الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
***
[ما وقع من الحوادث سنة 400]
السنة الرابعة عشرة من ولاية الحاكم منصور على مصر وهى سنة أربعمائة.
فيها أرجف بموت الخليفة القادر، فجلس للناس «1» بعد صلاة الجمعة ودخل عليه القضاة والأشراف، وعليه أبّهة الخلافة، وقبّل أبو حامد الإسفراينى يده.
وفيها أرسل الحاكم إلى المدينة إلى دار جعفر الصادق من فتحها وأخذ منها ما كان فيها، وكان فيها مصحف وسرير وآلات، وكان الذي فتحها ختكين العضدىّ الداعى، وحمل معه رسوم الأشراف، وعاد إلى مصر بما وجد في الدار؛ وخرج معه من شيوخ العلويّين جماعة؛ فلمّا وصلوا إلى الحاكم أطلق لهم نفقات قليلة [وردّ «2» عليهم السرير] وأخذ الباقى، وقال: أنا أحقّ به؛ فانصرفوا داعين عليه.
وشاع فعله «3» فى الأمور التى خرق العادات فيها، ودعى عليه في أعقاب الصلوات وظوهر بذلك، فأشفق فخاف؛ وأمر بعمارة دار العلم وفرشها، ونقل إليها الكتب العظيمة وأسكنها من شيوخ السنّة شيخين، يعرف أحدهما بأبى بكر الأنطاكىّ، وخلع عليهما وقرّبهما ورسم لهما بحضور مجلسه وملازمته «4» ، وجمع الفقهاء والمحدّثين إليها، وأمر أن يقرأ بها فضائل الصحابة، [ورفع عنهم «5» الاعتراض في ذلك] وأطلق صلاة التراويح والضحى، وغيّر الأذان وجعل مكان" حىّ على خير العمل"" الصلاة خير من النوم"؛ وركب بنفسه الى جامع عمرو بن العاص وصلّى فيه الضحى، وأظهر الميل الى مذهب الإمام مالك والقول به، ووضع للجامع تنّورا من فضة
يوقد فيه ألف ومائتا فتيلة، واثنين آخرين من دونه. وزفّهم بالدبادب والبوقات والتهليل والتكبير، ونصبهم ليلة النصف من شعبان؛ وحضر أوّل يوم من رمضان الى الجامع الذي بالقاهرة، وحمل إليه الفرش الكثيرة وقناديل الذهب والفضة، فكثر الدعاء له؛ ولبس الصوف في هذه السنة يوم الجمعة عاشر شهر رمضان، وركب الحمار وأظهر النسك وملأ كمّه دفاتر، وخطب بالناس يوم الجمعة وصلّى بهم؛ ومنع من أن «1» يخاطب يا مولانا ومن تقبيل الأرض بين يديه؛ وأقام الرواتب لمن يأوى المساجد من الفقراء «2» والقرّاء والغرباء وأبناء السبيل، وأجرى لهم الأرزاق؛ وصاغ محرابا عظيما من فضة وعشرة قناديل؛ ورصّع المحراب بالجوهر ونصبه بالمسجد الجامع. وأقام على ذلك ثلاث سنين يحمل الطّيب والبخور والشموع إلى الجوامع، وفعل ما لم يفعله أحد. ثم بدا له بعد ذلك فقتل الفقيه أبا بكر الأنطاكى والشيخ الآخر وخلقا كثيرا أخر من أهل السنّة لا لأمر يقتضى ذلك؛ وفعل ذلك كلّه في يوم واحد. وأغلق دار العلم، ومنع من جميع ما كان فعله؛ وعاد إلى ما كان عليه أوّلا من قتل العلماء والفقهاء وأزيد؛ ودام على ذلك حتّى مات قتيلا حسب ما ذكرناه.
وفيها توفّى الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن موسى بن جعفر الصادق الشريف أبو أحمد الموسوى، والد الشريف الرضى والمرتضى. مولده في سنة أربع وثلثمائة. وكان سيّدا عظيما مطاعا، كانت هيبته أشدّ من هيبة الخلفاء؛ خاف منه عضد الدولة فاستصفى أمواله. وكانت منزلته عند بهاء الدولة أرفع المنازل، ولقّبه بالطاهر والأوحد وذى المناقب، وكان فيه كلّ الخصال الحسنة إلا أنّه كان رافضيّا هو وأولاده على مذهب القوم. ومات ببغداد عن سبع وتسعين سنة، وصلى