الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمير المؤمنين بنفسه إلى الثغور، وسوف يقدم إلى الحيرة، وكتابه يقدم عليك عن قريب، فتأهّب إلى الجهاد في سبيل الله» . وفي آخر الكتاب:«وكتبه يعقوب ابن يوسف بن كلّس عند مولانا أمير المؤمنين» . فكتب إليه عضد الدولة كتابا يعترف فيه بفضل أهل البيت، ويقرّ للعزيز أنّه من أهل تلك النّبعة الطاهرة، [وأنّه في طاعته «1» ] ويخاطبه بالحضرة الشريفة، وما هذا معناه. انتهى.
قلت: وأنا أتعجّب من كون عضد الدولة كان إليه أمر الخليفة العباسى ونهيه، ويقع في مثل هذا لخلفاء مصر، وقد علم كلّ أحد ما كان بين بنى العباس وخلفاء مصر من الشّنان. وما أظنّ عضد الدولة كتب له ذلك إلّا عجزا عن مقاومته، فإنّه قرأ كتابه في حضرة الخليفة الطائع، وأجاب بذلك أيضا بعلمه، فهذا من العجب.
قال الوزير يعقوب بن كلّس: «سمعت العزيز بالله يقول لعمّه حيدرة: يا عمّ، أحبّ أن أرى النّعم عند الناس ظاهرة، وأرى عليهم الذهب والفضّة والجوهر، ولهم الخيل واللّباس والضّياع والعقار، وأن يكون ذلك كلّه من عندى» . قال المسبّحى: وهذا لم يسمع بمثله قطّ من ملك. انتهت ترجمة العزيز. ولمّا مات رثاه الشعراء بعدّة قصائد.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 366]
السنة الأولى من ولاية العزيز نزار العبيدىّ على مصر وهى سنة ست وستين وثلثمائة.
فيها في جمادى الأولى زفّت بنت عزّ الدولة إلى الخليفة الطائع لله العباسىّ.
وفيها جاء أبو بكر محمد بن علىّ بن شاهويه صاحب القرامطة، ومعه ألف رجل من القرامطة إلى الكوفة، وأقام الدعوة بها لعضد الدولة، وأسقط خطبة عزّ الدولة بختيار. وكان قدومه معونة لعضد الدولة.
وفيها عمل في الدّيار المصرية المأتم في يوم عاشوراء على حسين بن علىّ رضى الله عنهما، وهو أوّل ما صنع ذلك بديار مصر. فدامت هذه السّنة القبيحة سنين إلى أن انقرضت دولتهم، على ما سيأتى ذكره.
وفيها كانت وقعة بين عزّ الدولة بن معزّ الدولة أحمد وبين ابن عمّه عضد الدولة بن ركن الدولة الحسن بن بويه، وقعة هائلة أسر فيها غلام تركىّ لعزّ الدولة؛ فاشتدّ حزنه عليه، وامتنع عزّ الدولة من الأكل والشرب وأخذ فى البكاء واحتجب عن الناس وحرّم على نفسه الجلوس في الدّست؛ وبذل لعضد الدولة في الغلام المذكور جاريتين عوّادتين كان قد بذل له في الواحدة مائة ألف درهم؛ فرّده عضد الدولة عليه.
وفيها حجّ بالناس أبو عبد الله أحمد بن [أبى «1» ] الحسين العلوىّ. وحجّت في السنة جميلة بنت ناصر الدولة بن حمدان، ومعها أخواها «2» إبراهيم [وهبة الله] حجّة ضرب بها المثل، وفرّقت أموالا عظيمة؛ منها أنّها لمّا رأت الكعبة نثرت عليها عشرة آلاف دينار، وسقت جميع أهل الموسم السّويق بالسكر والثّلج. كذا قال أبو منصور الثعالبىّ. وقتل أخوها هبة «3» الله في الطريق. وأعتقت ثلثمائة عبد ومائتى جارية، وفرّقت المال في المجاورين حتى أغنتهم، وخلعت على كبار الناس خمسين ألف ثوب. وكان معها أربعمائة عماريّة. ثم ضرب الدهر ضربانه واستولى عضد الدولة
ابن بويه على أموالها وحصونها؛ فإنّه كان خطبها فامتنعت، ولم يدع لها شيئا إلى أن احتاجت وافتقرت. فانظر إلى هذا الدهر كيف يرفع ويضع!.
وفيها توفّى المستنصر بالله صاحب الأندلس أبو العاصى الحكم بن الناصر لدين الله عبد الرّحمن الأموىّ. بقى في الملك ستة عشر عاما، وعاش ثلاثا وستين سنة.
وكان حسن السيرة، جمع من الكتب ما لا يحدّ ولا يوصف.
وفيها توفّى السلطان ركن الدولة أبو علىّ الحسن بن بويه بن فنّاخسرو بن تمام ابن كوهى بن شيرزيل الأصغر بن شيركوه بن شيرزيل [الأكبر «1» ] الدّيلمىّ، صاحب أصبهان والرّىّ وهمذان وعراق العجم كلّه. وهؤلاء الملوك الثلاثة: عضد الدولة وفخر الدولة ومؤيّد الدولة أولاده «2» . وكان ملكا جليلا سعيدا في أولاده، قسم عليهم الممالك، فقاموا بها أحسن قيام. وملك ركن الدولة أربعا وأربعين سنة وأشهرا.
وكان أبو الفضل بن العميد وزيره، والصاحب إسماعيل بن عبّاد كان وزير ولديه مؤيد الدولة ثم فخر الدولة. ومات ركن الدولة المذكور في المحرّم. وبويه بضم الباء الموحّدة وفتح الواو وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها هاء ساكنة، وفنّاخسرو بفتح الفاء وتشديد النون وبعد الألف خاء معجمة مضمومة ثم سين مهملة ساكنة ثم راء مضمومة وبعدها واو. وقد ضبطته لكى يعرف بعد ذلك اسم من يأتى من أولاده في هذا الكتاب.
وفيها توفّى إسماعيل الشيخ أبو عمر السلمىّ «3» ، كان من كبار المشايخ وله قدم صدق وحكايات مشهورة، رحمه الله.