المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المجلد الرابع ‌ ‌المسألة 127: النداء وما يتصل بأحكامه ‌ ‌مدخل … المسألة 127: النداء 1 - النحو الوافي - جـ ٤

[عباس حسن]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الرابع

- ‌المسألة 127: النداء وما يتصل بأحكامه

- ‌مدخل

- ‌المسالة 129: الجمع بين حرف النداء، و"أل

- ‌المسألة 130: أحكام تابع المنادى

- ‌المسألة 131: المنادى المضاف إلى ياء المتكلم

- ‌المسألة 132: الأسماء التي لا تكون إلا منادى

- ‌المادة 133: الاستغاثة

- ‌المسألة 134: النداء المقصود به التعجب

- ‌المسألة 135: الندبة

- ‌المسألة 136: المندوب المضاف لياء المتكلم

- ‌المسألة 137: الترخيم

- ‌المسألة 138: القسم الثاني ترخيم الضرورة الشعرية

- ‌المسألة 139: الاختصاص

- ‌المسألة 140: التحذير والإغراء

- ‌المسألة 141: أسماء الأفعال

- ‌المسألة 143: نونا التوكيد

- ‌المسألة 144: إسناد المضارع والأمر إلى ضمائر الرفع البارزة بغير توكيدها، ومع التوكيد

- ‌المسألة 145: ما لا ينصرف

- ‌مدخل

- ‌المسألة 147:

- ‌المسألة 148: إعراب الفعل المضارع

- ‌المدخل

- ‌المسألة 149:

- ‌المسألة 150:

- ‌المسألة 151:

- ‌المسألة 152:

- ‌المسألة 153: إعراب المضارع

- ‌مدخل

- ‌المسألة 154:

- ‌المسألة 155:

- ‌المسألة 156:

- ‌المسألة 157:

- ‌المسألة 158:

- ‌المسألة 159:

- ‌المسألة 160:

- ‌المسألة 161:

- ‌المسألة 162: أدوات التحضيض، والتوبيخ، والعرض، والامتناع

- ‌المسألة 163: العدد

- ‌مدخل

- ‌المسألة 164: تمييز العدد

- ‌المسألة 165: تذكير العدد وتأنيثه

- ‌المسالة 166: صياغة العدد على وزن "فاعل

- ‌المسألة 168: كنايات العدد

- ‌المسألة 170: المقصور، والممدود

- ‌المسألة 172: جمع التكسير

- ‌مدخل

- ‌المسألة 173:

- ‌المسألة 174: أحكام عامة

- ‌المسألة 175: التصغير

- ‌المسألة 177: النسب

- ‌مدخل

- ‌المسألة 178: النسب إلى ما حذف منه بعض أصوله

- ‌المسألة 179: أحكام عامة في النسب

- ‌المسألة: التصريف

- ‌مدخل

- ‌المسألة 181: الإعلان والإبدال

- ‌المسالة 184: الإعلال بالحذف

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌ ‌المجلد الرابع ‌ ‌المسألة 127: النداء وما يتصل بأحكامه ‌ ‌مدخل … المسألة 127: النداء 1

‌المجلد الرابع

‌المسألة 127: النداء وما يتصل بأحكامه

‌مدخل

المسألة 127: النداء 1 وكل ما يتصل بأحكامه

هو: توجيه الدعوة إلى المخاطب، وتنبيه للإصغاء، وسماع ما يريده المتكلم2.

وأشهر حروفه ثمانية: الهمزة المفتوحة، مقصورة أو ممدودة - يا - أيا - هيا - أي، مفتوحة الهمزة المقصورة أو الممدودة، مع سكون الياء في الحالتين - وا -

3.

ولكل حرف منها موضع يستعمل فيها:

أ- فالهمزة المفتوحة المقصورة لاستدعاء المخاطب القريب4 في المكان الحسي أو المعنوي؛ كالتي في قول الشاعر ينصح ابنه أسيدا:

أأسيد إنْ مالا ملكـ

ـت فسر به سيرا جميلا

وكالتي في قول الآخر: أرب الكون: ما أعظم قدرتك، وأجل شأنك.

ب- ستة أخرى؛ "هي: آ - يا4 - أيا - هيا - أي، بسكون الياء مع

1 في هذه الكلمة لغات؛ أشهرها: المد مع كسر النون. وهي مصدر قياسي للفعل: "نادى" ويجوز فيها القصر أيضا. وقد ورد السماع بضم النون مع المد أو القصر، والهمزة التي في آخر كلمة:"نداء" أصلها الواو؛ فهي منقلبة عن أصل.

