الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة 131: المنادى المضاف إلى ياء المتكلم
1
هذا المنادى قسمان: قسم صحيح الآخر. وما يشبهه2، وقسم معتل الآخر، وما يلحق به3.
أ- فحكم صحيح الآخر وما يشبهه إذا كانت إضافتهما لياء المتكلم محضة4
1 لهذا الموضوع صلة قوية بموضوع: "المضاف إلى ياء المتكلم" الذي ليس منادى، وقد سبق الكلام عليه في الجزء الثالث، م97 ص137، ولا يكاد أحدهما يستغني عن الآخر. وستجئ إشارة في آخر الباب ص67 إلى إضافة الأسماء الخمسة.
2 صحيح الآخر هو: ما ليس مختوما بأحد أحرف العلة الثلاثة "الألف، الواو، الياء". ومعتل الآخر؛ هو: ما في آخره حرف منها، فإن كان هذا الحرف ساكنا وقبله حركة تناسبه فهو حرف علة، ولين، وإن لم تكن قبله حركة تناسبه مع سكونه فهو حرف علة، ولين، وإن كان متحركا فهو حرف علة فقط. والمراد هنا: حرف المد -ولهذا إشارة في هامش ص105 رقم 2.
أما الذي يشبه صحيح الآخر، أو المعتل الآخر الذي يشبه الصحيح فهو ما في آخره حرف متحرك من حرفي العلة "الواو، الياء" مع سكون ما قبله، مثل صفو، شجو، نهي، غي
…
وقد يكون الحرفان مشددين، أو مخففين؛ نحو: مرمي، مغزو، ظبي، دلو
…
، أما الألف فساكن مفتوح ما قبله دائما. ومن الشبيه أيضا: المختوم بياء مشددة للنسب ونحوه؛ "مما لم يكن نتيجة إدغام ياءين إحداهما ياء المتكلم" نحو: عبقري، بهي، شافعي، كرسي.. فخرج نحو: خليلي وصاحبي ووبني، وكاتبي.. فلهذا النوع -ويسمى:"الملحق بالمعتل الآخر" -كما سيجيء في الرقم التالي، وفي رقم 1 من ص722 -حكم خاص موضح في باب المضاف إلى ياء المتكلم من الجزء الثالث، وله موجز هنا آخر الباب ص65.
3 الملحق به هو: المثنى، وجمع المذكر، إذا أضيفا، وحذفت نونهما للإضافة، وختم آخرهما بالعلامة الخاصة بإعراب كل؛ وهي: الألف والياء للمثنى، والواو والياء لجمع المذكر السالم. فهذه العلامات ليست من بنية الكلمة، ولا تعد من حروفها، وإنما هي طارئة على آخرها لغرض الإعراب؛ بخلاف حرف العلة فإنه معدود من حروف الكلمة الثلاثية وجزء من بنيتها، وليس طارئا للغرض الإعرابي؛ لهذا لا يدخل في عداد المعتل كل من المثنى وجمع المذكر السالم إذا أضيفا وحذفت نونهما للإضافة وإنما يسميان ملحقان بالمعتل، لاشتراكهما معه من المظهر الشكلي، وفي بعض الأحكام التي سنعرفها في "ب" ص65.
4 أما حكم غير المحضة فيجيء في ص63.
ومباشرة1 ما يأتي:
1-
وجوب النصب بفتحة مقدرة إن كان المنادى مفردا2، أو جمع تكسير، أو جمع مؤنث سالما، ومن الأمثلة قول الشاعر يعاتب:
يا أخي، أين عهد ذاك الإخاء؟
…
أين ما كان بيننا من صفاء؟
وقول الآخر:
سألتني عن النهار جفوني
…
رحم الله -يا جفوني- النهارا
ونحو: يا زميلاتي لكن تقديري وإكباري، ونحو: يا سعيي قد بلغت بي المدى. ويا صفوي إن أطلت الغياب فلن تهدأ نفسي
…
فكلمة: "أخ، جفون، زميلات"، "سعى، صفو" وأشباهها، منادى مضاف منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها الكسرة التي جاءت لمناسبة الياء. "لأن هذه الياء يناسبها كسر ما قبلها" والياء مضاف إليه، مبنية على السكون في محل جر3
…
2-
يصح في هذه الياء ست لغات، بعضها أقوى وأكثر استعمالا من بعض. هي4:
حذف الياء مع بقاء الكسرة قبلها دليلا عليها؛ كالآية الكريمة: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا} 5 ونحو: استقبل العالم المخترع أعوانه وهو يقول: أهلا يا جنود، أهلا يا رجال، أنتم الفخر، ومجد البلاد.
