المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الْغَصْبِ ــ كتاب الغصب قال الجوهري: هو أخذ الشيء ظلمًا، فيدخل فيه - النجم الوهاج في شرح المنهاج - جـ ٥

[الدميري]

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الْغَصْبِ ــ كتاب الغصب قال الجوهري: هو أخذ الشيء ظلمًا، فيدخل فيه

‌كِتَابُ الْغَصْبِ

ــ

كتاب الغصب

قال الجوهري: هو أخذ الشيء ظلمًا، فيدخل فيه المأخوذ بسرقة أو محاربة أو اختلاس، ولا يمتنع أن يسمى غصبًا وإن اختص بأسماء، كما يسمى بيع أحد النقدين بالآخر صرفًا وإن شمله اسم البيع.

وهو من كبائر الذنوب، واشترط الهروي فيه أن يكون نصابًا، ونقل الماوردي الإجماع على فسق فاعله وكفر مستحله.

والأصل في تحريمه آيات منها: قوله تعالى: {ويل للمطففين} .

وفي (الصحيحين)[خ105 - م1218]: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم).

وافتتحه في (المحرر) بقوله تعالى: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} ومعناها: لا يأكل بعضكم أموال بعض بالباطل.

قال: وفي الحديث: (على اليد ما أخذت حتى تؤديه) وأيضًا: (من غصب شبرًا من أرض طوقه من سبع أرضين يوم القيامة) فأما الحديث الأول .. فرواه الأربعة والحاكم عن الحسن عن سمرة رضي الله عنه، والثاني في (الصحيحين)[خ2453 - م1610] وغيرهما بلفظ (من ظلم) و (من أخذ) وهو يعم الغصب، وأما لفظ (غصب) .. ففي كتب الفقهاء.

والآيات والأحاديث في الباب كثيرة.

ص: 167

هُوَ: الاِسْتِيلَاءُ عَلَى حَقَّ الْغَيْرِ عُدْوَانًا،

ــ

قال: (هو: الاستيلاء على حق الغير عدوانًا).

(الاستيلاء): الغلبة على الشيء، تقول استولى زيد على كذا إذا صار في يده.

وقوله: (حق الغير) أشمل من قول غيره: مال غيره؛ إذ يدخل فيه ما يجري مجرى المال كالكلب وجلد الميتة والسرجين وحبة الحنطة، وحق التحجر، والمنافع كإقامة من قعد في المسجد أو موات أو استحق سكنى بيت برباط.

أما الفواسق كالغرب ونحوه .. فلا ملك فيها لأحد ولا يد ولا اختصاص، فلا يجب ردها على من أخذت منه، كذا نقله الرافعي في (كتاب ضمان البهائم) عن الإمام وأقره.

ودخول الألف واللام على (غير) قليل في اللغة كثير في ألسنة الفقهاء، وقد عده الحريري لحنًا.

وخرج بقوله: (عدوانًا) المقبوض بالعقود مضمونًا كان أو غير مضمون كالعارية والوديعة، والأمانات كاللقطة وما ألقته الريح.

وهذا الحد غير جامع؛ لخروج ما إذا أخذ مال غيره وهو يظنه له .. فإنه يضمنه ضمان المغصوب وليس بعدوان فلو قال: (بغير حق) كما نقل القاضي والإمام .. لا طرد، ولا مانع لدخول السرقة فلو زاد:(جهرًا) كما استحسنه في (الشرح الصغير) .. لانعكس.

ثم لفظ الاستيلاء يقتضي: أنه لو كان له أشجار فأراد سوق الماء إليها فمنعه ظالم حتى تلفت .. لا يضمن؛ لأنه لم يستول، وهو أصح الوجهين عند الرافعي، وأجراهما المتولي فيما لو قرب النار إلى السمن حتى ذاب أو نقله إلى الشمس، وقطع

ص: 168

فَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً أَوْ جَلَسَ عَلَى فِرَاشٍ .. فَغَاصِبٌ وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْ. وَإِنْ دَخَلَ دَارَهُ وَأَزْعَجَهُ عَنْهَا، أَوْ أَزْعَجَهُ وَقَهَرَهُ عَلَى الدَّارِ وَلَمْ يَدْخُلْ .. فَغَاصِبٌ،

ــ

الماوردي بالضمان واختاره الشيخ.

