المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المسألة 145: ما لا ينصرف ‌ ‌مدخل … المسألة 145: ما لا ينصرف معنى الصرف - النحو الوافي - جـ ٤

[عباس حسن]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الرابع

- ‌المسألة 127: النداء وما يتصل بأحكامه

- ‌مدخل

- ‌المسالة 129: الجمع بين حرف النداء، و"أل

- ‌المسألة 130: أحكام تابع المنادى

- ‌المسألة 131: المنادى المضاف إلى ياء المتكلم

- ‌المسألة 132: الأسماء التي لا تكون إلا منادى

- ‌المادة 133: الاستغاثة

- ‌المسألة 134: النداء المقصود به التعجب

- ‌المسألة 135: الندبة

- ‌المسألة 136: المندوب المضاف لياء المتكلم

- ‌المسألة 137: الترخيم

- ‌المسألة 138: القسم الثاني ترخيم الضرورة الشعرية

- ‌المسألة 139: الاختصاص

- ‌المسألة 140: التحذير والإغراء

- ‌المسألة 141: أسماء الأفعال

- ‌المسألة 143: نونا التوكيد

- ‌المسألة 144: إسناد المضارع والأمر إلى ضمائر الرفع البارزة بغير توكيدها، ومع التوكيد

- ‌المسألة 145: ما لا ينصرف

- ‌مدخل

- ‌المسألة 147:

- ‌المسألة 148: إعراب الفعل المضارع

- ‌المدخل

- ‌المسألة 149:

- ‌المسألة 150:

- ‌المسألة 151:

- ‌المسألة 152:

- ‌المسألة 153: إعراب المضارع

- ‌مدخل

- ‌المسألة 154:

- ‌المسألة 155:

- ‌المسألة 156:

- ‌المسألة 157:

- ‌المسألة 158:

- ‌المسألة 159:

- ‌المسألة 160:

- ‌المسألة 161:

- ‌المسألة 162: أدوات التحضيض، والتوبيخ، والعرض، والامتناع

- ‌المسألة 163: العدد

- ‌مدخل

- ‌المسألة 164: تمييز العدد

- ‌المسألة 165: تذكير العدد وتأنيثه

- ‌المسالة 166: صياغة العدد على وزن "فاعل

- ‌المسألة 168: كنايات العدد

- ‌المسألة 170: المقصور، والممدود

- ‌المسألة 172: جمع التكسير

- ‌مدخل

- ‌المسألة 173:

- ‌المسألة 174: أحكام عامة

- ‌المسألة 175: التصغير

- ‌المسألة 177: النسب

- ‌مدخل

- ‌المسألة 178: النسب إلى ما حذف منه بعض أصوله

- ‌المسألة 179: أحكام عامة في النسب

- ‌المسألة: التصريف

- ‌مدخل

- ‌المسألة 181: الإعلان والإبدال

- ‌المسالة 184: الإعلال بالحذف

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌ ‌المسألة 145: ما لا ينصرف ‌ ‌مدخل … المسألة 145: ما لا ينصرف معنى الصرف

‌المسألة 145: ما لا ينصرف

‌مدخل

المسألة 145: ما لا ينصرف

معنى الصرف 1:

الاسم المعرب قسمان:

1-

قسم يدخله نوع أصيل2 من التنوين، لا يدخل غير هذا القسم، ولا يفارقه في حالات إعرابه المختلفة. -"إلا عند وجود طارئ معارض؛ كإضافة الاسم، أو اقترانه "بأل"3 أو قوعه منادى معرفا. أو اسما مفردا لـ "لا" النافية للجنس

"- ويدل وجوده على أن الاسم المعرب الذي يحويه أشد تمكنا في الاسمية من سواه؛ ولهذا يسمى: "تنوين الأمكنية"4، أي: التنوين

1 الحروف كلها مبنية، وكذلك الأفعال، إلا المضارع المجرد من نون التوكيد المباشرة، ومن نون الإناث، فإن اتصل بإحداهما اتصالا مباشرة، صار مبنيا. أما الأسماء فمنها:"المعرب"، ومنها:"المبني". ومن المعرف ما يسمى: المتمكن الأمكن، وهو:"المنصرف"، وما يسمى:"المتمكن غير الأمكن"، وهو:"غير المنصرف". ويقول النحاة: إن الاسم إذا أشبه الحرف يبنى، وإذا أشبه الفعل منع من الصرف.

وقد سبق في الجزء الأول "م6 ص72 وما بعدها" تفصيل الكلام على هذا كله، وبيان أحكامه، وحقيقة الرأي في كل -وستجيء لمحة منه في هامش ص304.

ملاحظة: يجري في تعبيرات بعض القدماء استعمال كلمة: "الإجراء" بمعنى "الصرف"، و"عدم الإجراء" بمعنى:"منع الصرف"، وكذلك المجرى وغير المجرى. ومن أمثلة ذلك ما جاء في ج1 ص85 من كتاب:"النوادر" لأبي مسحل الأعرابي ونصه: قال الأموي: سمعت بني أسد يذكرون "الموسى" -موسى الحجام- ويجرونه. فيقولون هذا موسى كما ترى. وهو "مذمل" من أوسيت. قال: ويجرون اسم الرجل إذا كان اسمه موسى؛ فيقولون هذا موسى قد جاء؛ فيلحقونه باوسيت؛ فيجرونه. ومن جعله أعجميا لم يجره. وجعله بمعنى: "فعل". وقال الكسائي: سمعتهم يؤنثون "موسى" الحجام، ولا يجرونها؛ فيقولون هذه موسى. كما ترى". ا. هـ.

2 من التنوين ما هو أصيل، وينحصر في أربعة أنواع سبق بيانها، وإيضاح أحكامها "في ج1 ص33 م3" وهي: تنوين الأمكنية -تنوين التنكير، تنوين المقابلة، تنوين العوض. وما هو غير أصيل؛ كتنوين الضرورة الشعرية، وتنوين الترنيم، والتنوين الغالي، وقد أوضحناها في المرجع السابق.

3 مهما كان نوعها.

4 لا بد من فهم هذا النوع من التنوين فهما دقيقا: كي يتيسر إدراك "الممنوع من الصرف" على وجهه الحق. ولن يتأتى الفهم الدقيق إلا بالإلمام التام بالأنواع الأربعة الأصيلة، وتفهمها عند تفهم "تنوين الأمكنية" ليتميز بعضها من بعض، ولا يختلط أمرها.

ص: 200

الدال على أن هذا الاسم المعرب أمكن1 وأقوى درجة في الاسمية من غيره. ويسمى أيضا: "تنوين الصرف"2 وبهذا الاسم يشتهر عند أكثر النحاة3. ووجوده في الاسم المعرب يفيده خفة في النطق، فوق الدلالة على الأمكنية.

وإذا ذكرت كلمة "التنوين" خالية من التقييد الذي يبين نوعه كان المقصود: "تنوين الأمكنية"، أي:"الصرف". ومن أمثلة الأسماء المشتملة عليه، أو التي تستحقه لولا الطارئ المعارض ما جاء في قول شوقي:

إنما الشرق منزل لم يفرق

أهله إن تفرقت أصقاعه

وطن واحد على4 الشمس، والفصـ

حي، وفي الدمع والجراح اجتماعه

وإنما كان وجود هذا التنوين دليلا على "الأمكنية" لأن انضمامه إلى "الإعراب" في اسم واحد جعل هذا الاسم مشتملا على علامتين بدلا من واحدة، يبعدانه كل البعد عن الحروف وعن الأفعال؛ هما:"التنوين"، و"الإعراب"؛

1 "أمكن"، أفعل تفضيل من الفعل الثلاثي:"سكن مكانة"، إذا بلغ الغاية في التمكن، ومن هنا جاء تنوين الأمكنية. ولا يصح أن يكون من الفعل:"تمكن" لأن هذا غير ثلاثي لا يجيء فيه "أفعل" مباشرة.

2 من معاني "الصرف" في اللغة: "التصويت -اللبن الخالص- الانصراف عن شيء إلى آخر

" ومن أحد هذه المعاني أخذ "الصرف النحوي". فالتنوين تصويت في آخر الاسم المنصرف -أو الاسم المنصرف خالص من مشابهة الحرف والفعل؛ أو منصرف عن طريقهما إلى غيره؛ إلى طريق الاسمية المحضة. ويعبر بعض القدماء -كما سبق في هامش الصفحة الماضية- عن "الصرف"، و"منع الصرف"

بالإجراء، وعدم الإجراء.

3 وفي هذا يقول ابن مالك في أول الباب الذي عقده بعنوان: "ما لا ينصرف": -وسنذكر على يسار كل بيت رقم ترتيبه في بابه:

الصرف: تنوين أتى مبينا

معنى به يكون الاسم أمكنا-1

وبعض النحاة يسمى التنوين كله: "صرفا".

4 يصلح الحرف "على" هنا أن يكون معناه: التعليل، أي: بيان العلة والسبب. "اعتمادا على ما سبق بيانه من معاني الحرف الجار "على" ج2 م90 ص740".

ص: 201

إذ التنوين لا يدخل الحروف ولا الأفعال. وكذلك الإعراب، لا يدخل الحروف ولا أكثر الأفعال. فبهذا التنوين المقصور على الأسماء المعربة1 صار الاسم القوي المتمكن بالإعراب أقوى وأمكن باجتماع الإعراب والتنوين معا. كما صار أخف نطقا.

وليس من هذا القسم تنوين جمع المؤنث السالم الباقي في دلالته على جميعه، نحو: هؤلاء متعلمات فاضلات؛ لأن هذا تنوين للمقابلة، ولأنه قد يوجد في الاسم غير المنصرف؛ كالعلم المؤنث المنقول من جمع مؤنث سالم؛ مثل: سعادات - عطيات - زينات

فإن هذا العلم المنقول من جمع المؤنث السالم -يجوز صرفه، مراعاة لأصله الذي نقل منه، فيكون تنوينه -كتنوين أصله- للمقابلة للأمكنية. ويجوز عدم صرفه، مراعاة للحالة التي هو عليها الآن؛ وهي أنه: علم على مؤنث؛ فيكون غير أمكن أيضا2.

