَيْضًا. أَمَّا لَوْ حَلَفَ أَلَاّ يَقْرَبَ زَوْجَتَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ إِيلَاءً عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَلَا يَكُونُ إِيلَاءً عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَلَوْ حَلَفَ: أَلَاّ يَقْرَبَ زَوْجَتَهُ أَقَل مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إِيلَاءً عِنْدَ الْجَمِيعِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نفس المراجع.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 3 / 171، والهداية وفتح القدير 3 / 183، وحاشية ابن عابدين 2 / 485، والخرشي 3 / 230، ومغني المحتاج 3 / 343، والمغني لابن قدامة 7 / 300.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣١)</span><hr/></div>وَقَدِ احْتَجَّ الْحَنَفِيَّةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ بِأَنَّ الإِْيلَاءَ لَهُ حُكْمَانِ: أَحَدُهُمَا: الْحِنْثُ إِذَا وَطِئَ الرَّجُل زَوْجَتَهُ قَبْل مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ،</p>وَثَانِيهِمَا: وُقُوعُ الطَّلَاقِ إِنْ لَمْ يَطَأْ زَوْجَتَهُ قَبْل مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ. وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الأَْرْبَعَةَ الأَْشْهُرَ هِيَ الْمُدَّةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الإِْيلَاءِ، فَلَا يَكُونُ الْحَلِفُ عَلَى مَا دُونَهَا إِيلَاءً، كَمَا لَا يَتَوَقَّفُ الإِْيلَاءُ عَلَى الْحَلِفِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا، وَبِأَنَّ الإِْيلَاءَ هُوَ الْيَمِينُ الَّتِي تَمْنَعُ قُرْبَانَ الزَّوْجَةِ خَوْفًا مِنْ لُزُومِ الْحِنْثِ، فَلَوْ كَانَ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ أَقَل مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، لأََمْكَنَ الزَّوْجُ بَعْدَ مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ أَنْ يُجَامِعَ زَوْجَتَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْزَمَهُ الْحِنْثُ فِي يَمِينِهِ، فَلَا يَكُونُ هَذَا إِيلَاءً (1) .</p>وَاحْتَجَّ الْمَالِكِيَّةُ وَمَنْ مَعَهُمْ بِأَنَّ الْمُولِيَ يُوقَفُ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، يُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَيْءِ (وَهُوَ الرُّجُوعُ عَنِ الْيَمِينِ بِالْفِعْل أَوِ الْقَوْل) وَالتَّطْلِيقِ، فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَلَوْ كَانَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَل مِنْهَا لَانْقَضَى الإِْيلَاءُ بِانْقِضَائِهَا، وَلَا تَصِحُّ الْمُطَالَبَةُ مِنْ غَيْرِ الإِْيلَاءِ (2) .</p> </p><font color=#ff0000>15 -</font> إِذَا فَقَدَ الإِْيلَاءُ شَرْطًا مِنَ الشَّرَائِطِ الَّتِي تَقَدَّمَ بَيَانُهَا، فَهَل يَكُونُ لِلْيَمِينِ مَفْعُولُهَا الَّذِي وُضِعَتْ لإِِفَادَتِهِ شَرْعًا؟ ذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي لَمْ يَتَحَقَّقْ، فَإِنْ كَانَ مِنْ شَرَائِطِ الصِّيغَةِ تَرَتَّبَ عَلَى فَقْدِهِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْيَمِينِ أَصْلاً، بِحَيْثُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مُخَالَفَةِ مُوجِبِهَا الْحِنْثُ وَوُجُوبُ الْكَفَّارَةِ أَوْ لُزُومُ مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهَا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 171، والمغني لابن قدامة 7 / 300.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جواهر الإكليل 1 / 368.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣١)</span><hr/></div>وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الشَّرْطُ الَّذِي لَمْ يَتَحَقَّقْ مِنَ الشَّرَائِطِ الَّتِي تَعُودُ إِلَى الرَّجُل كَالْبُلُوغِ أَوِ الْعَقْل؛ لأَِنَّهُ لَا اعْتِبَارَ لِمَا يَصْدُرُ عَنِ الصَّبِيِّ قَبْل الْبُلُوغِ، وَلَا لِمَا يَصْدُرُ عَنِ الْمَجْنُونِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِ.</p>أَمَّا لَوْ كَانَ مِنَ الشَّرَائِطِ الَّتِي تَعُودُ إِلَى الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ مَعًا، وَهُوَ قِيَامُ النِّكَاحِ حِينَ الإِْيلَاءِ، فَإِنَّ فَقْدَهُ لَا يُعَطِّل مَفْعُول الْيَمِينِ، بَل تَبْقَى فِي حَقِّ الْحِنْثِ، فَلَوْ قَال رَجُلٌ لاِمْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ: وَاللَّهِ لَا أَطَؤُكِ مُدَّةَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ وَطِئَهَا قَبْل مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ الْمُبَيَّنَةُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ، حَتَّى لَوْ كَانَ الْوَطْءُ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا.</p>أَمَّا فِي حَقِّ الطَّلَاقِ، فَإِنَّ فَقْدَ الشَّرْطِ يُبْطِل الْيَمِينَ بِالنِّسْبَةِ لَهُ، وَلِهَذَا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ؛ لِعَدَمِ انْعِقَادِ الإِْيلَاءِ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ لاِنْعِدَامِ الْمَحَلِّيَّةِ.</p>وَمِثْل هَذَا يُقَال فِي حَال عَدَمِ تَوَافُرِ شَرَائِطِ الْمُدَّةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا، فَإِنَّ مَفْعُول الْيَمِينِ يَبْقَى. وَلَوْ نَقَصَتِ الْمُدَّةُ الَّتِي حَلَفَ الرَّجُل عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ فِيهَا عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ - عِنْدَ مَنْ يَرَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ أَقَل مِنْ ذَلِكَ - وَحَتَّى لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ الَّتِي حَلَفَ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِهَا فِيهَا، وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَثَرُ الإِْيلَاءِ بَعْدَ انْعِقَادِهِ</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> إِذَا تَحَقَّقَ رُكْنُ الإِْيلَاءِ وَتَوَافَرَتْ شَرَائِطُهُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَحَدُ أَثَرَيْنِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 171، والهداية وفتح القدير 3 / 194، والدر المختار مع حاشية ابن عابدين 2 / 851، ومغني المحتاج 3 / 344.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٢)</span><hr/></div>أَوَّلُهُمَا: يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فِي حَالَةِ إِصْرَارِ الزَّوْجِ عَلَى عَدَمِ قُرْبَانِ زَوْجَتِهِ الَّتِي آلَى مِنْهَا، حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ تَارِيخِ الإِْيلَاءِ.</p>وَثَانِيهِمَا: يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فِي حَالَةِ حِنْثِهِ فِي الْيَمِينِ الَّتِي حَلَفَهَا (1) .</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ حَالَةُ الإِْصْرَارِ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> إِذَا أَصَرَّ الْمُولِي عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ زَوْجَتِهِ الَّتِي حَلَفَ أَلَاّ يَقْرَبَهَا كَانَ إِصْرَارُهُ هَذَا دَاعِيًا إِلَى الْفُرْقَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ؛ لأَِنَّ فِي هَذَا الاِمْتِنَاعِ إِضْرَارًا بِالزَّوْجَةِ، فَحِمَايَةً لَهَا مِنْ هَذَا الضَّرَرِ، يَكُونُ لَهَا الْحَقُّ فِي مُطَالَبَتِهِ بِالْعَوْدَةِ إِلَى مُعَاشَرَتِهَا. فَإِنْ لَمْ يَعُدْ إِلَى مُعَاشَرَتِهَا حَتَّى مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَهَل يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ مُضِيِّهَا؟</p>يَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، بَل لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَرْفَعَ الأَْمْرَ إِلَى الْقَاضِي، فَيَأْمُرُ الزَّوْجُ بِالْفَيْءِ، أَيِ الرُّجُوعِ عَنْ مُوجِبِ يَمِينِهِ، فَإِنْ أَبَى الْفَيْءَ أَمَرَهُ بِتَطْلِيقِهَا، فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ طَلَّقَهَا عَلَيْهِ الْقَاضِي (2) .</p>وَيَرَى فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رَفْعِ الأَْمْرِ إِلَى الْقَاضِي، وَلَا حُكْمٍ مِنْهُ بِتَطْلِيقِهَا. وَذَلِكَ جَزَاءً لِلزَّوْجِ عَلَى الإِْضْرَارِ بِزَوْجَتِهِ وَإِيذَائِهَا بِمَنْعِ حَقِّهَا الْمَشْرُوعِ.</p>وَالْحِكْمَةُ الشَّرْعِيَّةُ فِي إِمْهَالِهِ هَذِهِ الْمُدَّةَ الْمُحَافَظَةُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 176.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الخرشي 3 / 238، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 2 / 436، ومغني المحتاج 3 / 348 وما بعدها، والمغني لابن قدامة 7 / 318 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٢)</span><hr/></div>عَلَى عَلَاقَةِ الزَّوْجِيَّةِ وَمُعَالَجَةُ بَقَائِهَا بِمَا هُوَ غَالِبٌ عَلَى طَبَائِعِ النَّاسِ، فَإِنَّ الْبُعْدَ عَنِ الزَّوْجَةِ مِثْل هَذَا الزَّمَنِ فِيهِ تَشْوِيقٌ لِلزَّوْجِ إِلَيْهَا، فَيَحْمِلُهُ ذَلِكَ عَلَى وَزْنِ حَالِهِ مَعَهَا وَزْنًا صَحِيحًا، فَإِذَا لَمْ تَتَأَثَّرْ نَفْسُهُ بِالْبُعْدِ عَنْهَا، وَلَمْ يُبَال بِهَا سَهُل عَلَيْهِ فِرَاقُهَا، وَإِلَاّ عَادَ إِلَى مُعَاشَرَتِهَا نَادِمًا عَلَى إِسَاءَتِهِ مُصِرًّا عَلَى حُسْنِ مُعَاشَرَتِهَا. وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ فَإِنَّ هَجْرَهَا مِنْ وَسَائِل تَأْدِيبِهَا، فَقَدْ تَكُونُ سَبَبًا فِي انْصِرَافِ الزَّوْجِ عَنْهَا بِإِهْمَالِهَا فِي شَأْنِ زِينَتِهَا، أَوْ بِمُعَامَلَتِهَا إِيَّاهُ مُعَامَلَةً تُوجِبُ النَّفْرَةَ مِنْهَا، فَإِذَا هَجَرَهَا هَذِهِ الْمُدَّةَ كَانَ هَذَا زَاجِرًا لَهَا عَمَّا فَرَطَ مِنْهَا (1) .</p>وَسَبَبُ الْخِلَافِ بَيْنَ الْجُمْهُورِ وَبَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَرْجِعُ إِلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الْمُرَادِ مِنَ التَّرْتِيبِ الَّذِي تَدُل عَلَيْهِ " الْفَاءُ " فِي قَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (2) أَهُوَ التَّرْتِيبُ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ التَّرْتِيبُ الزَّمَانِيُّ. أَيْ أَنَّ زَمَنَ الْمُطَالَبَةِ بِالْفَيْءِ أَوِ الطَّلَاقِ عَقِبَ مُضِيِّ الأَْجَل الْمَضْرُوبِ، وَهُوَ الأَْرْبَعَةُ الأَْشْهُرُ أَوْ هُوَ التَّرْتِيبُ الذِّكْرِيُّ لَا الزَّمَنِيُّ، فَتُفِيدُ تَرْتِيبَ الْمُفَصَّل عَلَى الْمُجْمَل، وَعَلَيْهِ يَكُونُ الْفَيْءُ بَعْدَ الإِْيلَاءِ خِلَال الأَْجَل الْمَضْرُوبِ لَا بَعْدَهُ، فَإِذَا انْقَضَى الأَْجَل بِدُونِ فَيْءٍ فِيهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِمُضِيِّهِ؟ فَبِالأَْوَّل قَال الْجُمْهُورُ، وَبِالثَّانِي قَال الْحَنَفِيَّةُ.</p>فَمَعْنَى الآْيَةِ عَلَى رَأْيِ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ لِلأَْزْوَاجِ الَّذِينَ يَحْلِفُونَ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَاتِهِمُ انْتِظَارُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ فَاءُوا قَبْل مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَعَادُوا إِلَى وَطْئِهِنَّ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ تَوْبَةً مِنْهُمْ عَنْ ذَلِكَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 176.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 228.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٣)</span><hr/></div>الذَّنْبِ الَّذِي ارْتَكَبُوهُ، وَالَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الإِْضْرَارُ بِزَوْجَاتِهِمْ وَإِيقَاعُ الأَْذَى بِهِنَّ، وَاللَّهُ يَغْفِرُهُ لَهُمْ بِالْكَفَّارَةِ عَنْهُ، وَإِنْ أَصَرُّوا عَلَى تَنْفِيذِ يَمِينِهِمْ وَهَجْرِ زَوْجَاتِهِمْ، فَلَمْ يَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى انْقَضَتِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ، وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ إِصْرَارًا مِنْهُمْ عَلَى الطَّلَاقِ، فَيَكُونُ إِيلَاؤُهُمْ طَلَاقًا، فَتَطْلُقُ مِنْهُمْ زَوْجَاتُهُمْ بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ هَذِهِ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى تَطْلِيقٍ مِنْهُمْ أَوْ مِنَ الْقَاضِي، جَزَاءً لَهُمْ عَلَى ضَرَرِ زَوْجَاتِهِمْ.</p>وَمَعْنَى الآْيَةِ عَلَى رَأْيِ الْجُمْهُورِ: أَنَّ الأَْزْوَاجَ الَّذِينَ يَحْلِفُونَ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ زَوْجَاتِهِمْ يُمْهَلُونَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ فَاءُوا وَرَجَعُوا عَمَّا مَنَعُوا أَنْفُسَهُمْ مِنْهُ بَعْدَ مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِمَا حَدَثَ مِنْهُمْ مِنَ الْيَمِينِ وَالْعَزْمِ عَلَى ذَلِكَ الضَّرَرِ، وَإِنْ عَزَمُوا عَلَى الطَّلَاقِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لِمَا يَقَعُ مِنْهُمْ مِنَ الطَّلَاقِ، عَلِيمٌ بِمَا يَصْدُرُ عَنْهُمْ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، فَيُجَازِيهِمْ عَلَيْهِ. وَمِمَّا اسْتَدَل بِهِ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ سُهَيْل بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ قَال: سَأَلْتُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَجُلٍ يُولِي مِنِ امْرَأَتِهِ قَالُوا: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، فَيُوقَفُ، فَإِنْ فَاءَ وَإِلَاّ طَلَّقَ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) منتقى الأخبار مع شرح نيل الأوطار 6 / 272، الطبعة الثالثة (1380 هـ) - (1961) مصطفى البابي الحلبي. وحديث أبي صالح:" سألت اثني عشر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه الدارقطني (4 / 61 - ط دار المحاسن) وإسناده صحيح. (فتح الباري 9 / 429 - ط السلفية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌نَوْعُ الطَّلَاقِ الَّذِي يَقَعُ نَتِيجَةً لِلإِْيلَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> إِذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ نَتِيجَةً لِلإِْيلَاءِ، سَوَاءٌ أَكَانَ وُقُوعُهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ عِنْدَ مَنْ يَقُول بِذَلِكَ مِنَ الْفُقَهَاءِ، أَمْ كَانَ وُقُوعُهُ بِإِيقَاعِ الزَّوْجِ، بِنَاءً عَلَى أَمْرِ الْقَاضِي لَهُ بِالطَّلَاقِ، أَوْ بِإِيقَاعِ الْقَاضِي عِنْدَ امْتِنَاعِ الزَّوْجِ مِنَ الطَّلَاقِ عِنْدَ مَنْ لَا يَقُول بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ مِنَ الْفُقَهَاءِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ طَلَاقًا بَائِنًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي فُرْقَةِ الْحَاكِمِ (1) . لأَِنَّهُ طَلَاقٌ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الزَّوْجَةِ، وَلَا يَنْدَفِعُ الضَّرَرُ عَنْهَا إِلَاّ بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ، إِذْ لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا لَاسْتَطَاعَ الزَّوْجُ إِعَادَتَهَا فَلَا تَتَخَلَّصُ مِنَ الضَّرَرِ؛ وَلأَِنَّ الْقَوْل بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا يُؤَدِّي إِلَى الْعَبَثِ؛ لأَِنَّ الزَّوْجَ إِذَا امْتَنَعَ عَنِ الْفَيْءِ وَالتَّطْلِيقِ يُقَدَّمُ إِلَى الْقَاضِي لِيُطَلِّقَ عَلَيْهِ، ثُمَّ إِذَا طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي يُرَاجِعُهَا ثَانِيًا، فَيَكُونُ مَا فَعَلَهُ الْقَاضِي عَبَثًا، وَالْعَبَثُ لَا يَجُوزُ.</p>وَقَال مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: إِنَّ الطَّلَاقَ الْوَاقِعَ بِالإِْيلَاءِ طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ مَا دَامَتِ الْمَرْأَةُ قَدْ دَخَل بِهَا الزَّوْجُ قَبْل ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ طَلَاقٌ لاِمْرَأَةٍ مَدْخُولٍ بِهَا مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَلَا اسْتِيفَاءِ عَدَدٍ، فَيَكُونُ رَجْعِيًّا كَالطَّلَاقِ فِي غَيْرِ الإِْيلَاءِ.</p>وَلَمْ يَشْتَرِطِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ شَيْئًا لِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ مِنَ الْمُولِي، إِلَاّ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّهُ إِذَا ارْتَجَعَهَا - وَقَدْ بَقِيَتْ مُدَّةُ الإِْيلَاءِ - ضُرِبَتْ لَهُ مُدَّةٌ أُخْرَى، فَإِنْ لَمْ يَفِئْ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي لِرَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الْمَرْأَةِ.</p>وَاشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ لِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ انْحِلَال الْيَمِينِ عَنْهُ فِي الْعِدَّةِ بِالْوَطْءِ فِيهَا، أَوْ بِتَكْفِيرِ مَا يُكَفِّرُ، أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 177، والمغني لابن قدامة 7 / 331.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٤)</span><hr/></div>بِتَعْجِيل الْحِنْثِ فِي الْعِدَّةِ، فَإِذَا لَمْ يَنْحَل الإِْيلَاءُ بِوَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ فَإِنَّ الرَّجْعَةَ تَكُونُ بَاطِلَةً لَا أَثَرَ لَهَا (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ حَالَةُ الْحِنْثِ أَوِ الْفَيْءِ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> الْمَقْصُودُ بِالْحِنْثِ عَدَمُ الْوَفَاءِ بِمُوجِبِ الْيَمِينِ، وَهُوَ ذَلِكَ الْوَفَاءُ الْمَكْرُوهُ الَّذِي يَتَحَقَّقُ بِامْتِنَاعِ الزَّوْجِ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ الَّتِي آلَى مِنْهَا قَبْل أَنْ تَمْضِيَ الْمُدَّةُ الَّتِي حَلَفَ أَلَاّ يَقْرَبَهَا فِيهَا، فَإِذَا كَانَتِ الْمُدَّةُ الَّتِي حَلَفَ أَلَاّ يَقْرَبَ زَوْجَتَهُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، كَخَمْسَةِ أَشْهُرٍ (مَثَلاً) ثُمَّ قَرَبَهَا قَبْل أَنْ تَمْضِيَ هَذِهِ الْمُدَّةُ، كَانَ حَانِثًا فِي يَمِينِهِ، حَيْثُ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَل بِمُقْتَضَاهَا، وَهُوَ الاِمْتِنَاعُ مِنْ قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ مُدَّةَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ. وَالْحِنْثُ فِي الْيَمِينِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَرْغُوبٍ فِيهِ شَرْعًا، لَكِنَّهُ فِي الإِْيلَاءِ مُسْتَحَبٌّ؛ لأَِنَّ فِيهِ رُجُوعًا عَنْ إِيذَاءِ الزَّوْجَةِ وَالإِْضْرَارِ بِهَا، فَهُوَ مَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ (2) .</p>أَمَّا الْفَيْءُ فَمَعْنَاهُ فِي الأَْصْل: الرُّجُوعُ، وَلِذَلِكَ يُسَمَّى الظِّل الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ الزَّوَال فَيْئًا؛ لأَِنَّهُ رَجَعَ مِنَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْمَشْرِقِ. وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا: رُجُوعُ الزَّوْجِ إِلَى جِمَاعِ زَوْجَتِهِ الَّذِي مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْهُ بِالْيَمِينِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، أَوِ الْوَعْدِ بِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ. وَوُجُودُ الْفَيْءِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ فِي الْيَمِينِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 3 / 351، والخرشي 3 / 238، 240، والمغني لابن قدامة 7 / 331.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها. . . " أخرجه مسلم (3 / 1272 - ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٤)</span><hr/></div>إِلَاّ إِذَا كَانَ بِالْجِمَاعِ؛ لأَِنَّهُ هُوَ الْمَحْلُوفُ عَلَى تَرْكِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْفَيْءُ بِالْقَوْل - كَمَا سَيَأْتِي - فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ، بَل تَبْقَى الْيَمِينُ قَائِمَةً مُنْعَقِدَةً حَتَّى يُوجَدَ الْجِمَاعُ، فَإِنْ حَصَل مِنْهُ قَبْل مُضِيِّ الْمُدَّةِ الَّتِي حَلَفَ الزَّوْجُ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ فِيهَا حَنِثَ وَانْحَلَّتِ الْيَمِينُ، وَمِنْ هَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْفَيْءَ يَكُونُ وُجُودُهُ سَبَبًا فِي‌<span class="title">‌ انْحِلَال الإِْيلَاءِ </span>وَارْتِفَاعِهِ، وَإِنَّهُ إِنْ كَانَ بِالْفِعْل انْحَل الإِْيلَاءُ وَارْتَفَعَ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ وَالْحِنْثِ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ بِالْقَوْل انْحَل الإِْيلَاءُ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ، وَبَقِيَ فِي حَقِّ الْحِنْثِ، حَتَّى لَوْ وُجِدَ الْجِمَاعُ فِي الزَّمَنِ الْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِهِ فِيهِ وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ وَانْحَل الإِْيلَاءُ بِالنِّسْبَةِ لِلْحِنْثِ أَيْضًا.</p> </p>انْحِلَال الإِْيلَاءِ</p>لاِنْحِلَال الإِْيلَاءِ سَبَبَانِ: الْفَيْءُ، وَالطَّلَاقُ.</p> </p>‌<span class="title">‌حَالَةُ الْفَيْءِ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> الْفَيْءُ - كَمَا تَقَدَّمَ - هُوَ أَنْ يَرْجِعَ الزَّوْجُ إِلَى مُعَاشَرَةِ الزَّوْجَةِ الَّتِي آلَى مِنْهَا، بِحَيْثُ تَعُودُ الْحَيَاةُ الزَّوْجِيَّةُ بَيْنَهُمَا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْل الإِْيلَاءِ. وَلِلْفَيْءِ طَرِيقَانِ: إِحْدَاهُمَا أَصْلِيَّةٌ، وَالأُْخْرَى اسْتِثْنَائِيَّةٌ.</p>أَمَّا الأَْصْلِيَّةُ: فَهِيَ الْفَيْءُ بِالْفِعْل. وَأَمَّا الاِسْتِثْنَائِيَّة: فَهِيَ الْفَيْءُ بِالْقَوْل.</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ الطَّرِيقُ الأَْصْلِيَّةُ فِي الْفَيْءِ: الْفَيْءُ بِالْفِعْل:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> الْمُرَادُ بِالْفِعْل الَّذِي يَكُونُ فَيْئًا وَيَنْحَل بِهِ الإِْيلَاءُ: إِنَّمَا هُوَ الْجِمَاعُ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا لأَِحَدٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٥)</span><hr/></div>قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْفَيْءَ الْجِمَاعُ، وَلَا يَكُونُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ فَيْئًا.</p>وَيَنْبَنِي عَلَى الْفَيْءِ بِالْفِعْل انْحِلَال الإِْيلَاءِ، وَلُزُومُ مُقْتَضَى الْيَمِينِ؛ لأَِنَّهُ بِالْجِمَاعِ يَتَحَقَّقُ الْحِنْثُ، وَالْيَمِينُ لَا يَبْقَى بَعْدَ الْحِنْثِ، إِذِ الْحِنْثُ يَقْتَضِي نَقْضَ الْيَمِينِ، وَالشَّيْءُ لَا يَبْقَى مَعَ وُجُودِ مَا يَنْقُضُهُ (1) .</p><font color=#ff0000>22 -</font> فَإِنْ كَانَتِ الْيَمِينُ قَسَمًا بِاللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا، كَعِزَّةِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ وَكِبْرِيَائِهِ، لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ، وَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.</p>وَإِنْ كَانَتِ الْيَمِينُ بِتَعْلِيقِ شَيْءٍ عَلَى قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ لَزِمَهُ مَا الْتَزَمَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَى الْقُرْبَانِ طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا وَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَقْتَ حُصُول الْفَيْءِ؛ لأَِنَّ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ مَتَى عُلِّقَ حُصُولُهُ عَلَى حُصُول أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَل، وَوُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، وَقَعَ الطَّلَاقُ وَثَبَتَ الْعِتْقُ بِمُجَرَّدِ وُجُودِهِ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ.</p>وَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَى الْقُرْبَانِ صَلَاةً أَوْ صِيَامًا أَوْ حَجًّا أَوْ صَدَقَةً، فَإِمَّا أَنْ يُعَيِّنَ لأَِدَائِهِ وَقْتًا أَوْ لَا يُعَيِّنَ.</p>فَإِنْ عَيَّنَ لِلأَْدَاءِ وَقْتًا كَأَنْ يَقُول: إِنْ قَرُبْتُ زَوْجَتِي مُدَّةَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ فَعَلَيَّ صَلَاةُ مِائَةِ رَكْعَةٍ فِي يَوْمِ كَذَا (مَثَلاً) لَزِمَتْهُ الصَّلَاةُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَهُ. وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لِلأَْدَاءِ وَقْتًا وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْل مَا الْتَزَمَهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ، وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي التَّأْخِيرِ، وَإِنْ كَانَ الأَْفْضَل الأَْدَاءَ فِي أَوَّل وَقْتٍ يُمْكِنُهُ الأَْدَاءُ فِيهِ خَوْفًا مِنَ انْتِهَاءِ الأَْجَل قَبْل أَنْ يُؤَدِّيَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 173، 178، والمغني لابن قدامة 7 / 324.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٥)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ الطَّرِيقُ الاِسْتِثْنَائِيَّة فِي الْفَيْءِ: الْفَيْءُ بِالْقَوْل:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> إِذَا آلَى الرَّجُل مِنْ زَوْجَتِهِ كَانَ الْوَاجِبُ شَرْعًا عَلَيْهِ أَنْ يَفِيءَ إِلَيْهَا بِالْفِعْل، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْفَيْءِ بِالْفِعْل لَزِمَهُ الْفَيْءُ بِالْقَوْل. كَأَنْ يَقُول: فِئْتُ إِلَى زَوْجَتِي فُلَانَةَ، أَوْ رَجَعْتُ عَمَّا قُلْتُ، أَوْ مَتَى قَدَرْتُ جَامَعْتُهَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ كُل مَا يَدُل عَلَى رُجُوعِهِ عَمَّا مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْهُ بِالْيَمِينِ.</p>وَالْحِكْمَةُ فِي تَشْرِيعِ الْفَيْءِ بِالْقَوْل: أَنَّ الزَّوْجَ لَمَّا آذَى زَوْجَتَهُ بِالاِمْتِنَاعِ عَنْ قُرْبَانِهَا، وَعَجَزَ عَنِ الرُّجُوعِ، وَكَانَ فِي إِعْلَانِهِ الْوَعْدُ بِهِ إِرْضَاءً لَهَا لَزِمَهُ هَذَا الْوَعْدُ؛ وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ بِالْفَيْئَةِ تَرْكُ الإِْضْرَارِ الَّذِي قَصَدَهُ الزَّوْجُ بِالإِْيلَاءِ، وَهَذَا يَتَحَقَّقُ بِظُهُورِ عَزْمِهِ عَلَى الْعَوْدِ إِلَى مُعَاشَرَتِهَا عِنْدَ الْقُدْرَةِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌شَرَائِطُ صِحَّةِ الْفَيْءِ بِالْقَوْل:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> لَا يَصِحُّ الْفَيْءُ بِالْقَوْل إِلَاّ إِذَا تَوَافَرَتْ فِيهِ الشَّرَائِطُ الآْتِيَةُ:</p>الشَّرِيطَةُ الأُْولَى: الْعَجْزُ عَنِ الْجِمَاعِ، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ قَادِرًا عَلَى الْجِمَاعِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ الْفَيْءُ بِالْقَوْل؛ لأَِنَّ الْفَيْءَ بِالْجِمَاعِ هُوَ الأَْصْل، إِذْ بِهِ يَنْدَفِعُ الظُّلْمُ عَنِ الزَّوْجَةِ حَقِيقَةً، وَالْفَيْءُ بِالْقَوْل خَلَفٌ عَنْهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْخَلَفِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الأَْصْل، كَالتَّيَمُّمِ مَعَ الْوُضُوءِ.</p>وَالْعَجْزُ نَوْعَانِ: عَجْزٌ حَقِيقِيٌّ وَعَجْزٌ حُكْمِيٌّ.</p>وَالْعَجْزُ الْحَقِيقِيُّ، مِثْل أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مَرِيضًا مَرَضًا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْجِمَاعُ، أَوْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ صَغِيرَةً لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا، أَوْ تَكُونَ رَتْقَاءَ: وَهِيَ الَّتِي يَكُونُ بِهَا انْسِدَادُ مَوْضِعِ الْجِمَاعِ مِنَ الْفَرَجِ، بِحَيْثُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 173، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 2 / 438، ومغني المحتاج 3 / 350، والمغني لابن قدامة 7 / 327.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٦)</span><hr/></div>لَا يُسْتَطَاعُ جِمَاعُهَا، أَوْ يَكُونَ الزَّوْجُ مَجْبُوبًا: وَهُوَ الَّذِي اسْتُؤْصِل مِنْهُ عُضْوُ التَّنَاسُل، أَوْ يَكُونَ عِنِّينًا: وَهُوَ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ مَعَ وُجُودِ عُضْوِ التَّنَاسُل لِضَعْفٍ أَوْ كِبَرِ سِنٍّ أَوْ مَرَضٍ، أَوْ يَكُونَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مَحْبُوسًا حَبْسًا يَحُول دُونَ الْوُصُول إِلَى الْجِمَاعِ، أَوْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَطْعِهَا فِي مُدَّةِ الإِْيلَاءِ (1) .</p>وَالْعَجْزُ الْحُكْمِيُّ، هُوَ عِنْدَمَا يَكُونُ الْمَانِعُ عَنِ الْجِمَاعِ شَرْعِيًّا، كَأَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ حَائِضًا عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ (هَذَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِالْفَيْءِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الإِْيلَاءِ) أَوْ يَكُونَ الزَّوْجُ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ وَقْتَ الإِْيلَاءِ مِنْ زَوْجَتِهِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّحَلُّل مِنَ الإِْحْرَامِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ (وَهَذَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: الْفَيْءُ لَا يَكُونُ إِلَاّ فِي مُدَّةِ الإِْيلَاءِ) .</p>فَإِنْ كَانَ الْعَجْزُ حَقِيقِيًّا انْتَقَل الْفَيْءُ مِنَ الْفِعْل إِلَى الْقَوْل بِالاِتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَ الْعَجْزُ حُكْمِيًّا انْتَقَل الْفَيْءُ مِنَ الْفِعْل إِلَى الْقَوْل أَيْضًا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَفِي قَوْلٍ مَرْجُوحٍ لِلشَّافِعِيَّةِ. وَلَا يَنْتَقِل عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ وَالشَّافِعِيِّ. وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ يُطَالَبُ بِالطَّلَاقِ (2) .</p>وَحُجَّةُ الْقَائِلِينَ بِالاِنْتِقَال: أَنَّ الْعَجْزَ الْحُكْمِيَّ كَالْعَجْزِ الْحَقِيقِيِّ فِي أُصُول الشَّرِيعَةِ، كَمَا فِي الْخَلْوَةِ بِالزَّوْجَةِ، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِيهَا الْمَانِعُ الْحَقِيقِيُّ وَالْمَانِعُ الشَّرْعِيُّ فِي الْمَنْعِ مِنْ صِحَّةِ الْخَلْوَةِ، فَكَذَلِكَ الْفَيْءُ فِي الإِْيلَاءِ يَقُومُ فِيهِ الْعَجْزُ الْحُكْمِيُّ مَقَامَ الْعَجْزِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 852.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 3 / 174، والخرشي على مختصر خليل 3 / 239، ومغني المحتاج 3 / 350، والمغني لابن قدامة 7 / 328.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٦)</span><hr/></div>الْحَقِيقِيِّ فِي صِحَّةِ الْفَيْءِ بِالْقَوْل بَدَلاً مِنَ الْفَيْءِ بِالْفِعْل.</p>وَحُجَّةُ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ الاِنْتِقَال: أَنَّ الزَّوْجَ قَادِرٌ عَلَى الْجِمَاعِ حَقِيقَةً، وَالاِمْتِنَاعُ عَنْهُ إِنَّمَا جَاءَ بِسَبَبٍ مِنْهُ، فَلَا يُسْقِطُ حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ. وَأَيْضًا: فَإِنَّ الزَّوْجَ هُوَ الْمُتَسَبِّبُ بِاخْتِيَارِهِ فِيمَا لَزِمَهُ بِطَرِيقٍ مَحْظُورٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ التَّخْفِيفَ (1) .</p>الشَّرِيطَةُ الثَّانِيَةُ: دَوَامُ الْعَجْزِ عَنِ الْجِمَاعِ إِلَى أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةُ الإِْيلَاءِ، فَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَاجِزًا عَنِ الْجِمَاعِ فِي مَبْدَأِ الأَْمْرِ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ بَطَل الْفَيْءُ بِالْقَوْل، وَانْتَقَل إِلَى الْفَيْءِ بِالْجِمَاعِ، حَتَّى لَوْ تَرَكَ الزَّوْجَةَ وَلَمْ يَقْرَبْهَا إِلَى أَنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَانَتْ مِنْهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. وَذَلِكَ لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْفَيْءَ بِاللِّسَانِ بَدَلٌ عَنِ الْفَيْءِ بِالْجِمَاعِ، وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الأَْصْل قَبْل حُصُول الْمَقْصُودِ بِالْبَدَل بَطَل حُكْمُ الْبَدَل، كَالْمُتَيَمِّمِ إِذَا قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ قَبْل أَدَاءِ الصَّلَاةِ.</p>وَإِذَا آلَى الرَّجُل مِنْ زَوْجَتِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ، ثُمَّ مَرِضَ، فَإِنْ مَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ وَهُوَ صَحِيحٌ يُمْكِنُهُ الْجِمَاعُ فِيهَا، فَلَا يَصِحُّ فَيْؤُهُ بِالْقَوْل؛ لأَِنَّهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْجِمَاعِ مُدَّةَ الصِّحَّةِ، فَإِذَا لَمْ يُجَامِعْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ يَكُونُ قَدْ فَرَّطَ فِي إِيفَاءِ حَقِّ زَوْجَتِهِ، فَلَا يُعْذَرُ بِالْمَرَضِ الْحَادِثِ. أَمَّا إِذَا لَمْ تَكُنْ مَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ - وَهُوَ صَحِيحٌ يُمْكِنُهُ الْجِمَاعُ فِيهَا - فَإِنَّ فَيْئَهُ بِالْقَوْل يَكُونُ صَحِيحًا؛ لأَِنَّهُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْجِمَاعِ فِي مُدَّةِ الصِّحَّةِ لِقِصَرِهَا، لَمْ يَكُنْ مُفَرِّطًا فِي تَرْكِ الْجِمَاعِ، فَكَانَ مَعْذُورًا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 3 / 169، والمغني 7 / 328.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٧)</span><hr/></div>هَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ (1)، وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَاتِ الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى.</p>الشَّرِيطَةُ الثَّالِثَةُ: قِيَامُ النِّكَاحِ وَقْتَ الْفَيْءِ بِالْقَوْل، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْفَيْءُ حَال قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ، وَقَبْل حُصُول الطَّلَاقِ الْبَائِنِ مِنَ الزَّوْجِ.</p>أَمَّا لَوْ آلَى الرَّجُل مِنْ زَوْجَتِهِ، ثُمَّ أَوْقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقًا بَائِنًا، وَفَاءً بِالْقَوْل لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَيْئًا، وَبَقِيَ الإِْيلَاءُ؛ لأَِنَّ الْفَيْءَ بِالْقَوْل حَال قِيَامِ النِّكَاحِ إِنَّمَا يَرْفَعُ الإِْيلَاءَ فِي حَقِّ حُكْمِ الطَّلَاقِ؛ لإِِيفَاءِ حَقِّ الزَّوْجَةِ بِهَذَا الْفَيْءِ، وَالْمُطَلَّقَةُ بَائِنًا لَيْسَ لَهَا الْحَقُّ فِي الْجِمَاعِ، حَتَّى يَكُونَ الرَّجُل مُضِرًّا بِهَا بِالاِمْتِنَاعِ عَنْ جِمَاعِهَا، وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ بِالإِْيلَاءِ كَانَ لِهَذَا السَّبَبِ، وَلَمْ يُوجَدْ، فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، لَكِنْ يَبْقَى الإِْيلَاءُ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يَرْفَعُهُ وَهُوَ الْحِنْثُ، وَلِهَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا وَمَضَتْ مُدَّةُ الإِْيلَاءِ بَعْدَ الزَّوَاجِ مِنْ غَيْرِ فَيْءٍ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَأُمِرَ بِالْفَيْءِ إِلَيْهَا أَوْ طَلَاقِهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْفَيْءِ بِالْفِعْل، فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَعْدَ زَوَال النِّكَاحِ وَثُبُوتِ الْبَيْنُونَةِ بِسَبَبٍ آخَرَ، كَالْخُلْعِ أَوِ الطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ، فَإِنَّهُ بِالْفَيْءِ بِالْفِعْل - وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا - يَبْطُل الإِْيلَاءُ؛ لأَِنَّهُ إِذَا وَطِئَهَا حَنِثَ فِي يَمِينِهِ، وَبِالْحِنْثِ تَنْحَل الْيَمِينُ وَيَبْطُل الإِْيلَاءُ، وَلَكِنْ لَا تَرْجِعُ الْمَرْأَةُ إِلَى عِصْمَتِهِ، وَيُعْتَبَرُ آثِمًا بِالْوَطْءِ فِي عِدَّةِ الْبَيْنُونَةِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 174، وفتح القدير 3 / 195، والدر وحاشية ابن عابدين 2 / 852، والدسوقي 2 / 437، والمغني 7 / 328.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 3 / 175 - 179.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌وَقْتُ الْفَيْءِ:</span></p><font color=#ff0000>25 -</font> تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُولِيَ يَلْزَمُهُ شَرْعًا أَنْ يَرْفَعَ الضَّرَرَ عَنِ الزَّوْجَةِ الَّتِي آلَى مِنْهَا، وَطَرِيقُ رَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهَا يَكُونُ بِالْفَيْءِ، وَالْفَيْءُ لَهُ طَرِيقَانِ: إِحْدَاهُمَا أَصْلِيَّةٌ وَهِيَ: الْفِعْل، وَثَانِيَتُهُمَا اسْتِثْنَائِيَّةٌ وَهِيَ: الْقَوْل.</p>وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْفَيْءُ بِالْفِعْل أَمْ بِالْقَوْل فَإِنَّ لَهُ وَقْتًا تَخْتَلِفُ آرَاءُ الْفُقَهَاءِ فِيهِ عَلَى الْوَجْهِ الآْتِي:</p>يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْفَيْءَ يَكُونُ فِي مُدَّةِ الإِْيلَاءِ، وَهِيَ الأَْرْبَعَةُ الأَْشْهُرُ. فَإِنْ حَصَل الْفَيْءُ فِيهَا، وَكَانَ الْفَيْءُ بِالْفِعْل، حَنِثَ الزَّوْجُ فِي يَمِينِهِ، وَانْحَل الإِْيلَاءُ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّلَاقِ، حَتَّى لَوْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لَا تَبِينُ الزَّوْجَةُ.</p>وَإِنْ حَصَل الْفَيْءُ بِالْقَوْل انْحَل الإِْيلَاءُ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ، وَبَقِيَ فِي حَقِّ الْحِنْثِ، حَتَّى لَوْ فَاءَ الزَّوْجُ بِالْقَوْل فِي الْمُدَّةِ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْجِمَاعِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَجَامَعَهَا، لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ؛ لأَِنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ مُعَلَّقٌ بِالْحِنْثِ، وَالْحِنْثُ هُوَ فِعْل الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ هُوَ الْجِمَاعُ، فَلَا يَحْصُل الْحِنْثُ بِدُونِهِ.</p>وَإِنْ لَمْ يَحْصُل الْفَيْءُ فِي مُدَّةِ الإِْيلَاءِ بِالْفِعْل وَلَا بِالْقَوْل، وَقَعَ الطَّلَاقُ بِمُضِيِّهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ.</p>وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: أَنَّ الْفَيْءَ يَكُونُ قَبْل مُضِيِّ الأَْرْبَعَةِ الأَْشْهُرِ، وَيَكُونُ بَعْدَهَا، إِلَاّ أَنَّهُ إِنْ حَصَل الْفَيْءُ قَبْل مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ، وَإِنْ حَصَل الْفَيْءُ بَعْدَ مُضِيِّهَا ارْتَفَعَ الإِْيلَاءُ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ وَفِي حَقِّ الْحِنْثِ جَمِيعًا. وَكَذَا إِنْ حَدَّدَ مُدَّةً فِي يَمِينِهِ فَفَاءَ بَعْدَ مُضِيِّهَا.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٨)</span><hr/></div>أَمَّا إِنْ كَانَ الْفَيْءُ قَبْل مُضِيِّهَا، فَإِنَّ الزَّوْجَ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ إِنْ كَانَ الْيَمِينُ قَسَمًا، وَيَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْيَمِينُ قَسَمًا، عِنْدَ مَنْ يَرَى صِحَّةَ الإِْيلَاءِ فِي حَالَتَيِ الْقَسَمِ وَالتَّعْلِيقِ.</p>وَمَنْشَأُ الاِخْتِلَافِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي فَهْمِ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ، هَل الْفَيْئَةُ مَطْلُوبَةٌ خَارِجَ الأَْرْبَعَةِ الأَْشْهُرِ أَوْ فِيهَا؟ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ.</p> </p>‌<span class="title">‌حَالَةُ الطَّلَاقِ</span></p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ:</span></p><font color=#ff0000>26 -</font> إِذَا آلَى الرَّجُل مِنْ زَوْجَتِهِ، وَكَانَ الإِْيلَاءُ مُطْلَقًا عَنِ التَّقْيِيدِ بِمُدَّةٍ، أَوْ كَانَ مُؤَبَّدًا، وَلَمْ يُجَامِعْهَا، بَل طَلَّقَهَا فِي مُدَّةِ الإِْيلَاءِ ثَلَاثًا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً - وَكَانَتِ الْمُكَمِّلَةَ لِلثَّلَاثِ - ارْتَفَعَ الإِْيلَاءُ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ، وَمَالِكٍ، وَهُوَ أَظْهَرُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ لِلإِْمَامِ الشَّافِعِيِّ (1) .</p>وَقَال أَحْمَدُ وَزُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ ثَانٍ مِنْ أَقْوَالِهِ الثَّلَاثَةِ: لَا يَرْتَفِعُ الإِْيلَاءُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ. وَعَلَى هَذَا لَوْ تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ رَجُلاً آخَرَ، ثُمَّ عَادَتْ إِلَى الزَّوْجِ الأَْوَّل الْمُولِي مِنْهَا، وَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ زَوَاجِهَا بِهِ وَلَمْ يُجَامِعْهَا، لَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ، وَلَا يُطَالَبُ بِالْفَيْءِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 178، والهداية وفتح القدير 3 / 188، وحاشية ابن عابدين 2 / 848، والخرشي 3 / 181، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 2 / 375، 376، ومغني المحتاج 3 / 293.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٨)</span><hr/></div>أَوِ الطَّلَاقِ إِنْ لَمْ يَفِئْ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ الْمُوَافِقِ لأَِبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ.</p>أَمَّا عِنْدَ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ (فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ) فَلِلزَّوْجَةِ أَنْ تَرْفَعَ الأَْمْرَ إِلَى الْقَاضِي، وَالْقَاضِي يَقِفُ الزَّوْجَ، فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَل طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي.</p>وَعِنْدَ زُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ بَائِنٌ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ زَوَاجِهَا بِهِ مِنْ غَيْرِ وِقَاعٍ.</p>وَحُجَّةُ الأَْوَّلِينَ: أَنَّ الْحِل الثَّابِتَ بِالزَّوَاجِ الأَْوَّل قَدْ زَال بِالْكُلِّيَّةِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، وَالْحِل الْحَاصِل بِالزَّوَاجِ الثَّانِي حِلٌّ جَدِيدٌ، وَلِهَذَا يَمْلِكُ فِيهِ الزَّوْجُ ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ، فَصَارَ إِيلَاؤُهُ فِي الزَّوَاجِ الأَْوَّل كَإِيلَائِهِ مِنِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ.</p>وَحُجَّةُ الآْخَرِينَ: أَنَّ الْيَمِينَ صَدَرَتْ مُطَلَّقَةً غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِالْحِل الَّذِي كَانَ قَائِمًا وَقْتَ صُدُورِهَا، وَعَلَى هَذَا تُوجَدُ الْيَمِينُ عِنْدَمَا يَتَحَقَّقُ حِل الْمَرْأَةِ لِلرَّجُل، بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ الْحِل الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ صُدُورِهَا، وَبَيْنَ الْحِل الَّذِي وُجِدَ بَعْدَ زَوَال الْحِل الأَْوَّل. فَإِذَا عَادَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى الزَّوْجِ الَّذِي آلَى مِنْهَا صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ مِنْ جِمَاعِ امْرَأَتِهِ بِنَاءً عَلَى يَمِينِهِ، فَيَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الإِْيلَاءِ كَمَا لَوْ لَمْ يُطَلِّقْ (1) .</p>أَمَّا الإِْيلَاءُ فِي حَقِّ الْحِنْثِ، فَإِنَّهُ بَاقٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاءِ جَمِيعًا. وَعَلَى هَذَا لَوْ آلَى الرَّجُل مِنْ زَوْجَتِهِ إِيلَاءً مُطْلَقًا عَنِ التَّقْيِيدِ بِمُدَّةٍ، أَوْ مُؤَبَّدًا، وَلَمْ يُجَامِعْهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَعَادَتْ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَتْ رَجُلاً آخَرَ، ثُمَّ جَامَعَهَا حَنِثَ فِي يَمِينِهِ، وَلَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ إِنْ كَانَتِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1)</p>) المراجع السابقة، والمغني لابن قدامة 7 / 335.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٩)</span><hr/></div>الْيَمِينُ قَسَمًا، وَلَزِمَهُ مَا عَلَّقَهُ عَلَى جِمَاعِهَا إِنْ لَمْ تَكُنِ الْيَمِينُ قَسَمًا؛ لأَِنَّ الْيَمِينَ إِذَا كَانَتْ لَهَا مُدَّةٌ فَإِنَّهَا تَبْقَى مَا بَقِيَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ، وَلَا تَبْطُل إِلَاّ بِالْحِنْثِ، وَهُوَ فِعْل الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ قَبْل مُضِيِّ مُدَّةِ الْيَمِينِ، أَوْ بِمُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ بِدُونِ حِنْثٍ.</p>وَإِنْ كَانَتِ الْيَمِينُ مُطْلَقَةً لَمْ تُقَيَّدْ بِمُدَّةٍ، أَوْ ذُكِرَتْ فِيهَا كَلِمَةُ الأَْبَدِ، فَإِنَّهَا لَا تَبْطُل إِلَاّ بِالْحِنْثِ، وَهُوَ فِعْل الشَّيْءِ الْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِهِ (وَهُوَ فِي الإِْيلَاءِ الْجِمَاعُ) فَإِذَا لَمْ يُوجَدِ الْحِنْثُ فَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: بَقَاءُ الإِْيلَاءِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ:</span></p><font color=#ff0000>27 -</font> إِذَا آلَى الرَّجُل مِنْ زَوْجَتِهِ، وَكَانَ الإِْيلَاءُ مُؤَبَّدًا أَوْ مُطْلَقًا عَنِ التَّوْقِيتِ، بِأَنْ قَال: وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُ زَوْجَتِي أَبَدًا، أَوْ قَال: وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُ زَوْجَتِي وَلَمْ يَذْكُرْ وَقْتًا، ثُمَّ أَبَانَهَا بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ، وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، كَانَ الإِْيلَاءُ بَاقِيًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ جَمِيعًا، مَا عَدَا الشَّافِعِيَّ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ الثَّلَاثَةِ، فَإِنَّ الإِْيلَاءَ يَنْتَهِي عِنْدَهُ بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ، كَمَا يَنْتَهِي بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ.</p>وَبِنَاءً عَلَى رَأْيِ الْجُمْهُورِ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِي بَقَاءِ الإِْيلَاءِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ، لَوْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الزَّوَاجِ وَلَمْ يُجَامِعْهَا، وَقَعَتْ طَلْقَةً بَائِنَةً عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ: يُؤْمَرُ بِالْفَيْءِ، فَإِنْ أَبَى وَلَمْ يُطَلِّقْ، طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي. وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَمَا وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ الثَّانِي، وَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لَمْ يَقْرَبْهَا فِيهَا مُنْذُ تَزَوَّجَهَا: وَقَعَتْ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ. أَمَّا عِنْدَ غَيْرِهِمْ فَيُؤْمَرُ بِالْفَيْءِ أَوِ الطَّلَاقِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 179، والمراجع السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٩)</span><hr/></div>فَإِنْ لَمْ يَفِئْ أَوْ يُطَلِّقْ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي، وَبِهَذَا تَصِيرُ الْمَرْأَةُ بَائِنَةً بَيْنُونَةً كُبْرَى، وَيَبْقَى الإِْيلَاءُ فِي حَقِّ الْحِنْثِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَكَذَلِكَ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ عِنْدَ أَحْمَدَ وَزُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَيَنْحَل الإِْيلَاءُ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ وَمَالِكٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.</p>وَلَوْ أَبَانَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ الَّتِي آلَى مِنْهَا إِيلَاءً مُطْلَقًا أَوْ مُؤَبَّدًا بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ، وَتَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ آخَرَ، وَدَخَل بِهَا، ثُمَّ عَادَتْ إِلَى الأَْوَّل عَادَ حُكْمُ الإِْيلَاءِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ بَيْنَ الْجُمْهُورِ مِنَ الْفُقَهَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ.</p>إِنَّمَا الاِخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ فِيمَا تَعُودُ بِهِ إِلَى الزَّوْجِ الأَْوَّل: فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ تَعُودُ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ، وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ تَعُودُ إِلَيْهِ بِمَا بَقِيَ، وَهُوَ قَوْل مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ (1) .</p>وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الزَّوَاجَ الثَّانِيَ هَل يَهْدِمُ الطَّلْقَةَ وَالطَّلْقَتَيْنِ كَمَا يَهْدِمُ الثَّلَاثَ، أَوْ لَا يَهْدِمُ إِلَاّ الثَّلَاثَ؟</p>فَعِنْدَ الأَْوَّلِينَ يَهْدِمُ الطَّلْقَةَ وَالطَّلْقَتَيْنِ كَمَا يَهْدِمُ الثَّلَاثَ، وَعِنْدَ الآْخِرِينَ لَا يَهْدِمُ إِلَاّ الثَّلَاثَ.</p>وَحُجَّةُ الْفَرِيقِ الأَْوَّل: أَنَّ الزَّوَاجَ الثَّانِيَ إِذَا هَدَمَ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ، وَأَنْشَأَ حِلًّا كَامِلاً، فَأَوْلَى أَنْ يَهْدِمَ مَا دُونَ الثَّلَاثِ، وَيُكْمِل الْحِل النَّاقِصَ.</p>وَحُجَّةُ الْفَرِيقِ الثَّانِي: أَنَّ الْحِل الأَْوَّل لَا يَزُول إِلَاّ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، فَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُل زَوْجَتَهُ وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ، وَحَل لَهُ التَّزَوُّجُ بِهَا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 2 / 179، والبدائع 3 / 127، 178، وبداية المجتهد لابن رشد 2 / 72، والخرشي 3 / 181، ومغني المحتاج 3 / 293، والمغني لابن قدامة 7 / 261.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٠)</span><hr/></div>فَلَوْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ وَدَخَل بِهَا ثُمَّ عَادَتْ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، عَادَتْ إِلَيْهِ بِالْحِل الأَْوَّل، فَلَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا إِلَاّ مَا بَقِيَ مِنَ الطَّلَاقِ الَّذِي كَانَ ثَابِتًا لَهُ فِي ذَلِكَ الْحِل (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِيلَاجٌ</span></p>انْظُرْ: وَطْءٌ</p>‌<span class="title">‌إِيلَادٌ</span></p>انْظُرِ: اسْتِيلَادٌ، أُمُّ الْوَلَدِ</p>‌<span class="title">‌إِيلَامٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الإِْيلَامُ هُوَ: الإِْيجَاعُ، وَالأَْلَمُ: الْوَجَعُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْعَذَابُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْعَذَابُ: هُوَ الأَْلَمُ الْمُسْتَمِرُّ، وَالأَْلَمُ قَدْ يَكُونُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب مادة:" ألم ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٠)</span><hr/></div>مُسْتَمِرًّا، وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَ مُسْتَمِرٍّ. وَعَلَى هَذَا فَالْعَذَابُ أَخَصُّ مِنَ الأَْلَمِ، فَكُل عَذَابٍ أَلَمٌ، وَلَيْسَ كُل أَلَمٍ عَذَابًا.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْوَجَعُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الأَْلَمُ: مَا يُلْحِقُهُ بِكَ غَيْرُكَ. وَالْوَجَعُ: مَا تُلْحِقُهُ أَنْتَ بِنَفْسِكَ، أَوْ يُلْحِقُهُ بِكَ غَيْرُكَ مِنَ الأَْلَمِ. وَعَلَى هَذَا فَالْوَجَعُ أَعَمُّ مِنَ الأَْلَمِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَنْوَاعُ الإِْيلَامِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> أ - يَنْقَسِمُ الإِْيلَامُ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهِ إِلَى قِسْمَيْنِ:</p>إِيلَامٌ جَسَدِيٌّ: وَهُوَ الْوَاقِعُ عَلَى جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ، كَالإِْيلَامِ الْحَاصِل مِنَ الضَّرْبِ، أَوْ مِنْ قَطْعِ الْيَدِ فِي الْحَدِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ.</p>وَإِيلَامٌ نَفْسِيٌّ: وَهُوَ الْوَاقِعُ عَلَى النَّفْسِ لَا عَلَى الْبَدَنِ، كَالإِْخَافَةِ وَالْقَلَقِ وَالتَّوْبِيخِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.</p>وَكُلٌّ مِنَ الأَْلَمَيْنِ لَهُ اعْتِبَارُهُ فِي الشَّرِيعَةِ كَمَا سَيَأْتِي.</p>ب - وَيَنْقَسِمُ الإِْيلَامُ أَيْضًا بِاعْتِبَارِ مَصْدَرِهِ إِلَى قِسْمَيْنِ:</p>إِيلَامٌ صَادِرٌ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى كَالأَْمْرَاضِ، وَنَحْوِهَا.</p>وَإِيلَامٌ صَادِرٌ عَنِ الْعَبْدِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً.</p>وَلِكُلٍّ مِنَ الأَْلَمَيْنِ أَحْكَامُهُ فِي الشَّرِيعَةِ كَمَا سَيَأْتِي.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفروق لأبي هلال العسكري ص 234 طبع دار الآفاق بيروت.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الآْثَارُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى الإِْيلَامِ:</span></p> </p>أ -‌<span class="title">‌ الإِْيلَامُ الصَّادِرُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> قَدْ يَبْتَلِي اللَّهُ تَعَالَى بَعْضَ عِبَادِهِ بِالآْلَامِ الْجَسَدِيَّةِ كَالأَْمْرَاضِ وَالأَْسْقَامِ، أَوْ بِالآْلَامِ النَّفْسِيَّةِ كَالأَْحْزَانِ وَالْهُمُومِ، وَمَا عَلَى الإِْنْسَانِ إِذَا نَزَل بِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَاّ الصَّبْرُ، عَمَلاً بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام عَجَبًا لأَِمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأَِحَدٍ إِلَاّ لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ (1) . لأَِنَّ فِي هَذَا الصَّبْرِ عَلَى الاِبْتِلَاءِ تَكْفِيرًا لِسَيِّئَاتِهِ، وَإِعْلَاءً لِدَرَجَاتِهِ، قَال عليه الصلاة والسلام، فِيمَا رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلَا نَصَبٍ وَلَا سَقَمٍ وَلَا حَزَنٍ، حَتَّى الْهَمَّ يُهِمَّهُ، إِلَاّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ (2) وَلَا يُنَافِي هَذَا الأَْخْذَ بِالأَْسْبَابِ الَّتِي وَضَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِدَفْعِ هَذَا الْبَلَاءِ أَوْ رَفْعِهِ، كَالدَّوَاءِ وَالدُّعَاءِ وَالْوِقَايَةِ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الإِْيلَامُ الصَّادِرُ عَنِ الْعِبَادِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> إِذَا كَانَ الإِْيلَامُ صَادِرًا عَنِ الْعِبَادِ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ نَتِيجَةَ اعْتِدَاءٍ يُقْصَدُ مِنْهُ الإِْضْرَارُ نَفْسِيًّا أَمْ جَسَدِيًّا فَإِنَّ فِي هَذَا الإِْيلَامِ إِثْمًا، فَيَجِبُ اجْتِنَابُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " عجبا لأمر المؤمن. . . . " أخرجه مسلم (4 / 2295 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب. . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 103 - ط السلفية) ومسلم (4 / 1193 ط الحلبي)</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 190.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤١)</span><hr/></div>وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ (1) ، كَمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ أَوِ التَّعْوِيضُ الْمَالِيُّ أَوِ التَّعْزِيرُ، بِحَسَبِ الْحَال، وَتَفْصِيلُهُ فِي الْجِنَايَاتِ وَالتَّعْزِيرِ.</p><font color=#ff0000>7 -</font> وَقَدْ يَكُونُ مُوجِبُ الإِْيلَامِ الضَّمَانَ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ التَّعْزِيرِ كَمَا فِي حَالَاتِ الْجِنَايَةِ خَطَأً عَلَى النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا، عَلَى مَا فَصَّلَهُ الْفُقَهَاءُ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ. وَقَدْ ضَمَّنَ عُمَرُ إِفْزَاعَ رَجُلٍ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا. فَقَدْ رُوِيَ</p>أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَقُصُّ شَارِبَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَفْزَعَهُ عُمَرُ. فَضَرَطَ الرَّجُل، فَقَال عُمَرُ: إِنَّا لَمْ نُرِدْ هَذَا، وَلَكِنَّا سَنَعْقِلُهَا لَكَ. فَأَعْطَاهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا. قَال الرَّاوِي وَأَحْسَبُهُ قَال: وَشَاةٌ أَوْ عِنَاقًا (2) .</p><font color=#ff0000>8 -</font> الإِْيلَامُ الَّذِي يُجْعَل وَسِيلَةً لِلإِْصْلَاحِ عِنْدَمَا يَجِبُ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى، كَالْحُدُودِ، أَوْ عِنْدَمَا يَتَرَجَّحُ لَدَى وَلِيِّ الأَْمْرِ جَدْوَاهُ فِي الإِْصْلَاحِ، كَالتَّعْزِيرِ وَالتَّأْدِيبِ، لَا يَجُوزُ تَخْفِيفُ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الإِْيلَامِ، وَقَدْ نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ نَزْعِ الْحَشْوِ وَالْفَرْوِ عَنِ الْمَجْلُودِ فِي الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ؛ لِيَصِل الأَْلَمُ إِلَى جِلْدِهِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" لا ضرر ولا ضرار ". رواه ابن ماجه (2 / 784 ط الحلبي) وغيره عن ابن عباس. وهو صحيح بطرقه (فيض القدير 6 / 431 - 432 - ط المكتبة التجارية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> أثر: " أن عمر بن الخطاب قد ضمن إفزاع رجل بأربعين درهما. . . " أخرجه ابن حزم من طريق عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن أمية. قال محمد منير الدمشقي محقق المحلى: إسماعيل هذا لم يدرك عمر، وفي السند رجل مجهول لا يدرى من هو (مصنف عبد الرزاق 10 / 24، والمحلى لابن حزم 10 / 459) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 3 / 170.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌إِيمَاءٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الإِْيمَاءُ لُغَةً:‌<span class="title">‌ الإِْشَارَةُ </span>بِالْيَدِ أَوْ بِالرَّأْسِ أَوْ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالْحَاجِبِ. وَقَال الشِّرْبِينِيُّ: الإِْيمَاءُ لُغَةً: هُوَ الإِْشَارَةُ الْخَفِيَّةُ. وَسَوَاءٌ أَكَانَتِ الإِْشَارَةُ حِسِّيَّةً أَمْ مَعْنَوِيَّةً (1) . وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ عَنْ ذَلِكَ.</p><font color=#ff0000>2 -</font> وَالإِْيمَاءُ فِي اصْطِلَاحِ الأُْصُولِيِّينَ: دَلَالَةُ النَّصِّ عَلَى التَّعْلِيل بِالْقَرِينَةِ، لَا بِصَرَاحَةِ اللَّفْظِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ - الإِْشَارَةُ:</p><font color=#ff0000>3 -</font> الإِْشَارَةُ لُغَةً أَعَمُّ مِنَ الإِْيمَاءِ، عِنْدَ مَنْ يَرَى أَنَّ الإِْيمَاءَ إِشَارَةٌ خَفِيَّةٌ. أَمَّا مَنْ يَرَى أَنَّهُ مُطْلَقُ الإِْشَارَةِ فَهُمَا مُتَرَادِفَانِ.</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ: الإِْشَارَةُ دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنَى لَمْ يُسَقِ الْكَلَامُ لأَِجْلِهِ. نَحْوَ دَلَالَةِ قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} (3) عَلَى أَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ لِلأَْبِ، وَأَنَّ الأَْبَ لَا يُشَارِكُهُ أَحَدٌ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الْوَلَدِ، فَالإِْيمَاءُ عِنْدَهُمْ أَخَصُّ مِنَ الإِْيمَاءِ عِنْدَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تاج العروس، والمصباح.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تقرير على شرح جمع الجوامع وحاشية البناني 2 / 266.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 233.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٢)</span><hr/></div>وَاللُّغَوِيِّينَ، سَوَاءٌ أَخَذَ فِي مَفْهُومِ الإِْيمَاءِ الإِْشَارَةُ مُطْلَقًا أَوِ الْخَفِيَّةُ.</p>وَأَجَازَ الْغَزَالِيُّ تَسْمِيَةَ الإِْيمَاءِ إِشَارَةً (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الدَّلَالَةُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الدَّلَالَةُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ بِحَالَةٍ يَلْزَمُ مِنَ الْعِلْمِ بِهِ الْعِلْمُ بِشَيْءٍ آخَرَ، وَقِيل: كَوْنُ الشَّيْءِ بِحَيْثُ يُفْهَمُ مِنْهُ شَيْءٌ آخَرُ، وَالأَْوَّل يُسَمَّى الدَّال، وَالثَّانِي يُسَمَّى الْمَدْلُول (2)</p>وَالدَّلَالَةُ اللَّفْظِيَّةُ إِمَّا عَلَى تَمَامِ مَا وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ، أَوْ عَلَى جُزْئِهِ، أَوْ عَلَى خَارِجٍ عَنْهُ لَازِمٍ لَهُ، كَدَلَالَةِ لَفْظِ " السَّقْفِ " عَلَى الْحَائِطِ أَوِ التَّحَيُّزِ أَوِ الظِّل، وَمِنْ هَذِهِ الدَّلَالَةِ الاِلْتِزَامِيَّةِ الإِْيمَاءُ؛ لأَِنَّهُ دَلَالَةُ اللَّفْظِ غَيْرِ الْمَوْضُوعِ لِلتَّعْلِيل عَلَى التَّعْلِيل (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: عِنْدَ الْفُقَهَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الْمُصَلِّي الْعَاجِزُ عَنِ الرُّكُوعِ أَوِ السُّجُودِ لِمَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، يُصَلِّي بِالإِْيمَاءِ، وَيَجْعَل سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ. وَيَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ ذَلِكَ فِي أَبْوَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ، وَأَبْوَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح مسلم الثبوت 1 / 407، 413 ط بولاق، والمستصفى 2 / 188، 190.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تعريفات الجرجاني.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف اصطلاحات الفنون 2 / 489، والمستصفى 1 / 30.</p><font color=#ff0000>(4)</font> انظر مثلا: الاختيار 1 / 46، 76 ط دار المعرفة بلبنان، وجواهر الإكليل 1 / 54، 56، 100، والقليوبي على شرح المنهاج 1 / 134، 301 ط عيسى الحلبي، والمغني لابن قدامة 1 / 432 و 2 / 400 ط الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٣)</span><hr/></div>وَفِي اعْتِبَارِ الإِْيمَاءِ بِالرَّأْسِ وَنَحْوِهِ فِي الْعُقُودِ وَالتَّصَرُّفَاتِ مِنَ النَّاطِقِ وَالأَْخْرَسِ وَالْمُعْتَقَل لِسَانُهُ تَفْصِيلٌ (1)(ر: إِشَارَةٌ. وَعَقْدٌ، وَطَلَاقٌ) .</p>وَفِي مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ فِي بَعْضِ الأَْحْوَال عِنْدَ بَعْضِ الأَْئِمَّةِ (ر: مُفْسِدَاتُ الصَّلَاةِ) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> الإِْيمَاءُ عِنْدَ أَكْثَرِ الأُْصُولِيِّينَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَنْطُوقِ (2) . لَكِنَّهُ غَيْرُ صَرِيحٍ. وَيَذْكُرُونَهُ فِي الدَّلَالَاتِ مِنْ مَبَاحِثِ الأَْلْفَاظِ، وَمَسَالِكُ الْعِلَّةِ مِنْ مَبَاحِثِ الْقِيَاسِ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَنْوَاعُ الإِْيمَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> أَنْوَاعُ الإِْيمَاءِ كَثِيرَةٌ، حَتَّى قَال الْغَزَالِيُّ: وُجُوهُ التَّنْبِيهِ لَا تَنْضَبِطُ إِلَاّ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا الأَْنْوَاعَ التَّالِيَةَ:</p>أ - أَنْ يَقَعَ الْحُكْمُ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ. وَمِثَالُهُ قَوْل الرَّجُل الأَْنْصَارِيِّ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: وَاقَعْتُ أَهْلِي فِي نَهَارِ رَمَضَانَ. فَقَال: أَعْتِقْ رَقَبَةً (3) فَإِنَّهُ يَدُل عَلَى أَنَّ الْوِقَاعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عِلَّةٌ لِلإِْعْتَاقِ. وَوَجْهُ فَهْمِ التَّعْلِيل هُنَا: أَنَّ غَرَضَ الأَْنْصَارِيِّ مَعْرِفَةُ حُكْمِ مَا فَعَل، وَمَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَوَابٌ لَهُ لِيَحْصُل غَرَضُهُ، فَصَارَ الْجَوَابُ مُقَدَّرًا فِيهِ السُّؤَال، كَأَنَّهُ قَال: كَفِّرْ لأَِنَّكَ وَاقَعْتَ. وَهُوَ لَوْ صَرَّحَ بِحَرْفِ التَّعْلِيل بِقَوْلِهِ: كَفِّرْ لأَِنَّكَ وَاقَعْتَ، لَمْ يَكُنْ مُومِئًا لِلْعِلِّيَّةِ، بَل يَكُونُ مُصَرَّحًا بِهَا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) انظر مثلا ابن عابدين 4 / 452، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 312، وتفسير القرطبي 4 / 81.</p><font color=#ff0000>(2)</font> دلالة الإيماء التزامية، والالتزام من المنطوق. وبعض الشافعية ومنهم صاحب المنهاج أدرجوه في المفهوم (شرح مسلم الثبوت 1 / 413، والبناني على جمع الجوامع 2 / 266) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " أعتق رقبة " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 552 - ط السلفية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٣)</span><hr/></div>وَقَدْ يَجْتَمِعُ التَّصْرِيحُ بِالْعِلَّةِ وَالإِْيمَاءِ بِهَا، وَمِثَالُهُ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، فَقَال: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟ قَال: نَعَمْ. قَال: فَلَا، إِذَنْ (1) فَإِنَّ " إِذَنْ " صَرِيحٌ فِي التَّعْلِيل.</p>وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ " إِذَنْ " لَفُهِمَ التَّعْلِيل مِنَ الْقَرِينَةِ، فَاجْتَمَعَا.</p>ب - أَنْ يَقْتَرِنَ الْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ بِالْحُكْمِ فِي كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِ: وَمِثَالُهُ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْهِرَّةِ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ (2) ، فَأَفْهَمَ أَنَّ عِلَّةَ طَهَارَتِهَا الطَّوَافُ، إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْوَصْفُ عِلَّةً لَكَانَ لَغْوًا، أَوْ - عَلَى تَعْبِيرِ بَعْضِ الأُْصُولِيِّينَ - لَكَانَ بَعِيدًا جِدًّا، فَيُحْمَل الْوَصْفُ عَلَى التَّعْلِيل، صِيَانَةً لِكَلَامِ الشَّارِعِ عَنِ اللَّغْوِ وَالْعَبَثِ (3) .</p>ج - وَمِنْهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ حُكْمَيْنِ بِوَصْفَيْنِ، فَيُعْلَمُ أَنَّ أَحَدَهُمَا عِلَّةٌ لأَِحَدِ الْحُكْمَيْنِ، وَالآْخَرَ عِلَّةٌ لِلآْخَرِ.