2 ويقولون في تعريفه أيضا: "طلب الإقبال بالحرف: "يا" أو أحد إخوته، والإقبال قد يكون حقيقيا، وقد يكون مجازيا يراد به الاستجابة، كما في نحو: "يا ألله". وقد يكون الغرض من النداء تقوية المعنى وتوكيده، كقولك لمن هو مصغ إليك، مقبل على حديثك: إن الأمر هو ما فعلته لك يا علي -مثلا- "كما سيجيء في ص122".

والأصل في المنادى أن يكون اسما لعاقل، ولكن من الأسماء ما لا يكون إلا منادى، ومنها لا يصلح منادى -كما سيجيء في ص68.

3 فالهمزة مقصورة وممدودة؛ وكذا "أي" مقصورة الهمزة وممدودتها. وبقية الأحرف ممدودة؛ لأنها مختومة بالألف. والبعيد يحتاج إلى مد الصوت ليسمع، ولهذا يرى بعض النحاة أن "أي" المقصورة هي لنداء القريب.

4، 4 قد يقال: كيف تكون "ياء" في أصل وضعها اللغوي الحقيقي -لا المجازي- لنداء البعيد مع أنها قد استعملت لنداء "الله" في أفصح الكلام، والله أقرب شيء للمتكلم -وغيره- في كل حين؟ أجابوا: إن المتكلم الذي ينادي ربه يستصغر نفسه أمام المولى ويرى البعد الواسع بين المنزلتين؛ منزلة الخالق ومنزلة المخلوق، والتفاوت العظيم بين الدرجتين، فلهذا يستخدم الحرف "يا" وأجاب آخرون: إنها تستعمل في القريب والبعيد، ودعوى المجاز في أحدهما والتأويل خلاف الأصل.

ص: 1

فتح الهمزة مقصورة وممدودة" لاستدعاء المخاطب البعيد1 حسا أو معنى، والذي في حكم البعيد؛ كالنائم، والغافل.

فمثال "يا"1 قول الشاعر في مدح الرسول:

كيف ترقى رقيك الأنبياء

يا سماء ما طاولتها سماء

ومثال "أيا" قول بعضهم: "أيا متوانيا وأنت سليل العرب الأبطال، لا تنس مجدهم على الأيام". ومن الممكن وضع حرف آخر من الأحرف الباقية موضع "أيا" في هذا المثال.

أما تحديد القرب والبعد فمتروك للعرف الشائع: سواء أكانا حسيين أو معنويين.

ج- "وا" ويستعمل لنداء المندوب2؛ كقول الشاعر في الرثاء:

وامحسنا ملك النفوس ببره

وجرى إلى الخيرات سباق الخطا

وقول الآخر:

واحر قلباه ممن قلبه شبم3

د- وقد تسعمل: "يا" للندبة4 بشرط وضوح هذا المعنى في السياق. وعدم وقوع لبس فيه؛ كالآية الكريمة التي تحكي قول العاصي يوم القيامة: {يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} . وقول الشاعر في رثاء الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز:

حملت أمرا عظيما، فاصطبرت له

وقمت فيه بأمر الله يا عمرا

فإنشاء الشعر بعد موت "عمر" العادل دليل على أن "يا" للندبة.

فإن التبس الأمر بين أن تكون "يا" للندبة أو لا تكون، وجب ترك "يا"، والاقتصار على:"وا"؛ كأن تقول: في ندبة "عمر": وا عمر، ولا يصح مجيء "يا" إذا كان أحد الحاضرين يسمى: عمر5.

1، 1 انظر "ب" من ص5.

2 هو: المتفجع عليه، أو المتوجع منه. فالأول هو الذي يصاب الناس بفجيعة موته. "حقيقة أو حكما" والثاني: هو بلاء أو داء يكون سببا في تألم المتكلم وتوجعه، انظر ص89 حيث الباب الخاص بالندبة.

3 بارد.

4 نداء المندوب -كما سيجيء في باب: "الندبة"، ص89.

5 فيما سبق من حصر أحرف النداء ومواضع استعمالها يقول ابن مالك في باب عنوان: النداء:=

ص: 2

حذف حرف النداء:

أ- يصح حذف حرف النداء "يا" -دون غيره- حذفا لفظيا فقط، مع ملاحظة تقديره. كقول الشاعر في رثاء زعيم وطني شاب1:

زين الشباب وزين طلاب العلا

هل أنت بالمهج الحزينة داري؟

وقول الآخر:

إنما الأرض والسماء كتاب

فاقرءوه معاشر الأذكياء

التقدير: يا زين الشباب -يا معاشر الأذكياء.