وليس من تنوين "الأمكنية" كذلك تنوين "العوض" ولا تنوين "التنكير"؛ لأنهما يدخلان الأسماء المنصرفة وغير المنصرفة3

وسيتكرر في هذا الباب وغيره كلمة: "الصرف" مرادا منها تنوين "الأمكنية" جريا على الشائع4.

2-

قسم لا يدخله هذا النوع الأصيل من التنوين، ويمتنع وجوده فيه؛ فيكون امتناعه دليلا على أن الاسم المعرب متمكن في الاسمية، ولكنه غير أمكن، إذ لا يبلغ في درجة التمكن، وقوته، مبلغ القسم السالف؛ كالأسماء: عمر، عثمان، مريم، عبلة

وغيرها من الأسماء الممنوعة من الصرف؛ أي: الممنوعة من

1 وواضح أنه لا يدخل المبنيات مطلقا.

2 ستجيء الإشارة لهذا في رقم 1 من هامش الصفحة التالية وكذلك في "ج" من ص240.

3 يدخل تنوين العوض الأسماء غير المنصرفة؛ نحو: دوع، ليال، سواع، غواد، هواد، "كما سيجيء في ص209" وقد يدخل الأسماء المنصرفة أيضا، نحو:"كل"؛ و"بعض"؛ فيكون للعوض والصرف معا؛ لا لأحدهما. أما تنوين التنكير فالغالب دخوله على المبينات لإفادة تنكيرها. وقد يدخل على الاسم المعرب لهذا الغرض.

كما سبق تفصيل هذا في باب: التنوين "ج1 م3 ص33"، وكما سيجيء بعضه هنا وفي "ب" من ص251.

4 عند غير ابن مالك، ومن وافقه.

ص: 202

أن يدخل عليها تنوين: "الصرف" الدال على "الأمكنية"، والمؤدي إلى خفة النطق، "لأن هذا التنوين يرمز إلى الأمرين المذكورين ويدل عليهما، كما أسلفنا".

وإنما كان هذا القسم "متمكنا غير أمكن"، لاشتماله على علامة واحدة، هي الإعراب، وبسببها كان محصورا في الأسماء المعربة وحدها. أما تنوين "الأمكنية" فلا يدخل هذا القسم. وبسبب حرمانه هذا التنوين، وامتناع دخوله، اقترب من الفعل والحرف؛ إذ صار شبيها بهما في حرمانهما التنوين، وامتناع دخوله عليهما.

وإذا امتنع دخول تنوين "الأمكنية" على الاسم الذي لا ينصرف امتنع، -تبعا لذلك- جره بالكسرة؛ فيجر بالفتحة نيابة عنها1، بشرط ألا يكون مضافا، ولا مقترنا "بأل"2 -مهما كان نوعها- فإن أضيفن أو اقترن "بأل"3 وجب جره بالكسرة. -وهذا هو حكم الممنوع من "الصرف"، وسيجيء الكلام عليه4.

لكن كيف يمكن التمييز بين القسمين، والحكم على الاسم المعرب بأنه من القسم الأول "الأمكن" أو من القسم الثاني "المتمكن"؟

لقد اقتصر النحاة على وضع علامات مضبوطة تميز الاسم المعرب المتكن، وهو "الممنوع من الصرف"، وتدل عليه بغير خفاء ولا غموض، واكتفوا بها؛ لعلمهم أنها متى وجدت في اسم معرب كانت دليلا على أنه "لا ينصرف"، ومتى خلا منها كان فقدها دليلا على أنه من القسم الأول: وهو: "المعرب الأمكن"، أي:"المعرب المنصرف". فعلامة الاسم المعرب الذي لا ينصرف "وجودية"، وعلامة المعرب المنصرف"، "عدمية؛ أي: سلبية". غير أن

1 إلا العلم الذي أصله جمع مؤنث سالم ثم صار علما منقولا؛ فإنه يجوز إعرابه مصروفا كأصله، رفعا ونصبا، وجرا، ويجوز إعرابه كالممنوع.

-كما عرفنا في الصفحة السابقة، وكما سيجيء في:"ج" من ص240 وفي1 من ص264.

2 و3 أو ما يقوم مقامها "انظر "ب" ص207".

4 في الصفحات التالية، ثم في ص264 بعض لأحكام العامة المهمة.

ص: 203

العلامة الدالة على منع الاسم من الصرف قد تكون واحدة، وقد تكون اثنتين معا، لهذا كانت الأسماء الممنوعة من الصرف نوعان:

نوع يمنع صرفه في كل استعمالاته حين توجد فيه هذه العلامة الواحدة، ونوع يمنع صرفه بشرط أن توجد فيه علامتان معا1 من بين علامات تسع. ومجموع النوعين أحد عشر شيئا:

1 يعبر النحاة عن هذا بقولهم: إن الاسم يمنع من الصرف لوجود علتين فيه، أو علة واحدة تقوم مقام العلتين

والتعبير بعلتين ليس دقيقا؛ لأن كل علة واحدة لا بد لها من معلول واحد، فالعلتان لا بد لهما من معلولين حتما. فكيف يجتمع علتان على معلول واحد؟ فإن كانتا قد اشتركتا معا في إيجاد المعلول الواحد لم تكونا علتين، وإنما هما علة واحدة ذات جزأين اشتركتا معا في إيجاد هذا المعلول الواحد. اللهم إلا أن يكون مرادهم علتين، أي: عيبين.

ويقولون في تعليل منع الاسم من الصرف كلاما لا تطمئن إليه النفس، ولا يرتاح إليهما لعقل. نلخصه للمتخصصين، لإبانة ضعفه وتهافته، مع دعوتنا إلى نبذه وإهماله إهمالا تاما. يقولون:

إن التنوين الأصلي خاصة، خواص الأسماء، لا وجود له في الأفعال ولا الحروف. وإن الحرف كلها مبنية، وكذلك الأفعال، إلا المضارع في بعض حالاته. فالاسم إذا أشبه الحرف يبنى "كأن يشبهه في الوضع، أو في المعنى

أو غيرهما من أنواع الشبه التي عرفناها في صدر الجزء الأول، باب: الإعراب والبناء". وإذا أشبه الاسم الفعل منع من الصرف؛ لأن الفعل أقل استعمالا من الاسم وأضعف شأنا منه؛ فلذلك حرم التنوين الذي هو علامة القوة، والوسيلة لخفة النطق. فإذا اقترب الاسم من الفعل وشابهه في الضعف فقد استحق مثله امتناع التنوين. أما سبب ضعف الفعل عندهم دون الاسم -فأمران:

أحدهما: لفظي، وهو: أن الفعل متق من المصدر؛ فالفعل فرع، والاسم أصله، والفرع أضعف من الأصل.

ثانيهما: معنوي؛ وهو: أن الفعل محتاج دائما إلى الاسم في الإسناد، وليس كذلك الاسم، فإنه قد يسند إلى اسم مثله؛ ولهذا كان الاسم أخف لكثرة استعماله، والفعل أثقل لقلة استعماله؛ والحاجة ضعف. فإذا وجد في الاسم ضعفان معا لفظي ومعنوي، أو ضعف واحد آخر يقوم مقامها فقد شابه الفعل، واستحق منع التنوين، كما في مثل:"فاطمة" فقد وجد في هذا الاسم الضعف اللفظي، وهو علامة التأنيث؛ إذ التأنيث فرع التذكير، ووجد فيه الضعف المعنوي؛ وهو: العلمية التي هي فرع التنكير: "أما النوع الواحد من الضعف الذي يقوم مقام الاثنين فمحصور في: "ألف التأنيث" بنوعيها؛ "المقصورة والممدودة": وفي "صيغة منتهى الجموع". فوجود ألف التأنيث في آخر الاسم هو علة لفظة، وملازمتها إياه في كل حالاته هي علة معنوية. وخروج صيغة منتهى الجموع عن أوزان الآحاد العربية علة لفظية؛ "إذ ليس في تلك الآحاد مفرد ثالثه ألف بعدها حرفان أو ثلاثة إلا وأوله مضموم، كعذافر -للجمل القوي- والأسد، أو تكون ألفه عوضا عن إحدى ياءي النسب كيمان وشآم، وأصلهما يمني، وشامي =

ص: 204

أ- فالذي يُمنع صرفه لوجود علامة واحدة هو ما يكون مشتملا على: "ألف التأنيث المقصورة، أو الممدودة"، وكذلك ما يكون على وزن:"صيغة منتهى الجموع".

1-

فالمقصورة ألف تجيء في نهاية الاسم المعرب، لتدل على تأنيه، ومثلها الممدودة، إلا أن الممدودة لا بد أن يسبقها -مباشرة- ألف زائدة للمد؛ فتنقلب ألف التأنيث همزة1

ومن أمثلة المقصورة: "ذكرى" مصدر، نكرة للفعل: ذكر: بمعنى تذكر" و"رضوى" علم على جبل بالحجاز، بالمدينة"، و"جرحى؛ جمع: جريح" و"حبلى، وصف للمرأة الحامل

".

وعند إعراب هذه الكلمات نقول في حالة الرفع: إنها مرفوعة بضمة مقدرة على الألف، وفي حالة النصب منصوبة بفتحة مقدرة على الألف، ونقول في حالة الجر: إنها مجرورة بفتحة مقدرة على الألف، نياية عن الكسرة، والتنوين ممتنع في كل الحالات -كما عرفنا.

وإنما تجر هذه الأسماء وأشباهها، بالفتحة نيابة عن الكسرة بشرط خلو الاسم من "أل"2 ومن الإضافة. وإلا وجب جره بالكسرة.

= "بالياء المشددة" حذفت إحدى الياءين تخفيفا، وجاءت الألف عوضا عنها، وفتحت همزة شامي بعد سكونها ومدت؛ فصار يماني وشامي. ثم أعل إعلال المنقوص "كوال، وراع" فصار يمان وشآم -كما سيجيء في جمع التسكير- ومثلهما ثمان، فأصله: ثمني، نسبة إلى الثمن، فتح أوله تخفيفا ثم حذفت إحدى الياءين

إلى آخر ما مر، وغير ذلك مما لا تجاريه ولا توافقه صيغة منتهى الجموع

، أما العلة المعنوية في صيغة منتهى الجموع فدلالتها على الجمع

إلا غير هذا مما يقولون.

