الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها توفّى الحسن بن أحمد بن أبى سعيد الحسن بن بهرام أبو علىّ، وقيل: أبو محمد، القرمطىّ الجنّابى الخارجىّ. ولد بالأحساء في شهر رمضان سنة ثمان وسبعين ومائتين، وغلب على الشام لمّا قتل جعفر بن فلاح، وتوجّه إلى مصر لقتال المعزّ العبيدىّ، كما ذكرناه في ترجمة المعزّ، ثم مات بالرّملة في عوده إلى دمشق في شهر رجب.
وجدّه أبو سعيد هو أوّل القرامطة، وقد مرّ من أخبارهم القبيحة نبذة كبيرة في عدّة سنين. وكان الحسن هذا صاحب الترجمة فصيحا شاعرا، وكان يلقّب بالأعظم، وكان يلبس الثياب القصيرة، وهو أحد من قتل العباد، وأخرب البلاد.
الذين ذكر الذهبىّ وفاتهم في هذه السنة، قال: وفيها توفّى الحسن بن أحمد «1» ابن أبى سعيد الجنّابى القرمطىّ، كان ملك الشام وحاصر مصر شهرا. وركن الدولة الحسن بن بويه صاحب عراق العجم، وكانت دولته خمسا وأربعين سنة، ووزر له أبو الفضل بن العميد. وتوفّى أبو الحسن محمد بن عبد الله بن زكرياء بن حيّويه «2» النّيسابورىّ بمصر. وأبو الحسن محمد بن الحسن النيسابورىّ السرّاج المقرئ الزاهد.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم أربع أذرع سواء. مبلغ الزيادة ستّ عشرة، ذراعا وأربع أصابع.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 367]
السنة الثانية من ولاية العزيز نزار على مصر وهى سنة سبع وستين وثلثمائة.
فيها دخل عضد الدولة بن ركن الدولة بن بويه بغداد، وخرج منها ابن عمه عزّ الدولة بختيار بن معزّ الدولة بن بويه، ثم تقاتلا فانتصر عزّ الدولة ثم قتل، حسب ما سنذكره في هذه السنة.
وفيها زادت دجلة في نيسان حتى بلغت إحدى وعشرين ذراعا، فهدمت الدور والشوارع، وهرب الناس في السفن، وهيّأ عضد الدولة الزبازب تحت داره (والزبازب هى المراكب الخفيفة) .
وفيها حجّ بالناس أبو عبد الله العلوىّ.
وفيها جاء الخبر بهلاك أبى يعقوب يوسف بن الحسن الجنّابىّ القرمطىّ صاحب هجر، وأغلقت الأسواق له بالكوفة ثلاثة أيّام، وكان قد توزّر لعضد الدولة.
وفيها توفّى أبو القاسم إبراهيم بن محمد بن أحمد النّصرپادىّ النّيسابورىّ (ونصرپاد: محلّة من نيسابور. وكلّ پاد يأتى في اسم بلد من هؤلاء البلدان هو بالتفخيم حتى يصحّ معناه) . كان أبو القاسم حافظ خراسان وشيخها، وإليه يرجع فى علوم القوم والسّير والتواريخ، وكان صحب الشّبلىّ وغيره من المشايخ. مات بمكّة حاجّا، ودفن عند قبر الفضيل بن عياض.
وفيها توفّى السلطان أبو منصور بختيار عزّ الدولة بن معزّ الدولة أحمد بن بويه الدّيلمىّ. ولى ملك العراق بعد أبيه، وتزوّج الخليفة الطائع لله عبد الكريم بابنته شاه «1» زمان على صداق مائة ألف دينار. وكان عزّ الدولة شجاعا قويّا يمسك الثّور العظيم بقرنيه فلا يتحرّك «2» . وكان بينه وبين ابن عمّه عضد الدولة منافسات وحروب على الملك، وتقاتلا غير مرّة آخرها في شوّال، قتل فيها عزّ الدولة المذكور فى المعركة، وحمل رأسه إلى عضد الدولة، فوضع المنديل على وجهه وبكى. وتملّك عضد الدولة العراق بعده، واستقلّ بالممالك. وعاش عزّ الدولة ستّا وثلاثين سنة.
