المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المسألة 152: السبب في إضمار "أن" وجوبا، وجوازا: تقدمت1 المواضع التي تضمر - النحو الوافي - جـ ٤

[عباس حسن]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الرابع

- ‌المسألة 127: النداء وما يتصل بأحكامه

- ‌مدخل

- ‌المسالة 129: الجمع بين حرف النداء، و"أل

- ‌المسألة 130: أحكام تابع المنادى

- ‌المسألة 131: المنادى المضاف إلى ياء المتكلم

- ‌المسألة 132: الأسماء التي لا تكون إلا منادى

- ‌المادة 133: الاستغاثة

- ‌المسألة 134: النداء المقصود به التعجب

- ‌المسألة 135: الندبة

- ‌المسألة 136: المندوب المضاف لياء المتكلم

- ‌المسألة 137: الترخيم

- ‌المسألة 138: القسم الثاني ترخيم الضرورة الشعرية

- ‌المسألة 139: الاختصاص

- ‌المسألة 140: التحذير والإغراء

- ‌المسألة 141: أسماء الأفعال

- ‌المسألة 143: نونا التوكيد

- ‌المسألة 144: إسناد المضارع والأمر إلى ضمائر الرفع البارزة بغير توكيدها، ومع التوكيد

- ‌المسألة 145: ما لا ينصرف

- ‌مدخل

- ‌المسألة 147:

- ‌المسألة 148: إعراب الفعل المضارع

- ‌المدخل

- ‌المسألة 149:

- ‌المسألة 150:

- ‌المسألة 151:

- ‌المسألة 152:

- ‌المسألة 153: إعراب المضارع

- ‌مدخل

- ‌المسألة 154:

- ‌المسألة 155:

- ‌المسألة 156:

- ‌المسألة 157:

- ‌المسألة 158:

- ‌المسألة 159:

- ‌المسألة 160:

- ‌المسألة 161:

- ‌المسألة 162: أدوات التحضيض، والتوبيخ، والعرض، والامتناع

- ‌المسألة 163: العدد

- ‌مدخل

- ‌المسألة 164: تمييز العدد

- ‌المسألة 165: تذكير العدد وتأنيثه

- ‌المسالة 166: صياغة العدد على وزن "فاعل

- ‌المسألة 168: كنايات العدد

- ‌المسألة 170: المقصور، والممدود

- ‌المسألة 172: جمع التكسير

- ‌مدخل

- ‌المسألة 173:

- ‌المسألة 174: أحكام عامة

- ‌المسألة 175: التصغير

- ‌المسألة 177: النسب

- ‌مدخل

- ‌المسألة 178: النسب إلى ما حذف منه بعض أصوله

- ‌المسألة 179: أحكام عامة في النسب

- ‌المسألة: التصريف

- ‌مدخل

- ‌المسألة 181: الإعلان والإبدال

- ‌المسالة 184: الإعلال بالحذف

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌ ‌المسألة 152: السبب في إضمار "أن" وجوبا، وجوازا: تقدمت1 المواضع التي تضمر

‌المسألة 152:

السبب في إضمار "أن" وجوبا، وجوازا:

تقدمت1 المواضع التي تضمر فيها "أن" الناصبة بنفسها للمضارع بالرغم من إضمارها. ولا ترضى جمهرة النحاة أن يكون الناصب في تلك المواضع عاملا آخر. وتتلخص الحجة فيما يأتي:

نصب المضارع لا بد أن يكون أثرا لعامل ناصب، إن لم يظهر في الكلام فلا مناص من تقديره مختفيا2 يعمل النصب وهو مضمر2

؛ إذ لا يستقيم المعنى بغير إضماره جوازا حينان ووجوبا حينا آخر.

