المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ: قَالَ: لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ فِي غِمْدٍ، أَوْ ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ - النجم الوهاج في شرح المنهاج - جـ ٥

[الدميري]

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ: قَالَ: لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ فِي غِمْدٍ، أَوْ ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ

‌فَصْلٌ:

قَالَ: لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ فِي غِمْدٍ، أَوْ ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ .. لَا يَلْزَمُهُ الظَّرْفُ، أَوْ غِمْدٌ فِيهِ سَيْفٌ، أوْ صُنْدُوقٌ فِيهِ ثَوْبٌ .. لَزِمَهُ الظَّرْفُ وَحْدَهُ،

ــ

وتقديره: اثنا عشر عددًا من الدراهم والأسداس، وغاية ما يطلق عليه اسم الأسداس خمسة، وإن زاد عليه سدسًا .. سمي درهمًا، فجعل خمسة من العدد أسداسًا تبقى سبعة فتكون دراهم، فيكون المبلغ سبعة وخمسة أسداس، قال: هذا هو المتيقن، وما زاد مشكوك فيه فلا يلزمه بالشك شيء.

قال: (فصل:

قال: له عندي سيف في غمد، أو ثوب في صندق .. لا يلزمه الظرف)؛ لأنه لم يقر به، والإقرار يعتمد اليقين، وكذا لو قال: غصبت منه ثوبًا في منديل أو زيتًا في قارورة أو حنطة في مكيال أو تمرًا في جراب ونحو ذلك.

وقال أبو حنيفة: الإقرار بالظرف والمظروف إقرار بهما إن كان ذلك مما يحرز في الظرف غالبًا، كالتمر في الجراب والزيت في الجرة، بخلاف الفرس في الإصطبل.

وقال بعض فقهاء المدينة: إن كان المقر به ذائبًا كالزيت في جرة .. دخل الظرف في الإقرار، وإن كان جامدًا .. لم يدخل.

و (الغمد) بكسر الغين: غلاف السيف، تقول: غمدت السيف أغمده وأغمده فهو مغمد ومغمود لغتان فصيحتان.

و (الظرف): الوعاء، ومنه: ظرف الزمان والمكان عند النحويين.

قال: (أو غمده فيه سيف، أو صندوق فيه ثوب .. لزمه الظرف وحده)؛ لما ذكرناه، وهكذا كل ظرف ومظروف لا يكون الإقرار بأحدهما إقرارًا بالآخر.

ولو قال: خاتم فيه فص .. فالأصح المنصوص: أنه لا يكون مقرًا بالفص، ولو اقتصر على قوله: عندي خاتم، وجاء بخاتم فيه فص وقال: ما أردت الفص .. ففي قبوله وجها: أصحهما: لا وهو مقر بالفص، قال الرافعي: وينبغي أن يقطع به.

ص: 108

أَوْ عَبْدٌ عَلَى رَاسِهِ عِمَامَةٌ .. لَمْ تَلْزَمْهُ الْعِمَامَةُ عَلَى الصَّحِيحِ، أَوْ دَابَّةٌ بِسَرْجِهَا أَوْ ثَوْبٌ مُطَرَّزٌ .. لَزِمَهُ الْجَمِيعُ. وَلَوْ قَالَ: فِي مِيرَاثِ أَبِي أَلْفٌ .. فَهُوَ إِقْرَارٌ عَلَى أَبِيهِ بِدَيْنٍ.

ــ

قال: (أو عبد على رأسه عمامة .. لم تلزمه العمامة على الصحيح)؛ لأنه لم يقر بها، ومثله لو قال: في وسطه منطقة أو عليه قميص أو في رجله خف.

والثاني- وبه قال القاضي وجماعة-: يكون إقرارًا بهما؛ لأن للعبد يدًا على ملبوسه، وما في يد العبد هو في يد سيده.

ولو قال: عبد معه مال .. لم يدخل المال.

و (العمامة) بكسر العين وضمها حكاهما ابن كيسان، وجمعها عمائم، ومنه: العمائم تيجان العرب.

قال: (أو دابة بسرجها أو ثوب مطرز .. لزمه الجميع) أما في دابة بسرجها .. فبلا خلاف؛ لأن (الباء) بمعنى (مع) وقد تقدم استشكال ذلك، ومثله: دار بفرشها أو عبد بثيابه، وأما ثوب مطرز .. فهو المذهب؛ لأن الطراز جزء من الثوب، وقيل: إن كان الطراز منسوجًا .. لزمه، وإن كان مركبًا .. فوجهان.

ولو قال: عليه طراز .. قال في (المطلب): يظهر أنه كالمطرز.