</p>وَالتَّفْرِيقُ يَكُونُ بِطُرُقٍ:</p><font color=#ff0000>(1)</font> إِمَّا بِصِيغَةِ صِفَةٍ. مِثْل حَدِيثِ لِلْفَارِسِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " أينقص الرطب إذا يبس. . . " أخرجه أبو داود (3 / 657 - ط عزت عبيد دعاس) وصححه ابن المديني والترمذي وغيرهما. (بلوغ المرام لابن حجر ص 193 - ط عبد الحميد أحمد حنفي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم " أخرجه أبو داود (1 / 60 - ط عزت عبيد دعاس) والترمذي (1 / 154 - ط الحلبي) وصححه البخاري والعقيلي. (التلخيص لابن حجر 1 / 41 - ط دار المحاسن)</p><font color=#ff0000>(3)</font> الاحتمال البعيد الذي يصان عنه كلام الشارع في مثل هذا، يقع مثله في الكلام. كما لو قال الولد لأبيه طلعت الشمس. فقال له: اسقني ماء. فليس طلوع الشمس سببا لسقي الماء بل هو كلام منقطع عن الأول. (المستصفى) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٤)</span><hr/></div>سَهْمَانِ وَلِلرَّاجِل سَهْمٌ (1) وَمِثْل الْقَاتِل لَا يَرِثُ (2) وَقَدْ ثَبَتَ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ تَوْرِيثُ الْعَصَبَاتِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> وَإِمَّا بِصِيغَةِ الْغَايَةِ، نَحْوَ {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} (3) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> وَإِمَّا بِصِيغَةِ الشَّرْطِ، نَحْوَ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَْصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ (4) نَاطَ الْجَوَازَ بِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ.</p><font color=#ff0000>(4)</font> أَوْ بِصِيغَةِ اسْتِدْرَاكٍ. نَحْوَ {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَْيْمَانَ} (5) فَدَل عَلَى أَنَّ الاِنْعِقَادَ عِلَّةُ الْكَفَّارَةِ.</p><font color=#ff0000>(5)</font> أَوْ بِصِيغَةِ اسْتِثْنَاءٍ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى:{فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَاّ أَنْ يَعْفُونَ} (6) يُفِيدُ عِلِّيَّةَ الْعَفْوِ لِسُقُوطِ الْمُطَالَبَةِ بِالْمَهْرِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْيمَاءُ بِذِكْرِ النَّظِيرِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> قَدْ يَكُونُ الإِْيمَاءُ إِلَى الْعِلَّةِ بِذِكْرِ نَظِيرٍ لِمَحَل السُّؤَال.</p>وَمِثَالُهُ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لاِمْرَأَةٍ مِنْ جُهَيْنَةَ، وَقَدْ سَأَلَتْهُ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَال: نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" للفارس سهمان وللراجل سهم " أخرجه البخاري بلفظ " قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم للفرس سهمين وللراجل سهما "(فتح الباري 7 / 484 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " القاتل لا يرث " أخرجه ابن ماجه (2 / 883 ط الحلبي) والبيهقي (6 / 220 - ط دائرة المعارف العثمانية) وقال: إسحاق بن عبد الله لا يحتج به، إلا أن شواهده تقويه.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 222.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا. . . " أخرجه مسلم (3 / 1211 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة البقرة / 225.</p><font color=#ff0000>(6)</font> سورة البقرة / 237.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٤)</span><hr/></div>أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟ اقْضُوا اللَّهَ فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ (1) .</p>سَأَلَتْهُ عَنْ دَيْنِ اللَّهِ فَذَكَرَ نَظِيرَهُ، وَهُوَ دَيْنُ الآْدَمِيِّ. فَنَبَّهَ عَلَى التَّعْلِيل بِهِ، وَإِلَاّ لَزِمَ الْعَبَثُ.</p>فَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ نَظِيرَهُ - وَهُوَ دِينُ اللَّهِ - كَذَلِكَ عِلَّةٌ لِمِثْل ذَلِكَ الْحُكْمِ، وَهُوَ وُجُوبُ الْقَضَاءِ.</p> </p>‌<span class="title">‌مَرَاتِبُ الإِْيمَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> أ - قَدْ يُذْكَرُ الْحُكْمُ وَالْوَصْفُ كُلٌّ مِنْهُمَا صَرِيحًا، نَحْوَ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ (2) فَهَذَا إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْغَضَبَ عِلَّةُ عَدَمِ جَوَازِ الْحُكْمِ، وَمِثْل: أَكْرِمِ الْعُلَمَاءَ وَأَهِنِ الْجُهَّال فَهُوَ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ عِلَّةَ الإِْكْرَامِ الْعِلْمُ، وَعِلَّةَ الإِْهَانَةِ الْجَهْل. فَهَذَا النَّوْعُ إِيمَاءٌ بِالاِتِّفَاقِ.</p>ب - وَقَدْ يُذْكَرُ الْوَصْفُ صَرِيحًا وَالْحُكْمُ مُسْتَنْبَطٌ.</p>نَحْوَ {وَأَحَل اللَّهُ الْبَيْعَ} (3) فَالْوَصْفُ إِحْلَال الْبَيْعِ، وَالْحُكْمُ الصِّحَّةُ، أَوْ يُذْكَرُ الْحُكْمُ وَالْوَصْفُ مُسْتَنْبَطٌ، نَحْوَ: حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، وَلَا تُذْكَرُ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ، وَهِيَ الْوَصْفُ. فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ فَقِيل: هُمَا مِنَ الإِْيمَاءِ، وَقِيل: لَا لِعَدَمِ الاِقْتِرَانِ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالْوَصْفِ لَفْظًا (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " إن أمي نذرت أن تحج. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 64 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " لا يقضي القاضي وهو غضبان " أخرجه البخاري (الفتح 13 / 136 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1343 - ط الحلبي) . واللفظ للبخاري.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 275.</p><font color=#ff0000>(4)</font> كشاف اصطلاحات الفنون 6 / 1434، وشرح مسلم الثبوت 2 / 296 - 298 ط بولاق، والمستصفى 2 / 289، 290 ط بولاق، وحاشية التفتازاني على شرح العضد على ابن الحاجب 2 / 234 - 236 نشر الجامعة الإسلامية بالبيضاء - ليبيا، وشرح جمع الجوامع حاشية البناني 2 / 266 - 270 ط مصطفى الحلبي 1356 هـ.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَيْمَانٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الأَْيْمَانُ: جَمْعُ يَمِينٍ، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَتُذَكَّرُ. وَتُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى (أَيْمُنٍ) وَمِنْ مَعَانِي الْيَمِينِ لُغَةً: الْقُوَّةُ وَالْقَسَمُ، وَالْبَرَكَةُ، وَالْيَدُ الْيُمْنَى، وَالْجِهَةُ الْيُمْنَى.</p>وَيُقَابِلُهَا: الْيَسَارُ، بِمَعْنَى: الْيَدِ الْيُسْرَى، وَالْجِهَةِ الْيُسْرَى (1) .</p>أَمَّا فِي الشَّرْعِ، فَقَدْ عَرَّفَهَا صَاحِبُ غَايَةِ الْمُنْتَهَى مِنَ الْحَنَابِلَةِ بِأَنَّهَا: تَوْكِيدُ حُكْمٍ بِذِكْرِ مُعَظَّمٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ.</p>وَمُقْتَضَى هَذَا التَّعْرِيفِ تَخْصِيصُ الْيَمِينِ بِالْقَسَمِ، لَكِنْ يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْحَنَابِلَةِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ كُتُبِهِمْ تَسْمِيَةُ التَّعْلِيقَاتِ السِّتَّةِ أَيْمَانًا، وَهِيَ تَعْلِيقُ الْكُفْرِ وَالطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَالْحَرَامِ وَالْعِتْقِ وَالْتِزَامِ الْقُرْبَةِ، وَقَرَّرَ ذَلِكَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي مَجْمُوعِ الْفَتَاوَى (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌حِكْمَةُ التَّشْرِيعِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> مِنْ أَسَالِيبِ التَّأْكِيدِ الْمُتَعَارِفَةِ فِي جَمِيعِ الْعُصُورِ أُسْلُوبُ التَّأْكِيدِ بِالْيَمِينِ، إِمَّا لِحَمْل الْمُخَاطَبِ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير مادة:" يمين ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 3 / 45، وفتح القدير 4 / 3، والدسوقي 2 / 126، وتحفة المحتاج 8 / 164، والأم 7 / 62، ومطالب أولي النهى 6 / 357، 358، والمغني بأعلى الشرح الكبير 11 / 74، ومجموع الفتاوى لابن تيمية 35 / 243.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٥)</span><hr/></div>الثِّقَةِ بِكَلَامِ الْحَالِفِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ فِيهِ إِنْ كَانَ خَبَرًا، وَلَا يَخْلُفُهُ إِنْ كَانَ وَعْدًا أَوْ وَعِيدًا أَوْ نَحْوَهُمَا، وَإِمَّا لِتَقْوِيَةِ عَزْمِ الْحَالِفِ نَفْسِهِ عَلَى فِعْل شَيْءٍ يَخْشَى إِحْجَامَهَا عَنْهُ، أَوْ تَرْكِ شَيْءٍ يُخْشَى إِقْدَامُهَا عَلَيْهِ، وَإِمَّا لِتَقْوِيَةِ الطَّلَبِ مِنَ الْمُخَاطَبِ أَوْ غَيْرِهِ وَحَثِّهِ عَلَى فِعْل شَيْءٍ أَوْ مَنْعِهِ عَنْهُ.</p>فَالْغَايَةُ الْعَامَّةُ لِلْيَمِينِ قَصْدُ تَوْكِيدِ الْخَبَرِ ثُبُوتًا أَوْ نَفْيًا.</p> </p>‌<span class="title">‌تَقْسِيمَاتُ الْيَمِينِ</span></p>‌<span class="title">‌(أَوَّلاً) تَقْسِيمُ الْيَمِينِ بِحَسَبِ غَايَتِهَا الْعَامَّةِ</span></p>تَنْقَسِمُ الْيَمِينُ بِحَسَبِ غَايَتِهَا الْعَامَّةِ إِلَى قِسْمَيْنِ:</p><font color=#ff0000>3 -</font> الْقِسْمُ الأَْوَّل: الْيَمِينُ الْمُؤَكِّدَةُ لِلْخَبَرِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مَاضِيًا أَمْ حَاضِرًا أَمْ مُسْتَقْبَلاً، وَسَوَاءٌ أَكَانَ إِثْبَاتًا أَمْ نَفْيًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ أَمْ مُخَالِفًا.</p>وَالْيَمِينُ عَلَى مَا طَابَقَ الْوَاقِعَ تُسَمَّى (الْيَمِينُ الصَّادِقَةُ) كَقَوْلِهِ تبارك وتعالى:{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُل بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ} (1) فَهَذَا أَمْرٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَحْلِفَ بِرَبِّهِ عز وجل عَلَى أَنَّهُمْ سَيُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يُحَاسَبُونَ عَلَى أَعْمَالِهِمْ.</p>وَالْيَمِينُ عَلَى مَا خَالَفَ الْوَاقِعَ إِنْ كَانَ الْحَالِفُ بِهَا كَاذِبًا عَمْدًا تُسَمَّى (الْيَمِينُ الْغَمُوسُ) لأَِنَّهَا تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي الإِْثْمِ.</p>وَمِنْ أَمْثِلَتِهَا مَا حَكَاهُ اللَّهُ عز وجل عَنِ الْمُنَافِقِينَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة التغابن / 7.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٦)</span><hr/></div>قَوْله تَعَالَى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} (1) .</p>فَهَذَا مِنَ الْمُنَافِقِينَ حَلِفٌ عَلَى أَنَّهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُمْ كَاذِبُونَ فِيهِ، وَمَا حَمَلَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ إِلَاّ أَنَّهُمْ يَخَافُونَ غَضَبَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِمْ.</p>وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ بِهَا مُتَعَمِّدًا صَدَّقَهَا، غَيْرَ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي اعْتِقَادِهِ، لَمْ تَكُنْ غَمُوسًا وَلَا صَادِقَةً، وَإِنَّمَا تَكُونُ (لَغْوًا) عَلَى بَعْضِ الأَْقْوَال.</p>وَمِنْ أَمْثِلَتِهَا أَنْ يَقُول إِنْسَانٌ: وَاللَّهِ إِنَّ الشَّمْسَ طَلَعَتْ، بِنَاءً عَلَى إِشَارَةِ السَّاعَةِ وَالتَّقْوِيمِ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ طَلَعَتْ، وَأَنَّهُ أَخْطَأَ النَّظَرَ، أَوْ كَانَ بِالسَّاعَةِ خَلَلٌ، أَوْ بِالتَّقْوِيمِ خَطَأٌ.</p><font color=#ff0000>4 -</font> الْقِسْمُ الثَّانِي: الْيَمِينُ الْمُؤَكِّدَةُ لِلإِْنْشَاءِ.</p>وَالإِْنْشَاءُ إِمَّا حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ، وَالْمَقْصُودُ بِالْحَثِّ: حَمْل الْحَالِفِ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ عَلَى فِعْل شَيْءٍ فِي الْمُسْتَقْبَل.</p>وَالْمَقْصُودُ بِالْمَنْعِ: حَمْل الْحَالِفِ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ عَلَى تَرْكِ شَيْءٍ فِي الْمُسْتَقْبَل.</p>مِثَال الْحَثِّ: وَاللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا، أَوْ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا، أَوْ لَيَفْعَلَنَّ فُلَانٌ كَذَا.</p>وَمِثَال الْمَنْعِ: وَاللَّهِ لَا أَفْعَل كَذَا، أَوْ لَا تَفْعَل كَذَا، أَوْ لَا يَفْعَل فُلَانٌ كَذَا (2) .</p>وَهَذِهِ الْيَمِينُ تُسَمَّى (مُنْعَقِدَةً) أَوْ (مَعْقُودَةً) مَتَى تَمَّتْ شَرَائِطُهَا، وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا.</p>وَمِمَّا هُوَ جَدِيرٌ بِالْمُلَاحَظَةِ أَنَّ قَوْل الْقَائِل: لأََفْعَلَنَّ، أَوْ لَا أَفْعَل يَدُل عَلَى حَثِّ نَفْسِهِ عَلَى الْفِعْل أَوِ التَّرْكِ حَقِيقَةً إِنْ كَانَ يَتَحَدَّثُ فِي خَلْوَةٍ، نَحْوَ: وَاللَّهِ لأََصُومَنَّ غَدًا، أَوْ لَا أَشْرَبُ الْخَمْرَ، أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة التوبة / 56.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بضم اللام في الأفعال الثلاثة، لأن " لا " نافية وليست ناهية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٦)</span><hr/></div>لأََقْتُلَنَّ فُلَانًا، أَوْ لَا أَفْعَل مَا أَمَرَنِي بِهِ.</p>وَأَمَّا إِنْ كَانَ يَتَحَدَّثُ فِي مُوَاجَهَةِ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ يَدُل عَلَى حَثِّ نَفْسِهِ ظَاهِرًا، وَقَدْ يَكُونُ هَذَا الظَّاهِرُ مُوَافِقًا لِلْحَقِيقَةِ، بِأَنْ يَكُونَ عَازِمًا عَلَى الْوَفَاءِ، وَقَدْ يَكُونُ مُخَالِفًا لَهَا، بِأَنْ يَكُون عَازِمًا عَلَى عَدَمِ الْوَفَاءِ.</p>وَقَوْل الْقَائِل: لَتَفْعَلَنَّ أَوْ لَا تَفْعَل يَدُل عَلَى حَثِّ الْمُخَاطَبِ عَلَى الْفِعْل أَوِ التَّرْكِ، وَيَكُونُ بِمَثَابَةِ الأَْمْرِ إِنْ كَانَ مِنْ أَعْلَى لأَِدْنَى، وَالدُّعَاءِ إِنْ كَانَ مِنْ أَدْنَى لأَِعْلَى، وَالاِلْتِمَاسِ إِنْ كَانَ بَيْنَ مُتَمَاثِلَيْنِ. ثُمَّ إِنَّهُ قَدْ يَكُونُ حَقِيقِيًّا، وَقَدْ يَكُونُ ظَاهِرِيًّا فَقَطْ بِقَصْدِ الْمُجَامَلَةِ أَوْ غَيْرِهَا.</p><font color=#ff0000>5 -</font> هَذَا، وَتَنْقَسِمُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُسْتَقْبَل إِلَى: يَمِينِ بِرٍّ، وَيَمِينِ حِنْثٍ.</p>(فَيَمِينُ الْبِرِّ) هِيَ مَا كَانَتْ عَلَى النَّفْيِ، نَحْوَ: وَاللَّهِ لَا فَعَلْتُ كَذَا، بِمَعْنَى: لَا أَفْعَل كَذَا، وَسُمِّيَتْ يَمِينَ بِرٍّ لأَِنَّ الْحَالِفَ بَارٌّ حِينَ حَلِفِهِ، وَمُسْتَمِرٌّ عَلَى الْبِرِّ مَا لَمْ يَفْعَل.</p>(وَيَمِينُ الْحِنْثِ) مَا كَانَتْ عَلَى الإِْثْبَاتِ، نَحْوَ: وَاللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ يَمِينَ حِنْثٍ لأَِنَّ الْحَالِفَ لَوِ اسْتَمَرَّ عَلَى حَالَتِهِ حَتَّى مَضَى الْوَقْتُ أَوْ حَصَل الْيَأْسُ حَنِثَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌(ثَانِيًا) تَقْسِيمُ الْيَمِينِ بِحَسَبِ صِيغَتِهَا الْعَامَّةِ</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> الْقِسْمُ الأَْوَّل: الْقِسْمُ الْمُنَجَّزُ بِالصِّيغَةِ الأَْصْلِيَّةِ لِلْيَمِينِ، وَتَكُونُ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، مِثْل (وَاللَّهِ)(وَالرَّحْمَنِ) أَوْ صِفَةً لَهُ مِثْل (وَعِزَّةِ اللَّهِ)(وَجَلَالِهِ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أقرب المسالك مع الشرح الصغير وحاشية الصاوي 1 / 332.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٧)</span><hr/></div>وَكَانَ النَّاسُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ وَبِمَعْبُودَاتِهِمْ كَاللَاّتِ وَالْعُزَّى، وَبِمَا يُعَظِّمُونَهُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ مِمَّا لَا يَعْبُدُونَ كَالآْبَاءِ وَالأُْمَّهَاتِ وَالْكَعْبَةِ، وَبِمَا يَحْمَدُونَهُ مِنَ الأَْخْلَاقِ كَالأَْمَانَةِ.</p>وَفِي صَدْرِ الإِْسْلَامِ بَطَل تَعْظِيمُهُمْ لِلأَْصْنَامِ وَنَحْوِهَا مِمَّا كَانُوا يَعْبُدُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَبَطَل حَلِفُهُمْ بِهَا إِلَاّ مَا كَانَ سَبْقَ لِسَانٍ، وَاسْتَمَرَّ حَلِفُهُمْ بِمَا يُحِبُّونَهُ وَيُعَظِّمُونَهُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، فَنَهَاهُمْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ وَأَمَرَهُمْ بِالاِقْتِصَارِ عَلَى الْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ كُلِّهِ تَفْصِيلاً.</p><font color=#ff0000>7 -</font> الْقِسْمُ الثَّانِي: التَّعْلِيقُ، وَيُمْكِنُ تَحْصِيل الْغَايَةِ الْعَامَّةِ مِنَ الْيَمِينِ - وَهِيَ تَأْكِيدُ الْخَبَرِ أَوِ الْحَثِّ أَوِ الْمَنْعِ - بِطَرِيقٍ آخَرَ، وَهُوَ تَرْتِيبُ الْمُتَكَلِّمِ جَزَاءً مَكْرُوهًا لَهُ فِي حَالَةِ مُخَالَفَةِ الْوَاقِعِ أَوْ تَخَلُّفِ الْمَقْصُودِ.</p>وَلِهَذَا الْجَزَاءِ أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ بِحَسَبِ الْعَادَةِ، لَكِنْ لَمْ يَعْتَبِرِ الْفُقَهَاءُ مِنْهَا إِلَاّ سِتَّةَ أَنْوَاعٍ وَهِيَ: الْكُفْرُ، وَالطَّلَاقُ، وَالظِّهَارُ، وَالْحَرَامُ، وَالْعِتْقُ، وَالْتِزَامُ الْقُرْبَةِ.</p>وَأَمْثِلَتُهَا: إِنْ فَعَلْتُ كَذَا، أَوْ: إِنْ لَمْ أَفْعَل كَذَا، أَوْ: إِنْ لَمْ يَكُنِ الأَْمْرُ كَمَا قُلْتُ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنَ الإِْسْلَامِ. أَوْ: فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ، أَوْ: فَامْرَأَتُهُ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ، أَوْ: فَحَلَال اللَّهِ عَلَيْهِ حَرَامٌ، أَوْ: فَعَبْدُهُ حُرٌّ، أَوْ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) يلاحظ أن التعبير بضمائر الغائب جريا على ما اعتاده المؤلفون في كتبهم الفقهية، حذرا من بشاعة الحكاية بضمائر المتكلم، ولأن الشيطان قد يوسوس للحاكي فينوي ما يحكيه فيقع في المحذور، ومن أراد معرفة ما يقوله الحالف نصا فليستبدل بضمائر الغائب ضمائر المتكلم، ول</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٧)</span><hr/></div>وَقَدْ يَكُونُ الطَّرِيقُ الْمُحَصِّل لِلْغَايَةِ تَرْتِيبَ جَزَاءٍ مَحْبُوبٍ لِلْمُخَاطِبِ عَلَى فِعْل أَمْرٍ مَحْبُوبٍ لِلْمُتَكَلِّمِ، كَمَا لَوْ قَال إِنْسَانٌ لِعَبْدِهِ: إِنْ بَشَّرْتَنِي (1) فَأَنْتَ حُرٌّ، فَهَذَا الْجَزَاءُ مَحْبُوبٌ لِلْمُخَاطَبِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ تَخَلُّصًا مِنَ الرِّقِّ، وَإِنْ كَانَ شَاقًّا عَلَى الْمُتَكَلِّمِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ إِزَالَةً لِلْمِلْكِ، غَيْرَ أَنَّهُ يَسْتَسْهِلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُكَافَأَةٍ عَلَى فِعْل مَا يُحِبُّهُ وَشُكْرٍ لِلَّهِ عز وجل عَلَى ذَلِكَ.</p>وَالْجَزَاءُ الْمَحْبُوبُ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ ظِهَارًا وَلَا كُفْرًا، فَهُوَ مُنْحَصِرٌ فِي الْعِتْقِ وَالْتِزَامِ الْقُرْبَةِ وَالطَّلَاقِ وَالْحَرَامِ، كَتَطْلِيقِ ضَرَّةِ الْمُخَاطَبَةِ وَتَحْرِيمِهَا.</p>وَسَيَأْتِي تَفْصِيل ذَلِكَ كُلِّهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْلِيقُ بِصُورَةِ الْقَسَمِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> قَدْ يَعْدِل الْحَالِفُ عَنْ أَدَاءِ الشَّرْطِ وَالْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ، وَيَأْتِي بِالْجَزَاءِ بِدُونِ الْفَاءِ، وَيَذْكُرُ بَعْدَهُ جُمْلَةً شَبِيهَةً بِجَوَابِ الْقَسَمِ، فَيَقُول: هُوَ يَهُودِيٌّ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا، أَوْ لَا يَفْعَل كَذَا، أَوِ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ لَا يَفْعَل كَذَا، أَوْ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا، فَالْجُمْلَةُ الَّتِي بُدِئَ الْكَلَامُ بِهَا جَزَاءٌ لِشَرْطٍ مَحْذُوفٍ، تَدُل عَلَيْهِ الْجُمْلَةُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدُ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْجَوَابُ الإِْنْشَائِيُّ يَتَضَمَّنُ الْخَبَرَ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> الْقَسَمُ حِينَمَا يَكُونُ إِنْشَائِيًّا لِلْحَثِّ أَوِ الْمَنْعِ، فَالْحَلِفُ عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَلِفًا عَلَى الإِْنْشَاءِ الْمَحْضِ، فَإِنَّ هَذَا الإِْنْشَاءَ يَحْصُل مَعْنَاهُ بِمُجَرَّدِ النُّطْقِ بِهِ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى حَلِفٍ. فَإِنَّ الَّذِي يَحْتَاجُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البشارة: الإخبار بنبأ سار لم يعلم به المتكلم من قبل.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٨)</span><hr/></div>إِلَى الْحَلِفِ، هُوَ الأَْمْرُ الَّذِي يُخْشَى تَخَلُّفُهُ، وَهُوَ الْوَفَاءُ بِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ الإِْنْشَائِيَّةِ.</p>فَمَنْ حَلَفَ فَقَال: وَاللَّهِ لأََقْضِيَنَّكَ حَقَّكَ غَدًا، وَقَدْ حَثَّ نَفْسَهُ عَلَى الْقَضَاءِ، وَهَذَا الْحَثُّ قَدْ حَصَل بِمُجَرَّدِ النُّطْقِ، فَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى الْقَسَمِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ، فَالْقَسَمُ إِذَنْ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْحَثِّ الْمُسْتَتْبِعِ لأَِثَرِهِ، وَهُوَ حُصُول الْقَضَاءِ بِالْفِعْل فِي غَدٍ، وَهَذَا الْمَعْنَى خَبَرِيٌّ، وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يَقْضِهِ حَقَّهُ لَكَانَ حَانِثًا.</p>فَمَنْ قَال: لأََقْضِيَنَّكَ حَقَّكَ. أَثْبَتَ مَعْنَيَيْنِ:</p>(أَحَدُهُمَا) إِنْشَائِيٌّ، وَهُوَ حَثُّ نَفْسِهِ عَلَى الْقَضَاءِ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الصَّرِيحُ.</p>(وَثَانِيهِمَا) خَبَرِيٌّ، وَهُوَ الإِْخْبَارُ بِأَنَّ هَذَا الْقَضَاءَ سَيَحْصُل فِي الْغَدِ، وَهَذَا الْمَعْنَى ضِمْنِيٌّ، وَالْيَمِينُ إِنَّمَا أُتِيَ بِهَا مِنْ أَجْل هَذَا الْمَعْنَى الضِّمْنِيِّ.</p>وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَنْ يُجَابَ الْقَسَمُ بِفِعْل الأَْمْرِ، وَلَا بِفِعْل النَّهْيِ، فَلَا يُقَال: وَاللَّهِ قُمْ، أَوْ لَا تَقُمْ.</p> </p>‌<span class="title">‌مُرَادِفَاتُ الْيَمِينِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> قَال الْكَمَال: أَسْمَاءُ هَذَا الْمَعْنَى التَّوْكِيدِيِّ سِتَّةٌ: الْحَلِفُ وَالْقَسَمُ وَالْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ وَالإِْيلَاءُ وَالْيَمِينُ (1) .</p>فَالْيَمِينُ مُرَادِفَةٌ لِلأَْلْفَاظِ الْخَمْسَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ مَعَهَا.</p>وَهُنَاكَ أَلْفَاظٌ أُخْرَى، فَقَدْ أَفَادَ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ أَنَّهُ لَوْ قَال إِنْسَانٌ: أَشْهَدُ أَوْ أَعْزِمُ أَوْ شَهِدْتُ أَوْ عَزَمْتُ بِاللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا. كَانَ يَمِينًا؛ لأَِنَّ الْعَزْمَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 4 / 3.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٨)</span><hr/></div>مَعْنَاهُ الإِْيجَابُ؛ وَلأَِنَّ الشَّهَادَةَ وَرَدَتْ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِذَا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّك لَرَسُول اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّك لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيل اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1) فَالآْيَةُ الثَّانِيَةُ أَفَادَتْ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ يَمِينٌ.</p>وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الشَّهَادَةَ وَالْعَزْمَ مِنْ مُرَادِفَاتِ الْيَمِينِ عُرْفًا، وَأَفَادَ أَيْضًا أَنَّ الذِّمَّةَ كَالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، فَمَنْ قَال: عَلَيَّ ذِمَّةُ اللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَانَ يَمِينًا.</p><font color=#ff0000>11 -</font> وَأَفَادَ ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ الإِْنْسَانُ صَوْمًا، كَأَنْ قَال: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، أَوْ نَوَى النَّذْرَ وَلَمْ يَخْطِرِ الْيَمِينُ بِبَالِهِ، أَوْ نَوَى النَّذْرَ وَنَفَى الْيَمِينَ كَانَ نَذْرًا فَقَطْ. وَإِنْ نَوَى الْيَمِينَ وَنَفَى النَّذْرَ كَانَ يَمِينًا فَقَطْ. وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إِنْ أَفْطَرَ. وَإِنْ نَوَاهُمَا مَعًا، أَوْ نَوَى الْيَمِينَ وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ النَّذْرُ كَانَ نَذْرًا وَيَمِينًا، حَتَّى لَوْ أَفْطَرَ قَضَى وَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ.</p>وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ صِيغَةَ النَّذْرِ تَكُونُ يَمِينًا بِالنِّيَّةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَتَكُونُ مِنْ قَبِيل الْكِنَايَةِ، بِخِلَافِ الأَْلْفَاظِ السَّابِقَةِ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا صَرِيحَةٌ عِنْدَهُمْ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا كِنَايَةً عِنْدَ غَيْرِهِمْ كَمَا سَيَأْتِي. وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ مِثْل عَلَيَّ نَذْرٌ. وَسَيَأْتِي أَيْضًا أَنَّ الْكَفَالَةَ وَالأَْمَانَةَ الْمُضَافَيْنِ لِلَّهِ كَالْعَهْدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، فَقَدْ قَالُوا: مَنْ قَال: عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ، أَوْ مِيثَاقُهُ، أَوْ ذِمَّتُهُ، أَوْ كَفَالَتُهُ، أَوْ أَمَانَتُهُ لأََفْعَلَنَّ كَذَا، أَوْ لَا أَفْعَل كَذَا، كَانَ قَوْلُهُ ذَلِكَ يَمِينًا بِالنِّيَّةِ.</p><font color=#ff0000>12 -</font> هَذَا مَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ، وَقَدْ يَجِدُ الْبَاحِثُ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المنافقون 1 - 2.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٩)</span><hr/></div>كُتُبِ اللُّغَةِ أَلْفَاظًا أُخْرَى كَالنَّفْل. فَفِي الْقَامُوسِ الْمُحِيطِ: نَفَل: حَلَفَ. وَهُوَ مِنْ بَابِ نَصَرَ.</p>وَيُؤْخَذُ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ أَنَّ (نَفَل)(وَانْتَفَل) وَ (أَنْفَل) مَعْنَاهَا حَلَفَ، وَيُقَال: نَفَّلْتُهُ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ أَيْ: حَلَّفْتُهُ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَيْمَانٌ خَاصَّةٌ</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الإِْيلَاءُ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> هُوَ أَنْ يَحْلِفَ الزَّوْجُ عَلَى الاِمْتِنَاعِ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ مُطْلَقًا أَوْ مُدَّةَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَلِفُ بِاللَّهِ تَعَالَى أَمْ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ أَوِ الْعِتْقِ أَوْ نَحْوِهِمَا. وَلِهَذَا الإِْيلَاءِ أَحْكَامٌ خَاصَّةٌ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1) وَلِتَفْصِيلِهَا (ر: إِيلَاءٌ) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ اللِّعَانُ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> اللِّعَانُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ لَاعَنَ، بِمَعْنَى شَاتَمَ، فَإِذَا تَشَاتَمَ اثْنَانِ، فَشَتَمَ كُلٌّ مِنْهُمَا الآْخَرَ بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِ، بِأَنْ يَلْعَنَهُ اللَّهُ، قِيل لَهُمَا: تَلَاعَنَا، وَلَاعَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ.</p>وَاللِّعَانُ فِي الشَّرْعِ لَا يَكُونُ إِلَاّ أَمَامَ الْقَاضِي، وَهُوَ: قَوْل الزَّوْجِ لاِمْرَأَتِهِ مُشِيرًا إِلَيْهَا: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ زَوْجَتِي هَذِهِ مِنَ الزِّنَى.</p>وَإِذَا كَانَتْ حَامِلاً أَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ زَادَ: وَأَنَّ هَذَا الْحَمْل أَوِ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنِّي. وَيُكَرِّرُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 226، 227.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٩)</span><hr/></div>ذَلِكَ كُلَّهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَيَزِيدُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ: وَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (1) .</p>وَلِعَانُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا إِذَا لَمْ تُصَدِّقْهُ أَنْ تَقُول بَعْدَ لِعَانِهِ إِيَّاهَا: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنَّ زَوْجِي هَذَا لَمِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَى، وَتَزِيدُ لإِِثْبَاتِ نِسْبَةِ الْحَمْل أَوِ الْوَلَدِ: وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ مِنْهُ. وَتُكَرِّرُ ذَلِكَ كُلَّهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَتَزِيدُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ: وَعَلَيْهَا غَضَبُ اللَّهِ إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (2) .</p>وَلِعَانُ الْحَاكِمِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ هُوَ: أَنْ يُحْضِرَهُمَا، وَيَأْمُرَ الزَّوْجَ بِمُلَاعَنَةِ زَوْجَتِهِ إِنْ كَانَ مُصِرًّا عَلَى قَذْفِهَا، وَلَيْسَ مَعَهُ أَرْبَعَةُ شُهُودٍ عُدُولٍ، وَلَمْ تَعْتَرِفِ الزَّوْجَةُ بِمَا قَالَهُ، ثُمَّ يَأْمُرُ الزَّوْجَةَ - بَعْدَ انْتِهَاءِ الزَّوْجِ مِنَ الْمُلَاعَنَةِ - أَنْ تُلَاعِنَهُ، فَإِذَا لَاعَنَتْهُ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا.</p>وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْل كُلٍّ مِنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ مَعْنَاهُ أُقْسِمُ بِاللَّهِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ اللِّعَانُ يَمِينًا خَاصَّةً لَهَا أَحْكَامٌ تَخُصُّهَا، وَلِتَفْصِيلِهَا (ر: لِعَانٌ) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْقَسَامَةُ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> الْقَسَامَةُ فِي اللُّغَةِ لَهَا مَعَانٍ: مِنْهَا الْيَمِينُ.</p>وَفِي الشَّرْعِ: أَنْ يُقْسِمَ خَمْسُونَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْقَتِيل عَلَى اسْتِحْقَاقِهِمْ دِيَةَ قَتِيلِهِمْ، إِذَا وَجَدُوهُ قَتِيلاً بَيْنَ قَوْمٍ، وَلَمْ يُعْرَفْ قَاتِلُهُ. فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا خَمْسِينَ رَجُلاً أَقْسَمَ الْمَوْجُودُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا. فَإِنِ امْتَنَعُوا وَطَلَبُوا الْيَمِينَ مِنَ الْمُتَّهَمِينَ رَدَّهَا الْقَاضِي عَلَيْهِمْ، فَأَقْسَمُوا بِهَا عَلَى نَفْيِ الْقَتْل عَنْهُمْ. فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعُونَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) يلاحظ أن الزوج يأتي بضميري المتكلم فيقول " علي " بتشديد الياء بدل " عليه " ويقول " كنت " بدل " كان ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> يلاحظ هنا أيضا أن الزوجة تأتي بضمير المتكلم فتقول " علي " بدل " عليها " وأما " كان " فتبقى كما هي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٠)</span><hr/></div>اسْتَحَقُّوا الدِّيَةَ. وَإِنْ حَلَفَ الْمُتَّهَمُونَ لَمْ تَلْزَمْهُمُ الدِّيَةُ. عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي (قَسَامَةٌ) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الْيَمِينُ الْمُغَلَّظَةُ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> هِيَ الْيَمِينُ الَّتِي غُلِّظَتْ بِالزَّمَانِ، وَالْمَكَانِ، وَزِيَادَةِ الأَْسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَبِحُضُورِ جَمْعٍ، وَبِالتَّكْرَارِ.</p>فَالتَّغْلِيظُ بِالزَّمَانِ هُوَ: أَنْ يَكُونَ الْحَلِفُ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَعَصْرُ الْجُمُعَةِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ.</p>وَالتَّغْلِيظُ بِالْمَكَانِ: أَنْ يَكُونَ الْحَلِفُ عِنْدَ مِنْبَرِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ مِنْ جِهَةِ الْمِحْرَابِ، وَكَوْنُهُ عَلَى الْمِنْبَرِ أَوْلَى. أَمَّا التَّغْلِيظُ فِي مَكَّةَ، فَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الرُّكْنِ الأَْسْوَدِ وَالْمَقَامِ.</p>وَالتَّغْلِيظُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ يَكُونُ فِي اللِّعَانِ وَالْقَسَامَةِ وَبَعْضِ الدَّعَاوَى.</p>وَالتَّغْلِيظُ بِزِيَادَةِ الأَْسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ نَحْوَ: وَاللَّهِ الطَّالِبِ الْغَالِبِ الْمُدْرِكِ الْمُهْلِكِ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى، وَنَحْوَ: وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَعْلَمُ مِنَ السِّرِّ مَا يَعْلَمُ مِنَ الْعَلَانِيَةِ.</p>وَهَذَا التَّغْلِيظُ يَكُونُ فِي بَعْضِ الدَّعَاوَى.</p>وَالتَّغْلِيظُ بِحُضُورِ جَمْعٍ هُوَ: أَنْ يَحْضُرَ الْحَلِفَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَعْيَانِ الْبَلْدَةِ وَصُلَحَائِهَا، أَقَلُّهُمْ أَرْبَعَةٌ.</p>وَهَذَا التَّغْلِيظُ يَكُونُ فِي اللِّعَانِ.</p>وَالتَّغْلِيظُ بِالتَّكْرَارِ هُوَ: تَكْرَارُ الْيَمِينِ خَمْسِينَ مَرَّةً.</p>وَهَذَا يَكُونُ فِي الْقَسَامَةِ. وَلِتَفْصِيل ذَلِكَ كُلِّهِ (ر: لِعَانٌ وَقَسَامَةٌ وَدَعْوَى) .</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> مِمَّا أَحْدَثَهُ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ الثَّقَفِيُّ، أَنْ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٠)</span><hr/></div>حَلَّفَ النَّاسَ عَلَى بَيْعَتِهِمْ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْيَمِينِ بِاللَّهِ وَصَدَقَةِ الْمَال.</p>فَكَانَتْ هَذِهِ الأَْيْمَانُ الأَْرْبَعَةُ أَيْمَانَ الْبَيْعَةِ الْقَدِيمَةِ الْمُبْتَدَعَةِ.</p>ثُمَّ أَحْدَثَ الْمُسْتَحْلِفُونَ مِنَ الأُْمَرَاءِ عَنِ الْخُلَفَاءِ وَالْمُلُوكِ وَغَيْرِهِمْ أَيْمَانًا كَثِيرَةً، تَخْتَلِفُ فِيهَا عَادَاتُهُمْ، وَمَنْ أَحْدَثَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ إِثْمُ مَا تَرَتَّبَ عَلَى هَذِهِ الأَْيْمَانِ مِنَ الشَّرِّ.</p>فَإِذَا حَلَفَ إِنْسَانٌ بِأَيْمَانِ الْبَيْعَةِ، بِأَنْ قَال: عَلَيَّ أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ، أَوْ أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ تَلْزَمُنِي إِنْ فَعَلْتُ كَذَا أَوْ إِنْ لَمْ أَفْعَل كَذَا مَثَلاً:</p>فَالْمَالِكِيَّةُ اخْتَلَفُوا، فَقَال أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: أَجْمَعَ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى أَنَّهُ يَحْنَثُ فِيهَا بِالطَّلَاقِ لِجَمِيعِ نِسَائِهِ، وَالْعِتْقِ لِجَمِيعِ عَبِيدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَقِيقٌ فَعَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْمَشْيُ إِلَى مَكَّةَ، وَالْحَجُّ وَلَوْ مِنْ أَقْصَى الْمَغْرِبِ، وَالتَّصَدُّقُ بِثُلُثِ جَمِيعِ أَمْوَالِهِ، وَصِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ. ثُمَّ قَال: جُل الأَْنْدَلُسِيِّينَ قَالُوا: إِنَّ كُل امْرَأَةٍ لَهُ تَطْلُقُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَقَال الْقَرَوِيُّونَ: إِنَّمَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً وَاحِدَةً. وَأَلْزَمَهُ بَعْضُهُمْ صَوْمَ سَنَةٍ إِذَا كَانَ مُعْتَادًا لِلْحَلِفِ بِذَلِكَ.</p>وَقَال الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ: إِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِي لَفْظِهِ طَلَاقَهَا أَوْ عَتَاقَهَا أَوْ حَجَّهَا أَوْ صَدَقَتَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، سَوَاءٌ أَنَوَاهُ أَمْ لَمْ يَنْوِهِ، إِلَاّ أَنْ يَنْوِيَ طَلَاقَهَا أَوْ عَتَاقَهَا، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ، فَقَال الْعِرَاقِيُّونَ: يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ، فَإِنَّ الْيَمِينَ بِهِمَا تَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ، وَقَال صَاحِبُ التَّتِمَّةِ: لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَإِنْ نَوَاهُ مَا لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ؛ لأَِنَّ الصَّرِيحَ لَمْ يُوجَدْ، وَالْكِنَايَةَ إِنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْحُكْمُ فِيمَا يَتَضَمَّنُ الإِْيقَاعُ، فَأَمَّا الاِلْتِزَامُ فَلَا.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥١)</span><hr/></div>وَالْحَنَابِلَةُ اخْتَلَفُوا، فَقَال أَبُو الْقَاسِمِ الْخِرَقِيُّ: إِنْ نَوَاهَا لَزِمَتْهُ، سَوَاءٌ أَعَرَفَهَا أَمْ لَمْ يَعْرِفْهَا. وَقَال أَكْثَرُ الأَْصْحَابِ وَمِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي: إِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ بِشَيْءٍ مِمَّا فِيهَا، (1) وَفِي غَايَةِ الْمُنْتَهَى: يَلْزَمُ بِأَيْمَانِ الْبَيْعَةِ - وَهِيَ يَمِينٌ رَتَّبَهَا الْحَجَّاجُ تَتَضَمَّنُ الْيَمِينَ بِاللَّهِ تَعَالَى وَالطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ وَصَدَقَةَ الْمَال - مَا فِيهَا إِنْ عَرَفَهَا وَنَوَاهَا، وَإِلَاّ فَلَغْوٌ. (2)</p> </p>و‌<span class="title">‌ أَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> جَاءَ فِي كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تَشْمَل سِتَّةَ أَشْيَاءَ، وَهِيَ: الْيَمِينُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَالطَّلَاقُ الْبَاتُّ لِجَمِيعِ الزَّوْجَاتِ، وَعِتْقُ مَنْ يَمْلِكُ مِنَ الْعَبِيدِ وَالإِْمَاءِ، وَالتَّصَدُّقُ بِثُلُثِ الْمَال، وَالْمَشْيُ بِحَجٍّ، وَصَوْمِ عَامٍ.</p>وَهَذَا الشُّمُول لِلسِّتَّةِ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ تَعَارُفِ الْحَلِفِ بِهَا، فَإِنْ تُعُورِفَ الْحَلِفُ بِبَعْضِهَا لَمْ تَشْمَل مَا سِوَاهُ. (3)</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى تَحْرِيمِ تَحْلِيفِ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ أَوِ الْعَتَاقِ أَوِ النَّذْرِ. قَال الشَّافِعِيُّ: وَمَتَى بَلَغَ الإِْمَامَ أَنَّ قَاضِيًا يَسْتَحْلِفُ النَّاسَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَذْرٍ عَزَلَهُ عَنِ الْحُكْمِ؛ لأَِنَّهُ جَاهِلٌ.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَلْزَمُ بِالْحَلِفِ بِأَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ ظِهَارٌ وَطَلَاقٌ وَعَتَاقٌ وَنَذْرٌ وَيَمِينٌ بِاللَّهِ تَعَالَى مَعَ النِّيَّةِ. كَمَا لَوْ حَلَفَ بِكُلٍّ مِنْهَا عَلَى انْفِرَادٍ. وَلَوْ حَلَفَ بِأَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى نِيَّةِ بَعْضِ مَا ذُكِرَ تَقَيَّدَ حَلِفُهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مجموع الفتاوى لابن تيمية 35 / 243، 244، وإعلام الموقعين 3 / 86 - 88.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مطالب أولي النهى 6 / 373.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الصغير بحاشية الصاوي 1 / 336.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥١)</span><hr/></div>بِهِ، وَلَوْ حَلَفَ بِهَا وَأَطْلَقَ بِأَنْ لَمْ يَنْوِ كُلَّهَا وَلَا بَعْضَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَنْوِ بِلَفْظِهِ مَا يَحْتَمِلُهُ فَلَمْ تَكُنْ يَمِينًا. (1)</p> </p>ز -‌<span class="title">‌ أَيْمَانُ الإِْثْبَاتِ وَالإِْنْكَارِ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> يَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ فِي مَبْحَثِ الدَّعْوَى أَيْمَانًا لِلإِْثْبَاتِ وَالإِْنْكَارِ.</p>(مِنْهَا) : الْيَمِينُ الْمُنْضَمَّةُ، وَيَصِحُّ تَسْمِيَتُهَا بِالْيَمِينِ الْمُتَمِّمَةِ، وَهِيَ الَّتِي تُضَمُّ إِلَى شَهَادَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ، أَوْ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ لإِِثْبَاتِ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ.</p>(وَمِنْهَا) : يَمِينُ الْمُنْكِرِ بِكَسْرِ الْكَافِ، أَوْ يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَصُورَتُهَا: أَنْ يَدَّعِيَ إِنْسَانٌ عَلَى غَيْرِهِ بِشَيْءٍ، وَلَا يَجِدُ بَيِّنَةً، فَيُبَيِّنُ لَهُ الْقَاضِي أَنَّ لَهُ الْحَقَّ فِي طَلَبِ الْيَمِينِ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا دَامَ مُنْكِرًا، فَيَأْمُرُهُ الْقَاضِي أَنْ يَحْلِفَ، فَإِذَا حَلَفَ سَقَطَتِ الدَّعْوَى.</p>(وَمِنْهَا) : يَمِينُ الرَّدِّ، وَصُورَتُهَا: أَنْ يَمْتَنِعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْحَالَةِ السَّابِقِ ذِكْرُهَا عَنِ الْيَمِينِ، فَيَرُدُّهَا الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعِي، فَيَحْلِفُ عَلَى دَعْوَاهُ، وَيَسْتَحِقُّ مَا ادَّعَاهُ.</p>(وَمِنْهَا) : يَمِينُ الاِسْتِظْهَارِ، وَصُورَتُهَا: أَنْ يَتْرُكَ الْمَيِّتُ أَمْوَالاً فِي أَيْدِي الْوَرَثَةِ، فَيَدَّعِي إِنْسَانٌ حَقًّا عَلَى هَذَا الْمَيِّتِ، فَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ لَا تَثْبُتُ الدَّعْوَى فِي مُوَاجَهَةِ الْوَرَثَةِ بِالْبَيِّنَةِ فَقَطْ، بَل لَا بُدَّ مِنْ ضَمِّ الْيَمِينِ مِنَ الْمُدَّعِي، وَقَدْ تَجِبُ يَمِينُ الاِسْتِظْهَارِ فِي مَسَائِل أُخْرَى.</p>وَلِبَيَانِ كُل مَا سَبَقَ تَفْصِيلاً (ر: إِثْبَاتٌ وَدَعْوَى) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مطالب أولي النهى 6 / 373، ومغني المحتاج 4 / 473.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌إِنْشَاءُ الْيَمِينِ وَشَرَائِطُهَا</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> تَقَدَّمَ أَنَّ الْيَمِينَ تَنْقَسِمُ مِنْ حَيْثُ صِيغَتُهَا إِلَى قَسَمٍ وَتَعْلِيقٍ، وَمِنْ هُنَا حَسُنَ تَقْسِيمُ الْكَلَامِ إِلَى قِسْمَيْنِ.</p> </p>‌<span class="title">‌إِنْشَاءُ الْقَسَمِ وَشَرَائِطُهُ</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> مَعْلُومٌ أَنَّ الإِْنْسَانَ إِذَا قَال: أُقْسِمُ بِاللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا، فَهَذِهِ الصِّيغَةُ تَحْتَوِي عَلَى جُمْلَتَيْنِ، أُولَاهُمَا: الْجُمْلَةُ الْمُكَوَّنَةُ مِنْ‌<span class="title">‌ فِعْل الْقَسَمِ </span>وَفَاعِلِهِ الضَّمِيرِ، وَحَرْفِ الْقَسَمِ وَهُوَ الْبَاءُ، وَالْمُقْسَمُ بِهِ وَهُوَ مَدْخُول الْبَاءِ.</p>وَثَانِيَتُهُمَا: الْجُمْلَةُ الْمُقْسَمُ عَلَيْهَا.</p>وَتَفْصِيل الْكَلَامِ عَلَى الْوَجْهِ الآْتِي.</p> </p>أ - فِعْل الْقَسَمِ:</p><font color=#ff0000>22 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ فِعْل الْقَسَمِ إِذَا ذُكِرَ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ أَوِ الْمَاضِي، كَأَقْسَمْتُ أَوْ حَلَفْتُ، أَوْ حُذِفَ وَذُكِرَ مَكَانَهُ الْمَصْدَرُ نَحْوَ: قَسَمًا أَوْ حَلِفًا بِاللَّهِ، أَوْ لَمْ يَذْكُرْ نَحْوَ: اللَّهِ أَوْ بِاللَّهِ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ يَمِينًا عِنْدَ الإِْطْلَاقِ. (1)</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا قَال: أَحْلِفُ أَوْ أُقْسِمُ أَوْ أَشْهَدُ أَوْ أَعْزِمُ، وَقَال بَعْدَ كُل وَاحِدٍ مِنْهَا: بِاللَّهِ، فَهِيَ يَمِينٌ. وَقَوْل الْقَائِل: عَزَمْتُ عَلَيْكَ بِاللَّهِ لَيْسَ بِيَمِينٍ، بِخِلَافِ: عَزَمْتُ بِاللَّهِ، أَوْ: أَعْزِمُ بِاللَّهِ كَمَا تَقَدَّمَ.</p>وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ التَّصْرِيحَ بِكَلِمَةِ (عَلَيْكَ) جَعْلُهُ غَيْرَ يَمِينٍ بِخِلَافِ (أُقْسِمُ) فَإِنَّهَا إِذَا زِيدَ بَعْدَهَا كَلِمَةُ عَلَيْكَ لَمْ تُخْرِجْهَا عَنْ كَوْنِهَا يَمِينًا؛ لأَِنَّ (أُقْسِمُ) صَرِيحٌ فِي الْيَمِينِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 5.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٢)</span><hr/></div>وَقَوْل الشَّخْصِ: يَعْلَمُ اللَّهُ، لَيْسَ بِيَمِينٍ، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ إِثْمُ الْكَذِبِ، وَلَا يَكُونُ كَافِرًا بِذَلِكَ، وَلَا بِقَوْلِهِ: أُشْهِدُ اللَّهَ، إِلَاّ إِنْ قَصَدَ أَنَّهُ عز وجل يَخْفَى عَلَيْهِ الْوَاقِعُ، وَلَا يَكُونُ الْقَسَمُ أَيْضًا بِقَوْلِهِ: اللَّهُ رَاعٍ، أَوْ حَفِيظٌ، أَوْ حَاشَا لِلَّهِ، (1) أَوْ مَعَاذَ اللَّهِ. (2)</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مَنْ قَال لِغَيْرِهِ: آلَيْتُ، أَوْ أَقْسَمْتُ، أَوْ أُقْسِمُ عَلَيْكَ بِاللَّهِ، أَوْ أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا، أَوْ لَا تَفْعَل كَذَا، أَوْ قَال: بِاللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا، أَوْ لَا تَفْعَل كَذَا، فَإِمَّا أَنْ يُرِيدَ يَمِينَ نَفْسِهِ أَوْ لَا:</p>فَإِنْ أَرَادَ يَمِينَ نَفْسِهِ فَيَمِينٌ؛ لِصَلَاحِيَّةِ اللَّفْظِ لَهَا مَعَ اشْتِهَارِهِ عَلَى أَلْسِنَةِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ.</p>وَإِنْ لَمْ يُرِدْ يَمِينَ نَفْسِهِ، بَل أَرَادَ الشَّفَاعَةَ، أَوْ يَمِينَ الْمُخَاطَبِ، أَوْ أَطْلَقَ لَمْ تَكُنْ يَمِينًا.</p>فَإِنْ قَال: وَاللَّهِ، أَوْ حَلَفْتُ عَلَيْكَ بِاللَّهِ كَانَ يَمِينًا عِنْدَ الإِْطْلَاقِ؛ لِعَدَمِ اشْتِهَارِهِ فِي الشَّفَاعَةِ أَوْ يَمِينِ الْمُخَاطَبِ.</p>وَإِنْ قَال: آلَيْتُ، أَوْ أَقْسَمْتُ، أَوْ أُقْسِمُ بِاللَّهِ، وَلَمْ يَقُل: عَلَيْكَ كَانَ يَمِينًا عِنْدَ الإِْطْلَاقِ أَيْضًا. (3)</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا قَال أَقْسَمْتُ، أَوْ أُقْسِمُ، أَوْ شَهِدْتُ، أَوْ أَشْهَدُ، أَوْ حَلَفْتُ، أَوْ أَحْلِفُ، أَوْ عَزَمْتُ، أَوْ أَعْزِمُ، أَوْ آلَيْتُ، أَوْ أُولِي، أَوْ قَسَمًا، أَوْ حَلِفًا، أَوْ أَلْيَةً، أَوْ شَهَادَةً، أَوْ يَمِينًا، أَوْ عَزِيمَةً، وَأَتْبَعَ كُلًّا مِنْ هَذِهِ الأَْلْفَاظِ بِقَوْلِهِ (بِاللَّهِ) مَثَلاً كَانَتْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) في القاموس " حاشا لله: معاذ الله ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الصغير بحاشية الصاوي 1 / 329، 230.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج 8 / 169، والتحفة بحاشية الشرواني 8 / 216، والبجيرمي على منهج الطلاب 4 / 316.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٣)</span><hr/></div>يَمِينًا، سَوَاءٌ أَنَوَى بِهَا إِنْشَاءَ الْيَمِينِ أَمْ أَطْلَقَ، فَإِنْ نَوَى بِالْفِعْل الْمَاضِي إِخْبَارًا عَنْ يَمِينٍ مَضَتْ، أَوْ بِالْمُضَارِعِ وَعْدًا بِيَمِينٍ مُسْتَقْبَلَةٍ، أَوْ نَوَى بِقَوْلِهِ: عَزَمْتُ وَأَعْزِمُ وَعَزِيمَةً: قَصَدْتُ أَوْ أَقْصِدُ أَوْ قَصْدًا، لَمْ يَكُنْ يَمِينًا يُقْبَل مِنْهُ ذَلِكَ.</p><font color=#ff0000>23 -</font> وَلَيْسَ مِنَ الْيَمِينِ قَوْلُهُ: أَسْتَعِينُ بِاللَّهِ، وَأَعْتَصِمُ بِاللَّهِ، وَأَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ، وَعِلْمُ اللَّهِ، وَعِزُّ اللَّهِ، وَتَبَارَكَ اللَّهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ وَلَوْ نَوَى الْيَمِينَ؛ لأَِنَّهَا لَا تَحْتَمِل الْيَمِينَ شَرْعًا وَلَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا.</p>وَلَوْ قَال: أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ لَمْ تَكُنِ الصِّيغَةُ يَمِينًا إِنْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ السُّؤَال أَوِ الإِْكْرَامَ أَوِ التَّوَدُّدَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ الْيَمِينَ فَإِنَّهَا تَكُونُ يَمِينًا. (1)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ حُرُوفُ الْقَسَمِ:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> هِيَ: الْبَاءُ وَالْوَاوُ وَالتَّاءُ. أَمَّا الْبَاءُ فَهِيَ الأَْصْل، وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يُذْكَرَ قَبْلَهَا فِعْل الْقَسَمِ، وَأَنْ يُحْذَفَ، وَيَجُوزُ أَنْ تَدْخُل عَلَى الظَّاهِرِ وَالْمُضْمَرِ، نَحْوَ: أُقْسِمُ بِك يَا رَبِّ لأََفْعَلَنَّ كَذَا. وَتَلِيهَا الْوَاوُ، وَهِيَ تَدْخُل عَلَى الظَّاهِرِ فَقَطْ، وَيُحْذَفُ مَعَهَا فِعْل الْقَسَمِ وُجُوبًا. وَتَلِيهَا التَّاءُ، وَلَا تَدْخُل إِلَاّ عَلَى لَفْظِ الْجَلَالَةِ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٍ عَنْ نَبِيِّهِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام {وَتَاللَّهِ لأََكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} (2) وَرُبَّمَا دَخَلَتْ عَلَى (رَبِّ) نَحْوَ: تَرَبِّي، وَتَرَبِّ الْكَعْبَةِ، وَيَجِبُ مَعَهَا حَذْفُ فِعْل الْقَسَمِ أَيْضًا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مطالب أولي النهى 6 / 360 - 361.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأنبياء / 57.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٣)</span><hr/></div>وَإِذَا وَجَبَ حَذْفُ الْفِعْل وَجَبَ حَذْفُ الْمَصَادِرِ أَيْضًا، نَحْوَ قَسَمًا.</p>وَيَقُومُ مَقَامَ بَاءِ الْقَسَمِ حُرُوفٌ أُخْرَى، وَهِيَ الْهَاءُ وَالْهَمْزَةُ وَاللَاّمُ.</p>أَمَّا الْهَاءُ فَمِثَالُهَا: هَا اللَّهِ، بِفَتْحِ الْهَاءِ مَمْدُودَةً وَمَقْصُورَةً مَعَ قَطْعِ هَمْزَةِ لَفْظِ الْجَلَالَةِ وَوَصْلِهَا، وَإِذَا وُصِلَتْ حُذِفَتْ.</p>وَأَمَّا الْهَمْزَةُ فَمِثَالُهَا: آللَّهُ، مَمْدُودَةً وَمَقْصُورَةً مَعَ وَصْل هَمْزَةِ لَفْظِ الْجَلَالَةِ، وَذَلِكَ بِأَنْ تُحْذَفَ.</p>وَأَمَّا اللَاّمُ، فَقَدْ أَفَادَ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ: أَنَّ مَنْ قَال (لِلَّهِ) بِلَامِ الْجَرِّ بَدَل الْبَاءِ كَانَتْ صِيغَتُهُ يَمِينًا.</p>وَلَا تُسْتَعْمَل اللَاّمُ إِلَاّ فِي قَسَمٍ مُتَضَمِّنٍ مَعْنَى التَّعَجُّبِ، كَقَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:" دَخَل آدَمُ الْجَنَّةَ فَلِلَّهِ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ حَتَّى خَرَجَ "(1) .</p>وَفِي مُغْنِي اللَّبِيبِ وَالْقَامُوسِ وَشَرْحِهِ مَا يُفِيدُ أَنَّ اللَاّمَ تُسْتَعْمَل لِلْقَسَمِ وَالتَّعَجُّبِ مَعًا، وَتَخْتَصُّ بِلَفْظِ الْجَلَالَةِ.</p>هَذَا مَا قَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَنَحْوُهُ بَقِيَّةُ الْمَذَاهِبِ. (2)</p>‌<span class="title">‌حَذْفُ حَرْفِ الْقَسَمِ:</span></p><font color=#ff0000>25 -</font> إِنْ لَمْ يَذْكُرِ الْحَالِفُ شَيْئًا مِنْ أَحْرُفِ الْقَسَمِ، بَل قَال: اللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا مَثَلاً، كَانَ يَمِينًا بِغَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى النِّيَّةِ سَوَاءٌ أَكَسَرَ الْهَاءَ عَلَى سَبِيل الْجَرِّ بِالْحَرْفِ الْمَحْذُوفِ، أَمْ فَتَحَهَا عَلَى سَبِيل نَزْعِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير بأسفل الهداية 4 / 11.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين على الدر المختار 3 / 58، والبدائع 3 / 5، والشرح الصغير 1 / 328، ونهاية المحتاج بشرح الشبراملسي 8 / 168، ومطالب أولي النهى 6 / 360 - 362.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٤)</span><hr/></div>الْخَافِضِ، أَمْ ضَمَّهَا عَلَى سَبِيل الرَّفْعِ بِالاِبْتِدَاءِ، وَيَكُونُ الْخَبَرُ مَحْذُوفًا وَتَقْدِيرُهُ: قَسَمِي أَوْ أُقْسِمُ بِهِ، أَمْ سَكَّنَهَا إِجْرَاءً لِلْوَصْل مَجْرَى الْوَقْفِ.</p>وَبَقَاءُ الْجَرِّ عِنْدَ حَذْفِ الْحَرْفِ خَاصٌّ بِلَفْظِ الْجَلَالَةِ، فَلَا يَجُوزُ فِي الْعَرَبِيَّةِ أَنْ يُقَال: الرَّحْمَنِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا بِكَسْرِ النُّونِ. كَذَا قِيل. لَكِنِ الرَّاجِحُ أَنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلاً، وَأَيًّا مَا كَانَ فَاللَّحْنُ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْيَمِينِ.</p>هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ قَال: اللَّهِ، بِحَذْفِ حَرْفِ الْقَسَمِ. لَمْ يَكُنْ يَمِينًا إِلَاّ بِالنِّيَّةِ، سَوَاءٌ جَرَّ الاِسْمَ أَمْ نَصَبَهُ أَمْ رَفَعَهُ أَمْ سَكَنَّهُ.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَصِحُّ قَسَمٌ بِغَيْرِ حُرُوفِهِ، نَحْوَ: اللَّهِ لأََفْعَلَنَّ، جَرًّا وَنَصْبًا. فَإِنْ رُفِعَ فَيَمِينٌ أَيْضًا إِلَاّ إِذَا كَانَ الرَّافِعُ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ وَلَمْ يَنْوِ الْيَمِينَ، فَلَا يَكُونُ يَمِينًا لأَِنَّهُ إِمَّا مُبْتَدَأٌ أَوْ مَعْطُوفٌ (1) بِخِلَافِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ، فَلَوْ رَفَعَ كَانَ يَمِينًا لأَِنَّ اللَّحْنَ لَا يَضُرُّ. (2)</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ اللَّفْظُ الدَّال عَلَى الْمُقْسَمِ بِهِ:</span></p><font color=#ff0000>26 -</font> اللَّفْظُ الدَّال عَلَى الْمُقْسَمِ بِهِ: هُوَ مَا دَخَل عَلَيْهِ حَرْفُ الْقَسَمِ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ اسْمًا لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَةً لَهُ.</p>وَالْمَقْصُودُ بِالاِسْمِ: مَا دَل عَلَى الذَّاتِ الْمُتَّصِفَةِ بِجَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَال، وَهُوَ لَفْظُ الْجَلَالَةِ (اللَّهُ)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لعله يريد أنه خبر والمبتدأ محذوف.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 3 / 5، وحاشية ابن عابدين على الدر المختار 3 / 59، والشرح الصغير بحاشية الصاوي 1 / 328، ونهاية المحتاج 8 / 168، ومطالب أولي النهى 6 / 362.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٤)</span><hr/></div>وَكَذَلِكَ تَرْجَمَتُهُ بِجَمِيعِ اللُّغَاتِ، أَوْ عَلَى الذَّاتِ الْمُتَّصِفَةِ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى، سَوَاءٌ أَكَانَ مُخْتَصًّا بِهِ كَالرَّحْمَنِ، وَرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَخَالِقِ السَّمَوَاتِ وَالأَْرْضِ، وَالأَْوَّل بِلَا بِدَايَةٍ، وَالآْخِرِ بِلَا نِهَايَةٍ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، وَالَّذِي بَعَثَ الأَْنْبِيَاءَ بِالْحَقِّ، وَمَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. أَمْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ كَالرَّحِيمِ وَالْعَظِيمِ وَالْقَادِرِ وَالرَّبِّ وَالْمَوْلَى وَالرَّازِقِ وَالْخَالِقِ وَالْقَوِيِّ وَالسَّيِّدِ، فَهَذِهِ الأَْسْمَاءُ قَدْ تُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهِ تَعَالَى، قَال تَعَالَى فِي وَصْفِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (1) وَقَال عز وجل فِي حِكَايَةِ مَا قَالَهُ الْهُدْهُدُ لِسُلَيْمَانَ عليه السلام وَصْفًا لِمَلَكَةِ سَبَأٍ {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} (2) . وَقَال سُبْحَانَهُ فِي وَصْفِ أَهْل الْحَدِيقَةِ الَّذِينَ عَزَمُوا عَلَى الْبُخْل بِثَمَرِهَا {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} (3) وَمَعْنَى الْحَرْدِ: الْمَنْعُ، وَالْمُرَادُ مَنْعُ الْمَسَاكِينِ، وَقَال تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ قَوْل يُوسُفَ عليه السلام لأَِحَدِ صَاحِبَيْهِ فِي السِّجْنِ:{اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} (4) وَقَال عز وجل مُخَاطِبًا لِزَوْجَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيل وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} (5) وَقَال جَل شَأْنُهُ مُخَاطِبًا لِمَنْ يَقْسِمُونَ الْمِيرَاثَ {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} (6)</p>وَقَال سُبْحَانَهُ مُخَاطِبًا لِعِيسَى عليه السلام {وَإِذْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة التوبة / 128.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النمل / 23.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة القلم / 25.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة يوسف / 43.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة التحريم / 4.</p><font color=#ff0000>(6)</font> سورة النساء / 8</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٥)</span><hr/></div>تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي} (1)، وَقَال تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ قَوْل إِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ لأَِبِيهَا عَنْ مُوسَى عليه السلام {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَْمِينُ} (2) وَقَال سبحانه وتعالى:{وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} (3)</p><font color=#ff0000>27 -</font> (وَالْمَقْصُودُ بِالصِّفَةِ) : اللَّفْظُ الدَّال عَلَى مَعْنًى تَصِحُّ نِسْبَتُهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، سَوَاءٌ كَانَ صِفَةَ ذَاتٍ أَمْ صِفَةَ فِعْلٍ.</p>وَصِفَةُ الذَّاتِ هِيَ: الَّتِي يَتَّصِفُ سبحانه وتعالى بِهَا لَا بِضِدِّهَا كَوُجُودِهِ.</p>وَصِفَةُ الْفِعْل هِيَ: الَّتِي يَتَّصِفُ اللَّهُ عز وجل بِهَا وَبِضِدِّهَا بِاعْتِبَارِ مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ، كَرَحْمَتِهِ وَعَذَابِهِ.</p><font color=#ff0000>28 -</font> وَلَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِكُل اسْمٍ لَهُ تَعَالَى أَوْ صِفَةٍ لَهُ عَلَى الإِْطْلَاقِ، بَل ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِشَرَائِطَ مُفَصَّلَةٍ تَخْتَلِفُ فِيهَا الْمَذَاهِبُ.</p>فَالْحَنَفِيَّةُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ، أَرْجَحُهَا: أَنَّ الاِسْمَ يَجُوزُ الإِْقْسَامُ بِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُخْتَصًّا أَمْ مُشْتَرَكًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْحَلِفُ بِهِ مُتَعَارَفًا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَنَوَى بِهِ اللَّهَ تَعَالَى أَمْ لَا. لَكِنْ لَوْ نَوَى بِالاِسْمِ الْمُشْتَرَكِ غَيْرَ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا، وَإِذَا كَانَ الاِسْمُ غَيْرَ وَارِدٍ فِي الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا إِلَاّ إِذَا تُعُورِفَ الْحَلِفُ بِهِ، أَوْ نَوَى بِهِ اللَّهَ تَعَالَى. وَأَمَّا الصِّفَةُ فَلَا يَصِحُّ الإِْقْسَامُ بِهَا إِلَاّ إِذَا كَانَتْ مُخْتَصَّةً بِصِفَتِهِ تَعَالَى، سَوَاءٌ أَكَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة / 110.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة القصص / 26.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة يوسف / 25.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٥)</span><hr/></div>الْحَلِفُ بِهَا مُتَعَارَفًا أَمْ لَا، أَوْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ صِفَتِهِ تَعَالَى وَغَيْرِهَا وَتُعُورِفَ الْحَلِفُ بِهَا، وَسَوَاءٌ فِي الصِّفَةِ كَوْنُهَا صِفَةَ ذَاتٍ وَكَوْنُهَا صِفَةَ فِعْلٍ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَتِهِ الذَّاتِيَّةِ الْمُخْتَصَّةِ. وَأَمَّا الْمُشْتَرَكَةُ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ بِهَا مَا لَمْ يُرِدْ بِهَا غَيْرَ صِفَتِهِ تَعَالَى. وَأَمَّا صِفَةُ الْفِعْل فَفِي الاِنْعِقَادِ بِهَا خِلَافٌ.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُخْتَصِّ بِهِ إِنْ أَرَادَ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ أَطْلَقَ، فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَهُ لَمْ يُقْبَل ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا عِنْدَهُمْ.</p>وَتَنْعَقِدُ أَيْضًا بِاسْمِهِ الَّذِي يَغْلِبُ إِطْلَاقُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَاّ مُقَيَّدًا كَالرَّبِّ، وَهَذَا إِنْ أَرَادَ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ أَطْلَقَ، فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَهُ قُبِل ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا. وَتَنْعَقِدُ أَيْضًا بِالاِسْمِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي لَا يَغْلِبُ إِطْلَاقُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى كَالْحَيِّ وَالسَّمِيعِ، وَكَذَا بِاللَّفْظِ الَّذِي يَشْمَلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ اسْمًا لَهُ تَعَالَى كَالشَّيْءِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِهَا بِهَذَا النَّوْعِ أَنْ يُرِيدَ الْحَالِفُ اللَّهَ تَعَالَى، فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَهُ أَوْ أَطْلَقَ لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ.</p>وَلَمْ يُفَصِّل الْحَنَابِلَةُ فِي ذَلِكَ، بَل قَالُوا: إِنَّ الصِّفَةَ الْمُضَافَةَ تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهَا، أَمَّا غَيْرُ الْمُضَافَةِ - كَأَنْ يُقَال: وَالْعِزَّةُ - فَلَا تَنْعَقِدُ بِهَا إِلَاّ بِإِرَادَةِ صِفَتِهِ تَعَالَى.</p><font color=#ff0000>29 -</font> وَأَمَّا الاِسْمُ الَّذِي لَا يُعَدُّ مِنْ أَسْمَائِهِ، وَلَا يَصِحُّ إِطْلَاقُهُ عَلَيْهِ فَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ، وَلَوْ أُرِيدَ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى، وَمَثَّل لَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِقَوْل بَعْضِ الْعَوَّامِ (وَالْجَنَابِ الرَّفِيعِ) فَالْجَنَابُ لِلإِْنْسَانِ فِنَاءُ دَارِهِ، وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَالنِّيَّةُ لَا تُؤَثِّرُ مَعَ الاِسْتِحَالَةِ.</p>أَمَّا صِفَةُ الْفِعْل، فَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِعَدَمِ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٦)</span><hr/></div>انْعِقَادِ الْيَمِينِ بِهَا، وَسَكَتَ الْحَنَابِلَةُ عَنْهَا، وَأَطْلَقُوا انْعِقَادَ الْيَمِينِ بِصِفَتِهِ تَعَالَى الْمُضَافَةِ إِلَيْهِ، وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهَا تَنْعَقِدُ عِنْدَهُمْ بِصِفَتِهِ الْفِعْلِيَّةِ. (1)</p>‌<span class="title">‌الْحَلِفُ بِالْقُرْآنِ وَالْحَقِّ</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْحَلِفُ بِالْقُرْآنِ أَوِ الْمُصْحَفِ:</span></p><font color=#ff0000>30 -</font> الْمُعْتَمَدُ فِي مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ الْحَلِفَ بِالْقُرْآنِ يَمِينٌ؛ لأَِنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي هُوَ صِفَتُهُ الذَّاتِيَّةُ، وَقَدْ تَعَارَفَ النَّاسُ الْحَلِفَ بِهِ، وَالأَْيْمَانُ تُبْنَى عَلَى الْعُرْفِ.</p>أَمَّا الْحَلِفُ بِالْمُصْحَفِ، فَإِنْ قَال الْحَالِفُ: أُقْسِمُ بِمَا فِي هَذَا الْمُصْحَفِ فَإِنَّهُ يَكُونُ يَمِينًا. أَمَّا لَوْ قَال: أُقْسِمُ بِالْمُصْحَفِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا؛ لأَِنَّ الْمُصْحَفَ لَيْسَ صِفَةً لِلَّهِ تَعَالَى، إِذْ هُوَ الْوَرَقُ وَالْجِلْدُ، فَإِنْ أَرَادَ مَا فِيهِ كَانَ يَمِينًا لِلْعُرْفِ (2) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَنْعَقِدُ الْقَسَمُ بِالْقُرْآنِ وَبِالْمُصْحَفِ، وَبِسُورَةِ الْبَقَرَةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَبِآيَةِ الْكُرْسِيِّ أَوْ غَيْرِهَا، وَبِالتَّوْرَاةِ وَبِالإِْنْجِيل وَبِالزَّبُورِ؛ لأَِنَّ كُل ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى كَلَامِهِ تَعَالَى الَّذِي هُوَ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ، لَكِنْ لَوْ أَرَادَ بِالْمُصْحَفِ النُّقُوشَ وَالْوَرَقَ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا. (3)</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَالتَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيل مَا لَمْ يُرِدِ الأَْلْفَاظَ، وَبِالْقُرْآنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 6، وابن عابدين 3 / 52، وحاشية الصاوي على الشرح الصغير 1 / 329، 330، ونهاية المحتاج 8 / 164، 165، ومطالب أولي النهى 6 / 358 - 361.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 3 / 10، وحاشية ابن عابدين 3 / 52، والبدائع 3 / 8، 9.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الصغير بحاشية الصاوي 1 / 329 - 330.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٦)</span><hr/></div>وَبِالْمُصْحَفِ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ وَرَقَهُ وَجِلْدَهُ؛ لأَِنَّهُ عِنْدَ الإِْطْلَاقِ لَا يَنْصَرِفُ عُرْفًا إِلَاّ لِمَا فِيهِ مِنَ الْقُرْآنِ. (1)</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: الْحَلِفُ بِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُصْحَفِ وَالْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيل وَالزَّبُورِ يَمِينٌ، وَكَذَا الْحَلِفُ بِسُورَةٍ أَوْ آيَةٍ. (2)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْحَلِفُ بِالْحَقِّ، أَوْ حَقِّ اللَّهِ:</span></p><font color=#ff0000>31 -</font> لَا شَكَّ أَنَّ الْحَقَّ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْوَارِدَةِ فِي الْكِتَابِ الْكَرِيمِ وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الأَْسْمَاءِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ، وَقَدْ مَثَّل بِهِ الشَّافِعِيَّةُ لِلأَْسْمَاءِ الَّتِي تَنْصَرِفُ عِنْدَ الإِْطْلَاقِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا تَنْصَرِفُ إِلَى غَيْرِهِ إِلَاّ بِالتَّقْيِيدِ، فَعَلَى هَذَا مَنْ قَال: وَالْحَقِّ لأََفْعَلَنَّ كَذَا، إِنْ أَرَادَ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ أَطْلَقَ كَانَ يَمِينًا بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ أَرَادَ الْعَدْل أَوْ أَرَادَ شَيْئًا مَا مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي تَكُونُ لِلإِْنْسَانِ عَلَى الإِْنْسَانِ قُبِل مِنْهُ ذَلِكَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.</p><font color=#ff0000>32 -</font> وَأَمَّا (حَقٌّ) الْمُضَافُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ إِلَى اسْمٍ أَوْ صِفَةٍ مِنَ الأَْسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ الَّتِي تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهَا فَفِيهِ خِلَافٌ.</p>فَالْحَنَفِيَّةُ نَقَلُوا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَنْ قَال:(وَحَقِّ اللَّهِ) يَكُنْ يَمِينًا. وَوَجَّهَهُ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ بِأَنَّ حَقَّهُ تَعَالَى هُوَ الطَّاعَاتُ وَالْعِبَادَاتُ، فَلَيْسَ اسْمًا وَلَا صِفَةً لِلَّهِ عز وجل.</p>وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ يَمِينٌ؛ لأَِنَّ الْحَقَّ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى، وَهُوَ حَقِيقَةٌ، فَكَأَنَّ الْحَالِفَ قَال: وَاللَّهِ الْحَقِّ، وَالْحَلِفُ بِهِ مُتَعَارَفٌ. وَاخْتَارَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 8 / 167.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مطالب أولي النهى 6 / 361.