وفيها توفّى محمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر أبو طاهر الذهلىّ البغدادىّ القاضى نزيل مصر وقاضيها. ولد ببغداد في ذى الحجة سنة تسع وسبعين ومائتين.
وفيها توفّى الوزير أبو طاهر محمد بن محمد بن بقيّة وزير عزّ الدولة، وكان عضد الدولة قد بعث إليه يميله عن عزّ الدولة؛ فقال: الخيانة والغدر ليستا من أخلاق الرجال. فلمّا قتل عزّ الدولة قبض عليه عضد الدولة وشهّره في بغداد من الجانبين وعلى رأسه برنس، ثم أمر به أن يطرح تحت أرجل الفيلة فقتلته الفيلة، ثم صلب فى طرف الجسر من الجانب الشرقىّ، ولم يشفع فيه الخليفة الطائع لأمر كان في نفسه منه أيّام مخدومه عزّ الدولة، وأقيم عليه الحرس. فاجتاز به أبو الحسن محمد ابن عمر الأنبارىّ الصوفىّ الواعظ، وكان صديقا لابن بقيّة المذكور، فرثاه بمرثيته المشهورة وهى:[وافر]
علوّ في الحياة وفي الممات
…
لحقّ أنت إحدى المعجزات
كأنّ الناس حولك حين قاموا
…
وفود نداك أيّام الصّلات
كأنّك قائم فيهم خطيبا
…
وكلّهم قيام للصّلاة
مددت يديك نحوهم احتفاء
…
كمدّهما إليهم بالهبات
وتشعل عندك النّيران ليلا
…
كذلك كنت أيّام الحياة
ركبت مطيّة من قبل زيد «1»
…
علاها في السنين الماضيات
ولم أر قبل جذعك قطّ جذعا
…
تمكّن من عتاق المكرمات
وتلك فضيلة فيها تأسّ
…
تباعد عنك تعبير العداة
أسأت إلى النوائب فاستثارت
…
فأنت قتيل ثأر النّائبات
وكنت تجير من جور «1» الليالى
…
فعاد مطالبا لك بالتّراب
وصيّر دهرك الإحسان فيه
…
إلينا من عظيم السّيّئات
وكنت لمعشر سعدا فلمّا
…
مضيت تفرّقوا بالمنحسات
غليل باطن لك في فؤادى
…
يخفّف بالدّموع الجاريات
ولو أنّى قدرت على قيام
…
لفرضك والحقوق الواجبات
ملأت الأرض من نظم القوافى
…
ونحت بها خلاف النائحات
ولكنّى أصبّر عنك نفسى
…
مخافة أن أعدّ من الجناة
وما لك تربة فأقول تسقى
…
لأنّك نصب هطل الهاطلات
ولمّا ضاق بطن الأرض عن أن
…
يضمّ علاك من بعد الممات
أصاروا الجوّ قبرك واستنابوا
…
عن الأكفان ثوب السافيات «2»
عليك تحيّة الرّحمن تترى
…
برحمات غواد رائحات
قلت: ولم أذكر هذه المرثية بتمامها هنا إلّا لغرابتها وحسن نظمها. واستمر ابن بقيّة مصلوبا إلى أن توفّى عضد الدولة.
وفيها توفّى الأمير الغضنفر بن ناصر الدولة بن حمدان صاحب الموصل وابن صاحبها.
الذين ذكر الذهبىّ وفاتهم في هذه السنة، قال: وفيها توفّى أبو القاسم إبراهيم ابن محمد النّصرپادىّ الواعظ العارف. وعزّ الدولة بختيار بن معز الدولة بن بويه ملك العراق، قتل في مصافّ بينه وبين ابن عمه عضد الدولة. والغضنفر بن ناصر الدولة بن حمدان صاحب الموصل وابن صاحبها. وأبو طاهر محمد بن أحمد بن