الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة 147:
الكلام على الاسم الممنوع من الصرف للعلمية 1 مع إحدى العلل السبع:
1-
يمنع الاسم من الصرف إذا كان علما، مركبا تركيب مزج. والمراد بالتركيب المزجي2: كل كلمتي امتزجتا "أي: اختلطتا" بأن اتصلت ثانيتهما بنهاية الأولى حتى صارتا كالكلمة الواحدة؛ من جهة أن الإعراب أو البناء يكون على آخر الثانية -في الرأي الأشهر- أما آخر الكلمة الأولى فقد يكون ساكنا؛
1 ملاحظة هامة: العلم هنا يشمل علم الشخص وعلم الجنس، "طبقات لما سبق في الجزء الأول، باب العلم". والممنوع من الصرف للعلمية ومعها علة أخرى لا يدخله تنوين "الأمكنية"، فلو زالت العلمية لوجب تنوينه تنوين تنكير -كما سنعرف في ص231 و265- إن لم يوجد سبب آخر للمنع.
2 سبق الكلام على المركب المزجي في باب العلم "ج1 ص270 م22" ومن أهم ما قلناه هناك: إن المركب المزجي لا يكون إلا من كلمتين، فقط، "وقد تفصل بينهما الواو؛ في بعض الصور السماعية؛ كما في:"كيت وكيت، ذبت وذبت" طبقا للبيان الآتي في ص583" ولا يصح مزج أكثر منهما. ومعنى امتزجنا صارتا في العلم كلمة واحدة ذات شطرين، كل شطر منهما بمنزلة الحرف الهجائي الواحد من الكلمة الواحدة "العلم" "كما نص على هذا شارع "المفصل" ج4 ص116".
والأصل قبل التركيب أن يكون لكل واحدة منهما معنى يخالف معنى الأخرى. أما بعد التركيب المزجي فالأمر يختلف: فإن كان هذا التركيب علما من النوع الذي تتركز فيه علامات الإعراب أو البناء على آخر الثانية فقط؛ كسيبويه، وبعلبك وغيرهما
…
من الأمثلة المعروضة هناك -في ص279، ونظائرها زال المعنى الأصلي لكل منهما نهائيا، ولا يصح ملاحظته؛ إذ ينشأ من المزج معنى جديد، مستحدث، لا صلة له بالمعنى السابق لهما أو لإحداهما.
أما إن كان هذا المركب المزجي من النوع الآخر الذي يبنى على فتح الجزأين "وهو المذكور في ج1 ص281"، كالمركبات العددية مثل: ثلاثة عشر، وأربعة عشر
…
أو المركبات الظرفية، نحو: صباح مساء
…
أو الحالية؛ نحو فلان جاري بيت بيت، أي: ملاصقا، أو باقي المركبات الأخرى التي تبنى بالمعنى الذي كان لكل كلمة قبل مزجها بأختها؛ إذ يتكون المعنى الجديد من معناهما السابق، مع بعض زيادة تنضم إيه، دون إلغاء لمعناهما السابق، أو إهمال لملاحظته في تكوين المعنى المستحدث. فأساس المعنى الجديد هو معناهما القديم مع ضم زيادة إليه. وهذا النوع ملاحظ فيه قبل المزج أنه على تقدير "واو العطف" بين الكلمتين وأنهما في حكم المتعاطفين؛ فمعناهما بملاحظتهما قبل التركيب هو معناهما الجديد بعد المزج ملاحظتها "راجع شرح المفصل ج1 ص65 وج4 ص124".
نحو: برسعيد1، نيويرك2، جردنستي3، وقد يكون متحركا4 بالفتحة "وهذا هو الأكثر"؛ نحو: طبرستان5، "خالويه6، سيبويه7، في لغة من يعربهما ولا يبنيهما"8، حضرموت9 بعلبك10.
أحكامه:
أشهر أحكام العلم المركب تركيب مزج -غير العددي. وأشباهه11- هو:
أ- أن يترك آخر جزئه الأول على حاله قبل التركيب، من السكون أول الحركة، ونوعها؛ فلا يتغير ضبط آخر ذلك الجزء الأول مطلقا بعد التركيب، ولو كان واوا ساكنة أو ياء ساكنة12، ولا يجري عليه إعراب ولا بناء، ولا ينظر إليه إلا على اعتباره بمنزلة جزء من كلمة، وليس كلمة مستقلة -ولهذا يتصل بالثاني كتابة إن أمكن وصل حروفهما الهجائية.
1 اسم أجنبي، معناه: ميناء سعيد، ويطلق على مدينة مصرية على الساحل الشمالي الشرقي. ويصح نطقها وكتابتها بواو بعد الباء، ولكن تتحرك الراء بعدها للتخلص من الساكنين.
2 معناه؛ "يرك الجديدة"، وهو اسم مدينة في الولايات المتحدة الأمريكية.
3 اسم أجنبي، معناه:"حديقة ستي" ويطلق على حي مشهور في القاهرة، على الساحل الشرقي للنيل.
4 وقد تكون حركة الأول الكسرة -أحيانا- كما في بعض الأصوات المركبة تركيبا مزجيا؛ نحو: "قاش ماش" اسم لصوت طي القماش -طبقات للبيان السالف في رقم 2 من هامش ص163.
5 اسم مدينة فارسية، مركبة من طبر، وستان، ومعنى ستان: مكان.
6 عالم لغوي، نحوي، في القرن الرابع الهجري.
7 اسم إمام النحاة، عمرو بن عثمان المتوفى حول سنة 180هـ، ومعنى:"سيب" باللغة الفارسية: التفاح. ومعنى "ويه": رائحة. وتقدم المضاف على المضاف إليه كالمألوف في اللغة الفارسية. فمعناه: رائحة التفاح.
8 لأن منع الصرف مقصور على الأسماء المعربة؛ ولا يكون في المبنية -كما تقدم.
9 اسم بلد في اليمن.
10 اسم بلد في لبنان. وأصله مركب من كلمتين: "بعل""اسم صنم" و"بك" اسم رجل اشتهر بعبادته.
11 أما حكم العددي وأشباهه فيجيء في: "ب" من ص231.
12 ولو كانت هذه الياء آخر اسم منقوص فإنها ساكنة كذلك -كما سيجيء في رقم 2 من هامش الصفحة التالية.
ب- يجري الإعراب على آخر الجزء الثاني وحده، فيعرب إعراب الممنوع من الصرف؛ فيرفع بالضمة، وينصب بالفتحة، ويجر بالفتحة نيابة على الكسرة، مع امتناع التنوين في الحالات الثلاث؛ كالشأن في كل اسم ممنوع من الصرف، مجرد من أل والإضافة. ومن الأمثلة:"غادرنا "نيويرك" في طائرة سياحية، قاصدين إلى "بعلبك"؛ فوصلناها بعد عشرة ساعة. ولما نزلنا في مطارها قال المذيع: من كانت "برسعيد" غايته فليستعد؛ فهذه الطائرة متجهة إليها".
ج- من العرب من يجعل الجزء الأول مضافا تجري عليه جميع حركات الإعراب على حسب حاجة الجملة -ولا يمنع من الصرف ما دام مضافا- ويكون الثاني هو المضاف إليه المجرور دائما1. فإن كان الأول "المضاف" مختوما بحرف عليه قدر على هذا الحرف جميع حركات الإعراب -حتى الفتحية- رفعا ونصبا وجرا ومن غير منع صرف. ولا فرق في هذا بين الألف، والواو، والياء، ثم يجيء بعده القسم الثاني "المضاف إليه" فيكون ممنوعا من الصرف إن استحق المنع؛ وإلا فينصرف2. وعلى هذا لرأي يفصل الجزءأن في الكتابة:"هذه بعل بك -زرت بعل بك- تمتعت ببعل بك". ومثال ما يكون فيه الأول "المضاف" صحيح الآخر معربا ويكون المضاف إليه ممنوعا من الصرف: "من أشهر المدن الفارسية القديمة رام هرمز -عرفت أن رام هرمز
1 وهذه الإضافة لفظية؛ لأن كل جزء من الجزأين بمنزلة حرف الهجاء في الكلمة الواحدة كالميم، والعين
…
ومن مثل: معدن
…
فهو يتمم الآخر. وإنما فائدتها تخفيف التركيب، والتنبيه إلى شدة الامتزاج. "وقد سبقت لهذا إشارة في ج3 م93 ص47".
2 للمركب المزجي أحكام إعرابية أخرى نمهملها؛ لقلة الوارد بها؛ وعدم أهميتها، ومنها بناء الجزأين على الفتح رفعا، ونصبا، وجراء؛ كبناء خمسة عشر وأشباهها؛ فيكون في آخر كل جزء فتحة لا تتغير مطلقا في جميع حالات الإعراب؛ بشرط أن يكون آخر الجزء الأول صحيحا. فإن كان معتلا "ألفا، أو واوا، أو ياء" وجب إبقاء الأول على سكونه، ويقتصر البناء على الفتح على الثاني في جميع أحواله. وعلى هذا فالمركب المزجي إذا كان جزؤه الأول معتلا -يظل ساكنا في كل اللغات السالفة.
وفي منع الاسم من الصرف للعلمية والتركيب المزجي يقول ابن مالك مقتصرا على بيت واحد:
والعلم امنع صرفه مركبا
…
تركيب مزج، نحو: معديكربا-14
مدينة أثرية- في رام هرمز صناعات يدوية دقيقة". فكلمة: "رام" في الأمثلة السالفة معربة على حسب الجملة؛ وهي مضاف، وكلمة: "هرمز" مضاف إليه، مجرورة بالفتحة بدل الكسرة في كل الاستعمالات؛ لأنها علم أعجمي1، يمنع من الصرف هذا
…
ومثال المضاف الذي آخره حرف علة تقدر عليه جميع الحركات، وبعده الجزء الثاني "المضاف إليه" غير ممنوع من الصرف:"صافي ورود" اسم قرية مصرية. تقول: "صافي ورود في الصحراء الغربية -أرغب أن أشاهد صافي ورود "بسكون الياء"-2 لم أذهب إلى صافي ورود". فكلمة: "صافي" مرفوعة بضمة مقدرة على الياء، ومنصوبة بفتحة مقدرة عليها، ومجرورة بكسرة مقدرة أيضا. وهي مضافة، وكلمة:"ورود" مضاف إليه مجرورة منونة؛ لأنها غير ممنوعة من الصرف؛ لعدم وجود ما يقتضي المنع. ومثلها: "معدي كرب" اسم رجل "وهو مركب من جزأين
…
"3.
ومثال معتل الجزء الأول الذي يليه الجزء الثاني "المضاف إليه" ممنوعا من انصراف: "رضا عائشة"، اسم امرأة فارسية -حادي شمر. اسم مدينة وكذا: نيويرك.
1 هي وحدها بغير صدرها علم أعجمي في الأصل.
2 وهذا النوع من المنقوص ينصب بفتحة مقدرة -كما سبق في رقم 2 من الهامش السابق، وفي "جـ" من ص229، وفي ج1 ص172 و177 م16.
3 ويقال إن أصلها: "سعدي" على وزن: "مفعل"؛ اسم مكان أو زمان من "عدا" بمعنى: جاوز، وكان القياس فتح الدال. و:"كرب" بمعنى: "فساد".
وقيل: أصله، معدى، بفتح الدال، ثم حذفت الألف "المكتوبة ياء"، وجاءت ياء النسب، وكسر ما قبلها وخففت هذه الياء؛ فصارت غير مشددة. فوزنه:"مفعى". وكل هذا لا أهمية له بعد التركيب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
أ- إذا كان الاسم ممنوعا من الصرف للعلمية مع التركيب المزجي -نحو: خالويه- وفقدهما، أو أحدهما، وجب تنوينه إن لم يوجد داع آخر للمنع، فمثال فقدهما معا: زارنا خال "وهو: أخو الأم" -استقبلت خالا- فرحت بخال.
ومثال فقد التركيب: هذا خال "علم رجل" -إن خالا مقبل- سعيت إلى خال.... - ومثال فقد العلمية: من أشهر خالويه في اللغة وفروعها بين أصحاب هذا الاسم؟ بتنوين كلمة: "خالويه" تنوين تنكير1 بسبب فقدها العلمية.
ب- إذا كان المركب إضافيا وجب أن يكون الإعراب على جزئه الأول المضاف، ولا يصح منه من الصرف ما دام مضافا. أما جزؤه الثاني فمضاف إليه، ينون أو لا ينون على حسب ما ينطبق عليه من أحكام الصرف وعدمه.
وإذا كان المركب إسناديا وجب أن يحكى على ما هو عليه من غير تغييره. والصحيح أنه معرب لا مبني.
أما المركب العددي مثل: "ثلاثة عشر" وأخواته المركبة -فمبني على فتح الجزأين عند البصريين. إلا "اثني عشر"، فمعربات إعراب المثنى -كما سبق في باب المثنى- والكوفيون يجوزن في العدد المركب إضافة صدره إلى عجزه. "وسيأتي البيان في باب المعدد2.
فإن سمي بالعدد المركب جاز إبقاؤه على بناء طريفة، وجاز إعرابه ما لا ينصرف للعلمية والتركيب، وجاز إضافة صدره إلى عجزه.
1 انظر رقم 1 من هامش ص227 وقد سبق الكلام على تنوين التنكير مفصلا "في ج1 ص23 م3" وأنه يلحق بعض الأسماء ليكون وجوده دليلا على أنها نكرة، وحذفه دليلا على أنها معرفة. والأغلب دخوله على الأسماء المبنية. ولكنه قد يلحق الأسماء المعرفة غير المنصرفة، لغرض أوضحناه هناك وهو الدلالة على تنكيرها؛ كقولك: مررت بأحمد -بالتنوين- إذا كنت تريد الإخبار عن واحد معين من أشخاص متعددين، اسم كل منهم: أحد. "انظر رقم 2 من هامش ص249 ورقم3 من هامش ص251".
2 ص520.
أما المركب من الأحوال نحو: "أنت جاري بيت بيبت"، ومن الظروف نحو: أعمل صباح مساء
…
؛ فيجوز فيه عند التسمية به، وصيروه علما أحد أمرين1:
إما إضافة الصدر إلى العجز مع إعراب الصدر على حسب الجملة؛ نحو: بيت بيت نظيف -صباح مساء محبوب
…
وإما بقاء التركيب مبنيا على فتح الجزأين دائما؛ ويكون في محل رفع أو نصب، أو جر، على حسب حاجة الجملة فيقال: بيت بيت نظيف، صباح مساء محبوب
…
1 راجع حاشية "خالد" على "التصريح" ج2 باب: "ما لا ينصرف" عند الكلام على العلم المركب تركيب مزج.
2-
ويمنع الاسم من الصرف إذا كان علما مختوما بألف ونون زائدتين: سواء أكان العلم للإنسان أم لغيره؛ نحو: بدران، حيان، مروان، قحطان، غطفان
…
أسماء أشخاص، ونحو: شعبان، رمضان، من أسماء الشهور العربية، ونحو:"عمان" اسم بلد في الأردن، و"رغدان" اسم قصر بها.