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٧)</span><hr/></div>صَاحِبُ الاِخْتِيَارِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَتَبِعَهُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يَنْعَقِدُ الْقَسَمُ بِحَقِّ اللَّهِ، وَمَرْجِعُهُ إِلَى الْعَظَمَةِ وَالأُْلُوهِيَّةِ، فَإِنْ قَصَدَ الْحَالِفُ بِهِ الْحَقَّ الَّذِي عَلَى الْعِبَادِ مِنَ التَّكَالِيفِ وَالْعِبَادَةِ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌حَذْفُ الْمُقْسَمِ بِهِ</span></p><font color=#ff0000>33 -</font> إِذَا لَمْ يَذْكُرِ الْحَالِفُ الْمُقْسَمَ بِهِ بَل قَال: أُقْسِمُ، أَوْ أَحْلِفُ، أَوْ أَشْهَدُ، أَوْ أَعْزِمُ لأََفْعَلَنَّ كَذَا، أَوْ آلَيْتُ لَا أَفْعَل كَذَا كَانَ يَمِينًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَوْ حَذَفَ الْحَالِفُ قَوْلَهُ (بِاللَّهِ) بَعْدَ قَوْلِهِ أَحْلِفُ أَوْ أُقْسِمُ أَوْ أَشْهَدُ كَانَ يَمِينًا إِنْ نَوَاهُ - أَيْ نَوَى الْحَلِفَ بِاللَّهِ - بِخِلَافِ مَا لَوْ حَذَفَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ أَعْزِمُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا وَإِنْ نَوَاهُ.</p>وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الْفِعْل وَالأَْفْعَال الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ، أَنَّ الْعَزْمَ مَعْنَاهُ الأَْصْلِيُّ الْقَصْدُ وَالاِهْتِمَامُ، فَلَا يَكُونُ بِمَعْنَى الْقَسَمِ إِلَاّ إِذَا ذُكِرَ بَعْدَهُ الْمُقْسَمُ بِهِ، بِأَنْ يَقُول (بِاللَّهِ) ، مَثَلاً، بِخِلَافِ الأَْفْعَال الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ، فَإِنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلْقَسَمِ فَيَكْفِي فِيهَا أَنْ يَنْوِيَ الْمُقْسِمَ بِهِ عِنْدَ حَذْفِهِ.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ حَذَفَ الْمُتَكَلِّمُ الْمَحْلُوفَ بِهِ لَمْ تَكُنِ الصِّيغَةُ يَمِينًا وَلَوْ نَوَى الْيَمِينَ بِاللَّهِ، سَوَاءٌ ذَكَرَ فِعْل الْقَسَمِ أَمْ حَذَفَهُ.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَوْ حَذَفَ الْحَالِفُ قَوْلَهُ (بِاللَّهِ) مَثَلاً بَعْدَ نُطْقِهِ بِالْفِعْل أَوِ الاِسْمِ الدَّال عَلَى الْقَسَمِ، نَحْوَ: قَسَمًا، لَمْ تَكُنِ الصِّيغَةُ يَمِينًا، إِلَاّ إِذَا نَوَى الْحَلِفَ بِاللَّهِ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المراجع السابقة في جميع المذاهب.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 3 / 7، والشرح الصغير 1 / 329، 330، ونهاية المحتاج 8 / 169، والتحفة بحاشية الشرواني 8 / 214، ومطالب أولي النهى 6 / 360.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌اللَّفْظُ الدَّال عَلَى الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ</span></p><font color=#ff0000>34 -</font> اللَّفْظُ الدَّال عَلَى الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ هُوَ الْجُمْلَةُ الَّتِي يُرِيدُ الْحَالِفُ تَحْقِيقَ مَضْمُونِهَا مِنْ إِثْبَاتٍ أَوْ نَفْيٍ، وَتُسَمَّى جَوَابَ الْقَسَمِ.</p>وَيَجِبُ فِي الْعَرَبِيَّةِ تَأْكِيدُ الإِْثْبَاتِ بِاللَاّمِ مَعَ نُونِ التَّوْكِيدِ إِنْ كَانَ الْفِعْل مُضَارِعًا، (1) وَبِاللَاّمِ مَعَ قَدْ إِنْ كَانَ مَاضِيًا. (2) يُقَال: وَاللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا، أَوْ لَقَدْ فَعَلْتُ كَذَا. وَأَمَّا النَّفْيُ فَلَا يُؤَكَّدُ فِيهِ الْفِعْل، بَل يُقَال: وَاللَّهِ لَا أَفْعَل كَذَا، أَوْ مَا فَعَلْتُ كَذَا. (3)</p>فَإِذَا وَرَدَ فِعْلٌ مُضَارِعٌ مُثْبَتٌ لَيْسَ فِيهِ لَامٌ وَلَا نُونُ تَوْكِيدٍ اعْتُبِرَ مَنْفِيًّا بِحَرْفٍ مَحْذُوفٍ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} (4) أَيْ: لَا تَفْتَأُ.</p>وَعَلَى هَذَا لَوْ قَال إِنْسَانٌ: وَاللَّهِ أُكَلِّمُ فُلَانًا الْيَوْمَ، كَانَ حَالِفًا عَلَى نَفْيِ تَكْلِيمِهِ، فَيَحْنَثُ إِذَا كَلَّمَهُ؛ لأَِنَّ الْفِعْل لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَامٌ وَلَا نُونُ تَوْكِيدٍ قُدِّرَتْ قَبْلَهُ (لَا) النَّافِيَةُ.</p>هَذَا إِذَا لَمْ يَتَعَارَفِ النَّاسُ خِلَافَهُ، فَإِنْ تَعَارَفُوا أَنَّ مِثْل ذَلِكَ يَكُونُ إِثْبَاتًا، كَانَ حَالِفًا عَلَى الإِْثْبَاتِ وَإِنْ كَانَ خَطَأً فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ. هَكَذَا يُؤْخَذُ مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) هذا إذا كان مستقبلا، فإن كان حاضرا أتى باللام من غير نون التوكيد نحو: أقسم بالله لأبغض كل منافق.</p><font color=#ff0000>(2)</font> وقد يؤتى باللام وحدها نحو: أقسم بالله لفعلت كذا.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فإن قيل: لا فعلت كان الماضي بمعنى المضارع، أي للنفي في المستقبل.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة يوسف / 85.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٨)</span><hr/></div>وَلَا نَظُنُّ أَنَّهُ مَحَل خِلَافٍ، فَإِنَّهُ مِنَ الْوُضُوحِ بِمَكَانٍ. (1)</p>‌<span class="title">‌الصِّيَغُ الْخَالِيَةُ مِنْ أَدَاةِ الْقَسَمِ وَالْمُقْسَمِ بِهِ</span></p><font color=#ff0000>35 -</font> قَدْ يَأْتِي الْحَالِفُ بِصِيَغٍ خَالِيَةٍ مِنْ أَدَاةِ الْقَسَمِ وَمِنِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَتِهِ، أَوْ خَالِيَةٍ مِنَ الأَْدَاةِ وَحْدَهَا، وَتُعْتَبَرُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَيْمَانًا كَالْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى.</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ لَعَمْرُ اللَّهِ:</span></p><font color=#ff0000>36 -</font> إِذَا قِيل: لَعَمْرُ اللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا، كَانَ هَذَا قَسَمًا مُكَوَّنًا مِنْ مُبْتَدَأٍ مَذْكُورٍ وَخَبَرٍ مُقَدَّرٍ، وَالتَّقْدِيرُ: لَعَمْرُ اللَّهِ قَسَمِي، أَوْ يَمِينِي، أَوْ أَحْلِفُ بِهِ. وَهِيَ فِي قُوَّةِ قَوْلِكَ: وَعَمْرُ اللَّهِ، أَيْ بَقَائِهِ، هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. (2)</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ كِنَايَةٌ؛ لأَِنَّ الْعُمْرَ يُطْلَقُ عَلَى الْحَيَاةِ وَالْبَقَاءِ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الدِّينِ وَهُوَ الْعِبَادَاتُ، فَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: وَحَيَاةِ اللَّهِ وَبَقَائِهِ، أَوْ دِينِهِ، فَيَكُونُ يَمِينًا عَلَى الاِحْتِمَالَيْنِ الأَْوَّلَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ، فَلَا بُدَّ مِنَ النِّيَّةِ. (3)</p>ب -‌<span class="title">‌ وَأَيْمَنُ اللَّهِ:</span></p><font color=#ff0000>37 -</font> جَاءَ هَذَا الاِسْمُ فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ (4) وَغَيْرِهِمْ مَسْبُوقًا بِالْوَاوِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَاوَ لِلْقَسَمِ، وَيَكُونُ إِقْسَامًا بِبَرَكَتِهِ تَعَالَى أَوْ قُوَّتِهِ، وَجَاءَ فِي كُتُبِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين على الدر المختار 3 / 59، والتوضيح للزهري 2 / 203.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 3 / 9، وابن عابدين 3 / 55، ومطالب أولي النهى 6 / 360، 374، والحطاب 3 / 261.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج 8 / 169.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البدائع 3 / 9، وابن عابدين 3 / 55، والشرح الصغير 1 / 230، 329.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٨)</span><hr/></div>الْحَنَابِلَةِ (1) مَسْبُوقًا بِالْوَاوِ أَيْضًا مَعَ تَصْرِيحِ بَعْضِهِمْ بِأَنَّ نُونَهُ مَضْمُومَةٌ وَأَنَّهُ مُبْتَدَأٌ.</p>وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجُمْلَةَ قَسَمٌ فَقَطْ، فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا حُكْمٌ إِلَاّ إِذَا جِيءَ بَعْدَهَا بِجُمْلَةِ الْجَوَابِ، مِثْل لأََفْعَلَنَّ كَذَا.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ عَلَيَّ نَذْرٌ، أَوْ نَذْرٌ لِلَّهِ:</span></p><font color=#ff0000>38 -</font> قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا قَال قَائِلٌ: عَلَيَّ نَذْرٌ، أَوْ نَذْرُ اللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا، أَوْ لَا أَفْعَل كَذَا، كَانَ ذَلِكَ يَمِينًا، فَإِذَا لَمْ يُوَفِّ بِمَا ذَكَرَهُ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.</p>وَلَوْ قَال: عَلَيَّ نَذْرٌ، أَوْ نَذْرٌ لِلَّهِ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ نَوَى بِالنَّذْرِ قُرْبَةً مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لَزِمَتْهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا كَانَ نَذْرًا لِكَفَّارَةِ الْيَمِينِ، كَأَنَّهُ قَال: عَلَيَّ نَذْرٌ لِلَّهِ أَنْ أُؤَدِّيَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ، فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْيَمِينِ الَّتِي حَنِثَ فِيهَا صَاحِبُهَا؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: النَّذْرُ يَمِينٌ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ (2) هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ. (3)</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: تَلْزَمُ كَفَّارَةٌ فِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ. وَلَهُ أَرْبَعُ صُوَرٍ (الأُْولَى) عَلَيَّ نَذْرٌ (الثَّانِيَةُ) لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ (الثَّالِثَةُ) إِنْ فَعَلْتُ كَذَا أَوْ إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ نَذْرٌ (الرَّابِعَةُ) إِنْ فَعَلْتُ كَذَا أَوْ إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ، فَفِي الصُّورَتَيْنِ الأُْولَيَيْنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مطالب أولي النهى 6 / 359.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" النذر يمين. . . " رواه أحمد في مسنده (4 / 149) والطبراني في الكبير عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الحافظ العراقي: إنه حديث حسن (فيض القدير شرح الجامع الصغير 6 / 298) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 3 / 7، وحاشية ابن عابدين على الدر المختار 3 / 55.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٩)</span><hr/></div>تَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ بِمُجَرَّدِ النُّطْقِ، وَفِي الصُّورَتَيْنِ الأُْخْرَيَيْنِ تَلْزَمُ الْكَفَّارَةَ بِحُصُول الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْقَصْدُ الاِمْتِنَاعَ أَمِ الشُّكْرَ. (1)</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مَنْ قَال: عَلَيَّ نَذْرٌ، أَوْ إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ نَذْرٌ، لَزِمَتْهُ قُرْبَةٌ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ، وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ مَا شَاءَ مِنَ الْقُرَبِ، كَتَسْبِيحٍ وَتَكْبِيرٍ وَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ. وَمَنْ قَال: إِنْ كَلَّمْتُ زَيْدًا فَعَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ فَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ، يُخَيَّرُ بَيْنَ الْقُرْبَةِ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ، فَإِنِ اخْتَارَ الْقُرْبَةَ فَلَهُ اخْتِيَارُ مَا شَاءَ مِنَ الْقُرَبِ، وَإِنِ اخْتَارَ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ كَفَّرَ بِمَا يَجِبُ فِي الْيَمِينِ الَّتِي حَنِثَ صَاحِبُهَا فِيهَا.</p>وَمَنْ قَال: إِنْ كَلَّمْتُ زَيْدًا فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ نَذْرٍ، كَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحِنْثِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَالصِّيغَةُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الأَْمْثِلَةِ صِيغَةُ نَذْرٍ وَلَيْسَتْ صِيغَةَ يَمِينٍ، إِلَاّ الصِّيغَةَ الَّتِي فِيهَا (إِنْ كَلَّمْتُ زَيْدًا. . . إِلَخْ) فَيَجُوزُ تَسْمِيَتُهَا يَمِينًا؛ لأَِنَّهَا مِنْ نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ. (2)</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَنْ قَال: عَلَيَّ نَذْرٌ إِنْ فَعَلْتُ كَذَا، وَفَعَلَهُ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الأَْرْجَحِ، وَقِيل: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَقِيل: إِنْ نَوَى الْيَمِينَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِلَاّ فَلَا، وَلَوْ قَال: لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ بِشَيْءٍ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَيْضًا فِي الأَْرْجَحِ. (3)</p> </p>د -‌<span class="title">‌ عَلَيَّ يَمِينٌ، أَوْ يَمِينُ اللَّهِ:</span></p><font color=#ff0000>39 -</font> قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا قَال: عَلَيَّ يَمِينٌ، أَوْ يَمِينُ اللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا، أَوْ لَا أَفْعَل كَذَا، فَهَاتَانِ الصِّيغَتَانِ مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أقرب المسالك 1 / 332.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 8 / 208، 209.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مطالب أولي النهى 6 / 374، والإنصاف 11 / 38 - 39، 119.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٩)</span><hr/></div>الأَْيْمَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالصَّاحِبَيْنِ، وَقَال زُفَرُ: لَوْ قَال: عَلَيَّ يَمِينٌ وَلَمْ يُضِفْهُ لِلَّهِ تَعَالَى، لَمْ يَكُنْ يَمِينًا عِنْدَ الإِْطْلَاقِ.</p>وَوَجْهُهُ: أَنَّ الْيَمِينَ يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ اللَّهِ، فَلَا تُعْتَبَرُ الصِّيغَةُ يَمِينًا بِاللَّهِ إِلَاّ بِالنِّيَّةِ.</p>وَيُسْتَدَل لأَِبِي حَنِيفَةَ وَالصَّاحِبَيْنِ بِأَنَّ إِطْلَاقَ الْيَمِينِ يَنْصَرِفُ إِلَى الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى، إِذْ هِيَ الْجَائِزَةُ شَرْعًا، هَذَا إِذَا ذَكَرَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ.</p>فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ، بَل قَال الْحَالِفُ: عَلَيَّ يَمِينٌ، أَوْ يَمِينُ اللَّهِ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَأَرَادَ إِنْشَاءَ الاِلْتِزَامِ لَا الإِْخْبَارَ بِالْتِزَامٍ سَابِقٍ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ تُعْتَبَرُ مِنْ صِيَغِ النَّذْرِ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ النَّذْرَ الْمُطْلَقَ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ الْمَنْذُورُ يُعْتَبَرُ نَذْرًا لِلْكَفَّارَةِ، فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْيَمِينِ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الْتِزَامَ الْيَمِينِ لَهُ أَرْبَعُ صِيَغٍ كَالنَّذْرِ الْمُبْهَمِ، وَأَمْثِلَتُهَا: عَلَيَّ يَمِينٌ، وَلِلَّهِ عَلَيَّ يَمِينٌ، وَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ كَلَّمْتُ زَيْدًا فَعَلَيَّ يَمِينٌ، إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ إِنْ كَلَّمْتُ زَيْدًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ يَمِينٌ.</p>وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مُوجِبُ الْيَمِينِ، فَالْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ كَمَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ قَوْل الْقَائِل: عَلَيَّ يَمِينٌ، لَا يُعْتَبَرُ يَمِينًا سَوَاءٌ أَكَانَ مُطْلَقًا أَوْ مُعَلَّقًا؛ لأَِنَّهُ الْتِزَامٌ لِلْيَمِينِ أَيِ الْحَلِفِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ قُرْبَةً كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ فَهُوَ لَغْوٌ.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَنْ قَال: عَلَيَّ يَمِينٌ إِنْ فَعَلْتُ كَذَا، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُ لَغْوٌ، كَمَا يَقُول الشَّافِعِيَّةُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ كِنَايَةٌ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا إِلَاّ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٠)</span><hr/></div>بِالنِّيَّةِ، وَالثَّالِثُ وَهُوَ الأَْرْجَحُ: أَنَّهُ يَمِينٌ بِغَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى النِّيَّةِ. (1)</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ، أَوْ مِيثَاقُهُ، أَوْ ذِمَّتُهُ:</span></p><font color=#ff0000>40 -</font> قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا قِيل: عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ أَوْ ذِمَّةُ اللَّهِ أَوْ مِيثَاقُ اللَّهِ لَا أَفْعَل كَذَا مَثَلاً، فَهَذِهِ الصِّيَغُ مِنَ الأَْيْمَانِ؛ لأَِنَّ الْيَمِينَ بِاللَّهِ تَعَالَى هِيَ عَهْدُ اللَّهِ عَلَى تَحْقِيقِ الشَّيْءِ أَوْ نَفْيِهِ، قَال تَعَالَى:{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الأَْيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} (2) فَجَعَل الْعَهْدَ يَمِينًا، وَالذِّمَّةُ هِيَ الْعَهْدُ، وَمِنْ ذَلِكَ تَسْمِيَةُ الَّذِينَ تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ مِنَ الْكُفَّارِ: بِأَهْل الذِّمَّةِ، أَيْ أَهْل الْعَهْدِ، وَالْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ مِنَ الأَْسْمَاءِ الْمُتَرَادِفَةِ، وَإِذَنْ فَالْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، وَالتَّقْدِيرُ: عَلَيَّ مُوجِبُ عَهْدِ اللَّهِ وَمِيثَاقِهِ وَذِمَّتِهِ.</p>فَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ لَمْ يَذْكُرِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ فِي " عَلَيَّ يَمِينٌ " (3) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: مِنْ صِيَغِ الْيَمِينِ الصَّرِيحَةِ: عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ لَا أَفْعَل، أَوْ لأََفْعَلَنَّ كَذَا مَثَلاً فَتَجِبُ بِالْحِنْثِ كَفَّارَةٌ إِذَا نَوَى الْيَمِينَ، أَوْ أَطْلَقَ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْيَمِينَ بَل أُرِيدَ بِالْعَهْدِ التَّكَالِيفُ الَّتِي عَهِدَ بِهَا اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْعِبَادِ لَمْ تَكُنْ يَمِينًا.</p>وَزَادَ الْمَالِكِيَّةُ: أَنَّ قَوْل الْقَائِل: أُعَاهِدُ اللَّهَ، لَيْسَ بِيَمِينٍ عَلَى الأَْصَحِّ؛ لأَِنَّ الْمُعَاهَدَةَ مِنْ صِفَاتِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 9، وحاشية ابن عابدين على الدر المختار 3 / 55، وأقرب المسالك 1 / 332 - 333، ونهاية المحتاج 8 / 209، والإنصاف 11 / 38، ومطالب أولي النهى 6 / 374.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النحل / 91.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 3 / 9، وحاشية ابن عابدين على الدر المختار 3 / 55.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٠)</span><hr/></div>الإِْنْسَانِ لَا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: لَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ، أَوْ أُعْطِيكَ عَهْدًا.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مِنْ كِنَايَاتِ الْيَمِينِ: عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ أَوْ مِيثَاقُهُ أَوْ ذِمَّتُهُ أَوْ أَمَانَتُهُ أَوْ كَفَالَتُهُ لأََفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ لَا أَفْعَل كَذَا، فَلَا تَكُونُ يَمِينًا إِلَاّ بِالنِّيَّةِ؛ لأَِنَّهَا تَحْتَمِل غَيْرَ الْيَمِينِ احْتِمَالاً ظَاهِرًا. (1)</p> </p>و‌<span class="title">‌ عَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ:</span></p><font color=#ff0000>41 -</font> قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ الْقَائِل: عَلَيَّ يَمِينٌ، مَقْصُودُهُ: عَلَيَّ مُوجِبُ يَمِينٍ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ.</p>فَلَوْ قَال: عَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَنْ قَال: عَلَيَّ يَمِينٌ، وَقَدْ سَبَقَ (ر: ف 39) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: قَوْل الْقَائِل: عَلَيَّ كَفَّارَةٌ، كَقَوْلِهِ: عَلَيَّ نَذْرٌ، وَلَهُ صِيَغٌ أَرْبَعٌ كَصِيَغِ النَّذْرِ.</p>وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ قَال: عَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، حُكْمُهُ هُوَ هَذَا الْحُكْمُ بِعَيْنِهِ (ر: ف 39) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مَنْ قَال: عَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ مِنْ حِينِ النُّطْقِ عِنْدَ عَدَمِ التَّعْلِيقِ، فَإِنْ عَلَّقَ بِالشِّفَاءِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُحِبُّهُ، أَوْ بِتَكْلِيمِ زَيْدٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَكْرَهُهُ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ بِحُصُول الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ. (2)</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَنْ قَال: عَلَيَّ يَمِينٌ إِنْ فَعَلْتُ كَذَا، ثُمَّ فَعَلَهُ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا سَبَقَ.</p>وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ قَال: عَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير بحاشية الصاوي 1 / 329، 330، ومطالب أولي النهى 6 / 374، ونهاية المحتاج 8 / 169.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراجع السابقة، ونهاية المحتاج 8 / 208.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦١)</span><hr/></div>إِنْ فَعَلْتُ كَذَا، ثُمَّ فَعَلَهُ، وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ عَلَى الأَْرْجَحِ عِنْدَهُمْ.</p> </p>ز -‌<span class="title">‌‌<span class="title">‌ عَلَيَّ كَفَّارَةُ </span>نَذْرٍ:</span></p><font color=#ff0000>42 -</font> سَبَقَ حُكْمُ الْقَائِل: عَلَيَّ نَذْرٌ.</p>وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ قَال: عَلَيَّ كَفَّارَةُ نَذْرٍ تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ، فَقَالُوا: مَنْ قَال: عَلَيَّ كَفَّارَةُ نَذْرٍ، وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ مُنَجَّزَةٌ فِي الصِّيغَةِ الْمُنَجَّزَةِ، وَمُعَلَّقَةٌ فِي الصِّيغَةِ الْمُعَلَّقَةِ. (1)</p> </p>ح - عَلَيَّ كَفَّارَةٌ:</p><font color=#ff0000>43 -</font> سَبَقَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ يُوجِبُونَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ عَلَى مَنْ قَال: عَلَيَّ كَفَّارَةٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُضِيفَ الْكَفَّارَةَ إِلَى الْيَمِينِ أَوِ النَّذْرِ أَوْ غَيْرِهِمَا.</p>وَلَمْ نَجِدْ فِي الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى حُكْمَ هَذِهِ الصِّيغَةِ عِنْدَ الإِْطْلَاقِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ حُكْمَهَا عِنْدَ النِّيَّةِ هُوَ وُجُوبُ مَا نَوَى مِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْكَفَّارَةِ.</p> </p>ط -‌<span class="title">‌ تَحْرِيمُ الْعَيْنِ أَوِ الْفِعْل:</span></p><font color=#ff0000>44 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ تَحْرِيمَ الإِْنْسَانِ الْعَيْنَ أَوِ الْفِعْل عَلَى نَفْسِهِ يَقُومُ مَقَامَ الْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُول: هَذَا الثَّوْبُ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ لُبْسِي لِهَذَا الثَّوْبِ عَلَيَّ حَرَامٌ، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الْعَيْنُ الَّتِي نُسِبَ التَّحْرِيمُ إِلَيْهَا أَوْ إِلَى الْفِعْل الْمُضَافِ لَهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُ أَمْ لَا، كَأَنْ قَال مُتَحَدِّثًا عَنْ طَعَامِ غَيْرِهِ: هَذَا الطَّعَامُ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ أَكْل هَذَا الطَّعَامِ عَلَيَّ حَرَامٌ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 8 / 208.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦١)</span><hr/></div>وَسَوَاءٌ أَكَانَتِ الْعَيْنُ الْمَذْكُورَةُ مِنَ الْمُبَاحَاتِ أَمْ لَا، كَأَنْ قَال: هَذِهِ الْخَمْرُ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ شُرْبُ هَذِهِ الْخَمْرِ عَلَيَّ حَرَامٌ.</p>فَكُل صِيغَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّيَغِ تُعْتَبَرُ يَمِينًا، لَكِنْ إِذَا كَانَتِ الْعَيْنُ مُحَرَّمَةً مِنْ قَبْل، أَوْ مَمْلُوكَةً لِغَيْرِهِ لَمْ تَكُنِ الصِّيغَةُ يَمِينًا إِلَاّ بِالنِّيَّةِ، بِأَنْ يَنْوِيَ إِنْشَاءَ التَّحْرِيمِ. فَإِنْ نَوَى الإِْخْبَارَ بِأَنَّ الْخَمْرَ حَرَامٌ عَلَيْهِ شَرْعًا، أَوْ بِأَنَّ ثَوْبَ فُلَانٍ حَرُمَ عَلَيْهِ شَرْعًا، لَمْ تَكُنِ الصِّيغَةُ يَمِينًا، وَكَذَا إِنْ أَطْلَقَ؛ لأَِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنَ الْعِبَارَةِ هُوَ الإِْخْبَارُ.</p>ثُمَّ إِنَّ تَحْرِيمَ الْعَيْنِ لَا مَعْنَى لَهُ إِلَاّ تَحْرِيمَ الْفِعْل الْمَقْصُودِ مِنْهَا، كَمَا فِي تَحْرِيمِ الشَّرْعِ لَهَا فِي نَحْوِ قَوْله تَعَالَى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} (1) وَقَوْلِهِ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} (2) .</p>وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: كُل مُسْكِرٍ حَرَامٌ (3) فَتَحْرِيمُ الأُْمَّهَاتِ وَنَحْوِهِنَّ يَنْصَرِفُ إِلَى الزَّوَاجِ. وَتَحْرِيمُ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا وَالْمُسْكِرِ يَنْصَرِفُ كُلُّهُ إِلَى التَّنَاوُل بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ.</p> </p><font color=#ff0000>45 -</font> وَفِيمَا يَلِي أَمْثِلَةٌ لِصِيَغِ التَّحْرِيمِ الَّتِي تُعْتَبَرُ أَيْمَانًا، مَعَ بَيَانِ مَا يَقَعُ بِهِ حِنْثٌ فِي كُلٍّ مِنْهَا:</p><font color=#ff0000>(1)</font> لَوْ قَال: هَذَا الطَّعَامُ أَوِ الْمَال أَوِ الثَّوْبُ أَوِ الدَّارُ عَلَيَّ حَرَامٌ، حَنِثَ بِأَكْل الطَّعَامِ، وَإِنْفَاقِ الْمَال، وَلُبْسِ الثَّوْبِ، وَسُكْنَى الدَّارِ، وَعَلَيْهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النساء / 23.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المائدة / 3.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" كل مسكر حرام " أخرجه مسلم (3 / 1588 - ط الحلبي) ، من حديث ابن عمر، وأخرجه البخاري (10 / 41 - الفتح - ط السلفية) بلفظ:" كل شراب أسكر فهو حرام " من حديث عائشة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٢)</span><hr/></div>الْكَفَّارَةُ، وَلَا يَحْنَثُ بِهِبَةِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا بِالتَّصَدُّقِ بِهِ.</p> </p><font color=#ff0000>(2)</font> لَوْ قَالَتِ امْرَأَةٌ لِزَوْجِهَا: أَنْتَ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ حَرَّمْتُكَ عَلَى نَفْسِي، حَنِثَتْ بِمُطَاوَعَتِهِ فِي الْجِمَاعِ، وَحَنِثَتْ أَيْضًا بِإِكْرَاهِهِ إِيَّاهَا عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحِنْثَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الاِخْتِيَارُ.</p> </p><font color=#ff0000>(3)</font> لَوْ قَال لِقَوْمٍ: كَلَامُكُمْ عَلَيَّ حَرَامٌ، حَنِثَ بِتَكْلِيمِهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَلَا يَتَوَقَّفُ الْحِنْثُ عَلَى تَكْلِيمِ جَمِيعِهِمْ، وَمِثْل ذَلِكَ مَا لَوْ قَال: كَلَامُ، الْفُقَرَاءِ، أَوْ كَلَامُ أَهْل هَذِهِ الْقَرْيَةِ، أَوْ أَكْل هَذَا الرَّغِيفِ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِكَلَامِ وَاحِدٍ، وَأَكْل لُقْمَةٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَال: وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُكُمْ، أَوْ لَا أُكَلِّمُ الْفُقَرَاءَ، أَوْ أَهْل هَذِهِ الْقَرْيَةِ، أَوْ لَا آكُل هَذَا الرَّغِيفَ، فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ إِلَاّ بِتَكْلِيمِ الْجَمِيعِ وَأَكْل جَمِيعِ الرَّغِيفِ.</p> </p><font color=#ff0000>(4)</font> لَوْ قَال: هَذِهِ الدَّنَانِيرُ عَلَيَّ حَرَامٌ حَنِثَ إِنِ اشْتَرَى بِهَا شَيْئًا؛ لأَِنَّ الْعُرْفَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الاِسْتِمْتَاعِ بِهَا لِنَفْسِهِ، بِأَنْ يَشْتَرِيَ مَا يَأْكُلُهُ أَوْ يَلْبَسُهُ مَثَلاً، وَلَا يَحْنَثُ بِهِبَتِهَا وَلَا بِالتَّصَدُّقِ بِهَا.</p>وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَابِدِينَ: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لَوْ قَضَى بِهَا دَيْنَهُ، ثُمَّ قَال: فَتَأَمَّل.</p> </p><font color=#ff0000>(5)</font> لَوْ قَال: كُل حِلٍّ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ حَلَال اللَّهِ أَوْ حَلَال الْمُسْلِمِينَ عَلَيَّ حَرَامٌ، كَانَ يَمِينًا عَلَى تَرْكِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِلَاّ أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: تَحْرِيمُ الْحَلَال فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ لَغْوٌ لَا يَقْتَضِي شَيْئًا، إِلَاّ إِذَا حَرَّمَ الأَْمَةَ نَاوِيًا عِتْقَهَا، فَإِنَّهَا تُعْتَقُ، فَمَنْ قَال: الْخَادِمُ أَوِ اللَّحْمُ أَوِ الْقَمْحُ عَلَيَّ حَرَامٌ إِنْ فَعَلْتُ كَذَا، فَفَعَلَهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ،</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٢)</span><hr/></div>وَمَنْ قَال: إِنْ فَعَلْتُ كَذَا فَزَوْجَتِي عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ فَعَلَيَّ الْحَرَامُ، يَلْزَمُهُ بَتُّ طَلَاقِ الْمَدْخُول بِهَا - ثَلَاثًا - مَا لَمْ يَنْوِ أَقَل مِنَ الثَّلَاثِ فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَى، أَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُول بِهَا فَيَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ. هَذَا هُوَ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ، وَقِيل: يَلْزَمُهُ فِي الْمَدْخُول بِهَا وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ كَغَيْرِ الْمَدْخُول بِهَا مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ، وَقِيل: يَلْزَمُهُ فِي غَيْرِ الْمَدْخُول بِهَا ثَلَاثٌ كَالْمَدْخُول بِهَا مَا لَمْ يَنْوِ أَقَل. وَلَوْ قَال: كُل حَلَالٍ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَإِنِ اسْتَثْنَى الزِّوَجَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِلَاّ لَزِمَهُ فِيهَا مَا ذُكِرَ.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ قَال إِنْسَانٌ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ حَرَّمْتُكِ، وَنَوَى طَلَاقًا وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا أَوْ ظِهَارًا وَقَعَ، وَلَوْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَوْ وَطْئِهَا أَوْ فَرْجِهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَصْلاً - وَأَطْلَقَ ذَلِكَ، أَوْ أَقَّتَهُ كُرِهَ، وَلَمْ تَحْرُمِ الزَّوْجَةُ عَلَيْهِ، وَلَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ يَمِينًا؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ إِقْسَامًا بِاللَّهِ تَعَالَى وَلَا تَعْلِيقًا لِلطَّلَاقِ أَوْ نَحْوِهِ.</p>وَيُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ الْكَفَّارَةِ أَلَاّ تَكُونَ زَوْجَتُهُ مُحْرِمَةً بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَأَلَاّ تَكُونَ مُعْتَدَّةً مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَمْ تَجِبِ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.</p>وَلَوْ حَرُمَ غَيْرُ الزَّوْجَةِ كَالثَّوْبِ وَالطَّعَامِ وَالصَّدِيقِ وَالأَْخِ لَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ. (1)</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَنْ حَرَّمَ حَلَالاً سِوَى الزَّوْجَةِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَرْعًا، ثُمَّ إِذَا فَعَلَهُ فَفِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ قَوْلَانِ، أَرْجَحُهُمَا: الْوُجُوبُ، وَيَسْتَوِي فِي التَّحْرِيمِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 3 / 63، والشرح الصغير بحاشية الصاوي عليه 1 / 336، والشرح الكبير 2 / 135، وأسنى المطالب مع حاشية الشهاب الرملي عليه 3 / 272، 273.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٣)</span><hr/></div>تَنْجِيزُهُ وَتَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ، وَمِثَال الْمُنَجَّزِ: مَا أَحَل اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَلَا زَوْجَةَ لِي، وَكَسْبِي عَلَيَّ حَرَامٌ، وَهَذَا الطَّعَامُ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ أَوْ كَالدَّمِ أَوْ كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ.</p>وَمِثَال الْمُعَلَّقِ: إِنْ أَكَلْتُ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ فَهُوَ عَلَيَّ حَرَامٌ. وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ مَا حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ لأَِنَّ اللَّهَ عز وجل سَمَّى التَّحْرِيمَ يَمِينًا حَيْثُ قَال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَل اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ (1) أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (2) .</p>وَالْيَمِينُ لَا تُحَرِّمُ الْحَلَال، وَإِنَّمَا تُوجِبُ الْكَفَّارَةَ بِالْحِنْثِ، وَهَذِهِ الآْيَةُ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ.</p>وَأَمَّا تَحْرِيمُ الزَّوْجَةِ فَهُوَ ظِهَارٌ، سَوَاءٌ أَنَوَى بِهِ الظِّهَارَ أَوِ الطَّلَاقَ أَوِ الْيَمِينَ أَمْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا عَلَى الرَّاجِحِ.</p>وَلَوْ قَال: مَا أَحَل اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ أَهْلٍ وَمَالٍ فَهُوَ حَرَامٌ - وَكَانَ لَهُ زَوْجَةٌ - كَانَ ذَلِكَ ظِهَارًا وَتَحْرِيمًا لِلْمَال، وَتُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ عَنْهُمَا. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌قِيَامُ التَّصْدِيقِ بِكَلِمَةِ نَعَمْ مَقَامَ الْيَمِينِ</span></p><font color=#ff0000>46 -</font> الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَقَال: نَعَمْ كَانَ حَالِفًا، وَلَوْ قَال رَجُلٌ لآِخَرَ عَلَيْكَ: عَهْدُ اللَّهِ إِنْ فَعَلْتَ كَذَا فَقَال: نَعَمْ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المرضات: مصدر ميمي وتاؤه تكتب مربوطة على لغة من يقف على المفرد المؤنث بالهاء، وتكتب مفتوحة على لغة من يقف بالتاء، واللغتان فصيحتان، وإن كانت الأولى أكثر استعمالا، وقد كتبت هنا مفتوحة لأنه يوقف عليها بالتاء.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة التحريم / 1، 2.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مطالب أولي النهى 6 / 371، 5 / 510.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٣)</span><hr/></div>فَالْحَالِفُ الْمُجِيبُ، وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُبْتَدِئِ وَلَوْ نَوَاهُ؛ لأَِنَّ قَوْلَهُ: عَلَيْكَ صَرِيحٌ فِي الْتِزَامِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُخَاطَبِ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ يَمِينًا عَلَى الْمُبْتَدِئِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا قَال: وَاللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ، وَقَال الآْخَرُ: نَعَمْ، فَإِنَّهُ إِذَا نَوَى الْمُبْتَدِئُ التَّحْلِيفَ وَالْمُجِيبُ الْحَلِفَ، كَانَ الْحَالِفُ هُوَ الْمُجِيبَ وَحْدَهُ، وَإِذَا نَوَى كُلٌّ مِنْهُمَا الْحَلِفَ يَصِيرُ كُلٌّ مِنْهَا حَالِفًا. (1)</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ قِيل لِرَجُلٍ: طَلَّقْتَ زَوْجَتَكَ، أَوْ أَطَلَّقْتَ زَوْجَتَكَ؟ اسْتِخْبَارًا - فَقَال: نَعَمْ، كَانَ إِقْرَارًا، وَإِنْ كَانَ الاِلْتِمَاسُ الإِْنْشَاءَ كَانَ تَطْلِيقًا صَرِيحًا، وَإِنْ جُهِل الْحَال حُمِل عَلَى الاِسْتِخْبَارِ. (2)</p>هَذَا مَا قَالُوهُ فِي الطَّلَاقِ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا لَوْ قَال إِنْسَانٌ لآِخَرَ: حَلَفْتَ، أَوْ أَحَلَفْتَ بِاللَّهِ لَا تُكَلِّمُ زَيْدًا؟ فَقَال: نَعَمْ. فَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ: فَإِنْ كَانَ لِلاِسْتِخْبَارِ كَانَ إِقْرَارًا مُحْتَمِلاً لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، فَيَحْنَثُ بِالتَّكْلِيمِ إِنْ كَانَ صَادِقًا، وَلَا يَحْنَثُ بِهِ إِنْ كَانَ كَاذِبًا.</p>وَإِنْ كَانَ الاِلْتِمَاسُ الإِْنْشَاءَ كَانَ حَلِفًا صَرِيحًا.</p>وَإِنْ جُهِل حَال السُّؤَال حُمِل عَلَى الاِسْتِخْبَارِ، فَيَكُونُ الْجَوَابُ إِقْرَارًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَمْ يُعْثَرْ لِلْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى عَلَى نَصٍّ فِي هَذَا.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِحَرْفِ الْقَسَمِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ:</span></p><font color=#ff0000>47 -</font> عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ صِيغَةَ الْيَمِينِ بِحَرْفِ الْقَسَمِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين على الدر المختار 3 / 95، 96، وتقرير الرافعي 2 / 21.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الوجيز للغزالي 2 / 69، وأسنى المطالب 3 / 324، 325.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٤)</span><hr/></div>وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ تَنْحَصِرُ شَرْعًا فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى. فَالْحَلِفُ بِغَيْرِهِ بِحَرْفِ الْقَسَمِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ لَا يُعْتَبَرُ يَمِينًا شَرْعِيَّةً، وَلَا يَجِبُ بِالْحِنْثِ فِيهِ كَفَّارَةٌ.</p>وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: أَنْ يَحْلِفَ الإِْنْسَانُ بِأَبِيهِ أَوْ بِابْنِهِ أَوْ بِالأَْنْبِيَاءِ أَوْ بِالْمَلَائِكَةِ عليهم السلام أَوْ بِالْعِبَادَاتِ: كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، أَوْ بِالْكَعْبَةِ أَوْ بِالْحَرَمِ أَوْ بِزَمْزَمَ أَوْ بِالْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ. سَوَاءٌ أَتَى الْحَالِفُ بِهَذِهِ الأَْلْفَاظِ عَقِبَ حَرْفِ الْقَسَمِ أَمْ أَضَافَ إِلَيْهَا كَلِمَةَ:" حَقٍّ " أَوْ " حُرْمَةٍ " أَوْ " حَيَاةٍ " أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْحَلِفُ بِحَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الْقَسَمِ أَمْ بِصِيغَةٍ مُلْحَقَةٍ بِمَا فِيهِ هَذِهِ الْحُرُوفُ، مِثْل لَعَمْرُكَ وَلِعَمْرِي وَعَمْرُكَ اللَّهُ (1) وَعَلَيَّ عَهْدُ رَسُول اللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا.</p><font color=#ff0000>48 -</font> وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ (مِنْهَا) قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلَا يَحْلِفْ إِلَاّ بِاللَّهِ (2) . (وَمِنْهَا) قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام: مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ. وَفِي رِوَايَةٍ " فَقَدْ كَفَرَ "(3)(وَمِنْهَا) قَوْلُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ مَنْ حَلَفَ بِالأَْمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) العمر في هذا المثال معناه اعتقاد بقاء الله، فقول القائل: عمرك الله، معناه أحلف باعتقادك أن الله عز وجل باق، ولا شك أن الاعتقاد صفة للمخاطب وليس صفة لله تعالى.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله " أخرجه النسائي (7 / 4 - ط المكتبة التجارية) وأصله في صحيح البخاري (11 / 570 - الفتح - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " من حلف بغير الله فقد أشرك " وفي رواية " فقد كفر " أخرجه أحمد (2 / 34 - ط الميمنية) والحاكم وصححه (4 / 297 - ط دائرة المعارف العثمانية) ووافقه الذهبي.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " من حلف بالأمانة فليس منا " أخرجه أبو داود (3 / 571 - ط عزت عبيد دعاس) وصححه النووي في رياض الصالحين (ص 601 - ط المكتب الإسلامي) . قال المناوي في فيض القدير (6 / 121) الأمانة: الفرائض كصلاة وصوم وحج. وقوله: " فليس منا " معناه ليس من جملة المتقين معدودا، ولا من جملة أكابر المسلمين محسوبا، أو ليس من ذوي أسوتنا، فإنه</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٤)</span><hr/></div>(وَمِنْهَا) مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَال: حَلَفْتُ بِاللَاّتِ وَالْعُزَّى، فَأَتَيْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَال: قُل لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَانْفُثْ عَنْ شِمَالِك ثَلَاثًا، وَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، ثُمَّ لَا تُعَدْ.</p>وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى رَوَاهَا النَّسَائِيُّ عَنْهُ أَيْضًا قَال: حَلَفْتُ بِاللَاّتِ وَالْعُزَّى، فَقَال لِي أَصْحَابُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بِئْسَمَا قُلْتَ، ائْتِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبِرْهُ، فَإِنَّا لَا نَرَاكَ إِلَاّ قَدْ كَفَرْتَ، فَلَقِيتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَال لِي: قُل لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَانْفُثْ عَنْ شِمَالِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلَا تَعُدْ لَهُ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" قل لا إله إلا الله " أخرجه النسائي (7 / 7 - 8 - ط المكتبة التجارية) ، وإسناده ضعيف، (التهذيب لابن حجر 8 / 67 - ط دائرة المعارف النظامية بالهند) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٥)</span><hr/></div>(وَمِنْهَا) مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ فَقَال فِي حَلِفِهِ: بِاللَاّتِ، فَلْيَقُل: لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَمَنْ قَال لِصَاحِبِهِ: تَعَال أُقَامِرُكَ فَلْيَتَصَدَّقْ (1) .</p><font color=#ff0000>49 -</font> وَوَرَدَ عَنِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم اسْتِنْكَارُ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى.</p>فَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَال بِسَنَدِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: لأََنْ أَحْلِفَ بِاللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ صَادِقًا وَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدِهِ عَنْ وَبَرَةَ قَال: قَال ابْنُ مَسْعُودٍ أَوِ ابْنُ عُمَرَ: لأََنْ أَحْلِفَ بِاللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقًا، وَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدِهِ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه: أَنَّ عُمَرَ قَال لَهُ - وَقَدْ سَمِعَهُ يَحْلِفُ بِالْكَعْبَةِ -: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ فَكَّرْتَ فِيهَا قَبْل أَنْ تَحْلِفَ لَعَاقَبْتُكَ، احْلِفْ بِاللَّهِ فَأْثَمْ أَوِ ابْرِرْ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَثَرُ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ:</span></p><font color=#ff0000>50 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْحَلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَجِبُ بِالْحِنْثِ فِيهِ كَفَّارَةٌ، إِلَاّ مَا رُوِيَ عَنْ أَكْثَرِ الْحَنَابِلَةِ مِنْ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ حَنِثَ فِي الْحَلِفِ بِرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ لأَِنَّهُ أَحَدُ شَطْرَيِ الشَّهَادَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يَصِيرُ بِهِمَا الْكَافِرُ مُسْلِمًا، وَعَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" من حلف منكم فقال في حلفه. . . " أخرجه مسلم (3 / 1267 - 1268 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> ذكر هذه الآثار الثلاثة ابن حزم في المحلى مستدلا بها على تحريم الحلف بغير الله في ضمن ما استدل من الأحاديث. ر: (المحلى 8 / 39.) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٥)</span><hr/></div>بَعْضِهِمْ: أَنَّ الْحَلِفَ بِسَائِرِ الأَْنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَجِبُ بِالْحِنْثِ فِيهِ الْكَفَّارَةُ أَيْضًا، لَكِنِ الأَْشْهَرُ فِي مَذْهَبِهِمْ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ بِالْحِنْثِ فِي الْحَلِفِ بِنَبِيِّنَا وَسَائِرِ الأَْنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.</p>وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَيْضًا فِي أَنَّ الْحَلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، لَكِنْ فِي مَرْتَبَةِ هَذَا النَّهْيِ اخْتِلَافٌ، وَالْحَنَابِلَةُ قَالُوا: إِنَّهُ حَرَامٌ إِلَاّ الْحَلِفَ بِالأَْمَانَةِ، فَإِنَّ بَعْضَهُمْ قَال بِالْكَرَاهَةِ، وَالْحَنَفِيَّةُ قَالُوا مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ تَنْزِيهًا. (1)</p>وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ بِسَبْقِ اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَلَا كَرَاهَةَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَل حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ فِي قِصَّةِ الأَْعْرَابِيِّ - الَّذِي قَال لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أُنْقِصُ - أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌شَرَائِطُ الْقَسَمِ</span></p>يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْقَسَمِ وَبَقَائِهِ شَرَائِطُ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:</p> </p>‌<span class="title">‌(أَوَّلاً)</p>الشَّرَائِطُ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى الْحَالِفِ</span></p>يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْيَمِينِ وَبَقَائِهَا شَرَائِطُ فِي الْحَالِفِ.</p><font color=#ff0000>51 -</font> (الأُْولَى) الْبُلُوغُ. (وَالثَّانِيَةُ) الْعَقْل. وَهَاتَانِ شَرِيطَتَانِ فِي أَصْل الاِنْعِقَادِ، فَلَا تَنْعَقِدُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 3 / 46، والبدائع 3 / 8، وفتح القدير 4 / 8، والشرح الصغير 1 / 330، وأسنى المطالب 4 / 242، ومطالب أولي النهى 6 / 364.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أسنى المطالب 4 / 242.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٦)</span><hr/></div>يَمِينُ الصَّبِيِّ - وَلَوْ مُمَيِّزًا - وَلَا الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَالسَّكْرَانِ - غَيْرِ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ - وَالنَّائِمِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهَا تَصَرُّفُ إِيجَابٍ، وَهَؤُلَاءِ لَيْسُوا مِنْ أَهْل الإِْيجَابِ.</p>وَلَا خِلَافَ فِي هَاتَيْنِ الشَّرِيطَتَيْنِ إِجْمَالاً. (1) وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ وَالصَّبِيُّ إِذَا حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ. أَمَّا السَّكْرَانُ الْمُتَعَدِّي، فَالْجُمْهُورُ يَرَوْنَ صِحَّةَ يَمِينِهِ إِنْ كَانَتْ صَرِيحَةً تَغْلِيظًا عَلَيْهِ. وَأَبُو ثَوْرٍ وَالْمُزَنِيُّ وَزُفَرُ وَالطَّحَاوِيُّ وَالْكَرْخِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَغَيْرُهُمْ يَرَوْنَ عَدَمَ انْعِقَادِ يَمِينِهِ كَالسَّكْرَانِ غَيْرِ الْمُتَعَدِّي، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (الْحَجْرِ) .</p>وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَالْجُمْهُورُ يَرَوْنَ أَنَّ يَمِينَهُ لَا تَنْعَقِدُ، وَأَنَّهُ لَوْ حَنِثَ - وَلَوْ بَعْدَ الْبُلُوغِ - لَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ، وَعَنْ طَاوُسٍ أَنَّ يَمِينَهُ مُعَلَّقَةٌ، فَإِنْ حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ. (2)</p>وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ (3) .</p><font color=#ff0000>52 -</font> (الشَّرِيطَةُ الثَّالِثَةُ) الإِْسْلَامُ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ. فَلَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْكَافِرِ وَلَوْ ذِمِّيًّا، وَإِذَا انْعَقَدَتْ يَمِينُ الْمُسْلِمِ بَطَلَتْ بِالْكُفْرِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْكُفْرُ قَبْل الْحِنْثِ أَمْ بَعْدَهُ، وَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 10، والشرح الصغير بحاشية الصاوي 1 / 325، ونهاية المحتاج 8 / 164، ومطالب أولي النهى 6 / 367.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين على الدر المختار 2 / 424.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" رفع القلم عن ثلاثة. . . " أخرجه أبو داود (4 / 560 - ط عزت عبيد دعاس) والحاكم (2 / 59 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٦)</span><hr/></div>تَرْجِعُ بِالإِْسْلَامِ بَعْدَ ذَلِكَ. (1)</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: (2) لَا يُشْتَرَطُ الإِْسْلَامُ فِي انْعِقَادِ الْيَمِينِ وَلَا بَقَائِهَا، فَالْكَافِرُ الْمُلْتَزِمُ لِلأَْحْكَامِ - وَهُوَ الذِّمِّيُّ وَالْمُرْتَدُّ - لَوْ حَلَفَ بِاللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَمْرٍ، ثُمَّ حَنِثَ وَهُوَ كَافِرٌ، تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لَكِنْ إِذَا عَجَزَ عَنِ الْكَفَّارَةِ الْمَالِيَّةِ لَمْ يَكْفُرْ بِالصَّوْمِ إِلَاّ إِنْ أَسْلَمَ. وَهَذَا الْحُكْمُ إِنَّمَا هُوَ فِي الذِّمِّيِّ، وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلَا يَكْفُرُ فِي حَال رِدَّتِهِ، لَا بِالْمَال وَلَا بِالصَّوْمِ، بَل يَنْتَظِرُ، فَإِذَا أَسْلَمَ كَفَّرَ؛ لأَِنَّ مَالَهُ فِي حَال الرِّدَّةِ مَوْقُوفٌ، فَلَا يُمْكِنُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ.</p>وَمَنْ حَلَفَ حَال كُفْرِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَحَنِثَ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ. وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِنْ كَانَ حِينَ الْحَلِفِ مُلْتَزِمًا لِلأَْحْكَامِ.</p><font color=#ff0000>53 -</font> (الشَّرِيطَةُ الرَّابِعَةُ) التَّلَفُّظُ بِالْيَمِينِ، فَلَا يَكْفِي كَلَامُ النَّفْسِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ.</p>وَلَا بُدَّ مِنْ إِظْهَارِ الصَّوْتِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ إِنْ كَانَ صَحِيحَ السَّمْعِ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنَ السَّمَاعِ كَلَغَطٍ وَسَدِّ أُذُنٍ.</p>وَاشْتِرَاطُ الإِْسْمَاعِ وَلَوْ تَقْدِيرًا هُوَ رَأْيُ الْجُمْهُورِ، الَّذِي يَرَوْنَ أَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا ذَلِكَ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْكَرْخِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: لَا يُشْتَرَطُ الإِْسْمَاعُ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْحُرُوفِ مَعَ تَحْرِيكِ اللِّسَانِ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهَا هُوَ وَلَا مَنْ يَضَعُ أُذُنَهُ بِقُرْبِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 10، والشرح الكبير بحاشية الدسوقي 4 / 307.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 8 / 164، والمغني بأعلى الشرح الكبير 11 / 161.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٧)</span><hr/></div>فَمِهِ مَعَ اعْتِدَال السَّمْعِ وَعَدَمِ الْمَوَانِعِ.</p>هَذَا وَإِنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ إِشَارَةَ الأَْخْرَسِ بِالْيَمِينِ تَقُومُ مَقَامَ النُّطْقِ.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ الْكِتَابَةَ لَوْ كَانَتْ بِالصَّرِيحِ تُعْتَبَرُ كِنَايَةً؛ لأَِنَّهَا تَحْتَمِل النَّسْخَ، وَتَجْرِبَةُ الْقَلَمِ وَالْمِدَادِ وَغَيْرِهَا، وَبِأَنَّ إِشَارَةَ الأَْخْرَسِ إِنِ اخْتَصَّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ فَهِيَ كِنَايَةٌ تَحْتَاجُ إِلَى النِّيَّةِ، وَإِنْ فَهِمَهَا كُل إِنْسَانٍ فَهِيَ صَرِيحَةٌ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌الطَّوَاعِيَةُ وَالْعَمْدُ فِي الْحَالِفِ:</span></p><font color=#ff0000>54 -</font> لَا تُشْتَرَطُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الطَّوَاعِيَةُ - أَيِ الاِخْتِيَارُ - فِي الْحَالِفِ، وَلَا الْعَمْدُ - أَيِ الْقَصْدُ - فَتَصِحُّ عِنْدَهُمْ يَمِينُ الْمُكْرَهِ وَالْمُخْطِئِ، وَهُوَ مَنْ أَرَادَ غَيْرَ الْحَلِفِ فَسَبَقَ لِسَانُهُ إِلَى الْحَلِفِ، كَأَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُول: اسْقِنِي الْمَاءَ، فَقَال: وَاللَّهِ لَا أَشْرَبُ الْمَاءَ؛ لأَِنَّهَا مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لَا تَحْتَمِل الْفَسْخَ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الإِْكْرَاهُ وَالْخَطَأُ، كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنَّذْرِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لَا تَحْتَمِل الْفَسْخَ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: تُشْتَرَطُ الطَّوَاعِيَةُ وَالْعَمْدُ، فَلَا تَنْعَقِدُ يَمِينُ الْمُكْرَهِ وَلَا الْمُخْطِئُ (2) ، غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَقُولُونَ فِي الْمُكْرَهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 100، والدر المختار بحاشية ابن عابدين عليه 2 / 509، 510، والشرح الصغير 1 / 331، ومواهب الجليل للحطاب 3 / 261، وأسنى المطالب 3 / 277، ومطالب أولي النهى 6 / 357.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مما ينبغي التنبه إليه أن سبق اللسان نوعان: أحدهما: غلبة جريانه باليمين، كمن يغلب في حديثه أن يقول: لا والله، وبلى والله من غير قصد. ثانيهما: تحول اللسان والتفاته من لفظ غير اليمين يراد النطق به إلى لفظ اليمين، والنوع الأول لا يسمى خطأ، وهو صحيح،</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٧)</span><hr/></div>عَلَى الْيَمِينِ: إِذَا نَوَى الْحَلِفَ صَحَّتْ يَمِينُهُ. (1) لأَِنَّ الإِْكْرَاهَ لَا يُلْغِي اللَّفْظَ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ بِهِ الصَّرِيحُ كِنَايَةً، وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ لَا يُسْتَبْعَدُ أَنْ يَكُونَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، فَإِنَّ إِلْغَاءَ كَلَامِ الْمُكْرَهِ لَا وَجْهَ لَهُ، إِلَاّ أَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ دَفْعَ الأَْذَى عَنْ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَقْصِدِ اسْتِعْمَال اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ، فَإِذَا قَصَدَ اسْتِعْمَالَهُ فِي مَعْنَاهُ كَانَ هَذَا أَمْرًا زَائِدًا لَا تَدْعُو إِلَيْهِ الضَّرُورَةُ.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ أَيْضًا: لَا يَلْزَمُ الْمُكْرَهَ التَّوْرِيَةُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهَا.</p>وَالتَّوْرِيَةُ هِيَ: أَنْ يُطْلِقَ الإِْنْسَانُ لَفْظًا هُوَ ظَاهِرٌ فِي مَعْنًى وَيُرِيدُ بِهِ مَعْنًى آخَرَ يَتَنَاوَلُهُ ذَلِكَ اللَّفْظُ، وَلَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِهِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْجِدُّ فِي الْحَالِفِ:</span></p><font color=#ff0000>55 -</font> الْجِدُّ - بِكَسْرِ الْجِيمِ - فِي التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ مَعْنَاهُ: أَنْ يَنْطِقَ الإِْنْسَانُ بِاللَّفْظِ رَاضِيًا بِأَثَرِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُسْتَحْضِرًا لِهَذَا الرِّضَى أَمْ غَافِلاً عَنْهُ، فَمَنْ نَطَقَ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ نَاوِيًا مَعْنَاهُ، أَوْ غَافِلاً عَنْ هَذِهِ النِّيَّةِ، مُرِيدًا أَثَرَهُ أَوْ غَافِلاً عَنْ هَذِهِ الإِْرَادَةِ يُقَال لَهُ جَادٌّ، فَإِنْ أَرَادَ تَجْرِيدَ اللَّفْظِ عَنْ أَثَرِهِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَلَا إِكْرَاهٍ، فَنَطَقَ بِهِ لَعِبًا أَوْ مِزَاحًا كَانَ هَازِلاً،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 11، والدر المختار بحاشية ابن عابدين 3 / 46، 47، والشرح الصغير بحاشية الصاوي 1 / 325، 452، والشرح الكبير بحاشية الدسوقي 4 / 127، ونهاية المحتاج 8 / 164، ومطالب أولي النهى 6 / 319، 367.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أسنى المطالب شرح روض الطالب 3 / 280، 283.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٨)</span><hr/></div>وَالْهَزْل لَا أَثَرَ لَهُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ الصَّرِيحَةِ الَّتِي لَا تَحْتَمِل الْفَسْخَ، فَمَنْ حَلَفَ بِصِيغَةٍ صَرِيحَةٍ لَاعِبًا أَوْ مَازِحًا انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ (1)</p>وَيُقَاسُ عَلَى مَا فِي الْحَدِيثِ سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ الصَّرِيحَةِ الَّتِي لَا تَحْتَمِل الْفَسْخَ، وَمِنْهَا صِيغَةُ الْيَمِينِ الصَّرِيحَةِ، وَأَمَّا الْكِنَايَةُ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا النِّيَّةُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْهَازِل لَا نِيَّةَ لَهُ.</p> </p>‌<span class="title">‌قَصْدُ الْمَعْنَى وَالْعِلْمِ بِهِ:</span></p><font color=#ff0000>56 -</font> صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ الأَْلْفَاظَ الصَّرِيحَةَ يُشْتَرَطُ فِيهَا: الْعِلْمُ بِالْمَعْنَى، وَالْكِنَايَةُ يُشْتَرَطُ فِيهَا: قَصْدُ الْمَعْنَى، ذَكَرُوا هَذَا فِي الطَّلَاقِ (2) وَلَيْسَ خَاصًّا بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْيَمِينِ إِذَا كَانَتْ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ: أَنْ يَعْلَمَ الْمُتَكَلِّمُ بِمَعْنَاهَا، فَلَوْ حَلَفَ أَعْجَمِيٌّ بِلَفْظٍ عَرَبِيٍّ صَرِيحٍ كَوَاللَّهِ لأََصُومَنَّ غَدًا، بِنَاءً عَلَى تَلْقِينِ إِنْسَانٍ لَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ مَعْنَاهُ لَمْ يَنْعَقِدْ. وَلَوْ قَال إِنْسَانٌ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا لَمْ يَنْعَقِدْ إِلَاّ إِذَا قَصَدَ مَعْنَى الْيَمِينِ؛ لأَِنَّهُ كِنَايَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ كَمَا سَبَقَ.</p>وَاشْتِرَاطُ النِّيَّةِ فِي الْكِنَايَةِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ أَحَدٌ. وَأَمَّا الْعِلْمُ بِالْمَعْنَى فَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ فِي الطَّلَاقِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَضَاءِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَهُ فِي الْيَمِينِ الصَّرِيحَةِ دِيَانَةً، لأَِنَّهُ مُصَدَّقٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" ثلاث جدهن جد. . . . " أخرجه أبو داود (2 / 644 - ط عزت عبيد دعاس) والترمذي (3 / 481 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، وحسنه ابن حجر في التلخيص (3 / 210 - ط دار المحاسن) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> أسنى المطالب شرح روض الطالب 3 / 280.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَثَرُ التَّأْوِيل فِي الْيَمِينِ:</span></p><font color=#ff0000>57 -</font> صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ التَّأْوِيل الَّذِي تَنْقَطِعُ بِهِ جُمْلَةُ الْيَمِينِ عَنْ جُمْلَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ يُقْبَل، وَعِبَارَةُ الْمَالِكِيَّةِ: لَوْ قَال أَرَدْتُ بِقَوْلِي: (بِاللَّهِ) وَثِقْتُ أَوِ اعْتَصَمْتُ بِاللَّهِ، ثُمَّ ابْتَدَأْتُ قَوْلِي: لأََفْعَلَنَّ، وَلَمْ أَقْصِدِ الْيَمِينَ صُدِّقَ دِيَانَةً بِلَا يَمِينٍ. (1)</p>وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيَّةِ: إِذَا قَال: وَاللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا، ثُمَّ قَال: أَرَدْتُ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، أَوْ قَال: بِاللَّهِ وَقَال: أَرَدْتُ وَثِقْتُ أَوِ اسْتَعَنْتُ بِاللَّهِ، ثُمَّ اسْتَأْنَفْتُ فَقُلْتُ: لأََفْعَلَنَّ كَذَا مِنْ غَيْرِ قَسَمٍ يُقْبَل ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَإِذَا تَأَوَّل نَحْوَ هَذَا التَّأْوِيل فِي الطَّلَاقِ وَالإِْيلَاءِ لَا يُقْبَل ظَاهِرًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ. (2)</p>وَمِمَّا يَنْبَغِي التَّنَبُّهُ لَهُ أَنَّ التَّأْوِيل لَا يَخْتَصُّ بِهَذِهِ الْمَذَاهِبِ، فَالْمُتَصَفِّحُ لِكُتُبِ الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى يَجِدُ تَأْوِيلَاتٍ مَقْبُولَةً عِنْدَهُمْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّأْوِيل إِنَّمَا يُقْبَل إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُسْتَحْلِفٌ ذُو حَقٍّ، وَكَانَ التَّأْوِيل غَيْرَ خَارِجٍ عَمَّا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ.</p> </p>‌<span class="title">‌(ثَانِيًا) الشَّرَائِطُ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ</span></p>يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْيَمِينِ بِاللَّهِ وَبَقَائِهَا مُنْعَقِدَةً أَرْبَعُ شَرَائِطَ تَرْجِعُ إِلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَضْمُونُ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي تُسَمَّى جَوَابَ الْقَسَمِ.</p><font color=#ff0000>58 -</font> (الشَّرِيطَةُ الأُْولَى) : أَنْ يَكُونَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَمْرًا مُسْتَقْبَلاً.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير بحاشية الدسوقي 2 / 127.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 8 / 166.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٩)</span><hr/></div>وَهَذِهِ شَرِيطَةٌ لاِنْعِقَادِ الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِانْعِقَادِ الْيَمِينِ الْغَمُوسِ عَلَى مَاضٍ وَحَاضِرٍ، كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ لَا أَمُوتُ، وَمُسْتَقْبَلٍ كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ لأََصْعَدَنَّ السَّمَاءَ. وَلِلْمَالِكِيَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِانْعِقَادِ الْغَمُوسِ عَلَى حَاضِرٍ وَمُسْتَقْبَلٍ.</p>وَمِمَّا يَنْبَغِي التَّنَبُّهُ لَهُ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ يَشْتَرِطُونَ الاِسْتِقْبَال فِي كُل مَا فِيهِ كَفَّارَةٌ، كَالْحَلِفِ بِتَعْلِيقِ الْكُفْرِ أَوِ الْقُرْبَةِ أَوِ الظِّهَارِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ. (1)</p><font color=#ff0000>59 -</font> (الشَّرِيطَةُ الثَّانِيَةُ) : أَنْ يَكُونَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مُتَصَوَّرَ الْوُجُودِ حَقِيقَةً عِنْدَ الْحَلِفِ - أَيْ لَيْسَ مُسْتَحِيلاً عَقْلاً - وَهَذِهِ شَرِيطَةٌ لاِنْعِقَادِ الْيَمِينِ بِاللَّهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ.</p>وَوَجْهُ اشْتِرَاطِهَا: أَنَّ الْيَمِينَ إِنَّمَا تَنْعَقِدُ لِتَحْقِيقِ الْبِرِّ، فَإِنَّ مَنْ أَخْبَرَ بِخَبَرٍ أَوْ وَعَدَ بِوَعْدٍ يُؤَكِّدُهُ بِالْيَمِينِ لِتَحْقِيقِ الصِّدْقِ، فَكَانَ الْمَقْصُودُ هُوَ الْبِرَّ، ثُمَّ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَنَحْوُهَا خَلَفًا عَنْهُ، فَإِذَا لَمْ يُتَصَوَّرِ الأَْصْل - وَهُوَ الْبِرُّ - لَمْ يُوجَدِ الْخَلَفُ - وَهُوَ الْكَفَّارَةُ - فَلَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ.</p>وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَبُو يُوسُفَ هَذِهِ الشَّرِيطَةَ لأَِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنِ اسْتِحَالَةِ الأَْصْل عَقْلاً عَدَمُ الْخَلَفِ. وَمَفْهُومُ هَذِهِ الشَّرِيطَةِ: أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ يَسْتَحِيل وُجُودُهُ عَقْلاً عِنْدَ الْحَلِفِ، لَمْ تَنْعَقِدِ الْيَمِينُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ.</p>لَكِنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، بَل فِيهِ تَفْصِيلٌ يُعْلَمُ مِنَ الْكَلَامِ عَلَى الْمِثَال الآْتِي:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 11، والشرح الصغير بحاشية الصاوي 1 / 331، ونهاية المحتاج 8 / 164، ومطالب أولي النهى 6 / 368.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٩)</span><hr/></div>إِذَا قَال إِنْسَانٌ: وَاللَّهِ لأََشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ، أَوْ قَال: وَاللَّهِ لأََشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ الْيَوْمَ، وَكَانَ الْكُوزُ خَالِيًا مِنَ الْمَاءِ عِنْدَ الْحَلِفِ، فَالشُّرْبُ الَّذِي هُوَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مُسْتَحِيلٌ وُجُودُهُ عِنْدَ الْحَلِفِ عَقْلاً، فَلَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ إِنْ كَانَ الْحَالِفُ عِنْدَ حَلِفِهِ لَا يَعْلَمُ خُلُوَّ الْكُوزِ مِنَ الْمَاءِ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ فَالْيَمِينُ مُنْعَقِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ وَغَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ عِنْدَ زُفَرَ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.</p>هَذَا مَا أَفَادَهُ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: تَنْعَقِدُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي الْحَال. (1)</p><font color=#ff0000>60 -</font> (الشَّرِيطَةُ الثَّالِثَةُ) : أَنْ يَكُونَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مُتَصَوَّرَ الْوُجُودِ حَقِيقَةً بَعْدَ الْحَلِفِ، إِنْ كَانَتِ الْيَمِينُ مُقَيَّدَةً بِوَقْتٍ مَخْصُوصٍ. وَهَذِهِ الشَّرِيطَةُ إِنَّمَا تُشْتَرَطُ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ بِاللَّهِ مُنْعَقِدَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ، فَلَوْ لَمْ تُوجَدْ هَذِهِ الشَّرِيطَةُ بَطَلَتِ الْيَمِينُ بَعْدَ انْعِقَادِهَا، وَخَالَفَ أَبُو يُوسُفَ فِي هَذِهِ الشَّرِيطَةِ أَيْضًا.</p>وَتَوْجِيهُ الاِشْتِرَاطِ وَعَدَمِهِ كَمَا فِي الشَّرِيطَةِ الثَّانِيَةِ، وَمَفْهُومُ هَذِهِ الشَّرِيطَةِ يَتَّضِحُ بِالْمِثَال الآْتِي: إِذَا قَال إِنْسَانٌ وَاللَّهِ لأََشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ الْيَوْمَ أَوْ قَال وَاللَّهِ لأََشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِوَقْتٍ، وَكَانَ فِي الْكُوزِ مَاءٌ وَقْتَ الْحَلِفِ، فَصَبَّهُ الْحَالِفُ أَوْ صَبَّهُ غَيْرُهُ أَوِ انْصَبَّ بِنَفْسِهِ فِي النَّهَارِ. فَفِي صُورَةِ التَّقْيِيدِ بِالْيَوْمِ تَبْطُل بَعْدَ انْعِقَادِهَا؛ لأَِنَّ الشُّرْبَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ صَارَ مُسْتَحِيلاً بَعْدَ الْحَلِفِ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 11، وحاشية ابن عابدين على الدر المختار 3 / 100، وكشاف القناع 6 / 236.