قال: (فلو ركب دابة أو جلس على فراش .. فغاصب وإن لم ينقل)؛ لحصول غاية الاستيلاء وهو الانتفاع على وجه التعدي.

وقيل: يشترط النقل، فلا يكون غاصبًا بدونه؛ لأن أهل العرف لا يعدونه بدونه غاصبًا.

قال الرافعي: يشبه أن تكون المسألة مصورة بما إذا قصد الجالس أو الراكب الاستيلاء، أما إذا لم يقصد .. ففي كونه غاصبًا وجهان، وأغفل في (الروضة) هذا وقال: أصحهما: أنه غاصب، سواء قصد الاستيلاء أم لا.

وفي ترجيح كونه غاصبًا إذا لم يقصد نظر، فقد صرح المتولي والخوارزمي بأنه لا ضمان عليه.

ولو كان بين يديه شيء منقول فأخذه إنسان لينظر هل يصلح له فيشتريه، أو ليعمل له مثل فتلف في يده .. ضمنه.

ولو دخل دارًا لينظرها لشرائها أو لبناء مثلها فانهدمت في تلك الحالة .. لا ضمان على الصحيح.

قال: (وإن دخل داره وأزعجه عنها) أي: أخرجه منها وانفرد باليد عليها (أو أزعجه وقهره على الدار ولم يدخل .. فغاصب) وإن لم يقصد الاستيلاء؛ لأن نفس الاستيلاء مغن عن قصده.

و (القهر): الغلبة، والمراد بدخول الدار: بأن يكون على هيئة من يقصد السكنى، بأن يكون معه أهله وأمتعته.

ص: 169

وَفِي الثَّانِيَةِ وَجْهٌ وَاهٍ. وَلَوْ سَكَنَ بَيْتًا وَمَنَعَ الْمَالِكَ مِنْهُ دُونَ بَاقِي الدَّارِ .. فَغَاصِبٌ لِلْبَيْتِ فَقَطْ. وَلَوْ دَخَلَ بِقَصْدِ الاِسْتِيلَاءِ وَليْسَ الْمَالِكُ فِيهَا .. فَغَاصِبٌ، وَإِنْ كَانَ وَلَمْ يُزْعِجْهُ .. فَغَاصِبٌ لِنصْفِ الدَّارِ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا لَا يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ

ــ

قال: (وفي الثانية وجه واه) أي: فيما إذا استولى ولم يدخل وجه: أنه لا يكون غاصبًا؛ لأن أهل العرف لا يطلقون عليه الغصب.

قال المتولي: والأقمشة التي في الدار إن منع المالك من نقلها .. صار ضامنًا لها، وإلا .. فلا.

قال: (ولو سكن بيتًا ومنع المالك منه دون باقي الدار .. فغاصب للبيت فقط)؛ لقصر الاستيلاء عليه.

قال: (ولو دخل بقصد الاستيلاء وليس المالك فيها .. فغاصب) سواء كان الداخل ضعيفًا أو قويًا؛ لوجود الاستيلاء، كمن غصب قلنسوة ملك .. فإنه غاصب مع سهولة استرجاعها.

وقيل: إن كان الداخل ضعيفًا لم يكن غاصبًا؛ لأنه لا يعد مستوليًا.

قال: (وإن كان ولم يزعجه .. فغاصب لنصف الدار)؛ لاجتماع يديهما عليها واستيلائهما.

وقال بعض الأصحاب: لا يكون غاصبًا لشيء منها، كما لو أخذ بعنان الدابة وصاحبها راكب.

قال: (إلا أن يكون ضعيفًا لا يعد مستوليًا على صاحب الدار) ففي هذه الحالة لا يكون غاصبًا لشيء منها، لأنه في هذه الحالة لا يتحقق منه الاستيلاء، وما لا يمكن تحقيقه لا اعتبار بقصده.

ولو كان المالك ضعيفًا والداخل قويًا .. فقياسه أن يكون غاصبًا لجميعها، ولم

ص: 170

وَعَلَى الْغَاصِبِ الرَّدُّ، فَإِنْ تَلِفَ عِنْدَهُ .. ضَمِنَهُ

ــ

يصرحوا به، ولعله لاستمرار يد المالك على القبض، وحيث لا يجعل الداخل غاصبًا تلزمه أجرة المثل بشرطه.

وحكم الأرض حكم الدار، حتى لو غرقها سيل أو علاها رمل في يده ضمنها.

