الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ. أَوْ كَمَا عَبَّرَ الْبَعْضُ: يَعْرِفُهُ كُل الْمُسْلِمِينَ.
قَال ابْنُ الْهُمَامِ فِي مُسَايَرَةٍ: وَأَمَّا مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الضَّرُورَةِ، كَاسْتِحْقَاقِ بِنْتِ الاِبْنِ السُّدُسَ مَعَ الْبِنْتِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، فَظَاهِرُ كَلَامِ جُمْهُورِ الْحَنَفِيَّةِ الإِْكْفَارُ بِجَحْدِهِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَشْرِطُوا سِوَى الْقَطْعِ فِي الثُّبُوتِ. وَأَمَّا عِنْدَ مَنْ شَرَطَ كَوْنَهُ مَعْلُومًا بِالضَّرُورَةِ فَلَا يَكْفُرُ عِنْدَهُ مَنْ جَحَدَ مِثْل هَذَا الْحُكْمِ.
وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْمَسَائِل الإِْجْمَاعِيَّةَ تَارَةً يَصْحَبُهَا التَّوَاتُرُ عَنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ، وَتَارَةً لَا يَصْحَبُهَا. فَالأَْوَّل يَكْفُرُ جَاحِدُهُ لِمُخَالَفَتِهِ التَّوَاتُرَ لَا لِمُخَالَفَتِهِ الإِْجْمَاعَ. وَنَقَل ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ مِثْل ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ.
وَقَرِيبٌ مِنْ قَوْل مَنِ اشْتَرَطَ فِي الْمَجْحُودِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ قَوْل الْحَنَابِلَةِ، فَإِنَّهُمُ اشْتَرَطُوا لِمَا يَكْفُرُ بِإِنْكَارِهِ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لَا شُبْهَةَ فِيهِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمُنْتَهَى: مَنْ جَحَدَ حُكْمًا ظَاهِرًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ - بِخِلَافِ (نَحْوِ) فَرْضِ السُّدُسِ لِبِنْتِ الاِبْنِ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ، وَكَانَ ذَلِكَ الْحُكْمُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ إِجْمَاعًا قَطْعِيًّا لَا سُكُوتِيًّا؛ لأَِنَّ فِيهِ - أَيِ الإِْجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ - شُبْهَةً، كَجَحْدِ تَحْرِيمِ الزِّنَى، أَوْ جَحْدِ تَحْرِيمِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ، أَوْ مُذَكَّاةِ بَهِيمَةِ الأَْنْعَامِ وَالدَّجَاجِ، وَمِثْلُهُ لَا يَجْهَلُهُ لِكَوْنِهِ نَشَأَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ كَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُهُ وَعَرَفَ حُكْمَهُ، وَأَصَرَّ عَلَى الْجَحْدِ، كَفَرَ (1) .
(1) ابن عابدين 3 / 284، والإعلام بقواطع الإسلام لابن حجر الهيتمي، مطبوع مع الزواجر له 2 / 352 - 354، وشرح المنهاج مع حاشية القليوبي وعميرة 4 / 175، وشرح منتهى الإرادات 3 / 386.
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَحْتَ عُنْوَانِ (رِدَّةٌ) .
ثَانِيًا الإِْنْكَارُ فِي الْمُنْكَرَاتِ
28 -
إِنْكَارُ الْمُنْكَرِ هُوَ النَّهْيُ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ بِالْيَدِ أَوِ بِاللِّسَانِ، أَوْ بِالْقَلْبِ. فَمَنْ رَأَى حُدُودَ اللَّهِ تُنْتَهَكُ شُرِعَ لَهُ التَّغْيِيرُ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (1) وَقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِْيمَانِ (2) .
وَتَفْصِيل الْقَوْل فِي هَذَا الأَْمْرِ، وَبَيَانِ آدَابِ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ يُنْظَرُ تَحْتَ عُنْوَانِ. (الأَْمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ) .
هَذَا، وَإِنَّ تَرْكَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الإِْنْكَارَ عَلَى مَا يَرَاهُ مِنَ الأَْفْعَال، أَوْ مَا يَسْمَعُهُ مِنَ الأَْقْوَال، يَدُل عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ الْفِعْل أَوِ الْقَوْل، وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ شَرْعًا. وَهَذَا التَّرْكُ هُوَ أَحَدُ أُصُول الأَْدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، وَيُسَمِّيهِ الأُْصُولِيُّونَ (الإِْقْرَارَ) أَوِ (التَّقْرِيرَ) وَيُنْظَرُ تَفْصِيل مَبَاحِثِهِ تَحْتَ عُنْوَانِ (تَقْرِيرٌ) وَفِي بَابِ (السُّنَّةِ) مِنَ الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
(1) سورة آل عمران / 104.
(2)
حديث: " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده. . . . . " أخرجه مسلم (1 / 69 - ط الحلبي) .