وقولهم بادي التكلف والصنعة، لا يقوى على الفحص، وقد آن الوقت لإهماله نهائيا؛ لأنه لا يثبت أمام الاعتراضات التي تتجه إليه من بعض النحاة القدامى والمحدثين. وقد عرضنا ملخص رأيهم في الجزء الأول "ص34 م3 عند الكلام على التنوين" ثم أوضحنا بعده أن التعليل الحق في "الصرف" وفي منعه هو: كلام العرب الأوائل، واستعمالهم الصحيح الوارد إلينا. والذي نحاكيه.

1 لألف التأنيث بنوعيها أوزان مشهورة، تضمنها الباب الخاص بالتأنيث. "وسيأتي في ص585" وألف التأنيث الممدودة ليست في الحقيقة هي الممدودة، كما يتبين من الشرح السالف، إنما الممدود ما قبلها فوصفت بالمد لملاصقتها له؛ كما سيجيء في الزيادة ص207.

2 أو ما ينوب عنها -كما يجيء في الصفحة الآتية- مهما كان نوع "أل""كما سبق في ص200 و203".

ص: 205

ومن أمثلة الممدودة: "صحراء، وهي اسم نكرة"، و"زكريا، على إنسان"، و"أصدقاء، جمع صديق"، و"حمراء، وصف للشيء الأحمر المؤنث"

، وعند إعراب هذه الكلمات نقول: إنها مرفوعة بالضمة الظاهرة، ومنصوبة بالفتحة الظاهرة، ومجرورة بالفتحة الظاهرة نيابة عن الكسرة، بشرط خلو الاسم من "أل" ومن الإضافة؛ وإلا وجب جره بالكسرة -كما تقدم.

ومن هذه الأمثلة -وأشباهها- يتبين أن ألف التأنيث بنوعيها قد تكون في اسم نكرة؛ كذكرى وصحراء. وقد تكون في معرفة؛ كرضوى وزكرياء، وتكون في الاسم مفرد كالأمثلة السالفة، وفي جمع؛ كجرحى وأصدقاء، وقد تكون في اسم خالص الاسمية؛ كرضوى وزكرياء؛ علمين، أو في وصف1؛ كحبلى وحمراء

وهي بنوعيها تمنع الاسم في كل الحالات استعماله2 من تنوين الأمكنية، وتوجب جره بالفتحة، بدلا من الكسرة بشرط أن يكون مجردا من "أل" ومن الإضافة3

1 المراد به هنا: الاسم الذي يغلب في استعماله ألا يكون علما، ولا مصدرا.

2 لأنها لا تفارقه مطلقا، "انظر رقم 2 من ص264".

3 وفي هذه الألف بدلالاتها المختلفة يقول ابن مالك:

فألف التأنيث مطلقا منع

صرف الذي حواه، كيفما وقع-2

"مطلقا: أي: بنوعيها، في جميع حالاتهما؛ من ناحية أن كل واحدة تكون خاتمة في معرفة، أو نكرة، في مفرد أو جمع، في اسم أو صفة -ومعنى صرف: تنوين

".

يريد أن ألف التأنيث تمنع صرف الاسم الذي يشتمل عليها كيفما وقع هذا الاسم، أي: على أي حال كان عليه من التعريف، أو التنكير، أو الاسمية، أو الوصفية، أو الإفراد، أو الجمع

ص: 206

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

أ- يقول النحاة: إن ألف التأنيث الممدودة، كحمراء، وخضراء -وغيرهما- كانت في أصلها مقصورة "أي: حمرى، خضرى

" فلما أريد المد زيدت قبلها ألف أخرى. والجمع في النطق بين ألفين ساكنتين محال، وحذف إحداهما ينافي الغرض من ذكرها؛ إذ لو حذفت الأولى لضاع الغرض من المد، ولو حذفت الثانية لضاع الغرض من التأنيث، وقلب الأولى حرفا قريبا منها -وهو الهمزة- يفيد الغرض من المد؛ فلم يبق إلا قلب الثانية همزة تدل على التأنيث؛ كما كانت هذه الألف تدل عليه قبل انقلابها.

ب- يمنع الاسم من الصرف بشرط ألا يكون مضافا، ولا مقرونا "بأل" مهما كان نوعها -كما عرفنا-1 ومثل "أل" ما يحل محلها عند بعض القبائل العربية، ومنه:"أم" التي هي بمنزلة "أل".

1 في ص203 الأمور الطارئة التي تعارض وجود التنوين، ومنها:"أل".

ص: 207

2-

وصيغة منتهى الجموع1 هي: كل جمع تكسير بعد ألف تكسيره حرفان2، أو ثلاثة أحرف، بشرط أن يكون أوسط هذه الثلاثة حرفا ساكنا3، نحو: "معابد، أقارب، طبائع، جواهر، تجارب، دواب

"، وكذلك "مناديل، عصافير، أحاديث، كراسي، تهاويل،

".

ومن هذه الأمثلة -وأشباهها- يتضح أن صيغة منتهى الجموع قد تكون على وزن: "مفاعل"، و"مفاعيل"؛ كمعابد ومناديل. وقد تكون على أوزان أخرى ينطبق عليها وصف تلك الصيغة؛ كباقي الأمثلة السالفة.

"ملاحظة":

يجري على ألسنة فريق من النحاة أن صيغة منتهى الجموع هي؛ جمع التكسير المماثل لصيغة: "مفاعل"، و"مفاعيل". لكنهم يريدون بالمماثلة: أن الكلمة خماسية أو سداسية، والحرف الأول مفتوح في الحالتين -سواء أكان ميما أم غير ميم- وأن الثالث ألف زادة، يليها كسر الحرف الأول من حرفين بعدها، أو من ثلاثة أحرف أوسطها ساكن

فليس المراد بالمماثلة أن تكون جارية على أسس الميزان الصرفي الأصيل الذي يراعى في صوغه عدد الحروف الأصلية والزائدة، وترتيبها، وحركاتها، وسكناتها، مع النطق بالحروف الزائدة كما وردت بنصها في الموزون، وإنما المراد عندهم هو: المماثلة في عد الحروف

1 سبب هذه التسمية موضح في: "هـ" من ص213.

2 وقد يكون أحد الحرفين مدغما في الآخر؛ نحو: خواص، عوام، دواب

3 وقد يكون الثاني الساكن ياء مدغمة في مثلها، بشرط وجود هذه الياء المشددة في المفرد أيضا. نحو: كراسي، قساوى "لنوع من الطيور. المفرد: قمري" وبخاتي، "لنوع من الإبل. المفرد: بختي". فليس من هذا ما يكون آخره ياء مشددة زائدة، للنسب أو لغيره: نحو: رباحي "نسبة إلى بلد" حواري "ومن معانيه: الناصر". لأن هذه الياء المشددة ليست في المفرد.

وقد خلت المراجع المتداولة كالصبان، والهمع، والتوضيح، والتصريح من اشتراط أن يكون الساكن حرف علة، وهو هنا الياء؛ ليصير بها الجمع على وزن "مفاعيل" واكتفت جميعا باشتراط سكونه. إلا أن "الخضري" في آخر باب:"جمع التكسير" نص على هذا صراحة، بقوله:"لا يقع بعد ألف التكسير ثلاثة أحرف إلا وأوسطها ساكن معتل؛ كمصابيح". ا. هـ.

ويترتب على هذا أن تكون كلمة "أرادب" المجموعة الممنوعة من الصرف -وأمثالها- غير مشددة الياء، مع أن مفردها. "إردب" بتشديد الباء، ومع أنها مضبوطة بالشكل في:"لسان العرب" بالتشديد ضبطا كتابيا فقط، بوضع شدة فوق الباء، خلافا لبعض المعاجم الأخرى. ويظهر أن ما قاله "الخضري" هو الأعم اأغلب، وأن غيره هو النادر الذي يقتصر فيه على السماع.

ص: 208

الأصلية والزائدة، وترتيبها، وحركاتها، وسكانتها، دون اعتبار لمقابلة الحرف الأصلي بمثله، ودون تمسك بالنطق بالحروف الزائدة نصا؛ فيقولون في "جواهر" إنها على وزن "مفاعل" -مثلا- وفي:"ألاعيب" إنها على وزن: "مفاعيل" -مثلا- مع أن الوزن الصرفي الأصيل يوجب أن تكون الأولى على وزان: "فواعل"، والثانية على وزان:"أفاعيل"، فالأمر عند هذا الفريق مجرد اصطلاح يراعى في العمل به ما وضع له. والأحسن: الاقتصار على التعريف الأول؛ لعدم معارضته الميزان الصرفي الأصيل1.

حكم صيغة منتهى الجموع:

وهو حكم غيرها من الأسماء الممنوعة من الصرف؛ فيجب تجريدها من تنوين "الأمكنية"2، كما يجب جرها بالفتحة نيابة عن الكسرة، بشرط ألا تكون مقترنة "بأل" وألا تكون مضافة. فترفع بالضمة، وتنصب بالفتحة، وتجر بالفتحة أيضا، نيابة عن الكسرة، إلا إذا كانت مضافة أو مقترنة بأل؛ فتجر بالكسرة مباشرة3.

ومن أحكامها: أنها إذا تجردت من "أل" و"الإضافة"، وكانت اسما منقوصا4 "مثل: دواع، جمع: داعية، وثوان، جمع: ثانية. وأصلهما:

1 اعترض بعض النحاة على التعريفين السابقين لصيغة منتهى الجموع، وعلى أنها الصيغة المماثلة لصيغة:"مفاعل" ومفاعيل، ووضع تعريفا آخر يحوي شروطا سبعة. واعتراضه ضعيف، وتعريفه طويل معقد، ولا حاجة تدعو إلى تسجيله كما سجله بعض النحاة وشرح غامضه؛ ومنهم الخضري في حاشيته. والصبان.

2 وكذلك لا يدخلها تنوين التنكير -كما سيجيء في "ج" من ص212- وقد يدخلها تنوين العوض كما أوضحنا "في رقم 3 من هامش ص202" ولكنه نوع يخالف النوعين السابقين.