ب- وهناك مواضع لا يصح فيها حذف الحرف "يا"، أشهرها:

1-

المنادي المندوب2؛ كالأمثلة السالفة.

2-

نداء لفظ الجلالة غير المختوم بالميم المشددة، نحو: يا الله.

3-

المنادى البعيد؛ كقول الشاعر:

يا صادحا يشدو على فنن

رحماك قد هيجت لي شجني

4-

المنادى النكرة غير المقصودة3. نحو: يا محسنا لا تكدر إحسانك بالمن.

5-

المنادي المستغاث4. كقول الشاعر:

يا لقومي لعزة وفخاء

وسباق إلى المعاني وسبق

6-

المنادى المتعجب منه؛ نحو: يا لفضل الوالدين؛ للتعجب من كثرة فضلها.

وللمنادى الناء، أو كالناء:"يا"

و: أي - و: آ - كذا: أيا - ثم: هيا

والهمز للداني، و:"وا" لمن ندب

أو: "يا" وغير "وا" لدى اللبس اجتنب

"التاء= النائي، أي: البعيد. الداني= القريب" سرد أحرف النداء، وبين أن "يا" والأربعة التي بعدها تستعمل للبعيد وما يشبه، وأن الهمزة لنداء القريب، وأن "وا" للمندوب، وكذا:"يا" بشرط أسن اللبس. أما عند اللبس فيجتنب استعمال "يا" في الندبة. وهذا هو المراد من قوله:

وغير "وا" لدى اللبس اجتنب"

أي: اجتنب عند اللبس استعمال حرف في الندبة غير "وا".

1 البيت من قصيدة لحافظ إبراهيم في رثاء مصطفى كامل. الزعيم المصري الوطني المتوفى سنة 1908.

2 كما سيجيء في ص91.

3 سيجيء شرحها في ص31 ومنه يعلم أن المنادى بها لا بد أن يكون غير معين ولا مقصود.

4 من ينادي ليخلص من شدة، أو يساعد في دفعها "وسيجيء للاستغاثة باب خاص، في ص77".

ص: 3

7-

المنادى ضمير المخاطب، عند من يجيز نداءه؛ كقول الشاعر:

يا أنت يا خير الدعاة للهدى

لبيك داعيا لنا وهاديا

أما ضمير غير المخاطب فلا ينادي مطلقا1.

ج- ويقل الحذف -مع جوازه- إن كان المنادى اسم إشارة غير متصل بكاف الخطاب2، أو كان اسم جنس لمعين3، فمثال الأول قول أعرابي لابنه:"هذا، استمع لقول الناصح ولو أغضبك قوله؛ فمن أحبك نهاك؛ ومن أبغضك أغواك". وقول آخر لأولاده: "هؤلاء، اعلموا أن أقوى الناس من قاوم هواه، وأشجعهم من حارب الباطل

" أي: يا هذا - يا هؤلاء. . .

ومثال الثاني قول بعض الأدباء وقد برح به السهر: "ليل، أمالك آخر يدنو؟ وهل للحزن آخر؟ صبح، أما لك مقدم يرجى؟ وهل في الفجر مطمع؟ " يا ليل، يا صبح، لليل وصبح معينين.

ومن هذا قول العرب: أطرق كرا4؛ إن النعام في القرى. أي: يا كروان.

1 من الأسماء ما لا يكون منادى، ومنها ما لا يكون إلا منادى. والبيان في ص68.

2 يصح نداء اسم الإشارة، بشرط ألا يتصل بآخره كاف الخطاب "طبقات لما نقله الصبان في هذا الموضع عن الشاطبي" إلا في الندبة فيصح. "على حسب البيان الآتي في رقم2 من هامش ص91" وهذا الشرط لازم أيضا عند حذف:"يا". لأن مدلول كاف الخطاب يخالف مدلول المنادى اسم الإشارة؛ إذ المنادى اسم الإشارة هو المقصود بتوجيه النداء؛ لما هو مقرر أن المخاطب بالكاف غير المشار إليه في الراي الراجح -راجع الصبان جزء 3 آخر باب النداء- وخير من هذا أن يقال في التعليل: هو استعمال العرب، فحسب.

3 المراد باسم الجنس المعين النكرة المقصودة المبنية على الضم عند ندائها؛ فيخرج اسم الجنس غير المعين، والمراد منه هنا: النكرة غير المقصودة. وسيجيء تفصيل الكلام على هاتين النكرتين، وحكمها في ص25 وص31.

