الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَعْلُومَةً،
ــ
ومنها: أجر داراً ببلد آخر .. فقيل: لا يصح؛ إذ لا يتأتى التسليم إلا بقطع المسافة بين البلدين، والأصح عند المصنف: الصحة مع أنه صحح البطلان فيما إذا باع الجمد وزناً وكان يذوب بعضه إلى أن يوزن؛ لإمكان بيعه جزافاً.
ومنها: استئجار الدار المشحونة بالأمتعة صحيح على الصحيح، كذا قاله الشيخان هنا، وصحح المصنف في آخر الباب أنه إن كان لزمن التفريغ أجرة .. لم يصح في الأصح.
ومنها: إجارة الأرض التي علاها الماء قبل انحساره كما تقدم.
قال: (فصل:
يشترط كون المنفعة معلومة) أي: عيناً وقدراً وصفة كالمبيع، وهذا هو الشرط الثالث، فلا يجوز: أجرتك أحد العبدين؛ لاختلاف المنفعة باختلاف العين.
فإذا استأجر عقاراً .. فلابد من ذكر جهاته كما في البيع، حكاه في (الكفاية) عن القاضي أبي الطيب، وتقدم في (بيع الأصول والثمار) بيانه.
ثم إن كانت العين ليس لها إلا منفعة واحدة .. فالإجارة محمولة عليها، وإن كان لها منافع كالدابة والأرض .. وجب البيان، لكن يستثنى من هذا جواز دخول الحمام بأجرة مع اختلاف أحوال الناس في استعمال الماء ومكثهم فيه، وحكى المصنف في (باب بيع الغرر) من (شرح المهذب) الإجماع عليه.
والأصح: أن الذي يأخذه الحمامي أجرة الحمام والسطل والإزار وحفظ الثياب، أما الماء .. فغير مضبوط فلم يقابل بعوض، فعلى هذا: السطل غير مضمون على الداخل، والحمامي أجير مشترك لا يضمن على المذهب.
ثُمَّ تَارَةً تُقَدَّرُ بِزَمَانٍ كَدَارٍ سَنَةً، وَتَارَةً بِعَمَلٍ كَدَابَّةٍ إِلَى مَكَّةَ، وَخِيَاطَةِ ذَا الثَّوْبِ،
ــ
وقيل: الذي يأخذه ثمن الماء، وهو متطوع بحفظ الثياب، والسطل عارية مضمونة.
وفي ثالث: أنه ثمن الماء وأجرة الحمام والسطل وحفظ الثياب، وصححه ابن أبي عصرون والشيخ.
قال: (ثم تارة تقدر بزمان كدار سنة، وتارة بعمل كدابة إلى مكة، وخياطة ذا الثوب)؛ لأن هذه المنافع معلومة في أنفسها فلم تفتقر إلى تقدير المدة، وقدرت بالعمل.
أما العقار .. فلا طريق إلى التقدير فيها إلا بالزمان كما ذكره، وكذا في الثياب ونحوها، وأما إجارة الذمة .. فيتعين فيها كالاستئجار للخياطة والبناء، وكذا في الدابة للحمل عليها ونحو ذلك.
وصورة الإجارة للسكنى أن يقول: أجرتكها لتسكنها كذا، فإن قال: على أن تسكنها كذا .. لم يصح، ذكره في (البحر)، قال: ولا يجوز أن يقول: وحدك.
ثم إذا قدر المنفعة بالزمان .. وجب أن يكون على مدة معلومة القدر بأن يقول: أجرتك داري سنة بمئة، أو سنة كل شهر بدرهم، فلو اقتصر على: كل شهر بدرهم .. بطل في الأصح؛ لأنه عقد على الشهور وهي غير معلومة.
فائدة:
(تارة) منصوب على المصدر، وفسرها الجوهري بالمرة، وتجمع على تار كساعة وساع وحاجة وحاج، وفسرها ابن سيده بالحين، وجمعها على تارات وهو القياس.