3 راجع "ج" من ص212 ورقم 2 من ص264. وقد اجتمع الصرف -بسبب وجود "أل" وعدمه في قولهم" للمواهب ضرائب، يدعها الموهوب من دمه، وعقله، ونبيل شعوره.

4 هو اسم المعرب الذي آخره ياء لازمة، غير مشددة، قبلها كسرة، مثل: هاد، راض مستقص، متعال

وهذه الكلمات -وأشباهها- مختومة في أصلها بالياء الساكنة اللازمة التي حذفت بسبب مجيء التنوين -وقد سبق إيضاحه وتفصيل الكلام على أحكامه مختلفة في ج1 ص124 م15.

ص: 209

دواعي، وثواني". كان الأغلب1 -هنا- أن تحذف ياؤها، ويجيء التنوين عوضا عنها2. وتبقى الكسرة قبلها في حالتي الرفع والجر. أما في حالة النصب فتبقى الياء، وتظهر الفتحة عليها بغير تنوين؛ نحو: "للرحلات دواع تحتمها. وما عرفت لإغفالها من دواع. فعلى أهل النشاط، والرغبة في المعرفة والتجربة أن يجيبوا دواعي الارتجال؛ والتنقل بين مشارق الأرض ومغاربها

" فتكون مرفوعة بضمة مقدرة على الياء المحذوفة، ومنصوبة بالفتحة الظاهرة، ومجرورة بفتحة على الياء المحذوفة، ومنصوبة بالفتحة الظاهرة، ومجرورة بفتحة مقدرة على الياء المحذوفة، نيابة عن الكسرة والتنوين المذكور في حالتي الرفع والجر عوض عن حرف الياء3.

فإن كنت سما منقوصا مقترنا بأل، أو مضافا واجب أن تبقى ياؤها في كل الحالات، غير أنها تكون ساكنة في حالتي الرفع والجر وتقدير عليها الضمة والكسرة، وتكون متحركة بالفتحة الظاهرة في حالة النصب، نحو: من الثواني تكون الساعات والأيام؛ فليس العمر إلا الثواني التي نستهين بها. وليست الثواني إلا قطعا من الحياة نفقها، ونحن عنها غافلون.

ومثل: دواعي الخير والشر كثيرة، تكاد تخلط إلا على العاقل الأريب؛ فإنه يميز دواعي الخير، ويستجيب لها سريعا، ويدرك عاقبة الشر، ويفر من دوايعه4

1 ويحسن الاقتصار عليه -انظر "ا" من الزيادة، ص212.

2 لأن تنوين العوض غير ممنوع هنا، بخلاف تنوين الأمكنية -كما سبق في باب التنوين، ج1 م3 ص32.

3 انظر رقم 3 من ص266.

4 مما تقدم يتبين أن المنقوص الذي هو صيغة منتهى جموع، والمنقوص المفرد، يتشابهان عند تجردهما من "أل" والإضافة في وجوب حذف الياء رفعا وجرا، وبقائها مع ظهور الفتحة عليها في حالة النصب، ورفعهما بضمة مقدرة على الياء المحذوفة، كما يتشابهان في وجود التنوين رفعا وجرا.

ويختلفان بعد ذلك في أن المنقوص المفرد المجرد من "أل والإضافة" يلحقه التنوين في حالة النصب أيضا. وتنوينه عند حذف يائه رفعا وجرا فقط -كما سبق- وتنوينه "عوض" عن الياء المحذوفة، وليس تنوين "أمكنية" ولا يجوز تنوينه في حالة النصب.

ويختلفان كذلك في الجر؛ فالمفرد يجر بالكسرة المقدرة على الياء المحذوفة أما الآخر فيجر بفتحة =

ص: 210

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= على الياء المحذوفة؛ لأنه ممنوع من الصرف.

ويختلفان كذلك في أن حذف الياء في صيغة منتهى الجموع هو للخفة، أو للتخلص من التقاء الساكنين -على خلاف في ذلك- أما في المفرد فللتخلص من التقاء الساكنين، بيان هذا ما يقولون في كلمة منقوصة للمفرد، مثل:"داع"، وأن أصلها:"داعي""داعين" استثقلت الضمة على الياء فحذفت الضمة؛ فصارت الكلمة: "داعين"، التقى ساكنان لا يصح هنا التقاؤهما: الياء والتنوين المرموز له بالنون الساكنة؛ حذفت الياء للتخلص من التقاء الساكنين، فصارت: داع "داعن".

أما في كلمة هي منتهى الجموع؛ مثل: "دواع" فأصلها: دواعي "دواعين" فعل اعتبار أن حذف الياء سابق على منع الصرف، استثقلت الضمة على الياء فحذفت؛ فصارت: دواعين؛ التقى ساكنان الياء والتنوين المرموز له بالنون الساكنة؛ فحذفت الياء للتخلص من التقاء الساكنين؛ فصارت الكلمة: دواع "دواعن". ثم حذف التنوين؛ لأن الكلمة ممنوعة من الصرف، وحل محله تنوين آخر؛ ليكون عوضا عن الياء المحذوفة، وليمنع رجوعها عند النطق، فصارت:"دواع".

أما على اعتبار أن الحذف متأخر عن منع الصرف فالأصل: "دواعي""دواعين" حذف التنوين لمنع الصرف؛ فصارت الكلمة: "دواعي" استثقلت الضمة على الياء فحذفت، ثم حذفت الياء طلبا للخفة، وجاء تنوين آخر للعوض عنها، ولمنع رجوعها.

"هكذا يقولون، وقد أوضحنا ما فيه بإسهاب في ج1 ص24 م3 كما أوضحنا هناك ما يحسن الأخذ به"، وكل ما سبق هو في المنقوص الخالي من "أل والإضافة".

فإن كان المنقوص بنوعيه -المفرد والجمع المتناهي- مضافا أو مقرونا بأل، فالحكم واحد؛ هو منع تنوينه، وعدم حذف يائه. ويرفع بضمة مقدرة على الياء، وينصب بفتحة ظاهرة عليها، ويجر بكسرة مقدرة عليها.

"ملاحظة": يقول الصبان في آخر هذا الباب ما نصه:

"لو سميت بالفعل: "يغزو" و"يدعو" ورجعت بالواو للياء؛ أجريته مجرى "جوار" وتقول في النصب: رأيت يرمي ويغزي. قال بعضهم: وجه الرجوع بالواو للياء ما ثبت أن الأسماء المتمكنة ليس فيها ما آخره واو قبلها ضمة؛ فتقلب الواو ياء، ويكسر ما قبلها. وإذا سميت بكلمة: "يرم" من "لم يرم" رددت إليه ما حذف منه، ومنعته من الصرف: "تقول: هذا يرم، ومررت بيرم، والتنوين للعوض، ورأيت يرمى. وإذا سميت بكلمة:"يغز" من قولنا: "لم يغز" قلت: هذا يغز، ومررت بيغز، ورأيت يغزي. إلا أن هذا يراد إليه الواو، وتقلب ياء؛ لما تقدم، ثم يستعمل استعمال "جوار"....". ا. هـ.

وقد نقلنا كلام الصبان هذا في الجزء الأول م16 ص146 وقلنا: إن فيه فوق التخيل البعيد ما يستدعي التوقف بل الإهمال؛ إذ يؤدي الأخذ به اليوم إلى تغيير صورة العلم تغييرا يوقع في اللبس والإبهام، واضطراب المعاملات -ولهذه المسالة صلة بما سيجيء في ص247 وهو:"العلمية ووزن الفعل".

ص: 211

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

أ- قلنا1 إن حكم المنقوص من صيغ منتهى الجموع إذا كان مجردا من "أل" والإضافة هو في الأغلب الذي يحسن الاقتصار عليه -حذف يائه رفعا وجرا، مع بقاء الكسرة قبلها، ومجيء التنوين عوضا عنها

وإنما كان هو الأغلب لأن بعض العرب2 يقلب الكسرة قبل الياء فتحة؛ قتنقلب الياء ألفا بشرط أن يكون وزن المنقوص كوزن إحدى الصيغ الأصيلة لمنتهى الجموع، والكثير أن يكون مفرده اسما محضا على وزن:"فعلاء" الدالة على مؤنث ليس له -في الغالب- مذكر: كصحراء وصحار؛ وعذراء وعذار؛ فيقول فيهما: صحارى، وعذارى

، رفعا، ونصبا، وجرا، بغير تنوين؛ نحو:"في بلادنا صحارى واسعة، إن صحارى واسعة تحيط ببلادنا، تحوي كنوزا نفيسة من المعادن المختلفة، وقد اتجهت العزائم إلى تعمير صحارى لا حدود لها على جانبي وادنيا الخصيب"

، فكلمة "صحارى" اسم مقصور، ممنوع من الصرف.

وفي بعض اللهجات العربية تثبت ياء المنقوص في كل أحواله، وتكون ساكنة رفعا وجرا، وتظهر عليها الفتحة نصبا.

ب- صيغة منتهى الجموع لا تكون في اللغة العربية إلا جمع تكسير بالوصف السالف3، أو منقولة عنه. ولا تكون لمفرد بالأصالة.

أما كلمة "سراويل" مرادا بها: الإزار المفرد، فهي أعجمية الأصل4

وهي اسم مؤنث في جميع استعمالاتها؛ تقول: هذه سراويل قصيرة لبسها السباح.

ج- وصيغة منتهى الجموع -في كل الاستعمالات- تمنع الاسم من

1 في ص209.

2 كما سيجيء في ص268 -وانظر ما يتصل بهذا في رقم 20 من ص657 باب: جمع التكسير.

3 في ص208.

4 كما سنعرف في ص214، حيث البيان المفيد عن الملحقات بصيغة منتهى الجموع.

ص: 212

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنوين "الأمكنية" وتنوين "التنكير"1 سواء أكان الاسم علما أم غير علم، فلو سمي إنسان باسم على وزن صيغة من صيغها فإنه يمنع من الصرف، لشبه منتهى الجموع؛ لأن مدلولها في هذه الصورة مفرد لا جمع تكسير. وذلك المنع بشرط ألا يكون مضافا، ولا مقرونا بأل -كما تقدم.

