الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة 161:
أما الشرطية 1:
صيغتها -معناها- أحكامها النحوية:
أ- صيغتها في الرأي الأرجح: "بسيطة"2 رباعية الأحرف الهجائية. ومن العرب من يقلب ميمها الأولى ياء3، فيقول في مثل:"أما الرياء فخلق اللئام، وصفة الضعفاء"
…
"أيما الرياء
…
" ومن هذا قول الشاعر يصف نفسه بالترف البالغ، والنعمة السابغة:
رأت رجلا أيما إذا الشمس عارضت4
…
فيضحى4. وأيما بالعشي فيخصر5
وقول الآخر:
مبتلة6، هيفاء. أيما وشاحها
…
فيجري، وأيما الحجل7 منها فلا يجري8
ب- ومعناها: الدلالة على أمرين متلازمين معها؛ هما: الشرطية9، والتوكيد10؛ فلا يخلو استعمال لها من اجتماع هذه الشرطية والتوكيد. وقد تقتصر عليهما -كما في مثل:"أما علي فمسافر"، وكما في المثال الأول-11 أو لا تقتصر، أو لا تقتصر، وهو الغالب
1 ستجيء أنواع مختلفة من: "أما" مفتوحة الهمزة ومكسورتها -في ص511.
2 أي: ليست مركبة من كلمتين، أو أكثر.
3 هي لغة لبني تميم. ويحسن اليوم عدم محاكاتها.
4، 4 ارتفعت. و"يضحي": يخرج من بيته، ولا يخرج قبل ذلك، خوف لبرد؛ لأنه مترف، ولاستغنائه عن السعي.
5 يشعر بالبرد. ويقول الصبان: إن الفعل بالخاء هنا، وإن الحاء خطأ.
6 منسقة الجسم.
7 الخلخال.
8 لأنها ثمينة منعمة.
9 تعليق أمر على آخر وجودا وعدما، وارتباطه به بنوع ارتباط؛ يغلب أن يكون السببية والمسببية على الوجه الذي سبق تفصيله عند الكلام على الجواب في البابين "ص 308، 353، 382، وفي رقم 5 هامش ص450 و3 من هامش ص454.
10 المراد بالتوكيد هنا. تحقق الجواب، والقطع بأنه حاصل، وأنه لا محالة واقع، ولو ادعاء. وسيجيء السبب في الصفحة الآتية.
11 لأن المراد؛ مهما يكون من شيء فالرياء خلق اللئام. فقد علقنا أمرا -هو الحكم بنسبة الرياء إلى خلق اللئام- على وجود شيء آخر، أي شيء
…
كما سيجيء هنا.
الكثير، فتدل معهما على التفصيل1؛ نحو: الناس طبقات
…
فأما الشريف فمن شرفت أعماله، وكملت خصاله، وإن كان فقيرا. وأما الدنيء فمن قبح صنعه، وساء طبعه، وإن كان غنيا. وأما العزيز فمن ترفع عن الدنايا، وأبي المهانة، وإن كان قليل الأهل والأتباع. وأما الذليل فمن رضي الهوان، وإن كان كثير الأهل والأعوان". فكلمة "أما" في هذا الكلام وأشباهه دالة على الشرطية؛ لقيامها مقام اسم الشرط:"مهما" وجملته الشرطية؛ -كما يأتي- "إذا المراد: مهما يكن من2 شيء فالشريف من شرفت أفعاله
…
وهكذا". وهي دالة على التفصيل فيه أيضا؛ بذكر الأقسام، والأفراد المتعددة المختلفة لشيء مجمل3. وهي دالة فيه على التوكيد أيضا.