فرع:

أعطى عبد إنسانًا شيئًا ليوصله إلى بيته بغير إذن سيده، قال القاضي: يكون ضامنًا؛ لأنه لو استعمله لذلك ضمنه.

وما ضمن بالعارية ضمن بالغصب.

قال البغوي في (الفتاوى): هذا عندي فيما إذا قهره على العمل أو كان أعجميًا يرى العمل لكل من يأمره.

قال: ولو أن الزوج بعث عبد زوجته في شغل دون إذنها .. ضمن بكل حال؛ لأن عبد المرأة قد يرى طاعة زوجها، فهو كالأعمى في حق الأجنبي.

وسئل ابن الصلاح عن رجل أخذ بيد مملوك لغيره وأخافه بسبب تهمة فهرب لوقته، فأجاب بأنه لا يضمنه إن لم يكن نقله من مكان إلى مكان بقصد الاستيلاء.

قال: (وعلى الغاصب الرد) أي: على المالك أو وكيله أو وليه وإن غرم عليه أضعاف قيمته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (على اليد ما أخذت حتى تؤديه).

قال: (فإن تلف عنده .. ضمنه) بالإجماع، وكذا لو أتلفه هو أو أجنبي من باب أولى.

ص: 171

وَلَوْ أَتْلَفَ مَالاً فِي يَدِ مَالِكِهِ .. ضَمِنَهُ. وَلَوْ فَتَحَ رَاسَ زِقٍّ مَطْرُوحٍ عَلَى الأَرْضِ فَخَرَجَ مَا فِيهِ بِالْفَتْحِ، أَوْ مَنْصُوبٍ فَسَقَطَ وَخَرَجَ مَا فِيهِ .. ضَمِنَ،

ــ

هذا إذا كان المتلف له قيمة، فإن لم يكن كالسرجين ونحوه .. فلا ضمان، ولو كان مستحق السرجين غرم على نقله مؤنة .. لم نوجبها على الغاصب كما أجاب به البغوي.

ولو رد الدابة إلى الإصطبل .. برئ إذا علم المالك بها أو أخبره من يعتمد خبره، ولا يبرأ قبل العلم أو الإخبار.

قال: (ولو أتلف مالًا في يده مالكه .. ضمنه) بالإجماع، لكن يستثنى منه:

العبد المرتد، والحيوان الصائل وغيره، والقاتل حرابة، وكسر الباب، ونقب الجدار في مسائل الظفر كما سيأتي.

وما إذا لم يتمكن المنكر في إراقة الخمر إلا بكسر ظرفها.

وما إذا لم يتمكن من دفع الصائل وقاطع الطريق إلا بعقر جواده وكسر سلاحه.

وما يتلفه العادل على الباغي في حالة الحرب وعكسه، وما يتلفه الحربي فإنه لا ضمان عليه؛ لأنه مخاطب بفروع الأحكام لا بالضمان، وهذه المسألة ليست من الغصب، لكن الأصحاب ذكروا ههنا أسباب العدوان استطرادًا، سواء كان باليد العادية وهو الغصب بالمباشرة كهذه، أو بالسبب كفتح القفص ونحوه.

فرع:

دخل دكان حداد وهو يطرق الحديد فطارت شرارة فأحرقت ثوبه كان هدرًا وإن دخل بإذن الحداد.

قال: (ولو فتح رأس زق مطروح على الأرض فخرج ما فيه بالفتح، أو منصوب فسقط وخرج ما فيه .. ضمن)؛ لأنه باشر إتلافه.

واحترز بقوله: (بالفتح) عن جامد قرب إليه نارًا فالأصح: أن الضمان على المقرب كما تقدم قريبًا.

ص: 172

وَإِنْ سَقَطَ بِعَارِضِ رِيحٍ .. لَمْ يَضْمَنْ. وَلَوْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ وَهَيَّجَهُ فَطَارَ .. ضَمِنَ، وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْفَتْحِ .. فَالأَظْهَرُ: أَنَّهُ إِنْ طَارَ فِي الْحَالِ .. ضَمِنَ، وَإِنْ وَقَفَ ثُمَّ طَارَ .. فَلَا.

ــ

و (الزق) بكسر الزاي: السقاء، جمعه في القلة أزقاق، وفي الكثرة زقاق بكسر الزاي وضمها.

