الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة 170: المقصور، والممدود
1
أ- المقصور هو: الاسم المعرب الذي آخره ألف لازمة2؛ مثل: الهدى، الهوى، المولى، في قول أحد الزهاد:"كلما جنحت نفسي إلى القوى تذكرت غضب المولى؛ فيرجعني التذكر إلى الهدى". ومثل كلمة: "الغنى" في قولهم: خير الغنى غنى النفس.
فليس من المقصور الأفعال المختومة بالألف، مثل: دعا، ارتضى، يخشى
…
، ولا الحروف المختومة بالألف؛ مثل: لا، إلى، على
…
، ولا الأسماء المبنية المختومة بألف؛ مثل: إذا، أو: ما الموصولة، ونحوهما
…
، ولا الأسماء المعربة المختومة بحرف علة غير الألف؛ مثل:"الداعي، الهادي"، "أدكو3، طوكيو"4
…
ولا المثنى في حالة رفعه، ولا الأسماء الستة في حالة نصبها؛ لأن الألف في هاتين الحالتين غير ثابتة؛ إذ ألف المثنى لا توجد في حالة نصبه أو جره، وألف الأسماء الستة لا توجد في حالة رفعها أو جرها.
وحكم المقصور الإعراب بالحركات المقدرة على آخره في جميع حالاته5؛ وإذا
1 هما من أقسام الاسم المعتل الآخر. والنحاة لا يطلقونهما على اسم إلا إذا كان معربا. أما اللغويون والقراء، فلا يتقيدون؛ فيطلقونهما على الاسم، سواء أكان معربا أم مبنيا؛ فيقولون: في "أولاء" اسم إشارة: إنه ممدود، وفي "أول" اسم إشارة أيضا: إنه مقصور، مع أنهما مبنيان.
أما الكلام على المنقوص من ناحية تعريفه مفصلا ففي ح1 م16 ص172 - وأما من ناحية تثنيته، وجمعه ففي هامش ص613.
وبقي قسم ثالث، هو الاسم المعتل الآخر بالواو "وسيجيء الكلام عليه وبيان حكمه في هامش ص614" ومما يتصل بالأقسام السابقة ويزيدها بيانا وتوفية ما سبق عنها في الجزء الأول "م16 ص169، ورقم 4 من هامش ص291 م24، ورقم 1 من هامش ص310 م26".
2 أي: لا تفارقه. وإذا فارقته أحيانا لعلة صرفية طارئة -مثل التقاء الساكنين- لم تعتبر المفارقة حقيقة "انظر رقم 6 من هامش ص605".
3 بلد في مصر.
4 حاضرة اليابان.
5 وبسبب هذا الحكم كان بعض النحاة الأوائل يسميه -وهذا لا يصح الآن بعد استقرار المصطلحات، وثباتها:"المنقوص" لأن الألف في آخره حلت محل الياء والواو، وهما يتحركان رفعا، ونصبا، وجرا. أما الألف فلا تتحرك فنقص في الظاهر بسببها.
"راجع كتاب "المقصور والممدود" لابن ولاد المتوفى حول سنة 332 وقد سبق "في ج 3 م 97 ص 174 باب: "المضاف لياء المتكلم" أن بعض العرب يقلب ألف المقصور ياء ويدغمها في ياء المتكلم؛ فيقول في كلمة مثل: "هدى" عند إضافتها لياء المتكلم: "هدى خير الوسائل للسعادة"، وفي هذه الصورة يكون معربا بالياء التي أصلها الألف، بدلا من حركات الإعراب التي كانت مقدرة على الألف، فهو مما ناب فيه حرف عن حركة. لكن هذا الرأي لا يحسن اليوم محاكاته -مع جواز المحاكاة- منعا لفوضى التعبير، والإساءة إلى البيان.
جاء بعد ألفه تاء التأنيث -نحو: فتاة، مباراة- زال عنه اسمه وحكمه؛ وصار الإعراب على هذه التاء1. وقد سبق إيضاح هذا كله، وبيان كثير من تفصيلاته2.
كيفية صوغ المقصور:
المقصور نوعان: قياسي يخضع للقواعد النحوية، ويصوعه -في العصور المختلفة- الخبير بهذه القواعد. وسماعي تختص به مراجع اللغة. ويعرفه المطلع على مفرداتها الواردة عن العرب.
والقياسي يصاغ على صور متعددة؛ منها:
1-
أن يصاغ المقصور مصدرا على وزن: "فعل""بفتح أوله وثانيه"، بشرط أن يكون فعله الماضي ثلاثيا، لازما، معتل الآخر بالياء، على وزن:"فعل""بفتح فكسر" وبشرط أن يكون لهذا المصدر المعتل الآخر وفعله المعتل الآخر بالياء نظائر على وزنهما من الفعل الصحيح الآخر، مصدره صحيح الآخر أيضا، بحيث يتفق الفعلان والمصدران في وزنهما؛ نحو: ثري3 الرجل ثري، هوي4 هوى، شقي شقا، جوي5 جوى6
…
1 لأنه يشترط في المقصور أن يكون مختوما بألف لازمه تجري عليها علامات الإعراب مقدرة. وهذا الشرط الأساسي لا يتحقق إذا جاءت تاء التأنيث بعد ألفه، كما في المثالين السالفين "فتاة، مباراة
…
" ونظائرهما؛ إذ تصير الألف حشو "أي: غير متطرفة" وتصير علامات الإعراب ظاهرة على تاء التأنيث وحدها؛ لأنها الحرف الأخير. وتظل الألف قبلها ثابتة معها في حالة التثنية، فلا تنقلب شيئا، ولا تجري عليها علامات الإعراب، -كما قلنا- وتثبت التاء أيضا في حالة التثنية، كي تدل على التأنيث، وتليها علامتا إعراب المثنى، فيقال فتاتان، فتاتين، مباراتان، مباراتين
…
وهكذا.
2 ج1 ص122 م15.
3 بمعنى: غني، أي: اغتنى.
4 أحب.
5 أحب، أو: حزن.
6 وزن هذه المصادر على حسب أصلها هو: فعل -بفتح الأول فالثاني- "أي: ثرى، هوى، شقو، جوى
…
" تحرك حرف العلة الأخير "وهو الواو والياء" وانفتح ما قبله، فانقلب ألفا، ثم حذفت الألف وجوبا في النطق؛ لأن ألف المقصور تحذف حتما عند تنوينه لالتقائهما مع التنوين، فهي محذوفة لفظا، والمحذوف لعة تصريفية من هامش ص605".
ونظائرها من الصحيح الآخر: فرح فرحا، أشر أشرا، بط بطا، ورم ورما
…
لأن "فعل" اللازم قياس مصدره -في الغالب- "فعل"، كما عرفنا1. فالمصادر:"ثرى، هوى، شقا، جوى" هي وأشباهها، نوع من المقصور القياسي.
