الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناس إلى أبى بكر، فقالوا له: هل لك يا أبا بكر فى صاحبك؟ يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع إلى مكة. فقال لهم أبو بكر: والله لئن كان قاله لقد صدق، فما يعجبكم من ذلك، فو الله إنه ليخبرنى أن الخبر ليأتيه من الله من السماء إلى الأرض فى ساعة من ليل أو نهار فأصدقه، فهذا أبعد مما تعجبون منه. ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبى الله، أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة؟
قال: نعم. قال: يا نبى الله، فصفه لى، فإنى قد جئته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فرفع لى حتى نظرت إليه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفه لأبى بكر، ويقول أبو بكر: صدقت، أشهد أنك رسول الله، كلما وصف له منه شيئا، قال: صدقت، أشهد أنك رسول الله، حتى إذا انتهى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى بكر: وأنت يا أبا بكر الصديق فيومئذ سماه الصديق.
47- خروج الرسول إلى الطائف
ولما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن تنال منه فى حياة عمه أبى طالب، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، يلتمس النصرة من ثقيف، والمنعة بهم من قومه.
ورجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله عز وجل، فخرج إليهم وحده.
ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف عمد إلى نفر من ثقيف هم يومئذ سادة ثقيف، وأشرافهم، وهم إخوة ثلاثة: عبد باليل بن عمرو
ومسعود بن عمرو بن عمير، وحبيب بن عمرو بن عمير، فجلس إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الله، وكلمهم بما جاءهم له من نصرته على الإسلام، والقيام معه على من خالفه من قومه. فقال له أحدهم: هو ينزع ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك. وقال الآخر: أما وجد الله أحدا يرسله غيرك؟ وقال الثالث: والله لا أكلمك أبدا، لئن كنت رسولا من الله كما تقول، لا أنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على الله، ما ينبغى لى أن أكلمك.
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم وقد يئس من خير ثقيف، وقد قال لهم: إذا فعلتم ما فعلتم فاكتموا عنى.
وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ قومه عنه فيثيرهم ذلك عليه.
فلم يفعلوا، وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم، وألجئوه إلى بستان لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، وهما فيه، ورجع عنه من سفهاء ثقيف من كان يتبعه، فعمد إلى ظل شجرة من عنب، فجلس فيه، وابنا ربيعة ينظران إليه، ويريان ما لقى من سفهاء أهل الطائف.
فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم إليك أشكو ضعف قوّتى، وقلّة حيلتى، وهوانى على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربى، إلى من تكلنى؟ إن لم يكن بك علىّ غضب فلا أبالى، ولكن عافيتك هى أوسع لى، أعوذ بنور وجهك الذى أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل بى غضبك، أو يحل على سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك.
فلما رآه ابنا ربيعة: عتبة وشيبة، وما لقى، تحركت له رحمهما «1» ، فدعوا
(1) الرحم: الصلة والقرابة.
(م 6- الموسوعة القرآنية- ج 1) .