قال الرافعي: والضابط أن ما لا يتبع في البيع لا يدخل في الإقرار، وما يدخل في البيع يدخل في الإقرار إلا الثمار غير المؤبرة.

وأورد الشيخ عليه ثياب العبد، فإنها لا يتناول الاسم وفي دخولها في البيع خلاف، ولم يقل أحد بدخولها في الإقرار من جهة التبعية، أما من جهة اليد .. ففيها خلاف تقدم.

قال: (ولو قال: في ميراث أبي ألف .. فهو إقرار على أبيه بدين) نص عليه ووافقه الجمهور؛ لأن الوصية تختص بالثلث.

ص: 109

وَلَوْ قَالَ: فِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي أَلْفٌ .. فَهُوَ وَعْدُ هِبَةٍ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ .. لَزِمَهُ دِرْهَمٌ، وَلَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ .. لَزِمَهُ دِرْهَمَان

.

ــ

وقوله: (في ميراث أبي) يعم الجميع.

قال: (ولو قال: في ميراثي من أبي [ألف]) يعني الألف درهم (.. فهو وعد هبة) نص عليه أيضًا، إلا أنه قيده بما إذا لم يرد إقرارًا، فإن أراد الإقرار .. صح.

والفرق: أن في هذه الصورة أضاف الميراث إلى نفسه ثم جعل له جزءًا، وذلك لا يكون إلا على وجه الهبة، وفي الصورة الأولى لم يضف الميراث إلى نفسه ولا جعل له جزءًا من ماله، وفي هذا إشكال؛ لأن الدين عندنا لا يمنع انتقال التركة، فإضافته إلى نفسه لا تمنع كونه إقرارًا على أبيه.

ولعل الشافعي رضي الله عنه بنى هذا على العرف، فإن أهله لا يضيفون إلى أنفسهم إضافة الملك إلا في الملك المستقر.

وعلى هذا: المقر بالخيار إن شاء أقبضها وأمضى الهبة، وإن شاء أمسكها ورد الهبة، وقيل: قولان فيهما.

وصورة المسألة: إذا كان الميراث دراهم، فإن لم يكن .. فإنه يلتحق بما إذا قال: له في هذا العبد ألف، فيسأل ويبين ما أجمله.

وشرط المسألتين: أن لا يذكر صيغة الالتزام، فإن ذكرها كعلي ونحوها .. فهو إقرار بكل حال، وإذا لم يكن المقر جائزًا وكذبه الباقون .. لم يغرم إلا بالحصة في الأظهر.

قال: (ولو قال: له علي درهم درهم .. لزمه درهم)؛ لجواز إدارة التأكيد ولو كرر ذلك ألف مرة، سواء قاله في مجلس أو مجالس.

قال: (ولو قال: درهم ودرهم .. لزمه درهمان)؛ لأن العطف يقتضي المغايرة، وكذا لو قال: درهم ثم درهم؛ لأن (الواو) و (ثم) في ذلك سواء.

ص: 110

وَلَوْ قَالَ: لَهُ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ .. لَزِمَهُ بِالأَوَّلَيْنِ دِرْهَمَانِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ؛ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ تَاكِيدَ الثَّانِي .. لَمْ يَجِبْ بِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ نَوَى الاِسْتِئْنَافَ .. لَزِمَهُ ثَالِثٌ، وَكَذَا إِنْ نَوَى تَاكِيدَ الأَوَّلِ أَوْ أَطْلَقَ فِي الأَصَحِّ

.

ــ

وكذا لو قال: درهم ودرهم ثم درهم .. لزمه ثلاثة قطعًا، فإن قال: درهم فدرهم، فإن أراد العطف .. لزمه الدرهمان، وإلا .. فالنص أنه يلزمه درهم، والنص فيما لو قال: أنت طالق فطالق يقع طلقتان، وفي المسألة قولان بالنقل والتخريج، والأصح: تقرير النصين، والفرق: أن الإقرار إخبار والطلاق إنشاء وهو أقوى وأسرع نفوذًا، ولهذا لو أقر بالدرهم في يومين .. لزمه درهم واحد، خلاف ما لو تلفظ بالطلاق في يومين.

قال: (ولو قال: درهم ودرهم ودرهم .. لزمه بالأولين درهمان)؛ لاقتضاء العطف المغايرة.

قال: (وأما الثالث؛ فإن أراد به تأكيد الثاني .. لم يجب به شيء، وإن نوى الاستئناف .. لزمه ثالث) عملًا بنيته وإرادته.