2-
ومنها: أن يصاع المقصور المفرد جمعا للتكسير على وزن: فعل "بكسر ففتح" بشرط أن يكون المفرد على وزن: "فعله" المختومة بتاء التأنيث التي قبلها حرف علة؛ وبشرط أن يكون لهذا المفرد وجمعه نظائر من المفرد الصحيح وجمعه على وزنهما؛ نحو: حلية وحلى، بنية2 وبنى، رشوة ورشا، فرية3 وفرى، مرية4 ومرى، فمجموع التكسير السابقة5 هي وأشباهها، نوع من المقصور القياسي. ونظائرها من الصحيح: قربة وقرب، فكرة وفكر، نعمة ونعم، حكمة وحكم
…
؛ لأن "فعلة" السالفة يكثر جمعها على: "فعل"
…
3-
ومنها: أن يصاغ المقصور المفرد جمعا للتكسير على وزن: "فعل""بضم ففتح" بشرط أن يكون المفرد على وزن: "فعلة" المختومة بتاء التأنيث التي قبلها حرف علة. وبشرط أن يكون للمفرد وجمعه نظائر من المفرد الصحيح وجمعه على وزنهما، نحو: دمية ودمى، رقية ورقى، قدوة وقدى، قوة وقوى، كوة وكوى
…
فجموع التكسير السالفة5 هي -وأمثالها- نوع من المقصور القياسي. ونظائرها من الصحيح: غرفة وغرف، ركبة وركب، طرفة وطرف، قربة وقرب؛ لأن "فعلة" يكثر جمعها للتكسير على: فعل.
1 وهذا إن لم يكن دالا على لون، أو معالجة، أو شيء ثابت. وتفصيل هذا كله في الباب الخاص؛ وهو باب: أبنية المصادر "ج3 ص144 م98".
2 الشيء المبني.
3 كذب.
4 شك.
5 و5 وقد جرى على أصولها من الإعلال ما شرحناه في رقم 6 من هامش الصفحة السالفة.
4-
ومنها: أن يضاغ المقصور صياغة اسم مفعول، وفعله الماضي معتل الآخر، يزيد على ثلاثة أحرف، بشرط أن يكون الاسم المفعول وفعله نظائر من صحيح الآخر، على وزنهما؛ "نحو: معطى، وفعله: أعطى، معفى، وفعله: أعفى"
…
ونحو: "مرتقى، وفعله: ارتقى، مستوى، وفعله: استوى".. ونحو: "مستقصى، وفعله: استقصى، مستدعى، وفعله: استدعى"
…
فأسماء المعفول السابقة1 من غير الثلاثي هي -وأمثالها- ضرب من المقصور القياسي.
ونظائرها من الصحيح الآخر: "أكرمت فلانا فهو مكرم، وأخبرته فهو مخبر"، "احترمت العالم العامل؛ فهو محترم، واجتلبت الرزق بالعمل؛ فهو مجتلب"، "استغفرت الله؛ فهو مستغفر، واستخلصت الأمر؛ فهو مستلخص"
…
لأن اسم المفعول القياسي للفعلين السلفين يجيء على هذا الوزن2.
أما المقصور السماعي فينطبق عليه تعريف المقصور؛ ولكنه لا يخضع للضوابط السالفة التي من أهمها وجود نظير له من الصحيح. والأمر فيه راجع إلى الوارد المسموع دون غيره. ومن أمثلته؛ فتى، ثرى، سنا3، حجا4.
1 وقد جرى على حرف العلة الأخير منها -وهي أحد حروفها الأصلية- ما جرى من الإعلال الذي سبق في رقم 6 من هامش ص606.
2 وفي المقصور القياسي يقول ابن مالك في بابه عنوانه: "المقصور والممدود":
إذا اسم استجوب من قبل الطرف
…
فتحا، وكان ذا نظير؛ كالأسف
فلنظيره المعل الآخر
…
ثبوت قصر، بقياس ظاهر
كفعل، وفعل، في جمع ما
…
كفعلة. وفعلة؛ نحو: الدمى
يقول: "إن الاسم الصحيح الآخر إذا استحق فتح ما قبل آخره وجوبا -مثل: أسف" مصدر الفعل: أسف- وكان هذا الاسم الصحيح الآخر نظير معتل، مفتوح قبل آخره، فإن هذا النظير يثبت له القصر؛ بمقتضى قياس ظاهر، أي: قياس لا خفاء فيه؛ فلا يكون موضع اختلاف. وساق لهذا الاسم المقصور وزنين يكون عليهما؛ هما وزن: "فِعَل وفُعَل" والأول منهما جمع مفرد: فعلة -ولم يذكر له مثالا، وقد ذكرنا الأمثلة في الشرح- والثاني منهما جمع مفردة: فعلة؛ كالدمى، مفرده: دمية.
3 ضوء.
4 عقل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
هناك أشياء أخرى -غير ما سلف- في القصور القياسي، منها: ما كان جمعا لفعلى. أنثى الأفعل؛ كالدنا والدنا، والقصوى والقصا، ونظيرهما من الصحيح: الكبرى والكبر، والأخرى والأخرى
…
وكذلك ما كان من أسماء الأجناس دالا على الجمعية بالتجرد من التاء وهو على وزن، "فعل"، وعلى الوحدة بوجود التاء؛ كحصاة وحصى، وقطاة وقطا، ونظيرهما من الصحيح؛ شجرة وشجر، ومدرة ومدر.
وكذلك: "المفعل" مدلولا به على مصدر ميمي أو على اسم زمان أو اسم مكان؛ نحو ملهى، ومسعى؛ فإن نظيرهما من الصحيح مذهب، ومسرح. وكذلك:"المفعل" مدلولا به على آلة؛ نحو: مرمى ومهدى "لوعاء الهدية" ونظيرهما من الصحيح: مخصف ومغزل. إلى غير هذا مما أشارت إليه المطولات
…
ب- الممدود: هو الاسم المعرب الذي آخره همزة قبلها ألف زائدة
…
نحو: قراء، بداء، سماء، بناء، عوراء، خضراء فإذا كانت الهمزة بعد ألف أصلية فليس بممدود -اصطلاحا- نحو: ماء، وكذلك إن وقعت الهمزة بعد ألف زائدة وفي آخر الاسم تاء التأنيث -نحو: هناءة- فإنه لا يسمى في هذه الصورة ممدودا، ولا تجري عليه أحكام الممدود؛ لأن الممدود لا بد أن يكون مختوما بالهمزة، وتجري عليها حركات ضبطه1.
وهو قسمان؛ قياسي، وهذا من اختصاص النحوي، وسماعي، وهو من اختصاص اللغوي، فالقياسي يصاغ على أشكال متنوعة، منها:
1-
أن يصاغ مصدرا لفعل ماض معتل الآخر بالألف على وزن: "أفعل" بشرط أن يكون لهما نظير في الصحيح الآخر على وزنهما في الفعل ومصدره
…
-كما شرحنا-2 نحو: أعطى إعطاء، أربى إرباء، أفنى إفناء، أغنى إغناء
…
" فالمصادر السالفة إعطاء، إلرجاء، إفناء، إغناء
…
" وأشباهها نوع من الممدود القياسي. ونظائرها من الصحيح: إقدم وإقدام، أعلن وإعلان، أخبر وإخبار، أبرم وإبرام؛ لأن مصدر الماضي الرباعي السالف يكون على هذا الوزن قياسا.