1 أي: بغير فاصل بين المتضايفين، وإلا تغير الحكم على الوجه الآتي في ص64 حيث يتعرض للفصل، وللإضافة غير المحضة..
2 أما المثنى وجمع المذكر السالم فملحقان بالمعتل -كما قلنا في رقم 3 من هامش الصفحة السالفة- ولهما حكمهما الخاص وسيأتي في ص66.
3 للإعراب المقدر "أو: التقديري" وكذا الإعراب المحلي أهمية وآثار لا يمكن إغفالها، وقد أوضحناها في بابهما الخاص، وهو باب:"المعرب والمبني" ج1 م6 ص84، وم16 ص198.
4 آثرنا الترتيب الآتي على غيره؛ مجاراة لكثير من النحاة اختاروه؛ بحجة أنه المطابق للوارد من كلام العرب، كثرة وقلة. وواجب المتكلم أن يتخير من هذه اللغات المتعددة ما هو أنسب للمقام، وأبعد من اللبس عند عدم القرينة؛ كالصورة الثانية والثالثة؛ حيث ثبتت في كل منهما الياء.
5 وقوله: {يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} .
والإعراب كالسالف، إلا أن الياء محذوفة هنا
…
بقاؤها مع بنائها على السكون في محل جر، للإضافة؛ نحو: يا جنودي
…
يا رجالي
…
بقاؤها على الفتح بعد فتح ما قبلها، ثم قلبها ألفا1؛ نحو: يا فرحا بإنجاز ما فرض الله، ويا حسرتا على التقصير
…
"والأصل2: يا فرحي، يا حسرتي
…
؛ فصار: يا فرحي
…
، يا حسرتي
…
، ثم صار: يا فرحا
…
يا حسرتا
…
" والمنادى هنا منصوب -والأيسر أن يكون منصوبا بالفتحة الظاهرة- وهو مضاف، وياء المتكلم المنقلبة ألفا مضاف إليه، مبنية على السكون في محل جر3
…
ويجوز في هذه الصورة أن تلحقه هاء السكت عند الوقف؛ فتقول: يا فرحاه.... يا حسرتاه
…
قلب الياء ألفا على الوجه السالف، وحذف الألف، وترك الفتحة قبلها دليلا عليها؛ نحو: يا فرحَ
…
، يا حسرةَ
…
وفي هذه الحالة يكون المنادى منصوبا مضافا، وياء المتكلم المنقلبة ألفا، المحذوفة، هي المضاف إليه4
…
1 لتحركها وفتح ما قبلها؛ تطبيقا لقواعد الإعلال والإبدال.
2 هذا الأصل -كغيره، أمثاله الكثيرة- خيالي محض. ومجرد فرض لا يعرف عنه العرب الأوائل شيئا. وإنما يراد منه ما يراد من أكثر الفروض المتخيلة؛ تيسير الوصول إلى النتائج والحقائق من طريق واضح مألوف. ومعلوم أن هذه الأصول الخيالية والفروض -كما رددنا في مناسبات متعددة- ليست مقصورة على الصناعة النحوية، فالنحاة في هذا كغيرهم من المشتغلين بسائر العلوم اللغوية وغير اللغوية. وقد أحسنوا وأفادوا، إلا حين يسرفون أو يتعسفون.