قال: (وكذا إن نوى تأكيد الأول) أي: بالثالث (أو أطلق في الأصح) أما وجه لزوم الثلاث إذا نوى بالثالث تأكيد الأول .. فإن هذا التأكيد ممتنع للفصل والعطف، ووجه مقابلة العمل بما نواه والعطف.

وأما مسألة الإطلاق .. فوجه لزوم الثلاث فيها: أن تأكيد الثاني بالثالث وإن كان جائزًا لكنه إذا دار اللفظ بين التأسيس والتأكيد .. كان حمله على التأسيس أولى.

ووجه لزوم الدرهمين: أن كون الأصل هو التأسيس، وإعمال اللفظ عارضه كون الأصل براءة الذمة فتساقطا.

فروع:

قال: له علي درهم فوق درهم أو تحت درهم أو مع درهم أو على درهم .. لزمه درهم واحد، ولو قال: له علي درهم بل درهم .. لزمه درهم واحد، وكذا لو قال: لا بل درهم أو لكن بل درهم على الصحيح.

ص: 111

وَإِنْ أَقَرَّ بِمُبْهَمٍ كَشَيْءٍ وَثَوْبٍ وَطُولِبَ بِالْبَيَانِ فَامْتَنَعَ .. فَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ يُحْبَس ..

..

ــ

ولو قال: درهم بل درهمان أو لا بل درهمان أو لكن درهمان، أو قفيز حنطة بل قفيزان أو لا بل قفيزان أو لكن قفيزان .. لم يلزمه إلا درهمان أو قفيزان، بخلاف نظيره من الطلاق فإنه يقع به ثلاث طلقات، وبمثله قال زفر في الإقرار.

هذا كله إذا لم يعين المقر به واتحد الجنس، أما إذا عينه كما إذا قال: عندي هذا الدرهم بل هذان الدرهمان أو هذا القفيز بل هذان القفيزان، أو لا بل هذان الدرهمان أو لا بل هذان القفيزان .. فتلزمه ثلاثة دراهم وثلاثة أقفزة.

ولو اختلف جنس الأول والثاني كـ: له درهم بل ديناران أو دينار بل قفيزان .. لزمه الجميع.

قال: (وإن أقر بمبهم كشيء وثوب وطولب بالبيان فامتنع .. فالصحيح: أنه يحبس)؛ لأنه البيان واجب عليه.

والثاني: لا يحبس؛ لأنه قد لا يعلمه بل يعرض عليه اليمين، فإن أصر .. جعل ناكلًا وحلف المدعي.

والثالث: إن أقر بغصب .. حبس، وإن أقر بدين .. فلا؛ لأن المقر له قد لا يدري ما الذي غصب له، بخلاف الدين فإن الغالب أن صاحبه يعرفه.

والرابع: إن أقر بثوب ونحوه .. حبس، وإن أقر بشيء .. لم يحبس بناء على قبول تفسير الشيء بالجزء ونحوه مما لا تمكن معه المطالبة، وكلام المصنف يشعر بجواز الدعوى عليه بما أقر به من المجهول، وفي سماع ذلك وجهان جاريان في سماع الشهادة به.

قال في (المطلب): وقد مال الرافعي في (كتاب الدعاوى) إلى ترجيح القول بسماعها، فلو مات المقر بالشيء قبل البيان .. طولب به الوارث، فإن امتنع: فقولان:

أحدهما: يوقف مما ترك أقل متمول.

ص: 112

وَلَوْ بَيَّنَ وَكّذَبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ .. فَلْيُبَيِّنْ وَليْدَّعِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ فِي نَفْيِهِ. وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ بأَلْفٍ فِي يَوْمٍ آخَرَ .. لَزِمَهُ أَلْفٌ فَقَطْ، فإِنِ اخْتَلَفَ الْقَدْرُ .. دَخَلَ الأَقَلُّ فِي الأَكْثَرِ، وَلَوْ وَصَفَهُمَا بِصِفَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ أَوْ أَسْنَدَهُمَا إِلَى جِهَتَيْنِ، أَوْ قَالَ: قَبَضْتُ يَوْمَ السَّبْتِ عَشَرَةً ثُمَّ قَالَ: قَبَضْتُ يَوْمَ الأَحَدِ عَشَرَةً .. لَزِمَاهُ.

ــ

وأصحهما: يوقف الجميع؛ لأنه مرتهن بالدين.

واستشكل في (المطلب) القولين؛ لأن التفسير بالاختصاصات مقبول.

نعم؛ يتجه الخلاف إذا قال: له علي مال.

