الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
قَالَ: بِعْ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ، أوْ فِي زَمَنٍ أَوْ مَكَانٍ مُعَيَّن .. تَعَيَّنَ،
ــ
تتمة:
قال: بعه بكم شئت .. كان له البيع بالغبن الفاحش، ولا يجوز بالنسيئة ولا بغير نقد البلد.
ولو قال: بما شئت .. فله البيع بغير نقد البلد، ولا يجوز بالغبن ولا بالنسيئة؛ لأن (ما) للجنس.
ولو قال: كيف شئت .. فله البيع بالنسيئة، ولا يجوز بالغبن ولا بغير نقد البلد.
ولو قال: بعه بما عز وهان .. قال المتولي: هو كقوله: بكم شئت، وقال العبادي: له البيع بالعرض والغبن ولا يجوز بالنسيئة، قال الرافعي: وهو أولى.
قال: (فصل:
قال: بع لشخص معين، أو في زمن أو مكان معين .. تعين) هذا الفصل في الوكالة المقيدة، وما مضى في المطلقة، فإذا نص له على شخص أو زمان معين .. تعين قطعًا، وكذا في المكان إن ظهر غرض بأن كان الراغبون فهي أكثر أو النقد فيه أجود رعاية لغرض الموكل، حتى لو قال: أنفق هذه الدراهم على أهلي في رمضان فأنفقها عليهم في شوال .. ضمن.
وإذا نص له على شخص معين فباع من وكيله .. لم يصح، بخلاف قوله: زوجها من زيد، فزوجها من وكيله؛ لأنه لا يقبل النقل بخلاف البيع، هذا هو المنقول.
وقال في (المطلب): إن تقدم قبول الوكيل وصرح بالسفارة كاشتريت هذا منك لزيد فقال: بعتك .. صح، وإن تقدم الإيجاب ثم قبل الوكيل .. لم يصح صرح بالسفارة أم لا؛ لأن الإيجاب فاسد .. اهـ
وَفِي الْمَكَانِ وَجْهٌ إِذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَرَضٌ
ــ
ولم أر من فرق بين أن يكون المعين ممن جرت عادته أن يبتاع ذلك الشيء بنفسه أم بوكيله، ولو قيل بذلك لم يبعد.
ومعى تعيين الزمان: أنه لا يجوز قبله ولا بعده، وذلك متفق عليه في البيع والعتق، وأما الطلاق .. فعن الداركي أنه يقع بعده لا قبله، قال المصنف: ولم أره لغيره، وفيه نظر.
قال الشيخ: والقياس طرده في العتق، فلو قال: بعه يوم الجمعة مثلًا فهل ينحصر في أول جمعة يستقبلها أو له بيعه في جمعة أخرى؟ فيه نظر.
قال شيخنا: والمتجه الأول، ومحل المنع ما إذا لم يقدر الثمن، فإن قدره بأن قال: بع في سوق كذا بمئة فباع بها في غيرها .. صح.
قال الشيخ: وهو ظاهر إذا جوزنا البيع بها مع راغب بأزيد، أما إذا منعنا وهو الأصح كما سيأتي .. فينبغي التعيين؛ للنص عليه، ولاحتمال زيادة فيه، فإن الشيء يقصد في سوقه وتثور فيه الرغبات كثيرًا، فلو باع الوكيل في المكان المعين ليلًا .. قال القاضي حسين: إن كان الراغبون فيه مثل النهار .. صح، وإلا .. فلا.
قال: (وفي المكان وجه): أنه لا يتعين، فيجوز في غيره (إذا لم يتعلق به غرض)؛ لأن المقصود إنما هو البيع، وهذا الوجه جزم به صاحب (التنبيه) وهو المنصوص واختاره الشيخ، وممن جزم به الغزالي والمتولي والروياني، ولم يصحح
وَإِنْ قَالَ: بِعْ بِمِئَةٍ .. لَمْ يَبِعْ بِأَقَلَّ، وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ
ــ
الرافعي في (الشرحين) شيئًا، ومحل هذا الوجه إذا لم ينهه عن غيره، فإن نهاه .. لم يصح جزمًا.
