الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
***
[ما وقع من الحوادث سنة 398]
السنة الثانية عشرة من ولاية الحاكم منصور على مصر وهى سنة ثمان وتسعين وثلثمائة.
فيها في يوم عاشوراء عمل أهل الكرخ [ما جرت به «1» ] العادة من النّوح وغيره.
واتفق يوم عاشوراء يوم المهرجان؛ فأخّره عميد الجيوش إلى اليوم الثانى مراعاة لأجل الرافضة، هذا ما كان «2» ببغداد. فأمّا مصر فإنه كان يفعل بها في يوم عاشوراء من النوح والبكاء والصّراخ وتعليق المسوح أضعاف ذلك لا سيّما أيّام خلفاء مصر بنى عبيد، فإنّهم كانوا أعلنوا الرّفض وسبّ الصحابة من غير تستّر ولا خيفة.
وفيها كانت فتنة عظيمة بين أهل السّنة والرافضة ببغداد.
وفيها زلزلت الدّينور فهدمت المنازل وأهلكت ستة عشر ألف إنسان، وخرج من سلم إلى الصحراء وبنوا لهم أكواخا من القصب، وذهب من الأموال ما لا يعدّ ولا يخصى.
وفيها هدم الحاكم بيعة «3» قمامة التى ببيت المقدس وغيرها من الكنائس بمصر والشام، وألزم أهل الذمّة بما ذكرناه في ترجمة الحاكم.
وفيها توفّى أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد أبو الفضل الهمذانىّ الملقّب ببديع الزمان، صاحب الرسائل الرائقة، وصاحب المقامات [الفائقة «4» ] ؛ التى على منوالها نسج الحريرىّ مقاماته، واعترف له بالفضل عليه. وكان إمام وقته في المنثور
والمنظوم. ومن كلامه النثر: الماء إذا طال مكثه، ظهر خبثه؛ وإذا سكن متنه، تحرّك نتنه. و [له من «1» تعزية] : الموت خطب قد عظم حتّى هان، ومسّ [قد «2» ] خشن حتّى لان؛ والدنيا [قد «3» ] تنكّرت حتّى صار الموت أخفّ خطوبها، وجنّت حتّى صار أصغر ذنوبها. وله من هذا أشياء كثيرة. وأمّا شعره فجيّد إلى الغاية.
من ذلك قوله من جملة قصيدة: [البسيط]
وكاد يحكيك صوب الغيث منسكبا
…
لو كان طلق المحيّا يمطر الذّهبا
والدهر لو لم يخن والشمس لو نطقت
…
والليث لو لم يصد والبحر لو عذبا
وكانت وفاته في هذه السنة بمدينة هراة.
وفيها توفّى عبد الواحد «4» بن نصر بن محمد أبو الفرج المخزومىّ النّصيبىّ الشاعر المشهور المعروف بالببّغاء والببّغاء هو الطير المعروف بالدّرّة، وقيل غيرها. خدم الببغاء المذكور سيف الدولة بن حمدان ومدحه؛ وكان شاعرا مجيدا وكاتبا مترسّلا، جيّد المعانى حسن القول في المدائح. ومن شعره:[الكامل]
وكأنّما نقشت حوافر خبله
…
للناظرين أهلّة في الجلمد
وكأنّ طرف الشمس مطروف وقد
…
جعل الغبار له مكان الإثمد
وفيها توفّى عبد الله بن محمد أبو محمد البخارىّ الخوارزمىّ الفقيه الشافعى، كان فقيها فصيحا أديبا يرتجل الخطب الطّوال ويقول الشعر على البديهة. ومن شعره:
[الخفيف]
كم حضرنا وليس يقضى التلاقى
…
نسأل الله غير هذا الفراق
إن أغب لم تغب وإن لم تغب غبت
…
كأنّ افتراقنا باتفاق