الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمثاله. وكان عاقلاً مهيباً كثير الوقار لا يتكلم أحد في مجلسه إلا بمسألة علم أو كلام فيه نفع. وألف مختصر ابن أبي زمنين فنحا فيه أحسن منحى. وكانت وفاته في? جمادى الأولى من عام 513.
أبو عبدالله التميمي
الفقيه القاضي أبو عبدالله محمد بن عيسى بن حسين التميمي
، مولده بفاس سنة 429 وانتقل به أبوه إلى سبتة وهو شاب؛ فطلب العلم على أبي عبدالله المسيلي وغيره. ورحل إلى الأندلس ثلاث رحل، إحداها في شبيبته إلى إشبيلية؛ فقرأ بها الأدب على أبي بكر بن القصيرة، والثانية إلى المرية سنة 480 فأخذ عن ابن المرابط وأجازه الدلائي، والثالثة بسنة 88 إلى قرطبة فسمع من ابن الطلاع وأبي مروان بن سراج وغيرهما. واتسع في الأخذ وتقلد الشورى وتولى القضاء بسبتة وبفاس، وكان عارفاً بالفقه والحديث حافظاً ضابطاً كثير الكتب مليح الخط والإنشاء والمحاضرة، من أعقل أهل زمانه وأفضلهم وأسمتهم، تام الفضل، كامل المروءة عند الخاصة والعامة، عظيم القدر، وهو شيخ
القاضي عياض
الذي صدر به فهرسته، لازمه للمناظرة عليه في المدونة والموطأ وسماع المصنفات وأجازه جميع رواياته. قال: وكان من أحسن القضاة سيرة وأنزههم، وأجرأهم على الطريقة القوية، فمضى فقيراً حميداً واحتفل الناس بجنازته. وولع العامة بنعشه مسحاً بالأكف ولمساً بأطراف الثياب تبركاً به رحمة الله عليه. توفي في 21 جمادى الأولى سنة 505 وله ولد أسمه عبد الله من أهل العلم بالحديث والرواية والإتقان.
القاضي عياض
هو أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي
. كان إمام وقته في الحديث وعلومه، عالم بالتفسير وجميع علومه فقيهاً أصولياً عالماً بالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم، كاتباً شاعراً مجيداً، ريان من علم الأدب، خطيباً بليغاً، صبوراً حليماً جميل العشرة جواداً سمحاً كثير الصدقة دؤوباً على العمل صلباً في الحق. هكذا وصفه ابن فرحون في الديباج.
دخل الأندلس ورجل إلى الجزائر الشرقية منها طالباً للعلم وأكثر الأخذ فنافت شيوخه على المائة، فيهم القاضي أبو بكر ابن العربي وأبو الوليد ابن رشد الجد وابن عتاب وابن حمدين والمازري وأبو علي الصدفي وغيرهم. وفي قلائد العقيان كتاب توصية به من أمير المسلمين إلى ابن حمدين لما قصده للأخذ عنه. وهذه من المناقب التي تروي المرابطين في الاعتناء بالعلم والاهتمام بنشره.
قال ابن بشكوال: وجمع من علوم الحديث كثيراً وله عناية كبيرة به واهتمام بجمعه وتقييده، وهو من أهل التفنن في العلم واليقظة والفهم.
وبعد عودته من الأندلس أجلسه أهل سبتة المناظرة عليه في المدونة وهو ابن ثلاثين سنة أو ينيف عليها. ثم أجلس الشورى ثم ولي قضاء بلده مدة طويلة حمدت سيرته فيها. ثم نقل إلى قضاء غرناطة، قال ابن الخطيب: وبني الزيادة الغربية في الجامع الأعظم وبني في جبل المينا الراتبة الشهيرة.
ولما ظهر أمر الموحدين بادر إلى الدخول في طاعتهم، ثم انحرف عنهم لما اضطربت أحوالهم بثورة ابن هود؛ فنقلوه إلى مراكش شرداً به عن بلده، وبها توفي سنة 544 ومولده بسبتة في شعبان 496.
وللقاضي عياض التصانيف البديعة منها إكمال المعلم في شرح مسلم كمل به معلم شيخه المازري. ومنها كتاب الشفا في التعريف بحقوق المصطفى، أبدع فيه كل الإبداع وسلم له أكفاؤه براعته فيه، ولم ينازعه أحد في الانفراد به ولا أنكروا عليه مزية السبق إليه، بل تشوفوا للظفر به وأنصفوا في الاستفادة منه وحمله عنه الناس فطارت نسخه شرقاً وغرباً. وهو في الحقيقة كتاب فريد، دحض به مزاعم الملاحدة ومطاعنهم على المقام النبوي الشريف، وأتى في ذلك بالعجب العجاب مما لا ينكره إلا أعمى القلب مطموس البصيرة. ومنها مشارق الأنوار في تفسير غريب الحديث المختص بالصحاح الثلاثة: وهي الموطأ والبخاري ومسلم، وضبط الألفاظ والتنبيه على مواضع الأوهام والتصحيفات وضبط أسماء الرجال. وهو كتاب لو كتب بالذهب لكان قليلاً في حقه. ومما قيل فيه شعراً:
مشارق أنوار تبدت بسبتة
…
ومن عجب كون المشارق بالغرب