وحكم هذا النوع المنع من الصرف بشرطية "وهما: العلمية الزيادة" تقول: عمان حاضرة البلاد الأردنية، وفي أحد أطرافها قصر فخم، يسمى:"رغدان" بينه وبين عمان بضعة أميال
…
فإن كان الحرفان: "الألف والنون" أصليين، معا، أو النون1 وحدها، لم يمنع الاسم من الصرف؛ فمثال الأصليين: بان2 - خان3. ومثال أصالة النون: أمان، لسان، ضمان.
وإن كانا معا صالحين للأصالة، وللزيادة، أو كان أحدهما هو الصالح وحده جاز في الاسم الصرف وعدمه4؛ نحو: حسان، علم على رجل5، فيجوز أن يكون مشتقا من الحس، بمعنى: الشعور، فيمنع من الصرف للعلمية وزيادة الحرفين. ويجوز أن يكون مشتقا من الحسن فلا يمنع؛ لأن الزائد حرف واحد. وكذلك:"غسان"؛ قد يكون من الغس؛ بمعنى: دخول البلاد؛ فيمنع من الصرف؛ للعلمية وزيادة الحرفين. وقد يكون: من الغسن؛ بمعنى: المضغ؛ فلا يمنع؛ لأن الزائد حرف واحد. وودان، قد يكون من الود؛ بمعنى: الحب؛ فيمنع، أو: من الودن، بمعنى: نقع الشيء في الماء ونحوه؛ فلا يمنع6
…
1 الأعم الأغلب أن تكون "النون" هي الأصلية؛ وقبلها "الألف" زائدة. أما العكس فلا يكاد يوجد.
2 اسم جبل بالحجاز، واسم الشجر المعروف بشجر:"البان".
3 دكان، أو فندق.
4 باعتبارين مختلفين.
5 واسم شاعر الرسول عليه السلام.
6 وفي منع الاسم من الصرف للعلمية مع الزيادة يقتصر ابن مالك على قوله:
كذاك حاوي زائدي فعلانا،
…
كغطفان، وكأصبهانا
أي: كذلك يمنع الاسم من الصرف إذا كان علما حاويا الحرفين الزائدين في "فعلان" وهما: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
أ- يقول الصرفيون: إن علامة زيادة الألف والنون هي سقوطهما في بعض التصريفات؛ -كما في "حمدان" و"فرحان"، عامين؛ حيث يمكن ردهما إلى: حمد، وفرح
…
-بشرط أن يكون قبلهما أكثر من حرفين أصليين بغير تضعيف الثاني؛ نحو: عثمان -مروان- رشدان
…
فإن كان قبلهما أكثر من حرفان أصليان ثانيهما مضعف جاز أمران: إما اعتبار الحرف الذي حصل به التضعيف أصيلا؛ فيؤدي هذا إلى الحكم بزيادة الألف والنون؛ لوقوعهما بعد ثلاثة أحرف أصلية؛ وإما عدم اعتباره أصيلا فيؤدي إلى الحكم بأصالة النون. ومن الأمثلة: حسان -عفان- حيان
…
فتمنع من الصرف على اعتبارها من الحس؛ بمعنى: الإحساس -مثلا- ومن العفة -ومن الحياة. ويكون وزنها "فعلان". وتنصرف على اعتبارها من الحسن، والعفن، والحين "بمعنى الهلاك"، وتكون على وزن "فعال" لأن نونها أصلية
…
ومن الأمثلة: شيطان: فهو إما من شطن بمعنى: ابتعد، وإما من شاط بمعنى: احترق
…
وإذا كان العلم ذو الزيادتين مسموعا عن العرب الفصحاء بصورة واحدة هي المنع أو عدما فالأولى اتباع المسموع، كما في "حسان" شاعر الرسول، فالمسموع عنهم منعه في الحالات المختلفة، ولهذا يحتم أكثر النحاة منعه
…
ولكن هذا التحتيم تحكم وتشدد بغير حق.
= الألف والنون. وليس من اللازم أن يكون على وزن "فعلان" وإنما اللازم احتواؤه على الحرفين الزائدين، نحو: عمران وسفيان و"غطفان""علم على فرع من فروع قبيلة "قيس" العربية. والغطف: اتساع النعمة" و"أصبهان" "وفي هذه الكلمة لغات كثيرة: منها كسر الهمزة، ومنها: إبدال بائها فاء
…
" ولا تكون الألف والنون زائدتين إلا على اعتبار أن أصل الكلمة: عربي: أما على الرأي القائل إنها العجمية -وهو الصواب- فلا تمنع للعلمية مع الزيادة، وإنما تمنع للعلمية مع شيء آخر "سيجيء في ص242"؛ هو العجمة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ب- لو أبدلت النون الزائدة لاما -كما يجري في بعض اللهجات القديمة- منع الاسم من الصرف أيضا إذا كان مستوفيا شروط المنع. كقولهم: أصيلال، في "أصيلان"، التي هي تصغير شاذ لكلمة:"أصيل"1 فإذا سمي إنسان: "أصيلال" منع الصرف؛ للعلمية وزيادة الألف واللام، إعطاء للحرف المبدل، حكم الحرف المبدل منه.
ولو أبدل الحرف الأخير نونا -في بعض اللهجات القليلة، لمن يمنع من الصرف، كقول بعض العرب: حنان، وهي: الحناء، فأبدلوا الهمزة الشائعة نونا؛ فلو سمى رجل حنانا" لم يمنع من الصرف.
ويفهم مما تقدم أن الحكم بمنع الصرف للزيادة يعتمد على الحرف الزائد في المبدل منه نصا، قبل أن يصير الزائد حرفا آخر بسبب البدل؛ أي: أن العبرة هي بالأصل الشائع، لا بالبدل.
ج- إذا كان الاسم ممنوعا من الصرف للعلمية مع الزيادة وفقد العلتين أو: إحداهما -وجب تنوينه، إن لم يوجد داع آخر للمنع؛ فمثال ما فقد العلمية وحدها كلمة:"بدران" في مثل: "ادع بدرنا" واحدا من بين أصحاب هذا الاسم"، والتنوين هنا للتنكير الذي أشرنا إليه2، ومثال ما فقد الزيادة: "بدر" علم رجل، تقول: فرحت بلقاء بدر. ومثال ما فقدهما معا: "بدر" بمعنى: قمر، أحد البدور السماوية
…
1 الوقت بين العصر والمغرب.
2 في رقم 1 من هامش ص227 و249 ورقم 3 ص251.
3-
ويمنع الاسم من الصرف للعلمية مع التأنيث1. ومنعه إما واجب، وإما جائز.
أ- فالواجب يتحقق في صور2؛ منها: أن يكون العلم مختوما بالتاء الزائدة؛ المتحركة، الدالة على التأنيث. لا فرق بين العلم المذكر؛ "نحو: عنترة، معاوية، طلحة، حمزة
…
" والعلم لمؤنث؛ "نحو: فاطمة، عبلة، مية، بثينة
…
" ولا بين الثلاثي؛ "كأمة، هبة، عظة
…
أعلام نساء"، وغير الثلاثي؛ كبعض الأعلام السالفة، ولا بين ساكن الوسط، ومتحركة
…
، فجميع الأعلام المختومة بالتاء الزائدة، المتحركة، الدالة على التأنيث ممنوع من الصرف حتما3
…
1 سبق "في رقم 3 من هامش ص216" أن التأنيث ولو كان معنويا -يعتبر علة لفظية من علل منع الصرف. ومثال المعنوي الأعلام المؤنثة: زينب، سعاد، مي، سوسن
…
فإن هذه الأعلام مؤنثة تأنيثا معنويا؛ لعدم وجود علامة تأنيث ظاهرة في لفظها، ولكنها تعتبر في هذا الباب ممنوعة من الصرف لعلتين؛ إحداهما العلمية، والأخرى التأنيث الذي يعتبر هنا علة لفظية، لظهور آثاره في اللفظ. بتأنيث الضمير العائد على المؤنث، وبتأنيث الفعل له
…
هذا والمراد بالعلمية هنا ما يشمل العلمية الكاملة وجزء العلمية -طبقا للتوضيح الآتي في "و" من ص241.
2 تخضع هذه الصور أيضا للحكم الآتي في: "أ" ص239.
3 وليس من هذه النوع التاء في مثل: "أخت وبنت" فإنها -في الراجح- ليست للتأنيث، وإنما هي أصل من أصول الكلمة، كتاء:"سحت" فلو سمي بما هي فيه مذكر لم يجز منعه من الصرف.
وبهذه المناسبة نذكر أن قولنا: "التاء الزائدة في آخر الاسم للدلالة على التأنيث" أنسب وأدق من غيره فبعض النحاة يقتصر على تسميتها: "تاء التأنيث المتحركة المتأخرة" وبعضها يسميها: "هاء التأنيث". وعلى كل منهما اعتراض؛ قال الصبان، ج1 باب: المعرب والمبني عند الكلام على الملحق بجمع المذكر ما نصه: "قال في "التصريح": الفرق بين تاء التأنيث وهائه أن تاء التأنيث لا تبدل في الوقف هاء. وتكتب مجرورة "أي: متسعة مفتوحة" وهاء التأنيث يوقف عليها بالهاء وتكتب مربوطة". ا. هـ. وليس في هذا الكلام ما يدل على وجوب زيادة هذه التاء زيادة محضة لتخرج التاء في مثل: "أخت وبنت" لأنها ليست زائدة، وإنما هي مبدلة من أصل؛ هو الواو ولا يمنع الاسم من الصرف إلا مع التاء الزائدة المحض -انظر رقم 3 من هامش ص586 حيث الكلام له صلة بما هنا.
وإلى المؤنث بالتاء أشار ابن مالك بالشطر الأول من بيت نصه:
كذا مؤنث بهاء مطلقا
…
.......................-16
أي: يمنع الاسم من الصرف كالذي منع سابقا. ولكن السبب هنا هو العلمية والتأنيث اللفظي الذي تدل عليه تاء التأنيث. "وسماها": "الهاء" كغيره من بعض اللغويين والنحاة؛ نظرا لأنه يوقف عليها بالهاء -كما سبق- وكان الأول أن يقول ما قلناه: "بتاء"
…
أما الشطر الثاني للبيت فيأتي في رقم 2 من هذا الهامش.
ومنها: أن يكون غير مختوم بتاء التأنيث ولكنه علم لمؤنث، وأحرفه تزيد على ثلاثة؛ نحو؛ زينب، سعاد، مصباح، اعتماد،
…
أعلام نساء.
ومنها: أن يكون غير مختوم بها، ولكنه علم لمؤنث، ثلاثي، محرك الوسط؛ نحو: قمر، تحف، أمل
…
أعلام نساء.
ومنها: أن يكون غير مختوم بها. وغير محرك الوسط. ولكنه علم لمؤنث ثلاثين أعجمي؛ نحو: "دام، علم فتاة" - و"جور1. علم بلد" - و"موك1، علم قصر" - و"سبب، علم فاكهة".
ومنها أن يكون ثلاثيا مخالفا لكل ما سبق من الحالات، ولكنه علم منقول من أصله المذكور الذي اشتهر به إلى مؤنث: نحو: سعدن صخر، قيس
…
أعلام النساء2....
1 و1 قد يقال: كيف تمنع كلمة: "جور" وكلمة: "موك" من الصرف وجوبا مع أنهما من أسماء الأماكن. وأسماء الأماكن يجوز منعها وعدم منعها -كما سيجيء في: "ا" من الزيادة ص239- أجابوا: أن جواز الأمرين يكون حيث لا توجد العجمة -أو علة أخرى- في العلم المؤنث، فإن وجدت مع العلمية علة أخرى رجح جانب المنع وحده، تبعا للمسموع عن العرب في هذا.
2 وفي هذا يقول ابن مالك في العلم المؤنث الخالي من تاء التأنيث "مع ملاحظة أن صدر البيت الأول قد سبق في رقم 3 من الصفحة السابقة:
..........................................
…
وشرط منع العار كونه ارتقى-16
فوق الثلاث. أو: كجور، أو: سقر
…
أو: زيد اسم امرأة، لا اسم ذكر-17
يريد: أن العلم المؤنث العاري من تاء التأنيث إنما يمنع من الصرف بشرط ارتقاء أحرفه على الثلاثة، "أي: زيادتها على الثلاثة" وإلا فبشرط أن يكون أعجميا؛ مثل: "جور"، أو أن يكون ثلاثيا محرك الوسط، نحو: "سقر"، أو أن يكون علما منقولا من مذكر لمؤنث، ومثل له: بـ"زيد" علم امرأة. ثم قال:
وجهان في العادم تذكيرا سبق
…
وعجمة؛ كهند، والمنع أحق-18
وجهان في العادم
…
أي: يصح وجهان في العلم الذي عدم وفقد التذكير السابق وصفه، كما عدم وفقد العجمة -ولا بد أن يكون ساكن الوسط. مثل: هند.. ومنعه أولى.
ب- والجائز يتحقق حين يكون العلم الذي للمؤنث ثلاثيا، ساكن الوسط، غير أعجمي، وغير منقول من مذكر؛ نحو: هنا مي، دعد، جمل، من أعلام النساء، فيجوز فيها تبعا للفصيح المأثور الصرف وعدمه.
أو يكون العلم المؤنث ثنائي الحروف؛ مثل: "يد"، علم فتاة، فيجوز الأمران
…
وملخص ما سبق:
أن العلم المؤنث يجب منعه من الصرف في جميع حالاته إلا حالتين يصح فيهما المنع وعدمه:
الأولى: أن يكون العلم المؤنث حرفين.
الثانية: أن يكون ثلاثيا، ساكن الوسط. غير أعجمي، وغير منقول من المذكر للمؤنث.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
أ- ما سبق هو الأصل العام الذي يراعى تطبيقه في الاستعمال، مع ملاحظة أن يجانبه أصلا آخر يصح تطبيقه أيضا -إن لم يوجد مانع1، وهو خاص بأسماء الأرضين، والقبائل، والأحياء2، وأسماء الكلمات: ومنها حروف الهجاء، وحروف المعاني، "مثل: إن، لم
…
" والأفعال
…
فيصح في كل ما سبق الصرف على إرادة تأويلها بشيء مذكر المعنى؛ كتأويل الأرض بالمكان، والقبيلة بالجد الأول لهاء والحي بالخط، أو بالمكان
…
وحرف المعننى والفعل، بإرادة "اللفظ" وهكذا
…
كما يصح منع الصرف على إرادة تأويلها بشيء مؤنث المعنى؛ كتأويل الأرض بالبقعة، وكذا القبيلة. "ولفظها مؤنث أيضا"، والحي بالبقعة أو بالجهة، وأسماء حروف الهجاء وحروف المعاني والأفعال. بالكلمة
…
؛ فأمثال تلك الأعلام الخاصة بشيء مما سبق يجوز فيها الصرف وعدمه بمراعاة أحد الاعتبارين السالفين. إلا إن وجد سبب آخر للمنع غير التأنيث المعنوي؛ فعند ذلك يراعى السبب الآخر -على الأرجح- كتغلب، علم قبيلة؛ فيمنع من الصرف للعلمية ووزن الفعل. وكذا:"تعز" علم بلد يميني
…
ومثل "بغدان" علم على "بغداد"؛ فيمنع من الصرف للعلمية والزيادة
…
وهكذا
…
ب- إذا سمي المذكر باسم مؤنث خال من التاء فإن كان ثلاثيا صرف مطلقا، وإلا وجب منعه من الصرف بشروط أربعة:
أولهما: أن يكون رباعيا فأكثر؛ حقيقة؛ كزينب. أو تقديرا، كجيل، مخفف: جيئل3.