2-
أن يصاغ مصدرا لفعل ماض خماسي أو سداسي بشرط أن يكون معتل الآخر في الحالتين، وأن يكون مبدوءا بهمزة وصل فيهما، وله ولمصدره نظائر من الفعل الصحيح الآخر ومصدره، على وزنهما، نحو: "اعتلى واعتلاء، ارتقى وارتقاء، انتهى وانتهاء
…
" ونحو: "استعلى واستعلاء، استقصى واستقصاء، استجدى واستجداء
…
" هي مصادر من نوع: "الممدود". ونظائرهما من الصحيح "اكتسب واكتساب، اتخذ واتخاذ، انهمر وانهمار
…
" وكذا: "استغفر واستغفار، استعلم واستعلام، استظهر واستظهار
…
"، وهذا الوزن هو القياسي لمصدر الفعلين الماضيين السالفين..
3-
أن يصاغ مصدرا على وزن: "فعال" بشرط أن يكون ماضيه ثلاثيا معتل الآخر على وزن: فعل "بفتح أوله وثانيه"، والدال على صوت، أو داء،
1 وهذا هو الحكم العام للممدود.
2 عند الكلام على المقصور في ص605.
وبشرط أن يكون له نظير من الفعل الصحيح الآخر ومصدره، على وزنهما، نحو: عوى وعواء، رغا، ورغاء1، ثغا وثغا2 ونحوه: مشى بطنه مشاء. ونظيرهما من الصحيح الآخر: صرخ وصراخ، دار ودوار؛ لأن "فعالا" مصدر قياسي للثلاثي الدال على صوت أو داء -كما سبق.
4-
أن يكون مفردا لجمع تكسير على وزن: "أفعلة" المختومة بالتاء المسبوقة بحرف العلة "الياء" بشرط أن يكون هذا المفرد مختوما بالهمزة المسبوقة بحرف علة، وأن يكون لهما نظائر من الصحيح الآخر، نحو: كساء وأكسية، رداء وأدرية، بناء وأبنية، دعاء وأدعية، دواء وأدوية
…
فالأسماء المفردة السابقة "كساء، رداء، بناء، دعاء، دواء
…
" وأمثالها نوع من "الممدود القياسي". ونظائرها من الصحيح الآخر: سلاح وأسلحة، حجاب وأحجبة، شفاء وأشفية، "بمعنى دواء وأدوية"؛ لأن "أفعلة" تكون جمع تكسير للمفرد الرباعي الذي قبل آخره مدة3..
5-
أن يصاغ مصدرا على وزن: "تفعال"، أو صيغة مبالغة على وزن "فعال أو مفعال". نحو: التعداء، والعداء، والمعطاء. ونظائرها من الصحيح تذكار، زراع، مشراب.
أما الممدود السماعي فينطبق عليه اسم الممدود، ولا تنطبق عليه الضوابط السالفة التي من أهمها وجود نظير له من الصحيح؛ كالفتاء، بمعنى حداثة السن، والشراء؛ بمعنى: الغنى، والسناء، بمعنى: الشرف4
…
1 الرغاء. صوت الحيوانات ذات الخف؛ كالإبل.
2 الثغاء: صوت الغنم والمعز.
3 وفي الممدود يقول ابن مالك:
وما استحق قبل آخر ألف
…
فالمد في نظيره حتما عرف
أي: ما استحق -بحسب القواعد- من الأسماء الصحيحة أن يكون قبل آخره ألف "وهذا يتحقق في مصدر الماضي الرباعي الذي على وزن: "أفعل" وفي الخماسي والسداسي المبدوءين بهمزة وصل"، فإن نظيره من مصادر الماضي المعتل الآخر الذي على وزن "أفعل" أو الذي يكون خماسيا أو سداسيا ممدود. ووضوح هذا بمثال هو:
كمصدر الفعل الذي قد بدئا
…
بهمز وصل؛ كارعوى وكارتأي
4 أشار ابن مالك إلى المقصور والممدود السماعين ببيت واحد هو:
والعادم النظير: ذا قصر وذا
…
مد، بنقل: كالحجا، وكالحذا
والمراد بالنقل: السماع "الحذا: الحذاء".
قصر الممدودة، ومد المقصور:
يكاد يقع الاتفاق على صحة قصر الممدود في الضرورة1 وحدها. ومنه قول المادح يصف من مدحهم بأنهم المثال الأعلى الذي يعرفه الناس للفضائل، وأنهم أهل الوفاء:
فهم مثل الناس الذي يعرفونه
…
وأهل الوفا من حادث وقديم
وقول الآخر في الخمر:
فقلت: لو باكرت مشمولة2
…
صفرا، كلون الفرس الأشقر
أي: صفراء3..
أما مد المقصور فالخلاف فيه متشعب4
…
، والأحسن الأخذ بالرأي الذي يبيحه في الضرورة الشعرية ونحوها؛ لأن الشعر وملحقاته محل التيسير. بشرط ألا يؤدي المد إلى خفاء المعنى أو لبسه؛ فيصح: غناء في غنى -نهاء في نهى- بلاء في بلى
…
ولا يصح هذا في نوع النثر الذي لا يلحق بالشعر في الضرورة، دون النوع الآخر الذي يلحق به.
1 في رقم 2 من هامش ص271 بيان واف عن معنى الضرورة، وأنها غير مقصورة على الشعر، بل تشمله وتشمل أنواعا أخرى محددة معينة هناك.
2 خمرا.
3 ومن أمثالهم القديمة: "لا بد من صنعا، وإن طال السفر". أي: صنعاء -بلد باليمن.
4 وفي النوعين يقول ابن مالك:
وقصر ذي المد اضطرارا مجمع
…
عليه. والعكس بخلف يقع
"ذي المد: صاحب المد، وهو الممدود، اضطرارا، أي: للضرورة. خلف: خلاف"
يقول: قصر الممدود للضرورة متفق عليه إجماعا. أما العكس -وهو: مد المقصور- فيقع بخلف، أي: فيجوز وقوعه مع الخلاف في أمر صحته. والرأي الأرجح رفضه كما بينا، إلا في ضرورة الشعر وملحقاته.
المسألة 171: كيفية تثنية المقصور، والممدود، وجمعهما تصحيحا 1
أ- تثنية المقصور:
المقصور مختوم بالألف دائما؛ فلا يمكن أن تزاد في آخره علامتا التثنية مع بقاء الألف على حالها؛ لذا يجب قلبها حرفا آخر يقبل العلامتين؛
1 وكذلك كيفية: "المنقوص" حيث البيان في هذا الهامش.