4 هذا مثل يضرب للمتكبر، وقد تواضع من هو خير منه. وقد حذفت النون والألف من كلمة:"كروان" لترخيم النداء، وقلبت الواو ألفا، كما سيجيء بيانه في باب الترخيم - ص105 و114.

وفي حذف حرف النداء لفظا لا تقديرا ومواضع الحذف، يقول ابن مالك -مع اقتصاره على بعض مواضع الحذف:

وغير مندوب، ومضمر، وما

جا مستغاثا قد يعرى فاعلما

"جا= جاء. يعرى= يجرد من حرف انداء، فاعلما= فاعلم. والألف إما زائدة للشعر، وإما=

ص: 4

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

أ- يمتاز الحرف: "يا" بأنه أكثر أحرف النداء استعمالا: وأعمها؛ لدخوله على أقسام المنادى الخمسة1؛ وهذا يتعين تقديره -دون غيره- عند الحرف كما يتعين في نداء لفظ الجلالة "الله"2 وفي المستغاث، وفي نداء "أيها، وأيتها": إذ لم يشتهر عن العرب أنهم استعملوا في نداء هذه الأشياء حرفا آخر.

ب- يجوز مناداة القريب بما للبعيد، والعكس، وذلك لعلة بلاغية، كتنزيل أحدهما منزلة الآخر، وكالتأكيد3. . .

ج- الأصل في النداء أن يكون حقيقيا، أي: يكون فيه المنادى اسمها لعاقل؛ كي يكون في استدعائه وإسماعه فائدة.

وقد ينادى اسم غير عاقل، لداع بلاغي؛ فيكون النداء مجازيا؛ كقوله تعالى4:{وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي} 5.

= أصلها نون التوكيد الخفيفة قلبت ألفا عند الوقف".

يقول: قد يتجرد المنادى من حرف النداء إذا كان المنادى غير مندوب، وغير مضمر، وغير مستغاث وهذا التجرد -أي: الحذف اللفظي- ليس قليلا في الكلام الفصيح. ثم بين أن هناك مواضع غيرها يكون الحذف فيها قليلا، وهو ما قلته جائز، ولا داعي لمنعه؛ وطالب بتأييد مجوزيه، ونصر من يلومهم على المنع، وعلى إباحة القياس عليه. قال: =

وذاك في اسم الجنس والمشار له

قل ومن يمنعه فانصر عاذله

"المشار له: أي: اسم إشارة، وكان الأولى أن يقول: المشار به، عاذله= لائمه" يريد: أن حذف حرف النداء قليل في اسم الجنس، واسم الإشارة وقد ترك شرط خلوه من ضمير المخاب -لضيق الشعر- وطالب بتأييد من يلوم المانع؛ إذ لا حجة له في المنع؛ لورود أمثلة تكفي لإباحة القياس عليه.

1 ستأتي في ص9.

2 في نداء لفظ الجلالة "الله" جملة لغات، ستجيء في ص36 ورقم 2 من هامشها "وانظر ما يتصل بهذا في رقم 4 من هامش ص1".

3 انظر ما يوضحه في رقم 2 من هامش ص1 وفي ص122 -الوجه الثالث.

4 في قصة طوفان نوح عليه السلام الواردة بسورة: هود.

5 امتنعي وكفي عن إنزال المطر.

ص: 5

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقول الشاعر:

يا ليل طل يا نوم زل

يا صبح قف لا تطلع

وقد يقتضي السبب البلاغي حرف النداء على غير الاسم، كأن يدخل على حرف. أو جملة فعلية، أو اسمية. فمثال دخوله على الحرف قوله تعالى:{يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ، بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي} . وقول الشاعر:

فيا ربما1 بات الفتى وهو آمن

وأصبح قعد سدت عليه المطالع

ومثال دخوله على الجملة الفعلية:

قل لمن حصل مالا واقتنى

أقرض الله. فيا نعم المدين

وقول الشاعر:

يا حبذا النيل على ضوء القمر

وحبذا المساء فيه والسحر

وقول الآخر يخاطب ليلى:

فيا حبذا2 الأحياء ما دمت حية

ويا حبذا الأموات ما ضمك القبر

ومثال دخوله على الجملة الاسمية قول شاعرهم3:

يا لعنة الله والأقوام كلهم

والصالحين على سمعان من جار

وفي هذه الحالات يكون حرف النداء إما داخلا على منادى محذوف. مناسب للمعنى؛ فيقال في الآية: يا رب. أو يا أصحاب. . . أو نحوهما. وهذا عند من يجيز حذف المنادي، وإما اعتباره حرف تنبيه عند من لا يجيز حذف المنادي. والرأيان مقبولان؛ ولكن الثاني أولى؛ لصلاحه لكل الحالات. ولو لم تستوف الشرط الآتي الذي يتمسك به كثير من النحاة، وهو: عدم حذف المنادى قبل

1 وكقولهم: يا رب متعة ساعة، أورثت حزن أيام.

