الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودام أمر هذا القصر مستقيما إلى أن وقع الغلاه بالدّيار المصريّة في زمن المستنصر، وذهب من محاسن القاهرة شىء كثير من عظم الغلاء والوباء؛ كما سيأتى ذكره إن شاء الله في محلّه.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 412]
السنة الأولى من ولاية الظاهر لإعزاز دين الله على مصر وهى سنة اثنتى عشرة وأربعمائة.
فيها وقّع بين سلطان الدولة وبين مشرّف الدولة بن بويه، واستفحل في الآخر أمر مشرّف الدولة، وخطب له ببغداد في المحرّم، وخوطب بشاهنشاه مولى أمير المؤمنين، وقطعت الخطبة لسلطان الدولة من بغداد.
وفيها لم يحجّ أحد من العراقيّين ولا في الماضية. فقصد الناس يمين الدولة محمود بن سبكتكين وقالوا له: أنت سلطان الإسلام وأعظم ملوك الأرض، وفي كلّ سنة تفتح من بلاد الكفر ما تحبّه، والثواب في فتح طريق الحجّ أعظم، وقد كان الأمير بدر بن حسنويه، وما في أمرائك إلّا من هو أكبر منه [شأنا «1» ] ، يسيّر الحاجّ بماله وتدبيره عشرين سنة. فتقدّم ابن سبكتكين إلى قاضيه أبى محمد الناصحىّ بالتأهب للحجّ ونادى في أعمال خراسان بالحجّ، وأطلق للعرب ثلاثين ألف دينار سلّمها الى الناصحىّ المذكور غير ما للصدقات؛ فحجّ بالناس أبو الحسن الأقساسىّ. فلمّا بلغوا فيد «2» حاصرتهم العرب؛ فبذل لهم القاضى الناصحىّ خمسة آلاف دينار؛ فلم يقنعوا وصمّموا على أخذ الحاجّ؛ فركب رأسهم «3» جماز بن عدى وقد انضم عليه ألفا رجل من بنى نبهان،
وأخذ بيده رمحا وجال حول الحاجّ، وكان في السّمرقندييّن غلام يعرف بابن عفّان، فرماه بسهم فسقط منه ميتا وهرب جمعه، وعاد الحاجّ في سلامة.
وفيها توفّى أحمد بن محمد بن أحمد أبو «1» سعيد المالينىّ «2» الصوفىّ الحافظ، سافر إلى الأقطار، وسمع خلقا كثيرا، وصنّف وصحب المشايخ، وكان يقال له طاوس الفقهاء.
وفيها توفّى الحسن بن علىّ أبو علىّ الدقّاق النيسابورىّ أحد المشايخ، كان صاحب حال ومقال. قال القشيرىّ: سمعت الأستاذ أبا علىّ الدقّاق يقول في قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم:" من تواضع لغنىّ لأجل دنياه ذهب ثلثا دينه" قال:
لأنّ المرء بأصغريه قلبه ولسانه، فإذا خدمه بأركانه وتواضع له بلسانه ذهب ثلثا دينه، فإن خدمه بقلبه ذهب الكلّ.
وفيها توفّى محمد بن أحمد بن محمد أبو الحسن بن رزقويه البغدادىّ البزّاز، ولد سنة خمس وعشرين وثلثمائة، ودرس الفقه، وسمع الحديث فأكثر؛ وكان ثقة صدوقا كثير السماع حسن الاعتقاد جميل المذهب.
وفيها توفّى محمد بن الحسين بن محمد بن موسى أبو عبد الرّحمن السّلمىّ النيسابورىّ الحافظ الكبير شيخ شيوخ الدنيا في زمانه، طاف الدنيا شرقا وغربا، ولقى الشيوخ الأبدال، وإليه المرجع في علوم الحقائق والسير وغيرها، وله المصنفات الحسان.
وفيها توفّى محمد بن عمر أبو بكر العنبرىّ الشاعر، مات يوم الخميس ثانى عشر جمادى الأولى ببغداد.