الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ فِي حَالِ تَكْذِيبِهِ وَقَالَ: غَلِطْتُ .. قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الأَصَحِّ.
فَصْلٌ:
قَوْلُهُ: لِزَيْدٍ كَذَا .. صِيغَةُ إِقْرَارٍ،
ــ
وصرح المتولي بأنه لا فرق بين العين والدين، وهو الصواب.
الثالث: لو كان المقر به قصاصاً أو حد قذف وكذبه المقر له .. سقط جزمًا، وكذا لو أقر بسرقة توجب القطع وأنكر رب المال السرقة .. فلا قطع، وفي المال ما سبق، وهذه المسألة تكررت في الكتاب هنا وفي (الشفعة) و (النكاح) و (الدعاوى).
قال: (فإن رجع المقر في حال تكذيبه وقال: غلطت .. قبل قوله في الأصح) هذه المسألة مبنية على الخلاف السابق، فإن قلنا بالأصح وهو أن يترك في يد المقر .. أبطلنا حكم الإقرار.
فعلى هذا: يقبل رجوعه ههنا، وإن قلنا يحفظه القاضي لم يقبل.
تتمة:
تقييد المصنف بحالة التكذيب يوهم أنه لو رجع المقر له وصدقه لا يكون كذلك، وليس كذلك؛ فإن الأصح عند المتولي وغيره: أن رجوع المقر له غير مقبول، ولا يصرف إليه إلا بإقرار جديد، وتقييده بالغلط وقع في (المحرر) وفي (الوسيط) في (كتاب الدعاوى)، وقواه في (المطلب)، لكن في (الروضة) و (الشرحين): أنه لا فرق بين أن يقول: غلطت أو تعمدت.
قال: (فصل:
قوله: لزيد كذا .. صيغة إقرار)؛ لأن اللام للملك، فإن كان المقر به معينًا كهذا الثوب .. وجب أن يسلمه له، وإن لم يكن كألف وثوب .. فلابد أن يضيف إليه شيئًا من الألفاظ الآتية كعلي أو عندي ونحوه.
وَقَوْلُهُ: عَلَيَّ وَفِي ذِمَّتِي لِلدَّيْنِ، وَمَعِي وَعِنْدِي لِلْعَيْنِ. وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ، فَقَالَ: زِنْ، أَوْ خُذْ، أَوْ زِنْهُ، أَوْ خُذْهُ، أَوْ اخْتِمْ عَلَيْهِ، أَوِ اجْعَلْهُ فِي كِيسِكَ .. فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ، ولَوْ قَالَ: بَلَى، أَوْ نَعَمْ، أَوْ صَدَقْتَ، أَوْ أَبْرَاتَنِي مِنْهُ، أَوْ قَضَيْتُهُ، أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ .. فَهُوَ إِقْرَارٌ،
ــ
قال: (وقوله: علي وفي ذمتي للدين)؛ لأنه المتبادر عرفًا، ولو عبر المصنف بـ (أو) فقال: علي أو في ذمتي كما عبر به في (الشرح) و (الروضة) .. كان أولى من (الواو)؛ لأنها توهم أن الاجتماع مراد.
قال: (ومعي وعندي للعين) أي: كل منهما للعين؛ لأن (مع) و (عند) ظرفان فيسبق إلى الذهن عند المخاطبة ذلك، فيحمل على أدنى المراتب وهي الوديعة، لا على الغصب والعارية كما ذكره المصنف بعد هذا في زوائد (الروضة).
فإن أتى بلفظ من ألفاظ العين ولفظ يدل على الدين بأن قال: علي ومعي عشرة .. فالقياس أنه يرجع إليه في تفسير بعض العشرة بالعين وبعضها بالدين.
وقوله: قبلي كذا عند البغوي للدين، وقال الرافعي يشبه أن يقال: هو صالح للدين والعين جميعًا، والماوردي صرح بما حكاه الرافعي، والصواب المنصوص: ما أجاب به البغوي.
قال: (ولو قال: لي عليك ألف، فقال: زن، أو خذ، أو زنه، أو خذه، أو اختم عليه، أو اجعله في كيسك .. فليس بإقرار)؛ لأن ذلك يذكر في معرض الاستهزاء، وقيل: الأربعة الأخيرة إقرار.
وأغرب أبو عبد الزبيري من أصحابنا فقال: إذا قال: زنه أو خذه .. كان إقرارًا، وإن قال: زن أو خذ بلا (هاء) .. لا يكون إقرارًا.