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٠)</span><hr/></div>الْوَقْتِ الَّذِي قُيِّدَ بِهِ، وَفِي صُورَةِ الإِْطْلَاقِ تَبْقَى مُنْعَقِدَةً، فَيَحْنَثُ بِالصَّبِّ أَوِ الاِنْصِبَابِ، وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. (1)</p><font color=#ff0000>61 -</font> (الشَّرِيطَةُ الرَّابِعَةُ) : أَنْ يَكُونَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مُتَصَوَّرَ الْوُجُودِ عَادَةً عِنْدَ الْحَلِفِ - أَيْ لَيْسَ مُسْتَحِيلاً عَادَةً - وَهَذِهِ شَرِيطَةٌ لاِنْعِقَادِ الْيَمِينِ بِاللَّهِ عِنْدَ زُفَرَ، خِلَافًا لأَِبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ.</p>فَلَوْ قَال وَاللَّهِ لأََصْعَدَنَّ السَّمَاءَ، أَوْ: وَاللَّهِ لأََمَسَّنَّ السَّمَاءَ، أَوْ: وَاللَّهِ لأَُحَوِّلَنَّ هَذَا الْحَجَرَ ذَهَبًا، لَمْ تَنْعَقِدِ الْيَمِينُ عِنْدَ زُفَرَ، سَوَاءٌ أَقَيَّدَهَا بِوَقْتٍ مَخْصُوصٍ كَأَنْ قَال: الْيَوْمَ أَوْ غَدًا، أَوْ لَمْ يُقَيِّدْهَا، وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ: إِنَّهَا تَنْعَقِدُ؛ لأَِنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ جَائِزٌ عَقْلاً، وَقَال أَبُو يُوسُفَ: إِنَّهَا تَنْعَقِدُ أَيْضًا؛ لأَِنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ أَمْرٌ مُسْتَقْبَلٌ.</p>وَتَوْجِيهُ قَوْل زُفَرَ: أَنَّ الْمُسْتَحِيل عَادَةً يُلْحَقُ بِالْمُسْتَحِيل حَقِيقَةً، فَإِذَا لَمْ تَنْعَقِدِ الْيَمِينُ فِي الثَّانِي لَمْ تَنْعَقِدْ فِي الأَْوَّل.</p>وَتَوْجِيهُ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ: أَنَّ الْحُكْمَ بِالاِنْعِقَادِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فِيهِ اعْتِبَارُ الْحَقِيقَةِ، وَالْحُكْمَ بِعَدَمِ الاِنْعِقَادِ فِيهِ اعْتِبَارُ الْعَادَةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ اعْتِبَارَ الْحَقِيقَةِ أَوْلَى.</p>وَتَوْجِيهُ قَوْل أَبِي يُوسُفَ: أَنَّ الْحَالِفَ جَعَل الْفِعْل شَرْطًا لِلْبِرِّ، فَيَكُونُ عَدَمُهُ مُوجِبًا لِلْحِنْثِ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الْفِعْل مُمْكِنًا عَقْلاً وَعَادَةً، كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ لأََقْرَأَنَّ هَذَا الْكِتَابَ، أَمْ مُسْتَحِيلاً عَقْلاً وَعَادَةً كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ لأََشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ، وَلَا مَاءَ فِيهِ أَمْ مُسْتَحِيلاً عَادَةً لَا عَقْلاً كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ لأَُحَوِّلَنَّ هَذَا الْحَجَرَ ذَهَبًا. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 3 / 100 - 101، والبدائع 3 / 12.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 3 / 11 - 15.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْحَلِفُ عَلَى فِعْل غَيْرِ الْحَالِفِ:</span></p><font color=#ff0000>62 -</font> الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ غَائِبٌ: وَاللَّهِ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا، أَوْ عَلَى حَاضِرٍ: وَاللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا، فَلَمْ يُطِعْهُ، حَنِثَ الْحَالِفُ وَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ، لَا عَلَى مَنْ أَحْنَثَهُ. (1)</p>وَقَدْ فَصَّل شَيْخُ الإِْسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ بَيْنَ الْحَلِفِ عَلَى مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ يُطِيعُهُ، وَالْحَلِفِ عَلَى مَنْ لَا يَظُنُّهُ كَذَلِكَ. فَقَال: مَنْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ يَظُنُّ أَنَّهُ يُطِيعُهُ فَلَمْ يَفْعَل، فَلَا كَفَّارَةَ لأَِنَّهُ لَغْوٌ، بِخِلَافِ مَنْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يُطِعْهُ حَنِثَ الْحَالِفُ وَوَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌(ثَالِثًا) شَرَائِطُ تَرْجِعُ إِلَى الصِّيغَةِ</span></p><font color=#ff0000>63 -</font> يُشْتَرَطُ لاِنْعِقَادِ الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى شَرِيطَتَانِ تَرْجِعَانِ إِلَى صِيغَتِهَا.</p>(الأُْولَى) : عَدَمُ الْفَصْل بَيْنَ الْمَحْلُوفِ بِهِ وَالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِسُكُوتٍ وَنَحْوِهِ، فَلَوْ أَخَذَهُ الْوَالِي وَقَال: قُل: بِاللَّهِ، فَقَال مِثْلَهُ، ثُمَّ قَال: لآَتِيَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَال الرَّجُل مِثْلَهُ، لَا يَحْنَثُ بِعَدَمِ إِتْيَانِهِ؛ لِلْفَصْل بِانْتِظَارِ مَا يَقُول، وَلَوْ قَال: عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا أَفْعَل كَذَا، لَا يَصِحُّ؛ لِلْفَصْل بِمَا لَيْسَ يَمِينًا، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَعَهْدُ رَسُولِهِ. (2)</p>(الثَّانِيَةُ) : خُلُوُّهَا عَنِ الاِسْتِثْنَاءِ، وَالْمَقْصُودُ بِهِ التَّعْلِيقُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ أَوِ اسْتِثْنَاؤُهَا، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ الْحِنْثُ، نَحْوَ أَنْ يَقُول الْحَالِفُ: إِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مطالب أولي النهى 6 / 368.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 3 / 46.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧١)</span><hr/></div>شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، أَوْ إِلَاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، أَوْ إِلَاّ أَنْ يَبْدُوَ لِي غَيْرُ هَذَا، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَْمْثِلَةِ الَّتِي سَيَأْتِي بَيَانُهَا، فَإِنْ أَتَى بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِشَرَائِطِهِ لَمْ تَنْعَقِدِ الْيَمِينُ. (1)</p>‌<span class="title">‌صِيغَةُ الْيَمِينِ التَّعْلِيقِيَّةُ:</span></p><font color=#ff0000>64 -</font> التَّعْلِيقُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ عَلَّقَ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ وَعَلَيْهِ: أَنْشَبَهُ فِيهِ وَوَضَعَهُ عَلَيْهِ وَجَعَلَهُ مُسْتَمْسِكًا.</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: رَبْطُ حُصُول مَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِحُصُول مَضْمُونِ جُمْلَةٍ أُخْرَى، وَالْجُمْلَةُ الَّتِي رُبِطَ مَضْمُونُهَا هِيَ جُمْلَةُ الْجَزَاءِ، وَالَّتِي رُبِطَ هَذَا الْمَضْمُونُ بِمَضْمُونِهَا هِيَ جُمْلَةُ الشَّرْطِ.</p>فَفِي مِثْل: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، رَبَطَ الْمُتَكَلِّمُ حُصُول مَضْمُونِ الْجَزَاءِ - وَهُوَ الطَّلَاقُ - بِحُصُول مَضْمُونِ الشَّرْطِ - وَهُوَ دُخُولُهَا الدَّارَ - وَوَقَفَهُ عَلَيْهِ، فَلَا يَقَعُ إِلَاّ بِوُقُوعِهِ.</p>وَلَيْسَ كُل تَعْلِيقٍ يَمِينًا، وَإِنَّمَا الْيَمِينُ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا تَعْلِيقَاتٌ مَخْصُوصَةٌ تُذْكَرُ فِيمَا يَأْتِي.</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ أَجْزَاءُ الصِّيغَةِ:</span></p><font color=#ff0000>65 -</font> مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ قَال إِنْسَانٌ: إِنْ فَعَلْتُ كَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ مَثَلاً، فَهَذِهِ صِيغَةُ تَعْلِيقٍ تَحْتَوِي عَلَى: أَدَاةِ شَرْطٍ، فَجُمْلَةٍ شَرْطِيَّةٍ، فَجُمْلَةٍ جَزَائِيَّةٍ.</p>وَالْحَدِيثُ عَنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ كَمَا يَلِي:</p> </p>‌<span class="title">‌أَدَاةُ الشَّرْطِ:</span></p><font color=#ff0000>66 -</font> ذَكَرَ أَهْل النَّحْوِ وَاللُّغَةِ أَدَوَاتٍ كَثِيرَةً لِلشَّرْطِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 15، حاشية ابن عابدين 3 / 100.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧١)</span><hr/></div>مِنْهَا " إِنْ " - بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ - وَقَدْ تُزَادُ بَعْدَهَا: مَا، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} (1)</p>وَمِنْهَا " إِذَا " وَقَدْ تُزَادُ بَعْدَهَا: مَا، وَمِنْهَا " مَنْ " " وَمَا " " وَمَهْمَا " " وَحَيْثُمَا " " وَكَيْفَمَا ". " وَمَتَى " وَقَدْ تُزَادُ بَعْدَهَا: مَا، وَأَيْنَ وَقَدْ تُزَادُ بَعْدَهَا: مَا أَيْضًا.</p><font color=#ff0000>67 -</font> وَقَدْ يَقُومُ مَقَامَ هَذِهِ الأَْدَوَاتِ أَدَوَاتٌ أُخْرَى وَإِنْ لَمْ تُعَدَّ فِي اللُّغَةِ مِنْ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ، وَمِنْهَا: كُلٌّ وَكُلَّمَا وَبَاءُ الْجَرِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌جُمْلَةُ الشَّرْطِ:</span></p><font color=#ff0000>68 -</font> جُمْلَةُ الشَّرْطِ هِيَ الَّتِي تَدْخُل عَلَيْهَا أَدَاةُ الشَّرْطِ، وَهِيَ جُمْلَةٌ فِعْلِيَّةٌ مَاضَوِيَّةٌ أَوْ مُضَارِعِيَّةٌ، وَهِيَ لِلاِسْتِقْبَال فِي الْحَالَتَيْنِ، فَإِنْ أَرَادَ الْمُتَكَلِّمُ التَّعْلِيقَ عَلَى أَمْرٍ مَضَى أَدْخَل عَلَى الْفِعْل جُمْلَةَ الْكَوْنِ.</p>وَإِيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْل الْقَائِل: إِنْ خَرَجْتِ، أَوْ: إِنْ تَخْرُجِي يُفِيدُ التَّعْلِيقَ عَلَى خُرُوجٍ فِي الْمُسْتَقْبَل.</p>فَإِذَا اخْتَلَفَ الرَّجُل مَعَ امْرَأَتِهِ، فَادَّعَى أَنَّهَا خَرَجَتْ بِالأَْمْسِ، فَقَالَتْ: لَمْ أَخْرُجْ، فَأَرَادَ تَعْلِيقَ طَلَاقِهَا عَلَى هَذَا الْخُرُوجِ الْمَاضِي، فَإِنَّهُ يَأْتِي بِفِعْل الْكَوْنِ فَيَقُول: إِنْ كُنْتِ خَرَجْتِ بِالأَْمْسِ فَأَنْتِ طَالِقٌ.</p> </p>‌<span class="title">‌جُمْلَةُ الْجَزَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>69 -</font> هِيَ الْجُمْلَةُ الَّتِي يَأْتِي بِهَا الْمُتَكَلِّمُ عَقِبَ جُمْلَةِ الشَّرْطِ، جَاعِلاً مَضْمُونَهَا مُتَوَقِّفًا عَلَى مَضْمُونِ جُمْلَةِ الشَّرْطِ، وَقَدْ يَأْتِي الْجَزَاءُ قَبْل جُمْلَةِ الشَّرْطِ وَالأَْدَاةِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة غافر / 77.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٢)</span><hr/></div>وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَكُونُ جَزَاءً مُقَدَّمًا عِنْدَ بَعْضِ النُّحَاةِ، وَدَلِيل الْجَزَاءِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَالْجَزَاءُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ يَكُونُ مُقَدَّرًا بَعْدَ الشَّرْطِ.</p> </p><font color=#ff0000>2 -</font>‌<span class="title">‌ أَقْسَامُ الْيَمِينِ التَّعْلِيقِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>70 -</font> قَسَّمَ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ الْيَمِينَ إِلَى يَمِينٍ بِاللَّهِ وَيَمِينٍ بِغَيْرِهِ. وَفِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ عَلَى الْيَمِينِ بِاللَّهِ أَلْحَقَ بِهَا تَعْلِيقَ الْكُفْرِ، ثُمَّ قَسَّمَ الْيَمِينَ بِغَيْرِ اللَّهِ إِلَى مَا كَانَتْ بِحَرْفِ الْقَسَمِ كَالْحَلِفِ بِالأَْنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَمَا كَانَ بِالتَّعْلِيقِ، وَحَصْرُ التَّعْلِيقِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْتِزَامِ الْقُرْبَةِ. (1)</p>وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ التَّعْلِيقَاتِ الَّتِي تُعْتَبَرُ أَيْمَانًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَحْصُورَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ، وَهِيَ: تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ، وَتَعْلِيقُ الْعَتَاقِ، وَتَعْلِيقُ الْتِزَامِ الْقُرْبَةِ، وَتَعْلِيقُ الْكُفْرِ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَ تَعْلِيقَ الْكُفْرِ. عَنِ التَّعْلِيقَاتِ الثَّلَاثَةِ لِمُخَالَفَتِهِ إِيَّاهَا فِي الْحُكْمِ، فَإِنَّ حُكْمَهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَحَقُّقُ الْجَزَاءِ، إِنْ كَانَتْ طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا، وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الْجَزَاءِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ إِنْ كَانَ الْجَزَاءُ الْتِزَامَ قُرْبَةٍ، بِخِلَافِ تَعْلِيقِ الْكُفْرِ، فَلَيْسَ حُكْمُهُ تَحَقُّقَ الْجَزَاءِ وَهُوَ الْكُفْرُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ، بَل حُكْمُهُ عِنْدَهُمْ هُوَ الْكَفَّارَةُ كَالْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى.</p>وَفِي مَجْمُوعِ فَتَاوَى شَيْخِ الإِْسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَإِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ لاِبْنِ الْقَيِّمِ مَا يُفِيدُ: أَنَّ تَعْلِيقَ الظِّهَارِ وَتَعْلِيقَ الْحَرَامِ كِلَاهُمَا يَمِينٌ. (2) وَبِهَذَا تَكُونُ التَّعْلِيقَاتُ الَّتِي تُسَمَّى عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَيْمَانًا مُنْحَصِرَةٌ فِي هَذِهِ السِّتَّةِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 2، 8، 21، قد يتسامح بعض الناس فيسمي مضمون جملة الشرط محلوفا عليه وهذا التسامح قد يؤدي إلى أخطاء فليحذر.</p><font color=#ff0000>(2)</font> إعلام الموقعين 3 / 83، 84، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 35 / 242. هذا، وإن تعليق الحرام كتنجيزه، ولا شك أن تنجيزه يعتبر يمينا كاليمين بالله عند الحنفية، فتعليقه ليس زائدا على ما قرروه، وأما تعليق الظهار فقد سمي يمينا في بعض كتب الفقه، ومن ذلك قول خليل المالكي في مختصره وأدخل الحنابلة الظهار في أيمان المسلمين كما سبق وكما في مطالب أولي النهى 6 / 373. ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ:</span></p><font color=#ff0000>71 -</font> قَال الْحَنَفِيَّةُ: تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ يُعْتَبَرُ يَمِينًا، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَقْصُودُ بِهِ الْحَثَّ، نَحْوُ: إِنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوِ الْمَنْعَ نَحْوُ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ تَحْقِيقَ الْخَبَرِ نَحْوُ: إِنْ لَمْ يَكُنِ الأَْمْرُ كَمَا قُلْتِهِ فَفُلَانَةُ طَالِقٌ: أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ نَحْوُ: إِذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْتِ طَالِقٌ. (1) وَهَذِهِ الصُّورَةُ الأَْخِيرَةُ مَحَل نِزَاعٍ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَبَيْنَ مَنْ يُوَافِقُهُمْ فِي تَسْمِيَةِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ يَمِينًا كَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، فَهُمْ لَا يُسَمُّونَهُ يَمِينًا؛ لأَِنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِهِ مَا يَقْصِدُ بِالْيَمِينِ مِنْ تَأْكِيدِ الْحَثِّ وَالْمَنْعِ وَالْخَبَرِ، فَإِنَّ مَجِيءَ الْغَدِ لَيْسَ دَاخِلاً فِي مَقْدُورِهِ، وَلَا مَقْدُورِهَا فَهُمَا لَا يَسْتَطِيعَانِ مَنْعَهُ.</p><font color=#ff0000>72 -</font> وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عِنْدَ تَحَقُّقِ شَرَائِطِ الطَّلَاقِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ نَاحِيَتَيْنِ.</p>(أُولَاهُمَا) أَنَّهُ يَقَعُ عِنْدَ وُقُوعِ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ أَوْ لَا يَقَعُ.</p>(ثَانِيَتُهُمَا) أَنَّهُ يُسَمَّى يَمِينًا أَوْ لَا يُسَمَّى.</p>أَمَّا النَّاحِيَةُ الأُْولَى فَخُلَاصَتُهَا أَنَّ لِلْفُقَهَاءِ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ وَعَدَمِ وُقُوعِهِ قَوْلَيْنِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 22.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٣)</span><hr/></div>(الْقَوْل الأَْوَّل) أَنَّهُ يَقَعُ إِذَا تَحَقَّقَ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ جَارِيًا مَجْرَى الْيَمِينِ أَمْ لَا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.</p>(الْقَوْل الثَّانِي) التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَا جَرَى مَجْرَى الْيَمِينِ وَمَا لَمْ يَجْرِ مَجْرَاهُ.</p>فَالأَْوَّل لَا يَقَعُ وَإِنْ وَقَعَ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي يَقَعُ عِنْدَ وُقُوعِ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ، وَهَذَا رَأْيُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَابْنِ الْقَيِّمِ جَمْعًا بَيْنَ مَا رُوِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ مِنَ الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ. وَهَل تَجِبُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ فِيمَا جَرَى مَجْرَى الْيَمِينِ أَوْ لَا تَجِبُ؟</p>اخْتَارَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ الْقَيِّمِ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ؛ لأَِنَّهَا يَمِينٌ مُنْعَقِدَةٌ يَشْمَلُهَا قَوْله تَعَالَى:{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَْيْمَانَ} (1) وَلِتَفْصِيل ذَلِكَ (ر: طَلَاقٌ) .</p>وَأَمَّا النَّاحِيَةُ الثَّانِيَةُ فَخُلَاصَتُهَا: أَنَّ مَنْ قَال بِالْوُقُوعِ - وَهُمُ الْجُمْهُورُ - اخْتَلَفُوا فِي تَسْمِيَتِهِ يَمِينًا، فَالْحَنَفِيَّةُ يَجْعَلُونَهُ يَمِينًا مَتَى كَانَ تَعْلِيقًا مَحْضًا، وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ مَا يُقْصَدُ بِالْيَمِينِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا يَقُولُونَ فِي تَعْلِيقِ الْعِتْقِ وَالْتِزَامِ الْقُرْبَةِ.</p>وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يَقُولُونَ جَمِيعًا: إِنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ يُسَمَّى يَمِينًا عَلَى الرَّاجِحِ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ، وَمَنْ لَمْ يُسَمِّهِ يَمِينًا مِنْهُمْ لَا يُخَالِفُ مَنْ يُسَمِّيهِ يَمِينًا إِلَاّ فِي التَّسْمِيَةِ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ إِنْسَانٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة / 89. وارجع أيضا إلى إعلام الموقعين 3 / 62 - 92 وهو المثال الثامن.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٣)</span><hr/></div>أَلَاّ يَحْلِفَ، ثُمَّ عَلَّقَ طَلَاقًا عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ، حَنِثَ عِنْدَ مَنْ يُسَمِّي هَذَا التَّعْلِيقَ يَمِينًا، وَلَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ مَنْ لَا يُسَمِّيهِ يَمِينًا.</p> </p>‌<span class="title">‌تَعْلِيقُ الْتِزَامِ الْقُرْبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>73 -</font> قَال الْحَنَفِيَّةُ: تَعْلِيقُ الْتِزَامِ الْقُرْبَةِ يُسَمَّى يَمِينًا، سَوَاءٌ أَقُصِدَ بِهِ مَا يُقْصَدُ بِالأَْيْمَانِ أَمْ لَا. (1)</p>فَلَوْ قَال: إِنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا، أَوْ: إِنْ لَمْ أُكَلِّمْ فُلَانًا، أَوْ: إِنْ لَمْ يَكُنِ الأَْمْرُ كَمَا قُلْتُهُ فَعَلَيَّ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ أَوْ صِيَامٌ أَوْ صَلَاةٌ، فَهَذَا كُلُّهُ يُسَمَّى نَذْرًا، وَيُسَمَّى أَيْضًا يَمِينًا، وَهُوَ جَارٍ مَجْرَى الْيَمِينِ، فَإِنَّهُ فِي</p>الْمِثَال الأَْوَّل: يُؤَكِّدُ مَنْعَ نَفْسِهِ مِنْ تَكْلِيمِ فُلَانٍ. وَفِي</p>الْمِثَال الثَّانِي: يُؤَكِّدُ حَثَّ نَفْسِهِ عَلَى تَكْلِيمِهِ. وَفِي</p>الْمِثَال الثَّالِثِ: يُؤَكِّدُ الْخَبَرَ الَّذِي يُنَاقِضُ مَضْمُونَ الشَّرْطِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ.</p>وَلَوْ قَال: إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَعَلَيَّ عُمْرَةٌ فَهُوَ نَذْرٌ أَيْضًا، وَيُسَمَّى يَمِينًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.</p><font color=#ff0000>74 -</font> وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْلِيقِ الْتِزَامِ الْقُرْبَةِ مِنْ نَاحِيَتَيْنِ:</p>أَمَّا النَّاحِيَةُ الأُْولَى: فَخُلَاصَتُهَا أَنَّ النَّذْرَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ جَارِيًا مَجْرَى الْيَمِينِ أَوْ لَا.</p>فَإِنْ كَانَ جَارِيًا مَجْرَى الْيَمِينِ - وَيُسَمَّى نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ - فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلْفُقَهَاءِ:</p>(الأَْوَّل) أَنَّ الْقَائِل يُخَيَّرُ عِنْدَ وُقُوعِ الشَّرْطِ بَيْنَ الإِْتْيَانِ بِمَا الْتَزَمَهُ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَهَذَا الْقَوْل هُوَ آخِرُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ الإِْمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 22، وفتح القدير 4 / 3.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٤)</span><hr/></div>وَهُوَ أَيْضًا أَرْجَحُ الأَْقْوَال عِنْدَ الشَّافِعِيِّ.</p>وَبِهِ قَال أَحْمَدُ.</p>وَهُوَ قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ مِنْ أَهْل مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ وَفُقَهَاءِ الْحَدِيثِ.</p>(الثَّانِي) أَنَّ الْقَائِل يَلْزَمُهُ عِنْدَ وُقُوعِ الشَّرْطِ مَا الْتَزَمَهُ، وَهُوَ قَوْل مَالِكٍ وَأَحَدُ أَقْوَال الشَّافِعِيِّ.</p>(الثَّالِثُ) أَنَّ الْقَائِل يَلْزَمُهُ عِنْدَ وُقُوعِ الشَّرْطِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَيُلْغِي مَا الْتَزَمَهُ، وَهَذَا أَحَدُ الأَْقْوَال لِلشَّافِعِيِّ.</p>وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَارِيًا مَجْرَى الْيَمِينِ لَزِمَ الْوَفَاءُ بِهِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ فِيهَا خِلَافَ الْفُقَهَاءِ. (1)</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ:(نَذْرٌ) .</p><font color=#ff0000>75 -</font> أَمَّا النَّاحِيَةُ الثَّانِيَةُ: فَخُلَاصَتُهَا أَنَّ النَّذْرَ الْمُعَلَّقَ الَّذِي لَا يَجْرِي مَجْرَى الْيَمِينِ يُسَمِّيهِ الْحَنَفِيَّةُ يَمِينًا، كَمَا سَمَّوُا الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ يَمِينًا وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ مَا قُصِدَ بِالأَْيْمَانِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ فَلَمْ نَعْثُرْ عَلَى أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ سَمَّى مَا لَمْ يَجْرِ مَجْرَى الأَْيْمَانِ يَمِينًا، وَمَا جَرَى مَجْرَى الأَْيْمَانِ - وَهُوَ اللَّجَاجُ يُسَمَّى - يَمِينًا عِنْدَ مَنْ قَال بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ أَوْ بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ وَبَيْنَ، الْكَفَّارَةِ.</p>وَالْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ مَا الْتَزَمَهُ مُخْتَلِفُونَ: فَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّيهِ يَمِينًا كَابْنِ عَرَفَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُسَمِّيهِ يَمِينًا.</p> </p>‌<span class="title">‌تَعْلِيقُ الْكُفْرِ:</span></p><font color=#ff0000>76 -</font> قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ تَعْلِيقَ الْكُفْرِ عَلَى مَا لَا يُرِيدُهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 3 / 69، حاشية الصاوي على بلغة السالك 1 / 336، 348، وتحفة المحتاج بحاشية الشرواني 8 / 273، والمغني بأعلى الشرح الكبير 11 / 194، 332، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 35 / 253.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٤)</span><hr/></div>الإِْنْسَانُ بِقَصْدِ تَأْكِيدِ الْمَنْعِ مِنْهُ أَوِ الْحَثِّ عَلَى نَقِيضِهِ أَوِ الإِْخْبَارِ بِنَقِيضِهِ يُعْتَبَرُ يَمِينًا شَرْعِيَّةً مُلْحَقَةً بِالْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى.</p>وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ يُرْوَى عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَالْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ، وَيُرْوَى أَيْضًا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه.</p>حَكَى ذَلِكَ كُلَّهُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي، وَحَكَاهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ، وَهُوَ إِحْدَى رِوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَهِيَ الرِّوَايَةُ الرَّاجِحَةُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْحَنَابِلَةِ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: إِنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ.</p>وَوَافَقَهُمْ أَحْمَدُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَهُوَ أَيْضًا قَوْل اللَّيْثِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَعَطَاءٍ وَقَتَادَةَ وَجُمْهُورِ فُقَهَاءِ الأَْمْصَارِ. (1) وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ تُخَالِفُ حِكَايَةَ صَاحِبِ الْمُغْنِي عَنْ عَطَاءٍ فَلَعَل لَهُ قَوْلَيْنِ، وَكَذَا حِكَايَتُهُ عَنْ جُمْهُورِ فُقَهَاءِ الأَْمْصَارِ تَخْتَلِفُ عَنْ حِكَايَةِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ الْقَوْل الأَْوَّل عَنْ أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَمْثِلَةُ الْكُفْرِ الْمُعَلَّقِ عَلَى الشَّرْطِ:</span></p><font color=#ff0000>77 -</font> مِنْهَا: أَنْ يُخْبِرَ الإِْنْسَانُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ إِنْ فَعَل كَذَا، أَوْ إِنْ لَمْ يَفْعَل كَذَا أَوْ إِنْ حَصَل كَذَا، أَوْ إِنْ لَمْ يَحْصُل كَذَا، أَوْ إِنْ لَمْ يَكُنِ الأَْمْرُ كَذَا، فَهُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 8، 21، وابن عابدين على الدر المختار 3 / 55، 56، والشرح الصغير للدردير بحاشية الصاوي 1 / 330، وتحفة المحتاج بحاشية الشرواني 8 / 214، 217، ونهاية المحتاج 8 / 169، والمغني بأعلى الشرح الكبير 11 / 198، 201، ومجموع فتاوى ابن تيمية 35 / 274، ونيل الأوطار 8 / 242، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف من كتب الحنابلة 11 / 31، 33.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٥)</span><hr/></div>نَصْرَانِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ، أَوْ كَافِرٌ أَوْ شَرِيكُ الْكُفَّارِ أَوْ مُرْتَدٌّ، أَوْ بَرِيءٌ مِنَ اللَّهِ أَوْ مِنْ رَسُول اللَّهِ أَوْ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ كَلَامِ اللَّهِ أَوِ الْكَعْبَةِ أَوِ الْقِبْلَةِ، أَوْ بَرِيءٌ مِمَّا فِي الْمُصْحَفِ، أَوْ بَرِيءٌ مِمَّا فِي هَذَا الدَّفْتَرِ إِذَا كَانَ فِي الدَّفْتَرِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ وَلَوِ الْبَسْمَلَةَ، أَوْ بَرِيءٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ مِنَ الصَّلَاةِ أَوِ الصِّيَامِ أَوِ الْحَجِّ.</p>وَمِنْهَا: أَنْ يُخْبِرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ يَعْبُدُ الصَّلِيبَ، أَوْ يَسْتَحِل الْخَمْرَ أَوِ الزِّنَى إِنْ لَمْ يَفْعَل كَذَا (1) .</p>وَيُسْتَدَل لِمَنْ قَال: إِنَّهُ لَيْسَ يَمِينًا بِأَنَّهُ لَيْسَ حَلِفًا بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا صِفَتِهِ، فَلَا يَكُونُ يَمِينًا، كَمَا لَوْ قَال: عَصَيْتُ اللَّهَ تَعَالَى فِيمَا أَمَرَنِي إِنْ فَعَلْتُ كَذَا أَوْ إِنْ لَمْ أَفْعَل كَذَا، وَكَمَا لَوْ حَلَفَ بِالْكَعْبَةِ أَوْ بِأَبِيهِ.</p><font color=#ff0000>78 -</font> وَيُسْتَدَل لِمَنْ قَال إِنَّهُ يَمِينٌ بِمَا يَأْتِي:</p>أ - رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُئِل عَنِ الرَّجُل يَقُول: هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ أَوْ بَرِيءٌ مِنَ الإِْسْلَامِ فِي الْيَمِينِ يَحْلِفُ بِهَا فَيَحْنَثُ فِي هَذِهِ الأَْشْيَاءِ؟ فَقَال: عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ (2) .</p>ب - إِنَّ الْحَالِفَ بِذَلِكَ لَمَّا رَبَطَ مَالاً يُرِيدُهُ بِالْكُفْرِ كَانَ رَابِطًا لِنَقِيضِهِ بِالإِْيمَانِ بِاللَّهِ، فَكَانَ مِثْل الْحَالِفِ بِاللَّهِ؛ لأَِنَّهُ يَرْبِطُ الشَّيْءَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بِإِيمَانِهِ بِاللَّهِ تَعَالَى. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 11 / 199، ومعلوم أن خارجة بن زيد بن ثابت هو أحد الفقهاء السبعة وهو ثقة، والزهري الذي روي عنه ثقة أيضا لكن الظاهر أن السند بين أبي بكر والزهري ضعيف فإن صاحب المغني نفى أن يكون في هذه اليمين نص ولو كان هذا الحديث صحيح الإسناد أو حسنه لكان نصا رافعا للخلاف.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتاوى ابن تيمية 35 / 275، وقد أطال في بيان ذلك وتوضيحه، فليراجع.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعْلِيقُ الظِّهَارِ:</span></p><font color=#ff0000>79 -</font> الظِّهَارُ - كَقَوْل الرَّجُل لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي - يُشْبِهُ الْقَسَمَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ قَوْلٌ يَسْتَوْجِبُ الاِمْتِنَاعَ عَنْ شَيْءٍ، وَيَقْتَضِي الْكَفَّارَةَ غَيْرَ أَنَّهَا أَعْظَمُ مِنْ كَفَّارَةِ الْقَسَمِ. وَمِنْ هُنَا سَمَّى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الظِّهَارَ يَمِينًا، وَقَدْ نَقَل ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَنْ أَصْحَابِ الْحَنَابِلَةِ كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ قَال: أَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ تَلْزَمُنِي إِنْ فَعَلْتُ كَذَا لَزِمَهُ مَا يَفْعَلُهُ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ وَالنَّذْرِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالظِّهَارِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌تَعْلِيقُ الْحَرَامِ:</span></p><font color=#ff0000>80 -</font> سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى تَحْرِيمِ الْعَيْنِ أَوِ الْفِعْل، وَأَنَّهُ يُعَدُّ يَمِينًا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَإِنْ كَانَ مُنَجَّزًا. كَمَا سَبَقَ أَنَّ قَوْل الرَّجُل: الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي لأََفْعَلَنَّ كَذَا، يُعَدُّ طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا أَوْ عَتَاقًا أَوْ يَمِينًا.</p>وَأَيًّا مَا كَانَ، فَتَعْلِيقُ الْحَرَامِ يُقَال فِيهِ مَا قِيل فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ، فَلَا حَاجَةَ لِلإِْطَالَةِ بِهِ. وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ أَنْ يَقُول: إِنْ فَعَلْتُ كَذَا أَوْ إِنْ لَمْ أَفْعَل كَذَا أَوْ إِنْ كَانَ الأَْمْرُ كَذَا أَوْ إِنْ لَمْ يَكُنِ الأَْمْرُ كَذَا فَزَوْجَتِي عَلَيَّ حَرَامٌ.</p>هَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِلتَّعْلِيقِ الصَّرِيحِ.</p>وَأَمَّا التَّعْلِيقُ الْمُقَدَّرُ فَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: عَلَيَّ الْحَرَامُ، أَوِ الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي، أَوْ زَوْجَتِي عَلَيَّ حَرَامٌ لأََفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ لَا أَفْعَل كَذَا، أَوْ لَقَدْ كَانَ كَذَا أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا.</p>وَقَدْ نَقَل ابْنُ الْقَيِّمِ فِي قَوْل الْقَائِل أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَقَوْلِهِ: مَا أَحَل اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ. وَقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مجموع فتاوى ابن تيمية 35 / 243.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٦)</span><hr/></div>كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ خَمْسَةَ عَشَرَ مَذْهَبًا، وَيَكْفِي هُنَا الإِْشَارَةُ إِلَيْهَا. وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ الْمَذَاهِبِ فِيهَا.</p>ثُمَّ نُقِل عَنْ شَيْخِ الإِْسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ اخْتِيَارُ مَذْهَبٍ فَوْقَ الْخَمْسَةَ عَشْرَةَ، وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ أَوْقَعَ التَّحْرِيمَ كَانَ ظِهَارًا وَلَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، وَإِنْ حَلَفَ بِهِ كَانَ يَمِينًا مُكَفَّرَةً، فَإِنَّهُ إِذَا أَوْقَعَهُ كَانَ قَدْ أَتَى مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْل وَزُورًا، وَكَانَ أَوْلَى بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ مِمَّنْ شَبَّهَ امْرَأَتَهُ بِالْمُحَرَّمَةِ، وَإِذَا حَلَفَ كَانَ يَمِينًا مِنَ الأَْيْمَانِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالْتِزَامِ الْعِتْقِ وَالْحَجِّ وَالصَّدَقَةِ (1) وَأَسْهَبَ فِي الاِسْتِدْلَال عَلَى ذَلِكَ.</p> </p>‌<span class="title">‌شَرَائِطُ الْيَمِينِ التَّعْلِيقِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>81 -</font> يُشْتَرَطُ فِي الْيَمِينِ التَّعْلِيقِيَّةِ شَرَائِطُ بَعْضُهَا يَرْجِعُ إِلَى مُنْشِئِ التَّعْلِيقِ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إِلَى جُمْلَةِ الشَّرْطِ، وَبَعْضُهَا إِلَى جُمْلَةِ الْجَزَاءِ.</p> </p>‌<span class="title">‌شَرَائِطُ مُنْشِئِ التَّعْلِيقِ (وَهُوَ الْحَالِفُ) :</span></p><font color=#ff0000>82 -</font> يُشْتَرَطُ فِيهِ شَرَائِطُ مُفَصَّلَةٌ فِي الْحَالِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى.</p>‌<span class="title">‌مَا يُشْتَرَطُ فِي جُمْلَةِ الشَّرْطِ:</span></p><font color=#ff0000>83 -</font> يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّعْلِيقِ شَرَائِطُ تَتَعَلَّقُ بِالْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ، وَهِيَ مُفَصَّلَةٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُعْتَبَرُ تَعْلِيقُهَا يَمِينًا، وَنُشِيرُ هُنَا إِلَيْهَا إِجْمَالاً وَهِيَ:</p>(الشَّرِيطَةُ الأُْولَى) : أَنْ يَكُونَ مَدْلُول فِعْلِهَا مَعْدُومًا مُمْكِنَ الْوُجُودِ. فَالْمُحَقَّقُ نَحْوُ: إِنْ كَانَتِ السَّمَاءُ فَوْقَنَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، يُعْتَبَرُ تَنْجِيزًا لَا تَعْلِيقًا، وَالْمُسْتَحِيل نَحْوُ: إِنْ دَخَل الْجَمَل فِي سَمِّ الْخِيَاطِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) إعلام الموقعين 3 / 83 - 84.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٦)</span><hr/></div>فَزَوْجَتِي كَذَا، يُعْتَبَرُ لَغْوًا لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الْحِنْثِ. (1)</p><font color=#ff0000>84 -</font> (الشَّرِيطَةُ الثَّانِيَةُ) : الإِْتْيَانُ بِجُمْلَةِ الشَّرْطِ، فَلَوْ أَتَى بِأَدَاةِ الشَّرْطِ وَلَمْ يَأْتِ بِالْجُمْلَةِ - وَلَا دَلِيل عَلَيْهَا - كَانَ الْكَلَامُ لَغْوًا، وَمِثَالُهُ أَنْ يَقُول: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ، أَوْ يَقُول بَعْدَ جُمْلَةِ الطَّلَاقِ " إِنْ كَانَ " أَوْ " إِنْ لَمْ يَكُنْ " أَوْ " إِلَاّ " أَوْ " لَوْلَا " فَفِي كُل هَذِهِ الأَْمْثِلَةِ يَكُونُ الْكَلَامُ لَغْوًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ، وَقَال مُحَمَّدٌ: تَطْلُقُ لِلْحَال.</p><font color=#ff0000>85 -</font> (الشَّرِيطَةُ الثَّالِثَةُ) : وَصْلُهَا بِجُمْلَةِ الْجَزَاءِ، فَلَوْ قَال: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، ثُمَّ سَكَتَ، وَلَوْ بِقَدْرِ التَّنَفُّسِ بِلَا تَنَفُّسٍ وَبِلَا ضَرُورَةٍ، أَوْ تَكَلَّمَ كَلَامًا أَجْنَبِيًّا ثُمَّ قَال: فَأَنْتِ طَالِقٌ، لَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيقُ، بَل يَكُونُ طَلَاقًا مُنَجَّزًا.</p><font color=#ff0000>86 -</font> (الشَّرِيطَةُ الرَّابِعَةُ) : أَلَاّ يَقْصِدَ الْمُتَكَلِّمُ بِالإِْتْيَانِ بِهَا الْمُجَازَاةَ، فَإِنْ قَصَدَهَا كَانَتْ جُمْلَةُ الْجَزَاءِ تَنْجِيزًا لَا تَعْلِيقًا.</p>مِثَال ذَلِكَ أَنْ تَنْسُبَ امْرَأَةٌ إِلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ فَاسِقٌ، فَيَقُول لَهَا: إِنْ كُنْتُ كَمَا قُلْتِ فَأَنْتِ كَذَا، فَيُتَنَجَّزُ الطَّلَاقُ، سَوَاءٌ أَكَانَ كَمَا قَالَتْ أَمْ لَا؛ لأَِنَّهُ فِي الْغَالِبِ لَا يُرِيدُ إِلَاّ إِيذَاءَهَا بِالطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ عُقُوبَةً لَهَا عَلَى شَتْمِهِ.</p>فَإِنْ قَال: قَصَدْتُ التَّعْلِيقَ، لَمْ يُقْبَل قَضَاءً، بَل يَدِينُ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ أَهْل بُخَارَى مِنَ الْحَنَفِيَّةِ.</p><font color=#ff0000>87 -</font> (الشَّرِيطَةُ الْخَامِسَةُ) : أَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبَلاً إِثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا، وَهَذِهِ الشَّرِيطَةُ إِنَّمَا تُشْتَرَطُ فِي تَعْلِيقِ الْكُفْرِ لَا فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ. ثُمَّ إِنَّ الَّذِينَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أفاد هذه الشريطة صاحب الدر المختار حـ 2 ص 493 ط بولاق.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٧)</span><hr/></div>يَشْتَرِطُونَهَا فِي تَعْلِيقِ الْكُفْرِ إِنَّمَا هُمُ الَّذِينَ يَشْتَرِطُونَهَا فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى.</p>وَالْخُلَاصَةُ أَنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ يَصِحُّ فِي الْمَاضِي كَمَا يَصِحُّ فِي الْمُسْتَقْبَل؛ لأَِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ غَمُوسًا عِنْدَ مُخَالَفَةِ الْوَاقِعِ، بِخِلَافِ تَعْلِيقِ الْكُفْرِ، فَمَنْ قَال: إِنْ كَانَ الأَْمْرُ عَلَى خِلَافِ مَا قُلْتُهُ، أَوْ: إِنْ لَمْ يَكُنِ الأَْمْرُ كَمَا قُلْتُهُ، أَوْ: إِنْ كَانَ الأَْمْرُ عَلَى مَا قَال فُلَانٌ فَامْرَأَتِي كَذَا، أَوْ: فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ، أَوْ: فَهُوَ يَهُودِيٌّ، فَإِنْ كَانَ مَا أَثْبَتَهُ مَنْفِيًّا فِي الْوَاقِعِ، أَوْ مَا نَفَاهُ ثَابِتًا فِي الْوَاقِعِ طَلُقَتِ امْرَأَتُهُ فِي الصُّورَةِ الأُْولَى، وَتُخَيَّرُ بَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ مِنَ الصِّيَامِ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ فِي الصُّورَةِ الأَْخِيرَةِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عِنْدَ مَنْ يَقُول بِعَدَمِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ الْغَمُوسِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ.</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يُشْتَرَطُ فِي جُمْلَةِ الْجَزَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>88 -</font> لَيْسَ كُل تَعْلِيقٍ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ يَمِينًا شَرْعًا، وَإِنَّمَا الَّذِي يَصْلُحُ مَا كَانَ جَزَاؤُهُ وَاحِدًا مِنْ سِتَّةٍ، وَهِيَ: الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَالْتِزَامُ الْقُرْبَةِ وَالْكُفْرُ وَالظِّهَارُ وَالْحَرَامُ.</p>فَيُشْتَرَطُ فِي جُمْلَةِ الْجَزَاءِ: أَنْ يَكُونَ مَضْمُونُهَا وَاحِدًا فِي هَذِهِ السِّتَّةِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِالأَْرْبَعَةِ الأُْوَل فَقَطْ، وَلَمْ يَذْكُرُوا تَعْلِيقَ الظِّهَارِ، وَلَا تَعْلِيقَ الْحَرَامِ، لَكِنَّهُمْ جَعَلُوا تَحْرِيمَ الْحَلَال فِي حُكْمِ الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ يَشْمَل الْمُنَجَّزَ وَالْمُعَلَّقَ، فَلَمْ يَبْقَ خَارِجًا عَنْ كَلَامِهِمْ سِوَى تَعْلِيقِ الظِّهَارِ. (1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مجموع فتاوى ابن تيمية 35 / 242، 272، والشرح الكبير للدردير على مختصر خليل 1 / 32، 33.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٧)</span><hr/></div>وَيُشْتَرَطُ فِي جُمْلَةِ الْجَزَاءِ شَرِيطَةٌ ثَانِيَةٌ وَهِيَ: أَلَاّ يَذْكُرَ فِيهَا اسْتِثْنَاءً بِنَحْوِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ إِلَاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، فَمَنْ قَال: إِنْ فَعَلْتِ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ قَال أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِنْ فَعَلْتِ كَذَا، أَوْ قَال أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ فَعَلْتِ كَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بَطَل تَعْلِيقُهُ.</p>وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ.</p>وَخَالَفَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، فَقَالُوا: لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ فِيمَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَمَثَّل لَهُ الْمَالِكِيَّةُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْتِزَامِ الْقُرْبَةِ، وَمَثَّل لَهُ الْحَنَابِلَةُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَقَطْ؛ لأَِنَّ الْتِزَامَ الْقُرْبَةِ بِقَصْدِ الْيَمِينِ يَلْزَمُ فِيهِ مَا الْتَزَمَهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَيُخَيَّرُ فِيهِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ بَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ الاِسْتِثْنَاءُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي: الْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَبِالظِّهَارِ، وَقَوْل الْقَائِل: عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ عَلَيَّ يَمِينٌ أَوْ عَلَيَّ كَفَّارَةٌ. وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي: الْحَلِفِ بِاللَّهِ، وَالظِّهَارِ، وَفِي تَعْلِيقِ النَّذْرِ بِقَصْدِ الْحَلِفِ، وَتَعْلِيقِ الْكُفْرِ.</p>وَهَذَا الْمَنْقُول عَنِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ هُوَ أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ.</p>وَقَدْ رَجَّحَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ الرِّوَايَةَ الأُْخْرَى الْمُوَافِقَةَ لِقَوْل الْجُمْهُورِ، فَقَال: هَذَا الْقَوْل هُوَ الصَّوَابُ الْمَأْثُورُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجُمْهُورِ التَّابِعِينَ كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ (1) .</p>لَكِنْ جَرَى صَاحِبُ الْمُنْتَهَى وَغَيْرُهُ عَلَى اخْتِصَاصِ الْمَشِيئَةِ بِمَا يُكَفِّرُ عَنْهُ (2) فَتَكُونُ الرِّوَايَةُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مجموع الفتاوى لابن تيمية 35 / 284.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مطالب أولي النهى 6 / 369.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٨)</span><hr/></div>الأُْولَى هِيَ الرَّاجِحَةَ عِنْدَ مُتَأَخِّرِي الْحَنَابِلَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْلِيقُ الَّذِي لَا يُعَدُّ يَمِينًا شَرْعًا:</span></p><font color=#ff0000>89 -</font> لَمَّا كَانَتِ التَّعْلِيقَاتُ السِّتَّةُ السَّابِقَةُ إِنَّمَا تُعَدُّ أَيْمَانًا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَمَا عَدَاهَا مِنَ التَّعْلِيقَاتِ لَا يُعَدُّ يَمِينًا أَصْلاً كَانَ التَّعْلِيقُ الَّذِي لَا يُعَدُّ يَمِينًا نَوْعَيْنِ.</p>أَحَدُهُمَا: مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْحَثَّ وَلَا الْمَنْعَ وَلَا تَحْقِيقَ الْخَبَرِ، وَقَدْ خَالَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي ذَلِكَ فَعَدُّوهُ يَمِينًا، وَاشْتَرَطُوا أَنْ يَكُونَ تَعْلِيقُهُ تَعْلِيقًا مَحْضًا.</p>وَثَانِيهِمَا: كُل تَعْلِيقٍ مِنَ السِّتَّةِ اخْتَلَّتْ فِيهِ شَرِيطَةٌ مِنْ شَرَائِطِ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ.</p> </p>‌<span class="title">‌تَعْلِيقُ غَيْرِ السِّتَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>90 -</font> كُل تَعْلِيقٍ لِغَيْرِ السِّتَّةِ لَا يُعَدُّ يَمِينًا شَرْعًا وَإِنْ كَانَ الْقَائِل يَقْصِدُ بِهِ تَأْكِيدَ الْحَمْل عَلَى شَيْءٍ أَوِ الْمَنْعَ عَنْهُ أَوِ الْخَبَرَ.</p>وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ أَنْ يَقُول: إِنْ فَعَلْتُ كَذَا فَأَنَا بَرِيءٌ مِنَ الشَّفَاعَةِ؛ لأَِنَّ إِنْكَارَ الشَّفَاعَةِ بِدْعَةٌ، وَلَيْسَ كُفْرًا، أَوْ يَقُول: فَصَلَاتِي وَصِيَامِي لِهَذَا الْكَافِرِ قَاصِدًا أَنَّ ثَوَابَهُمَا يَنْتَقِل إِلَى هَذَا الْكَافِرِ، فَهَذَا الْقَوْل لَيْسَ كُفْرًا، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ أَنَّ صَلَاتَهُ وَصِيَامَهُ عِبَادَةٌ لِهَذَا الْكَافِرِ، أَيْ: أَنَّهُ يَعْبُدُهُ كَانَتْ يَمِينًا لأَِنَّ هَذَا كُفْرٌ.</p>وَمِنَ الأَْمْثِلَةِ: إِنْ فَعَل كَذَا فَعَلَيْهِ غَضَبُ اللَّهِ أَوْ سَخَطُهُ أَوْ لَعْنَتُهُ، أَوْ فَهُوَ زَانٍ أَوْ سَارِقٌ أَوْ شَارِبُ خَمْرٍ أَوْ آكِل رِبًا، فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ يَمِينًا شَرْعًا.</p>هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. (1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار بحاشية ابن عابدين 3 / 56 - 57، وحاشية الصاوي على الشرح الصغير للدردير 1 / 33، والمغني بأعلى الشرح الكبير 11 / 200.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌مَعْنَى الاِسْتِثْنَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>91 -</font> الْمُرَادُ بِالاِسْتِثْنَاءِ هُنَا هُوَ التَّعْلِيقُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يُبْطِل الْحُكْمَ، كَمَا لَوْ قَال قَائِلٌ: سَأَفْعَل كَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَإِنَّمَا سُمِّيَ هَذَا التَّعْلِيقُ اسْتِثْنَاءً لِشَبَهِهِ بِالاِسْتِثْنَاءِ الْمُتَّصِل فِي صَرْفِ اللَّفْظِ السَّابِقِ عَنْ ظَاهِرِهِ.</p>وَبَعْضُهُمْ يُسَمِّي هَذَا التَّعْلِيقَ (اسْتِثْنَاءَ تَعْطِيلٍ) لأَِنَّهُ يُعَطِّل الْعَقْدَ أَوِ الْوَعْدَ أَوْ غَيْرَهُمَا.</p>وَالْفُقَهَاءُ يَذْكُرُونَ هَذَا الاِسْتِثْنَاءَ فِي الأَْيْمَانِ حِينَمَا يَقُولُونَ: إِنَّ مِنْ شَرَائِطِ صِحَّةِ الْيَمِينِ عَدَمُ الاِسْتِثْنَاءِ فَإِنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَ إِلَاّ الاِسْتِثْنَاءَ، بِمَعْنَى التَّعْلِيقِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي لَوْ وُجِدَ لَبَطَل حُكْمُ الْيَمِينِ.</p>وَالضَّابِطُ الَّذِي يَجْمَعُ صُوَرَ الاِسْتِثْنَاءِ بِالْمَشِيئَةِ: كُل لَفْظٍ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ الْحِنْثُ فِي الْيَمِينِ، كَمَا لَوْ قَال الْحَالِفُ عَقِبَ حَلِفِهِ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ إِلَاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، أَوْ إِلَاّ أَنْ يَبْدُوَ لِي غَيْرُ هَذَا، أَوْ إِنْ أَعَانَنِي اللَّهُ، أَوْ يَسَّرَ اللَّهُ، أَوْ قَال: بِعَوْنِ اللَّهِ أَوْ بِمَعُونَةِ اللَّهِ أَوْ بِتَيْسِيرِهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْلِيقُ بِالاِسْتِطَاعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>92 -</font> لَوْ قَال الْحَالِفُ: وَاللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا إِنِ اسْتَطَعْتُ أَوْ: لأََفْعَلَنَّ كَذَا إِلَاّ أَلَاّ أَسْتَطِيعَ، فَإِنْ أَرَادَ بِهَا الاِسْتِطَاعَةَ الْخَاصَّةَ بِالْفِعْل الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ أَبَدًا لأَِنَّهَا مُقَارِنَةٌ لِلْفِعْل، فَلَا تُوجَدُ مَا لَمْ يُوجَدِ الْفِعْل.</p>وَإِنْ أَرَادَ الاِسْتِطَاعَةَ الْعَامَّةَ، وَهِيَ سَلَامَةُ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٩)</span><hr/></div>الآْلَاتِ وَالأَْسْبَابِ وَالْجَوَارِحِ وَالأَْعْضَاءِ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ هَذِهِ الاِسْتِطَاعَةُ فَلَمْ يَفْعَل حَنِثَ، وَإِلَاّ لَمْ يَحْنَثْ.</p>وَهَذَا لأَِنَّ لَفْظَ الاِسْتِطَاعَةِ يَحْتَمِل كُلًّا مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ.</p>قَال اللَّهُ تَعَالَى فِي شَأْنِ الْمُشْرِكِينَ:{أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَْرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ} (1) وَقَال عز وجل حَاكِيًا خِطَابَ الْخِضْرِ لِمُوسَى عليهما السلام {قَال إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} (2) وَالْمُرَادُ فِي الآْيَتَيْنِ الاِسْتِطَاعَةُ الْمُقَارِنَةُ لِلْفِعْل، وَقَال سبحانه وتعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} (3) وَقَال جَل شَأْنُهُ {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (4) وَالْمُرَادُ بِالاِسْتِطَاعَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ سَلَامَةُ الأَْسْبَابِ وَالآْلَاتِ.</p>فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَجَبَ أَنْ يُحْمَل عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي - وَهُوَ سَلَامَةُ الأَْسْبَابِ - لأَِنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يُرَادُ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، فَيَنْصَرِفُ إِلَيْهِ اللَّفْظُ عِنْدَ الإِْطْلَاقِ. (5)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة هود / 20.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الكهف / 67.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة آل عمران / 97.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة المجادلة / 3، 4.</p><font color=#ff0000>(5)</font> البدائع 3 / 15، وحاشية ابن عابدين 3 / 100.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَثَرُ الاِسْتِثْنَاءِ وَمَا يُؤَثِّرُ فِيهِ:</span></p><font color=#ff0000>93 -</font> وَالاِسْتِثْنَاءُ الْمُتَّصِل " بِإِلَاّ " وَنَحْوِهَا مَتَى وُجِدَتْ شَرَائِطُهُ أَفَادَ التَّخْصِيصَ فِي الْيَمِينِ الْقَسَمِيَّةِ والتَّعْلِيقِيَّةِ، وَفِي غَيْرِ الْيَمِينِ أَيْضًا، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: وَاللَّهِ لَا آكُل سَمْنًا إِلَاّ فِي الشِّتَاءِ، وَإِنْ أَكَلْتُهُ فِي غَيْرِ الشِّتَاءِ فَنِسَائِي طَوَالِقُ إِلَاّ فُلَانَةَ، أَوْ فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ إِلَاّ فُلَانًا، وَإِنْ كَلَّمْتُ زَيْدًا فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى مَكَّةَ إِلَاّ أَنْ يُكَلِّمَنِي ابْتِدَاءً.</p>وَمِنْ أَمْثِلَتِهَا أَيْضًا قَوْل الْقَائِل: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشْرَةُ دَنَانِيرَ إِلَاّ ثَلَاثَةً، وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَاّ اثْنَتَيْنِ كَمَا سَبَقَ.</p>وَالاِسْتِثْنَاءُ بِمَعْنَى تَعْلِيقِ الْمَشِيئَةِ وَنَحْوِهِ يُفِيدُ إِبْطَال الْكَلَامِ الَّذِي قَبْلَهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ يَمِينًا قَسَمِيَّةً أَمْ يَمِينًا تَعْلِيقِيَّةً أَمْ غَيْرَهُمَا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ.</p>وَذَهَبَ مَالِكٌ فِي أَشْهَرِ الْقَوْلَيْنِ، وَأَحْمَدُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ - وَهِيَ أَرْجَحُهُمَا - إِلَى أَنَّهُ لَا يُفِيدُ الإِْبْطَال، إِلَاّ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِمَّا فِيهِ كَفَّارَةٌ، فَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ لَا يَبْطُلَانِ بِتَعْلِيقِ الْمَشِيئَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَا مُنَجَّزَيْنِ أَمْ مُعَلَّقَيْنِ، فَمَنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ إِنْ خَرَجْتِ مِنَ الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، يَقَعُ طَلَاقُهُ مُنَجَّزًا فِي الْمِثَال الأَْوَّل، وَيَقَعُ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فِي الْمِثَال الثَّانِي، وَعِنْدَ خُرُوجِهَا مِنَ الدَّارِ فِي الْمِثَال الثَّالِثِ، وَأَمَّا تَعْلِيقُ الْتِزَامِ الْقُرْبَةِ بِقَصْدِ الْيَمِينِ فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: يَلْزَمُهُ فِيهِ مَا الْتَزَمَهُ، فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالْمَشِيئَةِ فَلَا تَبْطُل الْيَمِينُ بِهِ، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ فَيَصِحُّ عِنْدَهُمْ تَعْلِيقُهُ بِالْمَشِيئَةِ. وَهُنَاكَ قَوْلٌ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٠)</span><hr/></div>ثَالِثٌ ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي فَتَاوَاهُ، وَهُوَ: أَنَّ الْمَشِيئَةَ تُفِيدُ الإِْبْطَال فِي كُل مَا كَانَ حَلِفًا سَوَاءٌ أَكَانَ قَسَمًا بِاللَّهِ أَمْ تَعْلِيقًا لِلطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ، وَلَا تُفِيدُ الإِْبْطَال فِيمَا لَيْسَ حَلِفًا كَتَنْجِيزِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْتِزَامِ الْقُرْبَةِ وَتَعْلِيقِهَا بِغَيْرِ قَصْدِ الْحَلِفِ كَتَعْلِيقِهَا عَلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ.</p><font color=#ff0000>94 -</font> هَذَا وَيُمْكِنُ الاِسْتِدْلَال عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَال: إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ (1) فَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ حَلَفَ " يَشْمَل الْحَالِفَ بِالصِّيغَةِ الْقَسَمِيَّةِ وَبِالصِّيغَةِ التَّعْلِيقِيَّةِ، (2) وَيُقَاسُ عَلَيْهِ كُل عَقْدٍ وَكُل حِلٍّ.</p> </p>‌<span class="title">‌شَرَائِطُ صِحَّةِ الاِسْتِثْنَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>95 -</font> يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الاِسْتِثْنَاءِ شَرَائِطُ:</p>(الشَّرِيطَةُ الأُْولَى) : الدَّلَالَةُ عَلَيْهِ بِاللَّفْظِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ كِتَابَةٍ أَوْ إِشَارَةِ أَخْرَسَ - كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَرَائِطِ الْحَالِفِ - ثُمَّ إِنْ كَانَتْ بِاللَّفْظِ وَجَبَ الإِْسْمَاعُ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْكَرْخِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ.</p>ثُمَّ اشْتِرَاطُ الدَّلَالَةِ بِاللَّفْظِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ يَخْرُجُ بِهِ مَا لَوْ نَوَى الاِسْتِثْنَاءَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدُل عَلَيْهِ، فَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ فِي الاِسْتِثْنَاءِ، لَكِنْ قَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " من حلف على يمين فقال: إن شاء الله. . . . " أخرجه الترمذي (4 / 108 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، ونقل عن البخاري أنه مختصر من حديث أخرجه البخاري (6 / 458 - الفتح - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> لا نعلم خلافا بين العلماء أن من قال: إن شاء أو بمشيئة الله. تبركا لا يبطل يمينه. ولا يبطل تعليقه الطلاق والعتاق وما في معناهما.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٠)</span><hr/></div>النِّيَّةَ تَكْفِي فِي الاِسْتِثْنَاءِ بِإِلَاّ وَأَخَوَاتِهَا قَبْل انْتِهَاءِ النُّطْقِ بِالْيَمِينِ، وَكَالاِسْتِثْنَاءِ بِإِلَاّ سَائِرُ التَّخْصِيصَاتِ كَالشَّرْطِ، وَالصِّفَةِ، وَالْغَايَةِ، وَمِثَال الشَّرْطِ: وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا إِنْ لَمْ يَأْتِنِي، وَمِثَال الصِّفَةِ: لَا أُكَلِّمُهُ وَهُوَ رَاكِبٌ؛ لأَِنَّ الْمُرَادَ بِالصِّفَةِ مَا يَشْمَل الْحَال، وَمِثَال الْغَايَةِ: لَا أُكَلِّمُهُ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ.</p>وَتَفْصِيلُهُ فِي (اسْتِثْنَاءٍ وَطَلَاقٍ) .</p><font color=#ff0000>96 -</font> وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُشْتَرَطُ نُطْقُ غَيْرِ الْمَظْلُومِ الْخَائِفِ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَال: إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ (1) وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم فَقَال. . . " يَدُل عَلَى اشْتِرَاطِ النُّطْقِ بِاللِّسَانِ؛ لأَِنَّ الْقَوْل هُوَ اللَّفْظُ، وَأَمَّا الْمَظْلُومُ الْخَائِفُ فَتَكْفِيهِ نِيَّتُهُ؛ لأَِنَّ يَمِينَهُ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ، أَوْ لأَِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَأَوِّل. (2)</p><font color=#ff0000>97 -</font> (الشَّرِيطَةُ الثَّانِيَةُ) : أَنْ يَصِل الْمُتَكَلِّمُ الاِسْتِثْنَاءَ بِالْكَلَامِ السَّابِقِ، فَلَوْ فَصَل عَنْهُ بِسُكُوتٍ كَثِيرٍ بِغَيْرِ عُذْرٍ، أَوْ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَصِحَّ الاِسْتِثْنَاءُ، فَلَا يُخَصَّصُ مَا قَبْلَهُ إِنْ كَانَ اسْتِثْنَاءً بِنَحْوِ إِلَاّ، وَلَا يُلْغِيهِ إِنْ كَانَ بِنَحْوِ الْمَشِيئَةِ.</p>وَمِنَ الأَْعْذَارِ: التَّنَفُّسُ وَالسُّعَال وَالْجُشَاءُ وَالْعُطَاسُ وَثِقَل اللِّسَانِ وَإِمْسَاكُ إِنْسَانٍ فَمَ الْمُتَكَلِّمِ، فَالْفَصْل بِالسُّكُوتِ لِهَذِهِ الأَْعْذَارِ كُلِّهَا لَا يَضُرُّ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الحديث سبق تخريجه ف / 94.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مطالب أولي النهى 1 / 370، والمغني بأعلى الشرح الكبير 11 / 307 - 310، وحاشية الدسوقي 2 / 130.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨١)</span><hr/></div>وَالْمُرَادُ بِالسُّكُوتِ الْكَثِيرِ مَا كَانَ بِقَدْرِ التَّنَفُّسِ بِغَيْرِ تَنَفُّسٍ، عَلَى مَا أَفَادَهُ الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ.</p>وَالْمُرَادُ بِالْكَلَامِ الأَْجْنَبِيِّ مَا لَمْ يُفِدْ مَعْنًى جَدِيدًا، كَمَا لَوْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إِلَاّ وَاحِدَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَهَذَا الْعَطْفُ لَغْوٌ؛ لأَِنَّ الثَّلَاثَ هِيَ أَكْثَرُ الطَّلَاقِ فَلَا يَصِحُّ الاِسْتِثْنَاءُ. (1)</p><font color=#ff0000>98 -</font> وَهَذِهِ الشَّرِيطَةُ إِجْمَالاً (وَهِيَ عَدَمُ الْفَصْل بِلَا عُذْرٍ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بَيْنَ عَامَّةِ أَهْل الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْفَاصِل مِنْ سُكُوتٍ أَوْ كَلَامٍ، مَتَى يُعَدُّ مَانِعًا مِنَ الاِسْتِثْنَاءِ وَمَتَى لَا يُعَدُّ؟ وَالتَّفَاصِيل الَّتِي سَبَقَ ذِكْرُهَا هِيَ الَّتِي نَصَّ عَلَيْهَا الْحَنَفِيَّةُ، وَفِي كُتُبِ الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى تَفَاصِيل يَطُول الْكَلَامُ عَلَيْهَا، فَلْتُرَاجَعْ فِي مَوَاضِعِهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ. (2)</p>وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ هَذِهِ الشَّرِيطَةِ، فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ يَرَى الاِسْتِثْنَاءَ وَلَوْ بَعْدَ سَنَةٍ وَيَقْرَأُ قَوْله تَعَالَى:{وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} (3) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي رَجُلٍ حَلَفَ وَنَسِيَ أَنْ يَسْتَثْنِيَ، قَال: لَهُ ثَنِيَّاهُ إِلَى شَهْرٍ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 15، والدر المختار مع حاشية ابن عابدين 2 / 509 - 510، 3 / 100.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين على الدر المختار 3 / 100، والشرح الكبير للدردير 2 / 129 - 130، والشرح الصغير للدردير 1 / 331، وأسنى المطالب 3 / 292، 4 / 241، ومطالب أولي النهى 6 / 369.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الكهف / 23 - 24.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨١)</span><hr/></div>طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَال: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَلَهُ الثَّنِيَّا حَلْبُ نَاقَةٍ (1) قَال: وَكَانَ طَاوُسُ يَقُول: مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيُّ قَال: يَسْتَثْنِي مَا دَامَ فِي كَلَامِهِ.</p>وَمِمَّا يُؤَيِّدُ اشْتِرَاطَ عَدَمِ الْفَصْل أَنَّهُ لَوْ صَحَّ جَوَازُ الْفَصْل وَعَدَمُ تَأْثِيرِهِ فِي الأَْحْكَامِ، وَلَا سِيَّمَا إِلَى الْغَايَةِ الْمَرْوِيَّةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَمَا تَقَرَّرَ إِقْرَارٌ وَلَا طَلَاقٌ وَلَا عَتَاقٌ، وَلَمْ يُعْلَمْ صِدْقٌ وَلَا كَذِبٌ. وَأَيْضًا لَوْ صَحَّ هَذَا لأََقَرَّ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَيُّوبَ عليه السلام بِالاِسْتِثْنَاءِ رَفْعًا لِلْحِنْثِ، فَإِنَّهُ أَقَل مُؤْنَةً مِمَّا أَرْشَدَهُ سُبْحَانَهُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} (2) .</p><font color=#ff0000>99 -</font> (الشَّرِيطَةُ الثَّالِثَةُ) الْقَصْدُ: وَهَذِهِ الشَّرِيطَةُ ذَكَرَهَا الْمَالِكِيَّةُ وَعُنُوا بِهَا: قَصْدُ اللَّفْظِ مَعَ قَصْدِ مَعْنَاهُ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ أَمْرَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يَجْرِيَ اللَّفْظُ عَلَى لِسَانِ الْحَالِفِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، فَلَا يُعْتَبَرُ الاِسْتِثْنَاءُ بِإِلَاّ مُخَصَّصًا، وَلَا الاِسْتِثْنَاءُ بِالْمَشِيئَةِ مُبْطِلاً.</p>ثَانِيهِمَا: مَا لَوْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ بِذِكْرِ الْمَشِيئَةِ، أَوْ قَصَدَ الإِْخْبَارَ بِأَنَّ هَذَا الأَْمْرَ يَحْصُل بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَفِي هَذِهِ الْحَال لَا تَبْطُل الْيَمِينُ، بَل تَبْقَى مُنْعَقِدَةً، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا، بِأَنْ قَصَدَ مُجَرَّدَ النُّطْقِ بِلَفْظِ الاِسْتِثْنَاءِ بِنَوْعَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْوِيَ تَخْصِيصَ الْيَمِينِ وَحِلَّهَا.</p>وَقَدِ اتَّفَقَ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ قَصْدَ الاِسْتِثْنَاءِ إِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أي في زمن مقدار الزمن الذي تحلب فيه الناقة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة ص / 44. وانظر روح المعاني 15 / 249 - 250.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٢)</span><hr/></div>كَانَ مَعَ الْيَمِينِ مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ فِي أَثْنَائِهَا صَحَّ الاِسْتِثْنَاءُ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ النُّطْقِ بِالْيَمِينِ صَحَّ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَعَلَيْهِ لَوْ حَلَفَ، فَذَكَّرَهُ إِنْسَانٌ قَائِلاً: قُل إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إِلَاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، فَقَالَهُ بِغَيْرِ فَصْلٍ، وَلَمْ يَكُنْ فِي نِيَّتِهِ مِنْ قَبْل فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْحَنَفِيَّةُ هَذِهِ الشَّرِيطَةَ.</p>وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ شَرَطُوا الْقَصْدَ مَعَ الْعِلْمِ بِالْمَعْنَى، وَشَرَطُوا كَوْنَ الْقَصْدِ قَبْل الْفَرَاغِ مِنَ الْيَمِينِ، وَقَالُوا: لَوْ لَمْ يَقْصِدِ الاِسْتِثْنَاءَ إِلَاّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْيَمِينِ لَمْ يَصِحَّ؛ لأَِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ رَفْعُ الْيَمِينِ بَعْدَ انْعِقَادِهَا، وَقَالُوا أَيْضًا: يَصِحُّ تَقْدِيمُ الاِسْتِثْنَاءِ وَتَوْسِيطُهُ. (1)</p><font color=#ff0000>100 -</font> (الشَّرِيطَةُ الرَّابِعَةُ) : أَنْ يَكُونَ حَلِفُهُ فِي غَيْرِ تَوَثُّقٍ بِحَقٍّ.</p>وَهَذِهِ الشَّرِيطَةُ نَصَّ عَلَيْهَا الْمَالِكِيَّةُ. وَإِيضَاحُهَا: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الاِسْتِثْنَاءِ أَنْ يَكُونَ الْحَلِفُ الَّذِي ذُكِرَ مَعَهُ الاِسْتِثْنَاءُ فِي غَيْرِ تَوَثُّقٍ بِحَقٍّ، كَمَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ فِي عَقْدِ نِكَاحٍ أَلَاّ يَضُرَّ زَوْجَتَهُ فِي عِشْرَةٍ، أَوْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا، وَكَأَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِ فِي بَيْعٍ أَنْ يَأْتِيَ بِالثَّمَنِ فِي وَقْتِ كَذَا، وَطُلِبَ مِنْهُ يَمِينٌ عَلَى ذَلِكَ، فَحَلَفَ وَاسْتَثْنَى سِرًّا لَمْ يُفِدْهُ الاِسْتِثْنَاءُ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ وَابْنِ الْمَوَّازِ؛ لأَِنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، خِلَافًا لِمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يَنْفَعُ الاِسْتِثْنَاءُ فِيمَا ذُكِرَ، فَلَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ، لَكِنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِمَنْعِهِ حَقَّ الْغَيْرِ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني والشرح الكبير 11 / 228 - 229.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أقرب المسالك مع بلغة السالك وحاشيته 1 / 331، والشرح الكبير بحاشية الدسوقي 2 / 129 - 130.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٢)</span><hr/></div>وَالَّذِي يَتَصَفَّحُ كُتُبَ الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى يَجِدُ أَنَّهُ مَا مِنْ مَذْهَبٍ إِلَاّ يَرَى أَصْحَابُهُ أَنَّ الْيَمِينَ تَكُونُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ - وَسَيَأْتِي ذَلِكَ - فَيُمْكِنُ التَّعْبِيرُ عَنْ هَذِهِ الشَّرِيطَةِ بِأَنْ يُقَال: يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الاِسْتِثْنَاءِ أَلَاّ يَكُونَ عَلَى خِلَافِ نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ، فِي الصُّوَرِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا مُرَاعَاةُ نِيَّتِهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَحْكَامُ الْيَمِينِ</span></p><font color=#ff0000>101 -</font> تَقَدَّمَ أَنَّ الْيَمِينَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ قَسَمِيَّةً، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ تَعْلِيقِيَّةً. وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَحْكَامٌ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَحْكَامُ الْيَمِينِ الْقَسَمِيَّةِ:</span></p>أَحْكَامُ الْيَمِينِ الْقَسَمِيَّةِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا، وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ هَذِهِ الأَْنْوَاعِ ثُمَّ بَيَانُ أَحْكَامِهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌أَنْوَاعُ الْيَمِينِ الْقَسَمِيَّةِ:</span></p>قَسَّمَ الْحَنَفِيَّةُ الْيَمِينَ بِاللَّهِ تَعَالَى وَمَا أُلْحِقَ بِهَا كَتَعْلِيقِ الْكُفْرِ - مِنْ حَيْثُ الْكَذِبُ وَعَدَمُهُ - إِلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ، وَهِيَ:‌<span class="title">‌ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ</span>، وَالْيَمِينُ اللَّغْوُ، وَالْيَمِينُ الْمَعْقُودَةُ.