ثانيها: ألا يكون التذكير هو الأصل الأول فيه قبل استعماله علما مؤنثا؛
1 انظر في رقم 3 هامش ص236.
2 جمع حي، وهو: الخط، أي: الناحية من البلد.
3 اسم للضبع.
فلا يعرف استعماله إلا مذكرا قبل العلمية المؤنثة؛ مثل: "دلال" علم امرأة؛ فإنه علم منقول من التذكير وحده؛ إذ أصله مصدر، ولم يستعمل مؤنثا قبل التسمية المؤنثة. فإن سمي به بعد ذلك مذكر وجب صرفه.
ثالثها: ألا يكون من الأسماء التي تستعمل مذكرة ومؤنثة قبل استعماله علما للمذكر؛ نحو؛ ذراع؛ فإنها مذكرة ومؤنثة. فإن سمي بها مذكر وجب صرفها1
…
رابعها: ألا يكون تأنيثه مبنيا على تأويل خاص يجعله غير لازم؛ كتأنيث أكثر جموع التكسير؛ مثل كلمة "رجال". فإن تأنيثه "رجال" -وأشباهها- مبني على تأويله بالجماعة2 وهذا التأويل غير لازم؛ إذ يصح تأويله بالجمع. والجمع مذكر. فإذا سمى مذكر بكلمة: "رجال" وجب صرفه.
ج- إذا سمي مذكر أو مؤنث بعلم منقول عن جمع المؤنث السالم "نحو: فاطمات، زينبات، عطيات، ثمرات، مهجات
…
" جاز في هذا العلم المنقول عدة لغات؛ أشهرها: بقاؤه مصروفا؛ "مراعاة لحالة الجمع السابقة التي نقل منها، وكان فيها التنوين قبل أن يصير علما"، ويصح منعه من الصرف، بشرط أن يكون هذا الجمع المؤنث علما -بعد نقله- على مؤنث؛ فتراعى حالة تأنيثه القائمة، أو أن يكون مفرده دالا على مؤنث، فيراعى حالة التأنيث في مفرده. فلا بد من العلمية
…
ومعها ما يدل على أن هذا الجمع للتأنيث3
…
د- إذا امتنع صرف الاسم لللعمية مع التأنيث وزال أحدهما، أو زالا معا وجب تنوينه؛ إن لم يوجد داع آخر للمنع. فمثال زوال العلمية: لم أتحدث إلى زينب من الزينبات، ولا إلى فاطمة من الفاطمات اللآتي لا أعرفهن. وهذا التنوين الحادث بعد زوال العلمية تنوين تنكير -كما تقدم.
1 هذا الشرط إيضاح للثاني الذي يشمله ضمنا.
2 كما سبق في باب الفاعل ج2 ص65 م66.
3 كما سيجيء في "1" ص264، وسبقت الإشارة له في ص202 وفي رقم 1 من هامش ص203 -وفي ج1 ص109 م12.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومثال ما فقد التأنيث: محمد - علي....
ومثال ما فقدهما: رجل، غلام.
هـ- التأنيث الذي يلاحظ عند منع الصرف قد يكون لفظيا فقط "بوجود علامة تأنيث ظاهرة في علم يراد به مذكر"؛ نحو: "معاوية، حمزة" وقد يكون معنويا فقط؛ بأن يدل لفظ على مؤنث مع خلوه من علامة تأنيث ظاهرة"، كزينب. وقد يكون لفظيا ومعنويا معا؛ كعائشة
…
و كما يمتنع صرف الاسم للعلمية مع التأنيث -بالشروط والتفصيلات السابقة- يمتنع كذلك الجزء من العلم مع التأنيث؛ كما في كلمتي: "قحافة، وهريرة"، وهما جزءان مؤنثان، من علمين قديمين، مضافين، أحدهما:"أبو قحافة" والآخر: "أبو هريرة"، فيجري على هذا المضاف إليه، -وهو الجزء المؤنث من العلم- ما يجري على العلم الكامل المؤنث، من أحكام الصرف وعدمه1.
1 وقد سبقت الإشارة لهذا في رقم 1 من هامش ص236.
4-
يمنع الاسم من الصرف للعلمية مع العجمة بشرطين:
أولهما: أن يكون علما في أصله الأعجمي1 ثم ينتقل بعد ذلك إلى اللغة العربية علما2 فيها.
ثانيهما: أن يكون رباعيا فأكثر.
فمثال المستوفي للشرطين: يوسف، إبراهيم، إسماعيل
…
أ- فإن لم يتحقق الشرط الأول بأن كان الاسم غير علم في أصله الأعجمي "أي: الأجنبي مطلقا"1. فإن نقله العرب إلى لغتهم، واستعملوه أول استعماله عندهم علما، فإنه يمنع من الصرف. وإن لم يستعملوه أول استعماله عندهم علما وإنما نقلوه إلى لغتهم نكرة أول الأمر. ثم جعلوه علما بعد ذلك -لم يمنع من الصرف. فمثال ما ليس علما في اللغة الأعجمية. ولكن نقله العرب إلى لغتهم علما أول الأمر الكلمة الفارسية: "بندار""وهي اسم جنس لتاجر المعادن، وللتاجر الذي يخزن البضائع إلى زمن الغلاء". وكذلك الكلمة الرومية: "قالون" -"وهي اسم جنس للشيء الجيد". والكلمتان في اللغة الأجنبية اسما جنس؛ وليستا علمين. وقد نقلهما العرب إلى لغتهم علمين في أول استعمالهما العربي؛ ولهذا امتنع صرفهما -في الرأي الشائع.
ومثال ما ليس علما في اللغة الأعجمية ونقلة العرب إلى لغتهم نكرة أول الأمر -لا علما- "ديباج" و"لجام" و"فيروز" فكل منها في اللغة الأجنبية اسم جنس يدل على المعنى المعروف. وقد نقله العرب إلى لغتهم اسم
1 و1 أي: غير العربي مطلقا؛ فالمراد باللفظ: "الأعجمي و: الأجنبي" عام يشمل كل لفظ من لغة أجنبية عن لغة العرب.
2 وقد يدخل عليه بعض تغيير يسير في الحروف، وضبطها "إما لتخفيف النطق به؛ وإما لتقريبه من الصيغ العربية"
…
أو لا يدخل. وقد يكون على الأوزان العربية "نحو: خرم" أو خارجا عنهما "نحو: خراسان" -راجع كتاب سيبويه ج2 ص342.
وإذا أدخل العرب على اللفظ الأجنبي عند استعمالهم إياه علما أو غير علم، تغييرا ولو يسيرا، فإنه يسمى بعد هذا التغيير:"معربا" وإن تركوه على حاله سمي عندهم: "أعجميا" -كما سيجيء في رقم 3 من هامش ص591.
جنس كذلك في أول الأمر، فلا يجوز منعه من الصرف، ويظل حكم الصرف باقيا بعد أن يصير علما.
بناء على الشرط السابق لا بد لمنع الاسم الأجنبي من الصرف للعلمية والعجمة أن يكون: إما علما في اللغة الأجنبية، ثم ينتقل منها علما في العربية. ليستعمل أول أمره علما فيها، دون أن يسبق له في لغة العرب استعمال آخر قبل هذه العلمية، وإما أن يكون غير علم في اللغة الأجنبية، ولكنه ينتقل إلى العربية، فيستعمل فيها أول استعمالاته علما.
ويرى فريق من النحاة أنه لا داعي لاشتراط علميته في لسان الأعاجم قبل نقله علما إلى لغتنا. وهذا الرأي أحق بالاتباع والتفضيل اليوم؛ لأنه علمي، فيه نفع وتيسير بغير إساءة للغتنا؛ فمن العسير الآن -بل من المستحيل واللغات الأجنبية تتجاوز المئات- أن نهتدي إلى أصل كل لفظ أجنبي نريد التسمية به. ونعرف: أهو علم في اللغة الأجنبية قبل انتقاله علما إلى لغتنا فنمنعه من الصرف، أم غير علم فلا تمنعه؟
هذا والأعلام الأجنبية التي انتقلت إلى العربية قد يكون الناقل لها هم العرب الفصحاء الأوائل؛ أخذوها عن الأجانب. ونقلوها إلى اللسان العربي بغير تغيير في الحروف وضبطها، أو بتغيير يسير1. وهذا حق لهم. ومن الواجب التقيد في كل علم أجنبي استعمله العرب بالطريقة التي استعملوها في نطقه، وضبط حروفه. وقد يكون الناقل لها من جاء بعد العرب الفصحاء من المحدثين. وهذا النقل جائز، وحق مستديم لهؤلاء. ولا يزالون حتى اليوم على نقلها واستعمالها أعلاما، وسيستمرون على هذا. ومن الأمثلة:"إبراهيم وإسماعيل"، وهما من الأعلام في لغة الأعاجم وقد نقلهما العرب علمين أيضا. من الأمثلة الأخرى التي نقولها واتخذوها أعلاما أول الأمر مع أنها لم تكن في اللغة الأجنبية أعلاما كلمة:"فرفج"
…
ومعناها الفارسي" عريض الجناح. وكلمة: "طسوج". ومعناها: الناحية. وكلمة: "فنزج"، ومعناها: رقص. وكلمة: "ساذج"، ومعناها: غض طري
…
1 للسبب الذي تقدم في رقم 2 من هامش الصفحة السابقة.
فهذه الكلمات ونظائرها ليست أعلاما في اللغة الفارسية ولكن العرب الأوائل نقلوها إلى لغتهم، واتخذوها أعلاما أول الأمر، ثم غير أعلام بعد ذلك. ومن الأعلام المنقولة حديثا إلى لغتنا: مرقص - جوزيف - فكتور
…
فكل ما سبق ممنوع من الصرف وجوبا1 للعلمية والعجمية.
ب- وإن لم يتحقق الشرط الثاني بأن كان العلم الأعجمي ثلاثيا فإنه لا يمنع من الصرف "سواء أكان ساكن الوسط، أم متحرك الوسط
…
؛ مثل: "نوح2 ومثل: شتر، "علم على حصن". وكذلك إن كان رباعيا لاشتماله على ياء التصغير؛ فإنه في حكم الثلاثي؛ لا يمنع من الصرف.
ويرى بعض النحاة أن الثلاثي ساكن الوسط يجوز صرفه ومنعه من الصرف، وأن المتحرك الوسط واجب المنع من الصرف. والأحسن الأخذ بالرأي الأول3
…
1 في الرأي الأرجح. وإذا كان العلم الأعجمي قد دخل العربية قديما أو حديثا وهو ساكن الآخر لزوما "بسبب وجود حرف علة ساكن في آخره، أو ضبط الحرف الأخير بالسكون أصالة؛ مثل: "ابن جني، وابن سيده
…
بسكون الياء في الأول من غير تشديد، وسكون الهاء في الثاني
…
" فإنه يعرب -في أقوى الآراء- إعراب الممنوع من الصرف، ولكن بعلامات مقدرة على آخره في جميع حالاته.
2 انظر ما يختص بهذه الكلمة -وأمثالها- في: "ا" من الصفحة الآتية.
3 وفي منع الصرف للعلمية مع العجمة يقول ابن مالك.
والعجمي الوضع والتعريف مع
…
زيد على الثلاث صرفه امتنع-9
"زيد= زيادة. العجمي الوضع والتعريف= أي العجمي في وضعه وتعريفه"؛ بأن يكون اسما أعجميا معرفة بالعلمية في لغة العجم، فإن لم يكن معرفة بأن كان في أصله وصفا لشيء لم يجز في رأي ابن مالك منعه من الصرف. وهو بهذا يسير على الرأي يشترط أن يكون الاسم أعجميا وعلما عند الأعاجم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
أ- أسماء الملائكة ممنوعة من الصرف للعلمية والعجمة، إلا: مالكا، ومنكرا ونكيرا، فهذه الثلاثة مصروفة
…
وأما "رضوان" فممنوع من الصرف للعلمية والزيادة.
وأسماء الأنبياء ممنوعة من الصرف إلا محمدا، وصالحا، وشعيبا، وهودا، ولوطا، ونوحا1، وشيئا وشيئا. وسبب المنع: العلمية والعجمة، وأما "موسى" اسم النبي فممنوع من الصرف؛ لورده في السماع الأغلب كذلك.
وأما لفظ "موسى" الذي ليس اسما للنبي، وإنما هو اسم للأداة التي للحلق فيصح صرفه ومنعه من الصرف، فيصرف إن كان من أوسيت رأسه إذا حلقته، فالرأس موسى: كمعطي. ويكون ممنوعا إن كان فعله: ماس يميس؛ فهو "فعلى" منها، قلبت الياء واوا لوقوعها بعد ضمة "كما قلبت في: موقن، من أيقن" ومنع الصرف لألف التأنيث المقصورة.
وأما "إبليس" فممنوع من الصرف للعلمية والعجمة؛ على اعتباره أعجمي الأصلي، وأما على اعتباره عربي الأصلي مشتق من الإبلاس؛ وهو الإبعاد، فممنوع من الصرف أيضا، ولكن للعلمية وشبه العجمة؛ لأن العرب لم تسم به أصلا؛ فكأنه من غير لغتها، بالرغم من أن صيغته لها نظائر أصيلة في العربية؛ مثل: إكليل، إقليم
…
ب- وضع النحاة علامات غالبية2؛ يعرف بها الاسم الأعجمي.
منها: أن يكون وزنه خارجا عن الأوزان العربية؛ مثل: إبراهيم، وإبريسم.
ومنها: أن يكون رباعيا أو خماسيا مع خلوه من حروف الذلاقة، وهي ستة، جمعها بعضهم في "مر بنفل".
1 انظر ما يختص بهذه الكلمة -وأمثالها- في: "ب" من الصفحة السابقة.
2 سجلها كثير منهم -كالهمع، والأشموني
…
- ومن المهم التنبه إلى أنها غالبية، وليست مطردة.
ومنها: أن يجتمع في الاسم من أنواع الحروف ما لا يجتمع في الكلمة العربية الصميمة؛ كاجتماع الجيم والقاف بفاصل، أو بغير فاصل بينهما؛ مثل:"جرموق"1، ومثل:"قج"2. و"جيقة"3 واجتماع الصاد والجيم في مثل: صولجان، والكاف والجيم في نحو: سكرجة، والراء بعد النون في أول الكلمة؛ نحو؛ نرجس، والزاي بعد الدال في آخر الكلمة؛ مثل: "مهتذر".
