الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
***
[ما وقع من الحوادث سنة 359]
السنة الأولى من ولاية جوهر الرومىّ المعزّى القائد على مصر، وهى سنة تسع وخمسين وثلثمائة.
فيها أقامت الرافضة المأتم على الحسين بن علىّ ببغداد في يوم عاشوراء على عادتهم وفعلهم القبيح في كلّ سنة.
وفيها ورد الخبر في المحرّم بأن تقفور ملك الروم خرج بالروم إلى جهة أنطاكية ونازلها وأحاط بها وقاتل أهلها حقى ملكها بالأمان؛ ثم أخرج أهلها منها وأطلق العجائز والشيوخ والأطفال، وقال لهم: امضوا حيث شئتم، ثم أخذ الشباب والصبيان والغلمان سيا؛ فكانوا أكثر من عشرين ألفا. وكان تقفور المذكور قد طغى وتجبّر وقهر العباد وملك البلاد وعظمت هيبته في قلوب الناس، واشتغل عنه الملوك بأضدادهم فاستفحل أمر تقفور بذلك. ثم تزوّج تقفور المذكور بامرأة الملك الذي كان قبله على كره منها؛ وكان لها ولدان، فأراد تقفور أن يخصيهما ويهديهما للبيعة ليستريح منهما لئلا يملكا الروم في أيامه أو بعده؛ فعلمت زوجته أمّهما بذلك، فأرسلت الى الدمستق ليأتى إليها في زىّ النساء ومعه جماعة «1» فى زى النساء؛ فجاءوا وباتوا عندها ليلة الميلاد، فوثبوا عليه وقتلوه؛ وأجلس فى الملك بعده ولدها الأكبر، وتّم لها ما أرادت. ولله الحمد على موت هذا الطاغية.
وفيها في ذى الحجة انقضّ بالعراق كوكب عظيم أضاءت منه الدنيا حتى صار كأنّه شعاع الشمس وسمع في انقضاضه صوت كالرعد الشديد، فهال «2» ذلك الناس وارتعجوا «3» له.
وفيها حجّ بالناس من العراق الشريف النقيب أبو أحمد الموسوىّ والد الرضى والمرتضى والثلاثة رافضة، وهم محطّ رحال الشيعة في زمانهم.
وفيها توفّى الأمير صالح بن عمير العقيلىّ أمير دمشق، ولى إمرة دمشق خلافة عن الحسن بن عبيد الله بن طغج [ابن «1» ] أخى الإخشيذ في دولة أحمد بن على ابن الإخشيذ في سنة سبع وخمسين وثلثمائة، ووقع له في ولايته على دمشق أمور وحروب. ولما انهزم الأستاذ فاتك الكافورىّ من القرمطىّ وغلب القرمطىّ على الشام خرج منها صالح هذا وغاب عنها مدّة أيّام، ثم عاد إليها بعد خروج القرمطىّ منها، ودام بها وأصلح أمورها؛ فلم تطل مدّته ومات بعد مدّة يسيرة. وكان شجاعا جوادا مقداما. وهو آخر من ولى دمشق من قبل الإخشيذ محمد وبنيه.
وفيها توفّى الأمير أبو شجاع فاتك الإخشيذىّ الخازن، ولى إمرة دمشق أيضا قبل تاريخه من قبل أنوجور الإخشيذىّ، وكان شجاعا مقداما جوادا، ولى عدّة بلاد، وطالت أيّامه في السعد. وهو غير فاتك المجنون الذي مدحه المتنبىّ ورثاه؛ لأنّ فاتكا المذكور كان بمصر في دولة خشداشه «2» كافور الإخشيذىّ؛ ووفاة هذا كانت بدمشق.
وفيها هلك تقفور طاغية الروم: لم يكن أصله من أولاد ملوك الروم بل قيل إنه كان ولد رجل مسلم من أهل طرسوس يعرف بابن الفقّاس «3» ، فتنصّر وغلب على الملك؛ وكان شجاعا مدبّرا سيوسا لم ير مثله من عهد إسكندر ذى القرنين؛ وهو الذي