فإن قيل: لو قال للمودع: احفظه في هذا المكان، فنقله إلى مثله .. جاز ولم يضمن إن تلف فما الفرق؟ فالجواب: أن المقصود في الوديعة الحفظ، وهو حاصل فيهما، بخلاف البيع فإن المقصود منه كثرة الرغبات، وهي مختلفة باعتبار الأمكنة.
فرع:
قال: اشتر لي عبد فلان، وكان فلان قد باعه، فللوكيل شراؤه من المشتري، قاله القاضي حسين.
قال: (وإن قال: بع بمئة .. لم يبع بأقل) ولو بدانق؛ لأنه مخالف للإذن، بخلاف النقص عن ثمن المثل بما يتغابن به عرفًا فيما إذا أطلق فإنه يسمى ثمن مثل، ودون المئة لا يسمى مئة، وهل له البيع بمئة وهناك راغب بزيادة؟ وجهان في زوائد (الروضة) و (الشرح الصغير) أصحهما: المنع؛ لأنه مأمور بالاحتياط.
والشراء كالبيع في جميع ما ذكرناه، فإذا وكله في شراء عبد بمئة فاشتراه بأكثر .. لم يجز، سواء ساواها أم لا.
وعن ابن سريج: يصح للموكل بالقدر المأذون فيه، والوكيل ضامن للزيادة.
قال: (وله أن يزيد)؛ لأنه زيادة خير، ولأن المفهوم من ذلك عرفاً منع النقصان.
وقيل: لا يزيد؛ لأن المالك لم يرض بعهدة الزيادة، وربما كان له غرض من إبرار قسم ونحوه.
هذا كله إذا لم يعين المشتري، فإن عينه .. لم يزد قطعًا؛ لأنه ربما قصد إرفاقه، إلا إذا علم خلافه بالقرينة، ولو قال: اشتر عبد فلان بمئة فاشتراه بأقل منها .. صح.
إِلَاّ أَنْ يُصَرَّحَ بِالنَّهْيِ. وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ بِهّذَا الدِّينَارِ شَاةً وَوَصَفَهَا، فَاشْتَرَىَ بِهِ شَاتَيْنِ بِالصِّفَةِ، فَإِنْ لَمْ تُسَاوِ وَاحِدَةٌ دِينَارًا .. لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاء لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ سَاوَتْهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ .. فَالأَظْهَرُ: الصِّحَّةُ وَحُصُولُ الْمِلْكِ فِيهِمَا لِلْمُوَكِّلِ
ــ
قال: (إلا أن يصرح بالنهي) فحينئذ تمتنع الزيادة لمنع المالك منها، ولو قال: بع بمئة ولا تبع بمئة وخمسين .. فله البيع بما فوق ودون المئة والخمسين.
فإن قيل: إذا قال له: خالع فلانة بكذا فلا أن يزيد .. فجوابه: أن الخلع غالبًا يقع عن شقاق، وهو قرينة دالة على إرادة عدم المحاباة.
قال: (ولو قال: اشتر بهذا الدينار شاة ووصفها، فاشترى به شاتين بالصفة، فإن لم تساو واحدة دينارًا .. لم يصح الشراء للموكل)؛ لأنه لم يحصل مقصوده، أما إذا لم يصفها .. فإن التوكيل لا يصح، والمعتبر في الوصف ما تقدم في التوكيل بشراء عبد وإن كان الأصح: أنه لا يشترط الوصف، لكنه لأجل امتثال الشرط.
قال: (وإن ساوته كل واحدة .. فالأظهر: الصحة وحصول الملك فيهما للموكل) سواء اشتراهما بعين الدينار أم في الذمة؛ لحديث عروة رضي الله عنه المتقدم في بيع الفضولي.
لَوْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ بِمُعَيَّنٍ فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ .. لَمْ يَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ،
ــ
والثاني: لا تقع الشاتان معًا للموكل؛ لأنه لم يأذن إلا في شراء واحدة، ثم ينظر: فإن اشتراهما في الذمة .. فللموكل واحدة بنصف دينار والأخرى للوكيل ويرد على الموكل نصف دينار، وللموكل أن ينتزع الثانية منه ويقرر العقد فيهما؛ لأنه عقد العقد له.
وإن اشتراهما بعين الدينار فكأنه اشترى واحدة له بإذنه وأخرى بغير إذنه .. فيبطل العقد فيهما على المذهب.
وفي قول ثالث: إنهما يقعان للوكيل إذا وقع الشراء على الذمة.
وأهمل المصنف تبعًا للرافعي قسمًا ثالثًا وهو: أن تساوي واحدة منهما دينارًا والأخرى دونه، والأصح في زوائد (الروضة): أنهما كما لو ساوت كل واحدة منهما دينارًا، فالشرط أن تكون إحداهما فقط تساوي دينارًا.
ومقتضى عبارة (الحاوي الصغير): إلحاق هذه الصورة بما إذا نقصت كل واحدة عن الدينار.
قال: (ولو أمره بالشراء بمعين) أي: قال: اشتر بعينه، كما هو في (الروضة) و (أصلها) أما إذا قال: اشتر به أو بهذا .. ففي (الإفصاح) و (النهاية): أن مقتضاه الشراء بالعين، لكن كلام الرافعي فيما إذا قال: اشتر به أو بهذا الدينار شاة يقتضي التخيير بينه وبين الذمة، وعبارة (المحرر) تقتضيه أيضًا.
ولو سلم إليه ألفًا وقال: اشتر كذا ولم يقل: بعينه ولا في الذمة .. فوجهان:
أصحهما: التخيير.
والثاني: يتعين الشراء بالعين؛ لأن قرينة التسليم تشعر به.
قال: (فاشترى في الذمة .. لم يقع للموكل) في الأصح، بل يقع للوكيل وإن صرح بالسفارة في الأصح؛ لأنه أمره بعقد ينفسخ بتلف المدفوع، حتى لا يطالب الموكل بغيره، وقد خالفه الوكيل فأتى بعقد لا ينفسخ بالتلف ويقتضي مطالبة الموكل.
وَكَذَا عَكْسُهُ فِي الأَصَحِّ. وَمَتَى خَالَفَ الْمْوَكِّلَ فِي بَيْعِ مَالِهِ أَوِ الشِّرَاءِ بِعَيْنِهِ .. فَتَصَرُّفُهُ بَاطِلٌ. وَلَوِ اشْتَرَى فِي الذِّمِّةِ وَلَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلَ .. وَقَعَ لِلْوَكِيلِ، وَإِنْ سَمَّاهُ فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُكَ، فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ لِفُلَانٍ .. فَكَذَا فِي الأَصَحِّ، وَلَوْ قَالَ: بِعْتُ مُوَكِّلَكَ زَيْدًا، فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ لَهُ .. فَالْمَذْهَبُ: بُطْلَانُهُ.
ــ
قال: (وكذا عكسه في الأصح) بأن قال: اشتر في الذمة وانقذه فيه فاشترى بعينه، فالأصح أنه لا يقع لواحد منهما؛ لأنه قد يقصد شراءه على وجه يسلم له وإن تلف الثمن.
والثاني: يصح للموكل؛ لأنه أقل غررًا، ولأنه زاد خيرًا حيث لم يلزم ذمته شيئًا.
قال: (ومتى خالف الموكل في بيع ماله أو الشراء بعينه .. فتصرفه باطل)؛ لأنه فعل غير المأذون فيه.