ومنها: أن ينص الأئمة الثقات على أن الكلمة أعجمية الأصل.
ج- إذا فقد الاسم الممنوع من الصرف علميته أو عجمته، أو هما معا وجب تنوينه -كما عرفنا- إن لم يكن هناك داع آخر للمنع. فمثال فاقد العلمية: تكلم إبراهيم واحد في الحفل، وناب عن غيره ممن يشاركونه في الاسم. ومثال فاقد العجمة: مصطفى، مأمون، أمين
…
ومثال فاقدهما: إنسان، صبي
…
1 جورب من جلد لين، رقيق، يمتد إلى الساق.
2 رجل.
3 ناقة هرمة.
5-
يمنع الاسم من الصرف للعلمية ع وزن الفعل -سواء أكان الفعل ماضيا أم مضارعا، أم أمرا- إذا تحققت صورة من ثلاث:
الأولى: أن يكون العلم على وزن خاص: إما بالفعل الماضي وحده -دون مرفوعه1؛ كالماضي الذي على وزن: "فعل" بالتشديد نحو: صرح - علم - كلم
…
؛ وكالماضي المبني للمجهول في مثل: حوكم، عوفي، كرم
…
، وكالماضي المبدوء بهمزة وصل، أو بناء زائدة للمطاوعة أو غير المطاوعة، نحو: انتفع، استفهم، تسابق، تقابل، تعلم، تبين
…
، فإذا صارت هذه أو فعال وحدها، "دون مرفوعها1" أعلاما منقولة وجب منعها من الصرف للعلمية مع وزن الفعل. ووجب أن تصير همزة الوصل التي في أولها همزة قطع، تظهر في النطق وفي الكتابة، "كما هو الشأن في كل همزة وصل في أول اللفظ، ثم قد صار علما منقولا؛ سواء أكان منقولا من فعل أم غير فعل. فإنها تصير للقطع"2.
فإذا نقلت الأفعال هي ومرفوعها فلا تمنع من الصرف؛ لأن العلم صار: "جملة محكية".
وإما على وزن خاص بالمضارع، أو بالأمر دون فعلهما إذا كان الوزن من غير الثلاثي3؛ نحو: يدحرج، ينطلق، يستخرج. ونحو: دحرج، انطلق،
1 و1 مرفوعه هو: الفاعل ونائبه.
2 تصير همزة الوصل التي في أول الفعل أو غيره همزة قطع إذا صار الفعل أو غيره علما منقولا؛ يتساوى في هذا الأسماء بأنواعها المختلفة -ما عدا لفظ الجلالة: "الله" فله الأحكام الخاصة التي سبق في رقم 2 من هامش ص36- وغير الأسماء "كما سبقت الإشارة لهذا في رقم 3 من هامش ص38 ورقم 3 من هامش ص109" وقد نص على هذا الصبان في آخر باب النداء عند قول ابن مالك:
"وباضطرار خص جمع "يا" و"أل".. وتضمن بعضه كذلك كلام "التصريح"، وسجله الخضري أيضا في لموضع نفسه وزاده إيضاحا وتعليلا سائغا يجب الاكتفاء به. وكذلك نص عليه المعنى "في ج2 الباب السابع".
لكن الصبان سها؛ فنقل عن بعضهم شرطا يخرج بعض الأسماء من هذا الحكم والصواب أن الحكم عام مطلق. وكان سهو الصبان في الجزء الثالث من حاشيته، في باب "الممنوع من الصرف" عند الكلام على بيت ابن مالك:
"كذلك ذو وزن يخص الفعلا
…
" وكذلك في جزئه الرابع. في باب: "همزة الوصل" عند الكلام على الماضي المبدوء بها".
3 لأنهما من غير الثلاثي يكونان على وزن يكاد يختص بالفعل، ولا يوجد في غيره إلا نادرا.
استخرج. إلا الأمر من الفعل الدال على المفاعلة؛ فإنه ليس خاصا بالفعل، ولا غالبا فيه، نحو: قاوم، قاتل، عارض
…
فنظائره من الأسماء كثيرة على هذا الوزن، نحو: راكب، فاضل، صاحب
…
ولا يخرج الصيغة عن اختصاصها بالفعل أني كون العرب قد استعملوها قليلا في غيره؛ كاستعمالهم صيغة الماضي الذي على وزن: "فعل" علما، نحو:"خضم" علم رجل تميمي، و"شمر" علم فرس. أو استعملوها نادرا بصيغة المبني للمجهول، نحو:"دثل" علم قبيلة، أو بصيغة المضارع؛ نحو:"ينجلب"، الخرزة، و"تبشر" لطائر
…
و"تعز" لمدينة في اليمن. و"يشكر" لقبيلة هجاها الشاعر بقوله:
و"يشكر" لا تستطيع الوفاء
…
وتعجر "يشكر" أن تغدوا
وكذلك لا يخرجها عن اختصاصها بالفعل أن يكون لها نظير في لغة الأعاجم "أي: الأجانب، غير العرب" مثل "رند": علم فتاة و"طسج" علم نبات، و"بقم" علم صبغ، و"يجقب" علم رجل رسام..
الثانية: أن يكون العلم على وزن مشترك بين الاسم والفعل، ولكنه أكثر في الفعل: كصيغة "افعل"، "نحو: إثمد1، اجلس" وكصيغة:"افعل""نحو: "أبلم"2، اكتب". وكصيغة: "افعل""نحو: إصبع، اسمع" فإذا سمي بعلم منقول من هذه الصيغ وجب منعه من الصرف للعلمية ووزن الفعل؛ لأنه وزنه هو الأغلب استعمالا، والأكثر بين هذه الأوزان.
الثالثة: أن يكون العلم على وزن مشترك بين الاسم والفعل. شائع فيهما معا، ولكنه أنسب وأليق بالفعل؛ لاشتماله على زيادة تدل على معنى في الفعل، ولا تدل على معنى في الاسم، نحو: أفكل3، وأكلب، وتنفل4، فإنها على وزن: أفهم، وأكتب، وتنصر
…
لكن الهمزة والتاء في الأسماء الثلاثة لا تدل على معنى، في حين أن الهمزة في "أفهم وأكتب" تدل
1 كحل.
2 نوع من البقل.
3 هي الرعشة والرعدة.
4 ثعلب.
على المتكلم، والتاء في "تنصر" تدل المخاطب أو على المؤنثة الغائبة. فالفعل المبدوء بالزيادة التي لها معنى أقوى من الاسم المبدوؤ بها، من غير أن تدل على معنى فيه. فإذا جاء العلم على الوزن المشترك بينهما كان أقرب إلى الفعل، فيمنع من الصرف للعلمية ووزن الفعل1
…
ويفهم مما تقدم أن العلم إذا كان على وزن مشترك بين الأسماء والأفعال على السواء من غير ترجيح لناحية الفعل -لا يجوز منعه من الصرف، كشجر؛ فإنه يوازن: ضرب؛ وكجعفر؛ فإنه يوازن: دحرج.
ويرى بعض، بعض النحاة أن مثل هذا العلم يمنع من الصرف ما دام منقولا من فعل: نحو: صابر؛ منقولا من فعل أمر، و"ظفر" منقولا من الماضي، وقد يكون إهمال هذا الرأي أحسن2
…
1 ملاحظة: قال ابن قتيبة في كتابه: "أدب الكاتب"، باب:"ما لا ينصرف" ما نصه: "كل اسم في أوله زيادة؛ نحو: يزيد، ويشكر، ويعصر، وتغلب، وإصبع، وأبلم، ويرمع، وإثمد،
…
، كل هذا لا ينصرف في المعرفة، وينصرف في النكرة. هذا إذا كان الاسم بالزيادة مضارعا للفعل. فإن لم يكن مضارعا للفعل صرفته؛ نحو: يربوع. وأسلوب، وإصليت، ويعسوب
…
". ا. هـ.
2 وفي منع الاسم من الصرف للعلمية ووزن الفعل يقول ابن مالك مقتصرا على النوعين الأولين من وزن الفعل.
كذاك ذو وزن يخص الفعلا
…
أو غالب، كأحمد ويعلى-20
أي: كذلك يمنع الاسم من الصرف إن كان علما على وزن يختص بالفعل، أو يغلب في الفعل فالمختص بالفعل؛ نحو:"يعلى"، علما. والغالب، نحو:"أحمد"؛ وهو علم منقول من المضارع وقد يكون منقولا من أفعل التفضيل الذي فعله: "حسد" فيكون منقولا من وصف لا من فعل مضارع. وقد يدخله تنون التنكير -أحيانا- إذا لم يدل على معين.
"انظر. ج من ص235، ورقم 3 من هامش ص251".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
أ- لا يمنع العلم من الصرف إذا كان على وزن الفعل إلا بشرط أن يكون هذا العلم ملازما -في الأغلب- صيغة ثابتة في كل أحواله لا تتغير، وأن تكون صيغة الفعل أصلية لم يدخلها تغيير؛ وألا يخالف العلم الطريقة السائدة في الفعل. فكلمة:"امرئ" -مثلا- يجوز في "رائها" أن تكون مضمومة، أو مفتوحة، أو مكسورة؛ تبعا للهمزة ومسايرة لها، فإذا كانت الهمزة مضمومة جاز أن تتبعها الراء، وإذا كانت مفتوحة أو مكسورة جاز أن تتبعها الراء في الحالتين ذلك؛ تقول: جاء امرؤ نابه -كرمت امرأ نابها- أثنيت على امرئ نابه، فإذا كانت الراء مضمومة فالكلمة مكسورة فهي على وزن الفعل:"اجلس" فهذه الموازنة في الصور الثلاث لا يعتد بها في منع الصرف. فإذا صارت كلمة: "امرئ" علما، لم تمنع من الصرف؛ لأنها لا تثبت على حال واحدة في استعمالاتها المختلفة، ولا تلازم وزنا واحدا تقتصر معه على وزن فعل واحد.
وكذلك الاسم: "قفل" فإنه على وزن الفعل الماضي المبني للمجهول: "رد". والاسم "ديك" على وزن الفعل الماضي المبني للمجهول: "قيل" و"بيع" وبالرغم من هذا فإن الاسمين: "قفل وديك" -وما يشبههما- لا يمنعان من الصرف إذا صارا علمين؛ لأن وزن الفعل هنا ليس أصليا خاليا من تغيير سابق؛ إذ الفعل: "رد" أصله ردد -بضم فكسر، وأدغمت الدلان؛ فصار؛ "رد" فهذه الصيغة جاءت متأخرة عن صيغة أصلية سابقة لا توزانها كلمة: قفل.
وصيغة الفعل "قيل" المبنية للمجهول: ليست أصيلة، في هذا الوزن؛ وإنما أصلها:"قول" نقلت حركة الواو للقاف بعد حذف الضمة1، ثم قلبت الواو
1 وذلك ليمكن قلب الواو ياء. والوصول إلى بناء الماضي المعتل العين -للمجهول، "طبقا لقاعدة البناء المجهولة -وقد سبقت في ج2، ص86 م67 وهي تبيح أن تكون فاء هذا المعتل إما خالصة الكسر وإما خالصة الضم
…
إلخ".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ياء، لوقوعها بعد الكسرة المنقولة للقاف، فصارت الكلمة:"قيل" بصيغة طارئة؛ بسبب نقل حركة الواو، وقب هذه الواو ياء.
وكذلك صيغة الفعل: "بيع" ليست أصيلة؛ لأن أصلها: "بيع، نقلت حركة الياء إلى ما قبلها1 بعد حذف الضمة؛ فصارت: "بيع"، بصيغة جديدة، نشأت من نقل الحركة وحذف الأخرى.
فصيغة الفعلين -وأشباههما- عند بنائهما للمجهول ليست هي الصيغة الأصلية، وإنما هي صيغة مستحدثة؛ لا يعتد بها في منع العلم من الصرف، فلو صارت كلمة:"قفل" أو: "ديك" علما لم يجز منعها من الصرف للعلمية مع وزن الفعل، لأن شرط وزن الفعل لم يتحقق
…
أما مخالفة العلم للطريقة السائدة في الفعل فتظهر في كلمة مثل: ألبب2 فإنها على وزن المضارع: أنصر، أو: أكتب. فإذا صارت علما فإنها لا تمنع من الصرف للعلمية مع وزن الفعل، لأن المضارع المماثل لها يغلب على عينه ولامه الإدغام إذا كانا من نوع واحد، مثل:"أعد وأصد"؛ فأصلهما: أعدد، وأصدد، ثم وقع الإدغام. فإذا صار "ألبب". وما شابهه علما لم يصح منعه من الصرف للعلمية ووزن الفعل؛ بسبب مخالفته الفعل في الإدغام. وهذا رأي فريق من النحاة.
ويرى سيبويه منعه من الصرف؛ لأن الفك "عدم الإدغام" قد يدخل الفعل لزوما كما في التعجب مثل؛ أشدد بفلان، وجوازا في مثل: "اردد. ولم يردد، وفي بعض ألفاظ مسموعة
…
والأفضل الاقتصار على رأي سيبويه لأنه أنسب وأيسر.
ب- إذا كان الاسم ممنوعا من الصرف للعلمية مع وزن الفعل وزالا معا أو أحدهما وجب تنوينه إن لم يوجد مانع آخر؛ فمثال ما فقد العلمية؛ لقد أثنيت على أحمد3 واحد من حملة هذا الاسم فاز بالسبق "بتنوين كلمة:
1 عملا بالحكم الذي في الهامش السالف.
2 جمع: لب، بمعنى: عقل.
3 كان حقه إذا زالت علميته أن يعود إلى وصفيته الأولى؛ كما عرفنا في: "أحمر" وأمثاله إلا أن "أحمد" أوغل في العلمية وأقوى؛ حتى نسيت وصفيته أو كادت "انظر رقم 1 من هامش ص231 ومن ص249".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحمد". ومثال ما فقد وزن الفعل: علي..، ومثال ما فقدهما معا: شجاع، نبات.
وقد تزول العلمية ويبقى الاسم ممنوعا من الصرف. وهذا حين يكون العلم في أصله وصفا قبل العلمية، كأحمر، وأشرف؛ علمين؛ فإنهما يمنعان من الصرف للعلمية ووزن الفعل، بعد أن اختفت الوصفية وحلت محلها العلمية. فإن زالت العلمية لم ينصرفا أيضا؛ لأن الوصفية ستعود؛ فيمنعان للوصفية مع وزن الفعل.
ج- من المفيد الرجوع إلى "الملاحظة" المدونة بهامش ص211 لاستنابة الصلة بينها وبين موضوع العلمية ووزن الفعل.
6-
ويمنع الاسم من الصرف للعلمية مع ألف الإلحاق المقصورة.