قال: (وإن سقط بعارض ريح .. لم يضمن) وكذا عارض الزلزلة ووقوع طير؛ لأن الهلاك لم يحصل بفعله.

قال ابن الصباغ: وكذا لو لم يعلم كيف سقط، أما إذا طلعت الشمس على الجامد فأذابته .. ضمنه في الأصح.

والفرق بينه وبين عروض الريح: أن طلوع الشمس محقق فلذلك قد يقصده الفاتح بخلاف الريح.

ويجري الوجهان فيما إذا أزال أوراق العنب وجرد عناقيده للشمس فأفسدتها، وفيما لو ذبح شاة فهلكت سخلتها أو حمامة فهلك فرخها.

وقيل: إن كان المالك حاضرًا وأمكنه التدارك فلم يفعل .. لم يضمن.

ولو حل رباط سفينة فغرقت بالحل .. ضمنها، أو بحادث كهبوب ريح أو غيره .. فلا.

واحترز بـ (العارض) عن المقارن فإنه من ضمان الفاتح حينئذ وهو متجه.

قال: (ولو فتح قفصاً عن طائر وهيجه فطار .. ضمن)؛ لأنه ألجأه إلى ذلك، وادعى الماوردي فيه الإجماع.

قال: (وإن اقتصر على الفتح .. فالأصح: أنه إن طار في الحال .. ضمن، وإن وقف ثم طار .. فلا)، لأن طيرانه في الحال دليل على أن تنفيره وطيرانه بعد الوقوف أمارة ظاهرة على أنه طار باختياره.

ص: 173

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والثاني: يضمن مطلقًا؛ لأن الفاتح متسبب في إعدامه.

والثالث: لا يضمن مطلقًا؛ لأن للطائر قصدًا واختيارًا.

وقيل: إن اضطراب وطار في الحال .. ضمن، وإن طار من غير اضطراب. فلا.

ولو كان الطائر في أقصى القفص فأخذ يدب قليلًا قليلًا ثم طار .. فحكمه حكم ما لو طار عقبه.

و (الطائر) مفرد والجمع طير.

والمصنف اعترض في (نكت التنبيه) على الشيخ في قوله: (ولو فتح قفصًا عن طائر) بأن قال: الأولى أن يقول: (عن طير) وعلله بأنه غير طائر في القفص، وهو قد عبر بما أنكره عليه.

فروع:

كسر الطائر في خروجه قارورة، أو انكسر القفص بخروجه، أو وثبت هرة عند الفتح فدخلت وأكلت الطائر .. لزمه الضمان، كذا قاله الشيخان، ولعل هذا إذا كانت حاضرة حالة فتحه وعلم بها، وإلا .. فهو كعروض مطر وهبوب ريح بعد الفتح.

ولو حل رباط أو فتح إصطبلها فخرجت وضاعت .. فهو كفتح القفص.

ولو حل قيد العبد فهرب، فإن كان مجنونًا .. فكالبهيمة، وإن كان عاقلًا .. لم يضمن، وقيل: إن كان آبقًا ضمن.

ولو أمر طفلًا أو مجنونًا بإرسال طائر في يده فأرسله وطار .. فهو كفتح القفص عنه إن نفره أو أمر الطفل بتنفيره .. ضمنه، وإلا .. فوجهان.

ص: 174

وَالأَيْدِي الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ أَيْدِي ضَمَانٍ وَإِنْ جَهِلَ صَاحِبُهَا الْغَصْبَ. ثُمَّ إِنْ عَلِمَ .. فَكَغَاصِبٍ مِنْ غَاصِبٍ، فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا يَلِفَ عِنْدَهُ،

ــ

ولو وقع طائر على جداره فنفره، أو فتح باب الحرز فسرق غيره، أو دل غاصبًا أو سارقًا ففعل، أو بنى دارًا فألقت الريح فيها ثوبًا وضاع .. لم يضمن.

قال: (والأيدي المترتبة على يد الغاصب أيدي ضمان) حتى يتخير المالك بين أن يطالب الغاصب عند التلف وبين أن يطالب من ترتبت يده على يده؛ لثبوت يد كل منهم على مال الغير من غير استحقاق.

قال: (وإن جهل صاحبها الغصب)؛ لأن الجهل يسقط الإثم لا الضمان، والمراد بـ (الأيدي المترتبة) ما قصد بها واضعها الاستيلاء، وإلا .. فمن رفع كتاب شخص عن الأرض لينظر فيه ويعيده .. ليس بغاصب كما قاله القاضي حسين.