قال: (ولو قال: بلى، أو نعم، أو صدقت، أو أبرأتني منه، أو قضيته، أو أنا مقر به .. فهو إقرار) أما المسائل الثلاثة الأول .. فلأنها موضوعة للتصديق والموافقة، وحكم (أجل) في هذا حكم (نعم) وهو عند أهل اللغة أحسن من
وَلَوْ قَالَ: أَنَا مُقِرٌّ، أَوْ أَنَا أُقِرُّ بِهِ .. فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ .. وَلَوْ قَالَ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْكَ كَذَا؟ فَقَالَ: بَلَى أَوْ نَعَمْ .. فَإِقْرَارٌ، وَفِي (نَعَمْ) وَجْهٌ.
ــ
(نعم) في التصديق، و (نعم) أحسن منه في الاستفهام و (بلى) لتحقق ما يسأل عن نفيه.
والثاني: يكون إقرارًا للعرف، وحيث لا عرف يقطع بعدم الإقرار إلا أن يثبت في اللغة أنه يجاب بها الإثبات، ويقصد بها تقريره كـ (نعم) وهذا قليل.
وفي معنى (نعم): (جير) و (إي) ولا تستعمل في اللغة إلا مع القسم قال تعالى: {قل إي وربي إنه لحق} ، والعامة يستعملونه بغير قسم، ويلحقون به هاء السكت.
وأما دعوى الإبراء والقبض .. فلأنه قد اعترف بالشغل وادعى الإسقاط، والأصل عدمه.
وقيل: لا يكون مقرًا بدعوى الإبراء؛ لأن الإبراء يستعمل لإظهار البراءة، قال الله تعالى:{فبرأه الله مما قالوا} .
وفي دعوى القبض وجه أيضًا: أنه لا يكون مقرًا.
وقوله: (أنا مقر به) يفهم منه الاعتراف، ولو ادعى ألفا فقال: قبضته .. فمقر به.
قال: (ولو قال: أنا مقر) ولم يقل به (أو أنا أقر به .. فليس بإقرار) أما الأول .. فلجواز أن يريد الإقرار ببطلان دعواه، أو بأن الله واحد، وأما الثاني .. فلاحتمال الوعد بالإقرار، وفي كل منهما وجه، وكذلك الحكم لو قال: أنا أقر لك به كما مثل به في (الشرح) و (الروضة).
قال: (ولو قال: أليس لي عليك كذا؟ فقال: بلى أو نعم .. فإقرار)؛ لأن ذلك يدل على التصديق.
قال: (وفي (نعم) وجه): أنها لا تكون إقراراً.
وَلَوْ قَالَ: اقْضِ الأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْكَ، فَقَالَ: نَعَمْ، أَوْ أَقْضِي غَدًا، أَوْ أَمْهِلْنِي يَوْمًا، أَوْ أَقْعُدَ، أَوْ أَفْتَحَ الْكيِسَ، أَوْ أَجِدَ الْمفْتَاحَ .. فَإِقْرَارٌ فِي الأَصَحِّ.
ــ
والفرق أن (نعم) لتقرير ما سبق و (بلى) لنفيه وإثبات ما بعده، والسابق هنا نفي فقررته (نعم) ونفته (بلى).
والأصح: أنه إقرار؛ لأن الإقرار يحمل على ما يفهمه أهل العرف، ولم يرحج الرافعي في (الشرح) شيئًا، وصحح في زوائد (الروضة) و (الشرح الصغير) كـ (المنهاج)، لكن ورد في (صحيح مسلم) [832] استعماله جوابًا للإثبات في قوله صلى الله عليه وسلم: (أنت الذي لقيتني بمكة عام أول؟ فقال: بلى.
…
).
قال: (ولو قال: اقض الألف الذي لي عليك، فقال: نعم، أو أقضي غدًا، أو أمهلني يومًا، أو حتى أقعد، أو أفتح الكيس، أو أجد المفتاح .. فإقرار في الأصح)؛ لأنه المفهوم من هذه الألفاظ.
والثاني: لا؛ لأنه ليس بصريح في الالتزام، قال الشيخ: وهو الأشبه عندي.
فروع:
كتب لزيد علي ألف درهم ثم قال للشهود: اشهدوا علي بما فيه، فليس بإقرار خلافًا لأبي حنيفة.
لنا: أن الإقرار لا يثبت بالفعل، بل بالقول ولم يوجد.
ولو قال: إن شهد علي فلان وفلان أو شاهدان بكذا فهما صادقان .. فهو إقرار في الأظهر وإن لم يشهدا.
ولو قال: إن شهدا علي بكذا صدقتهما أيضًا .. فإقرار أيضًا، أما إذا قال: إن شهدا علي فهما عدلان .. فإنه لا يكون إقرارًا، بل تزكية وتعديلاً للمخاطب.