قال: (ولو بين) أي: إقراره المبهم (وكذبه المقر له .. فليبين) أي: المقر له مقدارًا (وليدع، والقول قول المقر في نفيه) إذا كان ما ادعاه من الجنس بأن قال المقر: مئة درهم فقال المقر له: مئتان، فإن صدقه على إرادة المئة .. فهي ثابتة باتفاقهما، والنزاع في استحقاق المئة الزائدة فيحلف المقر على نفيها.

وإن كان ما ادعاه من غير الجنس .. ينظر، إن صدقه في الإرادة .. فالقول قول المقر في نفي غيره، وإن كذبه في دعوى الإرادة وقال: إنما أراد ما ادعيته .. حلف المقر على نفي الإرادة.

قال: (ولو أقر له بألف ثم أقر له بألف في يوم آخر .. لزمه ألف فقط) سواء وقعا في مجلس أو مجلسين فأكثر؛ لأن الإقرار خبر ولا يلزم من تعدده تعدد المخبر به، ولا فرق بين أن يكتب به صكين في زمنين أو لا، وخالف أبو حنيفة إذا تعددت الصكوك والمجالس.

قال: (فإن اختلف القدر .. دخل الأقل في الأكثر)؛ لأنه يحتمل أنه ذكر بعض ما أقر به أولًا.

قال: (ولو وصفهما بصفتين مختلفتين أو أسندهما إلى جهتين، أو قال: قبضت يوم السبت عشرة ثم قال: قبضت يوم الأحد عشرة .. لزمان)؛ لأن اتحادهما غير ممكن، فالصفتان كالصحاح والمكسرة والجهتان كالبيع والقرض، فلو قيد أحدهما وأطلق

ص: 113

وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ كَلْبٍ أَوْ أَلْفٌ قَضَيْتُهُ .. لَزِمَهُ الأَلْفُ فِي الأَظْهَرِ.

ــ

الآخر .. حمل المطلق على المقيد، ولا تعدد، وقوله:(مختلفين) لا حاجة إليه.

مهمة:

أقر أنه لا دعوى له ولا طلب بوجه ولا سبب على فلان ثم قال: إنما أردت في عمامته أو قميصه لا في داره، قال القاضي أبو سعيد: يقبل؛ لأنه تخصيص عموم وهو محتمل، كذا قال الرافعي.

وضعف هذا في (الروضة) وقال: الصواب: أنه لا يقبل.

والراجح: القبول مع اليمين فيما إذا ادعى أنه نسيه، كما أفتى به ابن الصلاح، وصرح به الرافعي في هذا الباب فيما لو قال: لا حق لي في شيء مما في يد فلان، ثم ادعى شيئاً وقال: لم أعلم كونه في يده يوم الإقرار .. فإنه يصدق بيمينه.

قال: (ولو قال: علي ألف من ثمن خمر أو كلب أو ألف قضيته .. لزمه الألف في الأظهر) من هنا إلى آخر الفصل معقود لتعقيب الإقرار بما يرفعه، فإذا قال: ألف من ثمن خمر أو كلب أو ألف قضيته .. لزمه الألف؛ لأنه وصل بإقراره ما يرفعه فأشبه ما لو قال: ألف لا تلزمني؛ لأن الجميع كلام واحد، كذا أطلقه الأصحاب.

والقول الثاني: لا يلزم؛ لأن الجميع كلام واحد لا يفصل أوله عن آخره كقوله: لا إله إلا الله لا يكون كفرًا وإيمانًا، وقد وصل بما هو محتمل فأشبه قوله: أنت طالق إن شاء الله.

والأصل فراغ ذمته، وخالف الاستثناء المستغرق، فإنه رفع من الوجه الذي أثبت فلم يقبل، وهذا ليس كذلك.

وعلى هذا: له تحليف المقر أنه كذلك، وقطع بعضهم باللزوم في المسألة

ص: 114

فَلَوْ قَالَ: مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ لَمْ أَقْبِضْهُ إِذَا سَلَّمَ سَلَّمْتُ .. قُبِلَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَجُعِلَ ثَمَنًا.

ــ

الثانية؛ لعدم الانتظام، فإن ما قضاه ليس عليه، بخلاف ثمن الخمر فإن إطلاقه معهود عرفًا لظن اللزوم.

وإن قدمه كقوله: من ثمن خمر له علي ألف .. لم يلزمه قطعًا، كذا في (الروضة) وهو المنصوص، لكن في (باب التيمم) في (شرح المهذب) عن الشاشي طرد القولين مطلقًا.

ولو قال: كان له علي ألف .. فقد قيل: يلزمه استصحابًا لما كان، والأصح في (تصحيح التنبيه): لا يلزمه شيء؛ لأنه لم يعترف به في الحال.