والمراد بجمعي التصحح: جمع المذكر السالم، وجمع المؤنث السالم؛ لأن مفردهما يصح ويسلم -غالبا- عند جمعه على أحدهما؛ فلا يدخل على حروفه تغيير في نوعها، أو عددها، أو ضبطها، إلا عند الإعلال أحيانا. بخلاف جمع التكسير؛ فإن مفردة لا بد أن يتغير عند التكسير؛ فكأنما يصيبه الكسر -كما قالوا، وسيجيء في رقم 2 من هامش ص626- عند إدخال التغيير عليه، لنقله من حالة الإفراد إلى حالة الجمع الجديدة. ولهذا السبب اختلف النحاة في كلمة:"بنات" أهي جمع تكسير "لتغير صيغة مفردها عند الجمع؛ ولورودها منصوبة بالفتحة في عدد من النصوص المسموعة عن العرب كما ينصب جمع التكسير"، أم هي جمع مؤنث سالم؛ لكثرة النصوص الوافرة، المتمالئة، على نصبها بالكسرة، كجمعا لمؤنث السالم؟
وستجيء إشارة لهذا في رقم 2 من ص632 وفي هامش ص626 رقم 2.
"ملاحظة" الاسم الذي يراد تثنيته إما أن يكون صحيح الآخر "وهو: الذي لا تكون لامه حرف علة؛ مثل: محمود". وإما أن يكون بمنزلة صحيح الآخر، "وهو المختوم بواو، أو ياء، وقبلهما سكون: سواء أكانتا مخففتين، أم مشددتين، مثل: ظبي، وعضو، ومرمي ومغزو" وإما أن يكون منقوصا، "أي: اسما معربا في آخره ياء لازمة، غير مشددة، قبلها كسرة؛ مثل: العالي المستعلي.. "وقد سبق تفصيل الكلام عليه في ج1 ص124 م15 -وانظر رقم 1 من هامش ص605". وإما أن يكون مقصورا، وإما أن يكون ممدودا. وكلاهما لا يختم بتاء التأنيث.
فأما "الصحيح، وشبهه" فلا يلحقهما تغيير عند تثنيتهما وجمعهما تصحيحا إلا زيادة علامات التثنية والجمع. وأما "المنقوص" وهو المختوم بياء لازمة غير مشددة، وقبلها كسرة وقد سبق تعريفه مفصلا في مكانه المناسب ج1 م16 ص172 فيجب إثبات يائه في التثنية وجمع المؤنث السالم، وعند إضافته، أو تصديره بأل. "وكذا في ندائه، على حسب التفصيل السابق في ص14" ففي مثل: هاد، داع، يقال: هاديان، داعيان؛ كما يقال: الهادي والداعي
…
والدين هادينا إلى ما يسعدنا، وبين المتعلمات هاديات للرشاد، داعيات للسداد. ولا فرق في هذا الحكم بين أن تكون ياء المنقوص مذكورة في المفرد قبل التثنية والجمع، أم محذوفة لسبب يقتضي حذفها، ذلك أن ياء المنقوص قد تحذف من المفرد؛ "طبقا للبيان المفصل الذي سبق في ج1 م16 ص173". =
فعند التثنية تقلب ياء في ثلاث حالات، وتقلب واوا في حالتين:
= ويجب حذف ياء المنقوص عند جمعه جمع مذكر سالما، ويضم ما قبل الواو ويكسر ما قبل الياء، نحو: الهادون للرشاد، والداعون إلى الخير خلفاء الأنبياء إن الهادين للرشاد والداعين للخير أحق الناس بالإكبار.
وبهذه المناسبة نذكر أن بعض الأسماء الستة محذوف اللام -مثل: أب، أخ، حم، هن.. فعند تثنيته ترجع وجوبا لامه المحذوفة كما رجعت لام المنقوص على الوجه السالف وطريقته. وقد وضع بعض النحاة ضابطا عاما لإرجاع الحرف الأصلي المحذوف من الاسم الثلاثي، ملخصه:
إذا حذف من الاسم الثلاثي أحد أحرفه الثلاثة فإن جاءت همزة الوصل عوضا عن المحذوف فلا يصح إرجاعه عنه التثنية وجمع المؤنث السالم، أما إذا لم تأت همزة الوصل للتعويض فالأجود -وقيل الواجب- إرجاع المحذوف إذا كان رجوعه واجبا عند إضافته؛ نحو: قاض، شج، أب، أخ، حم
…
وغيرها مما حذفت لازمه. تقول: قاضيان، شجيان، أبوان، حموان.. كما تقول: قاضيا شجينا، أبوه، أخوه، حموه.. وشذ: أبان وأخان.
أما ما لا يرجع عند الإضافة فلا يرجع عند التثنية وجمع المؤنث السالم؛ نحو: اسم، ابن، يد، دم، غد، فم، سنة؛ فنقول: اسمان، ابنان، يدان، دمان، غدان، فمان، سنتان
…
كما تقول اسمه، ابنه، يده، دمه، غده، فمه، سنته
…
وشذ: فموان وفيان.. ومن الضرورة قول الشاعر:
فلو أنا على حجر ذبحنا
…
جرى الدميان بالخبر اليقين
وقول الآخر:
يديان بيضاوان عند محلم
"ملحم اسم رجل، أو هو الرجل الحليم".
راجع فيما سبق الهمع، ج1 ص44 والأشموني وحاشيته ج4 في آخر هذا الباب.
وأما المقصور والممدود فيلحقهما التغيير الذي سيجيء مفصلا في هذا الباب. وقد سبق تعريفهما وشيء من الأحكام الأخرى في الباب السابق. وما سبق خاص بتثنية تلك الأنواع وجمعها جمعي تصحيح. أما جمع التكسير فله باب مستقل يجيء في أول ص625 م172.
بقي نوع من الأسماء المعتلة الآخر -"وهو الذي سبقت الإحالة عليه في رقم 1 من هامش ص605"- لم أر من تعرض للكلام على تثنيته وجمعه، وهو المعتل الآخر بالواو. بل إنهم حين يقسمون المعتل الآخر إلى مقصور ومنقوص لا يذكرون نوعه، وحكمه؛ بحجة أن الكلام العربي الأصيل لا يعرف اسما مختوما بالواو إلا نحو ثلاث كلمات معربة؛ منها: سمندو وقمندو.. وقد ناقشنا هذا الرأي "في الجزء الأول ص125 م15" وأنتهينا إلى أن الحاجة اليوم تدعو لاتخاذ ضابط عام في إعرابه؛ لكثرة دورانه. وشيوع استعماله علما للأشخاص والبلدان وغيرهما. ومن أمثلته: أرسطو، سنفرو، خوفو، أدفو، أدكو، طوكيو، كنفو
…
والحكم الذي ارتضيناه هناك وأوضحناه سببه، هو: إعرابه بحركات مقدرة على الواو في جميع حالاته إعراب الممنوع من الصرف للعلمية والعجمة، فيرفع بضمة مقدرة على آخره. وينصب بفتحة مقدرة، ويجر بفتحة مقدرة أيضا. وقد يكون المناسب له عند تثنيته وجمعه جمع مؤنث سالما -بقاء الواو مع تحريكها بالفتحة، وزيادة علامتي التثنية؛ فيقال: أرسطوان وأرسطوين سنفروان وسنفروين
…
وهكذا الباقي. كما يقال في روميو وجوليو، وصنبو، وبمبيو وأشباهها من أعلام قد يسمى بها بعض الإناث: روميوات وجوليوات، صنبوات، وبمبيوات. أما إذا كان علما لمذكر. وأريد جمعه جمع مذكر سالما فالأحسن حذف حرف العلة "الواو" مع ضم ما قبلها في حالة الرفع، وكسره في حالتي النصب، والجر.