د- عرفنا2 أن مثل: كراسي، قماري، بخاتي

ممنوعة من الصرف بالتفصيل السالف. فإذا نسب إليها حذفت هذه الياء المشددة "التي هي في الجمع وفي مفرده" وحل محلها ياء أخرى مشددة، من نوع آخر؛ هي ياء النسب، ولا يمنع الاسم من الصرف مع ياء النسب3

هـ- تسمى صيغة منتهى الجموع: بالجمع المتناهي أيضا، لانتهاء الجمع إليها؛ فلا يجوز أن يجمع بعدها مرة أخرى. بخلاف كثير غيرها من جموع التكسير فإنه يجمع، نحو: أنعام، وأكلب، يجمعان على: أناعم، وأكالب4.

1 سبقت الإشارة لهذا في رقم 2 من هامش ص209.

2 في ص208 ورقم 3 من هامشها.

3 راجع ما يختص بهذا في باب النسب -في 1 من ص715.

4 كما في: المصباح المنير، أيضا.

ص: 213

حكم ملحقاتها:

ليس الحكم السابق خاصا بصيغة منتهى الجموع الأصلية -وهي نوع من جمع التكسير، كما عرفنا- ولا مقصورا عليها وحدها، وإنما يشملها ما ألحق بها1. والملحق بها هو:"كل اسم جاء وزنه مماثلا لوزن صيغة من الصيغ الخاصة بها مع دلالته على مفرد. سواء أكان هذا الاسم عربيا أصيلا، أم غير أصيل، علما أم غير علم، مرتجلا2 أم منقولا". فمثال العلم العربي المرتجل الأصيل: "هوازن"؛ اسم قبيلة عربية، ومثال العلم المعرب:"شراحيل" وقد استعمله العرب علما، سمي به عدة رجال

ومن الأعجمي المعرب الذي ليس علما "سراويل" -بصورة الجمع- اسم، نكرة، مؤنث، للإزار المفرد3

ومثال الأعلام المرتجلة في العصور الحديثة: "كشاجم4 علم رجل، و"بهادر" علم مهندس هندي، و"صنافير"، علم قرية مصرية، وكذا

1 اكتفى ابن مالك في الكلام على صيغة الجموع بقوله:

وكن لجمع مشبه. "مفاعلا"

أو: "المفاعيل" بمنع كافلا-10

التقدير: كن كافلا -أي: قائما منفذا- لجمع مشبه "مفاعل أو مفاعيل"، بمنع الصرف. وليس من اللازم أن يكون جمعا حقيقة؛ فقد يكون اسما على وزن الجمع. وإنما ذكر الجمع للتمثيل. وليته قال:"ولكن للفظ" والذي يشبه "مفاعل ومفاعيل" هو ما كان مثلهما في عدد الحروف وحركاتها وسكناتها، سواء أكان مبدوءا بالميم أم بغيرها، فليس المراد، "الميزان الصرفي الحقيقي" كما شرحنا -في ص208.

ثم تكلم على حكم صيغة منتهى الجموع إذا كانت اسما منقوصا، كالجواري؛ فقال:

وذا اعتلال منه كالجواري

رفعا وجرا أجره كسارى-11

أي: أجر عليه ما تجريه على سار، "وأصله: ساري، اسم فاعل منقوص، فعله: سرى؛ إذا سافر ليلا"، من حذف يائه رفعا وجرا عند تنوينه، وبقائها في حالة النصب، وترك التفصيل الضروري لهذا، وقد عرضناه.

2 العلم المرتجل: ما وضع أول أمره علما، ولم يستعمل من قبل العلمية في معنى آخر، "وقد سبق تفصيل الكلام عليه في باب العلم ج1 ص312 م22".

3 لهذا إشارة في "ب" من ص212.

4 بفتح الكاف. ويجوز فيها الضم؛ فيخرجها عن أوزان صيغة منتهى الجموع، وبالضم يشتهر شاعر عباسي.

ص: 214

"أعانيب". فكل اسم من هذه الأسماء -ونظائرها- يعتبر ملحقا بصيغة منتهى الجموع يجري عليه حكمها، بشرط أن يكون دالا على مفرد، وجاريا على وزن من أوزانها1 -كما سبق- لا فرق في هذا بين العلم، "وهو الأكثر"، وغير العلم. ويقال في إعرابه: إنه ممنوع من الصرف؛ لأنه مفرد على وزن صيغة منتهى الجموع، أو: لأنه مفرد ملحق بها2

أما هي فممنوعة أصالة، كما أسلفنا؛ لدلالتها على الجمع حقيقة.

وإنما كانت تلك الألفاظ -ومنها سراويل- ملحقات لأنها تدل على مفرد، مع أن صيغتها صيغة منتهى الجموع، وهذه لا يتكون في العربية إلا لجمع أو منقول من جمع. فما جاء على وزنها لمفرد فإنه من الصرف للمشابهة "أي: المماثلة" بين الوزنين. بالرغم من دلالته على مفرد.

1 في هذا يقول ابن مالك:

و"لسراويل" بهذا الجمع

شبه اقتضى عموم المنع-12

وإنه به سمي أو بما لحق

به، فالانصراف منعه يحق-13

يريد: أن لكلمة "سراويل" وهي اسم على صورة الجمع شبها بصيغة منتهى الجموع؛ لأن "سراويل" -مع دلالتها على اسم مفرد مؤنث- جارية على وزان أحد الجموع، فاقتضى هذا الشبع منعها من الصرف منعا عام "أي: يشمل كل حالاتها التي تكون فيها دالة بصيغتها على المفرد وحده، كما يرى بغض اللغويين، أو عليه حينا وعلى الجمع الذي مفرده "سرواله" حينا آخر؛ كما يرى غيرهم".

ثم قال بعد ذلك: إن به سمي -أي: بصيغة الجمع المتناهي- وصار علما على شيء فإنه يحق منه هذا المسمى من الانصراف، أي: من الصرف

يريد أن كل ما سمي بالجمع المتناهي أو بما ألحق بالجمع المتناهي يمنع من الصرف؛ سواء أكان علما مرتجلا أم منقولا، عربيا أو أعجميا

2 إذا كانت صيغة منتهى الجموع الأصيلة، "نحو: مكارم"، أو ما ألحق بها، "نحو: شراحبيل" -علما على مفرد، فما سبب منعها من الصرف؟ أهو مجيء العلم على زن مماثل الأوزان صيغة منتهى الجموع. أم هو العلمية وشبه العجمة؛ لأن هذا الاسم علم، وليس بين أوزان المفرد العربي الأصيل ما يكون على هذا الوزن

؟ رأيان..

ويقول سيبويه: إذا طرأ على العلم الموازن صيغة منتهى الجموع ما يقتضي تنكيره، وزوال علميته فإنه يظل ممنوعا من الصرف، لبقاء صورة الجمعية، وشكلها. ويقول غيره: لا يمنع من الصرف؛ لأنه كان ممنوعا منه للعلمية القائمة مقام الجمعية، أو للعلمية وشبه العجمة وقد زالت علميته.

والصواب والأيسر رأي سيبويه ومن معه. وبهذا تكون صيغة منتهى الجموع وما ألحق بها ممنوعة من الصرف دائما باطراد، في جميع حالاتها. حتى الحالة التي تكون فيها علما لمفرد ثم زالت علميته

ص: 215

ب- الذي يمنع صرفه لوجود علتين معا:

لا بد أن تكون إحدى العلتين المجتمعتين معنوية، والأخرى لفظية. وتنحصر العلة المعنوية في "الوصفية" وفي "العلمية"1 وينضم لكل واحدة منهما علة أخرى لفظية لا بد أن تكون من بين العلل السبع الآنية -دون غيرها-2 وهي:"زيادة الألف والنون، وزن الفعل، العدل، التكريب، التأنيث، العجمة، ألف الإلحاق". فينضم للوصفية إما زيادة الألف والنون، وإما وزن الفعل، وإما العدل. وينضم إلى العلمية إما واحدة من هذه الثلاث، وإما التركيب، أو التأنيث، أو العجمة، أو ألف الإلحاق. فالعلل "كما يسميها النحاة" تسع معينة، ليس فيها علة معنوية إلا الوصفية والعلمية. أما السبعة الباقية فلفظية3، لا تصلح واحدة منها لمنع الصرف، إلا إذا انضمت إليها إحدى العلتين المعنويتين.

فالاسم يمنع من الصرف: للوصفية مع زيادة الألف والنون، أو الوصفية مع وزن الفعل -أو الوصفية مع العدل.

وكذلك يمنع من الصرف للعلمية مع الزيادة. أو العلمية مع وزن الفعل. أو العلمية مع العدل، أو العلمية مع التركيب، أو العلمية مع التأنيث، أو العلمية مع العجمة، أو العلمية مع ألف الإلحاق. وفيما يلي البيان:

1 سواء أكان العلم للشخص أم للجنس -كما سبق في الجزء الأول، باب: العلم.

2 اشترطنا أن تكون العلامتان محصورتين فيما سيذكر هنا؛ لأنه قد يوجد في الاسم المعرب علامتان: إحداهما لفظية والأخرى معنوية ويجب صرفه مع وجودهما. وسبب صرفه أن إحداهما ليست معتبرة في منع الصرف، ولا معدودة من أسبابه، كما في كلمة:"أجيمال" تصغير: "أجمال" جمع تكسير لجمل. فإن "أجيمالا" مصروفة بالرغم من اشتمالها على علمتين، إحداهما: معنوية، هي: التصغير الذي يعد فرعا للتكبير، والأخرى لفظية، وهي الجمع الذي يعتبر فرعا للإفراد. مثل هذا يقال في "حائض وطامث" فإنها مصروفتان حتما مع اشتمالها على علتين غير معتبرتين؛ هما: لزوم التأنيث والوصف.

هذا، والسبب الحق في الصرف استعمال العرب ليس غير؛ فإنهم قصروا الممنوع من الصرف على ما سردناه. أما ما يذكره النحاة غير هذا من التعليلات فمرفوض.

