الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له أبو سفيان، حين قدم ليقتل: أنشدك الله يا زيد، أتحب أن محمدا عندنا الآن فى مكانك نضرب عنقه، وأنك فى أهلك؟ قال: والله ما أحب أن محمدا الآن فى مكانه الذى هو فيه، تصيبه شوكة تؤذيه، وأنى جالس فى أهلى. فقال أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا، ثم قتله نسطاس، يرحمه الله.
ثم خرجوا بخبيب، حتى إذا جاءوا به إلى التنعيم ليصلبوه، قال لهم:
إن رأيتم أن تدعونى حتى أركع ركعتين، فافعلوا، قالوا: دونك فاركع.
فركع ركعتين أتمهما وأحسنهما، ثم أقبل على القوم، فقال: أما والله لولا أن تظنوا أنى إنما طولت جزعا من القتل، لاستكثرت من الصلاة.
فكان خبيب بن عدى أول من سن هاتين الركعتين عند القتل للمسلمين.
ثم رفعوه على خشبة، فلما أو ثقوه، قال: اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك، فبلغه الغداة ما يصنع بنا، ثم قال: اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحدا. ثم قتلوه رحمه الله.
70- حديث بئر معونة
فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقية شوال وذا القعدة وذا الحجة، ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحاب بئر معونة فى صفر، على رأس أربعة أشهر من أحد.
وقدم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر ملاعب الأ سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام، ودعاه، فلم يسلم ولم يبعد من الإسلام، وقال: يا محمد، لو بعثت رجالا من
أصحابك إلى أهل نجد، فدعوهم إلى أمرك، رجوت أن يستجيبوا لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنى أخشى عليهم أهل نجد، قال أبو براء:
أنا لهم جار، فابعثهم، فليدعوا الناس إلى أمرك.
فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو، أخا بنى ساعدة، فى أربعين رجلا من أصحابه من خيار المسلمين. فساروا حتى نزلوا بئر معونة، وهى بين أرض بنى عامر وحرة بنى سليم، كلا البلدين منها قريب، وهى إلى حرة بنى سليم أقرب.
فلما نزلوها بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى عدو الله عامر بن الطفيل، فلما أتاه لم ينظر فى كتابه، حتى عدا على الرجل فقتله، ثم استصرخ عليهم بنى عامر، فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم إليه، وقالوا:
لن نخفر أبا براء، وقد عقد لهم عقدا وجوارا، فاستصرخ عليهم قبائل من بنى سليم، فأجابوه إلى ذلك، فخرجوا حتى غشوا القوم، فأحاطوا بهم فى رحالهم، فلما رأوهم أخذوا سيوفهم، ثم قاتلوهم حتى قتلوا من عند آخرهم، يرحمهم الله، إلا كعب بن زيد، فإنهم تركوه وبه رمق، فعاش حتى قتل يوم الخندق شهيدا رحمه الله.
وكان فى سرح القوم عمرو بن أمية الضمرى، ورجل من الأنصار، فلم ينبئهما بمصاب أصحابهما إلا الطير تحوم على العسكر، فقالا: والله إن لهذه الطير لشأنا، فأقبلا لينظرا، فإذا القوم فى دمائهم، وإذا الخيل، التى أصابتهم واقفة، فقال الأنصارى لعمرو بن أمية: ما ترى؟ قال! أرى أن نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، فنخبره الخبر، فقال الأنصارى: لكنى ما كنت لأرغب بنفسى عن موطن قتل فيه المنذر بن عمرو، وما كنت لتخبرنى عنه الرجال، ثم قاتل القوم حتى قتل.