بيان هذا: أن العرب كانوا يلحقون بآخر بعض الأسماء ألفا زائدة، لازمة، مقصورة أو ممدودة، فيصير الاسم على وزن اسم آخر1، ويخضع لبعض الأحكام اللغوية التي يخضع لها ذلك الاسم الآخر -ومنها: الصرف، وعدمه- وتسمى هذا الألف:"ألف الإلحاق" ومن أمثلتها: "علقى"، علم لنبت، و"أرطى"2، علم لشجر، وهما ملحقان بجعفر. وصح منعهما2 من الصرف للعلمية وألف الإلحاق المقصورة؛ لأن ألف الإلحاق المقصورة في الكلمتين زائدة لازمة، وزيادتها اللازمة في آخرهما جعلتهما على وزن "فعلى" المختومة بألف التأنيث المقصورة اللازمة التي يمتنع صرف الاسم بسبب وجودها -فلما أشبهت ألف الإلحاق المقصورة في زدياتها ولزومها ألف التأنيث المقصورة، وجعلت وزن الاسم جاريا على الوزن الخاص بهذه- امتنع صرفه معها كما يمتع مع ألف التأنيث3؛
1 قال السيوطي "في همع الهوامع ج1 ص32، الباب الثاني، ما لا ينصرف ما نصه: "الإلحاق أن نبني -مثلا- من ذوات الثلاثة كلمة على بناء يكون رباعي الأصول؛ فتجعل كل حرف مقابل حرف. فتفي "أي: تنتهي" أصول الثلاثية؛ فتأتي بحرف زائد مقابل للحرف الرابع من الرباعي الأصول، فيسمى ذلك الحرف -الذي زاد- حرف الإلحاق". ا. هـ.
وعلى هذا الكلام مآخذ متعددة. يغنينا عن عرضنا وتأييدها أن ألف الإلحاق تكاد تنحصر في كلمات مسموعة قليلة معدودة، وليس لها أحكام هامة، وأن الإلحاق "في الرأي الأصح، طبقا للتفصيل الشامل الذي جاء في الهمع، ج2 ص217 باب التصريف"- خاص بالعرب أنفسهم، وقد انتهى بانتهاء عصور الاحتجاج بكلامهم، وقد حددها المجمع اللغوي القاهري بآخر القرن الثاني الهجري في المدن، وآخر الرابع في البوادي.
2، 2 في الرأي الشائع. وقيل إن ألف "أرطى" أصلية؛ فالكلمة منونة دائما.
3 هذا تعليل كثير من النحاة، وهو تعليل مرفوض؛ لأن العلة الحقيقية هي استعمال العرب ليس غير.. وبمثل هذا يحكم على ما يقولونه في تعليل صرف الاسم المختوم بألف الإلحاق الممودة، وأنها لا تشبه ألف التأنيث الممدودة في منع الصرف. والعلة -عندهم- أن همزة ألف الوصل الممدودة كانت ألفا في الأصل، ثم انقلبت همزة حين وقعت بعد ألف زائدة للمد -كما سبق عند الكلام عليها في ص205 و207- أما ألف الإلحاق الممدودة، كعلباء، "اسم لقصبة العنق" وهي مزيدة للإلحاق بكلمة:"قرطاس"، وليست على أوزان الممدودة فمنقلبه عن "ياء" فليس بين الهمزتين تشابه أصلها.. هكذا يعللون والصواب ما عرضناه.
وفي منع الصرف للعلمية وألف الإلحاق يقول ابن مالك:
وما يصير علما من ذي ألف
…
زيدت لإلحاق فليس ينصرف-21
إلا أن ألف التأنيث أصيلة في المنع؛ فيكفي وجودها وحدها للمنع، دون أن ينضم إليها بسبب آخر. أما ألف الإلحاق فلا بد أن ينضم لها العلمية تقول: هذا علقى يتكلم عرفت علقى يحسن الخطابة، استمعت إلى علقى، فهو ممنوع من الصرف للعلمية وألف الآلحاق المقصورة.
ومن أمثلة المقصورة: رجل عزهى "أي: لا يلهو": وزنها "فعلى" ولا تكون الكلمة المختومة بألف الإلحاق المقصورة على وزن "فعلى"، بضم الفاء. أما ألف الإلحاق الممدودة -مثل: علباء- فلا تمنع من الصرف1
…
1 السبب الذي تقدم في رقم 3 من هامش الصفحة السابقة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
أ- إذا فقد هذا الاسم الممنوع من الصرف علميته أو ألف الإلحاق أو هما معا، دخله التنوين، إلا إذا منع مانع آخر؛ فمثال فاقد العلمية: رأيت أرطى كثيرا، ثمره كالعناب يغذي الإبل "بتنوين "أرطى" للتنكير".
أما استعماله بغير ألف الإلحاق فليس معروفا.
ب- لا تكون ألف الإلحاق المقصورة1 إلا في وزن خاص بألف التأنيث المقصورة وكهما حرف زائد، لازم، غي رمبدل من شيء آخر. ويجوز في الاسم المختوم بألف الإلحاق أن تلحقه تاء التأنيث مع التنوين، بشرط أن يكون غير علم؛ مثل: هذه أرطاة، أو علقاة
…
ولكن هذه التاء لا تلحق الاسم المختوم بألف التأنيث2؛ ولهذا لم تجعل الألف في "أرطى" وعلقى -وأشباههما- للتأنيث3
…
أما كلمة: "تترى" وبعض أسماء أخرى فقد سمعت منونة وغير منونة على اعتبار الألف للتأنيث فتمنع من الصرف، أو للإلحاق فلا تمنع.
1 دون الممدودة.
2 لكيلا يجتمع في الاسم علامتان للتأنيث.
3 انظر رقم 2 من هامش ص253.
7-
ويمنع الاسم من الصرف للعلمية مع العدل1. ويتحقق هذا في عدة صور، أهمها خمس:
الأولى: ما كان من ألفاظ التوكيد المعنوي جمعا على وزن: "فعل"2؛ وهو: "جمع، كتع3، بصع4، بتع5"؛ مثل: احتفيت بالنابغات كلهن جمع، كتع، بصع، بتع، فكل جمع من هذه الأربعة التي على وزن:"فعل" توكيد لكلمة: "النابغات"، مجرور بالفتحة بدل الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية مع وزن:"فعل"، المجموع، سماعا6.
1 في رقم 1 من هامش ص222 تعريفه وتقسيمه.
2 سبق الكلام عليها في باب التوكيد "ج3 ص417 م116". ومما ذكر هناك يتبين أنها أعلام جنسية، يصح جمعها جمع مذكر سالما. وليس بين الأعلام الجنسية ما يجمع هذا الجمع سواها "طبقا للبيان المدون هناك".
3 من كتع الجلد، بمعنى: تجمعه.
4 من يصع العرق، بمعنى: تجمعه.
5 من البتع، وهو: طول العنق مع قوة تماسك أجزائه.
6 أما العلمية فلما سبق "في الجزء الثالث ص384 م116" من أن هذه الألفاظ معارف بالعلمية؛ إذ كل واحد منها علم جنس يدل على الإحاطة والشمول
…
وأما التعبير بوزن: "فعل" السماعي فتعبير أصح وأدق وأقرب للحقيقة من التعبير "بالعدل" الذي ارتضاه كثير من النحاة، وحاولوا جاهدين تأييده، والدفاع عنه أمام المعارضين. فلم ينجحوا في دفاعهم. يقولون:
إن هذه الصيغ الأربع التي على وزن "فعل" جموع تكسير، مفرداتها: جسماء، كتعاء، بصعاء، بتعاء. فالمفرد على وزن:"فعلاء" والمفرد إذا كان اسما على وزن "فعلاء" يكون القياس في جمعه: "فعلاوات" لا "فعل". وأيضا فإن تلك المفردات هي المؤنث للألفاظ المذكرة: أجمع، أكتع، أبصع، أبتع. وهذه المفردات المذكرة تجمع جمع مذكر سالما. فحق مؤنثاتها أن تجمع جمع مؤنث سالما لا جمع تكسير؛ لتساير نظائرها المذكرة في الجمع المناسب لكل منهما. ثم يقولون:"وهذا قول البصريين الذين يمنعنون جمع "فعلاء" جمع مؤنث سالما" -إن العرب لم تفعل هذا ولكنها تركت الجمع المناسب لتلك الألفاظ إلى جمع آخر لا يناسبها، ومنعت الجمع غير المناسب من الصرف
…
؛ فكان هذا الترك وهذا المنع دليلين على عدولها. وكلام غير هذا كثير، والاعتراض عليه أكثر وأقوى.
فلو صح أن العرب عدلت عن جمع إلى آخر، فما حكمة عدولها؟ وما حكمة منع الصرف للدلالة على جمع أهملته وعدلت عنه؟ وهل يعرف العرب الأوائل القياس وغير القياس كما اصطلح النحاة عليه؟ وأن الجمع القياسي لفعلاء هو: الجمع بالألف والتاء، وغيره مخالف للقياس؟ ولم لا يكون القياس هو ما فعلته العرب في هذه الألفاظ؟ وهل يفكر العربي ويطيل التفكير المنطقي على هذا الوجه قبل أن ينطق بالكلمة وجمعها؟ و
…
و
…
كل هذا غير معقول ولا واقعي. وقد أشرنا إليه كثيرا في ثنايا الأجزاء المختلفة، وأوضحنا وجوه الخطأ فيه، وأن بعض النحاة حين يريدون أن تكون القاعدة مطردة يتكلفون ويتجاوزون المقبول. ولما كان مرد الأمر كله لنطق العربي الفصيح كانت العلة الحقيقية هي السماع عنه، ومثل هذا يقال في كل ما كان العدل علة من علل منع صرفه.
وهو الوزن الذي يقول النحاة في سبب منعه من الصرف إنه: "العلمية مع العدل".
الثانية: ما كان على وزن "فعل" أيضا، ولكنه علم لمفرد، مذكر، ممنوع من الصرف، سماعا1 فإن لم يعرف السماع في:"فعل" فالأحسن صرفه. وأشه المسموع من الأعلام: "عمر، مضر، زفر، زحل، جمح، قزح، عصم، دلف، هذل، ثعل، زفر، زحل، جمح، قزح، عصم، دلف، هذل، ثعل، جشم، قشم". وأما أدد "جد قبيلة عربية" فلم يسمع فيه إلا الصرف2. وأما: "طوى" -اسم واد بالشام- فيجوز منعه من الصرف للعلمية والتأنيث؛ بإرادة أنه علم على بقعة معينة، ويجوز صرفه على إرادة أنه على مكان. وقد ورد السماع بصرفه وعدم صرفه.
ويجب الصرف إن كان "فعل" جمعا، في غير ألفاظ التوكيد المعنوي السالفة؛ كغرف، وقرب. أو اسم جنس كصرد3، ونغر4، أو صفة كحطم5 ولبد6، أو مصدرا؛ كهدى: وتقى
…
فوزن "فعل" هذا قد يجب منعه من الصرف إذا كان مفردا، مذكرا، مسموعا بالمنع. وقد يجب صرفه إذا كان جمعا، أو اسم جنس، أو وصفا، أو مصدرا بشرط ألا يكون ذلك الجمع من ألفاظ التوكيد المعنوي -كما
1 إذ ليس مع العلمية سبب آخر لمنع الصرف؛ فلجأ النحاة إلى ما يسمونه: "العدل"، قالوا إن ذلك العلم ممنوع من الصرف لأنه معدول عن كلمة أخرى على وزن:"فاعل" "عامر، ماضر، زافر
…
" وأن العرب أرادوا أن يدلوا على هذا العدول ويرشدوا إليه، فمنعوا العلم السالف من الصرف؛ ليكون هذا المنع دليلا ومرشدا للعدل. وكل هذا مرفوض؛ "لما ذكرناه في رقم 6 من هامش الصفحة السابقة، ورددناه في أمكنة أخرى". وآن الوقت لإهماله
…
2 كما سبق في "ب" رقم 1 من هامش ص222.
3 نوع من الغربان.
4 نوع من البلابل.
5 من معانيه: الراعي الذي يظلم الماشية فيهشم بعضها ببعض.
6 من معانيه: المقيم بمنزله، لا يبرحه، ولا يسعى وراء معاشه.
سلف- وقد يجوز فيه الأمران والأحسن الصرف إذا كان السماع مجهولا. فله ثلاث حالات
…
الثالثة: لفظ "سحر""وهو: الثلث الأخير من الليل" بشرط استعماله ظرف زمان، وأن يراد به سحر يوم معين، مع تجريده من "أل" والإضافة، نحو: غردت البلابل يوم الخميس سحر. فكلمة: "سحر" ظرف منصوب على الظرفية، ممنوع من التنوين للعلمية والعدل1، سماعا في هذه الكلمة المنصوبة. وهذا هو التعليل الصحيح
…
أما أكثر النحاة فيقول: إنه ظرف ممنوع من الصرف للعلمية والعدل ويقتصرون على هذا2:
فإن ل يكن لفظ "سحر" ظرف زمان -بأن كان اسما محضا، معناه الوقت المعين دون دلالة على ظرفية شيء وقع فيه- وجب تعريفه "بأل"، أو "بالإضافة" إذا أريد منه أن يدل على التعيين، ولا تصح العلمية، تقول: السحر أنسب الأوقات للتفكير الهادئ، وصفاء الذهن. وعجيب أن يغفل الناس عن سرحهم وأن يقضوا سحرهم نائمين
…
وإن كان ظرفا لكنه غير معين "بأن كان ظرفا مبهما، لا يدل على سحر يوم معين، خاص" وجب صرفه، نحو: يحرص الزراع على الحصاد في
1 سبق الكلام -في ص222، وهامشها- على العدل وأقسامه وفائدته، وسحر، وأخر
…
وفي الممنوع من الصرف للعلمية والعدل يقول ابن مالك:
والعلم امنع صرفه إن عدلا
…
كفعل التوكيد، أو: كثعلا
امنع صرف العلم إن كان معدولا عن كلمة أخرى. ومثل للعلم المعدول بمثلين أولهما: "فعل" التي للتوكيد، "أي: بصيغ التوكيد التي هي جمع على وزن: "فعل" وثانيهما: "قمل" علم رجل. "والألف التي في آخر: "ثعل" زائدة للشعر".
2 دون أن يزيدوا عليها كلمة: "السماع"، أو نحوها من كل ما يفيد أن سبب المنع هو السماع المحض الوارد بترك التنوين والعدول عنه، ونراهم يتعسفون ويتلمسون لإثبات العدل أسبابا واهية لكيلا يقال: إن سببه في هذه الكلمة هو السماع. فهو -عندهم- علم على الوقت المعين الخاص، وهو معدول عن "السحر" المقرونة بأل التي للتعريف؛ لأنه ما أريد به معين كان الأصل فيه أن يكون معرفا "بأل"؛ فعدل العرب عن النطق "بأل" وقصدوا تعريفه بغير ذكرها
…
إلى غير هذا من آراء وأقوال أخرى في سبب منعه، واعتراضات كثيرة على كل منها. وما أعنانا عنها جميعا لو جعلنا السبب هو: السماع.
سحر -سأبدأ رحلتي القادمة بسحر. فالمراد في المثالثين: سحر غير معين من الأسحار المتعدد
…
وإن كان ظرفا معينا لكنه غير مجرد من "أل" و"الإضافة" وجب صرفه كذلك؛ نحو: سأسافر يوم الخميس من السحر إلى العصر، وأعود يوم السبت في سحره1.