1-
فإن كانت الألف ثالثة وأصلها ياء1 وجب قلبها عند التثنية ياء، فيقال في تثنية: ندى، وهدى، وغنى
…
نديان، وهديان، وغنيان.
2-
كذلك إن كانت ثالثة مجهولة الأصل -لأنها جامدة- وأميلت2، نحو متى، وإذا "علمين"؛ فيقال في تثنيتهما: متيان وإذيان.
3-
وكذلك يجب قلبها ياء إن كانت رابعة فأكثر3 -بغير نظر إلى أصلها- فيقال في تثنية: نعمى، ومرتضى، ومتعلى
…
نعميان، ومرتضيان، ومستعليان.
وإذا قلبت الزائدة على الثلاثة ياء عند التثنية، وأدى قلبها إلى اجتماع ثلاث ياءات في آخر كلمة واحدة -وجب حذف التي بعدها مباشرة؛ نحو: ثريا4 وثريان؛ لكيلا يجتمع في الكلمة الواحدة ثلاثة أحرف3 -للعلة- من نوع واحد.
1 يدل على الأصل أشياء، ترجع فيها الألف إلى أصلها الياء، أو الواو، ومنها: المصدر، والمشتقات، والتصغير..
2 أي: لم تظهر عند النطق "ألفا" خالصة. وإنما كانت "ألفا" فيها راحة "الباء". فلهذا كانت الياء أحق بها عند القلب.
3 و3 انظر الرأي الكوفي في رقم 1 من هامش الصفحة الآتية.
4 أصل "ثريا": ثروى. "بمعنى: ثروة" ثم صغرت؛ فصارت. "ثربوي"، ثم قلبت الواو ياء -تطبيقا للأصول الصرفية، وأدغمت في الياء قبلها، فصارت:"ثريا". فلو قلبت ألفها ياء في التثنية، وقلنا:"ثرييان" لاجتمع في آخر الكلمة الواحدة توالي ثلاثة أحرف هجائية من نوع واحد: وهذا ممنوع -غالبا- تبعا لما نص عليه صاحب المزهر "في الجزء الثاني، ص52" حيث قال: "ليس في كلامهم ثلاثة أحرف من جنس واحد، وليس ذلك من أبنيتهم، استثقالا، إلا في كلمتين: غلام ببة، أي: سمين، وقول عمر: "لئن بقيت إلى قابل لأحملن الناس على ببان واحد"، أي: أسوى بينهم في الرزق والأعطيات".
وجاء في الجزء الثاني من الهمع باب التصغير "ص186" ما نصه: "إذا ولي ياء التصغير ياءان حذفت أولاهما؛ لتوالي الأمثال
…
"، وجاء في الصبان أول باب التصغير، ما نصه: "قال في =
4-
وتقلب واوا إن كانت ثالثة وأصلها الواو؛ نحو: علا، وشذا؛ "وهو: المسك، أو: رائحته"، وعصا
…
فيقال في التثنية: علوان، وشذوان وعصوان.
5-
وأيضا إن كانت ثالثة مجهولة الأصل -لأنها جامدة- ولم تطرأ عليها الإمالة، نحو؛ إلى، ألا "علمين"، فيقال في تثنيتهما: إلوان، وألوان
…
وغير ما سبق شاذ، لا يقاس عليه1. وطريق معرفته المراجع اللغوية2
…
= التسهيل: يحذف لأجل ياء التصغير أول ياءين ولياها"، ثم قال بعد ذلك عند بيت ابن مالك:
وحائد عن القياس كل ما
…
خالف........................
ما نصه في تصغير "سماء": "إنه: سمية، والأصل: "سميي". بثلاث ياءات؛ الأولى ما نصه في تصغير "سماء": "إنه: سمية، والأصل:"سميي" بثلاث ياءات؛ الأولى ياء التصغير. والثانية بدل المدة، والثالثة بدل لام الكلمة؛ فحذفت إحدى الياءين الأخيرتين على القياس المقرر في هذا الباب، فبقي الاسم ثلاثيا، فلحقته التاء". هذا كلامهم -انظر ص693 وكذا رقم 5 من ص708 وفي رقم 2 من هامش هذه الصفحة شروط حذفها، لكن يفهم من صريح كلام الصبان والخضري في باب: "المعرب والمبني" "عند الكلام على المضارع المسند لضمير الرفع: ألف الاثنين، أو واو الجماعة، أو ياء المخاطبة، وبعده نون التوكيد" أن نون الرفع تحذف لتوالي النونات، وأن التوالي الممنوع إذا كانت الحروف المتوالية كلها زوائد؛ فلا يرد، نحو: القاتلات جنن، أو يجنن؛ لأن الزائد هو المثل الأخير فقط
…
فكلاهما يعارض ما سبقه هنا. والظاهر أن التوالي ممنوع في غير "نن" و"يجنن" وما يماثلهما مما حروفه المتوالية أصيلة بذاتها، وليست منقبلة، ولا زائدة.
1 للكوفيين رأي غير هذا، وفيه يقول الرضي ما نصه:"تحذف الألف الزائدة خامسة فصاعدا في التثنية والجمع بالألف والتاء؛ كما في زبعرى وقبعثرى ولا يقاس عليه. خلافا للكوفيين". ا. هـ. نقلا عن شرح الكافية ج2 ص174.
2 في تثنية المقصور يقول ابن مالك في باب عنوانه كالعنوان الذي سبق هنا في ص612:
آخر مقصور تثني اجعله يا
…
إن كان عن ثلاثة مرتقيا
كذا الذي "اليا" أصله؛ نحو: الفتى
…
والجامد الذي أميل؛ كمتى
"مرتقيا، أي: زائدا".
فجمع في هذين البيتين الأحوال الثلاثة التي تقلب فيها ألف المقصور "ياء". وهي أن تكون زائدة على ثلاثة، أو ثالثة وأصلها الياء، أو ثالثة جامدة "مجهولة الأصل" قد أميلت. ثم قال في قلبها واوا:
في غير ذا تقلب "واوا" الألف
…
وأولها ما كان قبل قد ألف
أي: أتبع الكلمة المألوف من علامتي التثنية.
وإذا ختم المقصور بتاء التأنيث -نحو: فتاة- زال عنه اسمه وحكمه؛ طبقا للبيان المفصل الذي سبق1
…
ب- تثنية الممدود:
الممدود الاصطلاحي مختوم -دائما- بهمزة قبلها ألف زائدة2. فإذا أريد تثنيته فقد تبقى الهمزة حتما، وقد تقلب واوا حتما، وقد يجوز فيها الأمران؛ فلها ثلاث حالات.
فيتحتم بقاؤها إن كانت حرفا أصليا من أصول كلمتها؛ نحو: فراء، وبداء، وخباء
…
، فيقال في تثنيتها: قراءان، وبداءان وخباءان، بإثبات الهمزة وجوبا: لأنها من بنية الكلمة الأصلية؛ إذ الأصل: قرأ، وبدأ، وخبأ.