ولإيضاح التوكيد نذكر أن من يقول: "محمد عالم" يقصد إثبات العلم لمحمد، ونسبته إليه، بغير تأكيد ولا تقوية. فإذا أراد أن يمنح المعنى فضل تأكيد، ومزيدا من التقوية أني بكلمة:"أما"، قائلا:"أما محمد فعالم". وسبب التأكيد والتقوية في هذا أنه يريد: "مهما يكن من شيء فمحمد عالم" فقد علق وجود علمه على وجود شيء، أي شيء آخر، بمعنى أن وجود العلم مترتب ومتوقف على وجود شيء يقع في الكون. ولما كان من المحقق المؤكد وقوع شيء في الكون حتما، كان من المحقق المؤكد -ادعاء- كذلك وقوع ما يترتب عليه؛ وهو:"العلم"؛ لأن تحقق السبب وحصوله لا بد أن يتبعه تحقق المسبب عنه، وحصوله على سبيل التحتيم4
…
وقد تدل على التفصيل تقديرا: أي: بغير ذكرها وذكر شيء معها، وإنما يدل عليهما السياق والقرائن؛ نحو:"الناس معادن؛ فأما أنفسها وأغلاها فالأخيار". التقدير: وأما أخسها وأرخصها فالأشرار. ونحو:
1 تبيين الأمور والأفراد المجتمعة تحت لفظ واحد يتضمنها إجمالا. وقد سبق الكلام عليه "في ج3 ص337 م118" وعن الصلة بينه وبين التقسيم والتفريق..
2 ويصح حذف "من" في هذه الأساليب، ونظائرها.
3 هو: الناس.
4 إذ المعلول "المسبب" لا بد أن يوجد بوجود علته "سببه".
"الأصدقاء ضروب. فأما أحسنهم فالوفي الأمين". التقدير: وأما أقبحهم فالغادر الخائن..
ج- وأحكامها النحوية تنحصر فيما يأتي:
1-
أنها أداة شرط؛ بسبب قيامها مقام اسم الشرط: "مهما" الواجب حذف جملته الشرطية هنا؛ فكأنها قائمة مقام: "مهما يكن شيء، أو: مهما يكن من شيء" بحيث يصح حذف "أما" ووضع "مهما يكن شيء، أو: مهما يكن من شيء" موضعها؛ فلا يفسد المعنى ولا التركيب مطلقا. وليس المراد من قيامها مقام اسم الشرط: "مهما" المحذوف شرطه وجوبا، أنها تعرب اسم شرط، أو فعل شرط، أو هما معا، ولا أن تؤدي معناهما تأدية حقيقية، يمكن بمقتضاها وضع "أما" في كل موضع تشغله "مهما" مع فعل شرطها
…
، ليس المراد هذا؛ لأن "أما" حرف، والحرف لا يؤدي معنى اسم وفعل معا، ولأن كثير من الأساليب يفسد تركيبه ومعناه إن حلت فيه "أما" في كل موضع تشغله "مهما" مع فعل شرطها
…
، وليس المراد هذا؛ لأن "أما" حرف، والحرف لا يؤدي معنى اسم وفعل معا، ولأن كثيرا من الأساليب يفسد تركيبه ومعناه إن حلت فيه "أما" محل "مهما" الشرطية وإنما المراد هو: صحة حذف "أما" الشرطية دائما ووضع: "مهما يكن شيء، أو: مهما يكن من شيء" موضعها. لأن في هذا رجوعا إلى الأصل، واستغناء عن النائب عنه، الذي ليست شرطيته أصيلة، وإنما هي مكتسبة بسبب نيابته.
وإعراب الجملة المشتملة على "أما" في مثل: "أما المخترع فعالم" هو: "أما" نائبة عن: "مهما يكن شيء، أو من شيء". "المخترع" مبتدأ مرفوع. "فعالم"
…
"عالم" خبر المبتدأ، وهذه الجملة الاسمية المكونة من المبتدأ والخبر في محل جزم جواب:"أما" النائبة عن "مهما" و "الفاء" زائدة داخلة على هذه الجملة الاسمية التي هي جواب اسم الشرط المحذوف الذي نابت عنه "أما" وكان الأصل أن تدخل على المبتدأ ولكنها تتأخر عنه إلى الخبر إذا لم يفصل بينها وبين الشرط فاصل -كما في هذه الصورة1.
وإعراب: "مهما يكن من شيء، أو شيء فالمخترع عالم"، هو:"مهما"، اسم شرط مبتدأ، "يكن" مضارع تام2، مجزوم؛ لأنه فعل الشرط.