قال: (ولو اشترى في الذمة ولم يسم الموكل .. وقع للوكيل)؛ لأن الخطاب وقع معه.
قال: (وإن سماه فقال البائع: بعتك، فقال: اشتريت لفلان .. فكذا في الأصح) فيقع العقد للوكيل؛ لأن تسمية الموكل غير معتبرة في الشراء، فإذا سماه ولم يمكن صرف العقد إليه .. صار كأنه لم يسمه.
والثاني: لا يصح العقد؛ لأنه أضافه إلى الموكل وامتنع إيقاعه عنه فيلغو، وهما القولان في أنه إذا بطل الخصوص هل يبقى العموم أو لا؟ ولهما فروع كثيرة هذا منها.
قال: (ولو قال: بعت موكلك زيدًا، فقال: اشتريت له .. فالمذهب: بطلانه)؛ لأن البائع لم يخاطب المشتري بالبيع، والمخاطبة بين المتعاقدين معتبرة؛ لأن الأحكام تتعلق بهما من الخيار وغيره، بخلاف النكاح فإنه يصبح من الولي ووكيل الزوج على هذه الصيغة، بل لا يصح إلا بها؛ لأن التزويج للموكل لا للوكيل، وقد تقدم أنه لو وكله في بيع عبده لزيد فباعه لوكيله .. لم يصح؛ لما ذكرناه.
وَيَدُ الْوكِيلِ يَدُ أَمَانَةٍ وَإِنْ كَانَ بِجُعْلٍ، فَإِنْ تَعَدَّى .. ضَمِنَ
ــ
وصيغة الخطاب المتفق على صحته في البيع أن يقول البائع: بعتك لموكلك، فيقول: اشتريت أو قبلت له، أو يقول الوكيل: اشتريت لموكلي فيقول: بعتك.
فروع:
الأول: لابد في وكيل المتهب من التصريح باسم الموكل، وإلا .. فيقع عنه لجريان الخطاب معه، ولا ينصرف بالنية إلى الموكل؛ لأن الواهب قد يقصد بتبرعه المخاطب خاصة، بخلاف الشراء فإن المقصود منه حصول العوض.
الثاني: قال: بعتك لنفسك، فإن كنت تشتريه للغير .. فلا أبيعه لك، فاشتراه للغير لم يصح بلا خلاف، فإن وجد هذا الشرط قبل العقد ثم قال: بعتك فقبل ونوى موكله .. صح على الأصح.
الثالث: قال الماوردي في (كتاب الأيمان): لو وكله في شراء الخبز، وعادته أكل البر فاشترى له خبز الأرز .. لم يقع للموكل، ولو حلف لا يأكل الخبز حنث بخبز الأرز؛ لأنه لا يعتبر في الأيمان عادة الحالف، وتعتبر في الوكالة عادة الموكل دون غيره، وهذا حسن تتقيد به إطلاقات كثيرة.
قال: (ويد الوكيل يد أمانة وإن كان بجعل)؛ لأنه نائب عن المالك فإذا تلف في يده بغير تفريط .. لم يضمن، كما لو تلف في يد المالك.
قال: (فإن تعدى .. ضمن) كسائر الأمناء، والتعدي يكون بالركوب واللبس والتفريط في الحفظ ونحو ذلك، وهل يضمن بتأخير بيع ما وكل في بيعه؟ وجهان: أظهرهما عند القاضي: لا يضمن؛ لأنه لا يجب عليه امتثال أمره.
وَلَا يَنْعَزِلُ فِي الأَصَحِّ.
ــ
فرع:
في (فتاوى البغوي): لو دفع ثوبًا إلى دلال ليبيعه فضاع ولم يدر أنه سرق أو سقط منه أو نسيه في موضع أو سلمه للمشتري .. ضمنه؛ لأن الغفلة عن حفظ الأمانة حتى تضيع مضمن، وكذلك لو وضعه في موضع فنسيه، وإنما لم يجب الضمان إذا وقع الخسران لا من جهته.