ويجب قلبها واوا إن كانت زائدة للتأنيث؛ نحو: بيضاء، وصفراء، وخضروا؛ وحمراء؛ فيقال: في تثنيتها؛ بيضاوان، وصفراوان، وخضراوان، وحمراوان.
ويجوز بقاؤها وقلبها واوا إن كانت مبدلة من حرف أصلي3 "نحو: صفاء ودعاء، وبناء، وفداء؛ لأن الأصل: صفاو، دعاو، بناي، فداي" أو كان مبدلة من حرف زائد للإلحاق4 "نحو: علباء5 وقوباء6"،
1 في أول ص605 ورقم 1 من هامش ص606.
2 إذا لحقته تاء التأنيث زال عنه اسمه وحكمه.
3 قاعدة الإعلال تقضي بقلب حرف العلة همزة إذا كان متطرفا بعد ألف زائدة، فبقاء الواو هو مراعاة للواقع؛ إذ إنها لم تقع طرفا حقيقيا، فبعدها علامتا التثنية؛ فتبقى على اعتبارها ليست متطرفة بسبب علامتي التثنية. وتقلب همزة على اعتبار علامتي التثنية طارئتين لا يلتفت إليهما. هكذا يقولون. والتعليل الصحيح هو: استعمال العرب ليس غير.
4 تقدم معنى الإلحاق وبيان بعض وبيان بعض أحكامه في ص253 وهامشها.
5 اسم لبعض أعصاب العنق. وأصل الكلمة: علباي، بزيادة ياء الإلحاق لتكون كقرطاس، في وزنها، وأحكامها. ثم انقلبت الياء همزة؛ لوقوعها متطرفة بعد ألف زائدة. ومما يلاحظ أن الإلحاق خاص بالعرب مقصور عليهم، وكانوا يستخدمونه غالبا لضرورات شعرية أو ما يشابهها. "انظر ص253 وهامشها".
6 مرض جلدي يظهر على شكل بقع مستديرة، صغيرة، ثم تتسع
…
وأصل الكلمة: "قوباي"، بزيادة ياء الإلحاق؛ لتكون كقرناس "وهو الأنف البارز من الجبل"، ثم انقلبت الياء همزة. طبقا لما سبق "في رقم 3 و5".
فيقال في التثنية: صفاءان؛ أو صفاوان، دعاءان أو دعاوان، بناءان، أو بناوان، فهداءان أو فداوان؛ كما يقال: علباءان أو علباوان، قوباءان أو قوباوان
…
وهكذا
…
والأحسن إبقاء المبدلة من حرف أصلي، وقلب المبدلة من حرف زائد للإلحاق، وما جاء مخالفا لما سبق فهو شاذ، لا يقاس عليه؛ كقولهم: قراوان في تثنية: قراء: "بضم القاف وتشديد الراء المفتوحة، ومن معانيه: القارئ، مع أن همزته أصلية"، وكحمرايان، تثنية: حمراء، وعاشوران، تثنية: عاشوراء، بقلب همزة التأنيث ياء في حمراء، وحذفها في عاشوراء، ومثل: كسايان، تثنية كساء، الذي همزته مبدلة من حرف أصلي هو الواو
…
وهكذا1.
ج- جمع المقصور جمع مذكر سالما2.
إذا جمع المقصور جمع مذكر سالما وجب حذف آخره "وهو: ألف العلة" في كل الحالات، مع ترك الفتحة قلبها دليلا عليها؛ تقول في: رضا، وعلا، ومرتضى
…
وأمثالها من أعلام الرجال: الرضون رفعا. والرضين نصبا وجرا، وكذا: العلون والعلين، والمرتضون والمرتضين
…
ومثل هذا يقال في
1 وفي تثنية الممدود يقول ابن مالك:
وما "كصحراء" بواو ثنيا
…
ونحو "علباء". كساء، وحيا:
بواو أو همز. وغير ما ذكر
…
صحح. وما شذ على نقل قصر
يريد: أن الممدود الذي همزته كهمزة صحراء -للتأنيث- تقلب همزته واوا عند التثنية. أما علباء "وهو الذي همزته للإلحاق. و"كساء" وهمزته مبدلة من أصل؛ هو الواو، وكذا "حياء" -ولكنه قصرها لضرورة الشعر فقال: "وحياء"- وهمزته مبدلة من أصل؛ هو الياء"
…
أما الذي همزته من نوع هذه الأشياء فيجوز قلبها واوا في التثنية؛ أو إبقاؤها همزة على حالها. وغير هذه الأنواع الثلاثة التي تكون فيها الهمزة للتأنيث، أو مبدلة من أصل، أو للإلحاق -تبقى همزته على حالها. وما خالف الأحكام السالفة فهو شاذ؛ يوقف فيه عند حد السماع.
2 سبق الكلام على تعريف جمع المذكر السالم، وشروطه، وضبط كلمة:"السالم" وما يتصل به "في ج1 ص125 م10" وهو يسمى: الجمع على حد المثنى؛ "لوجوب تحقق شروط المثنى فيه"، وجمع التصحيح للمذكر. أما جمع المؤنث ففي "ج1 ص100 م12". وفيه بيان السبب في تسميته بجمع السلامة المؤنث، أو جمع التصحيح للمؤنث.. أو..، وضبط كلمة:"السالم".
المشتقات وسائر الأسماء المقصورة التي يصح جمعها جمع مذكر سالما، نحو: المبتغى، والأسمى، والمعلى
…
في قولهم: صادقت الشجاع المبتغى، وهؤلاء هم الشجعان المبتغون -وأكبرت العالم الأسمى، والعلماء الأسمين- وقدرت العظيم المعلى قدره بين نظرائه من المعلين
…
ومن هذا قوله تعالى: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ، وقوله تعالى في إبراهيم وأولاده عليهم السلام:{وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ} 1.
د- جمعه جمع مؤنث سالما:
يراعى في جمعه جمع مؤنث سالما ما روعي فيه عند تثنيته2؛ فتقلب ألفه ياء في ثلاثة مواضع، وتقلب واوا في موضعين. فالثلاثة الأولى: حين تكون رابعة فأكثر؛ أو ثالثة أصلها الياء، أو ثالثة مجهولة الأصلي -لأن الاسم جامد- وأملت؛ "نحو: سعدى وسعديات، وهدى وهديات، متى ومتيات، والثلاثة أعلام إناث".
والموضعان الأخيران: حين تكون الألف ثالثة أصلها الواو، أو ثالثة مجهولة الأصل؛ لأن الاسم جامد ولم تلحقها إمالة؛ "نحو: رضا ورضوات، وإلى وإلوات، إذا كانت:"رضا وإلى" علمين لمؤنثتين
…
".
وإذا أدى جمع المقصور إلى اجتماع ثلاث ياءات -كما في جمع: ثريا على "ثرييات". وجب الاقتصار على اثنتين فقط، فيقال: ثريات، بحذف
1 وفي جمع المقصور وحده -وترك جمع المنقوص والممدود- يقول ابن مالك:
واحذف من المقصور في جمع على
…
حد المثنى ما به تكملا........