أ- يتضح هذا من مواضع الإضمار الجائز التي منها "المضارع المسبوق بلام التعليل"3 "في مثل: تداوي المريض ليبرأ -تعلم الناشئ ليسعد- أجاد الصانع ليشتهر"

فسبب الإضمار هنا أن "التعليل" أمر معنوي محض؛ فهو -كسائر الأمور المعنوية المحضة- متجرد من الدلالة على الزمان، أو المكان، أو الذات، أو غيرهما

، مقتصر على الناحية العقلية الخالصة؛ "ومن الأمثلة أيضا: التداوي، البرء، التعلم، السعادة، الاشتهار، القيام، القعود، الحصد، الأكل، الشرب، السفر

" على حين يتضمن المضارع الذي بعد "لام التعليل" الدلالة على الزمان4 حتما؛ فهو مخالف لذلك القانون اللغوي الثابت الخاص بالتعليل؛ ومناقض له، مع أنهما لفظان متصلان متلاصقان في كلام واحد مرتبط المعنى. فلا بد من منع هذا التناقض بوسيلة سائغة تخضع هذا المضارع للقانون العام المطرد. وقد وجدها النحاة فيما يسمونه: "المصدر المؤول". وزاد اطمئنانهم إليه حين رأوا العرب يعطفون عليه المصدر الصريح -وهو يدل على المعنى المجرد- عطفا يدل على اشتراكهما في الدلالة المعنوية المحضة. ولم يبق بعد هذا إلا

1 في ص284 و317 وما بعدها.

2 و2 وقد يكون محذوفا سماعا في بعض الحالات -كالتي في المسألة السالفة- مع ملاحظة أن الإضمار غير الحذف؛ كما تقدم في رقم 1 من هامش ص400.

3 قلنا عن "لام التعليل" -في ص285- "إنها حرف جر أصلي يفيد "التعليل" وهي التي بمعنى: "لأجل كذا

" فما بعدها في الإغلب علة قبلها في الكلام المثبت

4 فوق دلالته المعنوية.

ص: 402

اهتداؤهم إلى الحرف المصدري السابك. فهل يكون لام التعليل في الأمثلة السالفة؟

قالوا: لا؛ لأنها حرف جر، والمضارع بعدها منصوب، ولا يقبل الجر. فما الذي نصبه وليس في الكلام عامل نصب؟ هل تكون لام جر ونصب معا. فتنصب المضارع بنفسها، وتجر الصدر المنسبك بنفسها كذلك؟

قالوا: لا؛ إذ ليس في الحروف كلها ما يعمل عملين مختلفين في كلمة واحدة، ووقت واحد.

هل تكون قد تجردت للسبك مع النصب، كما تجردت لهما "أن المصدرية"؟ لا يقال هذا؛ لأنها لو تجردت لهما معا لوجب حذفها بعد إتمام السبك، وقيام المصدر المؤول -عملا بما تقتضيه قواعد السبك- لكن حذفها يؤدي إلى خلو الكلام من العلامة الهامة الدالة على التعليل، والمرشدة إلى ضبط المصدر المنسبك، وإعرابه، وضبط ما قد يكون له من توابع -كالعطف والبدل.....

وأيضا يمنع من اعتبارها حرف نصب ما تردد في الكلام الفصيح من ورود التوابع للمصدر المؤول مجروره لا منصوبة. وهذا يقطع بأن المتبوع "وهو" المصدر المؤول" مجرور ليس غير. ولا عامل يصلح لعمل الجر في الجملة إلا هذه اللام.

ولو بقيت -بالرغم مما في بقائها من مخالفة ضوابط السبك، كما أسلفنا- لأدى بقاؤها إلى اللبس والاضطراب أيضا؛ إذ لا نستطيع الحكم عليها بأنها هي التي كانت قبل السبك أو أنها أخرى جاءت بعده. والفرق المعنوي والإعرابي كبير بين النوعين. فلم يبق إلا أن الناصب السابك حرف غير مضمر. هو:"أن" دون غيره. وأساس اختيار هذا الحرف: استقراء الكلام العبي في أفصح أساليبه؛ فقد دل على أن العرب يعمدون في اِلأسلوب الواحد إلى إظهار الحرف "أن" بعد "لام التعليل" أو إلى إضماره، مع نصب المضارع في الحالتين1، دون أن يختلف المعنى في التركيب مطلقا بسبب إظهار "أن" أو عدم الإظهار.

