الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
يُشْتَرَطُ إِيجَابٌ وَقَبُولٌ- وَقِيلَ: يَكْفِي الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ-
ــ
تتمة:
قال: قارضتك ولم يزد عليه .. قال ابن سريج: يصح: ويحمل على أن الربح بينهما نصفين، وقال القاضي والإمام المتولي: لا يصح كما لو قال: بعتك هذا، فقال: اشتريت ولم يذكرا ثمناً.
ولو قال: قارضتك على أنك إن اتجرت في البز فلك نصف الربح وإن اتجرت في الخيل فلك ثلثه .. لم يصح، وكذا لو جعل له ربح الربح إن اتجر في البلد ونصفه إن سافر.
ولو قال: خذ هذه الدراهم وابتع بها على أن ما رزقه الله تعالى من ربح يكون بيننا نصفين .. لم يصح، وإن قال: خذها واعمل فيها .. صح لاقتضاء العمل البيع بخلاف الابتياع، قاله الروياني.
قال: (فصل:
يشترط إيجاب وقبول)؛ لأنه عقد معاوضة فأشبه البيع وغيره، ويشترط فيه الاتصال المعتبر في البيع، ومراده بـ (الشرط) ما لابد منه.
ولفظ الإيجاب المتفق عليه: قارضتك أو ضاربتك أو عاملتك على أن تشتري وتبيع ويكون الربح بيننا نصفين، وكذا إن لم يتعرض للشراء والبيع على الصحيح؛ لأن لفظ القراض يغني عنه، ويكفي قول الوارث: قررتك أو تركتك في الأصح.
قال: (وقيل: يكفي القبول بالفعل) كما في الوكالة والجعالة، ومحل هذا الوجه إذا كانت صيغة الإيجاب: خذ هذه الدراهم واتجر فيها أو نحو ذلك، أما لفظ: قارضتك أو ضاربتك أو عاملتك .. فلابد من القبول فيه باللفظ جزماً؛ لأن هذه الألفاظ تقتضي المفاعلة.
وَشَرْطُهُمَا كَوَكِيلٍ وَمُوَكِّلٍ. وَلَوْ قَارَضَ الْعَامِلُ آخَرَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ لِيُشَارِكَهُ فِي الْعَمَلِ وَالرِّبْحِ .. لَمْ يَجُزْ فِي الأَصَحِّ،
ــ
وظاهر كلام القاضي أنه لا يحتاج إلى القبول فيما عقد بلفظ المضاربة ويكفي التصرف، وهو نظير وجه في الوكالة.
قال: (وشرطهما كوكيل وموكل)؛ لأن القراض توكيل وتوكيل، فاعتبر فيهما ما اعتبر ثم، فلا يجوز من صبي ولا سفيه.
وأما المحجور عليه بالفلس .. فلا يصح أن يقارض، ويصح أن يكون عاملاً على الصحيح.
ويجوز للإنسان أن يقارض على مال من هو في ولايته من صبي وسفيه ومجنون، سواء كان الولي أباً أو جداً أو وصياً أو حاكماً أو أمينه.
قال المتولي: ويستحب له أن يستقصي فيما يشترط من الربح للعامل حتى لا يستفيد أكثر من أجرة المثل، إلا أنه لو شرط أكثر من ذلك .. صح.
ولا يصح أن يقارض العبد المأذون بغير إذن سيده ولا يقارض.
فرع:
قارض المريض في مرض الموت وشرط للعامل أكثر مما جرت به العادة .. صح، فإذا تصرف وربح .. سلم له ما شرطه وإن زاد على أجرة مثله، ولا يحسب من الثلث، كما تزوج المريضة نفسها بدون مهر المثل، ويؤجر المريض نفسه بدون أجرة المثل، ولا يحسب الناقص من الثلث على المذهب فيهما إلا إذا كان الزوج وارثاً، بخلاف ما إذا ساقى في مرض موته وجعل للعامل من الثمرة أكثر من أجرة مثله .. فإن الزيادة تحسب من الثلث على الأصح.