3 حتى التأنيث المعنوي في مثل: سعاد - زينب - مي

فإنه يعتبر في هذا الباب علة لفظية؛ لظهور أثره في اللفظ بتأنيث الفعل له، وعودة الضمير عليه مؤنثا -كما سيجيء في رقم 1 من هامش ص236.

ص: 216

المسأ لة 146:

الكلام على الاسم الممنوع من الصرف للوصفية 1 وما ينضم إليها وجوبا من إحدى العلل الثلاث:

1-

يمنع الاسم من الصرف للوصفية مع زيادة الألف والنون إذا كان على وزن "فعلان" -بفتح الفاء وسكون العين- بشرطين: أن تكون وصفيته أصيلة "أي: غير طارئة"، وأن يكون تأنيثه بغير التاء؛ إما لأنه لا مؤنث له؛ لاختصاصه بالذكور، وإما لأن علامة تأنيثه الشائعة بين العرب ليست تاء التأنيث، كأن يكون، بألف التأنيث

، فمثال ما ليس له مؤنث:"لحيان"2، لكبير اللحية. ومثال الآخر عطشان، غضبان، سكران، ريان

؛ فإن أشهر مؤنثاتها3: عطشى، غضبى، سكرى، ربا

3 ومن الأمثلة قولهم: "كان أبو بكر لحيان2، تزيده لحيته وقارا، وهيبة.

1 ليس المراد بالصفة أو الوصف هنا النعت، وإنما المراد بعض الأسماء المشتقة التي ليست أعلاما، "وقد سبق تعريف الاسم المشتق، وبيان مدلوله في ج3 ص144 م98".

2 و2 على وزن "فعلان""مفتوح الأول" كما في المراجع النحوية المتداولة، وزاد الصبان فقال إنه على وزن:"رخمان".

3 و3 يشترط أكثر النحاة ألا يكون المؤنث على: "فعلانة" ويمثلون للمستوفي الشرط: بعطشان وغضبان، وسكران

مع أن كتب اللغة -كالقاموس- تأتي للثلاثة بمؤنث مختوم بالتاء، وبمؤنث آخر ليس مختوما بها. فلا مناص من حمل الشرط النحوي على الأكثر الأغلب في:"فعلان"؛ بأن يتجرد مؤنثه من التاء في المشهور إن تعددت مؤنثاته. وبهذا يصرح ابن جني في كتابه: "المحتسب" -ج2 ص72- حيث يقول ما نصه: "يقال رجل سكران، وامرأة سكرى؛ كغضبان وغضبى. وقد قال بعضهم: "سكرانة"، كما قال بعضهم: "غضبانة". والأول أقوى وأفصح..". ا. هـ.

"ملاحظة هامة": أخذ المجمع اللغوي القاهري بالمذهب الكوفي، ولغة بني أسد في إلحاق تاء التأنيث جوازا بكلمة "سكرانة" ونظائرها. وقرار المجمع، وما يتصل به من مذكرات وتقريرات مدون في ص83 و91 من المجلد الشامل للبحوث والمحاضرات التي ألقيت في مؤتمر الدورة الثانية والثلاثين المنعقد ببغداد سنة 1965 وفيما يلي نص القرار كما قدمته اللجنة المختصة، وواف عليه أغلبية المؤتمرين، وأخذ به المجمع نهائيا:

"إن تأنيث "فعلان" بالتاء لغة في بني أسد "كما في الصحاح" -أو لغة بني أسد "كما في المخصص" وقياس هذه اللغة صرفها في انكرة؛ "كما جاء في شرح المفصل". والناطق على قياس لغة من لغات العرب مصيب غير مخطئ وإن كان غير ما جاء به خيرا، "كما في قول ابن جني"، لذا يجوز أن يقال: "عطشانة وغضبانة، وأشباهها؛ ومن ثم يصرف "فعلان" وصفا، ويجمع "فعلان" ومؤنثة "فعلانة" جمع تصحيح". ا. هـ.

ص: 217

كثير الصمت، وافر الحلم. وما رآه الناس غضبان إلا حين يحمد الغضب". وقوله عليه السلام:"ليس بمؤمن من بات شبعان ريان، وجاره جائع طاو".

فإن كان الغالب المسموع على مؤنثه وجود تاء التأنيث في آخره لم يمنع من الصرف؛ نحو: "سيفان، للرحل الطويل الممشوق القامة""ومصان، للرجل اللئيم"؛ فإن مؤنثهما الشائع: سيفانة ومصانة. وكذلك إن كانت وصفيته غير أصيلة؛ فإنه لا يمنع من الصرف؛ ككلمة: "صفوان" في قولهم: "بئس رجل صفوان قلبه". وأصل الصفوان: الحجر.

وإذا زالت الوصفية وحدها وسمى بهذا الاسم؛ بأن صار علما مزيدا بالألف والنون؛ كتسمية رجل بغضبان، أو بعطشان فإنه يظل على حاله ممنوعا من الصرف؛ لأن الوصفية التي زالت حل محلها العلمية الجديدة؛ وبانضمام العلمية الجديدة إلى الزيادة يجتمع في الاسم العلتان المؤديتان إلى منعه من الصرف1.

2-

ويمنع الاسم من الصرف للوصفية مع وزن الفعل2 بالشرطين السالفين

1 وفي الكلام على الوصفية مع زيادة الألف والنون يقول ابن مالك -بعد كلامه على ألف التأنيث أول الباب:

وزائدا "فعلان" في وصف سلم

من أن يرى بتاء تأنيث ختم-3

"المراد بزائدي "فعلان": الألف والنون والزائدتان في آخره". يقول: إن الاسم يمنع من الصرف إذا اشتمل على الألف والنون الزائدتين بشرط أن يكون وصفا لا يختم آخره بتاء التأنيث عند تأنيثه؛ فلا بد أن يسلم آخره عند التأنيث من هذه التاء، إما لأنه وصف خاص بالرجال، فلا مؤنث له، وإما لأن الغالب على مؤنثه أن يكون بألف التأنيث -وقد سردنا الأمثلة لكل.

2 سواء أكان الوزن خاصا بالفعل، نحو: أجمل - أشرف - أم على وزن مشترك بين الأسماء والأفعال ولكن الفعل به أولى لغلبته في الفعل، أو لدلالته على معنى في الفعل دون الاسم؛ نحو: أحيمر، وأفيضل، "تصغير: أحمر، وأفضل" فهما على وزن:"أبيطر" وهو وزن في الأفعال أكثر. والهمزة في أولهما لا تدل على شيء، مع أنها في الفعل:"أبيطر" تدل على المتكلم. لما سبق وجب مع "أحيمر وأفيضل" من الصرف -"انظر الكلام على لفظ "أعلى" المصغر في ص266 أو كسره، للقوي السمع" فإنها أوصاف أصلية على وزن للفعل، ولكنه وزن مشترك بين الأسماء والأفعال لا يتغلب فيه جانب الفعل.

ص: 218

"وهما: ألا يكون مؤنثه الشائع بالتاء، وألا تكون وصفيته طارئة غير أصيلة". ويتحقق الشرطان في الوصف الذي على وزن "أفعل"، ومؤنثه "فعلاء، أو فعلى"؛ نحو: أحمر وحمراء - أبيض وبيضاء - أجمل وجملاء1، ونحو: أفضل وفضلى، وأحسن وحسنى. وأدنى ودنيا

فهذه الألفاظ - وأشباهها ممنوعة من الصرف. لتحقق الشرطين.

فإن كان الوصف مؤنثه بالتاء لم يمنع من الصرف، نحو:"أرمل" في قولنا: عطفت على رجل أرمل "بالكسرة مع التنوين"، أي: فقير؛ لأن مؤنثه أرملة.

وكذلك ينصرف الوصف إذا كان وصفيته طارئة "أي: ليست أصيلة"، نحو "أرنب" في قولنا: مررت برجل أرنب "بالكسرة مع التنوين، أي: جبان". فالوصف منصرف -بالرغم من أن مؤنثه لا يكون بالتاء في الأغلب- لأن وصفيته طارئة، سبقتها الاسمية الأصيلة، للحيوان المعروف.

ومما فقد الشرطين معا كلمة: "أربع" في مثل: قضيت في النزهة ساعات أربعا؛ لأن مؤنثها يكون بالتاء؛ فتقول: سافرت أياما أربعا؛ ولأن وصفيتها طارئة عارضة؛ إذ الأصل السابق فيها أن تستعمل اسما للعدد المخصوص في نحو: والخلفاء الراشدون أربعة". ولكن العرب استعملتها بعد ذلك وصفا2؛ فوصفيتها ليست أصيلة سابقة. وبسبب فقد الشرطين وجب صرف الكلمة في جميع استعمالاتها.

ومن أمثلة الوصفية الطارئة التي لا يعتد بها في منع الاسم من الصرف كلمات أخرى؛ مثل: "أجدل"، للصقر "وأخيل"، لطائر فيه نقط تخالف

1 قال الكسائي مستدلا:

فهي جملاء كبدر طالع

بذت الخلق جميعا بالجمال

2 لا يجوز في كلمة: "أربع" منع الصرف؛ سواء أكانت الوصفية ملحوظة أم غير ملحوظة: إذ إن مؤنثها بالتاء؛ فالشرط الثاني مفقود دائما؛ فلا يصح منعها من الصرف.

وإذا كانت كلمة "أربع" مستعملة في الوصفية العارضة، فمعناها يشمل أمرين، ذوات، وعدد. أي: ذوات معناها العدد المخصوص، والكمية المخصوصة؛ "كما هو الشأن في المشتقات؛ كضارب، فإنه يفيد أمرين: الذات والمعنى الذي هو الضرب". أما إذا كانت مستعملة في مجرد العدد فمعناها الكمية العددية المخصوصة، دون دلالة على ذات -وقد شرحنا- في رقم 1 من هامش ص217 المراد هنا من الصفة، كما شرحنا دلالة المشتق على الذات والصفة في الجزء الثالث.

ص: 219

في لونها سائر البدن" "وأفعى"، للحية. فكل هذه، وما شابهها، أسماء بحسب وضعها الأصلي لتلك الأشياء؛ ولهذا تصرف.