قال الشيخ: وإذا قلت: أجرتك الدار سنة .. فسنة مفعول ثان، أي: منافع سنة، ولا يصح أن يكون ظرفاً لأجرتك؛ لأن أجرتك إنشاء، والإنشاء لا زمان له،
فَلَوْ جَمَعَهُما فَاسْتَاجَرَهُ لِيَخِيطَهُ بَيَاضَ النَّهَارِ .. لَمْ يَصِحَّ فِي الأّصَحِّ. وَيُقدَّرُ تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ بِمُدَّةٍ،
ــ
وإنما التقدير: جعلتها مؤجرة منك سنة، أو أجرتك منفعتها أي: الانتفاع بها سنة، فالعامل في سنة الانفاع.
قال: والصواب أن قوله تعالى: {ثماني حجج} يعرب مفعولاً لا ظرفاً، وقد حكى أبو البقاء مثل ذلك في قوله تعالى:{فأماته الله مائة عم} .
قال: (فلو جمعهما) أي: التقدير بالعمل والزمان (فاستأجره ليخيطه بياض النهار .. لم يصح في الأصح)؛ للغرر، فقد يتقدم العمل أو يتأخر كما إذا أسلم في قفيز حنطة بشرط أن يكون وزنه كذا .. لم يصح بلا خلاف.
والثاني: يصح لحصول الضبط بكل منهما، وعلى هذا: يستحق الأجرة بأسرعهما على الأصح.
والثالث: إن أمكن العمل في المدة المذكورة .. صح، وإلا .. فلا.
وقد يسأل عن جريان الخلاف هنا، والقطع بمنع قفيز حنطة زنته كذا.
واستثنى الشيخ من إطلاق المصنف مسألتين بحثاً: إذا كان الثوب صغيراً يفرغ في أقل من يوم عادة، وما إذا قصد العمل وجرى ذكر اليوم على سبيل التعجيل لا الاشتراط.
قال: (ويقدر تعليم القرآن بمدة) أي: كشهر ونحوه، هذا الذي قطع به الإمام والغزالي، وقال البغوي: لا يكفي التقدير بالمدة، بل لابد من تعيين السور أو الآيات؛ للتفاوت في الحفظ والتعليم، وقال في (الشرح الصغير) و (التذنيب): إن هذا هو الأشبه.
وعلى الأول هل تدخل أيام الجمع في المدة؟ فيه احتمالان في (البيان)، وهما كالوجهين في النزول عن الدابة في المواضع التي جرت العادة بالنزول فيها، وكسبوت
أَوْ تَعْيِينِ سُوَرٍ
ــ
اليهود فإنها تستثنى كما سيأتي في خاتمة الباب.
قال: (أو تعيين سور) فإن أخل بذلك .. لم يصح في الأصح؛ لما تقدم من التفاوت في السهولة والصعوبة، فلو جمع بينهما كتعلمه سورة كذا في شهر كذا .. ففيه الخلاف المتقدم، وكذا تعيين الآيات فيقول: عشر آيات من سورة كذا من أولها أو آخرها، وكذا تعيين الآيات فيقول: عشر آيات من سورة كذا من أولها أو آخرها، وقيل يكفي: عشر من سورة كذا، وقيل: يكفي: عشر من سورة وإن لم يعين السورة أيضاً.
فروع:
يشترط كونه قدراً في تعلمه كلفة لا كـ {ثم نظر} ، قال في (الحاوي): وأقله كأقصر سورة وهي ثلاث آيات فصاعداً، ويشترط العلم بالمشروط إما بأن يعلما ذلك أو بعدد الأسطر والأوراق فيقول: من ههنا إلى ههنا، وتوقف الرافعي في ذلك؛ لأنه لا تعرف سهولته وصعوبته.
قال في زوائد (الروضة): والصواب أنه لا يكتي بهذا، والذي قالا يشكل عليه ما تقدم في البيع في شروط الكفيل أنه تكفي مشاهدته وإن جهل إعساره ويساره.
وقد يفرق بأن القرآن هو نفس المعقود عليه فاحتطنا له، والكفيل توثقة للمعقود عليه فخفف أمره.
ولا يشترط تعيين القراءة كحرف أبي عمرو وحمزة وغيرهما على الصحيح، فلو عين قراءة .. تعينت، فإن أقرأه غيرها فهل يستحق أجرة المثل أو لا يستحق شيئاً؟ وجهان حكاهما الرافعي في (الصداق).
