الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم نادى يا أبا الفرج المعافى؛ فهممت أن أجيبه. ثم إنه رجع فنادى: يا أبا الفرج المعافى بن زكريّاء النّهروانىّ؛ فقلت عند ذلك: هأنا: فما تريد؟ قال: لعلك من نهروان الشرق؟ قلت نعم؛ قال: نحن نريد نهروان الغرب. قال: فعجبت من هذا الاتفاق. قلت: وهذا من الغرائب كونه طابق اسمه واسم أبيه والكنية والشهرة ويكون هذا من نهروان الشرق، وذاك من نهروان الغرب. وكانت وفائه فى ذى الحجّة وله خمس وثمانون سنة.
وفيها توفّى ناجية بن محمد بن سليمان أبو الحسن الكاتب البغدادىّ، نادم الخلفاء والأكابر، وكان شجاعا شاعرا فصيحا. ومن شعره قوله:
[الطويل]
ولمّا رأيت الصبح قد سلّ سيفه
…
وولّى انهزاما ليله وكواكبه
ولاح احمرار قلت قد ذبح الدجى
…
وهذا دم قد ضمّخ الافق ساكبه
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم ثلاث أذرع وأربع عشرة إصبعا.
مبلغ الزيادة ستّ عشرة ذراعا وإصبعان.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 391]
السنة الخامسة من ولاية الحاكم منصور على مصر وهى سنة إحدى وتسعين وثلثمائة.
فيها جلس الخليفة القادر بأبّهة الخلافة، ودخل عليه الحجّاج بعد عودهم من الحج والقضاة والأشراف؛ فأعلمهم أنه قد جعل الأمر في ولده أبى الفضل، ولقّبه الغالب بأمر الله، وعمره ثمانى سنين وأربعة أشهر وأيام.
وفيها حجّ من العراق بالناس أبو الحارس محمد بن محمد بن عمر العلوىّ.
وفيها توفّى جعفر بن الفضل بن جعفر بن محمد بن الفرات، الوزير المحدّث أبو الفضل المعروف بابن حنزابة «1» . كان أبوه قد وزر للمقتدر سنة خلع. وسافر هو إلى مصر، وتقلّد الوزارة لكافور الإخشيذىّ، وسمع الحديث بمصر ورواه، ومات بمصر.
وفيها توفّى المقلّد بن المسيّب بن رافع حسام الدولة أبو حسّان العقيلىّ صاحب الموصل. كان أخوه أبو الذّوّاد «2» أوّل من تغلّب على الموصل وملكها في سنة ثمانين وثلثمائة؛ وملك حسام الدولة هذا الموصل بعده؛ وكان حسن التدبير، واتسعت مملكته. وأرسل إليه الخليفة القادر اللّواء والخلع. وكان له شعر، وفيه رفض فاحش.
قتله غلام له تركىّ في صفر. قلت: لا شلّت يداه!. يقال: إنّه قتله لأنّه سمعه يوصى رجلا من الحاجّ أن يسلّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول له:
لولا صاحباك لزرتك. وذكر الذهبىّ هذه الحكاية بإسناد إلى جماعة إلى أن قال عن الرجل الذي قال له المقلّد هذا «3» بالسلام إنّه قال: فأتيت المدينة ولم أقل ذلك إجلالا؛ فنمت فرأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم في منامى، فقال: يا فلان لم لم تؤد الرسالة؟ فقلت: يا رسول الله أجللتك؛ فرفع رأسه إلى رجل قائم فقال له:
خذ هذا الموسى واذبحه به (يعنى المقلّد) . ثم رجعنا فوافينا العراق، فسمعت أنّ الأمير المقلّد ذبح على فراشه ووجد الموسى عند رأسه؛ فذكرت للناس الرؤيا فشاعت؛ فأحضرنى ابنه (يعنى ابن المقلد) الذي ولى بعده، واسمه قرواش «4» ، فحدّثته؛ فقال:
أتعرف الموسى؟ فقلت نعم؛ فأحضر طبقا مملوءا مواسى فأخرجته منها؛ فقال:
صدقت، هذا وجدته عند رأسه وهو مذبوح. قلت: هذا ما جوزى به في الدنيا، وأمّا في الأخرى فجهنّم وبئس المصير، هو وكلّ من يعتقد معتقده إن شاء الله تعالى.
وفيها توفّى جيش بن محمد بن صمصامة أبو الفتوح القائد المغربىّ ابن أخت أبى محمود الكتامى «1» أمير أمراء جيوش المغرب ومصر والشام، وتولّى نيابة دمشق غير مرّة، وكان ظالما سفّاكا للدماء؛ ظلم الناس فاجتمع الصلحاء والزّهاد ودعوا عليه، فسلّط الله عليه الجذام حتّى رأى في نفسه العبر، ولم ينته حتّى أخذه الله.
وفيها توفّى الحسين بن أحمد بن الحجّاج أبو عبد الله الشاعر، كان من أولاد العمّال والكتّاب ببغداد، وتولّى حسبة بغداد لعز الدولة بختيار بن «2» بويه، فتشاغل بالشعر والسّخف والخلاعة عمّا هو بصدده. قلت: وابن الحجّاج هذا يضرب به المثل في السخف والمداعبة والأهاجى. وغالب شعره في الفحش والأهاجى والهزل؛ من ذلك قوله:
[المجتث]
المستعان بربّى
…
من كسّ ستّى وزبّى
قد كلّفانى نيكا
…
قد كاد يقصف صلبى
وقال ابن خلكان: الشاعر المشهور ذو المجون والخلاعة في شعره. كان فرد زمانه في فنّه، فإنه لم يسبق إلى تلك الطريقة مع عذوبة ألفاظه وسلامة شعره من التكلف؛ ومدح الملوك والأمراء والوزراء. وديوانه كبير أكثر ما يوجد في عشرة مجلدات. والغالب عليه الهزل، وله في الجدّ أيضا. ويقال: إنّه في الشعر [فى «3» ] درجة