1 سيجيء هذا الحكم في الصفحة الآتية.
2 بمعنى: يوجد.
"من شيء""من" حرف جر زائد، و"شيء" فاعل مرفوع بضمة مقدرة؛ منع من ظهورها حركة حرف الجر الزائد. هذا إن وجد الحر:"من"؛ فإن لم يوجد فالفاعل مرفوع مباشرة، على اعتبار:"يكن" فعلا مضارعا تاما1 في الحالتين -وهذا هو الأسهل. أما على اعتباره ناسخا فكلمة: "شيء" اسمه، وخبره محذوف تقديره:"موجودا"، والجملة الشرطية خبر "مهما"2. "فالمخترع" "الفاء" داخلة على جواب الشرط، و "المخترع" مبتدأ، و "عالم" خبره، والجملة من المبتدأ وخبره في محل جزم جواب الشرط: "مهما".
وهناك إعرابات أخرى نكتفي بالتلميح إليها دون الإطالة بذكرها؛ لسهولتها وجريانها على مقتضى القواعد العامة.
وليس من اللازم أن تكون: "أما" الشرطية في كل استعمالاتها قائمة مقام: "مهما يكن شيء أو من شيء" بهذا التبعير الحرفي؛ فمن الجائز -في أساليب أخرى- أن تقوم مقام تعبير شرطي آخر مناسب للسياق وللمعنى والمراد؛ كقولهم في الرد على من يشك في علم شخص أو شجاعته: "أما العلم فعالم"، و"أما الشجاعة فشجاع"
…
بنصب كلمتي: "العلم، والشجاعة"، على تقدير: مهما ذكرت العلم ففلان عالم
…
-مهما ذكرت الشجاعة ففلان شجاع. بل إن هذا التقدير أحسن على اعتبار هذه الأسماء المنصوبة مفعولا به للفعل: "ذكرت"، ونحوه3.
2-
وجوب اقتران جوابها بالفاء الزائدة للربط المجرد4؛ فليست للعطف ولا لغيره. ومع أنها زائدة للربط لا يجوز حذفها إلا إذا دخلت على معقول محذوف؛ فيغلب حذفها معه، حتى قيل إنه واجبن كقوله تعالى:{فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ} والأصل: فيقال لهم: أكفرتم
…
، وفي غير هذه
1 بمعنى: يوجد.
2 على الرأي القائل إنها الخبر، أو الجملة الجوابية، أو هما معا على الرأي القائل بذلك.
3 هذا الإعراب أحسن من إعرابها إياها مفعولا مطلقا معمولا للمشتق الذي بعد الفاء في الجملة الجوابية، أو مفعولا لأجله لفعل الشرط المحذوف إن كان الاسم معرفة، وحالا من مفعول الفعل المحذوف إن كان نكرة. وإنما كان أحسن لأن تقدير هذا الفعل مطرد في كل موضع، ولا يترتب عليه أن يكون ما بعد هذه الفاء عاملا فيما قبلها وهذا ممنوع عندهم، وإن كان أكثرهم يجيزه بعد هذه الفاء الداخلة في جواب "أما" الشرطية. "وانظر رقم 4 في هامش الصفحة التالية".
4 يوضح هذا الرب ما سبق في نظيرتها برقم 8 ص458.
الحالة سمع حذفها نادرا في النثر، وفي الضرورة الشعرية، وهذان لا يقاس عليهما اختيار.
ويجب تأخير الفاء إلى الخبر إن كان الجواب جملة اسمية مبتدؤها غير مفصول من "أما" بفاصل -كما أسلفنا-1 ومن أمثلته أيضا قول الشاعر:
ولم أر كالمعروف؛ أما مذاقه
…
فحلو، وأما وجهه، فجميل
…
2
3-
وجوب الفصل بينها وبين جوابها، بشرط أن يكون الفاصل أحد الأمور الآتية:
أ- المبتدأ3؛ كبعض الأمثلة السابقة، وقول الشاعر:
أما الخليل فلست فاجعه
…
والجار أوصاني به ربي
ب- الخبر؛ نحو: أما مكريم فالعربي. وأما في البادية فالشجاعة.