قال: (ولو قارض العامل آخر بإذن المالك ليشاركه في العمل والربح .. لم يجز في الأصح)؛ لأن القراض على خلاف القياس فلا يعدل به عن موضوعه وهو: أن
وَبِغَيْرِ إِذْنِهِ فَاسِدٌ، فَإِنْ تَصَرَّفَ الثَّانِي .. فَتَصَرُّفُ غَاصِبٍ، فَإِنِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَقُلْنَا بِالْجَدِيدِ ..
ــ
يكون أحد العاقدين مالكاً لا عمل له والآخر عاملاً لا ملك له.
والثاني: يجوز كما يجوز للمالك أن يقارض شخصين ابتداء، وقواه الشيخ.
وعلى هذا: إنما يشتركان في الربح إذا وجد العمل منهما، فلو عمل أحدهما فقط .. لم يستحق الآخر شيئاً بالكلية.
واحترز بقوله: (ليشاركه في العمل) عما إذا أذن له في ذلك على أن ينسلخ هو من القراض ويكون وكيلاً فيه عن المالك .. فإنه يصح جزماً كما لو قارضه المالك بنفسه، قال في (المطلب): ومحله إذا كان المال مما يجوز عليه القراض، فلو اتفق ذلك بعد تصرفه وصيرورته عرضاً .. لم يجز؛ لأنه ابتداء قراض على العروض.
قال: (وبغير إذنه فاسد)؛ لأن المالك لم يأذن فيه، سواء قصد المشاركة في العمل والربح أم في الربح دون العمل أم قصد الانسلاخ.
وشبهه الإمام- إذا قصد الانسلاخ بغير إذن- بما إذا أراد الوصي أن ينزل منزلته في حياته وصياً يقيمه مقام نفسه في جميع ما هو منوط به، وذلك ممنوع.
قال الشيخ: ومثله ناظر الوقف المشروط له النظر، ليس له أن يقيم غيره مقامه وإخراج نفسه منه، قال: وقد وقعت هذه المسألة في الفتاوى ولم أتردد في أن ذلك ممنوع، وسيتأتي المسألة في (باب الوقف) مبسوطة.
قال: (فإن تصرف الثاني .. فتصرف غاصب)؛ لأن الإذن صدر من غير مالك ولا وكيل.
قال: (فإن اشترى في الذمة) أي: وسلم ما أخذه من الأول ثمناً وربحاً.
قال: (وقلنا بالحديد) وهو أن الربح كله للغاصب لصحة الشراء في الذمة، ولم يتقدم للجديد ذكر حتى يفرع عليه.
فَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ الأَوَّلِ فِي الأَصَحِّ، وَعَلَيْهِ للِثَّانِي أُجْرَتُهُ- وَقِيلَ: هُوَ لِلثَّانِي- فَإِنِ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ .. فَبَاطِلٌ. وَيَجُوزُ أَنْ يُقَارِضَ الْوَاحِدُ اثْنَيْنِ مُتَفَاضِلاً وَمُتَسَاوِياً، وَالاِثْنَانِ وَاحِداً
ــ
والقديم: أن الربح للمالك؛ إذ لو جعلناه للغاصب لاتخذه الناس ذريعة إلى الغصب.
قال: (.. فالربح للعامل الأول في الأصح)؛ لأنه تصرف بإذنه كالوكيل، سواء علم بالحال أم لا.
قال: (وعليه للثاني أجرته)؛ لأنه لم يتبرع، وهذه زيادة على (المحرر).
قال: (وقيل: هو الثاني)؛ لأنه المتصرف كالغاصب، وهو قوي عند علمه بالحال، واختاره الشيخ.
قال: (فإن اشترى بعين مال القراض .. فباطل)؛ لأنه فضولي، وفيه القول القديم القائل بوقف العقود.
هذا كله إذا تصرف الثاني وربح، أما لو هلك المال في يده، فإن كان عالماً بالحال .. فغاصب، وإن ظن العامل مالكاً .. فهو كالمستودع من الغاصب؛ لأن يده يد أمانه.
وقيل: كالمتهب منه، لعود النفع إليه، فعلى الأول قرار الضمان على الأول، وعلى الثاني على الثاني.
قال: (ويجوز أن يقارض الواحد اثنين متفاضلاً ومتساوياً)؛ لأن ذلك كعقدين، وليس كشركة الأبدان.