</p><font color=#ff0000>102 -</font> فَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ: هِيَ الْكَاذِبَةُ عَمْدًا فِي الْمَاضِي أَوِ الْحَال أَوِ الاِسْتِقْبَال، سَوَاءٌ أَكَانَتْ عَلَى النَّفْيِ أَمْ عَلَى الإِْثْبَاتِ كَأَنْ يَقُول: وَاللَّهِ مَا فَعَلْتُ كَذَا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ فَعَلَهُ، أَوْ وَاللَّهِ لَقَدْ فَعَلْتُ كَذَا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ، أَوْ: وَاللَّهِ مَا لَكَ عَلَيَّ دَيْنٌ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ لِلْمُخَاطَبِ دَيْنًا عَلَيْهِ، أَوْ: وَاللَّهِ لَا أَمُوتُ أَبَدًا.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٣)</span><hr/></div>وَكَأَنْ يَقُول: إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ كَذَا، أَوْ إِنْ لَمْ أَكُنْ فَعَلْتُهُ، أَوْ إِنْ كَانَ لَكَ عَلَيَّ دَيْنٌ، أَوْ إِنْ مِتُّ فَأَنَا يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ. هَذَا تَعْرِيفُهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْغَمُوسَ هِيَ الْحَلِفُ بِاللَّهِ مَعَ شَكٍّ مِنَ الْحَالِفِ فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، أَوْ مَعَ ظَنٍّ غَيْرِ قَوِيٍّ، أَوْ مَعَ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ، سَوَاءٌ أَكَانَ عَلَى مَاضٍ نَحْوُ: وَاللَّهِ مَا فَعَلْتُ كَذَا، أَوْ لَمْ يَفْعَل زَيْدٌ كَذَا، مَعَ شَكِّهِ فِي عَدَمِ الْفِعْل، أَوْ ظَنِّهِ عَدَمَهُ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ، أَوْ جَزْمِهِ بِأَنَّهُ قَدْ فَعَل، أَمْ كَانَ عَلَى حَاضِرٍ نَحْوُ: وَاللَّهِ إِنَّ زَيْدًا لَمُنْطَلِقٌ أَوْ مَرِيضٌ، وَهُوَ جَازِمٌ بِعَدَمِ ذَلِكَ، أَوْ مُتَرَدِّدٌ فِي وُجُودِهِ عَلَى سَبِيل الشَّكِّ أَوِ الظَّنِّ غَيْرِ الْقَوِيِّ، أَمْ كَانَ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ نَحْوُ: وَاللَّهِ لآَتِيَنَّكَ غَدًا، أَوْ لأََقْضِيَنَّكَ حَقَّكَ غَدًا وَهُوَ جَازِمٌ بِعَدَمِ ذَلِكَ، أَوْ مُتَرَدِّدٌ فِي حُصُولِهِ عَلَى سَبِيل الشَّكِّ أَوِ الظَّنِّ غَيْرِ الْقَوِيِّ. (1)</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الْغَمُوسَ هِيَ الْمَحْلُوفَةُ عَلَى مَاضٍ مَعَ كَذِبِ صَاحِبِهَا وَعِلْمِهِ بِالْحَال. (2)</p>وَالْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لَا يُوَافِقُونَ الْمَالِكِيَّةَ عَلَى التَّوَسُّعِ فِي تَفْسِيرِ الْغَمُوسِ.</p><font color=#ff0000>103 -</font> وَ‌<span class="title">‌الْيَمِينُ اللَّغْوُ: </span>اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِهَا أَيْضًا، فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: هِيَ الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ خَطَأً أَوْ غَلَطًا فِي الْمَاضِي أَوْ فِي الْحَال، وَهِيَ: أَنْ يُخْبِرَ إِنْسَانٌ عَنِ الْمَاضِي أَوْ عَنِ الْحَال عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْمُخْبَرَ بِهِ كَمَا أَخْبَرَ، وَهُوَ بِخِلَافِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ فِي النَّفْيِ أَمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير بحاشية الصاوي 1 / 330.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أسنى المطالب 4 / 240، ومطالب أولي النهى 6 / 368.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٣)</span><hr/></div>فِي الإِْثْبَاتِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ إِقْسَامًا بِاللَّهِ تَعَالَى أَمْ تَعْلِيقًا لِلْكُفْرِ، كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ مَا كَلَّمْتُ زَيْدًا، وَفِي ظَنِّهِ أَنَّهُ لَمْ يُكَلِّمْهُ، وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ كَلَّمَهُ.</p>هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ.</p>وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ اللَّغْوَ: مَا يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ مِنْ قَوْلِهِمْ لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ، أَيْ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ الْيَمِينِ.</p>وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ نَوْعًا آخَرَ مِنَ اللَّغْوِ، فَيَكُونُ اللَّغْوُ عِنْدَهُمْ نَوْعَيْنِ وَكِلَاهُمَا فِي الْمَاضِي وَالْحَاضِرِ دُونَ الْمُسْتَقْبَل.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ اللَّغْوَ هُوَ الْحَلِفُ بِاللَّهِ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ عَلَى سَبِيل الْجَزْمِ أَوِ الظَّنِّ الْقَوِيِّ فَيَظْهَرُ خِلَافُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ إِثْبَاتًا أَمْ نَفْيًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَاضِيًا أَمْ حَاضِرًا أَمْ مُسْتَقْبَلاً. (1)</p>وَيُلَاحَظُ أَنَّهُمْ مَثَّلُوا بِالْمُسْتَقْبَل بِمَا لَوْ قَال " وَاللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا " مَعَ الْجَزْمِ أَوِ الظَّنِّ الْقَوِيِّ بِفِعْلِهِ ثُمَّ لَمْ يَفْعَلْهُ.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْيَمِينُ اللَّغْوُ هِيَ الَّتِي يُسْبَقُ اللِّسَانُ إِلَى لَفْظِهَا بِلَا قَصْدٍ لِمَعْنَاهَا، كَقَوْلِهِمْ " لَا وَاللَّهِ "" وَبَلَى وَاللَّهِ " فِي نَحْوِ صِلَةِ كَلَامٍ أَوْ غَضَبٍ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ فِي الْمَاضِي أَمِ الْحَال أَمِ الْمُسْتَقْبَل.</p>وَهُمْ يُخَالِفُونَ الْحَنَفِيَّةَ فِي هَذَا الأَْخِيرِ، وَهُوَ مَا كَانَ فِي الْمُسْتَقْبَل. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير بحاشية الصاوي 1 / 331.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أسنى المطالب 4 / 241، وتحفة المحتاج 8 / 216، ونهاية المحتاج 8 / 169 - 170، والبجيرمي على المنهاج 4 / 316، والباجوري على ابن قاسم 2 / 324.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٤)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ كَمَا يَقُول الشَّافِعِيَّةُ، وَوَافَقُوهُمْ أَيْضًا فِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى مَاضٍ كَاذِبًا جَاهِلاً صَدَّقَ نَفْسَهُ، أَوْ ظَانًّا صِدْقَ نَفْسِهِ، فَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا يُسَمِّيهِ الْحَنَفِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ لَغْوًا يُوَافِقُهُمُ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى حُكْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمُّوهُ لَغْوًا. وَنَقَل صَاحِبُ غَايَةِ الْمُنْتَهَى عَنِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ ظَانًّا صِدْقَ نَفْسِهِ فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهِ لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ، وَكَذَا مَنْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ ظَانًّا أَنَّهُ يُطِيعُهُ فَلَمْ يَفْعَل فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ أَيْضًا؛ لأَِنَّهُ لَغْوٌ، ثُمَّ قَال: وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ. (1)</p>ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الآْيَةِ {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} (2) أَيْ حَلَفْتُمْ وَحَنِثْتُمْ.</p>وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ لِمَا يَأْتِي فِي بَيَانِ حُكْمِ الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى.</p><font color=#ff0000>104 -</font> وَوَجْهُ قَوْل الشَّافِعِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ: مَا ثَبَتَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآْيَةُ - {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} - فِي قَوْل الرَّجُل: لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ (3) وَمَعْلُومٌ أَنَّ السَّيِّدَةَ عَائِشَةَ رضي الله عنها شَهِدَتِ التَّنْزِيل وَقَدْ جَزَمَتْ بِأَنَّ الآْيَةَ نَزَلَتْ فِي هَذَا الْمَعْنَى، قَال الشَّوْكَانِيُّ فِي نَيْل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مطالب أولي النهى 6 / 367 - 368.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المائدة / 89.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث عائشة أخرجه البخاري (8 / 275 - الفتح - ط السلفية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٤)</span><hr/></div>الأَْوْطَارِ: إِنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ قَدْ دَل عَلَى عَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ فِي يَمِينِ اللَّغْوِ، وَذَلِكَ يَعُمُّ الإِْثْمَ وَالْكَفَّارَةَ، فَلَا يَجِبَانِ، وَالْمُتَوَجَّهُ الرُّجُوعُ فِي مَعْرِفَةِ مَعْنَى اللَّغْوِ إِلَى اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَأَهْل عَصْرِهِ صلى الله عليه وسلم أَعْرَفُ النَّاسِ بِمَعَانِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لأَِنَّهُمْ مَعَ كَوْنِهِمْ مِنْ أَهْل اللُّغَةِ قَدْ كَانُوا مِنْ أَهْل الشَّرْعِ وَمِنَ الْمُشَاهِدِينَ لِلرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَالْحَاضِرِينَ فِي أَيَّامِ النُّزُول، فَإِذَا صَحَّ عَنْ أَحَدِهِمْ تَفْسِيرٌ لَمْ يُعَارِضْهُ مَا يُرَجَّحُ عَلَيْهِ أَوْ يُسَاوِيهِ وَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ مَا نَقَلَهُ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ اللَّفْظِ؛ لأَِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الَّذِي نَقَلَهُ إِلَيْهِ شَرْعِيًّا لَا لُغَوِيًّا، وَالشَّرْعِيُّ مُقَدَّمٌ عَلَى اللُّغَوِيِّ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الأُْصُول، فَكَانَ الْحَقُّ فِيمَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ، هُوَ أَنَّ اللَّغْوَ مَا قَالَتْهُ عَائِشَةُ رضي الله عنها. (1)</p>فَثَبَتَ أَنَّ الْيَمِينَ اللَّغْوَ هِيَ الَّتِي لَا يَقْصِدُهَا الْحَالِفُ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ.</p>وَأَيْضًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَابَل الْيَمِينَ اللَّغْوَ بِالْيَمِينِ الْمَكْسُوبَةِ بِالْقَلْبِ بِقَوْلِهِ عز وجل:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} . (2)</p>وَالْمَكْسُوبَةُ هِيَ الْمَقْصُودَةُ، فَكَانَتْ غَيْرُ الْمَقْصُودَةِ دَاخِلَةً فِي قِسْمِ اللَّغْوِ بِلَا فَصْلٍ بَيْنَ مَاضِيهِ وَحَالِهِ وَمُسْتَقْبَلِهِ تَحْقِيقًا لِلْمُقَابَلَةِ.</p>وَوَجْهُ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ: أَنَّ اللَّهَ عز وجل قَابَل اللَّغْوَ بِالْمَعْقُودَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِالْمُؤَاخَذَةِ وَنَفْيِهَا، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ اللَّغْوُ غَيْرَ الْمَعْقُودَةِ تَحْقِيقًا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نيل الأوطار 8 / 236.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 225.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٥)</span><hr/></div>لِلْمُقَابَلَةِ، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُسْتَقْبَل مَعْقُودَةٌ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَقْصُودَةً أَمْ لَا، فَلَا تَكُونُ لَغْوًا. (1)</p><font color=#ff0000>105 -</font> وَأَيْضًا اللَّغْوُ فِي اللُّغَةِ: اسْمٌ لِلشَّيْءِ الَّذِي لَا حَقِيقَةَ لَهُ، قَال اللَّهُ تَعَالَى:{لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا} (2) أَيْ بَاطِلاً، وَقَال عز وجل خَبَرًا عَنِ الْكَفَرَةِ {وَقَال الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} (3) وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ فِي الْحَلِفِ عَلَى ظَنٍّ مِنَ الْحَالِفِ أَنَّ الأَْمْرَ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَالْحَقِيقَةُ بِخِلَافِهِ، وَكَذَا مَا يَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَكِنْ فِي الْمَاضِي أَوِ الْحَال. (4) فَهُوَ مَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ.</p>وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَال: اللَّغْوُ أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُل عَلَى الشَّيْءِ يَرَاهُ حَقًّا وَلَيْسَ بِحَقٍّ (5)</p>وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْل عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ اللَّغْوَ فِي الأَْيْمَانِ قَوْل الرَّجُل لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ، إِنَّمَا أَرَدْتُ بِهِ التَّمْثِيل لَا الْحَصْرَ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) هكذا في البدائع 33 / 4، وقد يقال: لا دليل على كون اليمين المعقودة تشمل غير المقصودة، وقد يجاب بأن المعقودة هي التي علقت على أمر، فيتمكن الحالف من البر والحنث فيها، فإذا كانت غير مقصودة لم ينسد على الحالف باب البر فيها، بخلاف الماضية والحاضرة فليتأمل</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الواقعة / 25.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة فصلت / 26.</p><font color=#ff0000>(4)</font> قوله لكن في الماضي والحال. كذا في البدائع. وتجري فيه المناقشة والجواب السابقان.</p><font color=#ff0000>(5)</font> لأثر رواه ابن جرير الطبري في تفسيره 22 / 242، وروى ابن جرير أيضا آثارا تشبهه عن أبي هريرة وسليمان ابن يسار والحسن البصري ومجاهد وابن أبي نجيح وإبراهيم النخعي وأبي مالك وقتادة وزرارة بن أوفى والسدي ويحيى بن أبي سعيد وابن أبي طلحة ومكحول رحمهم الله.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٥)</span><hr/></div>وَأَيْضًا إِنَّهُ خَاصٌّ بِالْمَاضِي وَالْحَاضِرِ لِيَكُونَ النَّوْعَانِ مُتَمَاثِلَيْنِ.</p><font color=#ff0000>106 -</font> وَ‌<span class="title">‌الْيَمِينُ الْمَعْقُودَةُ: </span>وَهِيَ الْيَمِينُ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَل غَيْرَ مُسْتَحِيلٍ عَقْلاً، سَوَاءٌ أَكَانَ نَفْيًا أَمْ إِثْبَاتًا، نَحْوُ: وَاللَّهِ لَا أَفْعَل كَذَا أَوْ وَاللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا. هَذَا قَوْل الْحَنَفِيَّةِ. (1)</p>وَأَفَادَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْيَمِينَ الْمُنْعَقِدَةَ هِيَ: مَا لَمْ تَكُنْ غَمُوسًا وَلَا لَغْوًا. (2)</p>وَمَنْ تَأَمَّل فِي مَعْنَى الْغَمُوسِ وَاللَّغْوِ عِنْدَهُمْ لَمْ يَجِدْ مَا يُسَمَّى مُنْعَقِدَةً سِوَى الْحَلِفِ بِاللَّهِ عَلَى مَا طَابَق الْوَاقِعَ مِنْ مَاضٍ أَوْ حَاضِرٍ، أَوْ مَا يُطَابِقُهُ مِنْ مُسْتَقْبَلٍ؛ لأَِنَّ مَا عَدَا ذَلِكَ إِمَّا غَمُوسٌ وَإِمَّا لَغْوٌ، لَكِنْ يُلْحَقُ بِالْمُنْعَقِدَةِ الْغَمُوسُ وَاللَّغْوُ فِي الْمُسْتَقْبَل، وَكَذَا الْغَمُوسُ فِي الْحَاضِرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الأَْحْكَامِ.</p>وَأَفَادَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ كُل يَمِينٍ لَا تُعَدُّ لَغْوًا عِنْدَهُمْ فَهِيَ مُنْعَقِدَةٌ، فَيَدْخُل فِيهَا الْغَمُوسُ، كَمَا يَدْخُل فِيهَا الْحَلِفُ عَلَى الْمُسْتَقْبَل الْمُمْكِنِ. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْيَمِينَ إِنْ كَانَ التَّلَفُّظُ بِهَا غَيْرَ مَقْصُودٍ كَانَتْ لَغْوًا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي الْمَاضِي أَمْ فِي الْحَال أَمْ فِي الْمُسْتَقْبَل، وَإِنْ كَانَ التَّلَفُّظُ بِهَا مَقْصُودًا، وَكَانَتْ إِخْبَارًا مَبْنِيًّا عَلَى الْيَقِينِ أَوِ الظَّنِّ أَوِ الْجَهْل، وَتَبَيَّنَ خِلَافُهَا كَانَتْ لَغْوًا أَيْضًا، مَا لَمْ يَجْزِمِ الْحَالِفُ بِأَنَّ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ هُوَ الْوَاقِعُ، فَحِينَئِذٍ تَكُونُ مُنْعَقِدَةً وَيَحْنَثُ فِيهَا.</p>وَإِنْ كَانَتْ إِخْبَارًا مَبْنِيًّا عَلَى اعْتِقَادِ مُخَالَفَةِ الْوَاقِعِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا فَهِيَ غَمُوسٌ، وَهِيَ مُنْعَقِدَةٌ أَيْضًا. وَإِنْ كَانَتْ لِلْحَثِّ أَوِ الْمَنْعِ وَكَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مُمْكِنًا فَإِنَّهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 2 / 423، والدر المختار 3 / 47 - 49.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أقرب المسالك مع شرحه وحاشية الصاوي 1 / 33.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٦)</span><hr/></div>تَكُونُ مُنْعَقِدَةً أَيْضًا. وَأَمَّا إِذَا كَانَ وَاجِبًا فَإِنَّهَا صَادِقَةٌ قَطْعًا وَلَا تُعَدُّ يَمِينًا. وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِيلاً فَهِيَ كَاذِبَةٌ قَطْعًا وَتَكُونُ مُنْعَقِدَةً وَحَانِثَةً. (1)</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُسْتَقْبَل إِذَا كَانَ التَّلَفُّظُ بِهَا مَقْصُودًا، وَكَانَ الْحَالِفُ مُخْتَارًا، وَكَانَتْ عَلَى مُمْكِنٍ أَوْ عَلَى إِثْبَاتِ مُسْتَحِيلٍ أَوْ نَفْيِ وَاجِبٍ، لَكِنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ أَخْرَجَ مِنْهَا مَنْ حَلَفَ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ ظَانًّا صِدْقَ نَفْيِهِ فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهِ، وَمَنْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ ظَانًّا أَنَّهُ يُطِيعُهُ فَلَمْ يُطِعْهُ. (2)</p><font color=#ff0000>107 -</font> وَتَنَوُّعُ الْيَمِينِ إِلَى الأَْنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي أَسَاسُهَا الْكَذِبُ وَعَدَمُهُ هُوَ اصْطِلَاحُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَمُوَافِقُوهُمْ لَا يُقَسِّمُونَ الْيَمِينَ إِلَى الأَْنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ، وَإِنَّمَا يُقَسِّمُونَهَا - مِنْ حَيْثُ الْقَصْدُ وَعَدَمُهُ - إِلَى قِسْمَيْنِ فَقَطْ، وَهُمَا: اللَّغْوُ وَالْمَعْقُودَةُ. فَاللَّغْوُ هِيَ الَّتِي لَمْ تُقْصَدْ، وَكَذَا الَّتِي قُصِدَتْ وَكَانَتْ إِخْبَارًا عَنِ الظَّنِّ، وَالْمَعْقُودَةُ هِيَ الَّتِي قُصِدَتْ وَكَانَتْ لِلْحَمْل أَوِ الْمَنْعِ، أَوْ كَانَتْ لِلإِْخْبَارِ صِدْقًا أَوْ كَذِبًا عَمْدًا.</p> </p>‌<span class="title">‌أَحْكَامُ الأَْيْمَانِ الْقَسَمِيَّةِ:</span></p>‌<span class="title">‌حُكْمُ الْيَمِينِ الْغَمُوسِ:</span></p>الْيَمِينُ الْغَمُوسُ لَهَا حُكْمَانِ:‌<span class="title">‌ حُكْمُ الإِْتْيَانِ بِهَا</span>، وَالْحُكْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى تَمَامِهَا.</p>وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:</p> </p>حُكْمُ الإِْتْيَانِ بِهَا:</p><font color=#ff0000>108 -</font> الإِْتْيَانُ بِالْيَمِينِ الْغَمُوسِ حَرَامٌ، وَمِنَ الْكَبَائِرِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الْجُرْأَةِ الْعَظِيمَةِ عَلَى اللَّهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أسنى المطالب 4 / 241.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مطالب أولي النهى 6 / 368.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٦)</span><hr/></div>تَعَالَى، حَتَّى قَال الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ؛ كَانَ الْقِيَاسُ عِنْدِي أَنَّ مُتَعَمِّدَ الْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْكَذِبِ يَكْفُرُ؛ لأَِنَّ الْيَمِينَ بِهِ عز وجل جُعِلَتْ لِتَعْظِيمِهِ، وَالْمُتَعَمِّدُ لِلْيَمِينِ بِهِ عَلَى الْكَذِبِ مُسْتَخِفٌّ بِهِ، لَكِنَّهُ لَا يَكْفُرُ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ غَرَضُهُ الْجُرْأَةَ عَلَى اللَّهِ وَالاِسْتِخْفَافَ بِهِ، وَإِنَّمَا غَرَضُهُ الْوُصُول إِلَى مَا يُرِيدُهُ مِنْ تَصْدِيقِ السَّامِعِ لَهُ.</p>وَنَظِيرُ هَذَا مَا يُرْوَى أَنَّ رَجُلاً سَأَل أَبَا حَنِيفَةَ قَائِلاً: إِنَّ الْعَاصِيَ يُطِيعُ الشَّيْطَانَ، وَمَنْ أَطَاعَ الشَّيْطَانَ فَقَدْ كَفَرَ، فَكَيْفَ لَا يَكْفُرُ الْعَاصِي؟ فَقَال: إِنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْعَاصِي هُوَ فِي ظَاهِرِهِ طَاعَةٌ لِلشَّيْطَانِ، وَلَكِنَّهُ لَا يَقْصِدُ هَذِهِ الطَّاعَةَ فَلَا يَكْفُرُ؛ لأَِنَّ الْكُفْرَ عَمَل الْقَلْبِ، وَإِنَّمَا يُعَدُّ مُؤْمِنًا عَاصِيًا فَقَطْ.</p>ثُمَّ إِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا مِنَ الْكَبَائِرِ أَنْ تَكُونَ جَمِيعُهَا مُسْتَوِيَةً فِي الإِْثْمِ، فَالْكَبَائِرُ تَتَفَاوَتُ دَرَجَاتُهَا حَسَبَ تَفَاوُتِ آثَارِهَا السَّيِّئَةِ، فَالْحَلِفُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ سَفْكُ دَمِ الْبَرِيءِ، أَوْ أَكْل الْمَال بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ نَحْوِهِمَا، أَشَدُّ حُرْمَةً مِنَ الْحَلِفِ الَّذِي لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.</p><font color=#ff0000>109 -</font> وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي ذَمِّ الْيَمِينِ الْغَمُوسِ وَبَيَانِ أَنَّهَا مِنَ الْكَبَائِرِ وَالتَّرْهِيبِ مِنَ الإِْقْدَامِ عَلَيْهَا.</p>مِنْهَا: مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ حَلَفَ عَلَى مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقِّهِ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ (1) قَال عَبْدُ اللَّهِ: ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا رَسُول اللَّهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " من حلف. . . " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 239) ط السلفية، ومسلم (1 / 85) نشر دار الآفاق.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٧)</span><hr/></div>صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِصْدَاقَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً} إِلَى آخِرِ الآْيَةِ (1) .</p>وَعَنْ وَائِل بْنِ حُجْرٍ رضي الله عنه قَال: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّ هَذَا قَدْ غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ كَانَتْ لأَِبِي، فَقَال الْكِنْدِيُّ: هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي أَزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْحَضْرَمِيِّ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَال: لَا، قَال: فَلَكَ يَمِينُهُ. قَال: يَا رَسُول اللَّهِ: إِنَّ الرَّجُل فَاجِرٌ، لَا يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ عَنْ شَيْءٍ. فَقَال: لَيْسَ لَهُ مِنْهُ إِلَاّ يَمِينُهُ. فَانْطَلَقَ لِيَحْلِفَ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَدْبَرَ:(2) لَئِنْ حَلَفَ عَلَى مَالٍ لِيَأْكُلَهُ ظُلْمًا، لَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ (3)</p>وَقَال الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ رضي الله عنه: مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ: الإِْشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَحْلِفُ رَجُلٌ عَلَى مِثْل جَنَاحِ بَعُوضَةٍ إِلَاّ كَانَتْ كَيًّا فِي قَلْبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة آل عمران / 77.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الظاهر أن الرجل في أثناء الدعوى كان مستقبلا للنبي صلى الله عليه وسلم مستدبرا للقبلة، فلما توجهت عليه اليمين أدبر، ليكون عند المنبر تعظيما لليمين. وتسمى " اليمين المعظمة " كما سبق.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " ليس لك منه. . . " أخرجه مسلم (1 / 86) نشر دار الآفاق.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " من أكبر الكبائر: الإشراك بالله. . . " أخرجه الترمذي (4 / 548) نشر مصطفى البابي الحلبي، والحاكم (4 / 296) ط دار الكتاب العربي واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٧)</span><hr/></div>وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، فَقَال رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُول اللَّهِ؟ قَال: وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌التَّرْخِيصُ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ لِلضَّرُورَةِ:</span></p><font color=#ff0000>110 -</font> إِنَّ حُرْمَةَ الْيَمِينِ الْغَمُوسِ هِيَ الأَْصْل، فَإِذَا عَرَضَ مَا يُخْرِجُهَا عَنِ الْحُرْمَةِ لَمْ تَكُنْ حَرَامًا، وَيَدُل عَلَى هَذَا.</p>(أَوَّلاً) قَوْله تَعَالَى:{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِْيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (2) .</p>فَإِذَا كَانَ الإِْكْرَاهُ يُبِيحُ كَلِمَةَ الْكُفْرِ فَإِبَاحَتُهُ لِلْيَمِينِ الْغَمُوسِ أَوْلَى.</p>(ثَانِيًا) آيَاتُ الاِضْطِرَارِ إِلَى أَكْل الْمَيْتَةِ وَمَا شَاكَلَهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (3) .</p>فَإِذَا أَبَاحَتِ الضَّرُورَةُ تَنَاوُل الْمُحَرَّمَاتِ أَبَاحَتِ النُّطْقَ بِمَا هُوَ مُحَرَّمٌ.</p><font color=#ff0000>111 -</font> وَإِلَيْكَ نُصُوصُ بَعْضِ الْمَذَاهِبِ فِي بَيَانِ مَا تَخْرُجُ بِهِ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ عَنِ الْحُرْمَةِ.</p>(أ) قَال الدَّرْدِيرُ فِي أَقْرَبِ الْمَسَالِكِ وَشَرْحِهِ، وَالصَّاوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ مَا خُلَاصَتُهُ: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ وَلَوْ تَرَكَ التَّوْرِيَةَ مَعَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " من اقتطع حق امرئ مسلم. . . " أخرجه مسلم (1 / 85) نشر دار الآفاق.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النحل / 106.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 173.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٨)</span><hr/></div>مَعْرِفَتِهِ بِهَا، وَلَا عَلَى مَنْ أُكْرِهَ عَلَى فِعْل مَا عَلَّقَ عَلَيْهِ الطَّلَاقَ. وَنُدِبَ أَوْ وَجَبَ الْحَلِفُ لِيَسْلَمَ الْغَيْرُ مِنَ الْقَتْل بِحَلِفِهِ وَإِنْ حَنِثَ هُوَ، وَذَلِكَ فِيمَا إِذَا قَال ظَالِمٌ: إِنْ لَمْ تُطَلِّقْ زَوْجَتَكَ، أَوْ إِنْ لَمْ تَحْلِفْ بِالطَّلَاقِ قَتَلْتُ فُلَانًا، قَال ابْنُ رُشْدٍ: إِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَرَجٌ، أَيْ لَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ، وَمِثْل الطَّلَاقِ: النِّكَاحُ وَالإِْقْرَارُ وَالْيَمِينُ. (1)</p>(ب) قَال النَّوَوِيُّ: الْكَذِبُ وَاجِبٌ إِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ وَاجِبًا، فَإِذَا اخْتَفَى مُسْلِمٌ مِنْ ظَالِمٍ، وَسَأَل عَنْهُ وَجَبَ الْكَذِبُ بِإِخْفَائِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ وَدِيعَةٌ، وَسَأَل عَنْهَا ظَالِمٌ يُرِيدُ أَخْذَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْكَذِبُ بِإِخْفَائِهَا، حَتَّى لَوْ أَخْبَرَهُ بِوَدِيعَةٍ عِنْدَهُ فَأَخَذَهَا الظَّالِمُ قَهْرًا وَجَبَ ضَمَانُهَا عَلَى الْمُودِعِ الْمُخْبِرِ، وَلَوِ اسْتَحْلَفَهُ عَلَيْهَا لَزِمَهُ أَنْ يَحْلِفَ، وَيُوَرِّيَ فِي يَمِينِهِ، فَإِنْ حَلَفَ وَلَمْ يُوَرِّ حَنِثَ عَلَى الأَْصْل وَقِيل: لَا يَحْنَثُ. (2)</p>(ج) وَقَال مُوَفَّقُ الدِّينِ بْنُ قُدَامَةَ: مِنَ الأَْيْمَانِ مَا هِيَ وَاجِبَةٌ، وَهِيَ الَّتِي يُنَجِّي بِهَا إِنْسَانًا مَعْصُومًا مِنْ هَلَكَةٍ، كَمَا رُوِيَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ حَنْظَلَةَ قَال: خَرَجْنَا نُرِيدُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَنَا وَائِل بْنُ حُجْرٍ، فَأَخَذَهُ عَدُوٌّ لَهُ، فَتَحَرَّجَ الْقَوْمُ أَنْ يَحْلِفُوا، فَحَلَفْتُ أَنَا: أَنَّهُ أَخِي، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَدَقْتَ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ (3) فَهَذَا وَمِثْلُهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير بحاشية الصاوي 1 / 450 - 451.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأذكار للنووي ص 336 - 337.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" صدقت، المسلم أخو المسلم " أخرجه أبو داود (3 / 73) ط عزت عبيد دعاس، وأخرجه الحاكم (4 / 300) ط دار الكتاب العربي وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٨)</span><hr/></div>وَاجِبٌ؛ لأَِنَّ إِنْجَاءَ الْمَعْصُومِ وَاجِبٌ، وَقَدْ تَعَيَّنَ فِي الْيَمِينِ فَيَجِبُ، وَكَذَلِكَ إِنْجَاءُ نَفْسِهِ، مِثْل: أَنْ تَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ أَيْمَانُ الْقَسَامَةِ فِي دَعْوَى الْقَتْل عَلَيْهِ وَهُوَ بَرِيءٌ (1)</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى تَمَامِهَا:</span></p><font color=#ff0000>112 -</font> فِي الْحُكْمِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى تَمَامِ الْغَمُوسِ ثَلَاثَةُ آرَاءٍ.</p>الرَّأْيُ الأَْوَّل: أَنَّهَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ عَلَى مَاضٍ أَمْ حَاضِرٍ، وَكُل مَا يَجِبُ إِنَّمَا هُوَ التَّوْبَةُ، وَرَدُّ الْحُقُوقِ إِلَى أَهْلِهَا إِنْ كَانَ هُنَاكَ حُقُوقٌ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ. (2)</p>الرَّأْيُ الثَّانِي: أَنَّ فِيهَا الْكَفَّارَةَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، (3) وَيُلَاحَظُ أَنَّهُمْ فِي تَعْرِيفِ الْغَمُوسِ خَصُّوهَا بِالْمَاضِي، لَكِنْ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ إِيجَابَ الْكَفَّارَةِ فِي الْحَلِفِ عَلَى الْمَاضِي يَسْتَلْزِمُ إِيجَابَهَا فِي الْحَلِفِ عَلَى الْحَاضِرِ وَالْمُسْتَقْبَل؛ لأَِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ كُل مَا عَدَا اللَّغْوَ مَعْقُودٌ.</p>الرَّأْيُ الثَّالِثُ: التَّفْصِيل، وَقَدْ أَوْضَحَهُ الْمَالِكِيَّةُ بِنَاءً عَلَى تَوَسُّعِهِمْ فِي مَعْنَاهَا، فَقَالُوا: مَنْ حَلَفَ عَلَى مَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ فِيهِ أَوْ مُعْتَقِدٌ خِلَافَهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مَاضِيًا، سَوَاءٌ أَكَانَ مُوَافِقًا لِلْوَاقِعِ أَمْ مُخَالِفًا، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إِنْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ مُسْتَقْبَلاً وَكَانَ فِي الْحَالَيْنِ مُخَالِفًا لِلْوَاقِعِ. (4)</p>وَإِلَى التَّفْصِيل ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ أَيْضًا، حَيْثُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني على الشرح الكبير 11 / 166 - 167.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 4 / 3.</p><font color=#ff0000>(3)</font> أسنى المطالب 4 / 240 - 241.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الصغير بحاشية الصاوي 1 / 330 - 331.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٩)</span><hr/></div>اقْتَصَرُوا فِي تَعْرِيفِ الْغَمُوسِ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَى الْمَاضِي، وَشَرَطُوا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَنْ تَكُونَ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ فَيُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْحَلِفَ عَلَى الْكَذِبِ عَمْدًا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ إِنْ كَانَ عَلَى مَاضٍ أَوْ حَاضِرٍ، وَفِيهِ الْكَفَّارَةُ إِنْ كَانَ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ. (1)</p><font color=#ff0000>113 -</font> احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الْغَمُوسِ بِأَنَّهَا مَكْسُوبَةٌ مَعْقُودَةٌ، إِذِ الْكَسْبُ فِعْل الْقَلْبِ، وَالْعَقْدُ: الْعَزْمُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى الْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا فَهُوَ فَاعِلٌ بِقَلْبِهِ وَعَازِمٌ وَمُصَمِّمٌ، فَهُوَ مُؤَاخَذٌ. وَقَدْ أَجْمَل اللَّهُ عز وجل الْمُؤَاخَذَةَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَقَال:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} (2) وَفَصَّلَهَا فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ، فَقَال:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَْيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ. . .} (3)</p>عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ أَحَقُّ بِالتَّكْفِيرِ مِنْ سَائِرِ الأَْيْمَانِ الْمَعْقُودَةِ؛ لأَِنَّ ظَاهِرَ الآْيَتَيْنِ، يَنْطَبِقُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ، فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل جَعَل الْمُؤَاخَذَةَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ عَلَى الْكَسْبِ بِالْقَلْبِ، وَفِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ عَلَى تَعْقِيدِ الأَْيْمَانِ وَإِرَادَتِهَا، وَهَذَا مُنْطَبِقٌ أَعْظَمَ انْطِبَاقٍ عَلَى الْيَمِينِ الْغَمُوسِ؛ لأَِنَّهَا حَانِثَةٌ مِنْ حِينِ إِرَادَتِهَا وَالنُّطْقِ بِهَا، فَالْمُؤَاخَذَةُ مُقَارِنَةٌ لَهَا، بِخِلَافِ سَائِرِ الأَْيْمَانِ الْمَعْقُودَةِ، فَإِنَّهُ لَا مُؤَاخَذَةَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مطالب أولي النهى 6 / 368.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 225.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة المائدة / 89.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٩)</span><hr/></div>عَلَيْهَا إِلَاّ عِنْدَ الْحِنْثِ فِيهَا، فَهِيَ مُحْتَاجَةٌ فِي تَطْبِيقِ الآْيَتَيْنِ عَلَيْهَا إِلَى تَقْدِيرٍ، بِأَنْ يُقَال: إِنَّ الْمَعْنَى: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِالْحِنْثِ فِيمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ، وَبِالْحِنْثِ فِي أَيْمَانِكُمُ الْمَعْقُودَةِ، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى:{ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} (1) مَعْنَاهُ: إِذَا حَلَفْتُمْ وَحَنِثْتُمْ.</p><font color=#ff0000>114 -</font> وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ بِمَا يَأْتِي:</p>أَوَّلاً: قَال اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الآْخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (2) .</p>ثَانِيًا: مَا رَوَاهُ الأَْشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ (3) .</p>وَوَجْهُ الاِسْتِدْلَال بِالآْيَةِ وَالْحَدِيثَيْنِ وَمَا مَعْنَاهُمَا: أَنَّ هَذِهِ النُّصُوصَ أَثْبَتَتْ أَنَّ حُكْمَ الْغَمُوسِ الْعَذَابُ فِي الآْخِرَةِ، فَمَنْ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فَقَدْ زَادَ عَلَى النُّصُوصِ.</p>ثَالِثًا: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خَمْسٌ لَيْسَ لَهُنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة / 89.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة آل عمران / 77.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " من حلف على يمين صبر. . . " أخرجه البخاري (8 / 212) ط السلفية، ومسلم (1 / 86) ط دار الآفاق. وقوله (صبر) بفتح الصاد وسكون الباء معناه: اليمين التي تلزم ويجبر حالفها عليها، وتسمى مصبورة أيضا: لأن القاضي يصبر صاحبها أي يحبسه حتى يؤديها. (ر: فيض القدير 6 / 120) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٠)</span><hr/></div>كَفَّارَةٌ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ عز وجل، وَقَتْل النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَبَهْتُ مُؤْمِنٍ، وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، وَيَمِينٌ صَابِرَةٌ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالاً بِغَيْرِ حَقٍّ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ الْيَمِينِ اللَّغْوِ:</span></p><font color=#ff0000>115 -</font> سَبَقَ بَيَانُ اخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي تَفْسِيرِ يَمِينِ اللَّغْوِ، فَمَنْ فَسَّرُوهَا بِالْيَمِينِ عَلَى الاِعْتِقَادِ أَوْ بِالْيَمِينِ غَيْرِ الْمَقْصُودَةِ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهَا لَا إِثْمَ فِيهَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا وَلَا كَفَّارَةَ لَهَا.</p>لَكِنْ لَمَّا فَسَّرَهَا الْمَالِكِيَّةُ بِمَعْنًى شَامِلٍ لِلْمُسْتَقْبَل قَالُوا: إِنَّهَا تُكَفَّرُ إِذَا كَانَتْ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ وَحَنِثَ فِيهَا، كَمَا لَوْ حَلَفَ: أَنْ يَفْعَل كَذَا، أَوْ أَلَاّ يَفْعَل كَذَا غَدًا، وَهُوَ مُعْتَقِدٌ أَنَّ مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ سَيَحْصُل، وَمَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِ فِعْلِهِ لَنْ يَحْصُل، فَوَقَعَ خِلَافُ مَا اعْتَقَدَهُ (2) وَهُمْ لَا يُخَالِفُونَ الْحَنَفِيَّةَ فِي ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ لَا يُسَمُّونَ الْحَلِفَ عَلَى الْمُسْتَقْبَل لَغْوًا كَمَا تَقَدَّمَ.</p>وَمَنْ فَسَّرُوهَا بِالْيَمِينِ عَلَى الْمَعَاصِي اخْتَلَفُوا، هَل تُكَفَّرُ بِالْحِنْثِ أَوْ لَا تُكَفَّرُ؟ فَمِنْهُمْ مَنْ قَال: لَا كَفَّارَةَ لَهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} لأَِنَّ الْمُرَادَ أَنَّ اللَّهَ عز وجل لَا يُؤَاخِذُ مَنْ حَلَفَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ إِذَا لَمْ يُنَفِّذْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّ التَّنْفِيذَ حَرَامٌ، وَاجْتِنَابَهُ وَاجِبٌ، فَإِذَا اجْتَنَبَهُ فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ، فَلَا يُطَالَبُ بِكَفَّارَةٍ.</p>وَمِنْهُمْ مَنْ قَال: يَجِبُ عَلَى الْحَالِفِ الْحِنْثُ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" خمس ليس لهن كفارة. . . " أخرجه أحمد (2 / 361، 362 ط المكتب الإسلامي) وقال السيوطي: إسناده حسن (فيض القدير 4 / 458) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الصغير بحاشية الصاوي 1 / 331.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٠)</span><hr/></div>وَإِذَا حَنِثَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ لأَِنَّ قَوْله تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} يُرَادُ بِهِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل لَا يُؤَاخِذُ مَنْ حَلَفَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ إِذَا حَنِثَ وَلَمْ يُنَفِّذْ، فَلَا يُعَاقِبُهُ عَلَى هَذَا الْحِنْثِ، بَل يُوجِبُهُ عَلَيْهِ، وَيَأْمُرُهُ بِهِ، فَإِذَا حَنِثَ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّكْفِيرُ، عَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ: أَنَّ مَا ذُكِرَ هُوَ كَفَّارَةُ الأَْيْمَانِ مُطْلَقًا لَغْوًا وَمَعْقُودَةً.</p>وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا الْيَمِينُ بِغَيْرِهِ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى اللَّغْوِ فِيهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌أَحْكَامُ الْيَمِينِ الْمَعْقُودَةِ:</span></p>الْيَمِينُ الْمَعْقُودَةُ لَهَا ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ:‌<span class="title">‌ حُكْمُ الإِْتْيَانِ بِهَا</span>، وَحُكْمُ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ فِيهَا، وَالْحُكْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْبِرِّ وَالْحِنْثِ.</p>وَبَيَانُهَا كَمَا يَلِي:</p> </p>أ - حُكْمُ الإِْتْيَانِ بِهَا:</p><font color=#ff0000>116 -</font> قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الأَْصْل فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى الإِْبَاحَةُ، وَالإِْكْثَارُ مِنْهَا مَذْمُومٌ.</p>وَهَذَا هُوَ الْحُكْمُ الأَْصْلِيُّ لِلْيَمِينِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ تَعْرِضُ لِلْيَمِينِ أُمُورٌ تُخْرِجُهَا عَنْ هَذَا الْحُكْمِ، كَمَا فِي الْمَذَاهِبِ الآْتِيَةِ الَّتِي ذَكَرَتِ الأَْحْكَامَ تَفْصِيلاً.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الأَْصْل فِي الْيَمِينِ الْكَرَاهَةُ إِلَاّ فِي طَاعَةٍ، أَوْ لِحَاجَةٍ دِينِيَّةٍ، أَوْ فِي دَعْوَى عِنْدَ حَاكِمٍ، أَوْ فِي تَرْكِ وَاجِبٍ عَلَى التَّعْيِينِ أَوْ فِعْل حَرَامٍ (1) وَهَذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين على الدر المختار 3 / 46، وبداية المجتهد 1 / 396، وتفسير القرطبي 3 / 97، والتحفة بحاشية الشرواني 8 / 216، ونهاية المحتاج 8 / 170، والبجيرمي على منهج الطلاب 4 / 320.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩١)</span><hr/></div>إِجْمَالٌ تَوْضِيحُهُ فِيمَا يَلِي:</p>الأَْصْل فِي الْيَمِينِ الْكَرَاهَةُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَِيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ} (1) وَقَوْلِهِ عز وجل: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} (2) وَلِحَدِيثِ: إِنَّمَا الْحَلِفُ حِنْثٌ أَوْ نَدَمٌ (3) .</p>وَقَدْ يُقَال: إِنَّ الآْيَةَ الأُْولَى يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهَا: لَا تَجْعَلُوا الْحَلِفَ بِاللَّهِ حَاجِزًا لِمَا حَلَفْتُمْ عَلَى تَرْكِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعُرْضَةَ مَعْنَاهَا: الْحَاجِزُ وَالْمَانِعُ، وَالأَْيْمَانُ مَعْنَاهَا: الأُْمُورُ الَّتِي حَلَفْتُمْ عَلَى تَرْكِهَا. وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهَا: لَا تَجْعَلُوا اللَّهَ نَصْبًا لأَِيْمَانِكُمْ، فَتَبْذُلُوهُ بِكَثْرَةِ الْحَلِفِ بِهِ فِي كُل حَقٍّ وَبَاطِلٍ؛ لأَِنَّ فِي ذَلِكَ نَوْعَ جُرْأَةٍ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى.</p>فَالآْيَةُ الأُْولَى لَا تَدُل عَلَى حُكْمِ الْحَلِفِ، وَعَلَى الاِحْتِمَال الثَّانِي تَدُل عَلَى كَرَاهَةِ الإِْكْثَارِ، لَا كَرَاهَةِ أَصْل الْحَلِفِ.</p>وَالآْيَةُ الثَّانِيَةُ: يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهَا طَلَبُ حِفْظِ الأَْيْمَانِ الْمَحْلُوفَةِ عَنِ الْحِنْثِ، إِذَا كَانَ الْوَفَاءُ بِهَا لَا مَانِعَ مِنْهُ، فَتَدُل عَلَى كَرَاهَةِ الْحِنْثِ أَوْ حُرْمَتِهِ، وَلَا شَأْنَ لَهَا بِالإِْقْدَامِ عَلَى الْحَلِفِ، وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهَا طَلَبَ حِفْظِ الأَْيْمَانِ الَّتِي فِي الْقُلُوبِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 224.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المائدة / 89.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" إنما الحلف حنث أو ندم " قال المناوي: أخرجه ابن ماجه (1 / 680) وأبو يعلى كلاهما من حديث بشار بن كدام عن محمد بن زيد عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا. قال الذهبي: وبشار ضعفه أبو زرعة وغيره (ر: فيض القدير 2 / 560) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩١)</span><hr/></div>عَنِ الإِْظْهَارِ، فَيَكُونُ الْمَطْلُوبُ تَرْكَ الأَْيْمَانِ حَذَرًا مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنَ الْحِنْثِ وَالْكَفَّارَةِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الإِْقْدَامُ عَلَى الْيَمِينِ مَكْرُوهًا إِلَاّ لِعَارِضٍ يُخْرِجُهُ عَنِ الْكَرَاهَةِ إِلَى حُكْمٍ آخَرَ.</p>وَالْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ بَعْدَ الآْيَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ ضَعِيفُ الإِْسْنَادِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ فَيْضِ الْقَدِيرِ، وَعَلَى فَرْضِ صِحَّتِهِ فَالْحَصْرُ فِيهِ إِنَّمَا يَصِحُّ فِيمَنْ يُكْثِرُ الْحَلِفَ مِنْ غَيْرِ مُبَالَاةٍ، فَيَقَعُ فِي بَعْضِ الأَْحْيَانِ فِي الْحِنْثِ، وَفِي بَعْضِهَا يَأْتِي بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ كَارِهًا لَهُ مُسْتَثْقِلاً إِيَّاهُ، نَادِمًا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ مِنَ الْحَلِفِ.</p><font color=#ff0000>117 -</font> وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ شَبِيهٌ بِمَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ، إِذِ الأَْصْل عِنْدَهُمُ الإِْبَاحَةُ، إِلَاّ أَنَّهُمْ فَصَّلُوا، فَقَالُوا: تَنْقَسِمُ الْيَمِينُ إِلَى وَاجِبَةٍ، وَمَنْدُوبَةٍ، وَمُبَاحَةٍ، وَمَكْرُوهَةٍ، وَحَرَامٍ.</p>فَتَجِبُ لإِِنْجَاءِ مَعْصُومٍ مِنْ مَهْلَكَةٍ، وَلَوْ نَفْسَهُ، كَأَيْمَانِ قَسَامَةٍ تَوَجَّهَتْ عَلَى بَرِيءٍ مِنْ دَعْوَى قَتْلٍ.</p>وَتُنْدَبُ لِمَصْلَحَةٍ، كَإِزَالَةِ حِقْدٍ وَإِصْلَاحٍ بَيْنَ مُتَخَاصِمَيْنِ وَدَفْعِ شَرٍّ وَهُوَ صَادِقٌ فِيهَا.</p>وَتُبَاحُ عَلَى فِعْلٍ مُبَاحٍ أَوْ تَرْكِهِ، كَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُل سَمَكًا مَثَلاً أَوْ لَيَأْكُلَنَّهُ، وَكَالْحَلِفِ عَلَى الْخَبَرِ بِشَيْءٍ هُوَ صَادِقٌ فِيهِ، أَوْ يَظُنُّ أَنَّهُ صَادِقٌ.</p>وَتُكْرَهُ عَلَى فِعْل مَكْرُوهٍ، كَمَنْ حَلَفَ لَيُصَلِيَنَّ وَهُوَ حَاقِنٌ (1) أَوْ لَيَأْكُلَنَّ بَصَلاً نِيئًا (2) وَمِنْهُ الْحَلِفُ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الحاقن: هو الذي يحبس البول. وإنما كرهت صلاته لمنعه الخشوع.</p><font color=#ff0000>(2)</font> النيء بكسر النون بوزن الفيل. هو الذي لم ينضج بطبخ أو شي. وقد تبدل الهمزة ياء وتدغم في الياء التي قبلها فيقال: ني بكسر النون وتشديد الياء.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٢)</span><hr/></div>الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: الْحَلِفُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مَمْحَقَةٌ لِلْبَرَكَةِ (1) أَوْ عَلَى تَرْكِ مَنْدُوبٍ كَحَلِفِهِ لَا يُصَلِّي الضُّحَى.</p>وَتَحْرُمُ عَلَى فِعْل مُحَرَّمٍ، كَشُرْبِ خَمْرٍ، أَوْ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ، كَمَنْ حَلَفَ لَا يَصُومُ رَمَضَانَ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ.</p>ثُمَّ إِنَّ إِبَاحَتَهَا عَلَى فِعْل مُبَاحٍ أَوْ تَرْكِهِ مَا لَمْ تَتَكَرَّرْ، فَالتَّكْرَارُ خِلَافُ السُّنَّةِ، فَإِنْ أَفْرَطَ فِيهِ كُرِهَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تُطِعْ كُل حَلَاّفٍ مَهِينٍ} (2) وَهُوَ ذَمٌّ لَهُ يَقْتَضِي كَرَاهَةَ الإِْكْثَارِ. (3)</p>وَهَذَا التَّقْسِيمُ لَا تَأْبَاهُ الْمَذَاهِبُ الأُْخْرَى.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ حُكْمُ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ فِيهَا:</span></p><font color=#ff0000>118 -</font> الْيَمِينُ الْمَعْقُودَةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ عَلَى فِعْلٍ وَاجِبٍ أَوْ تَرْكِ مَعْصِيَةٍ أَوْ عَكْسِهِمَا، أَوْ فِعْل مَا هُوَ أَوْلَى أَوْ تَرْكِ مَا تَرْكُهُ أَوْلَى أَوْ عَكْسِهِمَا، أَوْ فِعْل مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ أَوْ تَرْكِهِ.</p>فَالْيَمِينُ عَلَى فِعْل وَاجِبٍ أَوْ تَرْكِ مَعْصِيَةٍ، كَوَاللَّهِ لأَُصَلِيَنَّ الظُّهْرَ الْيَوْمَ، أَوْ لَا أَسْرِقُ اللَّيْلَةَ، يَجِبُ الْبِرُّ فِيهَا وَيَحْرُمُ الْحِنْثُ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى.</p>وَالْيَمِينُ عَلَى فِعْل مَعْصِيَةٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ، كَوَاللَّهِ لأََسْرِقَنَّ اللَّيْلَةَ أَوْ لَا أُصَلِّي الظُّهْرَ الْيَوْمَ يَحْرُمُ الْبِرُّ فِيهَا وَيَجِبُ الْحِنْثُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" الحلف منفقة للسلعة. . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 315) ومسلم (3 / 1228) ط عيسى البابي الحلبي (ر: فيض القدير 3 / 417) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة القلم / 10.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مطالب أولي النهى 6 / 365، 367.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٢)</span><hr/></div>لَكِنْ يَنْبَغِي التَّنَبُّهُ إِلَى أَنَّ الْحَلِفَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ الْمُطْلَقَةِ عَنِ التَّوْقِيتِ يَلْزَمُهُ فِيهَا الْعَزْمُ عَلَى الْحِنْثِ؛ لأَِنَّ الْحِنْثَ فِيهَا إِنَّمَا يَكُونُ بِالْمَوْتِ وَنَحْوِهِ.</p>وَالْيَمِينُ عَلَى فِعْل مَا فِعْلُهُ أَوْلَى أَوْ عَلَى تَرْكِ مَا تَرْكُهُ أَوْلَى - كَوَاللَّهِ لأَُصَلِيَنَّ سُنَّةَ الصُّبْحِ أَوْ لَا أَلْتَفِتُ فِي الصَّلَاةِ - يُطْلَبُ الْبِرُّ فِيهَا وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْحِنْثِ.</p>هَكَذَا عَبَّرَ الْحَنَفِيَّةُ الْقُدَامَى بِالأَْوْلَوِيَّةِ، وَبَحَثَ الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ قَوْله تَعَالَى:{وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} (1) يَدُل عَلَى وُجُوبِ الْبِرِّ وَعَدَمِ جَوَازِ الْحِنْثِ، وَرَجَّحَ ذَلِكَ ابْنُ عَابِدِينَ وَغَيْرُهُ. وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُسَنُّ الْبِرُّ وَيُكْرَهُ الْحِنْثُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.</p>وَالْيَمِينُ عَلَى تَرْكِ مَا فِعْلُهُ أَوْلَى، أَوْ فِعْل مَا تَرْكُهُ أَوْلَى - كَوَاللَّهِ لَا أُصَلِّي سُنَّةَ الصُّبْحِ أَوْ لأََلْتَفِتَنَّ فِي الصَّلَاةِ - يُطْلَبُ الْحِنْثُ فِيهَا وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْبِرِّ. هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُسَنُّ الْحِنْثُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَيُكْرَهُ الْبِرُّ.</p>وَالْيَمِينُ عَلَى فِعْل مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ أَوْ عَلَى تَرْكِهِ - كَوَاللَّهِ لأََتَغَدَّيَنَّ هَذَا الْيَوْمَ أَوْ لَا أَتَغَدَّى هَذَا الْيَوْمَ - يُطْلَبُ الْبِرُّ فِيهَا، وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْحِنْثِ. هَكَذَا قَال الْحَنَفِيَّةُ الْقُدَامَى، وَمُقْتَضَى بَحْثِ الْكَمَال وُجُوبُ الْبِرِّ وَعَدَمُ جَوَازِ الْحِنْثِ.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْبِرُّ أَفْضَل، مَا لَمْ يَتَأَذَّ بِذَلِكَ صَدِيقُهُ، كَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُل كَذَا، وَكَانَ صَدِيقُهُ يَتَأَذَّى مِنْ تَرْكِ أَكْلِهِ إِيَّاهُ، فَيَنْعَكِسُ الْحُكْمُ وَيَكُونُ الْحِنْثُ أَفْضَل.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة / 79.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٣)</span><hr/></div>وَمَقْصُودُ الشَّافِعِيَّةِ بِالأَْفْضَلِيَّةِ الأَْوْلَوِيَّةُ، وَهِيَ الاِسْتِحْبَابُ غَيْرُ الْمُؤَكَّدِ، وَيُقَال لِمُقَابِلِهَا خِلَافُ الأَْوْلَى أَوْ خِلَافُ الأَْفْضَل، وَهُوَ أَقَل مِنَ الْمَكْرُوهِ.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُخَيَّرُ بَيْنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ، وَالْبِرُّ أَوْلَى، فَمَذْهَبُهُمْ كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ. (1)</p>‌<span class="title">‌الْحَلِفُ عَلَى الْغَيْرِ وَاسْتِحْبَابِ إِبْرَارِ الْقَسَمِ:</span></p><font color=#ff0000>119 -</font> قَدْ يَحْلِفُ الإِْنْسَانُ عَلَى فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ مَنْسُوبَيْنِ إِلَيْهِ، نَحْوُ: وَاللَّهِ لأََفْعَلَنَّ أَوْ لَا أَفْعَل، وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ. وَقَدْ يَحْلِفُ عَلَى فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ مَنْسُوبَيْنِ إِلَى غَيْرِهِ، كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ أَوْ لَا تَفْعَل، وَقَوْلُهُ: وَاللَّهِ لَيَفْعَلَنَّ فُلَانٌ كَذَا أَوْ لَا يَفْعَلُهُ.</p>وَأَحْكَامُ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ السَّابِقُ ذِكْرُهَا إِنَّمَا هِيَ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْل نَفْسِهِ أَوْ تَرْكِهَا.</p>وَأَمَّا مَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْل غَيْرِهِ أَوْ تَرْكِهِ، مُخَاطَبًا كَانَ أَوْ غَائِبًا، فَإِنَّهُ يَتَّفِقُ حُكْمُ التَّحْنِيثِ وَالإِْبْرَارِ فِيهِ مَعَ حُكْمِ الْحِنْثِ وَالْبِرِّ السَّابِقَيْنِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَيَخْتَلِفُ فِي بَعْضِهَا.</p>أ - فَمَنْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَفْعَل وَاجِبًا أَوْ يَتْرُكَ مَعْصِيَةً وَجَبَ إِبْرَارُهُ؛ لأَِنَّ الإِْبْرَارَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِنَّمَا هُوَ قِيَامٌ بِمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ أَوِ انْتِهَاءٌ عَمَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ.</p>ب - وَمَنْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَفْعَل مَعْصِيَةً أَوْ يَتْرُكَ وَاجِبًا لَمْ يَجُزْ إِبْرَارُهُ، بَل يَجِبُ تَحْنِيثُهُ؛ لِحَدِيثِ: لَا طَاعَةَ لأَِحَدٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تبارك وتعالى (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين على الدر المختار 3 / 62، ونهاية المحتاج 8 / 170، 171، وحاشية البجيرمي على منهج الطلاب 4 / 320، ومطالب أولي النهى 6 / 365، 366.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" لا طاعة لأحد. . . " أخرجه أحمد (5 / 66)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (5 / 226) رواه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك من حديث ابن الحصين. ورجال أحمد رجال الصحيح (ر: فيض القدير 6 / 432) ورواه البخاري في صحيحه بلفظ: " لا طاعة في المعصية، إنما الطاعة في المعروف "(الفتح 13 / 233) ط السلفية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٣)</span><hr/></div>ج - وَمَنْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَفْعَل مَكْرُوهًا أَوْ يَتْرُكَ مَنْدُوبًا فَلَا يَبَرُّهُ، بَل يُحَنِّثُهُ نَدْبًا؛ لأَِنَّ طَاعَةَ اللَّهِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى طَاعَةِ الْمَخْلُوقِ.</p>د - وَمَنْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَفْعَل مَنْدُوبًا أَوْ مُبَاحًا، أَوْ يَتْرُكَ مَكْرُوهًا أَوْ مُبَاحًا فَهَذَا يُطْلَبُ إِبْرَارُهُ عَلَى سَبِيل الاِسْتِحْبَابِ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِحَدِيثِ الأَْمْرِ بِإِبْرَارِ الْقَسَمِ الَّذِي رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَال: أَمَرَنَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَبْعٍ: أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ، أَوِ الْمُقْسِمِ، (1) وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ (2)</p>وَظَاهِرُ الأَْمْرِ الْوُجُوبُ، لَكِنِ اقْتِرَانُهُ بِمَا هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ - كَإِفْشَاءِ السَّلَامِ - قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ عَنِ الْوُجُوبِ.</p>وَمِمَّا يَدُل عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَبَرَّ قَسَمَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقَدْ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما حَدِيثًا طَوِيلاً يَشْتَمِل عَلَى رُؤْيَا قَصَّهَا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المقسم بضم الميم وكسر السين هو الحالف، ويروى بضم الميم وفتح السين على أنه مصدر ميمي كالمدخل والمخرج والمقام، بمعنى الإدخال والإخراج والإقامة، فالمقسم على هذا معناه الإقسام بكسر الهمزة (ر: منتقى الأخبار مع شرحه نيل الأوطار 8 / 241) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 112، ط السلفية) ومسلم (3 / 1635) ط عيسى البابي الحلبي، واللفظ له.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٤)</span><hr/></div>وَجَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَال لِرَسُول اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي: أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ؟ فَقَال: أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا. قَال: فَوَاللَّهِ لَتُحَدِّثُنِي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ، قَال: لَا تُقْسِمْ (1)</p>فَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم " لَا تُقْسِمْ " مَعْنَاهُ لَا تُكَرِّرِ الْقَسَمَ الَّذِي أَتَيْتَ بِهِ؛ لأَِنِّي لَنْ أُجِيبَكَ، وَلَعَل هَذَا الصَّنِيعَ مِنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِبَيَانِ الْجَوَازِ، فَإِنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَا يَفْعَل خِلَافَ الْمُسْتَحْسَنِ إِلَاّ بِقَصْدِ بَيَانِ الْجَوَازِ، وَهُوَ يَدُل عَلَى أَنَّ الأَْمْرَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ لَيْسَ لِلْوُجُوبِ، بَل لِلاِسْتِحْبَابِ. (2)</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْحُكْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْبِرِّ وَالْحِنْثِ:</span></p><font color=#ff0000>120 -</font> الْيَمِينُ الْمَعْقُودَةُ إِذَا بَرَّ فِيهَا الْحَالِفُ لَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِذَا حَنِثَ - بِأَنِ انْتَفَى مَا أَثْبَتَهُ أَوْ ثَبَتَ مَا نَفَاهُ - لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ، سَوَاءٌ أَكَانَ حَالِفًا عَلَى فِعْل مَعْصِيَةٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ كَاذِبًا عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ قَاصِدًا لِلْحَلِفِ أَمْ لَا.</p>هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ، فَهُمْ يُوجِبُونَ الْكَفَّارَةُ عَلَى مَنْ حَنِثَ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ لَيْسَ مُسْتَحِيلاً عَقْلاً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَلَيْسَ مُسْتَحِيلاً عَادَةً أَيْضًا عِنْدَ زُفَرَ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَالِفُ قَاصِدًا أَمْ غَيْرَ قَاصِدٍ، وَكَذَا مَنْ حَلَفَ بِتَعْلِيقِ الْكُفْرِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أصبت بعضا. . . " أخرجه البخاري (الفتح 12 / 431) ط السلفية، ومسلم (4 / 1777، 1778) ط عيسى الحلبي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 8 / 169، وتحفة المحتاج بحاشية الشرواني 8 / 214، والمغني بأعلى الشرح الكبير 11 / 247، ومطالب أولي النهى 6 / 367 - 368.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٤)</span><hr/></div><font color=#ff0000>121 -</font> وَالْمَالِكِيَّةُ يُخَالِفُونَ الْحَنَفِيَّةَ فِي أُمُورٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُمْ يُوجِبُونَ الْكَفَّارَةَ فِي الْغَمُوسِ إِذَا كَانَتْ عَلَى أَمْرٍ حَاضِرٍ أَوْ مُسْتَقْبَلٍ، وَالْحَنَفِيَّةُ لَا يُوجِبُونَ الْكَفَّارَةَ فِيهَا إِلَاّ إِذَا كَانَتْ عَلَى أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ مُمْكِنٍ عَقْلاً.</p>ثَانِيهَا: أَنَّهُمْ يُوجِبُونَ الْكَفَّارَةَ فِي الْحَلِفِ عَلَى الْمُسْتَقْبَل الْمُسْتَحِيل عَقْلاً إِنْ كَانَ عَالِمًا بِاسْتِحَالَتِهِ أَوْ مُتَرَدِّدًا فِيهَا، وَالْحَنَفِيَّةُ لَا يُوجِبُونَهَا مُطْلَقًا.</p>ثَالِثُهَا: أَنَّهُمْ يُفَصِّلُونَ فِي الْيَمِينِ غَيْرِ الْمَقْصُودَةِ، فَيَقُولُونَ: مَنْ أَرَادَ النُّطْقَ بِكَلِمَةٍ فَنَطَقَ بِالْيَمِينِ بَدَلَهَا لِخَطَأِ لِسَانِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ، وَمَنْ أَرَادَ النُّطْقَ بِشَيْءٍ فَنَطَقَ مَعَهُ بِالْيَمِينِ زِيَادَةً بِغَيْرِ قَصْدٍ كَانَتْ كَالْيَمِينِ الْمَقْصُودَةِ، فَيُكَفِّرُهَا إِنْ كَانَتْ مُسْتَقْبَلِيَّةً مُطْلَقًا، وَكَذَا إِنْ كَانَتْ غَمُوسًا حَاضِرَةً، وَالْحَنَفِيَّةُ لَمْ نَرَ لَهُمْ تَفْصِيلاً فِي غَيْرِ الْمَقْصُودَةِ، فَقَدْ أَطْلَقُوا الْقَوْل بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَصْدِ.</p>رَابِعُهَا: أَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِالْكَفَّارَةِ فِي تَعْلِيقِ الْكُفْرِ، وَالْحَنَفِيَّةُ يَجْعَلُونَهُ كِنَايَةً عَنِ الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى، فَيُوجِبُونَ الْكَفَّارَةَ فِيهِ إِنْ كَانَ عَلَى أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ غَيْرِ مُسْتَحِيلٍ عَقْلاً.</p>وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ بِالْكِنَايَةِ أَنَّهَا تَحْتَاجُ إِلَى النِّيَّةِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ أَنَّهَا لَفْظٌ أُطْلِقَ وَأُرِيدَ لَازِمُ مَعْنَاهُ، كَمَا يَقُول عُلَمَاءُ الْبَلَاغَةِ.</p><font color=#ff0000>122 -</font> وَالشَّافِعِيَّةُ يُخَالِفُونَ فِي أُمُورٍ: أَحَدِهَا: أَنَّهُمْ يُوجِبُونَ الْكَفَّارَةَ فِي الْغَمُوسِ عَلَى مَاضٍ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ إِيجَابُهَا فِي الْغَمُوسِ عَلَى حَاضِرٍ وَمُسْتَقْبَلٍ، فَإِنَّ الْغَمُوسَ عِنْدَهُمْ مُنْعَقِدَةٌ مُطْلَقًا.</p>ثَانِيهَا: أَنَّهُمْ يُوجِبُونَ الْكَفَّارَةَ فِي الْحَلِفِ عَلَى</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٥)</span><hr/></div>الْمُسْتَحِيل عَقْلاً، مَاضِيًا كَانَ أَوْ حَاضِرًا أَوْ مُسْتَقْبَلاً، إِلَاّ إِنْ كَانَتِ الْيَمِينُ غَيْرَ مَقْصُودَةٍ، أَوْ كَانَ جَاهِلاً بِالاِسْتِحَالَةِ. ثَالِثُهَا: أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْيَمِينَ غَيْرَ الْمَقْصُودَةِ تُعَدُّ لَغْوًا مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَ مَعْنَى عَدَمِ الْقَصْدِ خَطَأَ اللِّسَانِ، أَمْ كَانَ مَعْنَاهُ سَبْقَ اللِّسَانِ إِلَى النُّطْقِ بِهَا، فَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا وَلَوْ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ.</p>وَيَقُولُونَ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِ الْوَاقِعِ، جَاهِلاً بِمُخَالَفَتِهِ لِلْوَاقِعِ: لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ. سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مَاضِيًا أَمْ حَاضِرًا أَمْ مُسْتَقْبَلاً، إِلَاّ إِذَا قَصَدَ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ هُوَ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ فِي الْوَاقِعِ وَنَفْسِ الأَْمْرِ، فَتَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ حِينَئِذٍ.</p>رَابِعُهَا: أَنَّهُمْ لَا يُوجِبُونَ الْكَفَّارَةَ فِي تَعْلِيقِ الْكُفْرِ مُطْلَقًا.</p>وَنَقَل ابْنُ قُدَامَةَ عَنْ قَوْمٍ مِنْ فُقَهَاءِ السَّلَفِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ فَالْكَفَّارَةُ تَرْكُ الْمَعْصِيَةِ، وَمَعْنَى هَذَا: أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ تَنْعَقِدُ وَيَجِبُ الْحِنْثُ، وَلَيْسَ فِيهَا الْكَفَّارَةُ الْمَعْهُودَةُ. (1)</p>‌<span class="title">‌الْحِنْثُ فِي الْيَمِينِ</p>مَعْنَاهُ وَمَا يَتَحَقَّقُ بِهِ:</span></p><font color=#ff0000>123 -</font> أَمَّا مَعْنَاهُ فَهُوَ: مُخَالَفَةُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ بِثُبُوتِ مَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِهِ، أَوْ عَدَمِ مَا حَلَفَ عَلَى ثُبُوتِهِ.</p>وَأَمَّا مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ فَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَإِلَيْكَ الْبَيَانُ. الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ إِمَّا مَاضٍ أَوْ حَاضِرٍ أَوْ مُسْتَقْبَلٍ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني على الشرح الكبير 11 / 173.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٥)</span><hr/></div><font color=#ff0000>124 -</font> أَمَّا الْمَاضِي: فَالْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ لَا يَعْتَبِرُونَ الْيَمِينَ عَلَيْهِ مَعْقُودَةً أَصْلاً، فَلَا حِنْثَ فِيهَا بِالْكَذِبِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً.</p>وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ فَيَعْتَبِرُونَ الْيَمِينَ عَلَيْهِ مَعْقُودَةً إِذَا كَانَ الْحَالِفُ كَاذِبًا عَمْدًا، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْحِنْثُ مُقَارِنًا لِلاِنْعِقَادِ، وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ مِنْ حِينِ تَمَامِ الإِْتْيَانِ بِهَا.</p><font color=#ff0000>125 -</font> وَأَمَّا الْحَاضِرُ: فَهُوَ كَالْمَاضِي، إِلَاّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ مُتَّفِقُونَ مَعَ الْفَرِيقِ الثَّانِي الْقَائِل بِانْعِقَادِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ الْحَالِفُ كَاذِبًا عَمْدًا، ثُمَّ إِنَّهُمْ تَوَسَّعُوا فَضَمُّوا إِلَى الْكَذِبِ الْعَمْدِ مَا تَرَدَّدَ فِيهِ الْمُتَكَلِّمُ، بِأَنْ حَلَفَ عَلَى مَا يَظُنُّهُ ظَنًّا ضَعِيفًا، أَوْ يَشُكُّ فِيهِ، أَوْ يَظُنُّ نَقِيضَهُ ظَنًّا ضَعِيفًا، وَسَبَقَ ذَلِكَ فِي تَعْرِيفِ الْغَمُوسِ وَحُكْمِهَا.</p><font color=#ff0000>126 -</font> وَأَمَّا الْمُسْتَقْبَل: فَالْيَمِينُ عَلَيْهِ إِنْ وُجِدَتْ فِيهَا شَرَائِطُ الاِنْعِقَادِ، فَأَمَّا أَنْ تَكُونَ عَلَى نَفْيٍ أَوْ إِثْبَاتٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا إِمَّا مُطْلَقٌ وَإِمَّا مُقَيَّدٌ بِوَقْتٍ.</p>أَمَّا الْيَمِينُ عَلَى النَّفْيِ الْمُطْلَقِ: فَالْحِنْثُ فِيهَا يَتَحَقَّقُ بِثُبُوتِ مَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ عَقِبَ الْيَمِينِ أَمْ بَعْدَهُ بِزَمَانٍ قَصِيرٍ أَوْ طَوِيلٍ، وَهَل يَمْنَعُ الْحِنْثَ نِسْيَانٌ أَوْ خَطَأٌ فِي الاِعْتِقَادِ، أَوْ خَطَأٌ لِسَانِيٌّ أَوْ جُنُونٌ أَوْ إِغْمَاءٌ أَوْ إِكْرَاهٌ؟ وَهَل يَحْنَثُ بِالْبَعْضِ إِذَا كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ ذَا أَجْزَاءٍ أَوْ لَا يَحْنَثُ إِلَاّ بِالْجَمِيعِ؟ كُل ذَلِكَ مَحَل خِلَافٍ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي شَرَائِطِ الْحِنْثِ.