الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(41)
آيتان فى الأحقاف (42) آيتان فى محمد (43) آيتان فى ق (44) آيتان فى الذاريات (45) آيتان فى الطور (46) آيتان فى النجم (47) آية واحدة فى القمر (48) آية واحدة فى المجادلة (49) ثلاث آيات فى الممتحنة (50) آيتان فى القلم (51) آيتان فى المعارج (52) ست آيات فى المزمل (53) آيتان فى الإنسان (54) آية واحدة فى عبس (55) آية واحدة فى التكوير (56) آية واحدة فى الطارق (57) آية واحدة فى الغاشية (58) آية واحدة فى التين (59) آية واحدة فى العصر (60) آية واحدة فى الكافرين وسوف نرى أن كل ما يتصل بها هو ترتّب أحكام اقتضاها التّشريع السماوى الذى أملاه نزول القرآن مجزءا بوفق أحوال المسلمين وتدرّجهم فى الحياة، الأمر الذى قد منا عنه حديثا عند الكلام على نزول القرآن مجزّءا لا جملة واحدة «1» .
23- المحكم والمشابه والحروف المقطعة فى أوائل السور
يذهب العلماء فى المحكم والمتشابه مذاهب، ويفرعها ابن حبيب النيسابورى إلى أقوال ثلاثة:
أولها: أن القرآن كله محكم، لقوله تعالى: كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ 11: 1 ثانيها: أنه كله متشابه، لقوله تعالى: كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ 39: 23 ثالثها: انقسامه إلى محكم ومتشابه، لقوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ، هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ 3: 7 وكما اختلفوا فى هذه اختلفوا فى معنى المحكم ومعنى المتشابه، فقيل:
المحكم: ما عرف المراد منه، إما بالظهور وإما بالتأويل.
والمتشابه: ما استأثر الله بعلمه، كقيام الساعة، وخروج الدجال، والحروف المقطعة فى أوائل السور.
وقيل:
المحكم: ما وضح معناه، والمتشابه، نقيضه.
(1) انظر باب الناسخ والمنسوخ.
(م 25- الموسوعة القرآنية- ج 1)
وقيل:
المحكم: ما لا يحتمل من التأويل إلا وجها واحدا، والمتشابه: ما احتمل أوجها.
وقيل:
المحكم: ما كان معقول المعنى، والمتشابه بخلافه، كأعداد الصلوات، واختصاص الصيام برمضان دون شعبان.
وقيل:
المحكم: ما استقل بنفسه، والمتشابه: ما لا يستقل بنفسه إلا برده إلى غيره.
وقيل:
المحكم: ما لم تكرر ألفاظه، ويقابله المتشابه.
وقيل:
المحكم: الفرائض، والوعد، والوعيد، والمتشابه: القصص والأمثال.
وقيل:
المحكم: ناسخه، وحلاله، وحرامه، وحدوده، وفرائضه، وما يؤمن به ويعمل به.
والمتشابه: منسوخه ومقدمه ومؤخره وأمثاله وما يؤمن به ولا يعمل به.
وقيل:
المحكم: الحلال والحرام، وما سوى ذلك منه فهو متشابه، يصدق بعضه بعضا.
ثم اختلفوا بعد هذين فى المتشابه، هل يمكن الاطلاع على علمه، أولا يعلمه إلا الله؟
وكان مرد هذا إلى اختلافهم فى تفسيرهم قوله تعالى: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ 3: 7 منهم من جعل الواو للاستئناف، وعلى هذا يكون السياق: والراسخون فى العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا.
ومنهم من جعلها للعطف، وعلى هذا يكون السياق: والراسخون فى العلم يعلمون تأويله ويقولون آمنا «1» .
ويقول ابن قتيبة «2» : إن الله لم ينزّل شيئا من القرآن إلا لينفع به عباده، ويدل به على معنى أراده.
ويقول: فلو كان المتشابه لا يعلمه غيره للزمنا للطاعن مقال، وتعلّق علينا بعلّة.
(1) الإتقان (2: 2) .
(2)
تأويل مشكل القرآن (72- 73) .
ويمضى ابن قتيبة فى حديثه فيقول: وهل يجوز لأحد أن يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف المتشابه، وإذا جاز أن يعرف مع قوله تعالى: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ جاز أن يعرفه الرّبانيون من صحابته.
فقد علّم «عليّا» التّفسير، ودعا لابن عباس فقال: اللهم علّمه التأويل وفقّهه فى الدين.
ثم يقول ابن قتيبة: وبعد. فإنا لم نر المفسرين توقّفوا عن شىء من القرآن فقالوا: هذا متشابه لا يعمله إلا الله: بل أمرّوه كله على التفسير حتى فسروا الحروف المقّطعة فى أوائل السور.