ولا يشترط أن يختبر حفظ المتعلم كما لا تشترط معرفة حال الفرس في المسابقة، والقياس عدم الصحة فيهما؛ للجهالة، قال الإمام: وكنت أو ذلك.
وَفِي الْبِنَاءِ يُبَيِّنُ الْمَوْضِعَ، وَالطُّولَ، وَالْعَرْضَ، وَالسَّمْكَ، وَمَا يُبْنَى بِهِ [إِنْ قُدِّرَ بِالْعَملِ].
ــ
وإن كان يتعلم الشيء وينساه .. ففيه أوجه:
أحدها: إن تعلم آية فنسيها .. لم تجب إعادتها، أو دونها .. وجب.
وثانيها: الاعتبار بالسورة.
وثالثها: إن نسي في مجلس التعليم .. وجب أن يعيده، وإلا .. فلا.
والأصح: إتباع العرف الغالب.
قال القاضي: وشرط المعلم: أن يكون مسلماً أو مرجو الإسلام.
فائدة:
سئل قاضي القضاة ابن رزين عن أمير حبس ثم مات، فطلب ورثته من ديوانه عمل الحساب للمدة التي كان الأمير حياً فيها فأجاب: لا يلزمهم ذلك إلا أن يكونوا استؤجروا إجارة صحيحة على عمل معين وفيه عمل الحساب، ولم يكونوا عملوه قبل ذلك للأمير.
قال: وفي البناء يبين الموضع والطول، والعرض، والسمك) وهو بفتح السين كما ضبطه بخطه الارتفاع قال تعالى:{رفع سمكها} وأما الطول .. فهو من إحدى الزاويتين إلى الأخرى، والعرض: المسافة من إحدى وجهي الجدار إلى الآخر.
قال: (وما يبنى به) من طين وآجر ولبن [(إن قدر بالعمل)]؛ لأن الأغراض تختلف بذلك، وكذلك الأجرة، فلو قدره بالزمان .. كفى.
ولو استأجر للتجصيص أو التبييض .. قدره بالزمان؛ إذ لا سبيل إلى تقديره بالعمل لأنه لا ينضبط رقة وثخانة.
وَإِذَا صَلَحَتِ الأَرْضُ لِلْبِنَاءِ وَالزِّرَاعَةِ وَالْغِرَاسِ .. اشْتُرِطَ تَعْيِينُ الْمَنْفَعَةِ، وَيَكْفِي تَعْيِينُ الزِّرَاعَةِ عَنْ ذِكْرِ فِي الأَصَحِّ، وَلَوْ قَالَ: لِتَنْتَفِعَ بِهَا بِمَا شِئْتَ .. صَحَّ،
ــ
قال: (وإذا صلحت الأرض للبناء والزراعة والغراس .. اشترط تعيين المنفعة)؛ لأن منافع هذه الجهات مختلفة، وضررها اللاحق يختلف .. فوجب التعيين، فإن لم تصلح الأرض إلا لجهة واحدة .. كفى الإطلاق كأرض الأحكار؛ فإنه يغلب فيها البناء، وبعض البساتين؛ فإنه يغلب فيها الغراس.
قال: (ويكفي تعيين الزراعة عن ذكر ما يزرع في الأصح)؛ لقلة التفاوت بين أنواع الزرع، وعلى هذا يزرع ما شاء.
قال الرافعي: ولا يجب أن ينزل على أقل الدرجات.
والثاني: لا يكفي ذلك؛ لأن ضرر الزرع مختلف، وهما كالوجهين فيما إذا أعار أرضاً للزراعة مطلقاً.
وينبغي أن يكون الخلاف فيما لا يجب الاحتياط له، فأما إذا أجر على غيره بولاية أو نيابة .. فلا يكفي الإطلاق ويجب التعيين.
واقتصار المصنف على الزراعة يوهم أن البناء والغراس ليسا كذلك، والشيخان سويا بين الجميع، وفي ذلك نظر؛ فإن ضررهما يتأبد بخلاف الزرع.
