الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصحف على/ مصحف أبى/ مصحف ابن مسعود/ مصحف ابن عباس/ مصحف حبشى صادق (104) الصافات/ الفلق/ إذا جاء نصر الله/ الحجرات/ المنافقون (105) الأحقاف/ الناس/ الكوثر/ التحريم/ المجادلة (106) الفتح// الكافرون/ التغابن/ الحجرات (107) الطور// المسد/ الصف/ التحريم (108) النجم// قل هو الله أحد/ المائدة/ الصف (109) الصف/// التوبة/ الجمعة (110) التغابن/// النصر/ التغابن (111) الطلاق/// الواقعة/ الفتح (112) المطففين// والعاديات/ التوبة (113) المعوذتين/// الفلق/ المائدة/// الناس/
وهذا جزء الأنفال
8- الحكمة فى نزول القرآن منجّما
وفيما بين السابع عشر من رمضان- من السنة الحادية والأربعين من ميلاد الرسول، وكان بدء نزول الوحى، وإلى ما قبل موته صلى الله عليه وسلم بأيام لا تجاوز الواحد والثمانين ولا تنقص عن العشرة، وكان آخر ما نزل من الوحى، أى فى نحو من إحدى وعشرين سنة، أو على الأصح فى نحو من ثمانى عشرة سنة، بإسقاط المدة التى فتر فيها الوحى والتى بلغت ثلاث سنين- نزل هذا القرآن منجّما يشرّع للناس، ويتابع الأحداث، ويجيب ويبين. قال تعالى: وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً «1» .
وقال تعالى: وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا «2» .
وما كانت حكمة السماء تقضى إلا بهذا مع أمة يراد لها التحول من عقائد إلى عقيدة، والخروج من وثنية إلى دين، ومن أوهام وظنون إلى منطق وحق، ومن جحود إلى إيمان.
تلك خطوة أولى كان من الحكمة أن تبدأ بها الدعوة وتفرغ لها، حتى إذا ما ضمت الناس على الطريق
(1) الفرقان: 33.
(2)
الإسراء: 106.
أخذتهم بما تحمى إيمانهم به، فحاطتهم بعبادات وألزمتهم بواجبات، والناس لا يمضون فيما يجدّ عليهم خرسا لا ينطقون، وعميا لا ينظرون، وغفلا لا يتدبّرون، بل هم عن كل ما يعرض لهم سائلون، والوحى يتابعهم فى كل ما يستفسرون عنه، إذ به تمام الرسالة.
ثم إن هذه الدعوة السماوية بدأت جهادا وعاشت جهادا، أملته الأيام وتمخضت عنه الأعوام، وهو وإن كان فى علم السماء قبل أن يقع لكنّه كان على علم الناس جديدا لم يقع، وكان لا بد أن يلقونه مع زمانه وأوانه.
ثم ما أكثر ما أخذ الناس وأعطوا فى ظلّ الدعوة لتثبت أركانها فى نفوسهم، وهذا- وإن كان فى علم السماء قبل أن يقع- لكنّه كان على حياة الناس جديدا لم يقع، وكان لا بد أن يلقنوا بيانه مع زمانه وأوانه.
وهكذا لم تكن الرسالة كلمة ساعتها، وإنما كانت كلمات أعوام ثمانية عشر، وكانت هذه الكلمات كلها فى علم السماء وفى اللوح المحفوظ، ولكنها نزلت إلى علم الناس مع زمانها وأوانها.
لهذا نزل القرآن منجّما.
ولقد خال المشركون أن دعوة الرسول إليهم كلمة، وأن صفحته معهم صفحة، وفاتهم أن الدعوة معها خطوات، وأن هذه الخطوات معها جديد على علمهم لا على علم السماء، وما أحوجهم مع كل جديد إلى بيان، ومن أجل هذا الذى فاتهم استنكروا أن ينزل القرآن منجّما وقالوا: لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً «1» ، وكان جواب السماء عليهم: كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا «2» أى:
جعلنا بعضه فى إثر بعض، منه ما نزل ابتداء، ومنه ما نزل فى عقب واقعة أو سؤال، ليكون فى تتابعه مع الأحداث، وما تثيره من شكوك، ما يردّ النفوس إلى طمأنينة، والأفئدة إلى ثبات.
وإنك لو تتبّعت أسباب النّزول فى القرآن ومواقع الآيات لتبينت أن رسالة الرسول لم تكن جملة واحدة ليكون القرآن جملة واحدة، بل كانت أحداثا متلاحقة تقتضى كلمات متلاحقة.
فلقد نزلت آية الظّهار فى سلمة بن صخر، ونزلت آية اللّعان فى شأن هلال بن أمية، ونزلت آية حدّ القذف فى رماة عائشة، ونزلت آية القبلة بعد الهجرة وبعد أن استقبل المسلمون بيت المقدس بضعة
(1) الفرقان: 32.
(2)
الفرقان: 32.