"ملاحظة": بمناسبة الكلام على: "سحر"، ومنعه من الصرف وعدم منعه -يعرض النحاة للكلام على:"رجب وصفر". وهما من أسماء الشهور العربية. فإن أريد بهما معين فهما غير منصرفين، وإلا فهما منصرفان. ووجه ذلك -عندهم- أن المعين معدول عن "الرجب"، و"الصفر" كما قالوا في "سحر" إنه معدول عن "السحر" إذا أريد به سحر بعينه؛ ففيهما العلمية والعدل. ويمكن أن يكون المانع فيهما هو العلمية والتأنيث، باعتبار أن المراد: المدة2.
الرابعة: ما كان علما لمؤنث، على وزن:"فعال" مثل: رقاش، حذام، قطام،.... أعلام نساء؛ فللعرب فيه طريقتان:
إحداهما: أن بعضهم -كقبيلة تميم- يمنعه من الصرف بشرط ألا يكون مختوما بالراء. ويقول النحاة: إن سبب المنع هو العلمية والعدل، لأن الأصل: راقشة، حاذمة، قاطمة
…
فعدل عن هذا التعليل ما في غيره مما سبق. وقيل إن سبب المنع. هو: العلمية والتأنيث المعنوي؛ كالشأن في
1 وفي "سحر" يقول ابن مالك:
والعدل والتعريف مانعا سحر
…
إذا به التعيين قصدا يعتبر
أي: أن العدل والتعريف بالعلمية يمنعان -معا- "سحر" من الصرف، بشرط أن يكون لفظ "سحر" مقصودا به تعيين سحر معين. وقد ترك بقية الشروط التي سردناها.
2 راجع حاشية ياسين على التصريح، ج2 باب التوكيد، عند الكلام على توكيد النكرة. وقد نقلنا كلامه في ج3 باب الإضافة، م93 ص38 في بحث الإضافة البيانية، مثل: شهر رجب" هذا، وكلام الخضري وغيره -في آخر باب الممنوع من الصرف، عند الكلام على العلمية والعدل في سحر- ينتهي إلى ما قرره ياسين في حاشيته.
زينب، وسعاد
…
وهذا التعليل أصح؛ نحو: رقاش شاعرة جاهلة -ضرب المثل بحذام في سداد الرأي.
فإن كانت صيغة: "فعال" مختومة بالراء مثل: "وبار" علم قبيلة عربية، و"ظفار" علم بلد يمني، و"سفار" علم بئر معينة فأكثر التميميين يبنيه على الكسر في كلا الحالات، نحو:"وبار" قبيلة عربية على حدود اليمن -أفنى الزمان "وبار" القديمة- لم يبق من "وبار" القديمة إلا الأطلال. فكلمة: "وبار" في الأمثلة السالفة مبنية على الكسر في محل رفع، أو نصب، أو جر، على حسب الجملة، ومثلها:"ظفار، وسفار"، ونظائرهما.
والأخرى: أن الحجازيين يبنون ذلك كله على الكسر، سواء أكان "فعال" علما مؤنثا مختوما بالراء أم غير مختوم1..
فتبين أن المنع من الصرف للعلمية والعدل في وزن "فعال" المؤنث مقصور
1 وزن "فعال" قد يكون مطولا، وقد يكون غير معدول.
أ- فالمطول -كما يؤخذ من هذا الباب ومما سبقه في أبواب أخرى- خمسة أنواع، علم مؤنث، كحذام. واسم فعل أمر؛ كنزال. ومصدرا كحماد المعدول عن: المحمدة "بكسر الميم الثانية وفتحها" وحال مثل كلمة: "بداد" في قولهم: الخيل تعدو في الصعيد "بداد"، وصفه، إما مسموعة جارية مجرى الأعلام من ناحية إحلالها محل الاسم، واستعمالها غير تابعة لموصوف؛ نحو:"حلاق" للمنية، وهو معدول عن "حالقة" وإما صفة ملازمة للنداء في ذم الأنثى، نحو: يا لكاع - يا فساق - يا خباث. وهو معدول عن المشتق؛ تريد: يا لاكعة، يا فاسقة، يا خبيثة.
"بالإيضاح الذي سبق عنها في رقم 7 ص73". فهذه خمسة أنواع كلها مبنية على الكسر، معدولة عن مؤنث. فإن صارت علما لمذكر جاز إعرابها مع منعها من الصرف -وهذا هو الأغلب- وجاز إعرابها مع تنوينها، ولا يصح البناء في الحالتين. وإن صارت علما لمؤنث جرى عليه ما سبق تفصيله عن التميميين والحجازيين.
ب- وغير المعدول يكون اسما؛ كجناح، ومصدرا؛ كذهاب، ووصفا "أي: مشتقا" نحو: جواد، أي: كريم، وجنسا نحو: سحاب. فهذه أربعة أنواع لو صارت إحداها علما لمذكر وجب إعرابه وتنوينه، إلا إن كان "فعال" في أصله مؤنثا، كمساق؛ للأنثى من أولاد المعز، فإن جعل عناق المؤنث -وأشباهه- علما منع صرفه للعلمية والتأنيث.
هذا، وفي اللغة ألفاظ تزيد على المائة -كما قالوا- بناها العرب على الكسر؛ لسبب من الأسباب السالفة في:"أ" وقد جمع أكثرها "رضي الدين الصغاني""المتوفى سنة650هـ" في كتاب عنوانه: "ما بنته العرب على: "فعال" ونشرت أكثرها مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق.
على بعض تميم بشرط ألا يكون العلم مختوما بالراء1
…
الخامسة: أمس. وأشهر لغات العرب فيه لغتان؛
إحداهما: منعه من الصرف، رفعا، ونصبا، وجرا. وهذه لغة بعض التميميين، بشرط: "أن يكون علما مرادا به اليوم الذي قبل يومك مباشرة2
…
، وأن يكون خاليا من "أل" والإضافة، وأن يكون غير مصغير، وغير مجموع جمع تكسير، وغير ظرف"؛ فيقولون انقضى أمس على خير حال -وقضيت أمس في إنجاز عملي- وقد استحرت مذ أمس. فكلمة أمس مرفوعة بالضمة بغير تنوين، ومنصوبة ومجروره بالفتحة من غير تنوين فهيما. ويقول النحاة في تعليل منعه من الصرف: إنه العلمية والعدل؛ لأنه علم على الوقت العين من غير أن يكون فيه علامة تدل على التعيين؛ فهو لهذا معدول عن الأمس المعرف بأل، فصار معرفة بغيرها3.
أما أكثر التميميين فيمنعه من التنوين في حالة الرفع وحدها، ويبنيه على الكسر في حالتي النصب والجر؛ فلا يدخل في باب الممنوع من الصرف؛ فيقول في الأمثلة السالفة: انقضى أمس
…
- قضيت أمس
…
- وقد استرحت مذ أمس
…
والأخرى؛ بناؤه على الكسر في جميع استعمالاته إذا4 استوفى الشروط السالفة. وهذه لغة الحجازيين لا يدخلونه في باب الممنوع من الصرف؛ فيقولون
1 وفيما سبق يقول ابن مالك في بيت واحد وكلمتين من أول البيت الذي يليه:
وابن على الكسر: "فعال" علما
…
مؤنثا. وهو نظير جشما-24
عند تميم....................
…
.........................-25
يقول: ابن على الكسر العلم المؤنث الذي على وزان: "فعال" في كل أحواله عند غير تميم، أما عند تميم فهو نظير:"جشم" في أنه علم ممنوع من الصرف للعلمية والعدل. وتتمة البيت الأخير تختص بحكم مستقل ستذكر معه في ص265 وهامشها.
2 وقال الخضري "ج1 باب: "المعرب والمبني" عند الكلام على علامات البناء" ما نصه: "يراد به معين؛ وهو الذي يليه يومك خاصة، أو اليوم المعهود وإن بعد
…
". ا. هـ.
3 وهذا التعليل مرفوض كنظائره السالفة؛ لما أوضحناه من قبل -في رقم6 من هامش ص256.
4 ويقول النحاة في سبب بنائه هو تضمنه معنى الحرف "في""وقد تكلمنا على هذا التضمن تفصيلا في الجزء الأول ص55 م6 في موضوع الإعراب والبناء وسببها".
مضى أمس بأحداثه؛ فتهيأ للغد -عرفت أمس بوقائعه، فماذا يكون اليوم- لم أهتم بأمس
…
، فكلمة:"أمس" مبنية على الكسر في محل رفع أو نصب أو جر على حسب حالة الجملة.
فإن أريد بكلمة: "أمس" يوما مبهما "أي: يوما ماضيا غير معين، بأن أريد به أمس من الأموس من غير تخصيص" كان معربا منصرفا عند التميميين والحجازيين. وكذلك إن كان مضافا، نحو: انقضى أمس من الأموس الطيبة -قضينا أمسا من الأموس في رحلة- لم نأسف على أمس من الأموس
…
-أمسنا كان جميلا- إن أمسينا كان جميلا -سررت بأمسنا.
وكذلك إن كان معرفا "بأل"، نحو: الأمس كان جميلا
…
إن الأمس كان جميلا
…
سررت بانقضاء الأمس.
أو: كان مصغرا؛ نحو أمس كان جميلا
…
إن أميسا كان جميلا
…
سررت بأميس.
أو: كان مجموعا جمع تكسير؛ نحو: أموس كانت جميلة
…
إن أموسا كانت جميلة، سررت بأموس.
أما إن كان لفظ: "أمس" ظرفا مجردا من "أل والإضافة" وليس اسما، فهو مبني على الكسر عند الفريقين أيضا، نحو: سرتني زيارتك أمس، وسأزورك قريبا خرجت أمس مبكرا لرحلة نهرية1
…
1 راجع حاشية ياسين على التصريح في الموضع.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
أ- إذا زالت علمية "أمس" دخل التنوين، نحو: سأزورك في أمس من الأموس. وإذا زال العدل بأن اسعملت مقرونة "بأل" فهي معربة، يمتنع تنوينها بسبب "أل" -كما هو معروف- لا بسبب منع الصرف. وكذلك عند الإضافة.
وكل كلمة أخرى ممنوعة من الصرف للعلمية مع العدل يجب صرفها إذا لم توجد العلتان أو إحداهما، ما لم يمنع من الصرف مانع آخر.
ب- إذا سميت رجلا "بأمس" وجب صرفه على لغة الحجازيين كما تصرف "غاق" إذا سميت بها. "وقد سبق: أن كل مفرد مبني إذا صار علما -فإنه يجب فيه الإعراب مع الصرف؛ طبقا لأنسب الرأيين الذين عرضناهما من قبل"1.
وإن سميت "بأمس" على لغة تميم صرفته أيضا في الأحوال كلها؛.
1 في ص12 وحاشيتها؛ حيث البيان المناسب.
أحكام عامة في الممنوع من الصرف:
"وتشمل ما يأتي" منع اتصال تنوين الأمكنية به -أنواع الممنوع من الصرف- حكم المنقوص عند منعه من الصرف -وجوب تنوين الممنوع من الصرف، وجوازه- جواز منع الصرف للضرورة".
كثير من هذه الأحكام العامة منثور في مواضع متفرقة من الباب الخاص فالممنوع من الصرف، أو غيره من الأبواب الأخرى. ونعرضه هنا في جمع وتركيز.
1-
الممنوع من الصرف لا يدخله تنوين "الأمكنية"1 مطلقا. وحكمة: أنه يرفع بالضمة، وينصب بالفتحة، ويجر بالفتحة أيضا نيابة عن الكسرة. ولكن يشترط لجره بالفتحة ألا يكون مضافا، ولا مقرونا "بأل" -أو بما ينوب عنها، مثل:"أم" في بعض اللهجات العربية.
فإن فقد الشرط وجب جره بالكسرة، مثل: لا تكن بأعجل الخصمين استجابة للشر، فما أضر أن توصف بالأعجل. و
…
و
…
وإذا كان الممنوع من الصرف علما منقولا من جمع مؤنث سالم2 "مثل: عطيات، عليات، زينات
…
"، جاز إعرابه ما لا ينصرف، وجاز إعرابه كالمنصرف؛ فيرفع بالضمة، وينصب بالفتحة، ويجر بالكسرة؛ مع تنوينه في الحالات الثلاث.
2-
الممنوع من الصرف أحد عشرا نوعا. منها ما يكون ممنوعا لعلة3 واحدة، ومنها ما يكون ممنوعا لاثنتين. فالممنوع لواحدة هو:"صيغة منتهى الجموع" -وملحقاتها. والمختوم "بألف التأنيث". وكلاهما لا ينصرف مطلقا مهما اختلفت استعمالاته؛ لأن علامته لا تفارقه مطلقا4. لكن لا يجر بالفتحة إلا بشرط خلوه من "أل" و"الإضافة".
1 لهذا التنوين إيضاح مناسب في ص200.
2 تفصيل هذا في الجزء الأول ص109 م12 عند الكلام على جمع المؤنث السالم. وقد سبقت له الإشارة هنا في ص302 وفي رقم 1 من هامش ص204.
3 سبق الإيضاح والتعليق في رقم 1 من هامش ص204.
4 سبقت الإشارة لهذا في ص206.
والممنوع لعلامتين -أي: لعلتين-1 قد تكون إحداهما "الوصفية" مع شيء آخر، وقد تكون "العلمية" مع شيء آخر أيضا.
فالممنوع للوصفية مع شريكتها ثلاثية أنواع لا تنصرف مطلقا، مهما اختلفت استعمالاتها2؛ لأن هذه الوصفية مع شريكتها ملازمة للاسم، لا تفارقه إلا إذا حلت محلها العلمية، وعندئذ يمتنع صرفه للعلمية وما يكون معها. فهذا النوع الممنوع للوصفية مع شريكتها؛ كسابقة لا ينصرف مطلقا. لكن لا يجر بالفتحة إلا بشرط خلوه من "أل"، و"الإضافة".
والممنوع من الصرف للعلمية مع شيء آخر سبعة أنواع، ويظل ممنوعا ما دام مشتملا على العلتين، فإن زالت إحداهما أو كلتاهما دخله التنوين وجوبا -إن لم يوجد داع آخر للمنع- وقد أوضحنا تفصيل هذا في مواضعه
…
وستأتي له إشارة أخرى قريبة3
…
ويستثنى من هذا الحكم ما كان صفة قبل العلمية؛ كأحمر، وأفضل علمين4
…
، فإنهما يمنعان من الصرف للعلمية الطارئة مع وزن الفعل، مع
1 سبق الإيضاح في رقم 1 من هامش ص204.
2 فإذا انضم إلى هذه الثلاثة التي لا تنصرف مطلقا النوعان السابقان: "وهما: أ- صيغة منتهى الجموع، وملحقاتها، ب- وألف التأنيث بنوعيها" نشأت خمسة أنواع ملازمة لمنع الصرف في كل استعمالاتها -طبقات لما نص عليه الخضري وغيره.