قال: (ولو قال: لتنتفع بها بما شئت .. صح) وادعى الإمام الاتفاق عليه، وعلى هذا يصنع ما شاء؛ لأنه رضي به، لكن يشترط عدم الإضرار؛ فإن العادة جارية بأن الأرض إذا زرع فيها شيء في سنة تراح منه أخرى ولذلك قال ابن الصلاح في (فتاويه): عليه أن يربح الأرض على ما جرت به العادة كما في إراحة الدابة.
وفي وجه: لا يصح كما لو قال: بعتك من هؤلاء العبيد من شئت؛ لأن أنواع المنافع كالأعيان.
وَكَذَا إِنْ قَالَ: إِنْ شِئْتَ فَازْرَعْ وَإِنْ شِئْتَ فَاغْرِسْ فِي الأَصَحِّ. وَيُشْتَرَطُ فِي إِجَارَةِ دَابَّةٍ لِرُكُوبٍ: مَعْرِفَةُ الرَّاكِبِ بِمُشَاهَدَةٍ أَوْ وَصْفٍ تَامٍّ، وَقِيلَ: لَا يَكْفِي الْوَصْفُ،
ــ
قال: (وكذا إن قال: إن شئت فازرع وإن شئت فاغرس في الأصح)؛ لأنه رضي بأعظمهما ضرراً فيتخير بينهما.
والثاني: المنع للإبهام، فلو قال: أجرتكها لتزرع أو تغرس .. لم يصح.
قال: (ويشترط في إجارة دابة لركوب معرفة الراكب) سواء كانت إجارة عين أو ذمة؛ لاختلاف الأغراض بذلك، وذلك يحصل بطريقتين ذكرهما المصنف فقال:
(بمشاهدة أو وصف تام) أما المشاهدة .. فلا خلاف في الاكتفاء بها كما قيل [من الوافر]:
ولكن للعيان لطيف معنى له سأل المشاهدة الخليل
والمراد بالوصف التام: أن يذكر طوله وضخامته ونحافته؛ ليعرف وزنه تخميناً، وقيل: يصفه بالوزن.
وعبارة (المحرر): (وطريق معرفته المشاهدة عند الجمهور) والأصح: أن الوصف التام يكفي عنها.
وقطعوا في الصبي المستأجر لإرضاعه باشتراط رؤيته، ولم يكتفوا فيه بالوصف؛ لأنه لا يأتي على المقاصد المتعلقة به.
قال: (وقيل: لا يكفي الوصف)؛ لأنه غير واف بالمقصود، فلذلك قال صلى الله عليه وسلم:(ليس الخبر كالمعاينة) رواه ابن حبان.
فعلى هذا: تتعين المشاهدة؛ لأن الرجال يتفاوتون في السمن والهزال والثقل والخفة، وبالقياس على البيع، والذي ضعفه المصنف هنا نقله في (الشرح) و (الروضة) عن الأكثرين، وحكاه في (المطلب) عن نص (الأم).
وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ مِنْ مَحْمِلٍ وَغَيْرِهِ إِنْ كَانَ لَهُ. وَلَوْ شَرَطَ حَمْلَ الْمَعَالِيقِ مُطْلَقاً: فَسَدَ الْعَقْدُ فِي الأَصَحِّ،
ــ
وقيل: إن كان غائباً .. وصفه، وإلا .. فلا.
قال: (وكذا الحكم فيما يركب عليه من محمل وغيره) كعمارية أو زاملة أو سرج أو إكاف أو رحل.
و (المحمل) بفتح الميم الأولى كمجلس.
قال: (إن كان له) أي: إن كان الحضر له هو الراكب .. فظاهره اعتبار المشاهدة، وأن الوصف التام في معناه في الأصح.
وقيل: يكفي الوزن أو الوصف، وقيل: لابد من المشاهدة، وقيل: إن خفت .. كفى الوصف، وإلا .. وجبت المشاهدة.
واحترز المصنف عما إذا لم يكن له ما يركب عليه، فإنه لا يجب ذكره، ويركبه المؤجر على ما يليق بالدابة.
ويشترط مع ما ذكره بيان ما يفرش في المحمل، وكذلك الغطاء الذي يستظل به، فإن أطلق العقد .. حمل على كونه مكشوفاً لإمكان الركوب به، وإنما التغطية ترفه .. فلابد من شرطه، وينظر أيضاً إلى ارتفاع المظل الذي على الكنيسة فإنه كلما ارتفع أضر بالمحمل.