</p><font color=#ff0000>127 -</font> وَأَمَّا الْيَمِينُ عَلَى النَّفْيِ الْمُؤَقَّتِ: فَالْحِنْثُ فِيهَا يَتَحَقَّقُ بِحُصُول الضِّدِّ فِي الْوَقْتِ، لَا بِحُصُولِهِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَ تَمَامِهِ. وَفِي النِّسْيَانِ وَنَحْوِهِ الْخِلَافُ الَّذِي سَبَقَتِ الإِْشَارَةُ إِلَيْهِ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٦)</span><hr/></div><font color=#ff0000>128 -</font> وَأَمَّا الْيَمِينُ عَلَى الإِْثْبَاتِ الْمُطْلَقِ: فَالْحِنْثُ فِيهَا يَتَحَقَّقُ بِالْيَأْسِ مِنَ الْبِرِّ، إِمَّا بِمَوْتِ الْحَالِفِ قَبْل أَنْ يَفْعَل مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ، وَإِمَّا بِفَوْتِ مَحَل الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ قَال: وَاللَّهِ لأََلْبَسَنَّ هَذَا الثَّوْبَ، فَأَحْرَقَهُ هُوَ أَوْ غَيْرَهُ. (1)</p>هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَفَصَّل غَيْرُهُمْ فِي فَوْتِ الْمَحَل بَيْنَ مَا كَانَ بِاخْتِيَارِ الْحَالِفِ وَمَا كَانَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، فَمَا كَانَ بِاخْتِيَارِهِ يَحْنَثُ بِهِ، وَمَا كَانَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يُعْلَمُ مِنْ شَرَائِطِ الْحِنْثِ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْحِنْثَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ - وَهِيَ الْحَلِفُ عَلَى الإِْثْبَاتِ الْمُطْلَقِ - يَحْصُل أَيْضًا بِالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْوِيَ عَدَمَ الإِْتْيَانِ بِالْمَحْلُوفِ مَا دَامَ حَيًّا، وَهَذَا الْحِنْثُ مُحَتَّمٌ لَا يَزُول بِالرُّجُوعِ عَنِ الْعَزْمِ عَلَى قَوْل ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْقَرَافِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ خَلِيلٍ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالدَّرْدِيرِ فِي أَقْرَبِ الْمَسَالِكِ وَاعْتَمَدَهُ الْبُنَانِيُّ، خِلَافًا لِلْقَائِلِينَ بِالتَّفْصِيل بَيْنَ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ، حَيْثُ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى الإِْثْبَاتِ الْمُطْلَقِ يَحْنَثُ فِيهِ بِالْعَزْمِ عَلَى الْفَوَاتِ، وَالْحَلِفَ بِالْعِتْقِ وَبِالْقُرْبَةِ وَبِاللَّهِ تَعَالَى لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِهَا بِالْعَزْمِ الْمَذْكُورِ إِلَاّ إِذَا اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ عَزْمِهِ رَجَعَتِ الْيَمِينُ كَمَا كَانَتْ، وَلَمْ يَحْنَثْ إِلَاّ بِالْفَوَاتِ.</p>وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ لَمْ يُوَافِقْهُمْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْل الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى.</p><font color=#ff0000>129 -</font> وَأَمَّا الْيَمِينُ عَلَى الإِْثْبَاتِ الْمُؤَقَّتِ: فَالْحِنْثُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ومن أمثلة فوت المحل: ما لو أعتق عبدا مسلما حلف ليبيعنه لاستحالة بيعه بعد ذلك. ومن الأمثلة أيضا، ما لو حلف ليطلقن، ثم لاعنها، لأنها صارت بائنا باللعان، فلا يمكن وقوع الطلاق عليها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٦)</span><hr/></div>فِيهَا يَتَحَقَّقُ بِالْيَأْسِ مِنَ الْبِرِّ فِي الْوَقْتِ، إِنْ كَانَ الْحَالِفُ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ قَائِمَيْنِ، كَأَنْ قَال: وَاللَّهِ لآَكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ الْيَوْمَ، فَغَرَبَتِ الشَّمْسُ وَهُوَ حَيٌّ وَالرَّغِيفُ مَوْجُودٌ وَلَمْ يَأْكُلْهُ. وَإِنْ مَاتَ الْحَالِفُ فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يَفُتْ مَحَل الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَمْ يُعْتَبَرْ حَانِثًا بِالْمَوْتِ وَلَا بِمُضِيِّ الْوَقْتِ بَعْدَهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ جَمِيعًا؛ لأَِنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ الْحِنْثَ إِنَّمَا يَقَعُ فِي آخِرِ أَجْزَاءِ الْوَقْتِ فِي الْيَمِينِ الْمُؤَقَّتَةِ، وَالْحَالِفُ مَيِّتٌ فِي هَذَا الْجُزْءِ الأَْخِيرِ، وَلَا يُوصَفُ الْمَيِّتُ بِالْحِنْثِ، وَيَحْنَثُ عِنْدَ غَيْرِهِمْ عَلَى تَفْصِيلٍ يُعْلَمُ مِنْ شَرَائِطِ الْحِنْثِ.</p>وَإِنْ فَاتَ مَحَل الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ، كَأَنْ أَكَل الرَّغِيفَ إِنْسَانٌ آخَرُ، وَلَمْ يَمُتِ الْحَالِفُ، لَمْ يَحْنَثْ فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ لأَِنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ إِمْكَانَ الْبِرِّ، خِلَافًا لأَِبِي يُوسُفَ، حَيْثُ قَال بِالْحِنْثِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لأَِنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ هَذِهِ الشَّرِيطَةَ. وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فِي وَقْتِ الْحِنْثِ: فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إِلَاّ آخِرَ الْوَقْتِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ فِي الْحَال - أَيْ حَال فَوْتِ مَحَل الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ - وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ عَنْهُ.</p>وَفِي الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى تَفْصِيلٌ بَيْنَ فَوْتِ الْمَحَل بِاخْتِيَارِ الْحَالِفِ، وَفَوْتِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَبَيْنَ حُصُول الْفَوْتِ أَوَّل الْوَقْتِ، أَوْ بَعْدَ أَوَّلِهِ، مَعَ التَّفْرِيطِ أَوْ عَدَمِهِ، وَكُل ذَا يُعْلَمُ مِنَ الشَّرَائِطِ الآْتِيَةِ.</p><font color=#ff0000>130 -</font> وَمِمَّا يَنْبَغِي التَّنَبُّهُ إِلَيْهِ أَنَّ الْمُؤَقَّتَةَ إِذَا لَمْ يَبْدَأْ وَقْتُهَا مِنْ حِينِ الْحَلِفِ فَمَاتَ الْحَالِفُ، أَوْ فَاتَ الْمَحَل قَبْل بَدْءِ الْوَقْتِ فَلَا حِنْثَ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَخَالَفَ الْحَنَابِلَةُ فِي الثَّانِيَةِ، فَقَالُوا بِالْحِنْثِ فِيهَا، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَال: وَاللَّهِ لأََشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوبِ غَدًا، فَمَاتَ هُوَ أَوْ شَرِبَ الْمَاءَ إِنْسَانٌ آخَرُ قَبْل فَجْرِ الْغَدِ، فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٧)</span><hr/></div>حَانِثًا فِي الْحَالَيْنِ عِنْدَ الأَْكْثَرِينَ.</p>وَمِمَّا يَنْبَغِي التَّنَبُّهُ لَهُ أَيْضًا: أَنَّ التَّوْقِيتَ فِي الْيَمِينِ الْمُؤَقَّتَةِ يَشْمَل التَّوْقِيتَ نَصًّا، وَالتَّوْقِيتَ دَلَالَةً، كَمَا لَوْ قِيل لإِِنْسَانٍ: أَتَدْخُل دَارَ فُلَانٍ الْيَوْمَ؟ فَقَال: وَاللَّهِ لأََدْخُلَنَّهَا، أَوْ وَاللَّهِ لَا أَدْخُلُهَا، فَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مُؤَقَّتٌ بِالْيَوْمِ دَلَالَةً؛ لِوُقُوعِهِ جَوَابًا عَنِ السُّؤَال الْمُحْتَوِي عَلَى قَيْدِ التَّوْقِيتِ بِالْيَوْمِ، وَهَذَا مِنْ يَمِينِ الْفَوْرِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا وَالْخِلَافُ فِيهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌شَرَائِطُ الْحِنْثِ:</span></p><font color=#ff0000>131 -</font> الْجُمْهُورُ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْحِنْثَ هُوَ السَّبَبُ الْوَحِيدُ، أَوْ ثَانِي السَّبَبَيْنِ لِلْكَفَّارَةِ، أَوْ شَرِيطَةٌ لَهَا، لَمْ يُصَرِّحُوا بِشَرَائِطَ لِلْحِنْثِ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا أُمُورًا يَخْتَلِفُ الرَّأْيُ فِيهَا، إِذَا كَانَ الْحِنْثُ فِعْلاً أَوْ تَرْكًا، وَمِنْ هَذِهِ الأُْمُورِ: الْعَمْدُ وَالطَّوَاعِيَةُ وَالتَّذَكُّرُ وَالْعَقْل.</p>وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ لَا يَشْتَرِطُونَ فِي الْحَلِفِ الطَّوَاعِيَةَ وَلَا الْعَمْدَ، وَهُمْ لَا يَشْتَرِطُونَهُمَا فِي الْحِنْثِ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ لَا يَشْتَرِطُونَ فِيهِ التَّذَكُّرَ وَلَا الْعَقْل، فَمَنْ حَلَفَ أَوْ حَنِثَ مُخْطِئًا (1) أَوْ مُكْرَهًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. وَكَذَا مَنْ حَلَفَ أَلَاّ يَفْعَل شَيْئًا فَفَعَلَهُ وَهُوَ ذَاهِلٌ أَوْ سَاهٍ أَوْ نَاسٍ (2) أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.</p>فَإِنْ لَمْ يَفْعَل الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ، بَل فَعَلَهُ بِهِ غَيْرُهُ قَهْرًا عَنْهُ لَمْ يَحْنَثْ، كَمَا لَوْ حَلَفَ أَلَاّ يَشْرَبَ هَذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المراد بالمخطئ من أراد شيئا فسبق لسانه إلى غيره، كما لو أراد أن يقول: أسقني الماء، فقال: والله لا أشرب الماء كما تقدم.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراد بالساهي: من زال الشيء عن ذهنه. وكذلك الناسي، والذاهل والغافل، لكن فرق بعضهم بين الناسي والساهي: أن الناسي إذا ذكرته تذكر، والساهي بخلافه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٧)</span><hr/></div>الْمَاءَ، فَصَبَّهُ إِنْسَانٌ فِي حَلْقِهِ قَهْرًا؛ لأَِنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَ شَارِبًا، فَلَمْ يَفْعَل مَا حَلَفَ عَلَى الاِمْتِنَاعِ مِنْهُ.</p>وَمِنْ أَمْثِلَةِ النِّسْيَانِ فِي الْحِنْثِ: مَا لَوْ قَال إِنْسَانٌ: وَاللَّهِ لَا أَحْلِفُ، ثُمَّ حَلَفَ نَاسِيًا لِهَذِهِ الْيَمِينِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ بِهَذَا الْحَلِفِ الثَّانِي مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ حِنْثًا فِي الْيَمِينِ الأُْولَى، ثُمَّ إِذَا حَنِثَ فِي هَذِهِ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى عَلَى الْقَوْل بِعَدَمِ تَدَاخُل الْكَفَّارَاتِ (1) وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الْيَمِينَ إِمَّا يَمِينُ بِرٍّ، نَحْوُ وَاللَّهِ لَا أَفْعَل كَذَا، وَإِمَّا يَمِينُ حِنْثٍ، نَحْوُ وَاللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا.</p><font color=#ff0000>132 -</font> أَمَّا يَمِينُ الْبِرِّ: فَيَحْنَثُ فِيهَا بِفِعْل مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ - وَكَذَا بِفِعْل بَعْضِهِ إِنْ كَانَ ذَا أَجْزَاءٍ - عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ خَطَأً قَلْبِيًّا، بِمَعْنَى اعْتِقَادِ أَنَّهُ غَيْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِهَا إِذَا لَمْ يُقَيِّدْ يَمِينَهُ بِالْعَمْدِ أَوِ الْعِلْمِ، فَإِنْ قَيَّدَهَا بِالْعَمْدِ، بِأَنْ قَال: لَا أَفْعَلُهُ عَمْدًا، لَمْ يَحْنَثْ بِالْخَطَأِ، وَإِنْ قَيَّدَ بِالْعِلْمِ، بِأَنْ قَال: لَا أَفْعَلُهُ عَالِمًا، أَوْ لَا أَفْعَلُهُ مَا لَمْ أَنْسَ لَمْ يَحْنَثْ بِالنِّسْيَانِ.</p>وَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِ الْبِرِّ بِالْخَطَأِ اللِّسَانِيِّ، كَمَا لَوْ حَلَفَ: لَا يَذْكُرُ فُلَانًا، ثُمَّ سَبَقَ لِسَانُهُ بِذِكْرِ اسْمِهِ، وَكَذَا لَا يَحْنَثُ فِيهَا بِالإِْكْرَاهِ عَلَى فِعْل مَا حَلَفَ عَلَى الاِمْتِنَاعِ مِنْهُ، وَذَلِكَ بِقُيُودٍ سِتَّةٍ:</p>أ - أَلَاّ يَعْلَمَ أَنَّهُ يُكْرَهُ عَلَى الْفِعْل.</p>ب - أَلَاّ يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِإِكْرَاهِهِ لَهُ</p>ج - أَلَاّ يَكُونَ الإِْكْرَاهُ شَرْعِيًّا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 3 / 49.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٨)</span><hr/></div>د - أَلَاّ يَفْعَل ثَانِيًا طَوْعًا بَعْدَ زَوَال الإِْكْرَاهِ.</p>هـ - أَلَاّ يَكُونَ الْحَلِفُ عَلَى شَخْصٍ بِأَنَّهُ لَا يَفْعَل كَذَا، وَالْحَالِفُ هُوَ الْمُكْرَهُ لَهُ عَلَى فِعْلِهِ.</p>و أَلَاّ يَقُول فِي يَمِينِهِ: لَا أَفْعَلُهُ طَائِعًا وَلَا مُكْرَهًا. فَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ السِّتَّةِ حَنِثَ بِالإِْكْرَاهِ وَوَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ.</p><font color=#ff0000>133 -</font> وَأَمَّا يَمِينُ الْحِنْثِ: فَيَحْنَثُ فِيهَا بِالإِْكْرَاهِ عَلَى تَرْكِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَتَّى يَفُوتَ، كَمَا لَوْ قَال: وَاللَّهِ لأََدْخُلَنَّ دَارَ زَيْدٍ غَدًا، فَمُنِعَ مِنْ دُخُولِهَا بِالإِْكْرَاهِ حَتَّى غَرَبَتْ شَمْسُ الْغَدِ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ.</p>وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا: أَنَّهُ يَحْنَثُ أَيْضًا بِالتَّرْكِ نَاسِيًا وَمُخْطِئًا، بِأَنْ لَمْ يَتَذَكَّرِ الْحَلِفَ مِنَ الْغَدِ، أَوْ تَذَكَّرَهُ وَدَخَل دَارًا أُخْرَى يَعْتَقِدُ أَنَّهَا الدَّارُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْحَال حَتَّى مَضَى الْغَدُ.</p>وَإِذَا فَاتَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِي يَمِينِ الْحِنْثِ بِمَانِعٍ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَانِعُ شَرْعِيًّا أَوْ عَادِيًّا أَوْ عَقْلِيًّا.</p><font color=#ff0000>134 -</font> فَإِنْ كَانَ الْمَانِعُ شَرْعِيًّا حَنِثَ بِالْفَوَاتِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَتَقَدَّمَ الْمَانِعُ عَلَى الْحَلِفِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَمْ تَأَخَّرَ، وَسَوَاءٌ أَفَرَّطَ فِيهِ حَتَّى فَاتَ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَكَانَتِ الْيَمِينُ مُؤَقَّتَةً أَمْ لَا.</p>مِثَال ذَلِكَ: مَا لَوْ حَلَفَ أَنْ يُبَاشِرَ زَوْجَتَهُ غَدًا فَطَرَأَ الْحَيْضُ، أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا قَبْل الْحَلِفِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ، فَيَحْنَثُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْبَغَ خِلَافًا لاِبْنِ الْقَاسِمِ، فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالْغَدِ لَمْ يَحْنَثْ، بَل يَنْتَظِرُ حَتَّى تَطْهُرَ فَيُبَاشِرَهَا.</p><font color=#ff0000>135 -</font> وَإِنْ كَانَ الْمَانِعُ عَادِيًّا، فَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْيَمِينِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَحَلَفَ لَمْ يَحْنَثْ مُطْلَقًا، أَقَّتَ أَمْ لَا، فَرَّطَ أَمْ لَا، وَإِنْ تَأَخَّرَ حَنِثَ مُطْلَقًا، خِلَافًا</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٨)</span><hr/></div>لأَِشْهَبَ حَيْثُ قَال بِعَدَمِ الْحِنْثِ.</p>مِثَال ذَلِكَ: أَنْ يَحْلِفَ لَيَذْبَحَنَّ هَذَا الْكَبْشَ، أَوْ لَيَلْبَسَنَّ هَذَا الثَّوْبَ، أَوْ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ، فَسُرِقَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَوْ غُصِبَ، أَوْ مُنِعَ الْحَالِفُ مِنَ الْفِعْل بِالإِْكْرَاهِ، أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ سُرِقَ قَبْل الْيَمِينِ أَوْ غُصِبَ وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْحَلِفِ.</p>وَمَحَل الْحِنْثِ مِنَ الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ وَالْمَانِعِ الْعَادِيِّ، إِذَا أَطْلَقَ الْحَالِفُ الْيَمِينَ فَلَمْ يُقَيَّدْ بِإِمْكَانِ الْفِعْل وَلَا بِعَدَمِهِ، أَوْ قَيَّدَ بِالإِْطْلَاقِ، كَأَنْ قَال: لأََفْعَلَنَّ كَذَا وَسَكَتَ، أَوْ لأََفْعَلَنَّ كَذَا قَدَرْتُ عَلَيْهِ أَمْ لَا، فَإِنْ قَيَّدَ بِالإِْمْكَانِ فَلَا حِنْثَ، بِأَنْ قَال: لأََفْعَلَنَّهُ إِنْ أَمْكَنَ، أَوْ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ.</p><font color=#ff0000>136 -</font> وَإِنْ كَانَ الْمَانِعُ عَقْلِيًّا، فَإِنْ تَقَدَّمَ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ عَلِمَ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْمَانِعِ الْعَادِيِّ، وَإِنْ تَأَخَّرَ فَإِمَّا إِنْ تَكُونَ الْيَمِينُ مُؤَقَّتَةً أَوْ غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ.</p>فَإِنْ كَانَتْ مُؤَقَّتَةً، وَفَاتَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ قَبْل ضِيقِ الْوَقْتِ، لَمْ يَحْنَثْ إِنْ حَصَل الْمَانِعُ عَقِبَ الْيَمِينِ، وَكَذَا إِنْ تَأَخَّرَ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ فَرَّطَ، فَإِنْ تَأَخَّرَ مَعَ التَّفْرِيطِ حَنِثَ.</p>مِثَال ذَلِكَ: مَا لَوْ حَلَفَ لَيَذْبَحَنَّ هَذَا الْحَمَامَ أَوْ لَيَلْبَسَنَّ هَذَا الثَّوْبَ، فَمَاتَ الْحَمَامُ أَوْ أُحْرِقَ الثَّوْبُ وَكَانَ قَدْ أَطْلَقَ الْيَمِينَ، أَوْ أَقَّتَ بِقَوْلِهِ: هَذَا الْيَوْمَ، أَوْ هَذَا الشَّهْرَ مَثَلاً.</p>وَصُورَةُ تَقَدُّمِ الْمَانِعِ: أَنْ يَكُونَ غَائِبًا عَنِ الْمَنْزِل مَثَلاً، فَيَقُول: وَاللَّهِ لأََذْبَحَنَّ الْحَمَامَ الَّذِي بِالْمَنْزِل، أَوْ لأََلْبَسَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي فِي الْخِزَانَةِ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ بَعْدَ الْحَلِفِ مَوْتُ الْحَمَامِ أَوِ احْتِرَاقُ الثَّوْبِ قَبْل أَنْ يَحْلِفَ. (1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير 1 / 334، 335، الشرح الكبير بحاشية الدسوقي 2 / 134، 141.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٩)</span><hr/></div>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَا يَحْنَثُ مَنْ خَالَفَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ جَاهِلاً أَوْ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مَقْهُورًا، وَلَا تَنْحَل الْيَمِينُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ، وَلَا يَحْنَثُ أَيْضًا إِنْ تَعَذَّرَ الْبِرُّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ.</p>وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْجَهْل: مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُسَلِّمُ عَلَى زَيْدٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فِي ظُلْمَةٍ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ أَنَّهُ زَيْدٌ، وَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُل عَلَى بَكْرٍ، فَدَخَل دَارًا هُوَ فِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ فِيهَا.</p>وَأَمْثِلَةُ النِّسْيَانِ وَالإِْكْرَاهِ ظَاهِرَةٌ.</p>وَمِثَال الْقَهْرِ: مَا لَوْ حَلَفَ: لَا يَدْخُل دَارَ خَالِدٍ، فَحُمِل وَأُدْخِل قَهْرًا، وَيُلْحَقُ بِهِ مَنْ حُمِل بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَلَمْ يَمْتَنِعْ؛ لأَِنَّهُ لَا يُسَمَّى دَاخِلاً، بِخِلَافِ مَنْ حُمِل بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لأَِنَّهُ يُسَمَّى دَاخِلاً، كَمَا لَوْ رَكِبَ دَابَّةً وَدَخَل بِهَا.</p>وَمِنْ صُوَرِ تَعَذُّرِ الْبِرِّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، مَا لَوْ قَال: وَاللَّهِ لآَكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ غَدًا، فَتَلِفَ الطَّعَامُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْحَالِفِ، أَوْ مَاتَ الْحَالِفُ قَبْل فَجْرِ الْغَدِ، فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَ بِاخْتِيَارِهِ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَفِي وَقْتِ حِنْثِهِ خِلَافٌ، فَقِيل: هُوَ وَقْتُ التَّلَفِ، وَقِيل: هُوَ غُرُوبُ شَمْسِ الْغَدِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْحِنْثَ يَتَحَقَّقُ بِمُضِيِّ زَمَنِ إِمْكَانِ الأَْكْل مِنْ فَجْرِ الْغَدِ.</p>وَمِنْ صُوَرِ الْفَوْتِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ: مَا لَوْ تَلِفَ فِي الْغَدِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، أَوْ مَاتَ فِي الْغَدِ قَبْل التَّمَكُّنِ مِنْ أَكْلِهِ. (1)</p>وَقَالُوا أَيْضًا: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُل هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ، أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ، أَوْ لَيَفْعَلَنَّ ذَلِكَ، تَعَلَّقَ الْحِنْثُ وَالْبِرُّ بِالْمَجْمُوعِ وَلَوْ مُتَفَرِّقًا، وَكَذَا لَوْ عَطَفَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الوجيز للغزالي 2 / 229 - 232، وشرح الروض 4 / 268، 269.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٩)</span><hr/></div>بِالْوَاوِ نَحْوَ: لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَعَمْرًا، أَوْ لَا آكُل اللَّحْمَ وَالْعِنَبَ، أَوْ لأَُكَلِّمَنَّ زَيْدًا وَعَمْرًا، أَوْ لآَكُلَنَّ اللَّحْمَ وَالْعِنَبَ، فَإِنَّ الْحِنْثَ وَالْبِرَّ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا، فَلَا يَحْنَثُ فِي الْمِثَالَيْنِ الأَْوَّلَيْنِ، وَلَا يَبَرُّ فِي الْمِثَالَيْنِ الأَْخِيرَيْنِ إِلَاّ بِفِعْل الْمَجْمُوعِ وَلَوْ مُتَفَرِّقًا.</p><font color=#ff0000>137 -</font> وَيُسْتَثْنَى فِي حَالَةِ النَّفْيِ مَا لَوْ كَرَّرَ حَرْفَ النَّفْيِ، كَأَنْ قَال: وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا. فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِتَكْلِيمِ أَحَدِهِمَا، وَتَبْقَى الْيَمِينُ، فَيَحْنَثُ حِنْثًا ثَانِيًا بِتَكْلِيمِ الثَّانِي.</p>وَإِنْ قَال: لَا أُكَلِّمُ أَحَدَهُمَا أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَأَطْلَقَ، حَنِثَ بِكَلَامِ وَاحِدٍ وَانْحَلَّتِ الْيَمِينُ.</p>وَإِنْ قَال: لَا آكُل هَذِهِ الرُّمَّانَةَ فَأَكَلَهَا إِلَاّ حَبَّةً لَمْ يَحْنَثْ، أَوْ قَال: لآَكُلَنَّ هَذِهِ الرُّمَّانَةَ، فَأَكَلَهَا إِلَاّ حَبَّةً لَمْ يَبَرَّ. وَخَرَجَ بِالْحَبَّةِ: الْقِشْرُ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يُؤْكَل مِنَ الرُّمَّانَةِ عَادَةً (1) .</p>وَالْحَنَابِلَةُ يُوَافِقُونَ الشَّافِعِيَّةَ فِي كُل مَا سَبَقَ، مَا عَدَا تَفْوِيتَ الْبِرِّ، فَقَدْ قَالُوا: لَوْ حَلَفَ إِنْسَانٌ لَيَشْرَبَنَّ هَذَا الْمَاءَ غَدًا، فَتَلِفَ قَبْل الْغَدِ أَوْ فِيهِ حَنِثَ، وَلَا يَحْنَثُ بِجُنُونِهِ أَوْ إِكْرَاهِهِ قَبْل الْغَدِ مَعَ اسْتِمْرَارِ ذَلِكَ إِلَى خُرُوجِ الْغَدِ، وَلَا يَحْنَثُ أَيْضًا بِمَوْتِهِ قَبْل الْغَدِ.</p>وَلَوْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ هَذَا الْمَاءَ الْيَوْمَ أَوْ أَطْلَقَ، فَتَلِفَ قَبْل مُضِيِّ وَقْتٍ يَسَعُ الشُّرْبَ لَمْ يَحْنَثْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَ بَعْدَ مُضِيِّ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَقِيل: يَحْنَثُ فِي الْحَالَيْنِ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الوجيز 2 / 229 - 232، وشرح الروض 4 / 254، 255، 268، 269، 272.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مطالب أولي النهى 6 / 369، 414.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌بَيَانُ الْكَفَّارَةِ:</span></p><font color=#ff0000>138 -</font> كَفَّارَةُ الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى إِذَا حَنِثَ فِيهَا وَهِيَ مُنْعَقِدَةٌ قَدْ ذَكَرَهَا اللَّهُ عز وجل فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ حَيْثُ قَال: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَْيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِين مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (1)</p>فَقَدْ بَيَّنَتِ الآْيَةُ الْكَرِيمَةُ أَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ الْمَعْقُودَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى التَّخْيِيرِ ابْتِدَاءً، وَالتَّرْتِيبِ انْتِهَاءً، فَالْحَالِفُ إِذَا حَنِثَ وَجَبَ عَلَيْهِ إِحْدَى خِصَالٍ ثَلَاثٍ: إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، أَوْ كِسْوَتُهُمْ، أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ، فَإِذَا عَجَزَ عَنِ الثَّلَاثِ وَجَبَ عَلَيْهِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.</p>وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ نَصٌّ قُرْآنِيٌّ قَاطِعٌ، غَيْرَ أَنَّ فِي التَّفَاصِيل اخْتِلَافَاتٍ مَنْشَؤُهَا الاِجْتِهَادُ، وَمَوْضِعُ بَسْطِهَا (الْكَفَّارَاتُ) .</p> </p>‌<span class="title">‌هَل تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ بِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ</span>؟</p><font color=#ff0000>139 -</font> لَا خِلَافَ فِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ يَمِينًا فَحَنِثَ فِيهَا وَأَدَّى مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنَ الْكَفَّارَةِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ يَمِينًا أُخْرَى وَحَنِثَ فِيهَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى، وَلَا تُغْنِي الْكَفَّارَةُ الأُْولَى عَنْ كَفَّارَةِ الْحِنْثِ فِي هَذِهِ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ.</p>وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَنْ حَلَفَ أَيْمَانًا وَحَنِثَ فِيهَا، ثُمَّ أَرَادَ التَّكْفِيرَ، هَل تَتَدَاخَل الْكَفَّارَاتُ فَتُجْزِئُهُ كَفَّارَةٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة / 89.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٠)</span><hr/></div>وَاحِدَةٌ؟ أَوْ لَا تَتَدَاخَل فَيَجِبُ عَلَيْهِ لِكُل يَمِينٍ كَفَّارَةٌ؟</p>فَإِنَّ الْكَفَّارَاتِ تَتَدَاخَل عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَأَحَدِ الأَْقْوَال عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَلَا تَتَدَاخَل عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَلَا الشَّافِعِيَّةِ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (الْكَفَّارَاتِ) .</p>وَمِثْل الْحَلِفِ بِاللَّهِ الْحَلِفُ بِالنُّذُورِ، وَمِثْلُهُ أَيْضًا الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ عِنْدَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، كَمَا لَوْ قَال: إِنْ فَعَلْتِ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، قَاصِدًا الْمَنْعَ، أَوْ يَلْزَمُنِي الطَّلَاقُ إِنْ فَعَلْتِ كَذَا. (1)</p>‌<span class="title">‌أَحْكَامُ الْيَمِينِ التَّعْلِيقِيَّةِ</span></p>‌<span class="title">‌حُكْمُ تَعْلِيقِ الْكُفْرِ:</span></p><font color=#ff0000>140 -</font> سَبَقَ بَيَانُ الْخِلَافِ فِي أَنَّ تَعْلِيقَ الْكُفْرِ عَلَى مَا لَا يُرِيدُهُ الإِْنْسَانُ يُعْتَبَرُ يَمِينًا أَوْ لَا يُعْتَبَرُ.</p>فَالْقَائِلُونَ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ يَمِينًا لَا يُرَتِّبُونَ عَلَى الْحِنْثِ فِيهِ كَفَّارَةً، فَيَسْتَوِي عِنْدَهُمْ أَنْ يَبَرَّ فِيهِ وَأَنْ يَحْنَثَ، لَكِنَّهُمْ يَذْكُرُونَ حُكْمَ الإِْقْدَامِ عَلَيْهِ. وَالْقَائِلُونَ بِاعْتِبَارِهِ يَمِينًا يَجْعَلُونَهُ فِي مَعْنَى الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى. وَفِي الْبَدَائِعِ مَا خُلَاصَتُهُ: أَنَّ الْحَلِفَ بِأَلْفَاظِ الْكُفْرِ يَمِينٌ اسْتِحْسَانًا؛ لأَِنَّهُ مُتَعَارَفٌ بَيْنَ النَّاسِ، فَإِنَّهُمْ يَحْلِفُونَ بِهَذِهِ الأَْلْفَاظِ مِنْ عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى يَوْمِنَا هَذَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ. (2) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حَلِفًا شَرْعِيًّا لَمَا تَعَارَفُوهُ؛ لأَِنَّ الْحَلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى مَعْصِيَةٌ، فَدَل تَعَارُفُهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ جَعَلُوا ذَلِكَ كِنَايَةً عَنِ الْحَلِفِ بِاللَّهِ عز وجل وَإِنْ لَمْ يَعْقِل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الإنصاف 11 / 44 - 45.</p><font color=#ff0000>(2)</font> في هذا الكلام نظر ظاهر فليتأمل.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠١)</span><hr/></div>وَجْهَ الْكِنَايَةِ.</p>وَقَال إِبْرَاهِيمُ الْحَلَبِيُّ مَا خُلَاصَتُهُ: يُمْكِنُ تَقْرِيرُ وَجْهِ الْكِنَايَةِ، بِأَنْ يُقَال مَقْصُودُ الْحَالِفِ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ الاِمْتِنَاعُ عَنِ الشَّرْطِ، وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ النَّفْرَةَ عَنِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ تَسْتَلْزِمُ تَعْظِيمَ اللَّهِ، كَأَنْ قَال: وَاللَّهِ الْعَظِيمِ لَا أَفْعَل كَذَا. (1)</p>وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ يَكُونُ كَالْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى فِي شَرَائِطِ انْعِقَادِهِ وَبَقَائِهِ، وَفِي تَقْسِيمِهِ إِلَى غَمُوسٍ وَلَغْوٍ وَمُنْعَقِدٍ، وَفِي أَحْكَامِ الإِْقْدَامِ عَلَيْهِ وَالْبِرِّ وَالْحِنْثِ فِيهِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْحِنْثِ. غَيْرَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِيهِ نِسْبَةُ الْكُفْرِ إِلَى الْمُتَكَلِّمِ مُعَلَّقَةً عَلَى شَرْطٍ أَمْكَنَ الْقَوْل بِأَنَّهُ تَارَةً يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ، وَتَارَةً لَا، وَإِذَا حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ عِنْدَ النُّطْقِ لَمْ يَكُنْ مُنْعَقِدًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ الإِْسْلَامَ فِي انْعِقَادِ الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى فَكَذَلِكَ يَشْتَرِطُونَهُ فِي انْعِقَادِ تَعْلِيقِ الْكُفْرِ، وَإِذَا حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ بِمُبَاشَرَةِ الشَّرْطِ بَعْدَ الْحَلِفِ بَطَل عِنْدَهُمْ بَعْدَ انْعِقَادِهِ، كَمَا تَبْطُل الْيَمِينُ بِاللَّهِ بَعْدَ انْعِقَادِهَا إِذَا كَفَّرَ قَائِلُهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ.</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ الإِْقْدَامِ عَلَيْهِ:</span></p><font color=#ff0000>141 -</font> مَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ نَطَقَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ مُنَجَّزَةً يَكُونُ كَافِرًا حَالاً مَتَى تَوَفَّرَتْ شَرَائِطُ الرِّدَّةِ، وَمَنْ عَلَّقَهَا عَلَى أَمْرٍ بِغَيْرِ قَصْدِ الْيَمِينِ يَكُونُ كَافِرًا فِي الْحَال أَيْضًا وَإِنْ كَانَ مَا عَلَّقَهَا عَلَيْهِ مُسْتَقْبَلاً؛ لأَِنَّ الرِّضَى بِالْكُفْرِ وَلَوْ فِي الْمُسْتَقْبَل ارْتِدَادٌ عَنِ الإِْسْلَامِ فِي الْحَال، وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُول إِنْسَانٌ: إِذَا كَانَ الْغَدُ فَهُوَ يَهُودِيٌّ، أَوْ إِذَا شَفَاهُ اللَّهُ عَلَى يَدِ هَذَا النَّصْرَانِيِّ فَهُوَ نَصْرَانِيٌّ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 8، وحاشية ابن عابدين 3 / 47.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠١)</span><hr/></div>وَأَمَّا مَنْ عَلَّقَ الْكُفْرَ بِقَصْدِ الْيَمِينِ فَالأَْصْل فِيهِ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ، سَوَاءٌ أَعَلَّقَهُ عَلَى مَاضٍ أَمْ حَاضِرٍ أَمْ مُسْتَقْبَلٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ كَاذِبًا أَمْ لَمْ يَكُنْ؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا يَقْصِدُ الْمَنْعَ مِنَ الشَّرْطِ أَوِ الْحَثَّ عَلَى نَقِيضِهِ أَوِ الإِْخْبَارَ بِنَقِيضِهِ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَقًّا - تَرْوِيجًا لِكَذِبِهِ.</p>فَمَنْ قَال: إِنْ كَلَّمْتُ فُلَانَةَ، أَوْ إِنْ لَمْ أُكَلِّمْهَا فَهُوَ بَرِيءٌ مِنَ الإِْسْلَامِ، فَمَقْصُودُهُ مَنْعُ نَفْسِهِ مِنَ التَّكْلِيمِ فِي الصُّورَةِ الأُْولَى أَوْ حَثُّ نَفْسِهِ عَلَيْهِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ حَذَرًا مِنَ الْكُفْرِ، فَلَا يَكُونُ رَاضِيًا بِالْكُفْرِ، وَمَنْ قَال: إِنْ لَمْ أَكُنِ اشْتَرَيْتُ هَذَا بِدِينَارٍ فَهُوَ يَهُودِيٌّ، وَأَرَادَ بِهَذَا حَمْل الْمُخَاطَبِ عَلَى تَصْدِيقِ مَا ادَّعَاهُ وَكَانَ كَاذِبًا عَمْدًا لَا يَكُونُ رَاضِيًا بِالْكُفْرِ؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ تَرْوِيجَ كَذِبِهِ بِتَعْلِيقِ الْكُفْرِ عَلَى نَقِيضِهِ.</p>هَذَا هُوَ الأَْصْل، وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ الْمُتَكَلِّمُ جَاهِلاً، فَيَعْتَقِدُ أَنَّ الْحَلِفَ بِصِيغَةِ الْكُفْرِ كُفْرٌ، أَوْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَكْفُرُ بِإِقْدَامِهِ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ أَوْ إِحْجَامِهِ عَمَّا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ.</p>فَفِي الصُّورَةِ الأُْولَى يُعْتَبَرُ كَافِرًا بِمُجَرَّدِ الْحَلِفِ لأَِنَّهُ تَكَلَّمَ بِمَا يَعْتَقِدُهُ كُفْرًا، فَكَانَ رَاضِيًا بِالْكُفْرِ حَالاً.</p>وَفِي الصُّورَتَيْنِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ يَكْفُرُ بِالإِْقْدَامِ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ وَالإِْحْجَامِ عَمَّا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ؛ لأَِنَّهُ عَمِل عَمَلاً يَعْتَقِدُهُ كُفْرًا، فَكَانَ رَاضِيًا بِالْكُفْرِ، وَلَا يَكْفُرُ بِمُجَرَّدِ النُّطْقِ بِالْيَمِينِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ إِلَاّ إِذَا كَانَ حِينَ النُّطْقِ عَازِمًا عَلَى الْحِنْثِ؛ لأَِنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْكُفْرِ كُفْرٌ. (1)</p><font color=#ff0000>142 -</font> وَصَفْوَةُ الْقَوْل أَنَّ الْحَلِفَ بِالْكُفْرِ لَا يُعَدُّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 3 / 55.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٢)</span><hr/></div>كُفْرًا، إِلَاّ إِذَا كَانَ قَائِلُهُ رَاضِيًا بِالْكُفْرِ، وَهَذَا هُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْغَمُوسِ وَغَيْرِهَا، وَيُقَابِلُهُ رَأْيَانِ فِي الْغَمُوسِ - أَيِ الْحَلِفِ عَلَى الْكَذِبِ الْعَمْدِ.</p>أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ وَإِنِ اعْتَقَدَ الْكُفْرَ.</p>ثَانِيهِمَا: أَنَّهُ يَكْفُرُ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدِ الْكُفْرَ.</p>وَوَجْهُ الأَْوَّل: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنِ اعْتِقَادِ الْكُفْرِ الرِّضَى بِهِ، فَكَمْ مِنْ إِنْسَانٍ يُقْدِمُ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ كُفْرًا لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ، وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِْيمَانِ. وَالْحَالِفُ غَرَضُهُ تَرْوِيجُ كَذِبِهِ أَوْ إِظْهَارُ امْتِنَاعِهِ، فَهُوَ حِينَمَا يَنْطِقُ بِمَا يَعْتَقِدُهُ كُفْرًا إِنَّمَا يَأْتِي بِهِ صُورَةً مَحْضَةً خَالِيَةً مِنَ الرِّضَى بِالْكُفْرِ.</p>وَوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْحَالِفَ لَمَّا عَلَّقَ الْكُفْرَ بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ كَانَ تَنْجِيزًا فِي الْمَعْنَى، كَأَنَّهُ قَال ابْتِدَاءً: هُوَ كَافِرٌ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإِْسْلَامِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا فَهُوَ كَمَا قَال (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ الإِْقْدَامِ عَلَى تَعْلِيقِ الْكُفْرِ فِي بَقِيَّةِ الْمَذَاهِبِ:</span></p><font color=#ff0000>143 -</font> قَال الْمَالِكِيَّةُ: يَحْرُمُ تَعْلِيقُ الْكُفْرِ بِقَصْدِ الْحَلِفِ، وَلَا يَرْتَدُّ إِنْ فَعَل الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ، وَلْيَتُبْ إِلَى اللَّهِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَفَعَلَهُ أَمْ لَمْ يَفْعَلْهُ، لأَِنَّهُ ارْتَكَبَ ذَنْبًا.</p>فَإِنْ قَصَدَ الإِْخْبَارَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْكُفْرِ كَانَ رِدَّةً، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ هَزْلاً (2) وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَحْرُمُ تَعْلِيقُ الْكُفْرِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " من حلف على يمين بملة. . . " أخرجه البخاري (الفتح 11 / 537) ومسلم (1 / 104) ط عيسى الحلبي، واللفظ له.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الصغير وحاشية الصاوي عليه 1 / 320، والشرح الكبير بحاشية الدسوقي 2 / 128.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٢)</span><hr/></div>الَّذِي يَقْصِدُ بِهِ الْيَمِينَ عَادَةً، وَلَا يَكْفُرُ بِهِ إِذَا قَصَدَ تَبْعِيدَ نَفْسِهِ عَنِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ أَطْلَقَ، فَإِنْ قَصَدَ حَقِيقَةَ التَّعْلِيقِ، أَوْ قَصَدَ الرِّضَى بِالْكُفْرِ كَفَرَ مِنْ فَوْرِهِ، دُونَ تَوَقُّفٍ عَلَى حُصُول الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، إِذِ الرِّضَى بِالْكُفْرِ كُفْرٌ، ثُمَّ إِنْ كَفَرَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ وَالْعَوْدَةُ إِلَى الإِْسْلَامِ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَكْفُرْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ أَيْضًا، وَنُدِبَ لَهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ عز وجل كَأَنْ يَقُول: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ. وَنُدِبَ لَهُ أَنْ يَنْطِقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ.</p>وَمَنْ مَاتَ أَوْ غَابَ وَتَعَذَّرَتْ مُخَاطَبَتُهُ، وَكَانَ قَدْ عَلَّقَ الْكُفْرَ وَلَمْ يُعْرَفْ قَصْدُهُ، فَمُقْتَضَى كَلَامِ الأَْذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، خِلَافًا لِمَا اعْتَمَدَهُ الإِْسْنَوِيُّ مِنَ الْحُكْمِ بِكُفْرِهِ إِذَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَصْرِفُهُ عَنِ الْكُفْرِ. (1)</p>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: يَحْرُمُ الإِْقْدَامُ عَلَى الْيَمِينِ بِالْكُفْرِ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِصُورَةِ التَّعْلِيقِ نَحْوَ: إِنْ فَعَل كَذَا فَهُوَ يَهُودِيٌّ، أَمْ بِصُورَةِ الْقَسَمِ نَحْوَ: هُوَ يَهُودِيٌّ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا. وَإِنْ قَصَدَ أَنَّهُ يَكْفُرُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ كَفَرَ مُنَجَّزًا. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ فِيهِ:</span></p><font color=#ff0000>144 -</font> إِذَا قَصَدَ بِتَعْلِيقِ الْكُفْرِ تَأْكِيدَ خَبَرٍ، فَإِنْ كَانَ صَادِقًا كَانَ الْحَالِفُ بَارًّا، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا كَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تحفة المحتاج بشرح المنهاج 8 / 215، ونهاية المحتاج 8 / 169.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مطالب أولي النهى 6 / 371 - 372، والمغني بأعلى الشرح الكبير 11 / 198 - 201.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٣)</span><hr/></div>الْحَالِفُ حَانِثًا، وَالْبِرُّ فِي الصُّورَةِ الأُْولَى، وَالْحِنْثُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مُقَارِنَانِ لِتَمَامِ الْيَمِينِ، فَلَا حُكْمَ لَهُمَا سِوَى حُكْمِ الإِْقْدَامِ.</p>وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْبِرِّ وَالْحِنْثِ حُكْمٌ مُسْتَقِلٌّ إِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ تَأْكِيدَ الْحَثِّ أَوِ الْمَنْعِ، فَإِنَّهُمَا حِينَئِذٍ يَكُونَانِ مُتَأَخِّرَيْنِ.</p>وَالْخُلَاصَةُ: أَنَّ تَعْلِيقَ الْكُفْرِ بِقَصْدِ الْيَمِينِ إِنْ كَانَ صَادِقًا أَوْ غَمُوسًا أَوْ لَغْوًا فَلَيْسَ لِلْبِرِّ فِي الأَْوَّل وَالْحِنْثِ فِي الأَْخِيرَيْنِ حُكْمٌ سِوَى حُكْمِ الإِْقْدَامِ عَلَى التَّعْلِيقِ.</p>وَإِنْ كَانَ مُنْعَقِدًا، فَحُكْمُ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ فِيهِ هُوَ حُكْمُ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى الْمُنْعَقِدَةِ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ وَاخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِيهِ تَفْصِيلاً.</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْحِنْثِ فِيهِ:</span></p><font color=#ff0000>145 -</font> سَبَقَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي تَعْلِيقِ الْكُفْرِ بِقَصْدِ الْيَمِينِ، أَهُوَ يَمِينٌ شَرْعِيَّةٌ أَمْ لَا؟ فَمَنْ قَال: إِنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ قَال: لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ فِيهِ، وَمَنْ قَال: إِنَّهُ يَمِينٌ قَال: إِنَّمَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ فِيهِ إِنْ كَانَ مُنْعَقِدًا، فَإِنْ كَانَ لَغْوًا لَمْ تَجِبْ فِيهِ كَفَّارَةٌ، وَإِنْ كَانَ غَمُوسًا فَفِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ بِاللَّهِ تَعَالَى.</p> </p>‌<span class="title">‌أَحْكَامُ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَالْحَرَامِ وَالْتِزَامِ الْقُرْبَةِ:</span></p> </p>‌<span class="title">‌مُقَارَنَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى:</span></p><font color=#ff0000>146 -</font> سَبَقَ أَنَّ تَعْلِيقَ الْكُفْرِ فِي مَعْنَى الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ يُعْتَبَرُ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهَا مِنْ شَرَائِطَ وَأَقْسَامٍ وَأَحْكَامٍ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٣)</span><hr/></div>وَلَيْسَ لِبَقِيَّةِ التَّعْلِيقَاتِ هَذِهِ الصِّفَةُ، فَهِيَ تُخَالِفُ الْيَمِينَ بِاللَّهِ تَعَالَى فِي أُمُورٍ:</p>الأَْمْرُ الأَْوَّل: أَنَّهَا تُعْتَبَرُ مِنْ قَبِيل الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ، فَيَنْطَبِقُ عَلَيْهِ حَدِيثُ النَّهْيِ عَنِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ، بِخِلَافِ تَعْلِيقِ الْكُفْرِ فَقَدْ قَرَّرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنِ الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَكُونُ مَنْهِيًّا عَنْهُ لِذَاتِهِ، لَكِنَّهُمْ قَرَّرُوا أَيْضًا أَنَّ يَمِينَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إِذَا كَانَتْ لِلاِسْتِيثَاقِ جَازَتْ عَلَى الأَْصَحِّ كَمَا تَقَدَّمَ.</p>الأَْمْرُ الثَّانِي: أَنَّهَا لَا تَنْقَسِمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ إِلَى غَمُوسٍ وَلَغْوٍ وَمُنْعَقِدَةٍ، بَل تُعْتَبَرُ كُلُّهَا مُنْعَقِدَةً، سَوَاءٌ أَقَصَدَ بِهَا تَأْكِيدَ خَبَرٍ أَمْ تَأْكِيدَ حَثٍّ أَوْ مَنْعٍ، فَمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا وَقَعَ طَلَاقُهُ، وَكَذَا مَنْ كَانَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ صَادِقٌ وَكَانَ مُخْطِئًا فِي اعْتِقَادِهِ (1) لأَِنَّ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ وَالْتِزَامَ الْقُرْبَةِ يَسْتَوِي فِيهَا الْهَزْل وَالْجِدُّ؛ لِحَدِيثِ: ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ (2) .</p>وَيُقَاسُ بِالطَّلَاقِ الْعَتَاقُ وَالْتِزَامُ الْقُرْبَةِ، فَإِذَا كَانَ هَزْل هَذِهِ الثَّلَاثَةِ جِدًّا، فَالْكَذِبُ فِي الْحَلِفِ بِهَا يَكُونُ جِدًّا أَيْضًا، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ بِاللَّهِ تَعَالَى كَذَلِكَ؛ لأَِنَّ هَزْلَهَا جِدٌّ أَيْضًا كَمَا سَبَقَ، لَكِنْ لَمْ يُلْحَقْ فِيهَا الْغَمُوسُ وَاللَّغْوُ بِالْهَزْل لأَِدِلَّةٍ أَخْرَجَتْهُمَا.</p>الأَْمْرُ الثَّالِثُ: أَنَّ هَذِهِ التَّعْلِيقَاتِ يَقَعُ جَزَاؤُهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ بِوُقُوعِ الشَّرْطِ، فَتَعْلِيقُ الطَّلَاقِ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ عِنْدَ تَحَقُّقِ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ، وَكَذَا تَعْلِيقُ الْعَتَاقِ، وَأَمَّا تَعْلِيقُ الْتِزَامِ الْقُرْبَةِ فَيُخَيَّرُ الْحَالِفُ بِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 8، وبلغة السالك 1 / 330 - 331.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" ثلاث جدهن جد. . . " سبق تخريجه. (ف 55) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٤)</span><hr/></div>بَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَهُنَاكَ أَقْوَالٌ غَيْرُ ذَلِكَ سَبَقَ بَيَانُهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ الإِْقْدَامِ عَلَيْهِ:</span></p><font color=#ff0000>147 -</font> يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْحَلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَجُوزُ (1) وَيَدْخُل فِي ذَلِكَ عِنْدَهُمُ الإِْقْسَامُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، نَحْوَ " وَأَبِي "، كَمَا يَدْخُل الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ مِنَ التَّعْلِيقَاتِ، لَكِنَّهُمُ اسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ تَعْلِيقَ الْكُفْرِ، فَقَدْ جَعَلُوهُ كِنَايَةً عَنِ الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى كَمَا تَقَدَّمَ، وَاسْتَثْنَوْا أَيْضًا تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بِقَصْدِ الاِسْتِيثَاقِ، فَأَجَازُوهُ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا هَذَا، (2) كَمَا تَقَدَّمَ.</p>وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِكَرَاهَةِ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ (3)، وَلِمَعْرِفَةِ بَاقِي الْمَذَاهِبِ فِي ذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي مَوَاضِعِ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ فِيهِ:</span></p><font color=#ff0000>148 -</font> إِذَا قَصَدَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ التَّعْلِيقَاتِ تَأْكِيدَ خَبَرٍ، وَكَانَ صَادِقًا فِي الْوَاقِعِ، لَمْ يُتَصَوَّرْ فِيهَا حِنْثٌ؛ لأَِنَّهَا مَبْرُورَةٌ حِينَ النُّطْقِ بِهَا، وَلَيْسَ لِلْبِرِّ فِيهَا حُكْمٌ سِوَى حُكْمِ الإِْقْدَامِ عَلَيْهَا.</p>وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فِي الْوَاقِعِ لَمْ يُتَصَوَّرْ فِيهَا بِرٌّ؛ لأَِنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) عبر صاحب البدائع بكلمة " معصية " وعبر ابن عابدين بكلمة " محظور "(البدائع 3 / 8، وابن عابدين 3 / 45) والظاهر أن المقصود الكراهة التحريمية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المقصود: زمان المؤلفين، ولعل هذه الحاجة قد زالت في زمان كتابة هذا الموضوع بالموسوعة، فقد شاع رأي ابن تيمية بعدم وقوع الطلاق الذي يقصد به اليمين.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مطالب أولي النهى 6 / 364.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٤)</span><hr/></div>الْحِنْثَ مُقَارِنٌ لِتَمَامِ الإِْتْيَانِ بِهَا، وَلَيْسَ لَهُ حُكْمٌ سِوَى حُكْمِ الإِْقْدَامِ عَلَيْهَا.</p>وَإِنْ قَصَدَ بِشَيْءٍ مِنْهَا تَأْكِيدَ الْحَثِّ أَوِ الْمَنْعِ، فَحُكْمُ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ فِيهَا هُوَ حُكْمُ الْحِنْثِ وَالْبِرِّ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى الْمُنْعَقِدَةِ، فَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ وَبَيَانُ الاِخْتِلَافِ فِيهِ، كَمَا سَبَقَ حُكْمُ الإِْبْرَارِ إِنْ كَانَ حَلِفًا عَلَى الْغَيْرِ.</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْحِنْثِ فِيهِ:</span></p><font color=#ff0000>149 -</font> يَرَى الْجُمْهُورُ أَنَّ الْحِنْثَ فِي هَذِهِ التَّعْلِيقَاتِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُصُول الْجَزَاءِ، إِلَاّ تَعْلِيقَ الْتِزَامِ الْقُرْبَةِ، فَإِنَّهُ عِنْدَ الْحِنْثِ بِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ يَتَخَيَّرُ الْحَالِفُ بَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ.</p> </p>‌<span class="title">‌انْحِلَال الْيَمِينِ:</span></p>الْيَمِينُ إِمَّا مُؤَكِّدَةٌ لِلْخَبَرِ الْمَاضِي أَوِ الْحَاضِرِ أَوِ الْمُسْتَقْبَل، وَإِمَّا مُؤَكِّدَةٌ لِلْحَثِّ أَوِ الْمَنْعِ.</p><font color=#ff0000>150 -</font> فَالْمُؤَكِّدَةُ لِلْخَبَرِ: إِنْ كَانَ مَاضِيًا أَوْ حَاضِرًا فَهِيَ مُنْحَلَّةٌ مِنْ حِينِ النُّطْقِ بِهَا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ صَادِقَةً أَمْ غَمُوسًا أَمْ لَغْوًا؛ لأَِنَّ الْبِرَّ وَالْحِنْثَ وَالإِْلْغَاءَ يَقْتَضِي كُلٌّ مِنْهَا انْحِلَال الْيَمِينِ.</p>وَإِنْ كَانَ مُسْتَقْبَلاً صُدِّقَا يَقِينًا فَهِيَ مُنْحَلَّةٌ أَيْضًا مِنْ حِينِ النُّطْقِ بِهَا، نَحْوَ: وَاللَّهِ لأََمُوتَنَّ، أَوْ لَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ الْخَلَائِقَ؛ لأَِنَّهَا بَارَّةٌ مِنْ حِينِ النُّطْقِ بِهَا، وَلَا يَتَوَقَّفُ بِرُّهَا عَلَى حُصُول الْمَوْتِ وَالْبَعْثِ.</p>وَإِنْ كَانَ مُسْتَقْبَلاً كَذِبًا عَمْدًا، كَقَوْل الْقَائِل: وَاللَّهِ لأََشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا مَاءَ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٥)</span><hr/></div>فِيهِ، فَهِيَ غَمُوسٌ، وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي انْعِقَادِهَا: فَمَنْ قَال بِانْعِقَادِهَا يَقُول: إِنَّ الْحِنْثَ قَارَنَ الاِنْعِقَادَ فَوَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ وَانْحَلَّتْ، وَمَنْ قَال بِعَدَمِ انْعِقَادِهَا قَال: إِنَّهَا لَا حَاجَةَ بِهَا إِلَى الاِنْحِلَال كَمَا لَا يَخْفَى.</p>وَإِنْ كَانَ مُسْتَقْبَلاً كَذِبًا خَطَأً، بِأَنْ كَانَ الْحَالِفُ يَعْتَقِدُهُ صِدْقًا، فَحُكْمُهَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَابْنِ تَيْمِيَّةَ حُكْمُ اللَّغْوِ، فَهِيَ مُنْحَلَّةٌ مِنْ حِينِ انْعِقَادِهَا، أَوْ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ أَصْلاً، وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ حُكْمُهَا حُكْمُ الْيَمِينِ عَلَى الْحَثِّ وَالْمَنْعِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا.</p> </p><font color=#ff0000>151 -</font> وَالْمُؤَكِّدَةُ لِلْحَثِّ أَوِ الْمَنْعِ تَنْحَل بِأُمُورٍ:</p>الأَْوَّل: الرِّدَّةُ - وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ تَعَالَى - وَهِيَ تَحُل الْيَمِينَ بِاللَّهِ تَعَالَى وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ تَحْرِيمِ الْحَلَال وَتَعْلِيقِ الْكُفْرِ بِقَصْدِ الْيَمِينِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ فِي بَقَاءِ انْعِقَادِ الْيَمِينِ الإِْسْلَامَ، كَمَا يَشْتَرِطُونَهُ فِي أَصْل الاِنْعِقَادِ، فَالرِّدَّةُ عِنْدَهُمْ تُبْطِل الاِنْعِقَادَ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ قَبْل الْحِنْثِ أَمْ بَعْدَهُ، وَلَا يَرْجِعُ الاِنْعِقَادُ بِالرُّجُوعِ إِلَى الإِْسْلَامِ.</p>الثَّانِي: ذِكْرُ الاِسْتِثْنَاءِ بِالْمَشِيئَةِ بِشَرَائِطِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ. فَمَنْ حَلَفَ وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ الاِسْتِثْنَاءُ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ، فَإِذَا وَصَل بِهَا الاِسْتِثْنَاءَ انْحَلَّتْ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَخَالَفَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَقَالُوا: لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الاِسْتِثْنَاءِ قَبْل فَرَاغِ الْيَمِينِ، ثُمَّ وَصَل الاِسْتِثْنَاءَ بِهِ، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ الاِسْتِثْنَاءُ مَانِعًا مِنَ انْعِقَادِ الْيَمِينِ.</p>الثَّالِثُ: فَوَاتُ الْمَحَل فِي الْيَمِينِ عَلَى الإِْثْبَاتِ الْمُؤَقَّتِ، نَحْوَ: وَاللَّهِ لأََشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ الْيَوْمَ، فَإِذَا صَبَّهُ الْحَالِفُ أَوْ غَيْرُهُ انْحَلَّتِ الْيَمِينُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ الْبِرَّ لَا يَجِبُ إِلَاّ آخِرَ الْيَوْمِ - أَيِ الْوَقْتِ الْمُتَّصِل بِغُرُوبِ الشَّمْسِ - وَفِي هَذَا الْوَقْتِ لَا يُمْكِنُهُ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٥)</span><hr/></div>الْبِرُّ؛ لِحُصُول الْفَرَاغِ مِنَ الْمَاءِ قَبْلَهُ، فَلَا يَحْنَثُ، وَبِهَذَا يَعْلَمُ انْحِلَال يَمِينِهِ مِنْ حِينِ فَرَاغِ الْكُوزِ.</p>وَغَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ يَرَوْنَ أَنَّ فَوَاتَ الْمَحَل إِذَا كَانَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْحَالِفِ وَقَبْل تَمَكُّنِهِ مِنَ الْبِرِّ يُحَل يَمِينُهُ، كَمَا لَوِ انْصَبَّ الْكُوزُ عَقِبَ الْيَمِينِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ، أَوْ أَخَذَهُ إِنْسَانٌ فَشَرِبَهُ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ أَخْذِهِ مِنْهُ.</p>الرَّابِعُ: الْبِرُّ فِي الْيَمِينِ، بِأَنْ يَفْعَل كُل مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ، أَوْ يَسْتَمِرَّ عَلَى تَرْكِ كُل مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ.</p>الْخَامِسُ: الْحِنْثُ، فَإِنَّ الْيَمِينَ إِذَا انْعَقَدَتْ، ثُمَّ حَصَل الْحِنْثُ بِوُقُوعِ مَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ، أَوْ بِالْيَأْسِ مِنْ وُقُوعِ مَا حَلَفَ عَلَى ثُبُوتِهِ، فَهَذَا الْحِنْثُ تَنْحَل بِهِ الْيَمِينُ.</p>السَّادِسُ: الْعَزْمُ عَلَى الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ عَلَى الإِْثْبَاتِ الْمُطْلَقِ، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، فَلَوْ قَال: وَاللَّهِ لأََتَزَوَّجَنَّ، ثُمَّ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ الزَّوَاجِ طُول حَيَاتِهِ، فَمِنْ حِينِ الْعَزْمِ تَنْحَل الْيَمِينُ، وَيُعْتَبَرُ حَانِثًا، وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَلَوْ رَجَعَ عَنْ عَزْمِهِ لَمْ تَرْجِعِ الْيَمِينُ.</p>السَّابِعُ: الْبَيْنُونَةُ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ، فَمَنْ قَال لاِمْرَأَتِهِ: إِنْ فَعَلْتِ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ بَانَتْ مِنْهُ بِخُلْعٍ أَوْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ، أَوْ بِإِكْمَال الطَّلَاقِ ثَلَاثًا، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ عَادَتْ إِلَيْهِ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ لَمْ يَعُدِ التَّعْلِيقُ لاِنْحِلَالِهِ بِالْبَيْنُونَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌جَامِعُ الأَْيْمَانِ</span></p>‌<span class="title">‌الأُْمُورُ الَّتِي تُرَاعَى فِي أَلْفَاظِ الأَْيْمَانِ:</span></p><font color=#ff0000>152 -</font> مَعْلُومٌ أَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي يَأْتِي بِهِ الْحَالِفُ يَشْتَمِل عَلَى أَفْعَالٍ وَأَسْمَاءٍ وَحُرُوفٍ لَهَا مَعَانٍ لُغَوِيَّةٌ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٦)</span><hr/></div>أَوْ عُرْفِيَّةٌ، وَأَنَّهَا تَارَةً تَكُونُ مُقَيَّدَةً بِقُيُودٍ لَفْظِيَّةٍ، وَتَارَةً تَقُومُ الْقَرَائِنُ عَلَى تَقْيِيدِهَا، وَقَدْ يَقْصِدُ الْحَالِفُ مَعْنًى يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ أَوْ لَا يَحْتَمِلُهُ، وَكُل هَذَا يَخْتَلِفُ الْبِرُّ وَالْحِنْثُ تَبَعًا لاِخْتِلَافِهِ.</p>وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا تَجِبُ مُرَاعَاتُهُ عِنْدَ اخْتِلَافِ اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ وَالنِّيَّةِ وَالسِّيَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.</p>وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ الْقَوَاعِدِ الَّتِي تُتْبَعُ مُرَتَّبَةً مَعَ بَيَانِ اخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِيهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَاعِدَةُ الأُْولَى: مُرَاعَاةُ نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ:</span></p><font color=#ff0000>153 -</font> عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ عَلَيْهِ صَاحِبُكَ (1) وَالْمَعْنَى: يَمِينُكَ الَّتِي تَحْلِفُهَا، مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي لَوْ نَوَيْتَهُ، وَكُنْتَ صَادِقًا، لَاعْتَقَدَ خَصْمُكَ أَنَّكَ صَادِقٌ فِيهَا، وَهُوَ الْمَعْنَى الَّذِي يَخْطِرُ بِبَالِهِ حِينَ اسْتِحْلَافِهِ إِيَّاكَ، وَهُوَ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ مُتَّفِقًا مَعَ ظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ التَّوْرِيَةَ بَيْنَ يَدَيِ الْمُسْتَحْلِفِ لَا تَنْفَعُ الْحَالِفَ، بَل تَكُونُ يَمِينُهُ غَمُوسًا تَغْمِسُهُ فِي الإِْثْمِ.</p>وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، غَيْرَ أَنَّ لَهُمْ تَفْصِيلَاتٍ وَشَرَائِطَ بَيَانُهَا فِيمَا يَلِي:</p><font color=#ff0000>154 -</font> مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ: حَكَى الْكَرْخِيُّ أَنَّ الْمَذْهَبَ كَوْنُ الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إِنْ كَانَ مَظْلُومًا، فَإِنْ كَانَ ظَالِمًا فَعَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ، لَكِنْ فَرَّقَ الْقُدُورِيُّ بَيْنَ الْيَمِينِ عَلَى الْمَاضِي وَعَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك. . . " أخرجه مسلم (3 / 1274) ط عيسى الحلبي، والترمذي (3 / 636) ط مصطفى الحلبي، وابن ماجه (1 / 686) ط عيسى الحلبي (ر: فيض القدير 6 / 464) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٦)</span><hr/></div>الْمُسْتَقْبَل، فَقَال: إِذَا كَانَتِ الْيَمِينُ عَلَى مَاضٍ فَفِيهَا التَّفْصِيل السَّابِقُ؛ لأَِنَّ الْمُؤَاخَذَةَ عَلَيْهَا إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً إِنَّمَا هِيَ بِالإِْثْمِ، كَالْمَظْلُومِ إِذَا نَوَى بِهَا مَا يُخْرِجُهَا عَنِ الْكَذِبِ، صَحَّتْ نِيَّتُهُ فَلَمْ يَأْثَمْ، لأَِنَّهُ لَمْ يَظْلِمْ بِهَا أَحَدًا، بِخِلَافِ الظَّالِمِ إِذَا نَوَى بِيَمِينِهِ مَا يُخْرِجُهَا عَنِ الْكَذِبِ فَإِنَّ نِيَّتَهُ بَاطِلَةٌ، وَتَكُونُ يَمِينُهُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ فَتَكُونُ كَاذِبَةً ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَيَأْثَمُ لأَِنَّهُ ظَلَمَ بِهَا غَيْرَهُ.</p>وَإِذَا كَانَتْ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ فَهِيَ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ؛ لأَِنَّهَا حِينَئِذٍ عَقْدٌ، وَالْعَقْدُ عَلَى نِيَّةِ الْعَاقِدِ. (1)</p>وَالْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ تُعْتَبَرُ فِيهَا نِيَّةُ الْحَالِفِ، ظَالِمًا كَانَ أَوْ مَظْلُومًا، إِذَا لَمْ يَنْوِ خِلَافَ الظَّاهِرِ، فَلَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ لَا قَضَاءً وَلَا دِيَانَةً، لَكِنَّهُ يَأْثَمُ - إِنْ كَانَ ظَالِمًا - إِثْمَ الْغَمُوسِ، فَلَوْ نَوَى خِلَافَ الظَّاهِرِ - كَمَا لَوْ نَوَى الطَّلَاقَ عَنْ وَثَاقٍ - اعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً، فَيَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ سَوَاءٌ أَكَانَ ظَالِمًا أَمْ مَظْلُومًا.</p>وَقَال الْخَصَّافُ: تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ قَضَاءً إِنْ كَانَ مَظْلُومًا. (2)</p><font color=#ff0000>155 -</font> مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ: اخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَال سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ وَابْنُ الْمَوَّازِ: إِنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ.</p>وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ إِنَّهَا عَلَى، نِيَّةِ الْحَالِفِ، فَيَنْفَعُهُ الاِسْتِثْنَاءُ، فَلَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ، وَلَكِنْ يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 20، 21. وقد يقال: إن اليمين على المستقبل يتصور فيها أن يكون الحالف ظالما ومظلوما فلم لم يفصل فيها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين على الدر المختار 3 / 99.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٧)</span><hr/></div>مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ مَنَعَ حَقَّ غَيْرِهِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ. ثُمَّ إِنَّ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ اخْتَلَفُوا فِي كَوْنِهَا عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ عِنْدَ عَدَمِ اسْتِحْلَافِهِ، فَذَهَبَ خَلِيلٌ إِلَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ عَلَى نِيَّتِهِ، وَذَهَبَ الصَّاوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إِلَى أَنَّهَا تَكُونُ عَلَى نِيَّتِهِ، وَسَبَقَ فِي شَرَائِطِ صِحَّةِ الاِسْتِثْنَاءِ بَيَانٌ مُوَضَّحٌ تَكُونُ فِيهِ الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ أَوِ الْمَحْلُوفِ لَهُ عِنْدَهُمْ.</p><font color=#ff0000>156 -</font> مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ: الْيَمِينُ تَكُونُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ بِشَرَائِطَ:</p>الشَّرِيطَةُ الأُْولَى: أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحْلِفُ مِمَّنْ يَصِحُّ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ كَالْقَاضِي وَالْمُحَكِّمِ وَالإِْمَامِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَانَتْ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ، وَأَلْحَقَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخَصْمَ بِالْقَاضِي، عَمَلاً بِحَدِيثِ: يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ عَلَيْهِ صَاحِبُكَ (1) أَيْ خَصْمُكَ.</p>الشَّرِيطَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ الْقَاضِي وَنَحْوُهُ بِطَلَبٍ مِنَ الْخَصْمِ، فَإِنِ اسْتَحْلَفَهُ بِلَا طَلَبٍ مِنْهُ كَانَتِ الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ.</p>الشَّرِيطَةُ الثَّالِثَةُ: أَلَاّ يَكُونَ الْحَالِفُ مُحِقًّا فِيمَا نَوَاهُ عَلَى خِلَافِ نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ، فَإِنِ ادَّعَى زَيْدٌ أَنَّ عَمْرًا أَخَذَ مِنْ مَالِهِ كَذَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَسَأَل رَدَّهُ، وَكَانَ عُمَرُ وَقَدْ أَخَذَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ، فَأَجَابَ بِنَفْيِ الاِسْتِحْقَاقِ، فَقَال زَيْدٌ لِلْقَاضِي: حَلِّفْهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَالِي شَيْئًا بِغَيْرِ إِذْنِي. وَكَانَ الْقَاضِي يَرَى إِجَابَتَهُ لِذَلِكَ، فَيَجُوزُ لِعَمْرٍو أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" يمينك. . . " تقدم تخريجه (ر: ف 153) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٧)</span><hr/></div>مَالِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَيَنْوِي أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ، فَيَمِينُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَكُونُ عَلَى نِيَّتِهِ الْمُقَيَّدَةِ، لَا عَلَى نِيَّةِ الْقَاضِي الْمُطْلَقَةِ، وَلَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ. الشَّرِيطَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَكُونَ الاِسْتِحْلَافُ بِاللَّهِ تَعَالَى لَا بِالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ، لَكِنْ إِذَا كَانَ الْمُسْتَحْلِفُ يَرَى جَوَازَ التَّحْلِيفِ بِالطَّلَاقِ كَالْحَنَفِيِّ، كَانَتِ الْيَمِينُ عَلَى نِيَّتِهِ لَا عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ. (1)</p><font color=#ff0000>157 -</font> مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ: يَرْجِعُ فِي الْيَمِينِ إِلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ فَهِيَ مَبْنَاهَا ابْتِدَاءً، إِلَاّ إِذَا كَانَ الْحَالِفُ ظَالِمًا، وَيَسْتَحْلِفُهُ لِحَقٍّ عَلَيْهِ، فَهَذَا يَنْصَرِفُ يَمِينُهُ إِلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ الَّذِي عَنَاهُ الْمُسْتَحْلِفُ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: مُرَاعَاةُ نِيَّةِ الْحَالِفِ:</span></p>إِذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَحْلِفٌ أَصْلاً، أَوْ كَانَ مُسْتَحْلِفٌ وَلَكِنْ عُدِمَتْ شَرِيطَةٌ مِنَ الشَّرَائِطِ الَّتِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ إِلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ، رُوعِيَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ الَّتِي يَحْتَمِلُهَا اللَّفْظُ، وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ أَقْوَال الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ:</p><font color=#ff0000>158 -</font> مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ: الأَْصْل عِنْدَهُمْ أَنَّ الْكَلَامَ يَنْصَرِفُ إِلَى الْعُرْفِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْحَالِفِ نِيَّةٌ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ نِيَّةُ شَيْءٍ وَاللَّفْظُ يَحْتَمِلُهُ انْعَقَدَتِ الْيَمِينُ بِاعْتِبَارِهِ، فَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُل بَيْتًا فَدَخَل الْمَسْجِدَ لَا يَحْنَثُ إِذَا لَمْ يَنْوِهِ؛ لأَِنَّ الْمَسْجِدَ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْعُرْفِ بَيْتًا، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ قَدْ سَمَّاهُ بَيْتًا. (3)</p><font color=#ff0000>159 -</font> مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ: إِنْ لَمْ تَجِبْ مُرَاعَاةُ نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ وَجَبَتْ مُرَاعَاةُ نِيَّةِ الْحَالِفِ، فَهِيَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أسنى المطالب 4 / 401 - 402.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مطالب أولي النهى 6 / 378.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير 4 / 30.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٨)</span><hr/></div>تُخَصِّصُ الْعَامَّ وَتُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ وَتُبَيِّنُ الْمُجْمَل ثُمَّ إِنَّ النِّيَّةَ الْمُخَصَّصَةَ وَالْمُقَيَّدَةَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:</p>الْحَالَةُ الأُْولَى: أَنْ تَكُونَ مُسَاوِيَةً لِظَاهِرِ اللَّفْظِ، بِأَنْ يَحْتَمِل اللَّفْظُ إِرَادَتَهَا وَعَدَمَ إِرَادَتِهَا عَلَى السَّوَاءِ بِلَا تَرْجِيحٍ لأَِحَدِهِمَا عَلَى الآْخَرِ، كَحَلِفِهِ لِزَوْجَتِهِ: إِنْ تَزَوَّجَ فِي حَيَاتِهَا فَالَّتِي يَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ أَوْ فَعَلَيْهِ الْمَشْيُ إِلَى مَكَّةَ، فَتَزَوَّجَ بَعْدَ طَلَاقِهَا، وَقَال: كُنْتُ نَوَيْتُ أَنِّي إِنْ تَزَوَّجْتُ عَلَيْهَا فِي حَيَاتِهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِي، وَهِيَ الآْنَ لَيْسَتْ فِي عِصْمَتِي.</p>فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَصْدُقُ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى أَوِ الطَّلَاقِ أَوِ الْتِزَامِ قُرْبَةٍ فِي كُلٍّ مِنَ الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ حَلَفَ: لَا يَأْكُل لَحْمًا، فَأَكَل لَحْمَ طَيْرٍ، وَقَال: كُنْتُ أَرَدْتُ لَحْمَ غَيْرِ الطَّيْرِ، فَإِنَّهُ يَصْدُقُ مُطْلَقًا أَيْضًا.</p>الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ مُقَارِبَةً لِظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَإِنْ كَانَ أَرْجَحَ مِنْهَا، كَحَلِفِهِ لَا يَأْكُل لَحْمًا أَوْ سَمْنًا إِذَا ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى لَحْمَ الْبَقَرِ وَسَمْنَ الضَّأْنِ، فَأَكَل لَحْمَ الضَّأْنِ وَسَمْنَ الْبَقَرِ، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَصْدُقُ فِي حَلِفِهِ بِاللَّهِ، وَبِتَعْلِيقِ الْقُرْبَةِ مَا عَدَا الطَّلَاقَ، إِذَا رُفِعَ أَمْرُهُ لِلْقَاضِي وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِالطَّلَاقِ، وَمِثْل الْبَيِّنَةِ الإِْقْرَارُ.