قال: (ولا ينعزل في الأصح)؛ لأن الوكالة إذن في التصرف، والأمانة حكم مترتب عليها، ولا يلزم من ارتفاع هذا الحكم بطلان أصل العقد، بخلاف الوديعة فإنها ائتمان محض فيزول بالتعدي.
والثاني: ينعزل؛ لأنها أمانة ترتفع بالتعدي كالوديعة، فعلى الأولى: يصح تصرفه.
ولو باع وسلم الثمن .. زال الضمان، فلو رد عليه بعيب .. قال المتولي: عاد الضمان.
ومحل الوجهين: إذا تعدى بالفعل، كما إذا باع بغبن فاحش وسلم المبيع، فإن لم يسلم .. لم ينعزل جزمًا؛ لأنه لم يتعد فيما وكل فيه، قاله في (البحر).
وَإَحْكَامُ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ دْنَ الْمُوَكِّلِ، فَتُعْتَبَرُ فِي الرُّؤْيَةِ، وَلُزُومِ الْعَقْدِ بِمُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ وَالتَّقَابُضِ فِيهِ، حَيْثُ يُشْتَرَطُ الْوَكِيلُ دُونَ الْمُوَكِّلِ. وَإِذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ .. طَالَبَهُ الْبَائِعُ بِالَّمَنِ إِنْ كَانَ دَفَعَهُ إِلَيهِ الْمُوَكِّلُ، وَإِلَاّ .. فَلَا إِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنَاً، وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ .. طَالَبَهُ إِنْ أَنْكَرَ وَكَالَتَهُ أَوْ قَالَ: لَا أَعْلَمُهَا، وَإِنِ اعْتَرَفَ بِهَا .. طَالَبَهُ أَيْضًا فِي الأَصَحِّ كَمَا يُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ،
ــ
قال: (وأحكام العقد تتعلق بالوكيل دون الموكل، فيعتبر في الرؤية، ولزوم العقد بمفارقة المجلس والتقابض فيه، حيث يشترط الوكيل دون الموكل)؛ لأنه العاقد الحقيقي، لو أجازه الموكل .. فللوكيل الفسخ، وكذا خيار الرؤية إن جوزنا بيع الغائب، بخلاف الرد بالعيب، ومتى طالب الموكل الوكيل برد ماله .. لزمه أن يخلي بيه وبينه، فإن امتنع .. صار ضامنًا كالمودع.
والمراد: أنه إذا امتنع بلا عذر، أما لو أخر بعذر .. فلا ضمان، والعذر هنا كعذر الرد بالعيب وأزيد من ذلك.
قال: (وإذا اشترى الوكيل .. طالبه البائع بالثمن إن كان دفعه إليه الموكل) سواء اشترى بعينه أم في الذمة؛ لتعلق أحكام العقد به وقضاء العرف بذلك، وهذا هو الفارق بين جزم المصنف هنا بالتسليم وحكايته الخلاف في وكيل البائع هل يسلم المبيع ويقبض الثمن أو لا؟
قال: (وإلا .. فلا إن كان الثمن معينًا)؛ لأنه ليس في يده.
قال: (وإن كان في الذمة .. طالبه إن أنكر وكالته)؛ لأن العقد وقع معه، فالظاهر أنه يشتري لنفسه.
قال: (أو قال: لا أعلمها) فكذلك الحكم، وهذه ليست في (المحرر)، لكنها في (الروضة).
قال: (وإن اعترف بها .. طالبه أيضًا في الأصح كما يطالب الموكل)؛ لأن العقد
وَيَكُونُ الْوَكِيلُ كَضَامنٍ وَالْمُوَكِّلُ كَأَصِيلٍ. وَإِذَا قَبَضَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الثَّمَنَ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَخَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقّاً .. رَجَعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي وَإِنِ اعْتَرَفَ بِوَكَالَتِهِ فِي الأَصَحِّ،
ــ
للموكل، والوكيل قابل، فخيرنا البائع في مطالبة من شاء منهما.