وعن ابن كج والمتولي: تشترط رؤية ما يظلل به أو وصفه كالوطاء وهو ظاهر النص، إلا أن يكون فيه عرف مطرد .. فيكفي الإطلاق.
قال: (ولو شرط حمل المعاليق مطلقاً) أي: من غير رؤية ولا وصف ووزن (.. فسد العقد في الأصح)؛ لاختلاف الناس فيها، وربما قلت وربما كثرت.
والثاني: يصح ويحمل على الوسط، وبه قال مالك وأبو حنيفة.
و (المعاليق): جمع معلوق بضم الميم قاله الأزهري، وغلط من قال: جمع معلاق، وهو: ما يعلق على البعير كالسفرة والإداوة والقدر والقصعة ونحوها.
وموضع الخلاف إذا كانت فارغة، فإن كان فيها طعام أو ماء أو نحوه .. وجب ضبطه بالوزن أو الرؤية في الأصح.
فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ .. لَمْ تُسْتَحَقَّ. وَيُشْتَرَطْ فِي إِجَارَةِ الْعَيْنِ: تَعْيِينُ الدَّابَّةِ، وَفِي اشْتِرَاطِ رُؤْيَتِهَا الْخِلَافُ فِي بَيْع الْغَائِبِ، وَفِي إِجَارَةِ الذِّمِّةِ: ذِكْرُ الجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالذُّكُورَةِ وَالأُنُوثَةِ. وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا: بَيَانُ قَدْرِ السَّيْرِ كُلِّ يَوْمٍ
ــ
وكان ينبغي أن يعبر بالمذهب أو الأظهر كما عبر به في (الروضة)؛ لأن فيها وفي (الشرح) طريقين:
أشهر قولان. والطريق الثاني: القطع بالمنع.
قال: (فإن لم يشرطه .. لم تستحق)؛ لأنها لم تذكر.
وقيل: تستحق؛ لأن العادة جارية بذلك.
قال: (ويشترط في إجارة العين: تعيين الدابة) أي: لابد من ذلك؛ إذ لا يتصور إلا كذلك، ويشترط أيضاً قدرتها على المحمول، فلو ذكر متاعاً لا تقدر على حمله أو قال: لتحمل عليها ما شئت .. لم يصح.
قال: (وفي اشتراط رؤيتها الخلاف في بيع الغائب) وقد تقدم أن الأظهر اشتراطه.
قال: (وفي إجارة الذمة: ذكر الجنس) كالإبل والبغال والحمير.
قال: (والنوع) كبختي أو نجيب والبرذون والعتيق.
قال: (والذكورة والأنوثة)؛ لأن الأغراض تختلف بذلك؛ فإن الذكر أقوى والأنثى أسهل سيراً، وفي وجه: لا يشترط ذلك؛ لقلة اختلاف الأغراض باختلافهما.
والأصح: اشتراط ذكر الهملجة وغيرها؛ لأن معظم الغرض يتعلق بكيفية السير، ولا يحتاج إلى ذكر اللون والقدر؛ لأن الأغراض لا تختلف به.
قال: (ويشترط فيهما) أي: في إجارة العين والذمة (بيان قدر السير كل يوم) ويكون قدراً تطيقه الدابة غالباً، وذلك يختلف باختلاف البهائم واختلاف الطرق وسهولة وحزونة.
إِلَاّ أَنْ يَكُونَ بِالطَّرِيقِ مَنَازِلُ مَضْبُوطَةٌ يُنَزَّلُ عَلَيْهَا. وَيَجِبُ فِي الإِيجَارِ لِلْحَمْلِ أَنْ يَعْرِفَ الْمَحْمُولَ- فَإِنْ حَضَرَ .. رَآَهُ وَامْتَحَنَهُ بِيَدِهِ إِنْ كَانَ فِي ظَرْفٍ، وَإِنْ غَابَ .. قُدِّرَ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ- وَجِنْسَهُ، لَا جِنْسَ الدَّابَّةِ وَصِفَتَهَا إِنْ كَانَتْ إِجَارَةَ ذِمَّةٍ
ــ
قال: (إلا أن يكون بالطريق منازل مضبوطة ينزل عليها) أي: عند الإطلاق كما ينصرف إطلاق النقد إلى غالب نقد البلد، فإن شرط خلافه .. أتبع، فإن لم يكن أو كانت العادة مختلفة .. لم يصح حتى يبينا أو يقدرا بالزمان.