وشرط المسألة: أن يجعل لكل منهما الاستقلال، فإن شرط على كل مراجعة الآخر .. لم يجز، قاله الإمام.
قال الرافعي: وما أظن الأصحاب يساعدونه عليه، والمشهور في (المطلب) إطلاق الجواز كما قاله الرافعي، لكن لابد من تعيين مستحق الأكثر والأقل.
قال: (والاثنان واحداً)؛ لأن كلا منهما قارض على نصيبه مشاعاً.
وَالرِّبْحُ بَعْدَ نَصِيبِ الْعَامِلِ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ الْمَالِ. وَإِذَا فَسَدَ الْقِرَاضُ .. نَفَذَ تَصَرُّفُ الْعَامِلِ، وَالرِّبْحُ لَلْمَالِكِ، وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ إِلَاّ إِذَا قَالَ: قَارَضْتُكَ وَجَمِيعُ الرِّبْحِ لِي .. فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الأَصَحِّ. وَيَتَصَرَّفُ الْعَامِلُ: مُحْتَاطاً ..
ــ
قال: (والربح بعد نصيب العامل بنيهما بحسب المال) فلو شرطا خلافه .. فسد، وكذا لو شرطا كون الباقي بين المالكين على غير ما تقتضيه نسبة المالين .. فهو فاسد أيضاً، أما إذا جعل أحدهما له من نصيبه الثلث والآخر الربع .. جاز.
قال: (وإذا فسد القراض .. نفذ تصرف العامل)؛ لأن الفساد في القراض لا في الإذن.
قال: (والربح للمالك)؛ لأنه نماء ملكه.
قال: (وعليه للعامل أجرة مثل عمله) سواء حصل في المال ربح أم لا؛ لأنه عمل طامعاً في المسمى، فإذا لم يحصل له .. وجب أن يرد عليه أجرة مثل عمله، وقيل: إن لم يكن ربح .. فلا شيء له، وزيفة الإمام.
قال: (إلا إذا قال: قارضتك وجميع الربح لي .. فلا شيء له في الأصح)؛ لأنه عمل مجاناً.
والثاني: يستحق الأجرة كالمهر في النكاح الفاسد، وفي (الكفاية) و (المطلب): أن هذا الوجه هو الصحيح، والخلاف مفرع على الأصح وهو: أنه قراض فاسد، فإن قلنا: إبضاع .. لم يكن له شيء قطعاً.
فإن قيل: لو ساقاه شريكه على أن يكون له جميع الثمار فالأصح: استحقاق الأجرة .. فالجواب: إنما كان كذلك؛ لأن جميع العمل يصرف إليه.
قال: (ويتصرف العامل محتاطاً)؛ لأنه وكيل، والمراد: أنه يتصرف به في المصلحة كما عبر به في (الروضة).
لَا بِغَبْنٍ وَلَا نَسِيئَةٍ بِلَا إِذْنٍ. وَلَهُ الْبَيْعُ بِعَرْضٍ. وَلَهُ الرَّدُّ بِعَيْبٍ تَقْتَضِيهِ مَصْلَحَةٌ،
ــ
وقوله: (محتاطاً) أحسن من قول (المحرر): (بالغبطة)؛ لأنه يفهم أنه لا ينعقد تصرفه إذا خلا عنها وعن المفسدة، كما إذا اشترى الشيء بقيمة مثله وليس كذلك.
نعم؛ قال الماوردي: ليس له أن يشتري شيئاً بثمن مثله وهو لا يرجو فيه ربحاً.
قال: (لا بغبن) أي: فاحش لا يحتمل كالوكيل.
قال: (ولا نسيئة بلا إذن)؛ لما فيه من الغرر، وهل يجب التعرض للمدة أو لا؟ قال ابن الرفعة: يأتي فيه من ذكر في (الوكالة).
فإن باع نسيئة .. وجب عليه الإشهاد، ويكون بتركه ضامناً، ولا حاجة إليه في البيع حالاً؛ لأنه يحبس المبيع إلى استيفاء الثمن، فإن سلمه قبل الاستيفاء .. ضمن.