3 وقد أشار ابن مالك إلى الحكم الممنوع من الصرف للعلمية مع شيء آخر، إذا فقد العلمية فقال:
................... واصرفن ما نكرا
…
من كل ما التعريف فيه أثرا-25
أي: يجب صرف كل اسم نكر بعد أن كان معرفا، وكان للتعريف أثر في منع صرفه. وهو يريد بالتعريف هنا: تعريف "العلمية"، دون غيرها، كما يريد بالصرف أحيانا كثيرة التنوين مطلقا.
وكان الأنسب هنا أن يقول: و"نونن"، بدلا من:"اصرفن"؛ لأن "الصرف" الذي يشيع استعماله في هذا الباب يراد به: "تنوين الأمكنية" في الأغلب. أما التنوين الذي يلحق العلم الممنوع من الصرف إذا فقد علميته فتنوين التنكير -كما سبقت الإشارة في رقم 1 من هامش ص227.
هذا، وصدر البيت هو:"عند تميم، واصرفن ما نكرا" وقد سبق -في هامش ص261- عند الكلام على حكم ينسب لتميم، ورد ذكره قبله.
4 بخلاف "أحمد"، طبقا لما تقدم في رقم 2 من هامش ص249 و"ب" من ص251.
أنهما في الأصل وصفين، وقد اختلفت الوصفية الأصلية أمام العلمية الجديدة. فإذا زالت العلمية لم يجز تنوين الاسمين؛ لأن زوالها سيؤدي إلى رجوع الوصفية التي زالت بسببها؛ فيظل الاسمان ممنوعين من الصرف بعد زوالها، ويصير سبب المنع هو: الوصفية مع وزن الفعل.
3-
إذا كان الممنوع من الصرف اسما منقوصا1، "علما أو غير علم؛ كبعض أنواع الوصف، وصيغة منتهى الجموع" -فإن ياءه تحذف رفعا، وجرا، وينون2. وتبقى في حالة النصب مفتوحة بغير تنوين. مثل: دواع، جمع: داعية -أوعيل3، تصغير: أعلى- وراع، علم فتاة، -وكذلك: تفد "علم فتاة: منقول من المضارع تفدي"
…
تقول: "ظهرت للخير دواع عرفت دواعي للخير -استجبت لدواع كريمة" كلمة: "دواع"، الأولى منونة، وهي فاعل مرفوع بضمة على الياء المحذوفة. والأصل "دواعي، دواعين" دخلها أنواع من التغيير سبق4 شرحها؛ لأن هذه الكلمة ممنوعة من الصرف لصيغة منتهى الجموع
…
وكلمة: "دواعي"، مفعول منصوب بالفتة الظاهرة بغير تنوين.
وكلمة: "دواعي" الأخيرة -منونة مجرورة باللام، وعلامة جرها الفتحة على الياء المحذوفة، بدل الكسرة، لأن الكلمة ممنوعة من الصرف لصيغة منتهى الجموع، وأصلها:"دواعي، دواعين" دخلتها التغييرات التي سبق4 إيضاحها.
وتقول: "أعيل خير من الأسفل -إن أعيلي خير من الأسفل- لا تقنع بأعيل، واطلب المزيد". فكلمة" أعيل" الأولى منونة، مبتدأ
1 سبقت الإشارة إليه في هذا الباب -ص209 وهامشها- أما تفصيل الكلام عليه ففي الجزء الأول ص124 م15.
2 وهذا التنوين للعوض "كما أشرنا في هذا الباب -ورقم 2 من هامش ص309- وفي ص25 ج1 م3 وأبدينا ملاحظات عليه حين يكون في الممنوع من الصرف".
3 تقضي قواعد: "التصغير" الخاصة بغير الثلاثي -وستأتي في ص694- بكسر هذه "اللام" بعد ياء التصغير؛ فتقلب الألف بعد اللام المكسورة ياء، وتصير الكلمة:"أعيلي" وهذه منقوصة، إذا نونت حذفت ياؤها رفعا وجرا
4 و4 في ص209.
مرفوع بالضمة على الياء المحذوفة، والأصل: أعيلي "أعيلين" دخلتها التغيرات التي عرفناها، لأن هذه الكلمة ممنوعة من الصرف للوصفية ووزن الفعل؛ فهي على وزن المضارع: أسيطر، وأبيطر1
…
وكلمة: "أعيلي" اسم "إن" منصوب بالفتحة الظاهرة على الياء بغير تنوين.
وكلمة: "أعيل" الأخيرة، منونة مجرورة بالياء وعلامة جرها الفتحة بدل الكسرة على الياء المحذوفة؛ لأن الكلمة ممنوعة من الصرف للوصفية ووزن الفعل. وقد دخلها التغيير المعروف.
وتقول: "سمعت قصيدة لشاعرة اسمها: "راع" "وقد صافحت "راعي" بعد سماعها" "وسوف أستمع إلى دراع"
…
"، فكلمة: "راع" الأولى منونة، خبر مرفوع بضمة على الياء المحذوفة، وأصلها: راعي "راعين" طرأ عليها التغير السالف.
وكلمة: "راع" الأخيرة منونة، مجرورة بإلى، وعلامة جرها الفتحة بدل الكسرة على الياء المحذوفة؛ لأن الكلمة ممنوعة من الصرف للعلمية والتأنيث. وقد طرأ عليها التغيير الذي قدمنا.
وتقول: "تفد" طبيبة مشهورة -إن "تفدى" طبيبعة مشهورة- يثنى المرضى على "تفد". فكلمة: "تفد الأولى منونة، مبتدأ مرفوع بضمة على الياء المحذوفة، وكلمة: "تفدى" "بغير تنوين" اسم إن منصوب بالفتحة الظاهرة. وكلمة: "زتفد" الأخيرة منونة، مجرورة بعلى، وعلامة جرها الفتحة على الياء المحذوفة بدل الكسرة؛ لأن الكلمة ممنوعة من الصرف للعلمية ووزن الفعل
…
وهكذا.
ويرى جماعة من النحاة أن المنقوص الممنوع من الصرف على الوجه السالف،
1 وهذا على الرأي الأرجح الذي لا يجعل وزن: "أفيعل" وخاصا بالوصف؛ إذ يوجد في الفعل؛ نحو: أبيطر. -انظر رقم 2 من هامش ص218 ثم ص275.
تثبت ياؤه بغير تنوين في جميع حالاته "رفعا، ونصبا، وجرا"، فيرفع بضمة مقدرة على الياء بغير تنوين، وينصب بالفتحة الظاهرة بغير تنوين. ويجر بالفتحة الظاهرة بغير تنوين بدل الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف، فيقولون في الأمثلة السالفة ظهرت دواعي للخير - اتبعت دواعي للخير - اهتديت بدواعي للخير. ويقولون: أعيلي خير.... إن أعيلي خبر -
…
لا تقنع بأعيلي
…
ويقولون: الشاعرة اسمها: راعي
…
، صافحت راعي
…
، إلى راعي
…
، وكذلك:"تفدي" طبيبة مشهورة
…
، إن تفدي طبيبة
…
، يثني المرضى على تفدي
…
ولكن هذا الرأي ضعيف عندهم؛ لندرة شواهده الفصيحة، وضعف الاستدلال بها، فيحسن إهماله1
…
وهناك رأي آخر في المنقوص الذي على وزن الصيغة الأصيلة لمنتهى الجموع؛ وملخصه2: أن بعض العرب يقلب الكسرة قبل ياء المنقوص فتحة؛ قتنقلب الياء ألفا بشرط أن يكون وزان المنقوص كوزان إحدى الصيغ الأصيلة لمنتهى الجموع، وأن يكون مفرده اسما محضا على وزن:"فعلاء" الدالة على مؤنث، وليس له -في الغالب- مذكر؛ كصحراء وصحار، فيقول فيها. "صحارى" بغير تنوين في الحالات الثلاث3
…
1 وإنما ذكرناه -كما نذكر الضعيف من أشباهه- ليهتدي به في فهم الوارد منه في الكلام القديم، مع العدول عن استعماله.
2 الإشارة إليه سبقت في "ا" من ص212.
3 وفي الممنوع من الصرف المنقوص يقول ابن مالك:
وما يكون منه منقوصا ففي
…
إعرابه نهج جوار يقتفي
"ومنه، أي: من الممنوع من الصرف. يقتفي= يتبع". وتقدير البيت: ما يكون من الممنوع من الصرف منقوصا، فإنه يقتفي "أي: يتبع ويسير" في إعرابه نهج جوار، وطريق جوار "جمع تكسير الجارية"، في حذف يائه رفعا وجرا مع التنوين، وإثبات الياء وإظهار الفتحة عليها بغير تنوين في حالة النصب. وهذا حكم مجمل مختصر. وقد وفيناه في الشرح.
4-
الممنوع من الصرف قد يجب تنوينه، وقد يجوز:
فيجب تنوينه في حالتين:
أ- أن يكون أحد السببين المانعين له هو: "العلمية"، ثم زالت بسبب تنكيره، وبقي بعد زوالها العلة الاثنية وحدها "وهي: التأنيث، أو: الزيادةن أو: العدل، أو: وزن الفعل، أو: العجمة، أو: التركيب، أو: ألف الإلحاق المقصورة"؛ لأن هذه العلة الثانية الباقية لا تكفي وحدها لمنع الصرف بعد زوال العلمية، فيجب تنكير الاسم إن لم يوجد مانع آخر -ولهذا تدخل عليه "رب" وهي لا تدخل إلا على النكرات في الأعم الأغلب، فتقول: "رب فاطمة، أو عثمان، أو عمر، أو يزيد، أو إبراهيم، أو معديكرب، أو: ارطى، قابلت"؛ بالجر الكسرة مع التنوين في هذه الأنواع السبعة؛ لذهاب أحد موجبي المنع، وهو: العلمي.
ويستثنى من هذا الحكم ما أشرنا إليه من قبل1؛ وهو الاسم الذي كان في أصله وصفا ممنوعا من الصرف للوصفية وعلة أخرى، ثم زالت عنه الوصفية وحدها، وحلت محلها العلمية؛ فصار ممنوعا من الصرف للعلمية الطارئة ومعها العلة الأخرى، نحو: "أحمر؛ فإن زوال علميته لا يبيح تنوينه، ولكنه يقتضي رجوعه إلى الوصفية الأصلية التي سبق أن تركت مكانها للعلمية الطارئة. فإذا زال الطارئ عاد الاسم إلى أصله ممنوعا من الصرف كما كان. أما في غير هذه الحالة فينون في حالاته الإعرابية الثلاثة، ولا يجز بالفتحة.
ب- أن يكون الاسم مصغرا، وقد أدى تصغيره إلى إزالة أحد السببين المانعين من صرفه؛ كتصغير "عمر" على:"عمير"، وكتصغير:"أحمد" تصغير ترخيم على: "حميد" فإن هذا التصغير جعل الاسم على صورة لا يصح منعها من الصرف؛ فكلمة: "عمير" ليست كعمر الممنوعة من الصرف، سماعا "أو لما يسميه النحاة: العلمية والعدل" فلا سماع في عمير، ولا عدل فيها. وكلمة: "حميد" ليست على وزن الفعل؛ فهي فاقدة لسبب الثاني الذي لا بد
1 في رقم 2 ص264.
منه مع العلمية. بخلاف "أحمد" ففيه السببان"1.
وهذه الحالة الثانية: "ب" راجعة للأولى. وفي الحالتين يجر الاسم بالكسرة، وجوبا؛ إذ يجري عليه حكم المنصرف كاملا؛ إن لم يمنع مانع آخر.
ويجوز تنوينه ومنعه من التنوين في حالتين:
الأولى: مراعاة التناسب في آخر الكلمات المتجاورة، أو المختومة بسجعة، أو بفاصلة2 في آخر الجمل؛ لتتشابه في التنوين، من غير أن يكون له داع إلا هذا؛ لأن للتناسب إيقاعا عذبا على الأذن، وأثرا في تقوية المعنى، وتمكينه في نفس السامع والقارئ. ومن الأمثلة كلمة:"سلاسلا" بالتنوين في قراءة من قرأ قوله تعالى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالًا وَسَعِيرًا} فقد ونوت الكلمة لمراعاة لا التي تليها وتجاوزها. وكذلك كلمة: "قوريرا" في قراءة من قرأها بالتنوين في قوله تعالى يصف أهل الجنة: {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا} ، {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا، وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا} ، {قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا} فقد نونت كلمة "قواريرا" الأولى لمراعاة التنوين في آخر الجملة التي قبلها، ومراعاة لآخر الجملة التي بعدها
…
ونونت كلمة: "قواريرا" الثانية لمراعاة الأولى،
…
ولمراعاة نهاية الآية السابقة، فإنها منونة أيضا.
ومن الأمثلة قراءة من قرأ: "يغوث"، و"يعوق" منونتين في قوله تعالى
1 قد يكون الاسم منونا وهو مكبر، فإذا صغر امتنع صرفه لوجود السببين معا. ويمثلون لهذا بكلمة:"تحل" علما، "ومن معانيه: القشر الذي يظهر حول منابت الشعر.." فهي غير ممنوعة من الصرف إلا إذا كانت علما مصغرا، نحو: "تحيلئ" فإنها تمنع للعلمية ووزن الفعل؛ إذ تكون على وزان: "تدحرج، وتبطر" -ولهذا الحكم تفصيلات في ص275، ولا سيما الحالة الثالثة.
2 "السجعة": "وجود حرف متشابه متماثل في نهاية جملتين أو أكثر
…
كقوله تعالى: {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا، فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} "والفاصلة".. وقوع كلمة في آخر الجملة على وزان كلمة أخرى في جملة قبلها أو بعدها من غير أن تتشابه الكلمتان في الحرف الأخير منهما. وليس من اللازم أن يكون التشابه في الوزن كاملا صرفيا، وإنما يكفي أن يكون متقاربا. ومن الأمثلة الآية الآتية بعد في أهل الجنة:{مُتَّكِئِينَ فِيهَا} .
عن المشركين، ومخاطبة بعضهم بعضا بالتمسك بأصنامهم: وقالوا: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} 1، فقد نونت الكلمتان مراعاة لما حولهما من كلمات أخرى منونة.
الثانية: الضرورة الشعرية2، وما في حكمها2؛ فيضطر الشاعر بسببها إلى تنوين الاسم؛ ككلمة "محاسن" في قول الشاعر:
1 كل هذه أسماء أصنام اتخذها المشركون من أهل الجاهلية آلهة لهم عبدوها.