وكذلك لو غصب شاة ودفعها لقصاب جاهل بالحال فذبحها .. لا ضمان على القصاب، وكذا لو دفع الحنطة لطحان جاهل .. لا ضمان على الطحان.

والمراد أيضًا باليد: ما كانت مبنية على يد الغاصب خالفة لها كأنها نائبة عنها، فيخرج من ذلك الغاصب من الغاصب فإن ضمانه مستقل، فللمالك عند التلف أن يضمن من شاء منهما.

نعم؛ تستثنى أيدي الحكام وأمنائهم فلا ضمان عليهم؛ لوضعها على وجه الحظ والمصلحة، وكذلك من انتزع المغصوب ليرده لمالكه إذا كان الغاصب حربيً أو عبدًا للمغصوب منه، وكذا غيرهما في وجه.

قال: (ثم إن علم .. فكغاصب من غاصب، فيستقر عليه ضمان ما تلف عنده)؛ لوجود حد الغصب، ويطالب بكل ما يطالب به الغاصب ولا يرجع على الأول إن غرم، ويرجع عليه الأول إن غرم، أما إذا كانت القيمة في يد الأول أكثر .. فالمطالب بالزيادة الأول خاصة.

ص: 175

وَكَذَا إِنْ جَهِلَ وَكَانَتْ يَدُهُ فِي أَصْلِهَا يَدَ ضَمَانٍ كَالْعَارِيَةِ، وَإِنْ كَانَتْ يَدَ أَمَانَةٍ كَوَدِيعَةٍ .. فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ. وَمَتَى أَتْلَفَ الآخِذُ مِنَ الْغَاصِبِ مُسْتَقِلًا بِهِ .. فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا. وَإِنْ حَمَلَهُ الْغَاصِبُ عَلَيْهُ بِأَنْ قَدِّمَ لَهُ طَعَامًا مَغْصُوبًا ضِيَافَةً فَأَكَلَهُ .. فَكَذَا فِي الأَظْهَرِ. وَعَلَى هَذَا: لَوْ قَدَّمَهُ لِمَالِكِهِ فَأَكَلَهُ .. بَرِئَ الْغَاصِبُ.

ــ

قال: (وكذا إن جهل) أي: الثاني الغصب (وكانت يده في أصلها يد ضمان كالعارية) وكذلك البيع والسوم والقرض ونحوها؛ لأنه دخل في العقد على الضمان، فلم يكن الغاصب غارًا له في ذلك.

قال: (وإن كانت يد أمانة كوديعة .. فالقرار على الغاصب)؛ لأنه دخل على أن يده نائبة عن يد الغاصب، فإن غرم الغاصب .. لم يرجع عليه بلا خلاف، وإن غرمه .. رجع على الغاصب.

وفي وجه: أن القرار عليه، وفي الموهوب له قولان: أصحهما: أن القرار عليه؛ لأنه أخذه للتمليك.

والثاني: على الغاصب؛ لأن يد الاتهاب ليست يد ضمان.

قال: (ومتى أتلف الآخذ من الغاصب مستقلًا به) أي: بالإتلاف وهو من أهل الضمان (.. فالقرار عليه مطلقًا) سواء كانت يد ضمان أو أمانة؛ لأن الإتلاف أقوى من إثبات اليد العادية.

قال: (وإن حمله الغاصب عليه بأن قدم له طعامًا مغصوبًا ضيافة فأكله .. فكذا في الأظهر)؛ لأن المباشر للإتلاف، وإليه عادت منفعته.

والثاني: القرار على الغاصب؛ لأنه غره، وهذان القولان هما قولان المباشرة والغرور ومحلهما عند جهل الأكل وإلا .. فعليه قطعًا.

أما إذا أمر الغاصب رجلًا بإتلاف المغصوب بقتل أو إحراق ففعله جاهلًا بالغصب .. فالمذهب القطع بأن القرار على المتلف؛ لأن الفعل حرام، وقيل: على قولين.

قال: (وعلى هذا) يعني على الأظهر في أكل الضيف (لو قدمه لمالكه فأكله .. برئ الغاصب) أي: على القول بأن القرار على الآكل يبرأ الغاصب إذا أكله

ص: 176