</p>وَيُقْبَل مِنْهُ مَا ادَّعَاهُ فِي الْفَتْوَى مُطْلَقًا، فَلَا يُعَدُّ حَانِثًا فِي جَمِيعِ أَيْمَانِهِ.</p>وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ حَلَفَ: لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَكَلَّمَهُ، وَقَال: إِنِّي كُنْتُ نَوَيْتُ أَلَاّ أُكَلِّمَهُ شَهْرًا أَوْ أَلَاّ أُكَلِّمَهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَقَدْ كَلَّمْتُهُ بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، فَيُقْبَل فِي الْفَتْوَى مُطْلَقًا، وَيُقْبَل فِي الْقَضَاءِ فِي غَيْرِ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ.</p>وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ: أَلَاّ يَبِيعَهُ أَوْ أَلَاّ يَضْرِبَهُ، ثُمَّ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٨)</span><hr/></div>وَكَّل إِنْسَانًا فِي بَيْعِهِ أَوْ أَمَرَهُ بِضَرْبِهِ، وَقَال: إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الاِمْتِنَاعَ عَنْ تَكْلِيمِهِ وَضَرْبِهِ بِنَفْسِي.</p>الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ بَعِيدَةً عَنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ، كَقَوْلِهِ: إِنْ دَخَلْتُ دَارَ فُلَانٍ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ، إِذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ زَوْجَتَهُ الْمَيِّتَةَ، ثُمَّ دَخَل الدَّارَ اسْتِنَادًا إِلَى هَذِهِ النِّيَّةِ لَمْ يُقْبَل مِنْهُ مَا ادَّعَاهُ لَا فِي الْقَضَاءِ وَلَا فِي الْفَتْوَى، إِلَاّ إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى. (1)</p><font color=#ff0000>160 -</font> مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ: فِي أَسْنَى الْمَطَالِبِ: مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ، فَقَال: أَرَدْتُ مُدَّةَ شَهْرٍ فَقَطْ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُخَصِّصُ الْيَمِينَ قُبِل مِنْهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ لأَِنَّهُ أَمِينٌ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى لَا فِي حَقِّ آدَمِيٍّ كَطَلَاقٍ وَإِيلَاءٍ، فَلَا يُقْبَل قَوْلُهُ ظَاهِرًا وَيَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ حَلَفَ: لَا يُكَلِّمُ أَحَدًا، وَقَال: أَرَدْتُ زَيْدًا مَثَلاً لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ عَمَلاً بِنِيَّتِهِ.</p>ثُمَّ اللَّفْظُ الْخَاصُّ لَا يُعَمَّمُ بِالنِّيَّةِ، مِثْل أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ بِمَا نَال مِنْهُ، فَحَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ مَاءً مِنْ عَطَشٍ لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ، مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ وَمَاءٍ مِنْ غَيْرِ عَطَشٍ وَغَيْرِهَا، وَإِنْ نَوَاهُ وَكَانَتِ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا تَقْتَضِي مَا نَوَاهُ؛ لاِنْعِقَادِ الْيَمِينِ عَلَى الْمَاءِ مِنْ عَطَشٍ خَاصَّةً، وَإِنَّمَا تُؤَثِّرُ النِّيَّةُ إِذَا احْتَمَل اللَّفْظُ مَا نَوَى بِجِهَةٍ يَتَجَوَّزُ بِهَا.</p>وَقَدْ يُصْرَفُ اللَّفْظُ إِلَى الْمَجَازِ بِالنِّيَّةِ، كَلَا أَدْخُل دَارَ زَيْدٍ، وَنَوَى مَسْكَنَهُ دُونَ مِلْكِهِ، فَيُقْبَل فِي غَيْرِ حَقِّ آدَمِيٍّ - كَأَنْ حَلَفَ بِاللَّهِ - لَا فِي حَقِّ آدَمِيٍّ، كَأَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدسوقي 2 / 138 - 141.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أسنى المطالب 4 / 253.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٩)</span><hr/></div><font color=#ff0000>161 -</font> مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ: إِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحْلَفٌ، أَوْ كَانَ مُسْتَحْلَفٌ وَلَمْ يَكُنِ الْحَالِفُ ظَالِمًا رَجَعَ إِلَى نِيَّتِهِ هُوَ - سَوَاءٌ أَكَانَ مَظْلُومًا أَمْ لَا - وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى نِيَّتِهِ إِنِ احْتَمَلَهَا لَفْظُهُ، كَأَنْ يَنْوِيَ السَّقْفَ وَالْبِنَاءَ السَّمَاءَ، وَبِالْفِرَاشِ وَالْبِسَاطِ الأَْرْضَ، وَبِاللِّبَاسِ اللَّيْل، وَبِالأُْخُوَّةِ أُخُوَّةَ الإِْسْلَامِ.</p>ثُمَّ إِنْ كَانَ الاِحْتِمَال بَعِيدًا لَمْ يُقْبَل قَضَاءً، وَإِنَّمَا يُقْبَل دِيَانَةً، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا أَوْ مُتَوَسِّطًا قُبِل قَضَاءً وَدِيَانَةً.</p>فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِل أَصْلاً لَمْ تَنْصَرِفْ يَمِينُهُ إِلَيْهِ، بَل تَنْصَرِفُ إِلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُول: وَاللَّهِ لَا آكُل، وَيَنْوِيَ عَدَمَ الْقِيَامِ دُونَ عَدَمِ الأَْكْل.</p>وَمِنْ أَمْثِلَةِ النِّيَّةِ الْمُحْتَمَلَةِ احْتِمَالاً قَرِيبًا: مَا لَوْ نَوَى التَّخْصِيصَ، كَأَنْ يَحْلِفَ: لَا يَدْخُل دَارَ زَيْدٍ، وَيَنْوِي تَخْصِيصَ ذَلِكَ بِالْيَوْمِ، فَيُقْبَل مِنْهُ حُكْمًا، فَلَا يَحْنَثُ بِالدُّخُول فِي يَوْمٍ آخَرَ، وَلَوْ كَانَ حَلِفُهُ بِالطَّلَاقِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ: مُرَاعَاةُ قَرِينَةِ الْفَوْرِ أَوِ الْبِسَاطِ، أَوِ السَّبَبِ:</span></p>إِذَا عُدِمَتْ نِيَّةُ الْمُسْتَحْلِفِ الْمُحِقِّ وَنِيَّةُ الْحَالِفِ، وَكَانَتِ الْيَمِينُ عَامَّةً أَوْ مُطْلَقَةً فِي الظَّاهِرِ، لَكِنْ كَانَ سَبَبُهَا الَّذِي أَثَارَهَا خَاصًّا أَوْ مُقَيَّدًا كَانَ ذَلِكَ مُقْتَضِيًا تَخْصِيصَ الْيَمِينِ أَوْ تَقْيِيدَهَا.</p>وَهَذَا السَّبَبُ يُسَمَّى عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ بِسَاطُ الْيَمِينِ، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ السَّبَبُ الْمُهَيِّجُ لِلْيَمِينِ، وَيُعَبِّرُ الْحَنَفِيَّةُ عَنْ هَذِهِ الْيَمِينِ بِيَمِينِ الْفَوْرِ. وَفِيمَا يَلِي أَقْوَال الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مطالب أولي النهى 6 / 378 - 380.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٩)</span><hr/></div><font color=#ff0000>162 -</font> فَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ: إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مُقَيَّدًا نَصًّا، وَلَكِنْ دَلَّتِ الْحَال عَلَى تَقْيِيدِهِ بِشَيْءٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْقَيْدَ يُرَاعَى فِي الْيَمِينِ اسْتِحْسَانًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ الرَّاجِحُ.</p>مِثَال ذَلِكَ: أَنْ تَخْرُجَ الْيَمِينُ جَوَابًا لِكَلَامٍ مُقَيَّدٍ، أَوْ بِنَاءً عَلَى أَمْرٍ مُقَيَّدٍ، وَلَكِنَّ الْحَالِفَ لَا يَذْكُرُ فِي يَمِينِهِ هَذَا الْقَيْدَ نَصًّا، كَمَا لَوْ قَال إِنْسَانٌ: تَعَال تَغَدَّ مَعِي، فَقَال: وَاللَّهِ لَا أَتَغَدَّى، فَلَمْ يَتَغَدَّ مَعَهُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَتَغَدَّى، فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ لأَِنَّ كَلَامَهُ خَرَجَ جَوَابًا لِلطَّلَبِ، فَيَنْصَرِفُ إِلَى الْمَطْلُوبِ، وَهُوَ الْغَدَاءُ الْمَدْعُوُّ إِلَيْهِ، فَكَأَنَّهُ قَال: وَاللَّهِ لَا أَتَغَدَّى الْغَدَاءَ الَّذِي دَعَوْتَنِي إِلَيْهِ.</p>وَقَال زُفَرُ: يَحْنَثُ؛ لأَِنَّهُ مَنَعَ نَفْسَهُ عَنِ التَّغَدِّي عَامًّا، فَلَوْ صَرَفَ لِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ كَانَ ذَلِكَ تَخْصِيصًا بِغَيْرِ مُخَصِّصٍ، وَذَا هُوَ الْقِيَاسُ (1) .</p><font color=#ff0000>163 -</font> مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ: إِنْ لَمْ يُوجَدْ مُسْتَحْلِفٌ ذُو حَقٍّ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْحَالِفِ نِيَّةٌ صَرِيحَةٌ، أَوْ كَانَ لَهُ نِيَّةٌ صَرِيحَةٌ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَضْبِطْهَا، رُوعِيَ بِسَاطُ يَمِينِهِ فِي التَّعْمِيمِ وَالتَّخْصِيصِ وَالتَّقْيِيدِ، وَالْبِسَاطُ هُوَ السَّبَبُ الْحَامِل عَلَى الْيَمِينِ، وَمِثْلُهُ كُل سِيَاقٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبَبًا، وَيُعْتَبَرُ الْبِسَاطُ قَرِينَةً عَلَى النِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَرِيحَةً وَلَا مُنْضَبِطَةً، وَعَلَامَتُهُ صِحَّةُ تَقْيِيدِ الْيَمِينِ بِقَوْلِهِ مَا دَامَ هَذَا الشَّيْءُ مَوْجُودًا.</p>وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي لَحْمًا، أَوْ لَا يَبِيعُ فِي السُّوقِ، إِذَا كَانَ الْحَامِل عَلَى الْحَلِفِ زَحْمَةٌ أَوْ وُجُودُ ظَالِمٍ، فَيَمِينُهُ تُقَيَّدُ بِذَلِكَ، فَلَا يَحْنَثُ بِشِرَاءِ اللَّحْمِ وَلَا بِالْبَيْعِ فِي السُّوقِ إِذَا انْتَفَتِ الزَّحْمَةُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 13.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٠)</span><hr/></div>وَالظَّالِمُ، سَوَاءٌ أَكَانَ حَلِفُهُ بِاللَّهِ أَمْ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْقَضَاءُ وَالْفُتْيَا، لَكِنْ لَا بُدَّ فِي الْقَضَاءِ مِنْ إِقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى وُجُودِ الْبِسَاطِ.</p>وَمِنَ الأَْمْثِلَةِ أَيْضًا: مَا لَوْ كَانَ خَادِمُ الْمَسْجِدِ يُؤْذِيهِ، فَحَلَفَ لَا يَدْخُلُهُ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ مَا دَامَ هَذَا الْخَادِمُ فِيهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فَاسِقٌ بِمَكَانٍ فَقَال إِنْسَانٌ لِزَوْجَتِهِ: إِنْ دَخَلْتِ هَذَا الْمَكَانَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَكَانَ وُجُودُ هَذَا الْفَاسِقِ الْحَامِل عَلَى الْحَلِفِ، فَإِنَّ الْحَلِفَ يُقَيَّدُ بِوُجُودِهِ، فَإِنْ زَال فَدَخَلَتِ امْرَأَتُهُ الْمَكَانَ لَمْ تَطْلُقْ.</p>وَمِنْ ذَلِكَ: مَا لَوْ مَنَّ إِنْسَانٌ عَلَى آخَرَ، فَحَلَفَ لَا يَأْكُل لَهُ طَعَامًا، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَلَاّ يَنْتَفِعَ مِنْهُ بِشَيْءٍ فِيهِ الْمِنَّةُ، سَوَاءٌ أَكَانَ طَعَامًا أَمْ كُسْوَةً أَوْ غَيْرَهُمَا، فَهَذَا تَعْمِيمٌ لِلْيَمِينِ بِالْبِسَاطِ.</p>فَإِنْ لَمْ يَكُنِ السَّبَبُ الْحَامِل عَلَى الْيَمِينِ دَاعِيًا إِلَى مُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ لَمْ يَكُنْ بِسَاطًا، كَمَا لَوْ حَلَفَ إِنْسَانٌ: لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا أَوْ لَا يَدْخُل دَارَهُ، وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ شَتَمَهُ أَوْ تَشَاجَرَ مَعَهُ، فَهَذَا السَّبَبُ لَا يَدْعُو إِلَى مُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ، وَهُوَ الاِمْتِنَاعُ مِنَ التَّكْلِيمِ وَمِنْ دُخُول الدَّارِ أَبَدًا. (1)</p><font color=#ff0000>164 -</font> مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ: يَتَّضِحُ مِنَ الاِطِّلَاعِ عَلَى كُتُبِ الْمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ - بَعْدَ نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ وَنِيَّةِ الْحَالِفِ - هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ، بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنِ السَّبَبِ الْحَامِل عَلَى الْيَمِينِ، فَلَوْ كَانَتِ الْيَمِينُ عَامَّةً أَوْ مُطْلَقَةً فِي الظَّاهِرِ - لَكِنْ كَانَ سَبَبُهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير بحاشية الصاوي 1 / 337 - 341، والشرح الكبير بحاشية الدسوقي 2 / 138 - 141.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٠)</span><hr/></div>الَّذِي أَثَارَهَا خَاصًّا أَوْ مُقَيَّدًا - لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُقْتَضِيًا تَخْصِيصَ الْيَمِينِ أَوْ تَقْيِيدَهَا عِنْدَهُمْ.</p><font color=#ff0000>165 -</font> مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ: إِنْ لَمْ يُوجَدْ مُسْتَحْلِفٌ ذُو حَقٍّ، وَلَمْ يَنْوِ الْحَالِفُ مَا يُوَافِقُ ظَاهِرَ اللَّفْظِ أَوْ يُخَصِّصُهُ، أَوْ يَكُونُ اللَّفْظُ مَجَازًا فِيهِ، رَجَعَ إِلَى السَّبَبِ الْمُهَيِّجِ لِلْيَمِينِ لأَِنَّهُ يَدُل عَلَى النِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْقَائِل غَافِلاً عَنْهَا، فَمَنْ حَلَفَ: لَيَقْضِيَنَّ زَيْدًا حَقَّهُ غَدًا فَقَضَاهُ قَبْلَهُ لَمْ يَحْنَثْ، إِذَا كَانَ سَبَبُ يَمِينِهِ أَمْرًا يَدْعُو إِلَى التَّعْجِيل وَقَطْعِ الْمَطْل، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ غَدٍ، فَإِنْ كَانَ السَّبَبُ مَانِعًا مِنَ التَّعْجِيل حَامِلاً عَلَى التَّأْخِيرِ إِلَى غَدٍ فَقَضَاهُ قَبْل حَنِثَ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَحْنَثُ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ غَدٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبَبٌ يَدْعُو إِلَى التَّعْجِيل أَوِ التَّأْخِيرِ حَنِثَ بِهِمَا عِنْدَ الإِْطْلَاقِ عَنِ النِّيَّةِ، وَأَمَّا إِذَا نَوَى التَّعْجِيل أَوِ التَّأْخِيرَ فَإِنَّهُ يَعْمَل بِنِيَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَعِنْدَ نِيَّةِ التَّعْجِيل يَحْنَثُ بِالتَّأْخِيرِ دُونَ التَّقْدِيمِ، وَعِنْدَ التَّأْخِيرِ يَكُونُ الْحُكْمُ عَكْسَ ذَلِكَ.</p>وَمَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ لَا يَبِيعُهُ إِلَاّ بِمِائَةٍ، وَكَانَ الْحَامِل لَهُ عَلَى الْحَلِفِ عَدَمَ رِضَاهُ بِأَقَل مِنْ مِائَةٍ، حَنِثَ بِبَيْعِهِ بِأَقَل مِنْهَا، وَلَمْ تَحْنَثْ بِبَيْعِهِ بِأَكْثَرَ إِلَاّ إِذَا كَانَ قَدْ نَوَى الْمِائَةَ بِعَيْنِهَا لَا أَكْثَرَ وَلَا أَقَل.</p>وَمَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُهُ بِمِائَةٍ، وَكَانَ الْحَامِل لَهُ عَلَى الْحَلِفِ أَنَّهُ يَسْتَقِل الْمِائَةَ، حَنِثَ بِبَيْعِهِ بِهَا، وَكَذَا يَحْنَثُ بِبَيْعِهِ بِأَقَل مِنْهَا مَا لَمْ يَنْوِ تَعَيُّنَ الْمِائَةِ، وَلَا يَحْنَثُ بِبَيْعِهِ بِأَكْثَرَ مِنَ الْمِائَةِ مَا لَمْ يَنْوِ تَعَيُّنَهَا.</p>وَمَنْ دُعِيَ لِغَدَاءٍ، فَحَلَفَ لَا يَتَغَدَّى، لَمْ يَحْنَثْ بِغَدَاءٍ آخَرَ عِنْدَ الإِْطْلَاقِ؛ لأَِنَّ السَّبَبَ الْحَامِل عَلَى الْحَلِفِ هُوَ عَدَمُ إِرَادَتِهِ لِهَذَا الْغَدَاءِ الْمُعَيَّنِ، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِالْغَدَاءِ الآْخَرِ إِذَا نَوَى الْعُمُومَ، فَإِنَّ النِّيَّةَ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١١)</span><hr/></div>الْمُوَافِقَةَ لِلظَّاهِرِ تُقَدَّمُ عَلَى السَّبَبِ الْمُخَصَّصِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.</p>وَمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ لِفُلَانٍ مَاءً مِنْ عَطَشٍ، وَكَانَ السَّبَبُ عَدَمَ رِضَاهُ بِمِنَّتِهِ، حَنِثَ بِأَكْل خُبْزِهِ وَاسْتِعَارَةِ دَابَّتِهِ، وَمَا مَاثَل ذَلِكَ مِنْ كُل مَا فِيهِ مِنَّةٌ تَزِيدُ عَلَى شُرْبِ الْمَاءِ مِنَ الْعَطَشِ، بِخِلَافِ مَا هُوَ أَقَل مِنَّةً مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ كَقُعُودِهِ فِي ضَوْءِ نَارِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الإِْطْلَاقِ عَنِ النِّيَّةِ، فَإِنْ نَوَى ظَاهِرَ اللَّفْظِ عَمِل بِهِ.</p>وَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُل بَلَدًا، وَكَانَ السَّبَبُ ظُلْمًا رَآهُ فِيهَا، أَوْ حَلَفَ لَا رَأَى مُنْكَرًا إِلَاّ رَفَعَهُ إِلَى الْوَالِي، وَكَانَ السَّبَبُ طَلَبَ الْوَالِي ذَلِكَ مِنْهُ، ثُمَّ زَال الظُّلْمُ فِي الْمِثَال الأَْوَّل، وَعُزِل الْوَالِي فِي الْمِثَال الثَّانِي، لَمْ يَحْنَثْ بِدُخُول الْبَلَدِ بَعْدَ زَوَال الظُّلْمِ، وَلَا بِتَرْكِ رَفْعِ الْمُنْكَرِ إِلَى الْوَالِي بَعْدَ عَزْلِهِ، فَإِنْ عَادَ الظُّلْمُ أَوْ عَادَ الْوَالِي لِلْحُكْمِ حَنِثَ بِمُخَالَفَةِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَيَسْتَوِي فِي هَذَا الْحُكْمِ مَا لَوْ أَطْلَقَ الْحَالِفُ لَفْظَهُ عَنِ النِّيَّةِ، وَمَا لَوْ نَوَى التَّقْيِيدَ بِدَوَامِ الْوَصْفِ الْحَامِل عَلَى الْيَمِينِ.</p><font color=#ff0000>166 -</font> هَذَا وَإِذَا تَعَارَضَتِ النِّيَّةُ وَالسَّبَبُ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا مُوَافِقًا لِظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَالثَّانِي أَعَمُّ مِنْهُ عَمِل بِالْمُوَافِقِ، فَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْوِي مَعَ امْرَأَتِهِ بِدَارِ فُلَانٍ نَاوِيًا جَفَاءَهَا، وَكَانَ السَّبَبُ الْحَامِل عَلَى الْيَمِينِ هُوَ عَدَمُ مُلَاءَمَةِ الدَّارِ عَمِل بِالسَّبَبِ، فَلَا يَحْنَثُ بِاجْتِمَاعِهِ مَعَهَا فِي دَارٍ أُخْرَى، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُخَالِفًا لِنِيَّتِهِ. فَإِنْ كَانَ نَاوِيًا عَدَمَ الاِجْتِمَاعِ مَعَهَا فِي الدَّارِ بِخُصُوصِهَا، وَكَانَ السَّبَبُ الْحَامِل عَلَى الْيَمِينِ يَدْعُو إِلَى الْجَفَاءِ الْعَامِّ فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ، عَمَلاً بِالنِّيَّةِ الْمُوَافِقَةِ لِلظَّاهِرِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُخَالِفًا</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١١)</span><hr/></div>لِلسَّبَبِ. فَإِنْ وُجِدَتْ نِيَّةٌ وَلَا سَبَبَ، أَوْ كَانَ السَّبَبُ يَدْعُو إِلَى الْجَفَاءِ وَلَا نِيَّةَ، أَوِ اتَّفَقَا مَعًا فِي الْجَفَاءِ حَنِثَ بِالاِجْتِمَاعِ مَعَهَا مُطْلَقًا، وَإِنِ اتَّفَقَا فِي تَخْصِيصِ الدَّارِ لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهَا. (1)</p>‌<span class="title">‌الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ: مُرَاعَاةُ الْعُرْفِ الْفِعْلِيِّ وَالْقَوْلِيِّ وَالشَّرْعِيِّ وَالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ:</span></p><font color=#ff0000>167 -</font> مَنْ تَصَفَّحَ كُتُبَ الْمَذَاهِبِ وَجَدَ عِبَارَاتِهَا فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ تَخْتَلِفُ.</p>فَالْحَنَفِيَّةُ يَذْكُرُونَ مُرَاعَاةَ الْعُرْفِ فَاللُّغَةَ، وَلَا يُقَسِّمُونَ الْعُرْفَ إِلَى فِعْلِيٍّ وَقَوْلِيٍّ وَشَرْعِيٍّ، وَلَعَلَّهُمُ اكْتَفَوْا بِأَنَّ الْكَلِمَةَ إِذَا أُطْلِقَتْ لَمْ تَتَنَازَعْهَا أَعْرَافٌ مُخْتَلِفَةٌ؛ لأَِنَّهَا قَدْ يَكُونُ الْمَشْهُورُ فِيهَا هُوَ الْفِعْلِيُّ فَقَطْ أَوِ الْقَوْلِيُّ فَقَطْ أَوِ الشَّرْعِيُّ فَقَطْ، فَلَا حَاجَةَ لِتَرْتِيبِهَا.</p>وَالْمَالِكِيَّةُ ذَكَرَ بَعْضُهُمُ الْعُرْفَ الْفِعْلِيَّ وَقَدَّمَهُ عَلَى الْقَوْلِيِّ، وَأَغْفَلَهُ بَعْضُهُمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّمَ الشَّرْعِيَّ عَلَى اللُّغَوِيِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَكَسَ.</p>وَالشَّافِعِيَّةُ لَمْ يُفَصِّلُوا فِي الْعُرْفِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ تَارَةً يُقَدِّمُونَ الْعُرْفَ عَلَى اللُّغَةِ، وَتَارَةً يَعْكِسُونَ.</p>وَالْحَنَابِلَةُ قَدَّمُوا الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ، وَأَتْبَعُوهُ بِالْعُرْفِيِّ فَاللُّغَوِيِّ، وَلَمْ يُقَسِّمُوا الْعُرْفِيَّ إِلَى فِعْلِيٍّ وَقَوْلِيٍّ.</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>168 -</font> الأَْصْل فِي الأَْلْفَاظِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا الْحَالِفُ أَنْ يُرَاعِيَ فِيهَا مَعْنَى الْمُفْرَدَاتِ فِي اللُّغَةِ، وَأَنْ يُرَاعِيَ الْمَعْنَى التَّرْكِيبِيَّ مِنْ عُمُومٍ وَخُصُوصٍ وَإِطْلَاقٍ وَتَقْيِيدٍ بِالْوَقْتِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنَ الْقُيُودِ، وَمَعَانِي الْحُرُوفِ الَّتِي فِيهَا كَالْوَاوِ وَالْفَاءِ وَثُمَّ وَأَوْ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مطالب أولي النهى 6 / 381 - 389.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٢)</span><hr/></div>وَإِنَّمَا يُرَاعَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ إِذَا لَمْ يَكُنْ كَلَامُ النَّاسِ بِخِلَافِهِ، فَإِنْ كَانَ كَلَامُ النَّاسِ بِخِلَافِهِ وَجَبَ حَمْل اللَّفْظِ عَلَى مَا تَعَارَفَهُ النَّاسُ، فَيَكُونُ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً.</p>وَمِنْ أَدِلَّةِ تَقْدِيمِ الْمَعْنَى الْعُرْفِيِّ عَلَى اللُّغَوِيِّ الأَْصْلِيِّ مَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، وَقَال: إِنَّ صَاحِبًا لَنَا مَاتَ وَأَوْصَى بِبَدَنَةٍ، أَفَتُجْزِي عَنْهُ الْبَقَرَةُ؟ فَقَال:" مِمَّنْ صَاحِبُكُمْ؟ فَقَال مِنْ بَنِي رَبَاحٍ، فَقَال: " مَتَى اقْتَنَتْ بَنُو رَبَاحٍ الْبَقَرَ؟ إِنَّمَا الْبَقَرُ لِلأَْزْدِ، وَذَهَبَ وَهْمُ صَاحِبِكُمْ إِلَى الإِْبِل (1)</p>فَهَذَا الأَْثَرُ أَصْلٌ أَصِيلٌ فِي حَمْل الْكَلَامِ الْمُطْلَقِ عَلَى مَا يُرِيدُهُ النَّاسُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ إِرَادَةَ النَّاسِ تَذْهَبُ إِلَى الْمَعْنَى الْعُرْفِيِّ، فِيمَا لَهُ مَعْنًى لُغَوِيٌّ وَمَعْنًى عُرْفِيٌّ، فَالظَّاهِرُ عِنْدَ إِطْلَاقِ اللَّفْظِ إِرَادَةُ الْمَعْنَى الْعُرْفِيِّ، وَلِهَذَا لَوْ قَال الْغَرِيمُ لِغَرِيمِهِ: وَاللَّهِ لأََجُرَّنَّكَ فِي الشَّوْكِ، لَمْ يُرِدْ بِهِ حَقِيقَتَهُ اللُّغَوِيَّةَ عَادَةً، وَإِنَّمَا يُرِيدُ شِدَّةَ الْمَطْل، فَلَا يَحْنَثُ بِعَدَمِ جَرِّهِ فِي الشَّوْكِ، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِإِعْطَائِهِ الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِ مُمَاطَلَةٍ.</p>وَلَوْ حَلَفَ: أَلَاّ يَجْلِسَ فِي سِرَاجٍ، فَجَلَسَ فِي الشَّمْسِ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ سبحانه وتعالى سَمَّاهَا سِرَاجًا فِي قَوْلِهِ:{وَجَعَل الشَّمْسَ سِرَاجًا} (2) وَكَذَا لَا يَحْنَثُ مَنْ جَلَسَ عَلَى الأَْرْضِ، وَكَانَ قَدْ حَلَفَ أَلَاّ يَجْلِسَ عَلَى بِسَاطٍ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ عز وجل سَمَّى الأَْرْضَ بِسَاطًا فِي قَوْلِهِ: {<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) يعني أنه لم يخطر ببال صاحبكم عند النطق بهذه الوصية إلا الإبل.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة نوح / 16.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٢)</span><hr/></div>وَاللَّهُ جَعَل لَكُمُ الأَْرْضَ بِسَاطًا} (1) وَكَذَا مَنْ حَلَفَ أَلَاّ يَمَسَّ وَتَدًا، فَمَسَّ جَبَلاً لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ سَمَّاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَدًا فِي قَوْلِهِ:{وَالْجِبَال أَوْتَادًا} (2) وَكَذَا مَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً فَرَكِبَ إِنْسَانًا لَا يَحْنَثُ؛ لأَِنَّهُ لَا يُسَمَّى دَابَّةً فِي الْعُرْفِ، وَإِنْ كَانَ يُسَمَّى دَابَّةً فِي اللُّغَةِ. (3)</p>وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَجْعَل اللَّفْظَ فِي الْعُرْفِ مَجَازًا عَنْ مَعْنًى آخَرَ، كَمَا لَوْ حَلَفَ: لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارِ فُلَانٍ، فَإِنَّهُ صَارَ مَجَازًا عَنِ الدُّخُول مُطْلَقًا، فَفِي هَذَا لَا يُعْتَبَرُ اللَّفْظُ أَصْلاً، حَتَّى لَوْ وَضَعَ قَدَمَهُ وَلَمْ يَدْخُل لَا يَحْنَثُ؛ لأَِنَّ الْمَعْنَى الأَْصْلِيَّ وَالْعُرْفِيَّ لِلَّفْظِ قَدْ هُجِرَ، وَصَارَ الْمُرَادُ بِهِ مَعْنًى آخَرَ، وَمِثْلُهُ: لَا آكُل مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ - وَهِيَ مِنَ الأَْشْجَارِ الَّتِي لَا تُثْمِرُ وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَكْل شَيْءٍ مِنْهَا - فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ تَنْصَرِفُ إِلَى الاِنْتِفَاعِ بِثَمَنِهَا، فَلَا يَحْنَثُ بِتَنَاوُل شَيْءٍ مِنْهَا وَمَضْغِهِ وَابْتِلَاعِهِ. (4)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>169 -</font> إِذَا لَمْ يُوجَدْ مُسْتَحْلِفٌ ذُو حَقٍّ، وَلَمْ يَنْوِ الْحَالِفُ نِيَّةً مُعْتَبَرَةً، وَلَمْ يَكُنْ لِلْيَمِينِ بِسَاطٌ دَالٌّ عَلَى مُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ، فَالْمُعْتَمَدُ اعْتِبَارُ الْعُرْفِ الْفِعْلِيِّ، كَمَا لَوْ حَلَفَ: لَا يَأْكُل خُبْزًا، وَكَانَ أَهْل بَلَدِهِ لَا يَأْكُلُونَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة نوح / 19.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النبأ / 7.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير 3 / 30.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية ابن عابدين على الدر المختار 3 / 73. وقد ألف في هذا الموضوع رسالة سماها (رفع الانتقاض ودفع الاعتراض على قولهم الأيمان مبنية على الألفاظ لا على الأغراض) وحث على مراجعتها لمن أراد الزيادة على التحقيق المذكور هنا.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٣)</span><hr/></div>إِلَاّ خُبْزَ الْقَمْحِ، فَأَكْل الْقَمْحِ عِنْدَهُمْ عُرْفٌ فِعْلِيٌّ، فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِلْخُبْزِ الَّذِي حَلَفَ عَلَى عَدَمِ أَكْلِهِ، فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْل خُبْزِ الذُّرَةِ.</p>فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فِعْلِيٌّ اعْتُبِرَ الْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ، كَمَا لَوْ كَانَ عُرْفُ قَوْمٍ اسْتِعْمَال لَفْظِ الدَّابَّةِ فِي الْحِمَارِ وَحْدَهُ، وَلَفْظَ الثَّوْبِ فِيمَا يُلْبَسُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْسِ وَيَسْلُكُ فِي الْعُنُقِ، فَحَلَفَ حَالِفٌ مِنْهُمْ: أَلَاّ يَشْتَرِيَ دَابَّةً أَوْ ثَوْبًا، فَلَا يَحْنَثُ بِشِرَاءِ فَرَسٍ وَلَا عِمَامَةٍ.</p>فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فِعْلِيٌّ وَلَا قَوْلِيٌّ اعْتُبِرَ الْعُرْفُ الشَّرْعِيُّ، فَمَنْ حَلَفَ: لَا يُصَلِّي فِي هَذَا الْوَقْتِ، أَوْ لَا يَصُومُ غَدًا، أَوْ لَا يَتَوَضَّأُ الآْنَ، أَوْ لَا يَتَيَمَّمُ حَنِثَ بِالشَّرْعِيِّ مِنْ ذَلِكَ دُونَ اللُّغَوِيِّ، فَلَا يَحْنَثُ بِالدُّعَاءِ، وَلَا بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مَعَ أَنَّهُمَا يُسَمَّيَانِ صَلَاةً فِي اللُّغَةِ، وَلَا يَحْنَثُ بِالإِْمْسَاكِ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، وَإِنْ كَانَ يُسَمَّى صِيَامًا فِي اللُّغَةِ، وَلَا بِغُسْل الْيَدَيْنِ إِلَى الرُّسْغَيْنِ، مَعَ أَنَّهُ يُسَمَّى وُضُوءًا فِي اللُّغَةِ، وَلَا بِقَصْدِهِ إِنْسَانًا وَالذَّهَابَ إِلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يُسَمَّى تَيَمُّمًا فِي اللُّغَةِ.</p>فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَا يَدُل عَلَى مُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ اللُّغَوِيِّ، مِنْ نِيَّةٍ أَوْ بِسَاطٍ أَوْ عُرْفٍ فِعْلِيٍّ أَوْ قَوْلِيٍّ أَوْ شَرْعِيٍّ، حُمِلَتِ الْيَمِينُ عَلَى الظَّاهِرِ اللُّغَوِيِّ، فَمَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً أَوْ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا، وَلَيْسَ لَهُ نِيَّةٌ، وَلَا لأَِهْل بَلَدِهِ عُرْفٌ فِي دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ، حَنِثَ بِرُكُوبِهِ التِّمْسَاحَ وَلُبْسِهِ الْعِمَامَةَ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَدْلُول اللُّغَوِيُّ. (1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير بحاشية الصاوي 1 / 337 - 340، والشرح الكبير بحاشية الدسوقي 2 / 136 - 140.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٣)</span><hr/></div>ج -‌<span class="title">‌ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>170 -</font> الأَْصْل عِنْدَهُمْ أَنْ يُتَّبَعَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ عِنْدَ ظُهُورِهِ وَشُمُولِهِ، ثُمَّ يُتَّبَعَ الْعُرْفُ إِذَا كَانَ مُطَّرِدًا وَكَانَتِ الْحَقِيقَةُ بَعِيدَةً، مِثْل لَا آكُل مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، فَإِنَّهُ يُحْمَل عَلَى الثَّمَرِ لَا الْوَرَقِ، وَلَوْ حَلَفَ: لَا يَأْكُل الرَّأْسَ، حُمِل عَلَى رُءُوسِ النَّعَمِ، وَهِيَ الْبَقَرُ وَالإِْبِل وَالْغَنَمُ؛ لأَِنَّهَا هِيَ الْمُتَعَارَفَةُ، حَتَّى إِنِ اخْتَصَّ بَعْضُهَا بِبَلَدِ الْحَالِفِ، بِخِلَافِ رَأْسِ الطَّيْرِ وَالْحُوتِ وَالظَّبْيِ وَنَحْوِهَا فَلَا تُحْمَل الْيَمِينُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا إِلَاّ إِذَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِبَيْعِهَا فِي بَلَدِ الْحَالِفِ؛ لأَِنَّهَا لَا تُفْهَمُ مِنَ اللَّفْظِ عِنْدَ إِطْلَاقِهِ. (1)</p> </p>د -‌<span class="title">‌ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ:</span></p><font color=#ff0000>171 -</font> إِنْ عُدِمَتِ النِّيَّةُ وَالسَّبَبُ رَجَعَ فِي الْيَمِينِ إِلَى مَا تَنَاوَلَهُ الاِسْمُ شَرْعًا فَعُرْفًا فَلُغَةً، فَالْيَمِينُ عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالْوُضُوءِ وَالْبَيْعِ وَنَحْوِهَا مِنْ كُل مَا لَهُ مَعْنًى شَرْعِيٌّ وَمَعْنًى لُغَوِيٌّ تُحْمَل عَلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ عِنْدَ الإِْطْلَاقِ، وَيُحْمَل عَلَى الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ، فِيمَا عَدَا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ.</p>وَلَوْ قَيَّدَ حَالِفٌ يَمِينَهُ بِمَا لَا يَصِحُّ شَرْعًا، كَأَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ الْخَمْرَ، فَفَعَل، حَنِثَ بِصُورَةِ ذَلِكَ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ لِتَعَذُّرِ الصَّحِيحِ.</p>وَمَنْ حَلَفَ عَلَى الرَّاوِيَةِ وَالظَّعِينَةِ وَالدَّابَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، مِمَّا اشْتُهِرَ مَجَازُهُ حَتَّى غَلَبَ عَلَى حَقِيقَتِهِ، بِحَيْثُ لَا يَعْرِفُهَا أَكْثَرُ النَّاسِ، فَهَذَا حَلِفٌ عَلَى أَسْمَاءٍ لَهَا مَعَانٍ عُرْفِيَّةٌ وَهِيَ الَّتِي اشْتُهِرَتْ، وَمَعَانٍ لُغَوِيَّةٌ وَهِيَ الَّتِي صَارَتْ كَالْمَجْهُولَةِ. فَالرَّاوِيَةُ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الوجيز 2 / 70.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٤)</span><hr/></div>اللُّغَةِ: اسْمٌ لِمَا يُسْتَقَى عَلَيْهِ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ، وَاشْتُهِرَتْ فِي الْمَزَادَةِ، وَهِيَ وِعَاءٌ يُحْمَل فِيهِ الْمَاءُ فِي السَّفَرِ كَالْقِرْبَةِ وَنَحْوِهَا. وَالظَّعِينَةُ فِي اللُّغَةِ: اسْمٌ لِلنَّاقَةِ الَّتِي يُظْعَنُ عَلَيْهَا، ثُمَّ اشْتُهِرَتْ فِي الْمَرْأَةِ فِي الْهَوْدَجِ. وَالدَّابَّةُ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِمَا دَبَّ وَدَرَجَ، وَاشْتُهِرَتْ فِي ذَوَاتِ الأَْرْبَعِ مِنْ خَيْلٍ وَبِغَالٍ وَحَمِيرٍ وَيُرَاعَى فِي الْحَلِفِ عَلَيْهَا الْمَعْنَى الْعُرْفِيُّ لَا اللُّغَوِيُّ.</p>وَمَنْ حَلَفَ: لَا يَأْكُل لَحْمًا أَوْ شَحْمًا أَوْ رَأْسًا أَوْ بَيْضًا أَوْ لَبَنًا، أَوْ ذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الأَْسْمَاءِ اللُّغَوِيَّةِ، وَهِيَ الَّتِي لَمْ يَغْلِبْ مَجَازُهَا عَلَى حَقِيقَتِهَا، يُرَاعَى فِي يَمِينِهِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، فَيَحْنَثُ الْحَالِفُ عَلَى تَرْكِ أَكْل اللَّحْمِ بِأَكْل سَمَكٍ وَلَحْمِ خِنْزِيرٍ وَنَحْوِهِ، وَلَا بِمَرَقِ اللَّحْمِ، وَلَا بِالْمُخِّ وَالشَّحْمِ وَالْكَبِدِ وَالْكُلْيَةِ وَالْمُصْرَانِ وَالطِّحَال وَالْقَلْبِ وَالأَْلْيَةِ وَالدِّمَاغِ وَالْقَانِصَةِ وَالْكَارِعِ وَلَحْمِ الرَّأْسِ وَاللِّسَانِ؛ لأَِنَّ مُطْلَقَ اللَّحْمِ لَا يَتَنَاوَل شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ نَوَى الاِمْتِنَاعَ مِنْ تَنَاوُل الدَّسَمِ حَنِثَ بِذَلِكَ كُلِّهِ.</p>وَيَحْنَثُ الْحَالِفُ عَلَى تَرْكِ أَكْل الشَّحْمِ بِجَمِيعِ الشُّحُومِ، حَتَّى شَحْمِ الظَّهْرِ وَالْجَبِّ وَالأَْلْيَةِ وَالسَّنَامِ؛ لأَِنَّ الشَّحْمَ مَا يَذُوبُ مِنَ الْحَيَوَانِ بِالنَّارِ، لَا بِاللَّحْمِ الأَْحْمَرِ وَلَا الْكَبِدِ وَالطِّحَال وَالرَّأْسِ وَالْكُلْيَةِ وَالْقَلْبِ وَالْقَانِصَةِ وَنَحْوِهَا.</p>وَالْحَالِفُ عَلَى الاِمْتِنَاعِ مِنْ أَكْل الرُّءُوسِ يَحْنَثُ بِجَمِيعِ الرُّءُوسِ: رَأْسِ الطَّيْرِ وَرَأْسِ السَّمَكِ وَرَأْسِ الْجَرَادِ.</p>وَالْحَالِفُ عَلَى الاِمْتِنَاعِ مِنْ أَكْل الْبَيْضِ يَحْنَثُ بِكُل بَيْضٍ، حَتَّى بَيْضِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ.</p>وَالْحَالِفُ عَلَى الاِمْتِنَاعِ مِنْ أَكْل اللَّبَنِ يَحْنَثُ بِكُل مَا يُسَمَّى لَبَنًا، حَتَّى لَبَنَ الظَّبْيَةِ وَالآْدَمِيَّةِ،</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٤)</span><hr/></div>وَسَوَاءٌ أَكَانَ حَلِيبًا أَمْ رَائِبًا أَمْ مُجَمَّدًا، وَيَحْنَثُ بِالْمُحَرَّمِ كَلَبَنِ الْخِنْزِيرَةِ وَالأَْتَانِ، وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْل الزُّبْدِ أَوِ السَّمْنِ أَوِ الْكِشْكِ أَوِ الْمَصْل (1) أَوِ الْجُبْنِ أَوِ الأَْقَطِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُعْمَل مِنَ اللَّبَنِ وَيَخْتَصُّ بِاسْمٍ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌إِيمَانٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الإِْيمَانُ مَصْدَرُ " آمَنَ "" وَآمَنَ " أَصْلُهُ مِنَ الأَْمْنِ ضِدُّ الْخَوْفِ.</p>يُقَال: آمَنَ فُلَانٌ الْعَدُوَّ يُؤْمِنُهُ إِيمَانًا، فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمِنْ هُنَا يَأْتِي الإِْيمَانُ بِمَعْنَى: جُعِل الإِْنْسَانِ فِي مَأْمَنٍ مِمَّا يَخَافُ. جَاءَ فِي اللِّسَانِ: قُرِئَ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ {إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ} (3) مَنْ قَرَأَهُ بِكَسْرِ الأَْلِفِ مَعْنَاهُ: أَنَّهُمْ إِنْ أَجَارُوا وَأَمِنُوا الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَفُوا وَغَدَرُوا، وَالإِْيمَانُ هُنَا: الإِْجَارَةُ.</p>وَالْغَالِبُ أَنْ يَكُونَ الإِْيمَانُ لُغَةً بِمَعْنَى التَّصْدِيقِ ضِدَّ التَّكْذِيبِ (4) . يُقَال: آمَنَ بِالشَّيْءِ إِذَا صَدَّقَ بِهِ، وَآمَنَ لِفُلَانٍ إِذَا صَدَّقَهُ فِيمَا يَقُول. فَفِي التَّنْزِيل {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} (5) وَفِيهِ {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ} (6) وَالإِْيمَانُ فِي الاِصْطِلَاحِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصل والمصالة ما سال من الأقط إذا طبخ ثم عصر، والأقط هو اللبن المجفف.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مطالب أولي النهى 6 / 389، 390.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة التوبة / 12.</p><font color=#ff0000>(4)</font> لسان العرب، وشرح العقائد النسفية ص 151 دار الطباعة العامرة باستنبول 1302 هـ.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة يوسف / 17.</p><font color=#ff0000>(6)</font> سورة الدخان / 21.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٥)</span><hr/></div>فَقِيل: هُوَ تَصْدِيقُ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فِيمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، مَعَ إِظْهَارِ الْخُضُوعِ وَالْقَبُول لِمَا أَتَى بِهِ. فَهُوَ اعْتِقَادٌ بِالْجَنَانِ، وَقَوْلٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِالأَْرْكَانِ.</p>وَالْمُرَادُ بِالاِعْتِقَادِ: الإِْيمَانُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ وَالْقَدَرِ، عَلَى مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ جِبْرِيل عليه السلام.</p>وَالْمُرَادُ بِقَوْل اللِّسَانِ: النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ.</p>وَالْمُرَادُ بِالْعَمَل بِالْجَوَارِحِ: فِعْلُهَا وَكَفُّهَا تَبَعًا لِلأَْمْرِ وَالنَّهْيِ.</p>قَال ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ: هَذَا قَوْل السَّلَفِ، وَهُوَ أَيْضًا قَوْل الْمُعْتَزِلَةِ، إِلَاّ أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ جَعَلُوا الأَْعْمَال شَرْطًا فِي صِحَّةِ الإِْيمَانِ، وَالسَّلَفَ جَعَلُوهَا شَرْطًا فِي كَمَالِهِ.</p>وَقِيل: الإِْيمَانُ هُوَ: التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ فَقَطْ، وَهُوَ قَوْل بَعْضِ الْفُقَهَاءِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْوَضْعُ اللُّغَوِيُّ لِلَفْظِ (الإِْيمَانِ) وَأَنَّ الأَْصْل عَدَمُ النَّقْل. وَلَيْسَتِ الأَْعْمَال عِنْدَهُمْ دَاخِلَةً فِي مُسَمَّى الإِْيمَانِ. فَإِذَا وُجِدَ لَدَى الإِْنْسَانِ الإِْيمَانُ وُجِدَ كَامِلاً، وَإِنْ زَال زَال دَفْعَةً وَاحِدَةً.</p>أَمَّا عَلَى قَوْل السَّلَفِ الْمُتَقَدِّمِ، فَإِنَّ الإِْيمَانَ دَرَجَاتٌ بِحَسَبِ قُوَّةِ التَّصْدِيقِ لِوُضُوحِ الأَْدِلَّةِ وَجَوْدَةِ الْفَهْمِ. وَيَزِيدُ الإِْيمَانُ بِالطَّاعَاتِ، وَيَنْقُصُ بِالْمَعَاصِي، وَيُفَاضَل النَّاسُ فِيهِ.</p>وَاسْتَشْهَدَ لَهُمْ بِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} (1) وَقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَال حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة التوبة / 124.</p><font color=#ff0000>(2)</font> وانظر لما مضى من هذه المسألة: فتح الباري (1 / 46، 47، 73 ط السلفية) ، وكتاب الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام (ص 54، 72 ط المطبعة العمومية، بدمشق) مع كتاب الإيمان لابن أبي شيبة، وكتاب الإيمان لابن تيمية (ص 241 - 260)، وشرح العقائد النسفية (ص 156 وما بعدها) . وحديث:" يخرج من النار من كان. . . " أخرجه البخاري ضمن حديث الشفاعة (الفتح 3 / 473 - 474 ط السلفية) ، ومسلم (4 / 1831 ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْفَرْقُ بَيْنَ الإِْسْلَامِ وَالإِْيمَانِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الإِْسْلَامُ لُغَةً: الاِسْتِسْلَامُ، وَشَرْعًا: النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَالْعَمَل بِالْفَرَائِضِ، فَالإِْيمَانُ أَخَصُّ مِنَ الإِْسْلَامِ، إِذْ يُؤْخَذُ فِي مَعْنَى الإِْيمَانِ - مَعَ النُّطْقِ وَالْعَمَل - التَّصْدِيقُ، وَالإِْحْسَانُ أَخَصُّ مِنَ الإِْيمَانِ. فَكُل مُحْسِنٍ مُؤْمِنٌ، وَكُل مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ، وَلَا عَكْسَ.</p>قَال الأَْزْهَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{قَالَتِ الأَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُل الإِْيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} (1) قَال: الإِْسْلَامُ إِظْهَارُ الْخُضُوعِ وَالْقَبُول لِمَا أَتَى بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَبِهِ يُحْقَنُ الدَّمُ. فَإِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ الإِْظْهَارِ اعْتِقَادٌ وَتَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ فَذَلِكَ هُوَ الإِْيمَانُ، الَّذِي يُقَال لِلْمَوْصُوفِ بِهِ هُوَ مُؤْمِنٌ مُسْلِمٌ.</p>فَأَمَّا مَنْ أَظْهَرَ قَبُول الشَّرِيعَةِ وَاسْتَسْلَمَ؛ لِدَفْعِ الْمَكْرُوهِ، فَهُوَ فِي الظَّاهِرِ مُسْلِمٌ، وَبَاطِنُهُ غَيْرُ مُصَدِّقٍ، فَذَلِكَ الَّذِي يَقُول: أَسْلَمْتُ. وَحُكْمُهُ فِي الظَّاهِرِ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ (2) .</p>وَفِي الْعَقَائِدِ النَّسَفِيَّةِ وَشَرْحِهَا أَنَّ الإِْيمَانَ وَالإِْسْلَامَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، أَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَنْفَكُّ عَنِ الآْخَرِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الحجرات / 14.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب مادة " أمن ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح العقائد النسفية ص 160.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٦)</span><hr/></div>وَيَرَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الإِْيمَانَ وَالإِْسْلَامَ إِذَا أُفْرِدَ أَحَدُهُمَا دَخَل فِيهِ الآْخَرُ، وَدَل بِانْفِرَادِهِ عَلَى مَا يَدُل عَلَيْهِ الآْخَرُ بِانْفِرَادِهِ. وَإِنْ قَرَنَ بَيْنَهُمَا تَغَايَرَا، عَلَى وِزَانِ مَا قَالُوهُ فِي (الْفَقِيرِ) (وَالْمِسْكِينِ) (1)</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الإِْيمَانُ وَاجِبٌ، بَل هُوَ أَعْظَمُ الْفَرَائِضِ. وَلَا يُعْتَبَرُ التَّصْدِيقُ إِلَاّ مَعَ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ مِنَ الْقَادِرِ (2) . وَالاِمْتِنَاعُ مِنَ التَّلَفُّظِ - مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ - مُنَافٍ لِلإِْذْعَانِ.</p>وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي جَوَازِ التَّقْلِيدِ فِي الإِْيمَانِ، عَلَى قَوْلَيْنِ (3) .</p><font color=#ff0000>4 -</font> وَالإِْيمَانُ شَرْطٌ فِي قَبُول الْعِبَادَاتِ؛ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى {مَنْ عَمِل صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (4) وَقَوْلِهِ {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} (5) وَنَحْوِهِمَا مِنَ الآْيَاتِ.</p>أَمَّا صِحَّةُ الأَْعْمَال ظَاهِرًا وَجَرَيَانُ الأَْحْكَامِ عَلَى الشَّخْصِ، كَاسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَيُشْتَرَطُ لَهَا الإِْسْلَامُ فَقَطْ، إِذِ التَّصْدِيقُ وَالاِعْتِقَادُ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الأَْحْكَامُ الظَّاهِرَةُ.</p>وَقَدْ يَكُونُ الإِْسْلَامُ شَرْطَ وُجُوبٍ، كَوُجُوبِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف اصطلاحات الفنون 3 / 697.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح جمع الجوامع 2 / 417.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصدر نفسه 2 / 403.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة النحل / 97.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة النور / 39.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٦)</span><hr/></div>الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْجِهَادِ حَيْثُ وَجَبَتْ، فَإِنَّمَا تَجِبُ ظَاهِرًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ.</p>مِنْ أَجْل ذَلِكَ، وَأَنَّ مَبَاحِثَ الْفِقْهِ مُنَصَّبَةٌ عَلَى الأُْمُورِ الظَّاهِرَةِ، فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ يَسْتَعْمِلُونَ غَالِبًا فِي بَيَانِهِمْ لِلأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ لَفْظَ (الإِْسْلَامِ) ، وَيَجْعَلُونَهُ مُتَعَلِّقُ الأَْحْكَامِ، دُونَ لَفْظِ (الإِْيمَانِ)</p>وَلِذَلِكَ يُنْظَرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ (ر: إِسْلَامٌ) .</p><font color=#ff0000>5 -</font> وَإِذَا وُجِدَتِ الرِّدَّةُ - بِارْتِكَابِ أَحَدِ الْمُكَفِّرَاتِ اخْتِيَارًا - أَبْطَلَتِ الإِْسْلَامَ وَالإِْيمَانَ ظَاهِرًا. وَخَرَجَ صَاحِبُهُ مِنْهُ إِلَى الْكُفْرِ اتِّفَاقًا (ر: رِدَّةٌ) .</p><font color=#ff0000>6 -</font> أَمَّا الْفِسْقُ وَالْمَعَاصِي فَلَا يَخْرُجُ بِهِمَا الْمُؤْمِنُ مِنَ الإِْيمَانِ عَلَى قَوْل أَهْل السُّنَّةِ. وَعِنْدَ الْخَوَارِجِ يَخْرُجُ بِهِمَا مِنَ الإِْيمَانِ وَيَدْخُل فِي الْكُفْرِ. وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ يَخْرُجُ مِنَ الإِْيمَانِ، وَلَا يَدْخُل الْكُفْرَ، بَل هُوَ فِي مَنْزِلَةٍ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ (1) .</p><font color=#ff0000>7 -</font> وَفِي حُكْمِ الاِسْتِثْنَاءِ فِي الإِْيمَانِ، بِأَنْ يَقُول الإِْنْسَانُ: أَنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ اخْتِلَافٌ، وَالْحَقِيقَةُ أَنَّهُ خِلَافٌ لَفْظِيٌّ؛ لأَِنَّهُ لَوْ قَصَدَ حَقِيقَةَ التَّعْلِيقِ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا بِالإِْجْمَاعِ، وَلَوْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ وَالتَّأَدُّبَ، بِإِسْنَادِ الأَْمْرِ وَالتَّفْوِيضِ إِلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى تَبَرُّكًا، فَلَا يُمْكِنُ الْقَوْل بِأَنَّهُ غَيْرُ مُؤْمِنٍ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌شُعَبُ الإِْيمَانِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> الإِْيمَانُ أَصْلٌ تَنْشَأُ عَنْهُ الأَْعْمَال الصَّالِحَةُ وَتَنْبَنِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كتاب الإيمان لابن تيمية ص 280، وجمع الجوامع وشرحه وحاشية البناني 2 / 418، وشرح العقائد النسفية للتفتازاني ص 141.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الإيمان لأبي عبيد ص 67، وشرح العقائد النسفية ص 162.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٧)</span><hr/></div>عَلَيْهِ، كَمَا تَنْبَنِي فُرُوعُ الشَّجَرَةِ عَلَى أَصْلِهَا وَتَتَغَذَّى مِنْهُ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الإِْيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ، أَوْ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، أَعْلَاهَا لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَْذَى عَنِ الطَّرِيقِ. وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِْيمَانِ (1) . وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا جُمْلَةً فِي أَوَّل سُورَةِ (الْمُؤْمِنُونَ) . وَتَتَبَّعَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بَاقِيَ الْعَدَدِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (2) .</p>وَإِتْمَامًا لِهَذَا الْمُصْطَلَحِ تُرَاجَعُ كُتُبُ الْعَقَائِدِ وَالتَّوْحِيدِ.</p> </p>‌<span class="title">‌إِيهَامٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الإِْيهَامُ لُغَةً: إِيقَاعُ الْغَيْرِ فِي الظَّنِّ (3) . وَاصْطِلَاحًا: الإِْيقَاعُ فِي الْوَهْمِ (4) . إِلَاّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ وَالأُْصُولِيِّينَ يَخْتَلِفُونَ فِي مَعْنَى الْوَهْمِ، فَهُوَ عِنْدَ أَغْلَبِ الْفُقَهَاءِ مُرَادِفٌ لِلشَّكِّ، فَالشَّكُّ عِنْدَهُمْ هُوَ التَّرَدُّدُ بَيْنَ وُجُودِ الشَّيْءِ وَعَدَمِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الطَّرَفَانِ فِي التَّرَدُّدِ سَوَاءً، أَمْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَاجِحًا (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" الإيمان بضع وستون شعبة. . . " أخرجه مسلم (1 / 63 ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> انظر فتح الباري في شرح كتاب (الإيمان) من صحيح البخاري 1 / 53، والجامع لشعب الإيمان للبيهقي ط الدار السلفية في بومبي بالهند، ومختصر شعب الإيمان للبيهقي اختصره أبو جعفر القزويني ط المنيرية 1355 هـ، والجامع في شعب الإيمان للحليمي. بيروت دار الفكر.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب المحيط مادة:" وهم ".</p><font color=#ff0000>(4)</font> جمع الجوامع 2 / 300 ط مصطفى الحلبي، والمجموع 1 / 168، 169 ط السلفية، والخرشي 1 / 311 ط دار صادر، والمغني 1 / 64 ط الرياض.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المراجع السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٧)</span><hr/></div>وَعِنْدَ أَصْحَابِ الأُْصُول وَبَعْضِ الْفُقَهَاءِ: الْوَهْمُ هُوَ إِدْرَاكُ الطَّرَفِ الْمَرْجُوحِ (1) .</p>وَالْبَعْضُ يُطْلِقُ الإِْيهَامَ وَيُرِيدُ بِهِ الظَّنَّ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الْغِشُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْغِشُّ: أَنْ يَكْتُمَ الْبَائِعُ عَنِ الْمُشْتَرِي عَيْبًا فِي الْمَبِيعِ لَوِ اطَّلَعَ عَلَيْهِ لَمَا اشْتَرَاهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌التَّدْلِيسُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> التَّدْلِيسُ: الْعِلْمُ بِالْعَيْبِ وَكِتْمَانُهُ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْغَرَرُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الْغَرَرُ: مَا يَكُونُ مَجْهُول الْعَاقِبَةِ، وَلَا يُدْرَى أَيَكُونُ أَمْ لَا (5) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> إِيهَامُ اللُّقِيِّ وَالرِّحْلَةِ مِنْ تَدْلِيسِ الإِْسْنَادِ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ، لَكِنْ لَا يُعْتَبَرُ سَبَبًا لِتَجْرِيحِ الرَّاوِي.</p>فَإِيهَامُ اللُّقِيِّ: كَقَوْل مَنْ عَاصَرَ الزُّهْرِيَّ مَثَلاً وَلَمْ يَلْقَهُ: قَال الزُّهْرِيُّ، مُوهِمًا أَيْ مُوقِعًا فِي الْوَهْمِ - أَيِ الذِّهْنِ - أَنَّهُ سَمِعَهُ.</p>وَإِيهَامُ الرِّحْلَةِ نَحْوُ أَنْ يُقَال: حَدَّثَنَا وَرَاءَ النَّهْرِ، مُوهِمًا جَيْحُونَ، وَالْمُرَادُ نَهْرُ مِصْرَ، كَأَنْ يَكُونَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جمع الجوامع 2 / 300، والطحطاوي على مراقي الفلاح ص 249 ط دار الإيمان.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جواهر الإكليل 2 / 45، والدسوقي 3 / 169 نشر دار الفكر.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج 4 / 69 ط الحلبي.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الخرشي 5 / 14، 180، وجواهر الإكليل 2 / 45.</p><font color=#ff0000>(5)</font> التعريفات للجرجاني 141، والقليوبي 2 / 161، والفروق للقرافي 3 / 265.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٨)</span><hr/></div>بِالْجِيزَةِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَارِيضِ لَا كَذِبَ فِيهِ (1) .</p>وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ: إِيهَامُ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِيَ سَلَامَةَ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَمُوجِبُ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي فِي الْجُمْلَةِ (2) عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ مَوْطِنُهُ خِيَارُ الْعَيْبِ.</p> </p>‌<span class="title">‌إِيوَاءٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الإِْيوَاءُ لُغَةً: مَصْدَرُ آوَى - وَهُوَ مُتَعَدٍّ - ضَمُّ الإِْنْسَانِ غَيْرَهُ إِلَى مَكَانٍ يُقِيمُ وَيَأْمَنُ فِيهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ} (3) وَمُجَرَّدُهُ أَوَى، وَهُوَ لَازِمٌ. وَقَدْ يُسْتَعْمَل مُتَعَدِّيًا، يُقَال: أَوَى إِلَى فُلَانٍ إِذَا الْتَجَأَ وَانْضَمَّ إِلَيْهِ. وَالْمَأْوَى لِكُل حَيَوَانٍ سَكَنُهُ (4) .</p>وَهُوَ فِي الشَّرِيعَةِ كَذَلِكَ، فَقَدْ قَال عليه الصلاة والسلام لِلأَْنْصَارِ: أَسْأَلُكُمْ لِرَبِّي عز وجل أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَسْأَلُكُمْ لِنَفْسِي وَلأَِصْحَابِي أَنْ تُؤْوُونَا. . (5) أَيْ تَضُمُّونَا إِلَيْكُمْ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جمع الجوامع 2 / 165، فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت 2 / 149 ط دار صادر.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المحلى على المنهاج بحاشيتي قليوبي وعميرة 2 / 210، وجواهر الإكليل 2 / 42، والمغني 4 / 157.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة يوسف / 99.</p><font color=#ff0000>(4)</font> لسان العرب، والمغرب، مادة " أوى ".</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث:" أسألكم لربي عز وجل أن تعبدوه. . . " أخرجه أحمد (4 / 119 - 120 - ط الميمنية) وقال الهيثمي: رواه أحمد هكذا مرسلا، ورجاله رجال الصحيح، وقد ذكر الإمام أحمد بعده سندا إلى الشعبي عن أبي مسعود - عقبة بن عامر - قال بنحو هذا. . . وفيه مجالد وفيه ضعف، وحديثه حسن إن شاء الله. (المجمع 6 / 48 - ط القدسي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٨)</span><hr/></div>وَقَال صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: لَا يَأْوِي الضَّالَّةَ إِلَاّ ضَالٌّ (1) أَيْ يَأْخُذُهَا وَيَضُمُّهَا إِلَيْهِ وَهَكَذَا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الْعَامُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> حَيْثُمَا كَانَ الإِْيوَاءُ لِغَايَةٍ مَشْرُوعَةٍ كَانَ الإِْيوَاءُ مَشْرُوعًا، مَا لَمْ يَقُمْ عَلَى مَنْعِهِ دَلِيلٌ، كَإِيوَاءِ الْيَتِيمِ، وَإِيوَاءِ الْمُشَرَّدِ، وَإِيوَاءِ الضَّيْفِ، وَإِيوَاءِ الْفَارِّ مِنَ الظَّالِمِ، وَإِيوَاءِ اللُّقَطَةِ الَّتِي لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَمْتَنِعَ بِنَفْسِهَا.</p>وَحَيْثُمَا كَانَ الإِْيوَاءُ لِغَايَةٍ غَيْرِ مَشْرُوعَةٍ، فَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ كَإِيوَاءِ الْجَاسُوسِ وَالْجَانِي (3) لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَدِينَةِ مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (4) .</p> </p><font color=#ff0000>3 -</font> وَإِيوَاءُ الْعَيْنِ الْمَسْرُوقَةِ مِنْ قِبَل مَالِكِهَا شَرْطٌ لِقَطْعِ سَارِقِهَا، وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ بِالْحِرْزِ.</p>لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تُقْطَعُ الْيَدُ فِي ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ، فَإِذَا ضَمَّهُ الْجَرِينُ قُطِعَتْ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ، وَلَا تُقْطَعُ فِي حَرِيسَةِ الْجَبَل، فَإِذَا آوَى الْمَرَاحُ قُطِعَتْ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ (5)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" لا يأوي الضالة إلا ضال. . . ". أخرجه ابن ماجه (2 / 836 - ط الحلبي) وأصله في صحيح مسلم (3 / 1351 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> مجمع بحار الأنوار للفتني الكجراني، والنهاية في غريب الحديث، والفائق في غريب الحديث مادة:" أوى "</p><font color=#ff0000>(3)</font> عمدة القاري 15 / 94.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " من أحدث فيها حدثا. . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 81 - ط السلفية) . ومسلم (2 / 995 - 996 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني 8 / 258. وحديث: " لا تقطع اليد في ثمر معلق. . . " أخرجه النسائي (8 / 84 - 85 ط المكتبة التجارية) وإسناده حسن، (التلخيص الحبير 4 / 64 - ط شركة الطباعة الفنية المتحدة) . والجرين: هو موضع تجفيف الثمر (سنن النسائي بشرح السيوطي 8 / 85) . والمجن: هو الترس (لسان العرب) . وحريسة الجبل هي: الشاة مما يحرس بالجبل (الفائق في غريب الحديث) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٩)</span><hr/></div>كَمَا فَصَّل ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ. (ر: سَرِقَةٌ) .</p><font color=#ff0000>4 -</font> وَإِيوَاءُ الْمَبِيعِ إِلَى الْمُشْتَرِي - بِمَعْنَى نَقْلِهِ وَضَمِّهِ إِلَى الْمُشْتَرِي - فِي الْمَنْقُولَاتِ شَرْطٌ عِنْدَ الْبَعْضِ؛ لِجَوَازِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لَهُ، لِقَوْل ابْنِ عُمَرَ: لَقَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ فِي عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبْتَاعُونَ جُزَافًا - يَعْنِي الطَّعَامَ - يَضْرِبُونَ أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِمْ حَتَّى يُؤْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْيَّامُ الْبِيضُ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الأَْيَّامُ الْبِيضُ هِيَ: الْيَوْمُ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ كُل شَهْرٍ عَرَبِيٍّ. وَسُمِّيَتْ بِيضًا لاِبْيِضَاضِ لَيَالِيِهَا بِالْقَمَرِ؛ لأَِنَّهُ يَطْلُعُ فِيهَا مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا. وَلِذَلِكَ قَال ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّوَابُ أَنْ يُقَال: أَيَّامُ الْبِيضِ، بِالإِْضَافَةِ لأَِنَّ الْبِيضَ مِنْ صِفَةِ اللَّيَالِيِ - أَيْ أَيَّامِ اللَّيَالِيِ الْبَيْضَاءِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث ابن عمر:" لقد رأيت الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 347 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1161 - ط الحلبي) واللفظ للبخاري.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٩)</span><hr/></div>وَقَال الْمُطَرِّزِيُّ: مَنْ فَسَّرَهَا بِالأَْيَّامِ فَقَدْ أَبْعَد (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الأَْيَّامُ السُّودُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الأَْيَّامُ السُّودُ أَوْ أَيَّامُ اللَّيَالِيِ السُّودِ: هِيَ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ وَتَالِيَاهُ، بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْقَمَرَ فِي هَذِهِ اللَّيَالِيِ يَكُونُ فِي تَمَامِ الْمِحَاقِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> يُسْتَحَبُّ صَوْمُ الأَْيَّامِ الْبِيضِ مِنْ كُل شَهْرٍ؛ لِكَثْرَةِ الأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: مَنْ صَامَ مِنْ كُل شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَذَاكَ صِيَامُ الدَّهْرِ (3)</p>وَعَنْ مِلْحَانَ الْقَيْسِيِّ قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا أَنْ نَصُومَ الْبِيضَ: ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ، وَقَال: هُوَ كَهَيْئَةِ الدَّهْرِ (4) وَهَذَا يَنْطَبِقُ عَلَى كُل شُهُورِ الْعَامِ عَدَا شَهْرَ ذِي الْحِجَّةِ، فَلَا يُصَامُ فِيهِ الْيَوْمُ الثَّالِثَ عَشَرَ؛ لأَِنَّهُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الَّتِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ صَوْمِهَا.</p>وَالأَْوْجَهُ كَمَا يَقُول الشَّافِعِيَّةُ أَنْ يُصَامَ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. وَصَوْمُ هَذِهِ الأَْيَّامِ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمغرب، والمصباح المنير مادة:" بيض "</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 1 / 447 ط مصطفى الحلبي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " من صام من كل شهر ثلاثة أيام. . . " أخرجه ابن ماجه (1 / 45 - ط الحلبي) وصححه ابن خزيمة (3 / 301 - ط المكتب الإسلامي) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث ملحان: " كان يأمرنا بأن نصوم البيض. . . " أخرجه أبو داود (2 / 821 - ط عزت عبيد دعاس) وصححه البخاري كما في مختصر سنن أبي داود (3 / 330 - نشر دار المعرفة) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> بدائع الصنائع 2 / 79 ط أولى، ونهاية المحتاج 3 / 202 ط المكتبة الإسلامية، والمغني 3 / 177.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٠)</span><hr/></div>وَكَانَ مَالِكٌ يَصُومُ أَوَّل يَوْمِهِ، وَحَادِي عَشَرَهُ، وَحَادِي عِشْرِينِهِ. وَكَرِهَ الْمَالِكِيَّةُ كَوْنَهَا الثَّلَاثَةَ الأَْيَّامِ الْبِيضِ، مَخَافَةَ اعْتِقَادِ وُجُوبِهَا وَفِرَارًا مِنَ التَّحْدِيدِ.</p>وَهَذَا إِذَا قَصَدَ صَوْمَهَا بِعَيْنِهَا، وَأَمَّا إِنْ كَانَ عَلَى سَبِيل الاِتِّفَاقِ فَلَا كَرَاهَةَ (1)</p>‌<span class="title">‌أَيَّامُ التَّشْرِيقِ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> أَيَّامُ التَّشْرِيقِ - عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ - ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، قِيل: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَِنَّ لُحُومَ الأَْضَاحِيِّ تُشَرَّقُ فِيهَا، أَيْ تُقَدَّدُ فِي الشَّمْسِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الأَْيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الأَْيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ هِيَ الْوَارِدَةُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} (3) وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ كَمَا ذَكَرَ اللُّغَوِيُّونَ وَالْفُقَهَاءُ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدسوقي 1 / 517 ط دار الفكر، ومنح الجليل 1 / 392 ط النجاح.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب والمصباح المنير والمغرب مادة:" شرق "، ومغني المحتاج 1 / 505 ط مصطفى الحلبي، وفتح القدير 3 / 48 ط دار إحياء التراث العربي، والكافي 2 / 376 ط الرياض، ومنتهى الإرادات 1 / 310.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 203.</p><font color=#ff0000>(4)</font> لسان العرب والمصباح المنير، والمغني 2 / 394 ط الرياض، ومغني المحتاج 1 / 505، والبدائع 1 / 195 ط أولى شركة المطبوعات العلمية، والكافي 1 / 376.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٠)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ الأَْيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الأَْيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ الْوَارِدَةُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} (1) هِيَ الْعَشْرُ الأَْوَائِل مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.</p>وَقِيل: هِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَقِيل: هِيَ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ، وَهُوَ رَأْيُ الْمَالِكِيَّةِ. وَقَدْ رَوَى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ الأَْيَّامَ الْمَعْدُودَاتِ وَالأَْيَّامَ الْمَعْلُومَاتِ يَجْمَعُهَا أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ: يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلَاثَةٌ بَعْدَهُ، فَيَوْمُ النَّحْرِ مَعْلُومٌ غَيْرُ مَعْدُودٍ، وَالْيَوْمَانِ بَعْدَهُ مَعْلُومَانِ مَعْدُودَانِ، وَالْيَوْمُ الرَّابِعُ مَعْدُودٌ لَا مَعْلُومٌ.</p>وَقِيل: هِيَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَالنَّحْرِ وَالْحَادِيَ عَشَرَ (2) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ أَيَّامُ النَّحْرِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> أَيَّامُ النَّحْرِ ثَلَاثَةٌ: الْعَاشِرُ وَالْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَذَلِكَ هُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: أَيَّامُ النَّحْرِ ثَلَاثَةٌ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ أَيَّامَ النَّحْرِ أَرْبَعَةٌ: يَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ لِمَا رَوَى جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كُل أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الحج / 28.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 1 / 505، والمجموع 8 / 381، والمغني 2 / 398، والبدائع 1 / 195، والقرطبي 3 / 2 ط دار الكتب المصرية، والكافي 1 / 423.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " كل أيام التشريق ذبح. . . " أخرجه أحمد بن حنبل وابن حبان في صحيحه والبيهقي من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه، وذكر الاختلاف في إسناده، ورواه ابن عدي من حديث أبي هريرة وفي إسناده معاوية بن يحيى الصدفي وهو ضعيف. (مسند أحمد بن حنبل 4 / 82 ط الميمنية، ونيل الأوطار 5 / 216 ط دار الجيل) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢١)</span><hr/></div>وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، وَبِهِ قَال عَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ (1) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ أَيَّامُ مِنًى:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> أَيَّامُ مِنًى هِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ الْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّانِيَ عَشَرَ وَالثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَتُسَمَّى أَيَّامَ مِنًى وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَأَيَّامَ رَمْيِ الْجِمَارِ وَالأَْيَّامَ الْمَعْدُودَاتِ، كُل هَذِهِ الأَْسْمَاءِ وَاقِعَةٌ عَلَيْهَا (2) .</p>وَالْفُقَهَاءُ يُعَبِّرُونَ بِأَيَّامِ مِنًى تَارَةً، وَبِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ تَارَةً أُخْرَى.</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَتَعَلَّقُ بِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ رَمْيُ الْجِمَارِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> أَيَّامُ رَمْيِ الْجِمَارِ أَرْبَعَةٌ: يَوْمُ النَّحْرِ، وَثَلَاثَةُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ هِيَ وَقْتٌ لِرَمْيِ بَاقِي الْجِمَارِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، يَرْمِي الْحَاجُّ كُل يَوْمٍ بَعْدَ الزَّوَال إِحْدَى وَعِشْرِينَ حَصَاةً لِثَلَاثِ جَمَرَاتٍ، كُل جَمْرَةٍ سَبْعَ حَصَيَاتٍ، وَالأَْصْل فِي هَذَا مَا رَوَتْهُ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ: أَفَاضَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى، فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، يَرْمِي الْجَمْرَةَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، كُل جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُل حَصَاةٍ، وَيَقِفُ عِنْدَ الأُْولَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) منتهى الإرادات 2 / 80، والكافي 1 / 423، والاختيار 5 / 19 ط دار المعرفة، والمغني 3 / 432، والمهذب 1 / 244.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الكافي 1 / 376، والقرطبي 3 / 1، والمهذب 1 / 237 - 238، ومنتهى الإرادات 2 / 66 - 68، والبدائع 2 / 159.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢١)</span><hr/></div>وَالثَّانِيَةِ، فَيُطِيل الْقِيَامَ وَيَتَضَرَّعُ، وَيَرْمِي الثَّالِثَةَ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا. (1)</p>وَرَمْيُ الْجِمَارِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَاجِبٌ، وَيَفُوتُ وَقْتُ الرَّمْيِ بِغُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَمَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ فِي هَذِهِ الأَْيَّامِ سَقَطَ عَنْهُ الرَّمْيُ لِفَوَاتِ وَقْتِهِ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ (2) . وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ (3) .