أما الشراء بالنسيئة .. فسكت عنه الشيخان، وصرح الماوردي بجوازه وقال: لو شرط عليه البيع بالمؤجل دون الحال .. فسد، قال: ولا يجوز عند الإذن في النسيئة أن يبيع ويشتري سلماً؛ لأن عقد السلم أكثر غرراً.
قال: (وله البيع بعرض)؛ لأن المقصود منه الاسترباح والبيع بالعرض طريق منه، بخلاف الوكيل. وهو مشكل بالمنع في الشريك، وقياس جواز البيع بالعرض جوازه بغير نقد البلد، والذي جزم به البندنيجي وابن الصباغ وسليم والروياني بالمنع، وسكت الشيخان أيضاً عن الشراء بالعرض، والظاهر أنه أولى بالجواز.
قال: (وله الرد بعيب تقتضيه مصلحة)؛ لتعلق حقه به بخلاف الوكيل، ومحله إذا ظن السلامة فبان معيباً، وله شراؤه مع علمه بعيبه إن رآه مربحاً.
فَإِنِ اقْتَضَتِ الإِمْسَاكَ .. فَلَا فِي الأَصَحِّ، وَلِلْمَالِكِ الرَّدُّ، فَإِنِ اخْتَلَفَا .. عُمِلَ بِالْمَصْلَحَةِ. وَلَا يُعَامِلُ الْمَالِكَ. وَلَا يَشْتَرِي لِلْقِرَاضِ بِأَكْثَرَ مِنْ رَاسِ الْمَالِ، وَلَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَى الْمَالِكِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ،
ــ
قال: (فإن اقتضت الإمساك .. فلا في الأصح)؛ لإخلاله بمقصود العقد.
والثاني: له الرد قياساً على الوكيل، وهذا ظاهر نصه في (المختصر)، وقال الإمام: إنه متجه، فإن حطه عن رتبة الوكيل .. لا وجه له.
قال: (وللمالك الرد) أي: حيث جوزنا للعامل، بل هو أولى بجواز ذلك.
قال: (فإن اختلفا .. عمل بالمصلحة) سواء طلب المالك دون العامل الإمساك أو بالعكس؛ لأن كلاً منهما له حق، فإن استوى الحال في الرد والإمساك .. ففي (المطلب): يرجع إلى العامل.
قال: (ولا يعامل المالك) المراد: أنه لا يعامله بمال القراض دون غيره؛ لأن مال القراض ملكه فهو كالعبد المأذون، وفي المأذون وجه لا يبعد مجيئه هنا.
قال: (ولا يشتري للقراض بأكثر من رأس المال)؛ لأن المالك لم يأذن فيه.
فرع:
ليس للعامل أن يشتري بغير جنس المال، فلو كان رأس المال ذهباً ووجد سلعة تباع بالدراهم .. لم يشترها بالدراهم، بل يصطرف الدراهم بالذهب ثم يشتريها به، قاله الماوردي وتبعه في (المطلب) و (الكفاية) و (الجواهر)، وفيه نظر.
قال: (ولا من يعتق على المالك بغير إذنه)؛ لأن ذلك ينافي مقصود القراض.
وشملت عبارته الأصول والفروع ومن أقر بحريته ومستولدته التي بيعت لكونها مرهونة، واحترز عما إذا أذن فيه .. فإنه يصح، ثم إن لم يكن في المال ربح .. عتق على المالك وصار الباقي هو رأس المال، وإن كان فيه ربح وقلنا: يملك العامل
وَكَذَا زَوْجُهُ فِي الأَصَحِّ، فَإِنْ فَعَلَ .. لَمْ يَقَعْ لِلْمَالِكِ، وَيَقَعُ لِلْعَامِلِ إنِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ.
ــ
بالقسمة .. عتق أيضاً، وإن قلنا: يملك بالظهور .. عتق نصيب المالك عليه ثم يسري إلى الباقي إن كان موسراً.
ولو أعتق المالك عبداً من عبيد التجارة .. كان الحكم فيه كذلك، وعلم منه أن رب المال إذا كان ممن لا يعتق عليه القريب بالتملك كالمبعض والمريض الممنوع من ذلك .. فيشتري عامل القراض قريبه قطعاً.