ح- الجملة الشرطية وحدها دون جوابها؛ نحو قوله تعالى في الميت: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} ويجب أن يكون جواب الجملة الشرطية محذوفا استغناء بجواب "أما".
د- الاسم المنصوب لفظا أو محلا بجوابها ولا مانع هنا من أن يعمل ما بعد الفاء فيما قبلها4، فالأول كقوله تعالى:{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} 5. والثاني كقوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} ،
1 في الصفحة السابقة.
2 وبعده.
ولا خير في حسن الجسوم وطولها
…
إذا لم يزن حسن الجسوم عقول
…
وقد سبق البيت في الجزء الثاني، لمناسبة هناك، باب حروف الجر "م90" عند الكلام على الكاف.
3 وقد يكون المبتدأ مستلزما شيئا يذكر معه؛ كالمبتدأ اسم الموصول في قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا} واسم الموصول يستلزم صلة حتمية.
4 انظر رقم 3 من هامش الصفحة السابقة..، وقال الرضي: يصح أن يتقدم على هذه الفاء من معمولات الجواب: المفعول به، والمفعول المطلق، والمفعول لأجله، والظرف، والحال.
5 لا تنهر، أي: لا تنهره لا تزجره بشيء يؤلمه -قولا أو عملا.
لأن الجار مع مجروره في حكم المفعول به، فكأنه منصوب محلا. والفصل في الصورتين واجب؛ إذ لا يصح دخول "أما" على الطلب مباشرة. وقد اجتمع النوعان من الفصل في قول الشاعر:
نزور أمرأ؛ أما الإله فيتقي
…
وأما بفعل الصالحين فيأتمي1
هـ- الاسم المعمول لمحذوف يفسره ما بعد "الفاء"، نحو: أما المخترع فأعظمه2.
و شبه الجملة المعمول لـ"أما" إذا لم يوجد عامل غيرها؛ لما فيها من معنى الفعل الذي نابت عنه، ويصح اعتباره معمولا لفعل الشرط المحذوف. فمثال الفصل بالظرف3: أما اليوم فالصناعة ثروة. ومثال الفصل بالجار والمجرور: أما في القتال فالسلاح العلم.
ز- الجملة الدعائية بشرط أن يسبقها شبه جملة، نحو: أما الآن -حفظك الله- فأنا مسافر. أو: أما في بلدنا -صانها المولى- فالأحوال طيبة
…
3-
جواز حذفها لدليل؛ ويكثر هذا قبل الأمر والنهي؛ كقوله تعالى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ، وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ، وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} ، والدليل على حذفها فيما سبق هو "الفاء" التي لا مسوغ لها إلا دخولها في الجواب. كما أن التنويع في
1 يأتم ويحاكي.
2 ومنه قوله تعالى: "وأما ثمودَ فهديناهم" -بنصب "ثمود" في إحدى القراءات.
ويقول كثير من النحاة: إن تقدير العامل واجب بعد الفاء وقبل ما دخلت عليه؛ بحجة أن "أما" نائبة عن الفعل، فكأنها فعل والفعل لا يلي الفعل، وهذا كلام لا يحسن الأخذ به هنا. ولهذه الآية بيان مفيد في الجزء الثاني، باب:"الاشتغال"، م69 عند الكلام على "الاستغال بمعناه العام، ص134.
3 ومن أمثلة الفصل بالظرف وقوع الظرف: "بعد" تاليا "أما الشرطية" ويكثر هذا في صدر الخطب، وفي افتتاح الكلام الهام، وبين موضوعاته المتنوعة، الطويلة، فيقال في كل ما سبق:"أما بعد"
…
وقد تحذف "أما" وتجيء الواو بدلها؛ فيقال: "وبعد"، مثل قول الخطيب:"بسم الله، والحمد لله. "وبعد" فإن لكل مقام مقالا
…
".