3 وإنما كان الأيسر والأوضح إعرابه منصوبا بالفتحة الظاهرة للفرار مما يتكلفه بعض المعربين حين يقولون: إنه منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها الكسرة المنقلبة فتحة لمناسبة الياء المنقلبة ألفا. وحجتهم: أنهم يريدون تسجيل الأطوار كلها، ولو أدى الأمر إلى الإطالة.
4 يقول ابن مالك في حكم الصحيح وشبهه، واللغات المتعددة التي في ياء المتكلم إذا كانت هي المضاف إليه:
واجعل منادى صح إن يضف ليا
…
كعبد، عبدي - عبد، عبدا، عبديا
"صح= أي: صح آخره عبديا= أصلها: عبدي، وزيدت في آخرها ألف لأجل الشعر" يريد: إذا أضيف المنادى صحيح الآخر فاجعله كعبد، عبدي
…
أي: على مثال واحد مما يأتي -ولم يذكرها مرتبة على حسب كثرة استعمالها. =
بقيت اللغة السادسة؛ "وهي أضعف نظائرها، ولا تكاد تخلو من لبس في تبين نوعها، ومن اضطراب في إعرابها1؛ ولهذا يجب اليوم إهمالها، تبعا لرأي من أهملها من النحاة القدامى، فلم يذكرها بين اللغات الجائزة.
وتتلخص في حذف "الياء" -مع ملاحظتها في النية- وبناء المنادى على الضم "كالاسم المفرد المعرفة". ويقع هذا في الكلمات التي تشيع إضافتها، ليكون العلم بشيوع إضافتها قرينة ودليلا على حذف المضاف إليه، وأنه محذوف في اللفظ لكنه ملاحظ2 في النية
…
كالكلمات: رب، وقوم، وأم، وأب
…
وأشباهها مما يغلب استعماله مضافا؛ نحو: يا رب، وفقني إلى ما يرضيك - يا قوم، لا تتوانوا في العمل لما يرفع شأنكم - يا أم، أنت أكثر الناس عطفا علي، ويا أب، أنت أشدهم عناية بي
…
ومما سبق يتبين أن ثلاثا من اللغات الست تقتضي حذف الياء، وثلاثا أخرى تقتضي إثباتها.
= يا عبد: مثال لما حذفت فيه ياء المتكلم مع بقاء الكسرة قبلها دليلا عليها - يا عبدي؛ لثبوت ياء المتكلم الساكنة المكسور قبلها - يا عبد: للمنادي الذي قلبت معه ياء المتكلم ألفا مفتوحا ما قبلها، وحذفت الألف - يا عبدا
…
كالسابق، ولكن من غير ياء المتكلم المنقلبة ألفا - يا عبدي: للمنادى الذي أضيف لياء المتكلم المبنية على الفتح؛ فهذه خمس لغات اكتفي بها. ولم يتعرض للسادسة التي يحذف فيها المضاف إليه، ويبنى الاسم بعده على الضم، وقد شرحناها. وساق بعد هذا بيتا سيجيء شرحه في مكانه المناسب من هامش ص65 هو:
وفتح أو كسر، وحذف اليا استمر
…
في: "يابن أم"، "يابن عم" لا مفر
1 سبب الاضطراب في إعرابها اختلافهم الشديد في الحكم على نوع المنادى: أيراعى أصله من ناحية أنه مضاف؛ فيكون منادى منصوبا بفتحة مقدرة، منع من ظهورها الضمة التي جاءت لمشابهته بالنكرة المقصودة في التعريف بالنداء وقصد الإقبال، "ولا بالعلمية، ولا بالإضافة، ولا بأل" - أم يراعى حالته الحاضرة من ناحية بنائه على الضم.
وهذا الخلاف ليس شكليا، وإنما له أثره في التوابع؛ أتكون واجبة النصب حتما، نتيجة للرأي الأول، أم يكون شأنها شأن توابعها لمنادى المبني على الضم، ولها أحكام مختلفة، سبق شرحها في ص40 وما بعدها؟
2 لأنها -وهي المشهورة بالإضافة- تدل إذا لم تكن مضافة إلى اسم ظاهر، أو إلى ضمير لغير المتكلم على أنها مضافة للمتكلم، والمتكلم أولى بذلك؛ لأن ضميره الياء يحذف أكثر من غيره.