قال: (وكذا زوجه في الأصح)؛ لما فيه من إضرار رب المال بانفساخ النكاح فلم يتضمنه إذنه.
والثاني: يجوز؛ لأنه قد يكون مربحاً.
والزوج يقع على الذكر والأنثى قال الله تعالى: {اسكن أنت وزوجك الجنة} ، وقال تعالى:{وأصلحنا له زوجه} ، وهو أعلم من تعبير (المحرر) بـ (زوجته) بـ (التاء) قبل (الهاء).
قال: (فإن فعل) أي: ما منعناه منه من الشراء بأكثر من رأس المال وشراء القريب والزوج (.. لم يقع للمالك، ويقع للعامل إن اشترى في الذمة) أي: إذا لم يصرح بالسفارة لما تقدم.
واحترز بقوله: (في الذمة) عما إذا اشتراه بالعين .. فإنه باطل من أصله، وكذلك لو اشترى في الذمة بشرط أن يوفي الثمن من مال القراض، قال الروياني.
وقال في (المطلب): كلام الأصحاب في هذه المسألة ونحوها يدل على أنه لا يجوز للعامل شراء الحيوان، ولا يظهر جوازه للولي؛ لما فيه من الغرر.
وَلَا يُسَافِرُ بِالْمَالِ بِلَا إِذنٍ. وَلَا يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ حَضَراً، وَكَذَا سَفَرٌ فِي الأَظْهَرِ.
ــ
قال: (ولا يسافر بالمال بلا إذن) وإن كان السفر قريباً والطريق آمناً ولا مؤنة فيه؛ لأن فيه غرراً وتعريضاً للهلاك، وعن البويطي قول: إنه يجوز عند أمن الطريق كمذهب أبي حنيفة ومالك.
هذا إذا لم ينهه ولم يأذن، فإن نهاه .. لم يجز إجماعاً، وإن أذن .. جاز بحسب الإذن، كذا أطلقه الرافعي.
وقال المصنف: لا يجوز في البحر، أي: الملح إلا أن ينص عليه، فإن أطلق الإذن .. سافر إلى المواضع المأمونة التي جرت عادة أهل تلك البلد بالسفر إليها للمتجر، ومتى خالف .. ضمن.
قال القاضي والإمام: ويستمر القراض.
قال: (ولا ينفق منه على نفسه حضراً)؛ لأن العرف قاض بذلك.
قال: (وكذا سفر في الأظهر)؛ لأن النفقة قد تكون قدر الربح فيؤدي إلى انفراده به، وقد تكون أكثر فيؤدي إلى أن يأخذ جزءاً من رأس المال وهو ينافي مقتضاه.
والثاني: ينفق ما يزيد بسبب السفر كالإداوة والكراء ونحو ذلك.
وقيل: يطرد في كل ما يحتاج إليه من طعام وكسوة وإدام وغيرها، فإن قلنا: لا يستحق فشرطها .. بطل في الأصح، وإن قلنا بالاستحقاق .. ففرع الرافعي عليه فروعاً:
منها: أنه يرد بعد رجوعه ما بقي من الآلات وفضل الزاد على الأصح.
ومنها: أنه لو كان معه مال لنفسه .. وزعت النفقة على قدر المالين إن كان ماله قدراً يقصد بالسفر.
وَعَلَيْهِ فِعْلُ مَا يُعْتَادُ؛ كَطَيِّ الثَّوْبِ وَوَزْنِ الْخَفِيفِ كَالذَّهَبِ وَالْمِسْكِ لَا الأَمْتِعَةِ الثَّقِيلَةِ ونَحْوِهَا. ومَا لَا يَلْزَمُهُ لَهُ الاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ. وَالأَظْهَرُ: أَنَّ الْعَامِلَ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنَ الرِّبْحِ بِالْقِسْمَةِ لَا بِالظُّهُورِ.
ــ
ومنها: أن المأخوذ محسوب من الربح، فإن لم يكن ربح .. فهو خسران لحق المال، وأما الذي يأخذه الرصدي والخفير والمأخوذ ظلماً .. فهو من مال القراض.
قال: (وعليه فعل ما يعتاد؛ كطي الثوب ووزن الخفيف كالذهب والمسك)؛ لقضاء العرف بذلك كما تقدم.