وقد يصح في هذه الكلمات -ولا يدخل فيها كلمة: أربع- منعها من الصرف على اعتبار أن معنى الصفة يلاحظ فيها، ويمكن تخيله مع الاسمية، وقد وردت ممنوعة من الصرف في بعض الكلام الفصيح، فالأجدل: يلحظ فيه القوة؛ لأنه مشتق من الجدل "بسكون الدال" بهذا المعنى. والأخيل: يلحظ فيه التلون؛ لأنه من الخيلان، بهذا المعنى. والأفعى: يلحظ فيها الإيذاء الذي اشتهرت به، واقترن باسمها1، وعلى أساس التخيل والملاحظة المعنوية مع السماع يجوز منع الصرف. ولكن الأنسب الاقتصار على صرف هذه الأسماء: لغلبة الاسمية عليها.

وهناك ألفاظ وضعت أول نشأتها أوصافا أصلية، ثم انتقلت بعد ذلك إلى الاسمية المجردة2 وبقيت فيها، فاستحقت منع الصرف بحسب أصلها الأول الذي وضعت عليه؛ لا بحسب حالتها الجديدة التي انتقلت إليها؛ مثل:"أدهم" للقيد3؛ فإنه في أصل وضعه وصف للشيء الذي فيه دهمه، "أي: سواد"، ثم انتقل منه؛ فصار اسما مجردا للقيد؛ ومثل: "أرقم"؛ فإنه في أصل وضعه وصف للشيء المرقوم، "أي: المنقط" ثم انتقل منه فصار اسما للثعبان الذي ينتشر على جلده النقط البيض والسود. ومثل: "أسود" فأصله وصف لكل شيء أسود، ثم انتقل منه؛ فصار اسما للثعبان المنقط بنقط بيض وسود، ومثل: "أبطح" وأصله وصف للشيء المرتمي على وجهه: ثم صار اسما للمكان الواسع الذي يجري فيه الماء بين الحصى الدقيق، ومثل: "أبرق"، وأصله وصف لكل شيء لامع براق، ثم صار اسما للأرض الخشنة التي تختلط فيها الحجارة والرمل والطين.

وقد يجوز صرف هذه الأسماء على اعتبار أن وصفيتها الأصيلة السابقة قد زالت بسبب الاسمية الطارئة. ولكن الاقتصار على الرأي الأول أنسب.

ويفهم مما سبق -في غير كلمة: أربع-4 أن الوصفية الأصيلة الباقية

1 يرى بعض النحاة أن "أفعى" لا مادة لها في الاشتقاق. ويرى آخرون -بحق- أنها مشتقة من فعوة السم، أي: شدته.

2 الخالية من الوصفية والعلمية.

3 المصنوع من الحديد.

4 لما سبق في رقم 2 من هامش الصفحة الماضية.

ص: 220

لا يصح إغفالها في منع الصرف. أما الوصفية الأصيلة التي زالت وحل محلها الاسمية الطارئة المجردة؛ فيصح أن يلاحظ كل منهما عند منع الصرف أو لا يلاحظ؛ بمعنى أنه يجوز -عند وجود إحداهما مع العلة الثانية- صرف الاسم ومنعه من الصرف، بشرط تحقق الشرط الثاني. "وهو ألا يكون تأنيث الوصف بالتاء

"، وأن الأفضل الاقتصار على حالة واحدة؛ فالصرف أفضل إن كانت الاسمية هي الأصيلة، والوصفية هي الطارئة. والمنع أولى؛ إن كانت الوصفية هي الأصيلة والاسمية هي الطارئة. وفي مراعاة هذه الأفضلية مسايرة للسبب العام في منع الصفة من الصرف، وتيسير في الاستعمال1

وإذا سمي بهذا الوصف زالت عنه الوصفية، وحل محلها العلمية؛ فيجتمع فيه العلمية ووزن الفعل؛ وهما علتان يؤدي اجتماعهما إلى منع صرفه؛ كتسمية رجل: أرقم -أو: أسود2:

1 وفي الوصفية الأصيلة والطارئة وما يتبع هذا يقول ابن مالك:

ووصف أصلي ووزن أفعلا

ممنوع تأنيث بتا؛ كأشهلا-4

يريد: أن الاسم يمنع من الصرف للوصف الأصلي مع وزن "أفعل" -وهو وزن الفعل- الممنوع تأنيثه بالتاء. ومثل للمستوفي الشروط بلفظ: "أشبل"؛ تقول طفل أشبل، وطفلة شبلاء. "والشبهل: تغير لون بياض العين فيختلط بالحمرة. أو الزرقة".

ثم انتقل بعد ذلك للكلام على الوصفية الطارئة والاسمية الطارئة، وحكمهما، والتمثيل لها، فقال:

وألغين عارض الوصفية

كأربع، وعارض الاسمية-5

فالأدهم: "القيد" لكونه وضع

في الأصل وصفا -انصرافه منع-6

وأجدل، وأخيل، وأفعى

مصروفة، وقد ينلن المنعا-7

يقول: ألغ الوصفية العارضة كالتي في أربع، ولا تعتد بها في منع الصرف. وكذلك ألغ الاسمية العارضة. وساق أمثلة للحالتين؛ منها: الأدهم "وهو: اسم للقيد من الحديد" فإنه ممنوع من الصرف مراعاة لوضعه الأول وصفا للشيء الأسود لا مراعاة لاسميته الحالية. ثم ضرب أمثة لألفاظ وضعت في أول أمرها أسماء خالية من الوصفية فصرفت، ويجوز تخيل معنى الوصفية فيها، وملاحظة هذه الوصفية برغم أن تلك الألفاظ لا تزال باقية على اسميتها، ومنها أجدل، أخيل، أفعى.

2 راجع رقم 1 ص217 ورقم 2 من ص264.

ص: 221

3-

ويمنع الاسم من الصرف للوصفية مع العدل1 في إحدى حالتين:

الأول: أن يكون اسم أحد الأعداد العشرة2 الأول، وصيغته على وزن:

1 سبق معنى الوصفية في رقم1 من هامش ص217 أما العدل فيقولون في تعريفه: إنه تحويل الاسم من حالة لفظية إلى أخرى مع بقاء المعنى الأصلي، بشرط ألا يكون التحويل لقلب، أو لتخفيف، أو لإلحاق، أو لزيادة معنى، فليس من المعدول "أيس" مقلوب "يئس" ولا "فخذ" بسكون الخاء؛ تخفيف "فخد" بكسرها؛ ولا "كوثر" بزيادة الواو؛ لإلحاق الكلمة: بجعفر، ولا "رجيل" بالتصغير؛ لإفادة معنى التحقير وغيره.

والعدل يكون في الصفات وله الحالتان التاليتان. ويكون في الأعلام وله صور متعددة أشهرها: "فعل" المعدول عن فاعل. وكذا "فعال" بالشروط والتفصيلات الآتية عند الكلام على منع الاسم من الصرف للعلمية والعدل. ص256.

والعدل قسمان: أ- تحقيقي: وهو الذي يدل عليه دليل غير منع الصرف؛ بحيث لو صرف هذا الاسم لم يكن صرفه عائقا عن فهم ما فيه من العدل، وملاحظة وجوده؛ كالعدل في: سحر -وسيجيء في ص258، وآخر ص224 ومثنى، فإن الدليل على العدل فيها ورود كل لفظ منها مسموعا عن العرب بصيغة تخالف الصيغة الممنوعة من الصرف بعض المخالفة، مع اتحاد المعنى في الصيغتين، فسحر بمعنى السحر المعروف، وأُخر بمعنى آخر، ومثنى بمعنى اثنين، وهكذا

فالذي دل على أن كل واحد من هذه الألفاظ -وأشباهها- معدول، ليس الصرف أو عدمه، وإنما هو وروده عن العرب بصيغة أخرى تخالف صيغته الممنوعة بعض المخالفة مع اتحاد معناه في الحالتين برغم هذه المخالفة.

ب- تقديري: وهو الذي يمنع فيه العلم من الصرف، سماعا من العرب، من غير أن يكون مع العلمية علة أخرى تنضم إليها في منع الصرف. فيقدر فيه العدل لئلا يكون المنع بالعلمية وحدها؛ مثل: عمر - زفر

؛ فلو سمع مصروفا لم يحكم بعدله، مثل:"أدد""وهو جد إحدى القبائل العربية كما سيجيء في ص257" وهذا النوع التقديري خاص بالأعلام، ومنها: عمر، زفر، جثم، جمح

ولا دليل يدل عليه إلا منع العلم من الصرف، وعدم وجود علة أخرى تنضم إلى العلمية في منع صرفه جعلهم يعتبرون العلة الثانية مقدرة. "انظر البيان في رقم 6 من هامش ص256".

وفائدة العدل: إما تخفيف اللفظ باختصاره -غالبا- كما في: مثنى وأُخر،

وإما تخفيفه مع تفرعه وتمحضه للعلمية، فيبتعد عن الوصفية، كما في: عمر وزفر، المعدولين عن عامر وزافر، لاحتمالهما قبل العدل للوصفية.

وعندي أن كل ما قيل في العدل وتعريفه وتقسيمه، وفائدته، مصنوع متكلف. ولا مرد لشيء فيه إلا السماع. وخير يقال عند الإعراب في سبب المنع إنه العلمية وصيغة فعال أو مفعل، أو فعل، أو غيرها من الصيغ المسموعة نصا عن العرب.

2 هناك رأي يقصره على بعض العشرة، ولا يبلغ به العشرة. لكن الأرجح هو الرأي الأول. ويؤيده الأمثلة التي عرضها سيبويه في كتابه نقلا عن العرب، مستشهدا بها، وكذلك الأمثلة التي أوردها الهمع -ج1 ص26.

ص: 222

"فعال" أو: "مفعل"، نحو: أحاد وموحد، ثناء ومثنى، ثلاث ومثلث، رباع ومربع، خماس ومخمس، سداس ومسدس، سباع ومسبع، ثمان ومثمن، تساع ومتسع، عشار ومعشر.