3-
إن كان المنادى الصحيح الآخر هو كلمة "أب"، أو "أم" جاز فيه اللغات الست السابقة، ولغات أربع أخرى؛ وهي:
حذف ياء المتكلم، والإتيان بتاء1 التأنيث الحرفية عوضا عنها، مع بناء هذه التاء الحرفية على الكسر، أو على الفتح -وكلاهما كثير قوي- أو على الضم، وهو قليل، ولكنه جائز؛ نحو: يا أبت أنت كافلنا، ويا أمت، أنت راعيتنا
…
والمنادى في هذه الصور الثلاث منصوب بفتحة ظاهرة2 دائما. وهو مضاف. وياء المتكلم المحذوفة مضاف إليه. وجاءت تاء التأنيث عوضا عنها، مع بقائها حرفا للتأنيث كما كانت، وليست المضاف إليه
…
والصورة الرابعة -وهي أقلها من السماع الوارد، ولا يصح القياس عليها: الجمع بين تاء التأنيث السالفة التي هي العوض. وألف بعدها أصلها ياء المتكلم؛ نحو: يا أبتا
…
يا أمنا.
وكقول الشاعر:
يا أمتا أبصرني راكب
…
في بلد مسحنفر3 لاحب4
وقول الآخر:
يا أبتا علك أو عساكا
…
..........................
وفي هذه الصورة جمع بين العوض -وهو التاء- والمعوض عنه، وهو: الياء المنقلبة ألفا. ولذا قال بعض النحاة: إن هذه الألف ليست في أصلها ياء المتكلم؛ وإنما هي حرف هجائي، وزائد لمد الصوت. وهذا الرأي أوضح وأيسر في إعراب تلك الصيغ المسموعة.
1 سبقت الإشارة لهذا "في باب الإضافة لياء المتكلم ج3 م97 ص146" والأكثر في هذه التاء أن تظل تاء عند النطق بها وقفا ووصلا، وأن تكتب تاء متسعة "أي" غير مربوطة" ويجوز كتابتها مربوطة، كما يجوز الوقف عليها بالهاء. لكن الأفضل الاقتصار على الرأي الأول الذي يقضي باعتبارها تاء متسعة في جميع أحوالها.
2 لأن تاء التأنيث توجب فتح ما قبلها دائما. ولا داعي للإطالة بأنه منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها الفتحة التي جاءت لمناسبة التاء.
3 واسع.
4 معهود ممهد.
هناك صورة أضعف من هذه، وأندر استعمالا في السماع الوارد، حتى خصها كثير من النحاة بالضرورة الشعرية، نذكرها لندركها إذا صادفتنا في بعض الكلام القديم، هي الجمع بين هذه التاء وياء المتكلم بعدها، أو الجمع بين ياء المنقلبة ألفا والتاء بعدها.
كقول الشاعر:
أيا أبتي1، لا زلت فينا، فإنما
…
لنا أمل في العيش ما دمت عائشا
وقول الآخر:
كأنك فينا يا أبات2 غريب3
…
................................
هذا، ولا تكون تاء التأنيث عوضا عن ياء المتكلم إلا في أسلوب النداء على الوجه السالف، دون غيره من الأساليب. ووجودها في آخر كلمتي:"أب، وأم" يحتم استعمال كل واحدة منهما منادى، ويمنع استعمالها في غيره4
…
ونشير إلى أمرين هامين:
أولهما: أن الأحكام السابقة كلها مقصرة على المنادى صحيح الآخر، وشبهه إذا كانت إضافتهما محضة -كما أسلفنا-5 فإن كانت غير محضة فالمنادى واجب النصب بفتحة مقدرة قبل ياء المتكلم منع من ظهورها الكسرة التي لمناسبة الياء. وهذه الياء ثابتة دائما ومبنية على السكون أو الفتح؛ كقولهم:"يا رائدي للهدى وقيت الردى، ويا مرشدي للخير صانك الله من الزلل". فالمنادى:
1 والأيسر في الإعراب أن تكون كلمة: "أب" منادى منصوب مضاف والتاء عوض عن الياء المحذوفة. أما المذكورة فحرف هجائي ناشئ من بناء التاء على الكسرة مع إشباع هذه الكسرة. أو: أن التاء للتأنيث اللفظي، والياء بعدها مضاف إليه، وقد فصلت التاء بين المتضايفين.
