الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم ذراعان وثمانى أصابع. مبلغ الزيادة ستّ عشرة ذراعا وعشر أصابع.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 403]
السنة السابعة عشرة من ولاية الحاكم منصور على مصر وهى سنة ثلاث وأربعمائة.
فيها في يوم الجمعة سادس عشر المحرّم قلّد الشريف الرضى نقابة الطالبييّن بسائر الممالك.
وفيها أرسل الحاكم صاحب الترجمة كتابا إلى السلطان محمود بن سبكتكين صاحب غزنة يدعوه الى طاعته، فبعث محمود بالكتاب إلى القادر بعد أن خرقه وبصق في وسطه.
وفيها لم يحجّ أحد من العراق.
وفيها توفّى الحسن بن حامد بن على بن مروان أبو عبد الله الفقيه الحنبلىّ الورّاق، كان مدرّس الحنابلة وفقيههم، وله مصنّفات، منها كتاب" الجامع" أربعمائة جزء.
وهو شيخ القاضى أبى يعلى «1» الفرّاء، وكان معظّما في النفوس مقدّما عند السلطان، وكان زاهدا ورعا، ينسخ بالأجرة ويتقوّت منه.
وفيها توفّى السلطان فيروز أبو نصر بهاء الدولة بن عضد الدولة بويه بن ركن الدولة حسن بن بويه [بن] فنّاخسرو الديلمىّ، وقيل: اسمه خاشاد. وبهاء الدولة هذا هو الذي قبض على الخليفة الطائع وخلعه من الخلافة، وولّى القادر الخلافة
عوضه، وقد ذكرنا ذلك في وقته. وكان بهاء الدولة ظالما غشوما سفّاكا للدماء، حتى إنه كان خواصّه يهربون من قربه. وجمع من المال ما لم يجمعه أحد من بنى بويه إلا إن كان عمه فخر الدولة المقدّم ذكره. ولم يكن في ملوك بنى بويه أظلم منه ولا أقبح سيرة. وكان به مرض الصرع يصرع في دست الملك؛ ورث ذلك عن أبيه، ومات به في أرّجان في يوم الاثنين خامس جمادى الاخرة. وكانت مدّة سلطنته أربعا وعشرين سنة وتسعة أشهر وأياما، ومات وله اثنتان وأربعون سنة وتسعة أشهر، وحمل من أرّجان إلى الكوفة. وتولّى الملك من بعده ولده أبو شجاع بعهد منه.
وفيها توفّى قابوس بن وشمكير أمير الجبال بنيسابور وغيرها. كان أيضا سيّئ السيرة، قتل جماعة من خواصّه وحجّابه ففسدت القلوب عليه، ودبّروا في قتله وقصدوا ابنه منوجهر، ولا زالوا به حتى قبض على أبيه قابوس هذا وقتله بالبرد «1» ، ثم قتل منوجهر جماعة ممن أشار عليه بقتل أبيه، وندم حين لا ينفع الندم.
وفيها توفّى الشريف محمد بن محمد بن عمر العلوىّ أبو الحارث نقيب الطالبيّين بالكوفة. كان شجاعا جوادا ديّنا رئيسا، كانت إليه النقابة مع تسييرا لحاجّ، حجّ بالناس عشر «2» سنوات، وكان ينفق عليهم [من ماله «3» ] ويحمل المنقطعين رحمه الله. ومات بالكوفة في جمادى الآخرة.
وفيها توفّى علىّ بن محمد بن خلف الإمام أبو الحسن المعافرىّ القروىّ القابسىّ «4» الفقيه المالكىّ. كان عالم أهل إفريقيّة حجّ وسمع جماعة، وأخذ بإفريقيّة عن
ابن مسرور «1» الدبّاغ وغيره، وكان حافظا للحديث وعلله، فقيها أصوليّا متكلّما مصنّفا صالحا، وكان أعمى لا يرى شيئا، وهو مع ذلك من أصحّ الناس كتبا وأجودهم تقييدا، يضبط كتبه ثقات أصحابه؛ والذي ضبط له صحيح البخارىّ بمكة رفيقه أبو محمد الأصيلىّ «2» .
وفيها توفّى محمد بن الطيّب بن محمد بن جعفر بن القاسم القاضى أبو بكر الباقلانى البصرىّ صاحب التصانيف في علم الكلام، سكن بغداد وكان في وقته أوحد زمانه، صنّف في الردّ على الرافضة والمعتزلة والخوارج والجهميّة «3» . وذكره القاضى عياض فى طبقات الفقهاء المالكية فقال:«هو الملقّب بسيف السنّة، ولسان الأمّة، المتكلّم على لسان أهل الحديث، وطريق أبى الحسن الأشعرىّ، وإليه انتهت رياسة المالكية» .
وفيها توفّى محمد بن موسى أبو بكر الخوارزمىّ الحنفىّ شيخ الحنفيّة وعالمهم ومفتيهم، انتهت إليه رياسة الحنفية في زمانه، وكان تفقّه على أبى بكر أحمد بن علىّ الرازىّ، وسمع الحديث من أبى بكر الشافعىّ، وروى عنه أبو بكر البرقانىّ «4» . قال القاضى أبو عبد الله الصّيمرىّ بعد ما أثنى عليه:«وما شاهد الناس مثله في حسن الفتوى [والإصابة فيها «5» ] وحسن التدريس. وقد دعى إلى ولاية الحكم مرارا فامتنع تورّعا» . ومات في جمادى الأولى.