"ما به تكمل المقصور، أي: ما اكتملت به صيغة المقصور"، يريد: الألف التي يختم بها؛ فيجب حذفها قبل مجيء علامتي الجمع الذي على حد المثنى -أي: طريقته- وهو جمع المذكر السالم؛ لأنه يعرب بحرفين وتسلم عند الجمع صيغة مفردة، وتحذف نونه للإضافة. ثم أشار إلى فتح ما قبلها عبد حذفها بالشرط الأول من البيت التالي -وسيعاد في هامش ص621 لمناسبة هناك، قائلا:
والفتح أبق مشعرا بما حذف
…
..................................
2 في ص613.
الياء التي بعد ياء التصغير، لما سبق إيضاحه عند الكلام على تثنية المقصور1.
هـ- جمع الممدود جمع مذكر سالما:
يسري على همزته في هذه الحالة ما سرى عليها عند تثنيته؛ فتبقى على حالها إن كانت أصلية؛ نحو: قراؤوان، وبداؤوان، وخباؤون
…
في جمع: قراء، وبداء، وخباء. وتقلب واوا إن كانت في أول استعمالها زائدة في المفرد للتأنيث، ثم صار هذا المفرد علما لمذكر2. ومن الأمثلة لهذا النوع من الأعلام "حمراء، وجمعه: حمراوون". "وخضراء. وجمعه: خضراوون"، "وبيضاء وجمعه: بيضاوون".
ويجوز إبقاؤها وقلبها واوا إن كانت مبدلة من حرف أصلي، أو للإلحاق، ومن الأمثلة:"رضاء، علم مذكر، وجمعه؛ رضاؤون أو رضاؤون""وعلباء، علم مذكر أيضا، وجمعه علباؤون أو علباوون"
…
و جمعه جمع مؤنث سالما:
يجري على الهمزة ما جرى في التثنية، نحو:"قراءات"، "حمراوات"، "رضاءات وعلباءات، أو: رضاوات، وعلباوات".
بعض الأحكام العامة فيما يجمع جمع مؤنث سالما:
1-
أوضحنا من قبل3 الحكم الخاص بإرجاع "اللام" إلى الاسم الثلاثي المحذوف اللام إذا أريد جمعه بالألف والتاء المزيدتين، سواء أكانت لام اسم منقوص أم لام غيره. كبعض الأسماء الستة. وغيرها.
2-
إذا كان المفرد المراد جمعه جمع مؤنث سالما مختوما بتاء التأنيث وجب حذفها قبل جمعه؛ سواء أكان المفرد بغيرها صحيح الآخر أو غير صحيح، ففي مثل:"كاتبة" يقال: كاتبات؛ بحذف التاء التي كانت في المفرد؛ لئلا
1 في رقم 4 هامش ص615 ولما سيجئ من تكملة في ص693 ورقم 5 من ص708.
2 استعماله علما لمذكر، وتركه الوصفية شرط أساسي لصحة جمعه جمع مذكر سالم.
3 في هامش ص613.
تجتمع علامتان للتأنيث، وفي مثل: ظبية وصفوة، ومهدية، ومجلوة.... من أعلام النساء "وكلها من معتل الآخر، الشبيه بالصحيح الآخر"1، يقال: ظبيات، صفوات، مهديات، مجلوات.
وإن كان قبل التاء ألف وجب حذف التاء وقلب الألف هنا كقلبها في التشبيه2 فالثالثة ترد إلى الواو أو الياء؛ طبقات للتفصيل المذكور هناك؛ نحو: فتاة وفتيات، وقناة وقنوات
…
و
…
والرابعة فأكثر تقلب ياء كمعطاة ومعطيات، ومصطفاة ومصطفيات. مع ملاحظة أن المفرد المختوم بتاء التأنيث وقبلها ألف، لا يسمى مقصورا، ولا يخضع لأحكامه؛ إذ لا بد أن تكون ألف المقصور آخرا، ويجري عليها الإعراب، لا على التاء -كما قلنا3.
وإن كان قبلها همزة مسبوقة بألف زائدة وجب حذف التاء أيضا، وإخضاع الهمزة لحكم همزة الممدودة عند تثنية؛ فتبقى إن كانت أصلية، نحو: قراءة وبداءة وخباءة، فيقال: قراءات، وبداءات، وخباءات
…
ويجوز إبقاؤها وقلبها واوا إن كانت مبدلة من أصل؛ نحو: نباءة "للبقعة المرتفعة". ونباوات، كما يقال في التثنية، ولا تقع الهمزة هنا للتأنيث قبل تائه؛ لأنها لا تجتمع مع تاء التأنيث، وكذلك لا تقع الهمزة للإلحاق قبل تاء التأنيث لأن همزة الإلحاق لا بد أن تكون في آخر الكلمة4.
1 راجع بيانه في هامش ص613 بعنوان: ملاحظة ثم ص121 م15.
2 وهو في ص613 وما بعدها.
3 في ص605 و617.
4 أشار ابن مالك إلى ما سبق: "من جمع المقصور جمع مؤنث سالما، وأن ألفه تقلب في هذا الجمع كقلبها في التثنية، وأن مفرد هذا الجمع يجب حذف ما فيه من تاء للتأنيث إن وجدت قبل جمعه"، فقال بيتا نصفه الأول لا علاقة له بهذه المسألة، وإنما علاقته بمسألة أخرى سبقت، وسبق معها الشطر في رقم 1 من هامش ص119، والبيت هو:
"والفتح أبق مشعرا بما حذف"
…
وإن جمعته بتاء وألف
…
ثم تمم القاعدة، فقال:
فالألف اقلب قلبها في التثنية
…
وتاء ذي التاء ألزمن تنحيه
"أي: ألزمن التاء تنحية وإبعادا من المفرد الذي يحتويها"، يريد: احذف التاء من المفرد المشتمل عليها قبل جمعه جمعا مؤنثا سالما. ولم يتعرض ابن مالك -كما أشرنا من قبل- لحكم الممدود والمنقوص إذا أريد جمعهما هذا الجمع؛ لأن حكمها معه كحكمهما عند تثنيتهما.
3-
تتحرك عين جمع المؤنث السالم بحركة فائه، فيتماثلان في حركتهما، إذا استوفى مفرده شروطا سنة1.
أولها: أن يكون هذا المفرد اسما؛ نحو: هند، مجد، صلح
…
أسماء لمؤنث؛ فخرج المفرد لوصف "أي: المشتق" نحو: ضخمة وحلوة
…
ثانيها: أن يكون ثلاثيا، فخرج ما زاد على الثلاثة، نحو: درهم، وسلهب2، وبرقع
…
أسماء لمؤنث.
ثالثها: ورابعها: أن يكون غير معتل العين، ولا مضعفها؛ فخرج ما كان مثل:"هالة، ودولة، وديمة"، "وجنة، ومنة، وقبة".