2 ويقال في الإعراب: "أب" منادى، منصوب، مضاف إلى ياء المتكلم المنقلبة ألفا، والتاء حرف للتأنيث اللفظي، يضبط بالفتحة، أو الكسرة، أو الضمة -كما سلف.
3 وإلى بعض ما سبق -في نداء "أب" أو "أم"- يقول ابن مالك باختصار:
وفي الندا: "أبت"، "أمت"، عرض
…
واكسر، أو افتح، ومن اليا التا عوض
يريد: عرض في النداء أسلوب خاص، هو: يا أبت، يا أمت بكسرة التاء، أو فتحها، وقد ترك الضم -ثم صرح أن التاء عوض من ياء المتكلم المضاف إليه، واقتصر على هذا تاركا التفصيلات التي عرضناها.
4 انظر رقم "1" من ص68.
5 في ص58.
"رائد، ومرشد" منصوب وجوبا بفتحة مقدرة، والياء معهما مبنية على السكون أو على الفتح، ولا يصح حذفها. ولا بد معها أن يكون المنادى المضاف مفردا1.
ثانيهما: أن تلك الأحكام مقصورة على النوع السالف من المنادى المضاف إضافة محضة، بشرط أن يكون مضافا للياء مباشرة؛ كما تقدم2. فإن كان هو أو غيره من سائر أنواع المنادى مضافا إلى مضاف إلى ياء المتكلم وجب إثبات الياء وبناؤها على السكون، أو على الفتح3
…
كقولهم: يا طالب إنصافي، لا أعلم لك منصفا إلا عملك، إذا أحسنته جملك، وإذا أتقنته كملك، وقول الشاعر:
يا لهف نفسي إن كانت أموركمو
…
شتى، وأحكم أمر الناس فاجتمعا
فيجوز: "إنصافي، أو: انصافي - نفسي، أو نفسي؛ بإسكان الياء أو فتحها".
ويستثنى من هذا الحكم أن يكون المنادى المضاف إلى مضاف لياء المتكلم هو لفظ: "ابن أم، أو: ابن عم، أو: ابنة أم، أو ابنة عم، أو بنت أم، أو بنت عم" فالأفصح4 في هذه الصور حذف ياء المتكلم مع ترك الكسرة قبلها دليلا عليها؛ "نحو: يابن أم كن على الخير معوانا لي، ويابن عم لا تقعد عن مناصرتي بالحق - يابنة أم
…
يا بنت أم....
1 يفهم من كل ما سبق أن المنادى المضاف الذي إضافته غير محضة، لا بد أن يكون -في الغالب- وصفا عاملا، ولا بد أن يكون مفردا أيضا؛ لأن المثنى وجمع المذكر السالم ملحقان بالمعتل في حكمه، وسيجيء في ص66 -فإذا أضيفا عند النداء لياء المتكلم وجب بناؤها على الفتح وحده- في الرأي الأصح.
2 في ص58
…
3 ما لم تحتم الضرورة الشعرية الاقتصار على أحدهما.
4 قلنا: الأفصح؛ لأن هناك لغتين أخريين؛ أولاهما: إثبات الياء الساكنة، كقول الشاعر القديم في الرثاء:
يابن أمي، ويا شقيق نفسي
…
أنت خلفتني لدهر شديد
وثانيتهما: قلبها ألفا؛ كقول الآخر:
يابنة عما لا تلومي واهجعي
…
......................................