2 و2 الشائع في أكثر الكتب النحوية أن "الضرورية" خاصة بالشعر وحده. لكن بعض المحققين لا يرون هذا التحديد الضيق، كما صرح:"ابن بري" في رسالته المطبوعة في نهاية: "مقامات الحريري"، يدافع بها عن صاحب المقامات، ويصحح كل ما أخذه عليها "ابن الخشاب البغدادي"، فقد صرح "ابن بري" بأن الضرورة ليست مقصورة على الشعر وحده، وإنما تشمل السجع والفواصل أيضا. وفيما يلي نص كلامه "ص11 من تلك الرسالة":
"اعلم أن للسجع ضرورة الشعر، وأن له وزنا يضاهي ضرورة الوزن الشعري في الزيادة والنقصان والإبدال، وغير ذلك. وحذفوا التنوين فيه كما حذفوه في الشعر -وساق أمثلة متعددة تؤيد كل ما سبق- حكى ذلك الخليل، وأبو حنيفة الدينوري
…
وقد جاء مثل هذا في فواصل القرآن؛ لتتفق الفواصل. فمن الزيادة قوله تعالى في سورة الأحزاب: عن الكافرين: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا، وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا} فقد زيدت ألف في آخر كلمة "السبيل"؛ مراعاة لكلمة "الرسول" وزيدت ألف في كلمة: "الرسولا" لأن الآيات التي قبلها مختومة بكلماته منونة، منصوبة آخرها ألف. وكذلك زيدت ألف في كلمة:"الظنون" من قوله تعالى في سورة الأحزاب: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} وزيادتها لمراعاة أواخر الآيات التي قبلها، المختومة بكلمات منصوبة آخرها ألف "أليما - بصيرا
…
" فزيدت الألف في الفواصل كما تزاد في الشعر، آخر القافية بقصد الإطلاق. ومن النقص قوله تعالى في سورة الفجر: {وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ، وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ، وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} فحذفت الياء من "يسر" اتباعا للوتر، وما تقدمه. وكذلك حذفت الياء -من: "أكرمني، وأهانني"- في قوله تعالى في هذه السورة:{فَأَمَّا الْأِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ، وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} كما حذفت في الشعر في قول في قول القائل:
فهل يمنعن ارتياد البلاد
…
من حذر الموت، أن يأتين
"أي: يأتيني". ا. هـ. كلام ابن بري،
وهو كلام قوي نفيس، يؤيده ويوافقه الفصل الخاص الذي عقده له صاحب:"همع الهوامع" في الجزء الثاني تحت عنوان: "خاتمة" -ص158- بعد الباب الخاص بموضوع: "الضرائر". وكلامهما أعم وأشمل من كلام ابن جني حيث يقول: "الأمثال تجري مجرى المنظوم في تحمل الضرورة" -راجع ص19 من التعريف بكتابة: المحتسب، ج1 طبعة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة.
إن الذي ملأ اللغات محاسنا
…
جعل الجمال وسره في الضاد1
ويتبع هذا جره -حتما- بالكسرة بدل الفتحة في حالة الجر؛ ككلمة "عنيزة" في قول امرئ القيس:
ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة
…
فقالت له الويلات إنك مرجلي2
فقد دخل الجر والتنوين في كلمة: "عنيزة" لضرورة الشعر. ومثل كلمة: "فاطمة" في قول الشاعر يمدح "عليا زين العابدين" بأنه من نسلها وهي بنت الرسول صلى الله عليه وسلم:
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله
…
بجده أنبياء الله قد ختموا
وقد يضطر الشاعر إلى جر الاسم بالكسرة دون تنوينه، مثل كلمة:"عصائب" في قول المادح:
إذا ما غزا بالجيش حلق فوقه
…
عصائب طير تهتدي بعصائب
فقد جر الكلمة بالكسرة وحدها مراعاة للكسرة في آخر أبيات القصيدة.
وإنما كان التنوين جائزا -لا واجبا- في الحالتين السالفتين؛ لأن المتكلم يستطيع في الحالة الأولى أن ينون أو لا ينون، فله الخيار، كما يستطيع في الحالة الثانية أن يترك الكلمة التي تدفعه إلى التنوين قهرا واضطرارا3 ليختار كلمة أخرى تلائم القافية الوزن الشعري من غير حاجة لمنع الصرف.
وفي كلتا الحالتين السالفتين تعرب الكلمة على حسب موقعها من الجملة، ويزاد على إعرابها حين تكوين منونة: أن تنوينها للضرورة، وتجر بالكسرة -لا بالفتحة- على الأفصح.
1 الضاد: رمز يكنى به عن اللغة العربية وحدها؛ لعدم وجوده في اللغات الأخرى الشائعة.
2 الخدر: الهودج. "مرجلي": ستجعلني راجلة، أي: ماشية؛ لأن الهودج لا يحتملهما معا.
3 أي: أن تنوين الضرورة يعتبر ضروريا محتوما إذا حرص الشاعر على كلمة معينة لا يريد تركها إلى أخرى لا توجب عليه التنوين.
وعند كثرة النحاة: أن الضرورة هي التي تباح في الشعر دون النثر ولو استطاع الشاعر أن يتخطاها؛ إذ تعد في النثر مخالفة غير جائزة. وهذا رأي يرفضه -بحق- "ابن بري" محتجا بما تقدم في رقم 2 من هامش الصفحة السالة.
5-
يجوز في الضرورة الشعرية1 أن يمنع الاسم المنصرف من التنوين الذي استحقه قبل هذه الضرورة؛ سواء أكان الاسم علما أم غير علم. فمثال العلم كلمة: "شبيب" في قول الشاعر:
طلب الأزارق بالكتائب إذ هوت
…
بشبيب غائله2 النفوس، غدور
فقد منع التنوين من كلمة: "شبيب"، للضرورة الشعرية، إلا لا يوجد مع العلمية السبب الذي يجب أن ينضم إلهيا عند منع الصرف. ومثال غير العلم كلمة:"موالي" في قول الشاعر:
فلو كان عبد الله مولى هجوته
…
ولكن عبد الله مولى مواليا
والأصل الغالب أن يقول: مولى موال، فترك هذا الأصل، وأثبت الياء، وجرا الاسم بالفتحة الظاهرة عليها
…
لكن إذا منع الاسم من التنوين بسبب الضرورة الشعرية فما حكمه في حالة الجر؟ أيجر بالكسرة كالأسماء المنصرفة المتمكنة ولكن بغير تنوين، أم يجر بالفتحة بغير تنوين كالممنوع من الصرف؟ الأمران جائزان. والأحسن جره بالكسرة كأصله والاقتصار في الضرورة على منع تنوينه3.
ويعرب الاسم الممنوع من التنوين للضرورة على حسب موقعه من الجملة ويزداد في كل حالة إنه ممنوع من التنوين للضرورة وإذا كان مجرورا بالفتحة زيد
1 انظر البيان السابق الخاص بمعنى: "الضرورة"، والمراد الدقيق منها -في رقم 2 من هامش ص271.
2 مجرورة بالفتحة بدل الكسرة؛ لما تقرر: أن المنصرف الذي يمنع صرفه للضرورة يصح في حالة الجر -جره بالكسرة بدل الفتحة، ويصح جره بالفتحة بدل الكسرة -كما سيجيء هنا- "والأزارق" وأصلها: الأزارقة، جمع أزرقي -قوم من الخواريج ينسبون إلى نافع بن الأزرق زعيمهم. و"شبيب" هذا هو: شبيب بن زيد من رءوسهم. ادعى الخلافة وتسمى بأمير المؤمنين.
وكلمة: "الأزارق" مفعول به للفعل: "طلب" والفاعل ضمير مستتر، تقديره: هو، يعود إلى سفيان نائب الحجاج، وزوج ابنته.
"هوت" بمعنى: أطمعت، وغرت. يقال: هوى به الأمر: أي: أطعمه وغره.
غائلة النفوس، هي: الموت، وتعرب فاعلا للفعل: هوى.
3 ليكون في هذا تقدير للضرورة بقدرها الذي لا بد منه وحده، وترك ما لا شأن له بها.
أيضا: أنه مجرور بالفتحة؛ لأنه ممنوع من الصرف للضرورة1
…
1 وفي تنوين الممنوع، ومنع التنوين من الاسم الذي يستحقه.. يقول ابن مالك في ختام الباب:
ولاضطرار أو تناسب صرف
…
ذو المنع. والمصروف قد لا ينصرف-25
يريد: أن الممنوع من الصرف قد يصرف بسبب الضرورة أو التناسب الكلامي، وأن المصروف قد يمتنع تنوينه. وقد أوضحنا الحكمين، وسردنا تفاصيلهما.
وبمناسبة قول ابن مالك: "والمصروف قد لا ينصرف" نذكر أن فريقا من النحاة ومنهم ابن هشام في كتابه: "المعنى" في مبحث "قد" يمنع وقوع "لا" النافية بعدها، فاصلة بينهما وبين المضارع، ومشترطا أن يكون المضارع بعدها مثبتا. وبهذا الرأي يقول بعض اللغويين كصاحب القاموس، وتبعهم فيه أحد الباحثين المعاصرين.
لكن صاحب "لسان العرب" نقل في مادة: "ذام" مثلا عربيا فصيحا نصه: "قد لا تعدم الحسناء ذاما" كما نقل أبو هلال العسكري في كتابه: "الأمثال"، المطبوع على هامش كتاب:"الأمثال" للميداني "في ص117 ج2" مثلا آخر قديما نصه: "قد لا يقاد بي الجمل" ورأيت في بعض الشعر الجاهلي وغيره من فصيح الكلام الذي يحتج به وقوع المضارع المنفي بالحرف "لا" مسبوقا بكلمة: "قد" مباشرة "أي: أن الحرف "لا" النافي توسط في ذلك الكلام العربي الصحيح بين "قد" والمضارع". وقلنا في الجزء الأول "م4، ص50" إن رفض تلك الأمثال غير مستساغ إلا إذا لجأنا للتأويل الواعي المتعسف الذي لا يتبت على التمحيص.
ومن الأدلة أيضا ورودها في شعر الأعشى ميمون، وهو جاهلي، أدرك ظهور الإسلام في بيت له "من قصيدته التاسعة والعشرين بالصفحة 195 من ديوانه" ونصه:
وقد قالت قتيلة إذ رأتني
…
وقد لا تعدم الحسناء ذا ما
…
وفي بيت آخر لقيس الجهني -وهو جاهلي، وقد نقله الآمدي في كتابه: المؤتلف ص123، ونصه:
وكنت مسودا فينا حميدا
…
وقد لا تعدم الحسناء ذا ما..
وكذلك في بيت للنمر بن تولب -وهو مخضرم- "ونصه كما رواه السيوطي في شواهد المغني، ص66".
وأحبب حبيبك حبا رويدا
…
فقد لا يعولك أن تصرما
…
وهذه الرواية توافق رواية "منتهى الطلب" في المخطوطة الأصلية المحفوظة بدار الكتب، ورقمها بين المخطوطات الأدبية:"12631"
…
إلى غير هذا من الأمثلة التي تقطع بصحة الاستعمال السابق في غير ضعف، ولا شذوذ، ولا تأويل، ولا تردد في الحكم بصحة قول ابن مالك هنا -وهو الإمام الثقة: "والمصروف قد لا ينصرف
…
" وصحة من استعمالها قبله بمئات السنين من مناطقة العرب الذين وضعوا "سورا" للقضية الجزئية نصه: "قد يكون وقد لا يكون" ومن استعمالها بعده من علماء النحو وغيره في كثير من أساليبهم، كالأشموني في الجزء الثاني، باب: "الاستثناء، عند الكلام على الأداتين:"ليس، وخلا" حيث يقول ما نصه: ".. لأنه قد لا يكون هناك فعل..". ا. هـ. وكذلك في باب =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
للتصغير والتكبير أثر في الصرف ومنعه. ولهذا أربع حالات1.
الأولى: أسماء تمنع من الصرف وهي مصغرة أو مكبرة، لوجود سبب المنع في حالتيها -بشرط ألا تكون مضافة ولا مقرونة بأل، كما عرفنا- ومن أمثلتها:
معديكرب، طلحة، زينب، حمراء، غضبان، إسحاق، أحمر، يزيد
…
ونحوهما مما تحقق فيه شرط المنع، ولا يفقد سبب المنع في تصغير ولا تكبير.
الثانية: أسماء تمنع من الصرف وهي مكبرة، وتصرف وهي مصغرة، نحو:
عمر، ضمر، سرحان2، أرطى3، جنادل
…
أعلاما. فإن تصغيرها على عمير، شمير4، سريحين، أربط، وجنيدل4، يزيل سببا لازما لمنعها من الصرف؛ هو العدل في عمير، ووزن الفعل في شمير4، وعدم وجود الألف الزائدة في سريحين، وعدم وجود ألف الإلحاق في أربط، وعدم وجود صيغة منتهى الجموع في جنيدل.
الثالثة: أسماء تمنع من الصرف مصغرة، وتنصرف مكبرة، ومنها: تحلئ5،
= الصفة المشبهة "ج3 ص4" حيث يقول: "إنها قد تكون جارية على اسم الفاعل كطاهر القلب.. وقد لا تكون
…
". ا. هـ. وكذلك ضياء الدين بن الأثير -ومكانته اللغوية والأدبية والبلاغية لا تجحد- حيث يقول في كتابه: "الجامع الكبير، في صناعة المنظوم من الكلام، والمنثور -ج1 ص48 طبعة المجمع العلمي العراقي- ما نصه: "
…
والناظم قد لا يمكنه ذلك
…
". ا. هـ.
وقد أصر مؤتمر المجمع اللغوي "المنعقد بالقاهرة في فبراير سنة 1971" قراره الحاسم بعد التثبت والتمحيص بجواز إدخال "قد" على المضارع المنفي بالحرف "لا".
1 هذه الحالات يجمعها ضابط واحد وضعوه، هو: أن كل مصغر لم يذهب تصغيره أحد سببيه فهو غير منصرف، وإلا فهو منصرف.
2 من معانيه: الذئب، والأسد.
3 أصله نوع من الشجر.
4 و4 تصغير ترخيم.
5 الشعر المتروك على الجلد بعد الدباغة، ووسخ الجلد وسواده، والقشر الذي حول منابت الشعر. انظر الحكم الذي يتصل بهذه الكلمة في رقم 1 من هامش ص270.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تتوسط1، تهبط2. ترتب3؛ فتصغيرها: تحيلي4، تويسط، تهيبط، ترتيب. وكل هذه الأسماء المصغرة جارية على وزن المضارع:"تبيطر" فتمنع للعلمية وزن الفعل، ولم تكن قبل التصغير مستحقة للمنع فكفله لها. وهذا بشرط ألا تجيء ياء عوضا عن حرف حذف في بعضها؛ فإن جيء بالياء وجب التنوين، نحو: تويسيط وتهيبيط
…
؛ لفقد وزن الفعل
…
الرابعة: أسماء يجوز صرفها ومنعها من الصرف وهي مكبرة، فإذا صغرت نحتم المنع، نحو: دعد، جمل، وهما علمان لفتاتيت. فيجوز فيهما المنع وعدمه قبل التصغير5. أما بعد "دعيد، جميل
…
" فيجب منعهما.
1 مصدر توسط.
2 اسم طائر. "بكسر أوله وثانيه وثالثه المشدد".
3 الشيء المقيم الثابت. "وضبطه: على وزن قنفذ، أو جندب".
4 انظر رقم 1 من هامش ص270.
5 أما جواز المنع فللعلمية والتأنيث، وأما جواز الصرف فلأنه علم ثلاثي، ساكن الوسط، غير منقول من مذكر لمؤنث، وغير أعجمي -طبقا لما سلف في ص238 ب.