ويقول ابن قتيبة فى تفسير قوله تعالى: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ «1» : فإن قال قائل: كيف يجوز فى اللغة أن يعلمه الرسخون فى العلم، وأنت إذا أشركت الراسخين فى العلم انقطعوا عن «يقولون» ، وليست هاهنا فى نسق توجب للراسخين فعلين؟ قلنا له: إنّ «يقولون» هاهنا فى معنى الحال، كأنه قال:«والراسخون فى العلم قائلين آمنا به» .
«2» ثم اختلفوا بعد هذا فى تفسير الحروف المقطعة.
1-
فمنهم من يجعلها أسماء للسور، تعرف كل سورة بما افتتحت به منها، فهى أعلام تدل على ما تدل عليه الأسماء من أعيان الأشياء وتفرّق بينها، فإذا قال القائل: قرأت «المص» ، أو قرأت «ص» ، أو «ن» دل بذلك على ما قرأ.
ولا يرد هذا أن بعض هذه الأسماء يقع لعدة سور، مثل، «حم» و «الم» ، إذ من الممكن التمييز بأن يقول: حم السجدة، و «الم» البقرة، كما هى الحال عند وقوع الوفاق فى الأسماء، فتميّزها بالإضافات، وأسماء الآباء، والكنى.
2-
ويجعلها بعضهم للقسم، وكأن الله عز وجل أقسم بالحروف المقطّعة كلها، واقتصر على ذكر بعضها من ذكر جميعها، فقال «الم» ، وهو يريد جميع الحروف المقطّعة، كما يقول القائل: تعلمت «أب ت ث» وهو لا يريد تعلّم هذه الأحرف دون غيرها من الثمانية والعشرين.
ولقد أقسم الله بحروف المعجم لشرفها وفضلها، إذ هى مبانى كتابه المنزل على رسوله.
3-
ويجعلها بعضهم حروفا مأخوذة من صفات الله تعالى، ويكون هذا فنّا من فنون الاختصار عند العرب.
(1) آل عمران: 7.
(2)
تأويل مشكل القرآن (230- 239) لسان العرب (1: 4- 6) .
وهذا الاختصار عند العرب كثير، يقول الوليد بن عقبة، من رجز له:
قلت لها قفى
…
فقالت قاف
أى قالت: وقد وقفت، فأومأ بالقاف إلى معنى الوقوف.
وعلى هذا يجعل المفسرون كل حرف من هذه الحروف يشير إلى صفة من صفات الله.
فيقول ابن عباس مثلا فى تفسير قوله تعالى: كهيعص إن الكاف من كاف، والهاء من هاد، والياء من حكيم، والعين من عليم، والصاد من صادق.
هذا مجمل ما ذهب إليه المفسرون القدامى فى معانى هذه الحروف المقطعة وفى كل منها مقنع.
أما ما ذهب إليه المحدثون فى هذا فحسبك ما انتهى إليه «على نصوح الطاهر» فى كتابه «أوائل السور فى القرآن الكريم» . وإليك مجمل ما قال فى خاتمة كتابه:
1-
إن أوائل السور تقوم على حساب الجمل.
2-
إنها تبين عدد الآيات المكية أيام كان القرآن يخشى عليه من أعدائه فى مكة من أن يزيدوا فيه أو أن ينقصوا منه، ودليله على ذلك.
(ا) أنها وردت مع تسع وعشرين سورة من سور القرآن.
(ب) من هذه السور سبع وعشرون مكية واثنتان مدنيتان، هما البقرة وآل عمران.
(ح) أن هاتين السورتين المدنيتين نزلتا فى أوائل العهد المدنى، ولم يكن قد استقر أمر المسلمين كثيرا، فهو عهد أشبه بعهد مكة.
(د) أنه حين اشتد أمر المسلمين، وكانت كثرة من القارئين والكاتبين، لم تكن ثمة حروف مقطعة فى فواتح سور.
ولقد تتبع فى كتابه «أوائل السور فى القرآن الكريم» السّور ذات الفواتح، وطابق بين جملها والآيات المكية بها فإذا هو ينتهى إلى رأى شبه قاطع.
هذا مجمل ما للسلف عن المتشابه والمحكم عامة، ثم مجمل ما للسلف والخلف من المحدثين عن الحروف المقطعة فى أوائل السور خاصة.
وتكاد أراء السلف عن الشق الأول تملى تعقيبا، فالآيات الثلاث التى فرعوا عليها أحكامهم تكاد تكون كل آية منها لمعنى قائم بذاته.