وعبارته في (الروضة): ينبغي أن يكون أصحهما الثاني.

قال: (فلو قال: من ثمن عبد .. لم أقبضه إذا سلم سلمت .. قبل على المذهب وجعل ثمنًا)؛ لأن المذكور آخرًا لا يدفع ما أقر به أولًا.

والثاني: طرد القولين في المسألة قبلها.

وقوله: (لم أقبضه) لا فرق بين أن يأتي به متصلًا أو منفصلًا؛ لأنه أطلق العبد، والأصل عدم قبضه، وهذا بخلاف ما إذا أطلق الألف ثم ادعى بعد ذلك أنه من ثمن عبد فإنه لا يقبل.

أما قوله: (إن سلم سلمت) .. فهو زيادة في التصوير لا حاجة إليها.

وقوله: (وجعل ثمنًا) المراد: أنه تجري عليه أحكامه ولا حاجة إليه أيضًا، ولهذا لم يذكره في (الروضة).

فلو قال: أقرضني ألفًا ثم ادعى أنه لم يقبضه .. ففي (الحاوي): أنه يقبل. قال في (المطلب): ولا أظن أنه يأتي فيه خلاف.

ص: 115

وَلَوْ قَالَ: أَلْفٌ إِنْ شَاءَ اللهُ .. لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَلَوْ قَالَ: أَلْفٌ لَا يَلْزَمُنِي .. لَزِمَهُ

ــ

فرع: ادعى عليه مئة فقال: قضيتك منها خمسين نص الشافعي رضي الله عنه على أنه مقر بالخمسين مدع لقضائها فيقبل اعترافه دون القضاء، وسيأتي في (الدعوى والبينات) عند قول المصنف:(ولو أجاب بنفي السبب المذكور .. حلف عليه).

قال: (ولو قال: ألف إن شاء الله .. لم يلزمه شيء على المذهب)؛ لأنه لم يجزم بالإقرار، وإنما علقه بالمشيئة وهي غيب عنا.

وقيل: هو على القولين فيما إذا قال: له علي ألف من ثمن خمر؛ لأنه لو اقتصر على أقول الكلام .. لكان إقرارًا لازمًا والمصنف ذكر هذه المسألة في (كتاب الطلاق) وشرط فيها قصد التعليق، وألحق بها (إن لم يشأ) أو (إلا أن يشاء) وكل هذا ينبغي مثله هنا.

والتعليق بمشيئة زيد كالتعليق بمشيئة الله تعالى فلا يلزم به شيء على المذهب.

ولو قال: له علي ما في حسابي أو ما خرج بخطى أو ما أقر به عني زيد .. فليس شيء من ذلك إقرارًا.

ولو قال: له علي ألف أو لا .. وقع للرافعي فيها اختلاف تصحيح، والمذهب: أنه لا يقع بذلك شيء؛ لأنه شك، فكأنه يقول: أنا شاك هل له علي ألف درهم أو لا.

وقال أبو حنيفة: عليه الألف؛ لأنه راجع عنها بعد إثباتها.

لنا: أن الشك أليق بهذا الكلام، وأشبه بمفهوم الخطاب.

قال: (ولو قال: ألف لا يلزمني .. لزمه)؛ لأنه غير منتظم ولا يبطل به الإقرار، وهذا لا خلاف فيه، أما لو قال: علي ألف لا يلزمني الآن .. فإنه لا يطالب.

ص: 116

وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ، ثُمَّ جَاءَ بِأَلْفٍ وَقَالَ: أَرَدْتُ هَذَا وَهُوَ وَدِيعَةٌ، فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ آخَرُ .. صُدِّقَ الْمُقِرُّ فِي الأَظْهَرِ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ كَانَ قَالَ: فِي ذِمَّتِي أَوْ دَيْنًا .. صُدِّقَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ.

ــ

بها، كما نقله الرافعي قبيل (باب دعوى النسب) بنحو ورقة وعلله بأن الإقرار لا يثبت بالمفهوم، وهذه مسألة حسنة.

كان الشيخ يقول: محل الخلاف في أن المفهوم حجة أم لا في كلام الله تعالى ورسوله، أما في كلام المجتهدين والمصنفين .. فلا.

قال: (ولو قال: له علي ألف، ثم جاء بألف وقال: أردت هذا وهو وديعة، فقال المقر له: لي عليك ألف آخر .. صدق المقر في الأظهر بيمينه)؛ لأنه قد يريد بـ (علي) عندي كقوله تعالى: {ولهم علي ذنب} ، وقد يريد ذلك لكونه تعدى فيها فصارت مضمونة عليه.