والثاني: أن المطالب الموكل لا غير؛ لأن الوكيل سفير.
والثالث: المطالب الوكيل لا غير؛ لأن أحكام العقد تتعلق به، والعهدة من جملة الأحكام.
قال: (ويكون الوكيل كضامن) أي: في المطالبة والرجوع وغيرهما.
قال: (والموكل كأصيل) فيتعلق به ما يتعلق به، وملخص ما قاله المصنف هنا وفي (الروضة) تبعًا (للشرحين) أن البائع لا يطالب الموكل إذا كان قد سلم الثمن إلى الوكيل، وليس كذلك، بل في المسألة طريقان:
أحدهما: القطع بمطالبته.
وأقيسهما: وجهان أصحهما: أن له ذلك أيضًا، كما ذكره الرافعي في معاملات العبيد.
فرع:
الوكيل إذا اشترى شراء فاسدًا وقبض المبيع وتلف في يده أو في يد الموكل .. فللمالك مطالبه بضمانه، وهو يرجع على الموكل.
قال: (وإذا قبض الوكيل بالبيع الثمن وتلف في يده وخرج المبيع مستحقًا .. رجع عليه المشتري وإن اعترف بوكالته في الأصح)؛ لحصول التلف عنده.
والثاني: يرجع به على الموكل؛ لأنه سفيره ويده كيده، ونسبه القاضي إلى عامة الأصحاب.
والثالث: يرجع به على من شاء منهما للمعنيين، وهذه الأوجه هي الأوجه السابقة.
ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ. قُلْتُ: وَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً فِي الأَصَحِّ، وَاللهُ أَعْلَمُ
ــ
قال: (ثم يرجع الوكيل على الموكل) أي: بعد الغرم؛ لأنه غره.
قال: (قلت: وللمشتري الرجوع على الموكل ابتداء في الأصح والله أعلم)؛ لأن الوكيل مأمور من جهته ويده كيده، وصوره الشيخ بما إذا قبض الثمن بإذن صريح، أو بمقتضى الإذن في البيع إن جوزناه، فإن قبضه بغير إذن وقلنا: ليس له قبضه .. فلا رجوع على الموكل؛ إذ لم يصل إلى يده ولا أذن فيه.
والوجه الثاني: لا رجوع له عليه؛ لتلفه في يد الوكيل.
وجزم المصنف في نظيره من الرهن بتخيير المشتري بين رجوعه على العدل وبين رجوعه على الراهن والقرار عليه، وإذا قلنا بالتخيير .. فقرار الضمان على الموكل، والخلاف جميعه يأتي في وكيل المشتري إذا تلف المبيع في يده، ثم ظهر استحقاقه وله مطالبة البائع قطعًا؛ لأنه غاصب ومن يده خرج المبيع.
فرع:
قال الماوردي: أبو الطفل وولي اليتيم إذا لم يذكرا في العقد اسم الطفل .. ضمنا الثمن، ولا يضمنه الطفل في ذمته ولا ينقدان ذلك من ماله، وإن ذكراه في العقد .. لم يلزمهما ضمان الثمن، بخلاف الوكيل في أحد الوجهين؛ لأن شراءهما لازم للمولى عليه بغير إذنه فلم يلزم الولي ضمانه، بخلاف الوكيل.
تتمة:
أرسل رسولاً يستقرض له فهو كوكيل المشتري، والظاهر: أنه يطالبه، ثم إذا غرم .. رجع على الموكل، قاله الرافعي ووافقه الشيخ.
وقال ابن الرفعة: إن صرح بالسفارة .. لم يطالب، والمطالب الموكل، وإن لم