قال: (لا الأمتعة الثقيلة ونحوها) كنقل المتاع من الخان إلى الحانوت والنداء عليه لجريان العرف بالاستئجار له.
قال: (وما لا يلزمه له الاستئجار عليه) أي: من مال القراض لأنه من تتمة التجارة ومصالحها، فلو تولاه بنفسه .. فلا أجرة له، وإن استأجر على ما يلزمه .. كانت الأجرة في ماله لا في مال القراض.
قال: (والأظهر: أن العامل يملك حصته من الربح بالقسمة لا بالظهور)؛ لأنه لو ملك بالظهور .. لكان شريكاً في المال، ولو كان شريكاً .. لكان النقصان الحادث بعد ذلك محسوباً عليهما وليس كذلك، وإلى هذا ذهب مالك والمزني.
والثاني- وبه قال أبو حنيفة-: أنه يملك بالظهور قياساً على المساقاة وعملاً بالشرط، فإن مدلوله اشتراكهما في الربح بمجرد حصوله، فعلى هذا القول: لا يصح تصرفه فيه؛ لأنه غير مستقر.
وقد فرع المصنف على القولين في (باب زكاة التجارة) زكاة مال القراض، وعلى القول الأول: له في حق مؤكد فيورث عنه ويتقدم به على الغرماء، ويصح إعراضه عنه، ويغرمه له المالك بإتلافه المال واسترداده، وعلى القول بأن الملك بالظهور: لا يتصرف فيه؛ لعدم استقراره وللمالك فيه حق الوقاية.
فإذا فسخ القراض ونض رأس المال واقتسما .. استقر وخرج عن كونه وقاية، وكذا إن لم يقتسما على المذهب، وإن فسخ وهو عرض .. فلا على المذهب.
وَثِمَارُ الشَّجَرِ وَالنِّتَاجُ وَكَسْبُ الرَّقِيقِ وَالمَهْرُ الْحَاصِلَةُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ يَفُوزُ بِهَا الْمَالِكُ، وَقِيلَ: مَالُ قِرَاضٍ. وَالنَّقصُ الْحَاصِلُ بِالرُّخْصِ مَحْسُوبٌ مِنَ الرِّبْحِ مَا أَمْكَنَ وَمَجْبُورٌ بِهِ، وَكَذَا لَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ بِآفَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْعَامِلِ فِي الأَصَحِّ،
ــ
فرع:
لا يجوز للمالك تزويج جارية القراض؛ لأنه ينقصها فيضر بالعامل، ولو كان في المال جارية .. لم يكن للمالك وطؤها، سواء كان فيه ربح أم لا؛ لأنه لا يتحقق انتفاء الربح من المتقومات إلا بالتنضيض.
قال: (وثمار الشجر والنتاج وكسب الرقيق والمهر الحاصلة من مال القراض يفوز بها المالك)؛ لأنها ليست من فوائد التجارة.
وصورة المسألة: أن يشتري الشجر والرقيق والحيوان للتجارة، ففي مدة التربص للبيع تحصل هذه الفوائد، أما إذا اشتراها لذلك .. فإنه لا يفوز، وكسب الرقيق يشمل الصيد والاحتطاب وقبول الهبة والوصية.
قال: (وقيل: مال قراض)؛ لأنها من فوائده وحاصلة بسببه، وبهذا جزم الإمام.
فعلى هذا: الأصح أنها من الربح، وقيل: شائعة في الربح ورأس المال.
قال: (والنقص الحاصل بالرخص محسوب من الربح ما أمكن ومجبور بها)؛ لأن العرف يقتضي ذلك، وكذلك النقص الحاصل بالعيب والمرض الحادثين.
قال: (وكذا لو تلف بعضه بآفة أو غصب أو سرقة بعد تصرف العامل في الأصح)؛ لأنه نقص حصل في المال فيجبر بالربح كالنقص الحاصل بالرخص قياساً على ما سبق، لأن العامل إنما يستحق من الفاضل عن رأس المال.
والثاني: لا؛ لأن الحاصل بالرخص نقصان متعلق بتجارته، والحاصل بالعيب والمرض ناشئ من نفس المال الذي اشتراه.