والثاني- وبه قال أبو حنيفة-: القول قول المقر له؛ لأن كلمة (علي) ظاهرة في الثبوت في الذمة، فأشبه من أقر بثوب ثم جاء بعبد فإنه لا يقبل منه قطعًا، ويطالب بالثوب.

وكيفية اليمين: أن يحلف بالله أنه لا يلزمه تسليم ألف أخرى إليه، وأنه ما أراد بإقراره إلا هذه.

ثم جميع ما تقدم إذا فصل قوله (وديعة) عن الإقرار كما أشار إليه المصنف بقوله: (ثم).

فإن قال: له علي ألف وديعة .. فالمذهب: قبوله، وقيل: على قولين كقوله: ألف قضيتها.

قال: (فإن كان قال: في ذمتي أو دينًا .. صدق المقر له على المذهب)؛ لأن العين لا تكون دينًا ولا في الذمة.

وقيل: يصدق المقر؛ لاحتمال أن يريد له ألف في ذمتي إن تلف.

وصورة المسألة: أن تنفصل دعواه الوديعة عن الإقرار، فإن وصلها به فقال: علي

ص: 117

قُلْتُ: فَإِذَا قَبِلْنَا التَّفْسِيرَ بِالْوَدِيعَةِ .. فَالأَصَحُّ: أَنَّهَا أَمَانَةٌ، فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ التَّلَفَ بَعْدَ الإِقْرَارِ وَدَعْوَى الرَّدِّ، وَإِنْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي أَوْ مَعِي أَلْفٌ .. صُدِّقَ فِي دَعْوَى الْوَدِيعَةِ وَالرَّدِّ وَالتَّلَفِ قَطْعًا، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَإِقْبَاضٍ ثُمَّ قَالَ: كَانَ فَاسِدًا وَأَقْرَرْتُ لِظَنِّي الصِّحَّةَ .. لَمْ يُقْبَلْ، وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ نَكَلَ .. حَلَفَ الْمُقِرُّ وَبَرِىءَ.

ــ

ألف وديعة .. قبل، وقيل: على القولين.

قال: (قلت: فإذا قبلنا التفسير بالوديعة .. فالأصح: أنها أمانة، فتقبل دعواه التلف بعد الإقرار ودعوى الرد)؛ لأن هذا شأن الوديعة، ولأنه يجوز أن يكون مراده بقوله:(علي) إنما هو وجوب الحفظ والتخلية عند الطلب.

والثاني: أنها تكون مضمونة، فلا تقبل دعوى التلف والرد؛ لأن هذه اللفظة ظاهرة في صيرورة العين مضمونة بسبب التعدي.

وقوله: (بعد الإقرار) متعلق بـ (التلف)، واحترز به عما إذا قال: أقررت بها ظانًا بقاءها، ثم تبينت أو تذكرت أنها تلفت أو أني رددتها قبل الإقرار .. فإنه لا يقبل؛ لأنه مخالف لقوله حين الإقرار أنها عليه.

قال: (وإن قال: له عندي أو معي ألف .. صدق في دعوى الوديعة والرد والتلف قطعًا والله أعلم)؛ لأن كلامه لا إشعار له بالدينية ولا بالضمان.

قال: (ولو أقر ببيع أو هبة وإقباض ثم قال: كان فاسدًا وأقررت لظني الصحة .. لم يقبل)؛ لأن الاسم يحمل عند الإطلاق على الصحيح.

قال الشيخ: ومن يقول في باب اختلاف المتبايعين بتصديق مدعي الفساد ويسلم أن الاسم يشمل الصحيح والفاسد .. لا يبعد هنا أن يصدق المقر واحترز بقوله: (أو هبة وإقباض) عما إذا أقر بالهبة فقط فإنه يكون مقرًا بالإقباض على المذهب.

قال: (وله تحليف المقر له)؛ لإمكان ما يدعيه وقد تخفى عليه جهات الفساد.

قال: (فإن نكل .. حلف المقر وبرئ)؛ لأن اليمين المردودة كالإقرار أو

ص: 118

وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ بَلْ لِعَمْرو، أَوْ غَصَبْتُهَا مِنْ زَيْدٍ بَلْ مِنْ عَمْرٍو

سُلِّمَتْ لِزَيْدٍ، وَالأَظْهَرُ: أَنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا لِعَمْرٍو. وَيَصِحُّ الاِسْتثْنَاءُ إِنِ اتَّصَلَ

ــ

كالبينة وكلاهما يفيد صدق المقر، وعبارة (الشرح) و (الروضة): حكم ببطلان البيع والهبة، وهو الصواب، وتعبير (المنهاج) بالبراءة لا يستقيم؛ فإن النزاع في عين لا في دين.