أما إعراب هذا الظرف، وحكم الفاء بعده فمدون تفصيلا عند الكلام عليه في ج2 م79 ص265 -باب: الظرف، وكذلك في ج3 باب: الإضافة عند الكلام على الألفاظ الملازمة في الغالب للإضافة.
السياق يدل على حذفها1
…
4-
جواز حذف جوابها -لقرينة تدل عليه- ومعه: الفاء على الوجه الذي تقدم في الحكم الثاني2. وفيه المثال؛ وهو قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ} والأصل: فيقال لهم: أكفرتم.
وكقوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ} أي: فيقال لهم
…
1 وفي الكلام على "أما" الشرطية يقول ابن مالك في باب مستقل عنوانه: "أما، ولولا، ولوما".
أما كمهما يك من شيء، و"فا"
…
لتلو تلوها وجوبا ألفا
"فا" أي: فاء، تلو بمعنى التالي".
الأصل: أما كمهما يكن من شيء، و"فاء" ألف وجوبا لتالي تاليها؛ أي: للجواب؛ لأن تاليها مباشرة هو: الشرط، وتالي التالي هو الجواب. فيجب اقترانه بالفاء تبعا للمألوف في الكلام الفصيح ويفهم من هذا أن حذفها غير مألوف فيه؛ كما وضحه بقوله بعد هذا مباشرة:
وحذف ذي "الفا" قل من نثر إذا
…
لم يك قول معها قد نبذا
"ذي: هذه، نبذ: حذف" يريد: أن حذف هذه الفاء قليل في النثر لا يقاس عليه إلا إذا حذفت مع القول -كما شرحنا- وقد اكتفى بالبيتين السابقين في الكلام على "أما" وكل يختص بها.
2 ص507.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
1-
تختلف "أما" الشرطية السالفة في صيغتها، ومعناها، وأحكامها عن "أما" مفتوحة الهمزة، المركبة من "أن" المصدرية، و"ما" التي جاءت عوضا عن "كان" المحذوفة، وقد سبق بيانها تفصيلا1.
كما أنها تختلف عن "أما" التي أصلها: "أم" و"ما" المدغمتين -عند من يكتبها متصلتين، وليس هذا بالمستحسن -نحو: أسقيت الحقل أماذا؟ والفرق أوسع بينها وبين "إما" مكسورة الهمزة التي لا شرطية معها. قال الفخر الرازي في تفسيره2 وقد عرض لهما:
إذا كنت آمرا، أو ناهيا، أو مخبرا -فالهمزة مفتوحة، نحو: أما الله فاعبده، وأما الخمر فلا تشربها، وأما الضيف فقد خرج. وإن كنت مشترطا3 أو شاكا أو مخيرا -فالهمزة مكسورة- فمثال الاشتراط: إما4 تعطين المحتاج فإنه يشكرك. وقوله تعالى: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} ، ومثال الشك، لا أدري من قام، إما من محمد وإما علي، ومثال التخيير: لي في المدينة دار فإما أن أسكنها وإما أن أبيعها.
2-
وهناك "إما العاطفة" التي سبق تفصيل الكلام عليها في الجزء الثالث5 مع الإشارة هناك لبعض الأنواع الأخرى التي ليست عاطفة.
3-
تكثر "أما الشرطية" التي يليها الظرف: "بعد" في مواضع أشرنا إليها "في رقم 3 من هامش ص509" كما أشرنا هناك إلى جواز الاستغناء عن "أما الشرطية" أحيانا، في ذلك الأسلوب، ووضع الواو مكانها فيقال: "
…
و"بعد" فإن لكل مقام مقالا
…
" وتفصيل الكلام على هذا الظرف، وحكم الفاء التي تليه مدون في مكانه المناسب، وهو باب: "الظرف" ج2 م79 ص265.
1 ج1 ص431م، م45 باب:"كان".
2 ج14 ص212.
3 مستعملا أداة الشرط.
4 في هذه الصورة تكون مركبة من "إن" الشرطية "وما" الزائدة المدغمة فيها.
5 م118 ص593 وما بعدها -ما باب: "عطف النسق".