خامسها: أن يكون ساكن العين، فخرج ما كان متحركها، نحو: لبنة، وسمرة3
…
سادسها: أن يكون لمؤنث، فخرج ما هو لمذكر؛ نحو: سعد، وقفل، وحلف
…
فإن هذه الأسماء لا تجمع جمع مؤنث سالما، فلا إتباع فيها.
فإذا استوفى المفرد، المختوم بالتاء أو غير المختوم بها، الشروط الستة تحركت في جمع المؤنث السالم عينه الساكنة بحركة تماثل حركة الفاء؛ فيقال في هند: هندات، وفي مجد: مجدات، وفي صلح: صلحات، وفي حكمة: حكمات، وفي نحلة: نحلات، وفي غرفة: غرفات. ففي كل ذلك حذف سكون العين، وتبعت العين في حركتها حركة الفاء.
غير أن هذا الإتباع قد يكون واجبا، وقد يكون جائزا. فيجب إذا كان المفرد المستوفي للشروط مفتوح الفاء؛ فيتعين إتباع حركة عينه في جمع المؤنث السالم لحركة فائه؛ نحو: رحمة، وفتحة
…
فيقال فيهما: رحمات، وفتحات. ونحو: نهر وحمد "لمؤنثتين" فيقال: نهرات وحمدات. بفتح
1 سبقت الإشارة لها في ج1 ص114 م12 لمناسبة هناك.
2 طويل.
3 اسم نوع من الشجر.
الثاني وجوبا في كل ذلك؛ تبعا لفتحة الأولى1.
أما في غير الحالة السابقة المفتوحة الفاء فيجوز في العين الساكنة: إما إبقاؤها ساكنة، وإما تخفيفها بحذف السكون وتحريكها بالفتحة، وإما حذف سكونها، وإتباعها في حركتها لحركة الفاء، "فتكون مضمومة مثلها، أو مكسورة". ففي نحو الأسماء الآتية إذا كانت أعلاما لمؤنث، وهي: صنع، ودمية
…
يقال صنعات، أو صنعات، أو: صنعات، بضم الثاني، أو تسكينه، أو فتحه. وهذه الثلاثة تقال في نظائرها من الأسماء الأخرى.
كذلك في نحو: فتنة، وسحر، من أعلام النساء، يقال في جمعها: فتنات، أو فتنات، أو فتنات
…
بإسكان التاء الأولى أو كسرها، أو فتحها. وهكذا يقال في الأعلام الأخرى المماثلة لها؛ حيث يصح فيها ضبط العين بأحد الضبوط الثلاثة الجائزة.
ويستثنى من هذا الحكم حالتان: لا يجوز فيهما الإتباع.
الأولى: الاسم المسكور الفاء إذا كانت لامه واوا، نحو: ذروة وقنوة2 وجنوة3؛ فلا يجوز فيها: ذروات، ولا قنوات، ولا جنوات، بكسر ثانيه إتباعا لأوله؛ لأن الكسرة ثقيلة قبل الواو يتحاشاها العرب في أغلب كلامهم، ولهذا لا يصح الإتباع، ويصح السكون أو الفتح
…
الثانية: الاسم المضموم الفاء إذا كانت لامه ياء؛ دمية، قنية، غنية؛ فلا يجوز فيها دميات، ولا قنيات، ولا غنيات
…
بضم ثانيه تبعا لأوله؛ لأن الضمة ثقيلة قبل الياء يتحاشاها العرب في أغلب كلامهم. ولهذا يصح الإتباع، ويصح السكون أو الفتح.
وما خالف الأحكام السابقة فنادر، أو شاذ -وكلاهما لا يقاس عليه- أو
1 هذا هو الأغلب والأشهر. لكن يقول: "الأشموني" ما نصه: "أفهم كلامه أن نحو "دعد وجفنة" لا يجوز تسكينه مطلقا، واستثنى من ذلك في التسهيل معتل اللام؛ كظبيات؛ وشبه الصفة، نحو: أهل وأهلات؛ فيجوز فيهما التسكين، اختيارا". ا. هـ.
2 الشيء المكتسب.
3 للحجارة المتجمعة.
ضرورة شعرية، أو لغة قوم من العرب عددهم قليل1
…
ومن الأمثلة جمع كهلة على كهلات -بفتح الهاء، مع أنها وصف. وظبيات بسكون الباء، والواجب فتحها. وزفرات بالسكون لضرورة الشعر في قول الشاعر:
وحملت زفرات الضحا فأطقتها
…
ومالى بزفرات العشي يدان
وقبيلة "هذيل" لا تشترط الصحة في عين الاسم، فتجيز أن تكون معتلة؛ فتقول: بيضة وبيضات، وجوزة وجوزات؛ فتح الثاني إتباعا للأول1....
1 و1 والأحسن في كل ما سبق متابعة أكثرية القبائل؛ لتكون المحاكاة جارية على الكثير القوي دون القليل، أو الضعيف، ولمجمع اللغة العربية بالقاهرة قرار في هذا "سجله في الجزء الخامس والشعرين من مجلته الصادرة في نوفمبر سنة 1969 ص198" ونصه:
"يجاز جمع الاسم الثلاثي المؤنث، الساكن العين، الصحيحها على "فعلات"، بفتح العين، أو تسكينها؛ تعويلا على ما ذكره ابن مالك في الألفية، وما ذكره ابن مكي في تثقيف اللسان، وعلى ما ورد من الشواهد. غير أن الفتح أشهرها". ا. هـ. وانظر ما صلة بهذا في رقم 1 من هامش ص623.
وفي الأحكام الخاصة بعين المفرد المؤنث الذي يراد جمعه جمع مؤنث سالما يقول ابن مالك:
والسالم العين، الثلاثي، اسما أنل
…
إتباع عين فاءه بما شكل
إن ساكن العين مؤنثا بدا
…
مختتما بالتاء، أو مجردا
"الثلاثي: أصلها الثلاثي؛ بتشديد الياء، خففت للشعر" وفي البيت تقديم وتأخير. والتقدير: وأنل السالم العين، الثلاثي، الاسم -إتباع عين فاءه. أي: امنح السالم.. اتباع عينه الساكنة- الحركة التي شكلت بها الفاء. ثم انتقل بعد ذلك لبيان ما يجوز في العين الساكنة من فتح أو سكون أو إتباع، إن كانت العين بعد فاء غير مفتوحة؛ "حيث يجوز في العين الساكنة إما تركها على سكونها، وإما تخفيفها بالفتحة، وإما إتباعها لحركة الفاء قبلها، من ضم أو كسر" قال:
وسكن التالي غير الفتح، أو
…
خففه بالفتح فكلا قد رووا
ثم عرض بعد ذلك للحالتين اللتين لا يجوز فيها الإتباع فقال:
ومنعوا إتباع نحو: "ذروه"
…
ونحو: "زبية". وشذ كسر جروه
"الزبية" حفرة تحفر للأسد ليقع فيها؛ فيصاد. والجروة: الأنثى من الكلاب والسباع". ثم بين أن ما خالف الأحكام السالفة فهو نادر، أو ضرورة، أو لغة، فقال:
ونادر، أو: ذو اضطرار غير ما
…
قدمته، أو: لأناس انتمى