وقال القاضي أبو الطيب والروياني: إذا كان الزمان مخوفاً .. لا يجوز تقدير السير فيه؛ إذ لا تعلق له بالاختيار، قال الرافعي: وقضيته امتناع التقدير بالزمان أيضاً.
قال: (ويجب في الإيجار للحمل أن يعرف المحمول)؛ لاختلاف تأثيره وضرره.
قال: (فإن حضر .. رآه وامتحنه بيده إن كان ظرف) تخميناً لوزنه إن كان ممكناً به، فإن لم يكن في ظرف .. كفت رؤيته، ولا يشترط الوزن في الحال، وفي (الحاوي) ما يقتضي خلافاً فيه.
أما ما يستغني عن الظرف كالأحجار .. فعبارة المصنف توهم أنه لا يمتحن باليد وليس كذلك، بل لابد من امتحانه بها.
قال: (وإن غاب .. قدر بكيل أو وزن)؛ لأن ذلك طريق معرفته، ولو قدر المكيل بالوزن .. جاز؛ لأنه أضبط.
قال: (وجنسه) المراد: أن يعرف المكري جنس المحمول؛ لأن تأثير القطن والحديد في الدابة يختلف مع التساوي في الوزن فلو قال: مئة رطل مما شئت .. جاز في الأصح، وكذلك لو لم يقل مما شئت، ويكون رضي منه بأضر الأجناس .. فلا حاجة حينئذ لبيان الجنس.
فلو قدر بالكيل فقال: عشرة أقفزة مما شئت .. فالصواب: أنه لا يغني [عن] ذكر الجنس؛ لاختلاف الأجناس في الثقل مع الاستواء في الكيل.
قال: (لا جنيس الدابة وصفتها إن كانت إجارة ذمة)؛ لأن المقصود الحمل إلى
إِلَاّ أَنْ يَكُونَ الْمَحْمُولُ زُجَاجاً وَنَحوَهُ.
ــ
الموضع المعين، وتوقف الرافعي فيه.
قال: (إلا أن يكون المحمول زجاجاً ونحوه) كالزخرف؛ لاختلاف الغرض به، وكذا إذا كان في الطريق وحل أو طين .. فلابد من إعلام الدابة؛ لأن الضعيفة تسقط فيها دون القوية، وهذا استثناء ذكره القاضي حسين فتابعه الإمام والغزالي والرافعي، قال في (المطلب) ولم يتعرض له الجمهور؛ لأن المحمول إن كان مشاهداً .. فيحمل على ما يليق به عرفاً وشرعاً، وإن كان موصوفاً .. فعند العراقيين لابد من ذكر جنسه، وإذا ذكر .. صار كالمشاهد.
قال الرافعي: ولم ينظروا إلى تعلق الغرض بكيفية سرعة الدابة وإبطائها وقوتها وضعفها، ولو نظروا إليها .. لم يكن بعيداً.
والزجاج مثلث الزاي حكاه ابن سيده وابن مالك.
تتمة:
ظروف المتاع وحباله إن لم تدخل في الوزن .. فلابد من معرفتها بالرؤية أو الوصف، إلا أن يكون هناك غرائز متماثلة اطرد العرف باستعمالها .. فيحمل مطلق العقد عليها.
وإذا اكترى دابة ليركبها ويحمل عليها كذا كذا رطلاً فركب وحمل وأخذ في السير، فأراد المكري أن يعلق عليها مخلاة أو سفرة أمام القتب أو خلافه أو يردف رديفاً .. كان للمكتري منعه.
ولو ضمن رجل العهدة للمستأجر فيما استأجره .. قال ابن سريج: لا يصح، وحكى الرافعي عن القفال: أنه يصح، ويرجع عليه عند ظهور الاستحقاق.