يا بنت عم
…
" فالمنادى معرب منصوب، والمضاف إليه الأول مجرور بالكسرة الظاهرة قبل الياء المحذوفة.
ويجوز في الألفاظ السالفة حذف الياء بعد قلبها ألفا، وقلب الكسرة قبلها فتحة؛ فنقول: "يابن أم
…
يابن عم
…
يابنة أم
…
يابنة عم
…
يا بنت أم
…
يا بنت عم...." قلبت ياء المتكلم ألفا بعد قلب الكسرة التي قبلها فتحة، ثم حذفت ياء المتكلم المنقلبة ألفا، وبقيت الفتحة قبلها دليلا عليها. فيقال عند الإعراب: إن المضاف إليه الأول مجرور بالكسرة المقدرة التي منع من ظهورها الفتحة التي جاءت للتوصل بها إلى قلب ياء المتكلم ألفا، وحذفت هذه الألف للتخفيف.
ويصح أن يقال في هذه الصورة: إن المنادى قد ركب مع ما أضيف إليه تركيبا مزجيا وصارا معا بمنزلة: "خمسة عشر" أو غيرها من الأعداد والألفاظ المركبة المبنية على فتح الجزأين. وعندئذ يقال في الإعراب: "يابن أم
…
يابن عم - يابنة أم
…
يابنة عم
…
يا بنت أم
…
يا بنت عم
…
" "ياء" حرف نداء. وما بعدها منادى مضاف. منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها حركة البناء الأصلية التي هي فتح الجزأين، وياء المتكلم المحذوفة هي المضاف إليه. وتكون الفتحة التي على حرفي النون والتاء "في: ابن، وابنة، وبنت
…
" حركة هجائية، لا توصف بإعراب ولا بناء1
…
ب- إن كان المنادى المضاف إلى ياء المتكلم معتل الآخر، أو ملحقا2 به
1 ويجوز -في الألفاظ السالفة- شيء آخر؛ هو إهمال الياء المحذوفة، واعتبارها كأن لم توجد، مع اعتبار المنادى وما أضيف إليه بمنزلة الاسم المركب تركيبا مزجيا، وإعرابه مبنيا على الضم المقدر؛ كأنهما كلمة واحدة مفردة معرفة. ولا يخلو هذا الوجه -على صحته- من ليس يدعو للفرار منه.
وقد أشار ابن مالك إلى بعض الآراء السالفة في بيت سبقت الإشارة إليه في هامش ص61، وهو:
وفتح أو كسر، وحذف اليا استمر
…
في: "يابن أم""يابن عم". لا مفر
يابن أم، يابن عم، أصلهما: يابن أمي - يابن عمي. ويريد بهما: المنادى المضاف إلى مضاف لياء المتكلم، وأن حذف هذه الياء مستمر معهما -على الأرجح - وأن الحرف الذي قبل الياء المحذوفة يصح تحريكه بالفتحة أو بالكسرة، ولم يذكر السبب، واستغنى بما سبق عن غيره مما سردناه.
2 بيان هذا الملحق في رقم 3 من هامش ص58.
فحكمه هو ما كان يجري عليه قبل النداء، وقد سبق تفصيله1، ويتلخص في قاعدة واحدة2؛ هي: سكون آخر المضاف دائما، وبناء المضاف إليه على الفتح في الأفصح -وهذه القاعدة تنطبق على ما يأتي:
1-
المقصور المضاف إلى ياء المتكلم؛ نحو: يا فتاي أنت عوني في السراء والضراء.
2-
المنقوص المضاف إلى ياء المتكلم، وتدغم الياءان، وأولاهما ساكنة، والأخرى مبنية على الفتح؛ نحو: يا داعي للخير، لبيك من داع مطاع.