قال: (ولو قال: هذه الدار لزيد بل لعمرو، أو غصبتها من زيد بل من عمرو .. سلمت لزيد)؛ لأن من أقر لآدمي بحق لا يقبل رجوعه.

قال: (والأظهر: أن يغرم قيمتها لعمرو)؛ لأنه أحال بينه وبين مكله بإقراره الأول، والحيلولة سبب الضمان بدليل ما إذا غصب عبدًا فأبق من يده .. فإنه يضمنه، والحيلولة القيلولة كالفعلية.

والقول الثاني: لا يغرم؛ لأن الإقرار له قد صادق ملك الغير فلا يلزمه شيء، كما لو أقر بالدار التي في يد زيد لعمرو، ووراء ما ذكره المصنف وجوه:

أحدها: إن سلمها بنفسه .. غرم، وإن انتزعها الحاكم منه وسلمها .. فلا.

والثاني: يغرم في الثانية دون الأولى.

والثالث: إن تعمد .. غرم، وإن أخطأ .. فلا، فلو قال: هذه الدار لزيد ثم لعمرو .. كان لعمرو أن يغرمه، كما ذكره في (الوسيط) في (باب الشك في الطلاق) ولم يذكرها الرافعي.

ولو قال: غصبتها من زيد وزيد غصبها من عمرو .. فهي كالمسألتين السابقتين.

قال: (ويصح الاستثناء)؛ لكثرته ووروده في الكتاب والسنة وكلام العرب.

قال: (إن اتصل)؛ لإجماع أهل اللغة، فإن انفصل .. فهو لغو، وشرط في

ص: 119

وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ، فَلَوْ قَالَ: عَشَرَةٌ إِلَاّ تِسْعَةً إِلَاّ ثَمَانِيَةً .. وَجَبَتْ تِسْعَةٌ،

ــ

(الحاوي الصغير) أن يقصد الاستثناء من أول الإقرار، وصحح المصنف في (الطلاق) أنه يشترط أن يقصده قبل فراغ اليمين، وأنه تضر سكتة التنفس والعي، والأصح: أنه يضر الكلام اليسير.

قال في (الكافي): إذا قال: له علي ألف درهم الحمد لله إلا مئة .. لزمه الألف، ولو قال: ألف درهم أستغفر الله إلا مئة .. صح الاستثناء؛ لأن قوله: أستغفر الله لاستدراك ما سبق منه، فكان ملائمًا للاستثناء فلم يمنع الصحة وهو حسن، ولم يشترط المصنف أن لا يتقدم، وسيأتي في (كتاب الطلاق) أن ذلك لا يشترط.

قال: (ولم يستغرق) فإن استغرق .. لغا بالإجماع، وسيأتي في (الطلاق) إيضاحه.

ولو قال: له علي ألف أستثني منه أو أحط أو أذر مئة .. ففي كونه استثناء صحيحًا وجهان في (الحاوي).

قال: (فلو قال: عشرة إلا تسعة إلا ثمانية .. وجبت تسعة)؛ لثلاث قواعد:

صحة الاستثناء من المستثنى منه، ودليل ذلك قوله تعالى:{إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين (58) إلا ءال لوط إنا لمنجوهم أجمعين (59) إلا امرأته} ، فاستثنى المرأة من الآل.

وفي (صحيح مسلم)[2455]: عن أنس رضي الله عنه وغيره أنهم قالوا: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل على أحد من النساء إلا على أزواجه إلا على أم سليم فإنه كان يدخل عليها).

الثانية: أنه يصح استثناء الأكثر.

ص: 120

وَيَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَأَلْفٍ إِلَاّ ثَوْبًا، وَيُبَيِّنُ بِثَوْبٍ قِيمَتَهُ دُونَ الألْفِ،

ــ

الثالثة: أن الاستثناء من الإثبات نفي وعكسه، والطريق في ذلك أن يجمع المثبت ويسقط منه المنفي، أو يسقط المنفي مما قبله وثبت المثبت، فإذا قال: له علي عشرة إلا تسعة إلا ثمانية إلا سبعة إلا ستة إلا خمسة إلا أربعة إلا ثلاثة إلا اثنين إلا واحدًا .. لزمه خمسة، فلو قال: ليس لفلان علي شيء إلا خمسة .. لزمه خمسة، ولو قال: ليس علي عشرة إلا خمسة .. لم يلزمه شيء عند الأكثرين.

