الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن أمية بن خلف: لا تفعلوا، فإن القوم قد حربوا، وقد خشينا أن يكون لهم قتال غير الذى كان، فارجعوا، فرجعوا،
فقال النبى صلى الله عليه وسلم، وهو بحمراء الأسد، حين بلغه أنهم هموا بالرجعة: والذى نفسى بيده، لقد سومت لهم حجارة، لو صبحوا بها لكانوا كأمس الذاهب.
وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فى جهة ذلك، قبل رجوعه إلى المدينة، معاوية بن المغيرة بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس، وهو جد عبد الملك ابن مروان، أبو أمه عائشة بنت معاوية، وأبا عزة الجمحى، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسره ببدر، ثم منّ عليه، فقال: يا رسول الله، أقلنى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله لا تمسح عارضيك بمكة بعدها وتقول:
خدعت محمدا مرتين، اضرب عنقه يا زبير. فضرب عنقه.
وكان يوم أحد يوم بلاء ومصيبة وتمحيص، اختبر الله به المؤمنين، ومحن به المنافقين، وممن كان يظهر الإيمان بلسانه، وهو مستخف بالكفر فى قلبه، ويوما أكرم الله فيه من أراد كرامته بالشهادة من أهل ولايته.
وكان جميع من استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار خمسة وسبعين رجلا.
69- يوم الرجيح
وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أحد رهط من عضل والقارة
فقالوا: يا رسول الله، إن فينا إسلاما، فابعث معنا نقرا من أصحابك يفقهوننا فى الدين، ويقرئوننا القرآن، ويعلموننا شرائح الإسلام. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم نفرا ستة من أصحابه، وهم مرثد بن أبى مرثد الغنوى، حليف حمزة بن عبد المطلب، وخالد بن البكير الليثى، حليف بنى عدى بن كعب، وعاصم بن ثابت بن أبى الأقلح، أخو بنى عمرو بن عوف ابن مالك بن الأوس، وخبيب بن عدى، أخو بنى جحجبى بن كلفة بن عمرو بن عوف، وزيد بن الدثنة بن معاوية، أخو بنى بياضة بن عمرو بن زريق ابن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج، وعبد الله بن طارق، حليف بنى ظفر بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على القوم مرثد بن أبى مرثد الغنوى، فخرج مع القوم، حتى إذا كانوا على الرجيع، ماء لهذيل بناحية الحجاز، على صدور الهداة «1» غدروا بهم، فاستصرخوا عليهم هذيلا، فلم يرع القوم وهم فى رحالهم، إلا الرجال بأيديهم السيوف، قد غشوهم، فأخذوا أسيافهم ليقاتلوهم، فقالوا لهم: إنا والله ما نريد قتلكم، ولكنا نريد أن نصيب بكم شيئا من أهل مكة، ولكم عهد الله وميثاقه ألا نقتلكم.
فأما مرثد بن أبى مرثد، وخالد بن البكير، وعاصم بن ثابت، فقالوا:
والله لا نقبل من مشرك عهدا ولا عقدا أبدا.
فلما قتل عاصم أرادت هذيل أخذ رأسه، ليبيعوه من سلافة بنت سعد ابن شهيد، وكانت قد نذرت حين أصاب ابنيها يوم أحد: لئن قدرت على
(1) بين موضع عسفان ومكة. [.....]
رأس عاصم، لتشربن فى قحفه الخمر، فمنعته الدبر «1» ، فلما حالت بينه وبينهم الدبر قالوا: دعوه يمسى، فنذهب عنه، فنأخذه. فبعث الله الوادى، فاحتمل عاصما، فذهب به. وقد كان عاصم قد أعطى الله عهدا ألا يمسه مشرك، ولا يمس مشركا أبدا، تنجسا، فكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول، حين بلغه:
إن الدبر منعته: يحفظ الله العبد المؤمن، كان عاصم نذر ألا يمسه مشرك ولا يمس مشركا أبدا فى حياته، فمنعه الله بعد وفاته كما امتنع منه فى حياته.
وأما زيد بن الدثنة وخبيب بن عدى، وعبد الله بن طارق، فلانوا ورقوا، ورغبوا فى الحياة، فأعطوا بأيديهم، فأسروهم، ثم خرجوا إلى مكة، ليبيعوهم بها، حتى إذا كانوا بالظهران انتزع عبد الله بن طارق يده من القران «2» ، ثم أخذ سيفه واستأخر عنه القوم، فرموه بالحجارة حتى قتلوه، فقبره رحمه الله، بالظهران.
وأما خبيب بن عدى وزيد بن الدثنة، فقدموا بهما مكة، فابتاع خبيبا حجير بن أبى إهاب التميمى، حليف بنى نوفل، لعقبة بن الحارث بن عامر نوفل، وكان أبو إهاب أخا الحارث بن عامر لأمه، ليقتله بأبيه.
وأما زيد بن الدثنة فابتاعه صفوان بن أمية، ليقتله بأبيه، أمية بن خلف، وبعث به صفوان بن أمية مع مولى له، يقال له نسطاس، إلى التنعيم، وأخرجوه من الحرم ليقتلوه، واجتمع رهط من قريش، فيهم أبو سفيان بن حرب، فقال
(1) الدبر: الزنابير والنحل.
(2)
القران: الحبل.