3-
المثنى وشبهه؛ وتدغم ياؤه ساكنة في ياء المتكلم المبنية على الفتح3، كقول الشاعر في حديقة:
خذا الزاد يا عيني من حسن زهرها
…
فما لكما دون الأزاهر من متع
4-
جمع المذكر وشبهه؛ وتدغم ياؤه ساكنة في ياء المتكلم المبنية على الفتح؛ كقول الشاعر:
يا سابقي إلى الغفران. مكرمة
…
إن الكرام إلى الغفران تستبق
5-
المختوم بياء مشددة. وليس تشديدها للإدغام؛ ففي كلمة مثل: عبقري، يقال: أفرحتني يا عبقري. بحذف الياء الثانية من المشددة، وإدغام الأولى التي بقيت في ياء المتكلم المفتوحة.
ويصح حذف ياء المتكلم مع بقاء الياء المشددة قبلها مكسورة4؛ نحو: يا عبقري. لك إكباري وتقديري
…
ويصح قلب ياء المتكلم ألفا وحذفها. مع فتح الياء المشددة قبلها؛ نحو: يا عبقري
…
أما المعتل الآخر بالواو فشأنه من فصلناه هناك.
1 ج3 م97 ص137.
2 هذا التلخيص لا يكاد يغني عن الرجوع إلى ما سبق من تفصيل وإيضاح، وعرض صور هامة كثيرة.
3 طبقا لما سلف في رقم 1 من هاتين ص64.
4 لتكون الكسرة دليلا على الياء المحذوفة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
أ- يجري على الأسماء الخمسة: "أب، أخ، حم، هن، فم" عند ندائها مع إضافتها لياء المتكلم ما يجري عليها بغير مناداتها. ذلك أن الرأي الفصيح الذي يحسن الاقتصار عليه هو إضافتها بحالتها الحاضرة، دون إرجاع لامها المحذوفة "أي: دون إرجاع حرفها الأخير؛ وهو: "الواو" المحذوفة" إذ الشائع أن أصل أبو، أخو، حمو، هنو، فوه. والميم زائدتان في: "فم" وفي "فوه"
…
فإذا أضيفت تلك الأسماء -وهي مناداة، أو غير مناداة- أعربت على حسب حاجة الجملة؛ وكسر حرفها الأخير الحالي لمناسبة الياء1؛ فتقول: يا أبي يا أخي، يا حمي، يا هني، يا في، ويصح في هذه: يا فمي.
وهناك رأي مستنبط من بضعة أمثلة مروية عن بعض القبائل، مؤداه: إرجاع الحرف المحذوف من آخر تلك الأسماء مع تسكينه قبل ياء المتكلم. وهذه الياء يجب بناؤها على الفتح، فتجتمع الواو والياء، وتسبق إحداهما بالسكون؛ فتقلب الواو ياء، وتدغم الياء في الياء2. ويكسر ما قبلها لمناسبتها؛ فتقول يا أبي، يا أخي
…
وفي هذه الصورة تكون الكلمة معربة بحركة مقدرة منع من ظهورها السكون الواقع على الياء الأولى لأجل الإدغام3.
أما "ذو" التي تعرب إعراب الأسماء الخمسة فلا تضاف لضمير المتكلم.
ب- يجوز في كلمة: "ابنم" المبدوءة بهمزة الوصل، والمختومة بالميم الزائدة، ومعناها: ابن - إثبات الميم عند الإضافة وحذفها؛ نحو: يا بنمي، أو: يا بني؛ بإسكان الياء في الحالتين، وكسر ما قبلها.
1 فهي بهذا تشبه صحيح الآخر من ناحية أن آخرها الحالي صحيح، وأنه يجب كسره لمناسبة ياء المتكلم "وقد سبقت إشارة لهذا في مناسبة أخرى: ج3 باب المضاف إلى ياء المتكلم ص138 م97".
2 إن كان أصل: "فم" هو "فيه" بالياء المحذوفة رجعت الياء ساكنة، وأدغمت في ياء المتكلم المبنية على الفتح.
3 وتكون الأسماء الخمسة كالمعتل؛ في إسكان آخرها وبناء الياء على الفتح.