الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
***
[ما وقع من الحوادث سنة 355]
السنة الأولى من ولاية كافور الإخشيذىّ على مصر- وهى سنة خمس وخمسين وثلثمائة.
فيها أقيم المأتم على الحسين رضى الله عنه في يوم عاشوراء ببغداد على العادة.
وفيها ورد الخبر بأنّ ركب الشام ومصر والمغرب من الحجّاج أخذوا وهلك أكثرهم ووصل الأقلّ إلى مصر، وتمزّق الناس كلّ ممزّق، وأخذتهم بنو سليم؛ وكان ركبا عظيما نحو عشرين ألف جمل، معهم الأمتعة والذهب؛ فما أخذ لقاضى طرسوس المعروف بالخواتيمى [مائة «1» ألف و] عشرون ألف دينار.
وفيها قدم أبو الفوارس محمد بن ناصر الدولة من الأسر إلى ميّافارقين؛ كانت أخت ملك الروم أخذته لتفادى به أخاها، فنفّذ سيف الدولة أخاها في ثلثمائة إلى حصن الهياج «2» ، فلما شاهد بعضهم بعضا سرّح المسلمون أسيرهم في خمسة فوارس وسرّح الروم أسيرهم أبا الفوارس في خمسة؛ فآلتقيا في وسط الطريق وتعانقا، ثم صار كلّ واحد إلى أصحابه فترجّلوا له وقبّلوا الأرض؛ واحتفل سيف الدولة بن حمدان لقدوم ابن أخيه وعمل الأسمطة الهائلة، وقدّم له الخيل والمماليك والعدد التامّة؛ فمن ذلك مائة مملوك بمناطقهم وسيوفهم وخيولهم.
وفيها جاء الخبر بأنّ نائب أنطاكية محمد بن موسى الصّلحىّ أخذ الأموال التى فى خزائن أنطاكية وخرج بها كأنّه متوجّه إلى سيف الدولة بن حمدان فدخل بلاد الروم مرتدّا. وقيل: إنه كان عزم على تسليم أنطاكية إلى الروم، فلم يمكنه ذلك
لاجتماع أهل البلد على ضبطه، فخشى أن ينمّ خبره إلى سيف الدولة فيتلفه فهرب بالأموال.
وفيها قدم الغزاة الخراسانية من الغزو إلى ميّافارقين، فتلقّاهم أبو المعالى بن سيف الدولة وبالغ في إكرامهم بالأطعمة والعلوفات. وكان رئيس الغزاة المذكورين محمد بن عيسى.
وفيها سار طاغية الروم بجموعه إلى الشام، فعاث وأفسد وأقام به نحو خمسين يوما؛ فبعث سيف الدولة يستنجد أخاه ناصر الدولة لبعده؛ ووقع لسيف الدولة مع الروم حروب ووقائع كثيرة.
وفيها توفّى محمد بن عمر بن محمد بن سالم أبو بكر [بن «1» ] الجعابىّ التميمىّ البغدادىّ الحافظ قاضى الموصل، سمع الكثير ورحل وكان حافظ زمانه، يحب أبا العباس ابن عقدة، وصنّف الأبواب والشيوخ والتاريخ، وكان يتشيّع؛ وروى عنه الدارقطنىّ وأبو حفص بن شاهين والحاكم أبو عبد الله وآخرون آخرهم وفاة «2» أبو نعيم الحافظ.
ومولده في صفر سنة أربع وثمانين ومائتين. قال أبو علىّ «3» الحافظ النيسابورىّ:
ما رأيت في المشايخ أحفظ من عبدان «4» ، ولا رأيت في أصحابنا أحفظ من أبى بكر [بن] الجعابىّ!.
وفيها توفّى محمد بن الحسين بن علىّ بن الحسن الأنبارىّ الشاعر المشهور، كان انتقل إلى نيسابور فسكنها إلى أن مات بها في شهر رمضان. وكان من فحول الشعراء. ومن شعره وقد رأيته لغيره:
أبكى وتبكى الحمام لكن
…
شتّان ما بينها وبينى
تبكى بعين بغير دمع
…
وابكى بدمع «1» بغير عين
ويعجبنى في هذا قول أمير المؤمنين عبد الله بن المعتز:
بكت عينى غداة البين حزنا
…
وأخرى بالبكا بخلت علينا
فعاقبت التى بخلت بدمع
…
بأن غمّضتها يوم التقينا
ومما يجيش ببالى أيضا في هذا المعنى قول القائل، ولم أدر لمن هو غير أننى أحفظه قديما:
قالت سعاد أتبكى
…
بالدمع بعد الدماء
فقلت قد شاب دمعى
…
من طول عمر بكائى
الذين ذكر الذهبىّ وفاتهم في هذه السنة، قال: وفيها توفّى أبو الحسن «2» علىّ بن الحسن بن علّان الحرّانى الحافظ يوم النحر، وأبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن سالم التميمىّ [ابن] الجعابىّ، وأبو الحكم منذر بن سعيد البلّوطىّ قاضى الأندلس وعالمها ومفتيها.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم خمس أذرع وثمانى أصابع.
مبلغ الزيادة أربع عشرة ذراعا وتسع عشرة إصبعا.