وما قبل في "لام التعليل" يقال في غيرها من الحروف الأخرى التي تضمر بعدها "أن المصدرية" إضمارا جائزا.

ب- وأما إضمارها وجوبا بعد أحرف أخرى معينة؛ "كالفاء، والواو،

1 أوضحنا الفوارق الكثيرة بين المصدر الصريح والمؤول -في الجزء الأول باب الموصول م29 ص377- وبسطنا هناك الأسباب الداعية لاستعمال المصدر المؤول دون التصريح.

ص: 403

وحتى

و

و

" فلأن كلا منها يؤدي معنى خاصا محتوما؛ كالسببية، والمعية، والتعليل، والغائبة

و

، وكل هذه معان عقلية مجردة، لا حالالته فيها لزمان، أو مكان، أو ذات، أو غيرها

-على الوجه الذي شرحناه- فلا توافق بينها وبين المضارع؛ لاقتضائه الزمان حتما. فلا مفر من البحث عن وسيلة تمنع التعارض هنا، وتجعل الجملة المضارعية بعد هذه الأحرف المعينة، في عداد ما يدل على الأمر المعنوي المحض، وهذه الوسيلة هي المصدر المسؤول. والحرف السابك هو "أن" دون غيره من الأحرف السالفة التي تسبق المضارع المنصوب؛ لأن اختيار واحد من تلك الأحرف السالفة التي تسبق المضارع المنصوب؛ لأن اختيار واحد من تلك الأحرف التي لها معان معينة خاصة يؤدي إلى فساد المعنى العاملي الوجه الذي تقدم في "لام التعليل"، وإلى خلو التركيب من الأثر النحوي الهام على الوجه الذي يقوم به كل حرف منها؛ كالعطف، والجر، و

و

، وليس من الممكن -طبقا للأساليب الصحيحة الواردة أن يقوم بهذا الأثر النحوي وينصب معه المضارع أيضا؛ فليس بين الحروف ما يقوم بأثرين إعرابيين معا في موضع واحد وزمن واحد -كما تقدم- وهذا الأثر ضروري في ربط شطري الكلام "قبل الحرف وبعده" ومنع تفكك أجزائه، وفي الوصول إلى ضبط الأفعال المضارعة ضبطا صحيحا. ولذا تمسك النحاة بأن تعمل هذه الأحرف العطف أو غيره مما يخص كلا منها. ومن أوضح الأمثلة:"فاء السببية" وهي عاطفة لا محالة -في الرأي الأرجح- وللعطف أثر في حالات كثيرة؛ حيث ينصب النفي على ما قبلها وما بعدها معا، أو على ما بعدها وحده. وحيث يختلف ضبط المضارع من رفع واجب في مواضع، إلى نصب واجب في أخرى، وإلى جواز الأمرين أو وجوب الجزم في غيرها.. ويترتب على كل ضبط معنى يخالف الآخر -كما سبق عند الكلام عليها1.

وما يقال في "فاء السببية" يقال في غيرها من باقي الأدوات التي تضمر بعدها "أن" وجوبا.

هذا ملخص ما تحتج به الجمهرة المستمسكة بإضمار "أن" وهو يشهد لها بالحذق، والبراعة، وسداد الرأي. فمن التسرع أو جنف الهوى اتهامها -في هذا الحكم- بالتشدد، أو الجمود، أو الاستمساك بما لا داعي له، أوما لا خير فيه.

1 في ص359 والبيان هناك جليل الشأن.

ص: 404