</p>وَبَاقِي تَفْصِيل أَحْكَامِ الرَّمْيِ فِي مُصْطَلَحِ (رَمْيٍ، وَحَجٍّ) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ ذَبْحُ الْهَدْيِ وَالأُْضْحِيَّةِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> وَقْتُ ذَبْحِ الأُْضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ: يَوْمُ الأَْضْحَى، وَهُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَالْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّانِيَ عَشَرَ، فَيَدْخُل الْيَوْمُ الأَْوَّل وَالثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَوَاهُ الأَْثْرَمُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: قالت عائشة رضي الله عنها: " أفاض رسول الله. . . " أخرجه أحمد (6 / 90 ط الميمنية) وأبو داود (عون المعبود 2 / 147 ط الهند) وقال شعيب الأرناؤوط محقق شرح السنة (7 / 225) إسناده صحيح لولا عنعنة ابن إسحاق، لكن يشهد له حديث ابن عمر عند البخاري (فتح الباري 3 / 582، 583 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " من ترك نسكا فعليه دم. . . ". رواه مالك في الموطأ (1 / 419 ط الحلبي) موقوفا من حديث عبد الله بن عباس بلفظ " من نسي من نسكه شيئا أو تركه فيهرق دما. . . " وأخرجه ابن حزم مرفوعا وأعله بالجهالة (التلخيص الحبير 2 / 229) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 451 - 455، والمنتهى 2 / 67، وبدائع الصنائع 2 / 139، وحاشية ابن عابدين 2 / 190، ومنح الجليل 1 / 498، والكافي 1 / 410، والمهذب 1 / 237.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٢)</span><hr/></div>نَهَى عَنِ الأَْكْل مِنَ النُّسُكِ فَوْقَ ثَلَاثٍ (1) وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ الذَّبْحُ مَشْرُوعًا فِي وَقْتٍ يَحْرُمُ فِيهِ الأَْكْل، ثُمَّ نُسِخَ تَحْرِيمُ الأَْكْل وَبَقِيَ وَقْتُ الذَّبْحِ بِحَالِهِ.</p>وَقَدْ وَرَدَ عَنْ بَعْضِ أَهْل الْمَدِينَةِ إِجَازَةُ الأُْضْحِيَّةِ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ.</p>وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَبْقَى وَقْتُ ذَبْحِ الأُْضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهُوَ الأَْصَحُّ، كَمَا قَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كُل أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ (2) وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَال: النَّحْرُ يَوْمَ الأَْضْحَى وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ وَبِهِ قَال الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ (3) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الإِْحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> يُكْرَهُ الإِْحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؛ لِمَا رَوَتِ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ (4) :<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الأكل من النسك فوق ثلاث " أخرجه البخاري من حديث سلمة بن الأكوع مرفوعا بلفظ: " من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وبقي في بيته من شيء. فلما كان العام المقبل، قالوا: يا رسول الله نفعل كما فعلنا العام الماضي؟ قال</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " كل أيام التشريق ذبح. . . ". (سبق تخريجه ف / 4) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 432، والبدائع 2 / 174، 5 / 65، والدسوقي 2 / 86، 120، والكافي 1 / 404، والمجموع 8 / 380، 390 والمهذب 1 / 244.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الأثر عن السيدة عائشة: " وقت العمرة السنة كلها إلا يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق ". أخرجه البيهقي موقوفا بلفظ: " حلت العمرة في السنة كلها إلا في أربعة أيام: يوم عرفة، ويوم النحر، ويومان بعد ذلك. . ". (السنن الكبرى للبيهقي 4 / 346) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٢)</span><hr/></div>وَقْتُ الْعُمْرَةِ السَّنَةُ كُلُّهَا، إِلَاّ يَوْمَ عَرَفَةَ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ (1) وَمِثْل هَذَا لَا يُعْرَفُ إِلَاّ بِالتَّوْقِيفِ.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ الإِْحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ النَّهْيِ عَنْهُ (2) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ إِذَا أَهَل بِعُمْرَةٍ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَزِمَتْهُ، وَيَقْطَعُهَا؛ لأَِنَّهُ قَدْ أَدَّى رُكْنَ الْحَجِّ مِنْ كُل وَجْهٍ، وَالْعُمْرَةُ مَكْرُوهَةٌ فِي هَذِهِ الأَْيَّامِ، فَلِهَذَا يَلْزَمُهُ قَطْعُهَا، فَإِنْ رَفَضَهَا فَعَلَيْهِ دَمٌ لِقَطْعِهَا، وَعُمْرَةٌ مَكَانَهَا، وَإِنْ مَضَى عَلَيْهَا أَجْزَأَهُ؛ لأَِنَّ الْكَرَاهَةَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهَا، وَهُوَ كَوْنُهُ مَشْغُولاً فِي هَذِهِ الأَْيَّامِ بِأَدَاءِ بَقِيَّةِ أَعْمَال الْحَجِّ، فَيَجِبُ تَخْلِيصُ الْوَقْتِ لَهُ تَعْظِيمًا، وَعَلَيْهِ دَمٌ لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا (3) .</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَجُوزُ الإِْحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنَ السَّنَةِ، إِلَاّ لِمُحْرِمٍ بِحَجٍّ مُفْرِدًا، فَيُمْنَعُ إِحْرَامُهُ بِالْعُمْرَةِ - وَلَا يَنْعَقِدُ، وَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا - إِلَى أَنْ يَتَحَلَّل مِنْ جَمِيعِ أَفْعَال الْحَجِّ، وَذَلِكَ بِرَمْيِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ لِغَيْرِ الْمُتَعَجِّل، وَمُضِيِّ قَدْرِهِ لِمَنْ تَعَجَّل، وَهُوَ قَدْرُ زَمَنِهِ عَقِبَ زَوَال الرَّابِعِ، فَإِنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ قَبْل غُرُوبِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ صَحَّ إِحْرَامُهُ، لَكِنْ لَا يَفْعَل شَيْئًا مِنْ أَفْعَال الْعُمْرَةِ إِلَاّ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَإِنْ فَعَل قَبْلَهُ شَيْئًا فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 2 / 227.</p><font color=#ff0000>(2)</font> منتهى الإرادات 2 / 72، والمهذب 1 / 207.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية 1 / 179 - 180.</p><font color=#ff0000>(4)</font> منح الجليل 1 / 456، والدسوقي 2 / 22.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٣)</span><hr/></div>د -‌<span class="title">‌ صَلَاةُ عِيدِ الأَْضْحَى أَيَّامَ التَّشْرِيقِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> صَلَاةُ عِيدِ الأَْضْحَى تَكُونُ فِي الْيَوْمِ الأَْوَّل مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ، فَإِذَا تُرِكَتْ فِي الْيَوْمِ الأَْوَّل، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تُصَلَّى فِي الْيَوْمِ الأَْوَّل وَالثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهُمَا الثَّانِي وَالثَّالِثُ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ، وَسَوَاءٌ أَتُرِكَتْ بِعُذْرٍ أَمْ بِغَيْرِ عُذْرٍ، إِلَاّ أَنَّهَا إِذَا تُرِكَتْ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وَتَلْحَقُهُمُ الإِْسَاءَةُ، وَتَكُونُ أَدَاءً فِي هَذِهِ الأَْيَّامِ، وَإِنَّمَا جَازَ الأَْدَاءُ فِي هَذِهِ الأَْيَّامِ اسْتِدْلَالاً بِالأُْضْحِيَّةِ، فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، فَكَذَا صَلَاةُ الْعِيدِ؛ لأَِنَّهَا مَعْرُوفَةٌ بِوَقْتِ الأُْضْحِيَّةِ فَتَتَقَيَّدُ بِأَيَّامِهَا.</p>وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْجَمَاعَةِ، أَمَّا الْمُنْفَرِدُ إِذَا فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ.</p>وَمِثْلُهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، إِلَاّ أَنَّهُمْ يُجِيزُونَ صَلَاتَهَا فِي كُل أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَفِيمَا بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيَعْتَبِرُونَهَا قَضَاءً لَا أَدَاءً. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَال فِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدِ مَعَ الإِْمَامِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ، وَقَال ابْنُ حَبِيبٍ: إِنْ فَاتَتْ صَلَاةُ الْعِيدِ جَمَاعَةً، فَأَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوا بِجَمَاعَتِهِمْ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْمَعَهَا مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَهْلِهِ، قَال سَحْنُونٌ: لَا أَرَى أَنْ يَجْمَعُوا، وَإِنْ أَحَبُّوا صَلَّوْا أَفْذَاذًا (1) .</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ الصَّوْمُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> مِنَ الأَْيَّامِ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصِّيَامِ فِيهَا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 1 / 276، وحاشية الطحطاوي / 293 ط دار الإيمان - دمشق، ومنتهى الإرادات 1 / 306، والمغني 2 / 390، ومغني المحتاج 1 / 315، والحطاب 2 / 197.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٣)</span><hr/></div>قَال: أَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٌ لِلَّهِ (1) إِلَاّ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُتَمَتِّعِ أَوِ الْقَارِنِ الَّذِي لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ أَنْ يَصُومَ هَذِهِ الأَْيَّامَ؛ لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمَا قَالَا: لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إِلَاّ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ (2) .</p>وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَفِي الْقَدِيمِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرُوِيَ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صِيَامُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَنِ الْهَدْيِ.</p>وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَفِي الْجَدِيدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لَا يَجُوزُ صَوْمُهَا لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ.</p>وَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ لَمْ يَدْخُل فِي نَذْرِهِ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَأَفْطَرَ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْفِطْرِ وَلَا يَتَنَاوَلُهَا النَّذْرُ.</p>وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل زُفَرَ وَرِوَايَةُ أَبِي يُوسُفَ وَابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَصِحُّ نَذْرُهُ فِي هَذِهِ الأَْيَّامِ، لَكِنِ الأَْفْضَل أَنْ يُفْطِرَ فِيهَا وَيَصُومَ فِي أَيَّامٍ أُخَرَ، وَلَوْ صَامَ فِي هَذِهِ الأَْيَّامِ يَكُونُ مُسِيئًا لَكِنَّهُ يَخْرُجُ عَنِ النَّذْرِ.</p>وَرُوِيَ عَنِ الإِْمَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجُوزُ صَوْمُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِمَنْ نَذَرَهُ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أيام منى أيام أكل وشرب وذكر لله " أخرجه مسلم من حديث كعب رضي الله عنه مرفوعا بلفظ: " أيام منى أيام أكل وشرب " وأما زيادة " وذكر لله " فهي في رواية أبي المليح. (صحيح مسلم 2 / 800 ط عيسى الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأثر عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم أنهما قالا: " لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي ". أخرجه البخاري من حديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم (فتح الباري 4 / 242 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> منتهى الإرادات 1 / 461، 3 / 452، والمغني 3 / 479، والهداية 1 / 155، وبدائع الصنائع 2 / 80 و 173، والمهذب 1 / 196، 251، ومنح الجليل 1 / 544، وحاشية الدسوقي 1 / 540، والكافي 1 / 346، 349.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٤)</span><hr/></div>و -‌<span class="title">‌ الْخُطْبَةُ فِي الْحَجِّ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> يُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْطُبَ الإِْمَامُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ خُطْبَةً يُعَلِّمُ النَّاسَ فِيهَا حُكْمَ التَّعْجِيل وَالتَّأْخِيرِ وَتَوْدِيعَهُمْ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي بَكْرٍ قَالَا: رَأَيْنَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ بَيْنَ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَنَحْنُ عِنْدَ رَاحِلَتِهِ. (1)</p>وَهَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ - غَيْرَ زُفَرَ - تَكُونُ الْخُطْبَةُ فِي الْيَوْمِ الأَْوَّل مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهُوَ ثَانِي أَيَّامِ النَّحْرِ (2) .</p> </p>ز -‌<span class="title">‌ الْمَبِيتُ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> الْمَبِيتُ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَاجِبٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَل ذَلِكَ، قَالَتِ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رضي الله عنها: أَفَاضَ رَسُول اللَّهِ مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، (3) وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: لَمْ يُرَخِّصِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَِحَدٍ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ إِلَاّ لِلْعَبَّاسِ مِنْ أَجْل سِقَايَتِهِ، وَرَوَى الأَْثْرَمُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَال: لَا يَبِيتَنَّ أَحَدٌ مِنَ الْحَاجِّ إِلَاّ بِمِنًى، وَكَانَ يَبْعَثُ رِجَالاً لَا يَدَعُونَ أَحَدًا يَبِيتُ وَرَاءَ الْعَقَبَةِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" روي عن رجلين. . . " أخرجه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري والحافظ في التلخيص، ورجاله رجال الصحيح (عون المعبود 2 / 142 ط الهند) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 3 / 456، والمهذب 1 / 238، والكافي 1 / 416، والهداية 1 / 142.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: عائشة رضي الله عنها (سبق تخريجه ف / 6) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 3 / 449، ومنتهى الإرادات 2 / 67، والمهذب 1 / 238، ومنح الجليل 1 / 494، والدسوقي 2 / 48.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٤)</span><hr/></div>وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةً عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ: أَنَّ الْمَبِيتَ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ سُنَّةٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " رَخَّصَ لِلْعَبَّاسِ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ مِنْ أَجْل سِقَايَتِهِ (1) " وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا لَمْ يَكُنْ لِلْعَبَّاسِ أَنْ يَتْرُكَ الْوَاجِبَ لأَِجْل السِّقَايَةِ، وَلَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُرَخِّصُ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَفِعْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَحْمُولٌ عَلَى السُّنَّةِ تَوْفِيقًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ (2) .</p>وَمَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى لَيْلَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَعِنْدَ الْجُمْهُورِ عَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ، وَعِنْدَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْمَبِيتَ سُنَّةٌ فَقَدْ أَسَاءَ لِتَرْكِهِ السُّنَّةَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.</p>وَالْمَبِيتُ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كُلِّهَا إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمُتَعَجِّل، أَمَّا مَنْ تَعَجَّل فَلَيْسَ عَلَيْهِ سِوَى مَبِيتِ لَيْلَتَيْنِ فَقَطْ، وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ مَبِيتِ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ لِلآْيَةِ الْكَرِيمَةِ.</p>وَيُرَخَّصُ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ بِمِنًى لِلسُّقَاةِ وَالرُّعَاةِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْعَبَّاسَ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْل سِقَايَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ (3) وَلِحَدِيثِ مَالِكٍ: رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِرِعَاءِ الإِْبِل فِي الْبَيْتُوتَةِ أَنْ يَرْمُوا يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ يَجْمَعُوا رَمْيَ يَوْمَيْنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص. . . " أخرجه البخاري بهذا المعنى، ولفظه للإسماعيلي من طريق إبراهيم بن موسى عن عيسى بن يونس المذكور في إسناد البخاري (فتح الباري 3 / 578 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 2 / 159، وابن عابدين 2 / 189، والمغني 3 / 449، والمهذب 1 / 238.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث ابن عمر أخرجه مسلم (صحيح مسلم 2 / 953 ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٥)</span><hr/></div>بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَيَرْمُونَهُ فِي أَحَدِهِمَا (1) قَال مَالِكٌ: ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَال: فِي يَوْمٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفَرِ. وَالْمَرِيضُ، وَمَنْ لَهُ مَالٌ يَخَافُ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ، كَغَيْرِهِ مِنَ السُّقَاةِ وَالرُّعَاةِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنِ الإِْمَامِ مَالِكٍ: أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى لِضَرُورَةٍ، كَخَوْفِهِ عَلَى مَتَاعِهِ عَلَيْهِ هَدْيٌ، وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ (2) .</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (حَجٍّ، وَرَمْيٍ) .</p> </p>ح -‌<span class="title">‌ التَّكْبِيرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> التَّكْبِيرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مَشْرُوعٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} (3) ، وَالْمُرَادُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، عَدَا أَبَا حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لَا تَكْبِيرَ عِنْدَهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.</p>وَمَعَ اتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَإِنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي حُكْمِهِ، فَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ سُنَّةٌ لِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ.</p>وَهُوَ مَنْدُوبٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ وَاجِبٌ؛ لِلأَْمْرِ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} .</p>كَذَلِكَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وَقْتِ التَّكْبِيرِ، فَبِالنِّسْبَةِ لِلْبَدْءِ فَإِنَّهُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ يَكُونُ قَبْل بِدَايَةِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، مَعَ اخْتِلَافِهِمْ فِي كَوْنِهِ مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث مالك:" رخص النبي صلى الله عليه وسلم. . . " أخرجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح (تحفة الأحوذي 4 / 29 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> منح الجليل 1 / 495، والكافي 1 / 376، ومنتهى الإرادات 2 / 67، والمهذب 1 / 238، وبدائع الصنائع 2 / 159.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 203.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٥)</span><hr/></div>النَّحْرِ كَمَا يَقُول الْمَالِكِيَّةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، أَوْ مِنْ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ كَمَا يَقُول الْحَنَابِلَةُ وَعُلَمَاءُ الْحَنَفِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ.</p>وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْخَتْمِ فَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ يَكُونُ إِلَى عَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ يَكُونُ إِلَى صُبْحِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. وَقَال ابْنُ بَشِيرٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: يَكُونُ إِلَى ظُهْرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.</p>وَالتَّكْبِيرُ فِي هَذِهِ الأَْيَّامِ يَكُونُ عَقِيبَ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ، وَلَا يَكُونُ بَعْدَ النَّافِلَةِ، إِلَاّ فِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ.</p>وَمَا فَاتَ مِنَ الصَّلَوَاتِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقُضِيَ فِيهَا فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ خَلْفَهَا، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.</p>أَمَّا إِنْ قَضَى فِي غَيْرِهَا فَلَا يُكَبِّرُ خَلْفَهَا بِاتِّفَاقٍ.</p>وَمَا فَاتَ مِنَ الصَّلَوَاتِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقُضِيَ فِيهَا، فَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يُكَبِّرُ خَلْفَهَا.</p>وَلَا تَكْبِيرَ خَلْفَ مَقْضِيَّةٍ مُطْلَقًا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ.</p>وَصِفَةُ التَّكْبِيرِ هُوَ أَنْ يَقُول: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا فِي الأَْوَّل (1) .</p>وَفِي مَوْضُوعِ التَّكْبِيرِ تَفْصِيلَاتٌ أُخْرَى تُنْظَرُ فِي:(تَكْبِيرٍ - عِيدٍ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) منتهى الإرادات 1 / 310، والمغني 2 / 393 - 397، والمهذب 1 / 128، ومنح الجليل 1 / 280 - 281، والدسوقي 1 / 401، والبدائع 1 / 197، وابن عابدين 1 / 588 ط ثالثة، والهداية 1 / 87.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَيَّامُ مِنًى</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> أَيَّامُ مِنًى أَرْبَعَةٌ هِيَ: يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ، وَهِيَ الْحَادِيَ عَشَرَ، وَالثَّانِيَ عَشَرَ، وَالثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. وَقَدْ أُطْلِقَ عَلَيْهَا هَذَا الاِسْمُ لِعَوْدَةِ الْحُجَّاجِ إِلَى مِنًى بَعْدَ طَوَافِ الإِْفَاضَةِ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَالْمَبِيتِ بِهَا لَيَالِيَ هَذَا الأَْيَّامِ الثَّلَاثَةِ.</p>وَكَمَا أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى هَذِهِ الأَْيَّامِ أَيَّامُ مِنًى، فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهَا كَذَلِكَ أَيَّامُ الرَّمْيِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَأَيَّامُ رَمْيِ الْجِمَارِ، وَالأَْيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ. كُل هَذِهِ الأَْسْمَاءُ وَاقِعَةٌ عَلَيْهَا، وَيُعَبِّرُ بِهَا الْفُقَهَاءُ، إِلَاّ أَنَّهُ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٦)</span><hr/></div>اشْتُهِرَ التَّعْبِيرُ عِنْدَهُمْ بِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> لأَِيَّامِ مِنًى أَحْكَامٌ تَتَعَلَّقُ بِهَا، كَالْمَبِيتِ بِمِنًى فِي هَذِهِ الأَْيَّامِ، وَرَمْيِ الْجِمَارِ فِيهَا.</p>وَقَدْ ذُكِرَ تَفْصِيل هَذِهِ الأَْحْكَامِ فِي مُصْطَلَحِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، نَظَرًا لِشُهْرَةِ هَذِهِ الأَْيَّامِ بِهَا. (ر: أَيَّامٌ، التَّشْرِيقُ) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَيِّمٌ</span></p>انْظُرْ: نِكَاحٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الكافي 1 / 376 ط الرياض، ومنتهى الإرادات 2 / 66 - 67 ط دار الفكر، وبدائع الصنائع 2 / 159 ط أولى، ومغني المحتاج 1 / 506 ط الحلبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أ</span></p>‌<span class="title">‌الآمدي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص325.</p> </p>‌<span class="title">‌إبراهيم الحلبي: هو إبراهيم بن محمد الحلبي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج3 ص351.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن أبي حاتم: هو عبد الرحمن بن محمد:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص397.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن بشير (كان حيا 526 ه</span>ـ) :</p>هو إبراهيم بن عبد الصمد بن بشير، أبو الطاهر، التنوخي، المالكي. فقيه، عالم، وذكر ابن فرحون في الديباج: أنه كان إماماً عالماً مفتياً حافظاً للمذهب، إماماً في أصول الفقه والعربية والحديث. وذكر في شأن كتابه التنبيه: أن من أحاط به علماً ترقى عن درجة التقليد. أخذ عن الإمام السيوري وغيره، وتفقه عليه أبو الحسن اللخمي وغيره.</p>من تصانيفه:" الأنوار البديعة إلى أسرار الشريعة " و " التنبيه " و " جامع الأمهات " و " التذهيب على التهذيب ".</p>[شجرة النور الزكية ص126، والديباج المذهب 87، ومعجم المؤلفين 1 / 48] .</p> </p>‌<span class="title">‌ابن تيمية: تقي الدين:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص326.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ابن جُرَيْج: هو عبد الملك بن عبد العزيز:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص326.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن جرير الطبري: هو محمد بن جرير:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص421.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن الحاجب:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص327.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن حبيب:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص327.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن حجر المكي: هو أحمد بن حجر الهيتمي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص327.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن رشد: هو أبو الوليد الجد أو الحفيد:</span></p>تقدمت ترجمتهما في ج1 ص328.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن الزبير: هو عبد الله بن الزبير:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص359.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن زَرْب (317 - 381ه</span>ـ)</p>هو محمد بن يبقى بن زَرْب، أبو بكر القرطبي المالكي، فقيه، من كبار القضاة وخطباء المنابر بالأندلس، سمع من قاسم بن أصبغ ومحمد بن دليم، وتفقه عند اللؤلؤي وأبي إبراهيم بن مسرة، وبه تفقه جماعة منهم: ابن الحذاء وابن مغيث وأبو بكر عبد الرحمن بن حويبل، وكان المنصور بن أبي عامر يعظمه ويجلسه معه.</p>من تصانيفه: " الخصال " في فقه المالكية، و " الرد على ابن مسرة ".</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٠)</span><hr/></div>[الديباج المذهب 268، وشجرة النور الزكية 100، وشذرات الذهب 3 / 101، والأعلام 7 / 360] .</p> </p>‌<span class="title">‌ابن زيد: لعله جابر بن زيد:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص408.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن سيرين:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص329.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن شاس:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص329.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن شاقلا (؟ - 369ه</span>ـ)</p>هو إبراهيم بن أحمد بن عمر بن حمدان بن شاقلا أبو إسحاق، البزار. شيخ الحنابلة، سمع من أبي بكر الشافعي، وأبي بكر أحمد بن آدم الوراق وابن الصواف. وروى عنه أبو حفص العكبري، وأحمد بن عثمان الكبشي، وعبد العزيز غلام الزجاج.</p>وكانت لأبي إسحاق بن شاقلا حلقتان إحداهما: بجامع المنصور. والحلقة الثانية بجامع القصر.</p>[شذرات الذهب 3 / 68، وطبقات الحنابلة لأبي يعلى 2 / 128] .</p> </p>‌<span class="title">‌ابن عابدين:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص330.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن عباس:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص330.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن عبد السلام المالكي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص331.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن العربي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص331.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ابن عرفة:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص331.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن عطية: هو عبد الحق بن غالب:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص401.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن عمر:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص331.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن عيينة (؟ - 198ه</span>ـ)</p>هو سفيان بن عيينة بن أبي عمران، أبو محمد، الهلالي، الكوفي. سكن مكة، أحد الثقات الأعلام، أجمعت الأمة على الاحتجاج به، وكان قوي الحفظ، وقال الشافعي: ما رأيت أحداً من الناس فيه جزالة العلم ما في ابن عيينة، وما رأيت أحداً فيه من الفتيا ما فيه ولا أكفَّ عن الفتيا منه. روى عن عبد الملك بن عمير وحميد الطويل وحميد بن قيس الأعرج وسليمان الأحول وغيرهم.</p>وعنه الأعمش وابن جريج وشعبة والثوري ومحمد بن إدريس الشافعي وغيرهم.</p>[تهذيب التهذيب 4 / 117، وميزان الاعتدال 2 / 170، وشذرات الذهب 1 / 354] .</p> </p>‌<span class="title">‌ابن القاسم: هو عبد الرحمن بن القاسم المالكي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص332.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن قدامة:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص333.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن القيم:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص333.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن كثير (701 - 774 ه</span>ـ)</p>هو إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير، أبو الفداء، البصروي ثم الدمشقي الشافعي،</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣١)</span><hr/></div>المعروف بابن كثير. مفسر، محدث، فقيه، حافظ، قال العيني وابن حبيب: كان قدوة العلماء والحفاظ، عمدة أهل المعاني والألفاظ، وسمع وجمع وصنف ودرّس وألف. وكان له اطلاع عظيم في الحديث والتفسير والتاريخ، واشتهر بالضبط والتحرير، وانتهت إليه رياسة العلم في التاريخ والحديث والتفسير.</p>من تصانيفه:" شرح تنبيه أبي إسحاق الشيرازي "، و " البداية والنهاية "، و " شرح صحيح البخاري "، و " تفسير القرآن العظيم "، و " الاجتهاد في طلب الجهاد "، و " الباعث الحثيث إلى معرفة علوم الحديث ". و " جامع المسانيد " جمع فيه أحاديث الكتب الستة والمسانيد الأربعة.</p>[شذرات الذهب 6 / 231، والنجوم الزاهرة 11 / 123، ومعجم المؤلفين 2 / 283، والبداية والنهاية 12 / 125] .</p> </p>‌<span class="title">‌ابن لبابة: هو محمد بن عمر بن لبابة:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص333.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن المبارك: هو عبد الله بن المبارك:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص402.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن مسعود:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص360.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن المنذر:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص334.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن منصور (؟ - 736 ه</span>ـ)</p>هو محمد بن منصور بن علي بن هدية، أبو عبد الله، القرشي التلمساني. فقيه، أديب، مؤرخ، من القضاة، ولي القضاء بتلمسان، ثم قلده سلطانها مع</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣١)</span><hr/></div>القضاء كتابة السر، وأنزله فوق منزلة وزرائه. وكان أصيل الرأي، مصيب العقل مذكراً لسلطانه بالخير.</p>من تصانيفه:" شرح رسالة لمحمد بن عمر بن خميس " و " تاريخ تلمسان ".</p>[تاريخ قضاة الأندلس 134، والأعلام 7 / 332، ومعجم المؤلفين 12 / 52] .</p> </p>‌<span class="title">‌ابن نجيم: هو عمر بن إبراهيم:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص334.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن الهمام:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص335.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو بكر الصديق:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص336.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو بكر بن العربي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص331.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو ثور:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص336.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو جعفر: هو أحمد بن محمد النحاس </span>- (ر: النحاس) .</p> </p>‌<span class="title">‌أبو حفص العكبري:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص336.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو حميد الساعدي (؟ - 60 وقيل: بضع وخمسين)</span></p>هو عبد الرحمن بن سعد بن عبد الرحمن بن عمرو بن المنذر، أبو حميد، الساعدي الأنصاري، وهو مشهور بكنيته، واختلف في اسمه، فقال ابن الأثير الجزري في أسد الغابة نقلاً عن أحمد بن حنبل: إن اسمه عبد الرحمن. وقيل: المنذر بن سعد. مديني له صحبة، من فقهاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه جابر بن عبد الله، وعباس بن سهل، وعروة بن الزبير، وخارجة بن زيد بن ثابت وغيرهم. وله حديث في</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٢)</span><hr/></div>وصفه هيئة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ووقع له في (مسند بقى) ستة وعشرون حديثاً.</p>[أسد الغابة 3 / 349، والإصابة 4 / 46، وسير النبلاء 2 / 481، والجرح والتعديل 5 / 237] .</p> </p>‌<span class="title">‌أبو حنيفة:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص336.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو داود:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص337.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو ذر: هو جندب بن جنادة:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص403.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو سعيد الخدري:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص337.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو سلمة بن عبد الرحمن:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص404.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو عبيد:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص337.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو عبيدة بن الجراح:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص404.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو علي الجبائي: هو محمد بن عبد الوهاب:</span></p>تقدمت ترجمته في ج6 ص343.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو القاسم الخرقي: هو عمر بن الحسين:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص348.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو قتادة:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص405.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو مطيع (؟ - 199ه</span>ـ)</p>هو الحكم بن عبد الله بن مسلمة بن عبد الرحمن، أبو مطيع، القاضي البلخي. فقيه، كان قاضياً ببلخ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٢)</span><hr/></div>ستة عشر سنة. وصحب أبا حنيفة، وكان مشهوراً بالفقه ممدوحاً فيه، وهو راوي كتاب الفقه الأكبر عن أبي حنيفة. وروى عن ابن عون وهشام بن حسان ومالك بن أنس وغيرهم. وعنه أحمد بن منيع وخلاد بن أسلم الصفار وجماعة. ومن تفرداته أنه كان يقول بفرضية التسبيحات الثلاث في الركوع والسجود.</p>[شذرات الذهب 1 / 357، والجواهر المضيئة 1 / 265، ومشائخ بلخ 1 / 61، وتاريخ بغداد 8 / 223] .</p> </p>‌<span class="title">‌أبو منصور الماتريدي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص368.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن المواز: هو محمد بن إبراهيم المالكي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص402.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو موسى الأشعري:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص338.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو هريرة:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص339.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو يعلى القاضي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص364.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو يوسف:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص339.</p> </p>‌<span class="title">‌أُبَي بن كعب:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص349.</p> </p>‌<span class="title">‌الأثرم:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص339.</p> </p>‌<span class="title">‌أحمد بن حنبل:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص339.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أسامة بن زيد:</span></p>تقدمت ترجمته في ج4 ص324.</p> </p>‌<span class="title">‌إسحاق بن راهويه:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص340.</p> </p>‌<span class="title">‌أسماء بنت أبي بكر الصديق:</span></p>تقدمت ترجمتها في ج1 ص340.</p> </p>‌<span class="title">‌إسماعيل بن عياش (106 - 182ه</span>ـ)</p>هو إسماعيل بن عياش بن سليم، أبو عتبة، العنسي الحمصي. عالم الشام ومحدثها في عصره. ولاه المنصور خزانة الكسوة. وكان محتشماً نبيلاً جواداً. روى عن محمد بن زياد الألهاني وصفوان بن عمرو وعبد الرحمن بن جبير بن نفير والأوزاعي وغيرهم، وروى عنه محمد بن إسحاق والثوري والأعمش والليث بن سعد ومعتمر بن سليمان وغيرهم.</p>قال عبد الله بن أحمد: قال أبي لداود بن عمرو وأنا أسمع: كم كان يحفظ؟ يعني إسماعيل. قال: شيئاً كثيراً. قال: كان يحفظ عشرة آلاف. فقال أبي: هذا كان مثل وكيع.</p>[تهذيب التهذيب 1 / 321، وتذكرة الحفاظ 1 / 233، والأعلام 1 / 318] .</p> </p>‌<span class="title">‌الأشعث بن قيس (23ق هـ - 40ه</span>ـ)</p>هو الأشعث بن قيس بن معدي كرب، أبو محمد، الكندي. أمير كندة في الجاهلية والإسلام، كانت إقامته في حضرموت. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه أبو وائل والشعبي وقيس بن أبي حازم وعبد الرحمن بن مسعود وغيرهم، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم بسبعين رجلاً من كندة، وشهد اليرموك والقادسية والمدائن. وقال ابن منده: كان ارتد ثم رجع إلى الإسلام في خلافة أبي بكر وزوجه أخته أم فروة. وروى له البخاري ومسلم تسعة أحاديث.</p>[الإصابة 1 / 51، وأسد الغابة 1 / 118، وتهذيب التهذيب 1 / 359، والأعلام 1 / 333] .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أشه‌<span class="title">‌ب: </span>هو أشهب بن عبد العزيز:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص341.</p> </p>‌<span class="title">‌أصبغ:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص341.</p> </p>‌<span class="title">‌أم سلمة:</span></p>تقدمت ترجمتها في ج1 ص341.</p> </p>‌<span class="title">‌أنس بن مالك:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص406.</p> </p>‌<span class="title">‌الأوزاعي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص341.</p> </p>ب</p>‌<span class="title">‌البخاري:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص343.</p> </p>‌<span class="title">‌بديل بن ورقاء الخزاعي </span>(؟ -؟)</p>هو بديل بن ورقاء بن عمرو بن ربيعة الخزاعي. قال ابن السكن: له صحبة، سكن مكة. وقال ابن إسحاق: إن قريشاً يوم فتح مكة لجئوا إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعي، ودار مولاه رافع، وشهد بديل وابنه عبد الله حنينا والطائف وتبوك، وكان من كبار مسلمة الفتح، وقيل: أسلم قبل الفتح. وروت عنه حبيبة بنت شريق جدة عيسى بن مسعود، وابنه عنه حبيبة بديل.</p>وفي الإصابة نقلاً عن ابن منده: أنه مات قبل النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: إنه قتل بصفين. وقال ابن حجر: المقتول بصفين ابنه عبد الله.</p>[الإصابة 1 / 141، وأسد الغابة 1 / 203، والاستيعاب 1 / 150] .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌البراء بن عازب:</span></p>‌<span class="title">‌ت</span>قدمت تر‌<span class="title">‌ج</span>مته في ج6 ص345.</p> </p>‌<span class="title">‌البزار: هو أحمد بن عمرو:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص406.</p> </p>‌<span class="title">‌البزدوي: هو علي بن محمد:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص343.</p> </p>‌<span class="title">‌البناني: هو محمد بن الحسن:</span></p>تقدمت ترجمته في ج3 ص352.</p> </p>ت</p>‌<span class="title">‌التهانوي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص407.</p> </p>‌<span class="title">‌ث</span></p>‌<span class="title">‌الثوري:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص345.</p> </p>ج</p>‌<span class="title">‌جابر بن عبد الله:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص345.</p> </p>‌<span class="title">‌الجويني:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص345.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌جبير بن مطعم:</span></p>تقدمت ترجمته في ج3 ص353.</p> </p>‌<span class="title">‌الجصاص: هو أ‌<span class="title">‌ح</span>مد بن علي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص345.</p> </p>ح</p>‌<span class="title">‌الحسن بن زياد:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص347.</p> </p>‌<span class="title">‌الحسن البصري:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص346.</p> </p>‌<span class="title">‌الحكم: هو الحكم بن عمرو:</span></p>تقدمت ترجمته في ج5 ص340.</p> </p>‌<span class="title">‌حمزة بن أبي أسيد </span>(؟ -؟)</p>هو حمزة بن أبي أسيد مالك بن ربيعة، أبو مالك، الساعدي المدني الأنصاري. ذكر ابن حجر في الإصابة نقلاً عن الإسماعيلي والخطيب أنه صحابي. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنازة بالبقيع فإذا ذئب مفترش ذراعيه بالطريق فذكر الحديث، روى عن أبيه والحارث بن زياد. وعنه ابناه مالك ويحيى وسعد بن المنذر وعبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل وغيرهم. ذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن حبان: ويقال أنه ولد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن سعد عن الهيثم عن ابن الغسيل: توفي في زمن الوليد بن عبد الملك، والله أعلم.</p>[تهذيب التهذيب 3 / 26، والإصابة 1 / 353] .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الحُمَيْدي (؟ - 219ه</span>ـ)</p>هو عبد الله بن الزبير بن عيسى بن أسامة أبو بكر، الحميدي، الأسدي، المكي، محدث، فقيه، حافظ. روى عن ابن عيينة وإبراهيم بن سعد، ومحمد بن إدريس الشافعي وغيرهم. وروى عنه الب‌<span class="title">‌خ</span>اري (75) حديثاً، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي وغيرهم. وذكره ابن حبان في الثقات فقال: صاحب سنة، وفضل ودين، وقال ابن عدي: ذهب مع الشافعي إلى مصر، ولازمه ثم رجع إلى مكة وأفتى بها، وكان من خيار الناس، وقال الحاكم: ثقة.</p>من تصانيفه: " المسند " في أحد عشر جزءاً، و " كتاب الدلائل ".</p>[تهذيب التهذيب 5 / 215، البداية والنهاية 10 / 282، والأعلام 4 / 219، ومعجم المؤلفين 6 / 54] .</p> </p>خ</p>‌<span class="title">‌الخرقي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص348.</p> </p>‌<span class="title">‌الخصاف:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص348.</p> </p>‌<span class="title">‌الخطيب الشربيني:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص356.</p> </p>‌<span class="title">‌الخلال: هو أحمد بن محمد:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص349.</p> </p>‌<span class="title">‌خليل: هو خليل بن إسحاق:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص349.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌د</span></p>‌<span class="title">‌الد‌<span class="title">‌ر</span>دير:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص350.</p> </p>ر</p>‌<span class="title">‌الرهوني:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص352.</p> </p>‌<span class="title">‌ز</span></p>‌<span class="title">‌الزبير بن العوام:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص411.</p> </p>‌<span class="title">‌الزجاج: هو إبراهيم بن محمد:</span></p>تقدمت ترجمته في ج3 ص256.</p> </p>‌<span class="title">‌الزركشي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص412.</p> </p>‌<span class="title">‌زفر:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص353.</p> </p>‌<span class="title">‌الزهري:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص353.</p> </p>‌<span class="title">‌زيد بن ثابت:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص353.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌س</span></p>‌<span class="title">‌سحنون: هو عبد السلام بن سعيد:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص412.</p> </p>‌<span class="title">‌السخاوي (831 - 902ه</span>ـ)</p>هو محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان، أبو الخير السخاوي، الحافظ شمس الدين، سخاوي الأصل قاهري المولد. فقيه، مقرئ، محدث، مؤرخ، مشارك في الفرائض والحساب والتفسير وأصول الفقه، والميقات. حفظ القرآن الكريم وهو صغير وحفظ كثيراً من المتون، وأذن له غير واحد بالإفتاء والتدريس والإملاء. وأخذ الفقه عن الصالح البدر حسين الأزهري، ومحمد بن أحمد النحريري الضرير، والجلال بن الملقن وابن أسد وغيرهم من الأئمة.</p>من تصانيفه:" القول البديع في أحكام الصلاة على حبيب الشفيع "، و " الغاية في شرح الهداية " و " الجواهر المجموعة " و " المقاصد الحسنة " و " الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع ".</p>[الضوء اللامع 8 / 2، وشذرات الذهب 8 / 15، والأعلام 7 / 67، ومعجم المؤلفين 10 / 150] .</p> </p>‌<span class="title">‌السرخسي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص354.</p> </p>‌<span class="title">‌سعد بن أبي وقاص:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص354.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌سعدي جلبي (؟ - 945ه</span>ـ)</p>هو سعد الله بن عيسى بن أمير خان الرومي، الشهير بسعدي جلبي. فقيه، مفسر، مفتي الديار الرومية. ونشأ على طلب العلم والمعرفة، وأخذ عن خسرو محمد بن فراموز. وحيدر الهروي، وعلي بن أبي بكر المرغيناني صاحب الهداية ومحمد البابرتي صاحب العناية وغيرهم. وصار مدرسا بمدارس قسطنطينية وأدرنه وبرسا.</p>من تصانيفه:" حاشية على العناية شرح الهداية " في فروع الفقه الحنفي، و " حاشية على تفسير البيضاوي " و " رسائل ".</p>[الفوائد البهية 78، والشقائق النعمانية 265، ومعجم المؤلفين 4 / 216] .</p> </p>‌<span class="title">‌سعيد بن جبير:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص354.</p> </p>‌<span class="title">‌سعيد بن المسيب:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص354.</p> </p>‌<span class="title">‌سعيد بن منصور (؟ - 227ه</span>ـ)</p>هو سعيد بن منصور بن شعبة، أبو عثمان، الخراساني المروزي، ويقال: الطالقاني ثم البلخي، ثم المكي المجاور، الإمام الحافظ. روى عن مالك وحماد بن زيد وداود بن عبد الرحمن وابن عيينة وغيرهم. وعنه مسلم وأبو داود والباقون بواسطة يحيى بن موسى وأحمد بن حنبل وغيرهم، وقال أبو حاتم: ثقة من المتقنين الأثبات ممن جمع وصنف، وكان محمد بن عبد الرحيم إذا حدث عنه أثنى عليه، وذكره ابن حبان في الثقات.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٧)</span><hr/></div>وذكر محمد بن أحمد الذهبي في سير أعلام النبلاء له كتاب " السنن ".</p>[تهذيب التهذيب 4 / 89، وميزان الاعتدال 2 / 159، وسير أعلام النبلاء 10 / 586] .</p> </p>‌<span class="title">‌سفيان الثوري:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص345.</p> </p>‌<span class="title">‌ش</span></p>‌<span class="title">‌الشافعي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص355.</p> </p>‌<span class="title">‌الشربيني:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص356.</p> </p>‌<span class="title">‌الشرنبلالي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص356.</p> </p>‌<span class="title">‌شريك: هو شريك بن عبد الله النخعي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج3 ص359.</p> </p>‌<span class="title">‌الشعبي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص356.</p> </p>‌<span class="title">‌الشوكاني: هو محمد بن علي الشوكاني:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص414.</p> </p>‌<span class="title">‌الشيخان:</span></p>تقدمت ترجمتهما في ج1 ص357.</p> </p>‌<span class="title">‌الشيخ تقي الدين ابن تيمية:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص326.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الشيخ خليل:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1‌<span class="title">‌ ص</span>349.</p> </p>‌<span class="title">‌الشيخ عليش:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص414.</p> </p>ص</p>‌<span class="title">‌الصاحبان:</span></p>تقدمت ترجمتهما في ج1 ص357.</p> </p>‌<span class="title">‌صاحب البدائع: </span>ر: الكاساني: تقدمت ترجمته في ج1 ص366.</p> </p>‌<span class="title">‌صاحب الدر المختار: </span>ر: الحصكفي: تقدمت ترجمته في ج1 ص347.</p> </p>‌<span class="title">‌صاحب غاية المنتهى:</span></p>هو مرعي بن يوسف المقدسي، من تصانيفه: توقيف الفريقين على خلود أهل الدين.</p> </p>‌<span class="title">‌صاحب المغني: </span>هو عبد الله بن قدامة: تقدمت ترجمته في ج1 ص333.</p> </p>‌<span class="title">‌صاحب المنتهى: </span>هو محمد بن أحمد بن النجار: تقدمت ترجمته في ج3 ص365.</p> </p>‌<span class="title">‌صالح ابن الإمام أحمد:</span></p>تقدمت ترجمته في ج3 ص360.</p> </p>‌<span class="title">‌الصاوي: هو أحمد بن محمد:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص325.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ض</span></p>‌<span class="title">‌الضحاك: هو الضحاك بن قيس:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص358.</p> </p>‌<span class="title">‌ط</span></p>‌<span class="title">‌طاوس:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص358.</p> </p>‌<span class="title">‌الطبراني:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص415.</p> </p>‌<span class="title">‌الطحاوي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص358.</p> </p>‌<span class="title">‌ع</span></p>‌<span class="title">‌عائشة:</span></p>تقدمت ترجمتهما في ج1 ص359.</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الرحمن بن مهدي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج3 ص362.</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الرحمن بن عوف:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص416.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌عبد الرحمن بن غنم (؟ - 78ه</span>ـ)</p>هو عبد الرحمن بن غنم بن كريز الأشعري، مختلف في صحبته، قال البخاري له صحبة، وقال ابن يونس: كان ممن قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن في السفينة. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمر وعثمان وعلي ومعاذ وأبي عبيدة بن الجراح وأبي هريرة وعبادة بن الصامت وغيرهم، وعنه ابنه محمد وعطية بن قيس وأبو سلام الأسود وصفوان بن سليم وغيرهم. شيخ أهل فلسطين، وفقيه الشام في عصره.</p>وبعثه عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام ليفقه أهلها، وكان كبير القدر، قال أبو مسهر الغساني: هو رأس التابعين. وقيل: هو الذي تفقه عليه التابعون بالشام.</p>[الإصابة 2 / 417، وشذرات الذهب 1 / 84، وسير أعلام النبلاء 4 / 45، وتهذيب التهذيب 6 / 250، والأعلام 4 / 95] .</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الرزاق (126 - 211ه</span>ـ)</p>هو عبد الرزاق بن همام بن نافع، أبو بكر، الصنعاني، الحميري، اليمني. محدث، حافظ، فقيه. روى عن أبيه وعمه وهب ومعمر وعبيد الله بن عمر العمري وعكرمة بن عمار والأوزاعي ومالك وغيرهم، وعنه ابن عيينة ومعتمر بن سليمان ووكيع وأحمد وإسحاق والبخاري. قال أحمد بن صالح المصري: قلت لأحمد بن حنبل: رأيت أحداً أحسن حديثاً من عبد الرزاق؟ قال: لا. وقال أبو زرعة الدمشقي: عبد الرزاق أحد من ثبت حديثه. وكان يحفظ نحواً من سبعة عشر ألف حديث.</p>من تصانيفه: " الجامع الكبير " و " السنن " في الفقه، و " تفسير القرآن " و " المصنف ".</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٩)</span><hr/></div>[تهذيب التهذيب 6 / 310، وشذرات الذهب 2 / 27، ومعجم المؤلفين 5 / 219، والأعلام 4 / 126] .</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الله بن أحمد بن حنبل:</span></p>تقدمت ترجمته في ج3 ص363.</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الله بن أنيس (؟ - 54هـ، وقيل سنة 80)</span></p>هو عبد الله بن أنيس، أبو يحيى، القضاعي، الجهني، المدني حليف الأنصار، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمر وأبي أمامة بن ثعلبة وغيرهم. وعنه ابناه ضمرة وعبد الله وعطية وعمرو وجابر بن عبد الله وغيرهم. هو من القادة الشجعان، شهد العقبة وأحداً وما بعدها، وهو الذي بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن نبيح العنزي فقتله، ويقال: إنه توفي بالشام.</p>[الإصابة 2 / 278، وأسد الغابة 3 / 75، وتهذيب التهذيب 5 / 149، والأعلام 4 / 199] .</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الله بن الزبير:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص359.</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الله بن عكيم </span>(؟ -؟)</p>هو عبد الله بن عكيم، أبو معبد، الجهني، الكوفي، اختلف في سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن بأرض جهينة:</p>" ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ". وروى عن أبي بكر وعمر وعائشة وحذيفة رضي الله عنهم وغيرهم. وعنه زيد بن وهب وعبد الرحمن بن أبي ليلى وابنه عيسى بن عبد الرحمن وغيرهم. قال البخاري: أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعرف له سماع صحيح. وبه قال ابن حبان.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٩)</span><hr/></div>[أسد الغابة 3 / 235، والاستيعاب 3 / 949، والإصابة 2 / 236، وتهذيب التهذيب 5 / 323] .</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الله بن عمر: </span>ر: ابن عمر: تقدمت ترجمته في ج1 ص331.</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الله بن المبارك:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص402.</p> </p>‌<span class="title">‌عثمان بن عفان:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص360.</p> </p>‌<span class="title">‌عطاء:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص360.</p> </p>‌<span class="title">‌عقبة بن عامر:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص417.</p> </p>‌<span class="title">‌عكرمة:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص361.</p> </p>‌<span class="title">‌علقمة بن قيس:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص361.</p> </p>‌<span class="title">‌علي بن أبي طالب:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص361.</p> </p>‌<span class="title">‌علي بن حرب (170 - 265ه</span>ـ)</p>هو علي بن حرب بن محمد بن علي بن حيان، أبو الحسن، الطائي الموصلي. من رجال الحديث المصنفين فيه، أديب، شاعر، وروى عن أبيه وابن عيينة والقاسم بن يزيد الجرمي وعبد الله بن داود وغيرهم، وعنه النسائي وابن أبي حاتم وابن أبي الدنيا والبغوي وغيرهم. وذكره ابن حبان في الثقات، قال ابن السمعاني: ثقة صدوق، وقال الخطيب: كان ثقة ثبتاً.</p>[تهذيب التهذيب 7 / 294، وشذرات الذهب 2 / 150، والأعلام 5 / 78] .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌علي بن المديني:</span></p>ت‌<span class="title">‌ق</span>دمت ترجمته في ج1 ص361.</p> </p>‌<span class="title">‌عمران بن حصين:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص362.</p>‌<span class="title">‌عمر بن الخطاب:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص362.</p> </p>‌<span class="title">‌عمر بن عبد العزيز:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص362.</p> </p>‌<span class="title">‌عمرو بن دينار (36 - 126ه</span>ـ)</p>هو عمرو بن دينار، أبو محمد، الجمحي، المكي، فقيه، كان مفتي أهل مكة. روى عن ابن عباس وابن عمرو بن العاص وأبي هريرة وجابر بن عبد الله وجابر بن يزيد و‌<span class="title">‌غ</span>يرهم. وعنه قتادة وابن جريج وجعفر الصادق ومالك وشعبة وغيرهم، قال شعبة: ما رأيت أثبت في الحديث من عمرو بن دينار، وقال عبد الله بن أبي نجيح: ما رأيت أحداً قط أفقه من عمرو بن دينار لا عطاء ولا مجاهداً ولا طاوساً. قال ابن المديني: له خمسمائة حديث.</p>[تهذيب التهذيب 8 / 28، وسير أعلام النبلاء 5 / 300، والأعلام 5 / 245] .</p> </p>‌<span class="title">‌عمرو بن شعيب:</span></p>تقدمت ترجمته في ج4 ص332.</p> </p>غ</p>‌<span class="title">‌الغزالي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص363.</p> </p>ق</p>‌<span class="title">‌القاضي أبو يعلى:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص364.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌قاضيخان:</span></p>تقد‌<span class="title">‌م</span>ت ترجمته في ج1 ص365.</p> </p>‌<span class="title">‌ا‌<span class="title">‌ل</span>قاضي ز‌<span class="title">‌ك</span>ريا الأنصاري:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص353.</p>ال</p> </p>‌<span class="title">‌قاضي عياض:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص364.</p> </p>‌<span class="title">‌قتادة:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص365.</p> </p>‌<span class="title">‌القرافي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص364.</p> </p>‌<span class="title">‌القرطبي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص419.</p> </p>ك</p>‌<span class="title">‌الكاساني:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص366.</p> </p>‌<span class="title">‌الكرخي: هو عبيد الله بن الحسين:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص366.</p>ل</p>‌<span class="title">‌الليث بن سعد:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص368.</p> </p>م</p>‌<span class="title">‌مالك:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص369.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الماوردي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص369.</p> </p>‌<span class="title">‌مجاهد:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص369.</p> </p>‌<span class="title">‌مجد الدين ابن تيمية (590 - 653ه</span>ـ)</p>هو عبد السلام بن عبد الله بن الخضر بن محمد بن علي ابن تيمية، أبو البركات، مجد الدين الحراني الحنبلي. فقيه، محدث، مفسر، أصولي، نحوي، مقرئ. سمع من ابن سكينة وابن الأخضر وابن طبرز وغيرهم، وتفقه على أبي بكر بن غنيمة والفخر إسماعيل وغيرهما. وكان فرد زمانه في معرفة المذهب الحنبلي، وهو جد الإمام ابن تيمية.</p>من تصانيفه:" تفسير القرآن العظيم "، و " المنتقى في أحاديث الأحكام "، و " المحرر " و " منتهى الغاية في شرح الهداية " و " أرجوزة في القراءات ".</p>[شذرات الذهب 5 / 257، والبداية والنهاية 13 / 185، والأعلام 4 / 129، ومعجم المؤلفين 5 / 221] .</p> </p>‌<span class="title">‌محمد بن أبي ليلى: هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص325.</p> </p>‌<span class="title">‌محمد بن الحسن:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص370.</p> </p>‌<span class="title">‌محمد بن سلمة (؟ - 192ه</span>ـ)</p>هو محمد بن سلمة بن عبد الله، أبو عبد الله، الحراني. فقيه، محدث حران ومفتيها. روى عن هشام بن حسان والزبير بن خريق ومحمد بن إسحاق وغيرهم. وعنه أحمد بن حنبل وعبد الله بن محمد النفيلي وعمرو بن خالد وغيرهم.</p>قال النسائي: ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤١)</span><hr/></div>فاضلاً عالماً له فضل ورواية وفتوى، وذكره ابن حبان في الثقات.</p>[تهذيب التهذيب 9 / 193، وسير أعلام النبلاء 9 / 49، وشذرات الذهب 1 / 329] .</p> </p>‌<span class="title">‌محمد بن شهاب: هو الزهري:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص353.</p> </p>‌<span class="title">‌مرعي الكرمي (؟ - 1033ه</span>ـ)</p>هو مرعي بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد الكرمي المقدسي الحنبلي، محدث فقيه. مؤرخ، أديب، وأخذ عن الشيخ محمد المرداوي وعن القاضي يحيى الحجاوي وأحمد الغنيمي وغيرهم. وهو أحد أكابر علماء الحنابلة بمصر. واشتغل بالإفتاء والتدريس والتحقيق والتصنيف.</p>من تصانيفه:" غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى "، و " دليل الطالب "، و " قائد المرجان في الناسخ والمنسوخ من القرآن "، و " توقيف الفريقين على خلود أهل الدارين ".</p>[خلاصة الأثر 4 / 358، والأعلام 8 / 88، ومعجم المؤلفين 12 / 218] .</p> </p>‌<span class="title">‌المروزي: هو إبراهيم بن أحمد:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص421.</p> </p>‌<span class="title">‌المزني: هو إسماعيل بن يحيى المزني:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص371.</p> </p>‌<span class="title">‌مسروق:</span></p>تقدمت ترجمته في ج3 ص367.</p> </p>‌<span class="title">‌مسلم:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص371.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌مطيع ب‌<span class="title">‌ن </span>الأسود (؟ - توفي في خلافة عثمان)</span></p>هو مطيع بن الأسود بن حارثة بن فضلة القرشي العدوي. كان اسمه العاص، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم مطيعاً. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروى عنه ابنه عبد الله وعيسى بن طلحة بن عبد الله وغيرهم، وهو من المؤلفة قلوبهم وحسن إسلامه، ولم يدرك من (عصاة) قريش الإسلام فأسلم غيره.</p>[الإصابة 3 / 425، وأسد الغابة 4 / 415، وتهذيب التهذيب 10 / 181] .</p> </p>‌<span class="title">‌معاذ بن جبل:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص371.</p> </p>‌<span class="title">‌المقداد بن الأسود: هو المقداد بن عمرو الكندي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج2 ص422.</p> </p>ن</p>‌<span class="title">‌النحاس (؟ - 338ه</span>ـ)</p>هو أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس، أبو جعفر، المرادي، المصري، المعروف بأبي جعفر النحاس، مفسر، فقيه، نحوي، لغوي، أديب، وسمع الكثير وحدث. كان من نظراء نفطويه وابن الأنباري.</p>من تصانيفه:" تفسير القرآن " و " إعراب القرآن " و " ناسخ القرآن ومنسوخه "، و " معاني القرآن "، و " تفسير أبيات سيبويه ".</p>[البداية والنهاية 11 / 222، والنجوم الزاهرة 3 / 300، وشذرات الذهب 2 / 346، ومعجم المؤلفين 20 / 82] .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌النخعي: </span>ر: إبرا‌<span class="title">‌ه</span>يم النخعي: تقدمت ترجمته في ج1 ص325.</p> </p>‌<span class="title">‌النسائي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص372.</p> </p>‌<span class="title">‌الن‌<span class="title">‌و</span>وي:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص373.</p> </p>هـ</p>‌<span class="title">‌هشام بن عروة (61 - 146ه</span>ـ)</p>هو هشام بن عروة بن الزبير بن العوام، أبو المنذر، القرشي الأسدي. تابعي، من أئمة الحديث. من علماء " المدينة " روى عن أبيه وعمه عبد الله بن الزبير وأخويه عبد الله وعثمان وابن عمه عباد بن عبد الله بن الزبير وغيرهم. وعنه أيوب السختياني وعبيد الله بن عمر ومعمر وابن جريج وابن إسحاق وهشام بن حسان وغيرهم. قال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: هشام أحب إليك عن أبيه أو الزهري؟ قال: كلاهما ولم يفضل. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: ثقة إمام في الحديث.</p>[تهذيب التهذيب 11 / 49، وميزان الاعتدال 4 / 301، والأعلام 9 / 85] .</p> </p>و</p>‌<span class="title">‌وائل بن حجر (؟ - نحو 50 ه</span>ـ)</p>هو وائل بن حجر بن سعد بن مسروق بن وائل،</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٣)</span><hr/></div>أبو هن‌<span class="title">‌ي</span>دة، الحضرمي القحطاني، صحابي. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه ابناه علقمة وعبد الجبار وكليب بن شهاب، وغيرهم. قال أبو نعيم الأصبهاني: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فأنزله وأصعده معه على المنبر وأقطعه القطائع وكتب له عهداً، وقال: هذا وائل بن حجر سيد الأقيال جاءكم حباً لله ولرسوله، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بشرَ أصحابه بقدومه قبل أن يصل بأيام، وكان أبوه من ملوك حضرموت، وذكره ابن سعد فيمن نزل الكوفة من الصحابة.</p>[الإصابة 3 / 628، وأسد الغابة 4 / 659، وتهذيب التهذيب 11 / 108، والأعلام 9 / 117] .</p> </p>ي</p>‌<span class="title">‌يحيى بن سعيد الأنصاري:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص374.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٧</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌يحيى بن معين:</span></p>تقدمت ترجمته في ج1 ص374.</p> </p>‌<span class="title">‌يونس بن أبي إسحاق (؟ - 159ه</span>ـ)</p>هو يونس بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله، أبو إسرائيل، الهمداني السبيعي الكوفي، محدث الكوفة، كان أحد العلماء الصادقين، يعد في صغار التابعين. روى عن أبيه وأبي موسى الأشعري وعامر الشعبي والحسن البصري وغيرهم. وعنه ابنه عيسى والثوري وابن المبارك ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم. قال عبد الرحمن بن مهدي: لم يكن به بأس، وقال أبو حاتم: صدوق، لا يحتج به. وقال النسائي: ليس به بأس.</p>[تهذيب التهذيب 11 / 433، وميزان الاعتدال 4 / 482، وأعلام النبلاء 7 / 26، وشذرات الذهب 1 / 247] .</p>648 625</div>
</div></body></html>