الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة 151:
حذف 1 "أن" والنصب بها في غير المواضع السابقة:
عرفنا المواضع التي ينصب فيها المضارع بأن المضمرة وجوبا أو جوازا. وقد سمع من العرب نصبه "بأن" محذوفة1 في غير تلك المواضع أحيانا، فمن الوارد عنهم: خذ اللص قبل يأخذك -تسمع بالمعيدي خير من أن تراه. وقول الشاعر:
ألا أيهاذا الزاجري أحضر الوغى
…
وأن أشهد اللذان -هل أنت مخلدي
.... والأصل: خذ اللص قبل أن يأخذك -أن تسمع بالمعيدي
…
- أن أحضر الوغى
…
وقد دار الجدل حول هذه الأمثلة؛ أيصح القياس عليها بحذف "أن" العاملة أم لا يصح؟ وكيف نضبط المضارع في الأمثلة المسموعة بالنصب بعد حذف "أن"؟ أنتركه منصوبا -كما كان عند وجودها- مراعاة للسماع، وللأصل الأول قبل الحذف، أم يصح رفعه مراعاة للأمر الواقع؟
وصفوة ما يختار، وما يجب الاقتصار عليه -حرصا على سلامة اللغة، وبعدا عن اللبس والاضطراب في فهمها- هو: الحكم بالشذوذ على ما ثبت سماعه وصحت روايته من تلك الأمثلة المنصوبة2. وعدم محاكاتها، أو القياس عليها.
أما ضبط الأفعال المضارعة المسموعة بالنصب فيصح رفعها، أو تركها منصوبة كما وردت.
ومن الكوفيين من يجيز حذف "أن" قياسا مع بقاء عملها النصب في المضارع بعدها، وعلى هذا جاء قول المتنبي -وهو كوفي- في وصف غادة:
بيضاء يمنعها تكلم دلها
…
تيها، ويمنعها الحياء تميسا
1 الحذف هنا غير الإضمار؛ لأن المحذوف غير موجود في الكلام مطلقا، لا ظاهرا ولا خفيا. المضمر، فموجود ولكنه غير ظاهر.
2 حام الشك حول صحة النقل في بعض الأمثلة القديمة، وأنه غير مسموع على الوجه الذي نقل به.
يريد: أن تتكلم -أن أتميس "أي: تتبختر". وإهمال هذا الرأي أولى -لما سبق.
هذا، وقد تحذف "أن" سماعا، ويرفع المضارع سماعا كذلك؛ فيراعى الضبط الوارد؛ كالفعل "يريكم" في قوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا} عند من يرى الأصل: "أن يريكم
…
" ثم حذفت "أن" ورفع المضارع بعد حذفها مع حاجة المعنى إليها1..
1 وفي هذا يقول ابن مالك خاتما الباب:
وشذ حذف: "أن" ونصب في سوى
…
ما مر. فاقبل منه ما عدل روى-19
ومعنى البيت: حذف أن -لا إضمارها في المواضع السابقة- مع إعمالها النصب في المضارع بعد حذفها أمر شاذ؛ يحفظ ولا يقاس عليه، وأن ما روي منه على لسان الراوي العدل -الأمين- يقبل منصوبا كما روي.