قال: (ويصح من غير الجنس كألف إلا ثوبًا) قال تعالى: {فإنهم عدو لي إلا رب العلمين} .

وقال تعالى: {ما لهم به من علم إلا إتباع الظن} .

وقال: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون (30) إلا إبليس} .

وقال الشاعر [من الرجز]:

ولبدة ليس بها أنيس .... إلا اليعافير وإلا العيس

فاستثنى اليعافير وهو ذكور الظباء والعيس وهي الجمال البيض من الأنيس، وفي كلام العرب من هذا كثير، ومنعه أحمد مطلقًا وأبو حنيفة في غير المكيل والموزون، ولذلك ذكر المصنف الثوب.

تذنيب:

جعل الغزالي (ألفًا إلا ثوبًا) استثناء من الجنس وقدره بـ: إلا قيمة ثوب.

وحمل شيخنا قول المصنف: (ألف) على الدراهم التي تقدم ذكرها في أثناء الباب وفيه تكلف؛ لأنها في لفظ المصنف منكرة فلا يحسن حملها على المعهود.

قال: (ويبين بثوب قيمته دون الألف)؛ لئلا يؤدي إلى الاستغراق، أما إذا فسر الثوب بما قيمته ألف أو أكثر .. فالأصح بطلان الاستثناء فيلزمه ألف.

والثاني: يبطل التفسير دون الاستثناء فيلزمه أن يفسر ثانيًا بثوب قيمته دون الألف.

ص: 121

وَمِنَ الْمُعَيَّنِ كَهَذِهِ الدَّارُ إِلَاّ هَذَا الْبَيْتَ، أَوْ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ إِلَاّ هِذَا الدِّرْهَمَ، وَفِي الْمُعَيَّنِ وَجْهٌ شَاذٌّ. قُلْتُ: وَلَوْ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ لَهُ إِلَاّ وَاحِدًا .. قُبِلَ وَرُجِعَ فِي الْبَيَانِ إِلَيْهِ، فَإِنْ مَاتُوا إِلَاّ وَاحِدًا فَزَعَمَ أَنَّهُ الْمُسْتَثْنَى .. صُدِّقَ بِيَمِينِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

ــ

فائدة ذكرها ابن سراقة:

عليه لرجل ألف درهم وله عليه قيمة عبد أو ثوب أو عشرة دنانير، وخاف إن أقر له جحده، فطريقه: أن يقول: له علي ألف درهم إلا عبدًا أو إلا ثوبًا أو إلا عشرة دنانير فإن الحاكم يسمع إقراره ويستفسره، فإن فسره بأقل من الألف .. حلفه أن جميع ما عليه ذلك ثم لم يلزمه غيره، ويقوم الدنانير ويسقطها من الألف، وإن كان الغاصب استهلك العبد .. فللمقر أن يسقط ثمنه من الألف ويقر بما بقي ويحلف صادقًا.

قال: (ومن المعين كذه الدار إلا هذا البيت) أو هذا الخاتم إلا هذا الفص (أو هذه الدراهم إلا هذه الدرهم)؛ لأنه كلام صحيح ليس بمحال، وكذلك الحكم لو قال: هذه الدار لزيد وهذا البيت منها لعمرو.

قال: (وفي المعين وجه شاذ)؛ لأن الاستثناء المعتاد إنما هو من الأعداد المطلقة، وهذا الوجه هو طريقة القاضي والمتولي، وسيأتي نقله عنهما في (كتاب الطلاق) فيما لو قال: أربعتكن طوالق إلا فلانة والمعتمد فيه أيضًا: صحة الاستثناء.

قال: (قلت: ولو قال: هؤلاء العبيد له إلا واحدًا .. قيل ورجع في البيان إليه)؛ لأنه أعرف بما أراد، كما لو قال: له عشرة أشياء أو إلا درهمًا؛ إذ لا فرق في صحة استثناء المجهول بين العين والدين، فإن مات قبل البيان قام وارثه مقامه.

قال: (فإن ماتوا إلا واحدًا فزعم أنه المستثنى .. صدق بيمينه على الصحيح والله أعلم)؛ لأن ما ادعاه محتمل.

والثاني: لا؛ لما فيه من التهمة وهو ضعيف، فإن قتلوا إلا واحدًا وزعم أنه المستثنى .. صدق بلا خلاف، وكذا لو قال: غصبتهم إلا واحدًا فماتوا وبقي واحد وزعم أنه المستثنى؛ لأن أثر الإقرار باق وهو الضمان.

ص: 122