ويقول النحاة: إن كل لفظ من هذه الألفاظ معدول عن لفظ العدد الأصلي المكرر مرتين للتوكيد؛ فكلمة: "أحاد" في مثل: "صافحت الأضياف أحاد، معدولة عن الكلمة العددية الأصيلة المكررة: "واحدا واحدا" والأصل: صافحت الأضياف واحدا واحدا؛ فعدل العرب عن الكلمتين، واستغنوا عنهما بكلمة واحدة -للتخفيف- تؤدي معناهما؛ هي: أحاد، ومثلها موحد"1 وكلتا الكلمتين ممنوعة من الصرف مع أن أصلهما المعدول عنه منصرف، ولا ينظر لهذا الأصل هنا؛ ولهذا كنت كل واحد منهما محتومة المنع من الصرف2.

وكلمة: "ثناء"، في مثل: سار الجند ثناء

، معدولة عن أصلها العددي المكرر للتوكيد، وهو:"اثنين اثنين" والأصل: سار الجند اثنين اثنين، فعدل العرب عن الكلمتين، وأتوا بدلهما بكلمة واحدة -للتخفيف- تؤدي معناهما، هي: ثناء، ومثلها:"مثنى" وهاتان ممنوعتان من الصرف مع أن أصلهما مصروف.

ومثل هذا يقال في بقية الأعداد العشرة الأولى المعدولة. والأغلب في هذه الأعداد العشرة المعدولة أن تكون حالا، كالأمثلة السالفة، أو تكون نعتا؛ نحو: شاهدت حول الماء طيورا مثنى؛ وطيورا ثلاث

أو تكون خبرا؛ نحو: أصابع اليدين والرجلين خماس

ومن القليل أن تكون مضافا، ومن

1 التعليل النحوي السابق ضعيف؛ فما الدليل على أن العرب الأوائل عدلوا عن استعمال اسم العدد الأصلي المكرر، إلى استعمال الاسم المعدول؟ لا دليل ولا ما يشبهه. والحق أن العرب استعملوا النوعين، وأحدهما مصروف، والآخر ممنوع من الصرف، ولا داعي لذلك التعليل.

2 في هامش الجزء الثاني "م84 ص345" بيان مفيد، تصويب للأساليب المشتملة على التكرار في نحو: صافحت الأضياف واحدا واحدا، وأقبل الجنود اثنين اثنين، أو ثلاثة ثلاثة.. و.. فقد كان بعض القدماء -كالحريري- يرى أن استعمالها على هذا الوجه خطأ، وما هي بخطأ.

ص: 223

الممنوع أن تكون مقرونة بأل1

ويجوز أن يتكرر اللفظ المعدول فيكون التالي توكيدا2 لفظيا للأول، فنقول: سار الجند مثنى مثنى -أو: ثلاث ثلاث

وهكذا.

ومن العرب من يجيز صرف تلك الألفاظ، فيقول: ادخلوا ثلاث ثلاث، أو ثلاثا ثلاثا

وهكذا، وعند صرفها يعدها أسماء مجردة من الوصفية، والرأي الأول أكثر وأشهر.

الثانية: كلمة: "أخر"؛ في مثل: "سجل التاريخ لعائشة أم المؤمنين، ولنساء أخر أثرهن في السياسة، والثقافة، ونشر العلم"، فهي جمع، مفردة:"أخرى" و "أخرى" مؤنث للفظ مذكر؛ هو: "آخر"

"بفتح الخاء"، على وزن:"أفعل"، ومعناه: أكثر مغايرة ومخالفة فلفظ: "آخر" هنا: "أفعل للتفضيل"، مجرد من "أل" والإضافة للمعرفة3؛ فحقه أن يكون مفردا مذكرا في جميع استعمالاته ولو كان المراد مه مثنى، أو جمعا، أو مؤنثا، وهذا ما تقتضيه الأحكام العامة لأفعل التفضيل المجرد منهما؛ "نحو: المتعلم والمتعلمة أقدر على نفع الوطن من غيرهما -الإخوان والأصدقاء أنفع في الشدة، وأبعد عن التقصير- ليس بين النساء أفضل، ولا أحسن من الساهرات على تربية أولادهن

" وبناء على هذا الحكم العام يكون القياس في المثال السابق وأشباهه أنن قول: لعائشة أم المؤمنين ولنساء آخر -بمد الهمزة وفتح الخاء- أثرهن

، لكن العرب عدلو عنه. وقالوا: نساء "أخر" بصيغة الجمع، ومنعوه من الصرف؛ فكان العدل بانضمامه للوصفية سببا في منعه من الصرف. وإن شئت فقل: كان منعه

1 وهنا قال الصبان ما نصه:

"ادعى الزمخشري أنها تعرف؛ فيقال: فلان تزوج المثنى والثلاث.. قال أبو حيان: ولم يذهب إليه أحد. وكما لا تسرف لا تؤنث؛ فلا يقال مثناه مثلا

". ا. هـ.

2 فيكون الغرض من التكرير، لا إفادة التكرار تأسيسا، أي: ابتداء؛ لأن إفادة التكرار التأسيسي -وهو المجرد من التأكيد ابتداء- مفهومة قبل التكرار حتما "نص على هذا الأشموني والصبان".

3 لأن المضاف للمعرفة قد يجوز فيه المطابقة وعدمها بالتفصيل الذي سبق بيانه في باب "أفعل التفصيل" -ج3 م12 ص404.

ص: 224

من الصرف. وإن شئت فقل: كان منعه من الصرف دليلا على وجود العدل فيه مع الوصفية1.

وإذا زالت الوصفية وحدها وحل محلها العلمية بقي الاسم على منع الصرف؛ لاشتماله في حالته الجديدة على علتين مانعتين معا لصرفه؛ وهما: العلمية والعدل، كتسمية إنسان:"مثنى" أو "ثلاث" أو نحوهما مما كان في أصله وصفا معدولا، ثم صار علما باقيا على حاله من العدول

ويتبين مما سبق في الصور الثلاث الخاصة بالوصفية ومعها العلامة الأخرى، أن الوصفية إذا اختفت وحدها بسبب أن الاسم صار "علما مزيدا"، أو:"علما على وزن الفعل". أو: علما معدولا" -بقي هذا الاسم ممنوعا من الصرف كما كان، ولكن للعلمية ومعها العلامة الأخرى2

1 العدل هنا تحقيقي -سبقت الإشارة له في رقم 1 من هامش ص222 وفي هذا التعليل ما في سابقه من ضعف. والعلة الصحيحة هي مجرد الاستعمال العربي الصحيح، وقد بسطنا تعليل النحاة كاملا، وعرضنا رأيهم في "أخر" ومتعهد من الصرف، وفي أنها للتفضيل أو ليست له

ثم الرد عليه في الجزء الثالث "باب أفعل التفضيل ص310 م112" فلا داعي للتكرار والإطالة؛ علما بأن المعروض في باب التفضيل هام، ومفيد.

2 وفي الصورة الثالثة وهي صورة الوصفية مع العدل يقول ابن مالك:

ومنع عدل مع وصف معتبر

في لفظ مثنى، وثلاث، وأخر-8

يقول: إن الاسم يمنع من الصرف إذا كان لفظه هو: "مثنى" أو: "ثلاث"، أو "أخر" ولم يذكر إيضاحا ولا تفصيلا إلا ما ذكره في البيت التالي من أن مثنى وثلاث يشبههما ما جاء على وزنهما من ألفاظ الأعداد الأربعة الأولى. قال:

ووزن مثنى وثلاث كهما

من واحد لأربع؛ فليعلما-9

وأهمل ما زاد على الأربعة:

ثم انتقل بعد هذا مباشرة إلى ذكر الأبيات الأربعة الخاصة بصيغة منتهى الجموع والتي أول كل منها.

وكن لجمع مشبه مفاعلا

...........................-10

وذا اعتلال منه كالجواري

........................-11

ولسراويل بهذا الجمع

.......................-12

ص: 225

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

أ- لم يحكم النحاة على "أخرى" الممنوعة من الصرف بأنها معدولة؛ لاشتمالها على ألف التأنيث المقصورة، وهذه أقوى في منع الصرف من العدل. وأما آخران وآخرون فمعربان بالحروف فلا دخل لهما في منع الصرف.

ب- قد تكون: "أخرى" بمعنى "آخره" -بكسر الخاء- وهي التي تقابل كلمة: "أولى" كالتي في مثل: "قالت أخراهم لأولاهم

وقالت أولاهم لأخراهم

" وفي هذه الصورة تجمع كلمة: "أخرى" على "أخر" المصروفة؛ لأنها غير معدولة؛ لأن مذكرها هو: "آخر" -بكسر الخاء- الذي يقابل "أول" بدليل قوله تعالى: {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى} . أي: الآخرة. يؤيد هذا قول تعالى: {ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ} ، والقصة واحدة، فليست "أخرى" التي هي بمعنى: "آخرة" من باب أفعل التفضيل.

والفرق أن أنثى المفتوح الخاء1 لا تدل على انتهاء، كما لا يدل عليه مذكرها، فلذلك يعطف عليه مثلها من جنس واحد، كقولك: أقبل رجل، وآخر، وآخر

أقبلت سيدة. وأخرى، وأخرى، أما أنثى المكسور الخاء2 فتدل على الانتهاء، ولا يعطف عليها مثلها من جنس واحد. كما أن مذكرها كذلك

=

وإن به سمي أو بما لحق

...............................-13

وقد شرحنا الأبيات الأربعة في مكانها الأنسب "ص214 و215" كي يكون الوضوح متصلا بعضه ببعض، وبعدها -في الألفية- الأبيات الخاصة بمنع الاسم من الصرف للعلمية وسبب آخر معها، وسيجيء شرحها في موضعها.

1 مفتوح الخاء هو: "آخر" ومعناه: أكثر مغايرة ومخالفة -والصيغة للتفضيل كما أسلفنا- وأنثاء هي: "أخرى" التي تجمع على: "أخر" الممنوعة من الصرف.

2 مكسور الخاء هو: "آخِر" الذي معناه: "أخيرا" أي: مقابل للأول ويدل على النهاية. ومؤنثه "آخرة"، أو "أخرى" التي تجمع تجمع على "أخر" المصروفة.

ص: 226