2 حبذا: جملة فعلية للمدح العام. وتفصيل الكلام عليها في الباب المناسب؛ وهو باب: ألفاظ المدح والذم - ج3 م110.

3 كما جاء في "المغني" ج2 عند كلامه على الحرف: "يا" وهو داخل هنا على جملة اسمية دعائية، وكما جاء في الهمع أيضا.

ص: 6

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الفعل الذي دخل عليه حرف النداء إلا إذا كان الفعل للأمر، أو للدعاء، أو صيغة "حبذا". فمثاله قبل الأمر قراءة من قرأ قوله تعالى:{أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ، وقبل الدعاء قول الشاعر1:

ألا يا. . . اسلمي يا هند، هند بني بدحر

إذا كان حي قاعدا آخر الدهر

فإن لم يتحقق الشرط عند المتمسكين به فلا منادى محذوف، ولا نداء، ويكون الحرف المذكور هو للتنبيه.

د- يعتبر النحاة حرف النداء مع المنادى جملة فعلية إنشائية للطلب؛ برغم أنها قبل النداء خبرية، فهي تتحول معه إلى إنشاء طلبي جملته فعلية. فالأصل في مثل: يا صالح، هو: أنادي أو أدعو صالحا. . . حذف الفعل مع فاعله الضمير المستتر، وناب عنهما حرف النداء2، وبقي المفعول به، وصار منادى واجب الذكر -غالبا- وقيل: إن المحذوف هو الفعل وحده، وناب عنه حرف النداء، واستتر الفاعل في حرف النداء. وقيل غير هذا. . .

ولا قيمة للخلاف في أصل الجملة الندائية؛ فالذي يعنينا هو أنها صارت فعلية تفيد الإنشاء الطلبي، وأنها تركت حالتها الأولى الخبرية3.

1 ومثله البيت السالف: "يا - لعنة الله. . . ".

2 ولهذا يعتبر حرف النداء من حروف المعاني التي ينوب كل منها عن جملة محذوفة، يذكر بدلا منها. . .؛ فحرف النداء ينوب عن جملة:"أنادي × أو: أدعو ×" وحرف الاستفهام ينوب عن جملة: "أستفهم ×" وحرف العطف ينوب عن جملة: "أعطف ×. . . " وهكذا.

ثم انظر رقم 4 من هامش ص9 وقد سبق إيضاح لحروف المعاني. في صدر الجزء الأول "م5" وفي بابي: "الظرف وحروف الجر" من الجزء الثاني.

هذا، ولا يصح في الجملة الندائية أن تقع خبرا، فقد قال السيوطي في الهمع ج1 ص96 في أقسام الخبر ما نصه:"لا يسوغ الإخبار بجملة ندائية، نحو: زيد يا أخاه، ولا مصدر بلكن، أو: بل، أو: حتى. بالإجماع في كل ذلك". ا. هـ.

3 ولهذا قيل إن السبب في حذف الفعل مع فاعله على الوجه السالف هو قصد الإنشاء؛ إذ ظهور الفعل قد يوهم الإخبار، وأيضا كثرة الاستعمال، والتعويض عن الفعل بحرف النداء، وظهور المعنى المراد بعد حذفهما، راجع الهمع ج1 ص171 في المفعول به وناصبه.

ص: 7

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هـ- ولما كان حرف النداء نائبا عن الأصلي المحذوف صح أن يكون لهذا الحرف بعض المعمولات الخاصة التي يؤثر فيها؛ نيابة عن ذلك العامل المحذوف. وأشهرها شبه الجملة1، كقول الشاعر:

يا دار بين النقا والحزن، ما صنعت

يد النوى بالألى كانوا أهاليك؟

وقول الآخر:

يا للرجال لقوم عز جانبهم

واستلهموا المجلد من أصل وأعراق

فليس في المثالين -وأشباههما- ما يصلح لتعلق شبه الجملة إلا: "يا" وجعلوا من المعمولات المصدر2 في مثل قول القائل:

"يا هند. دعوة صب دائم دنف"3

فالمصدر "دعوة" متعلق بالحرف: "يا"، النائب: عن "أدعو"، والتقدير: أدعو هندا دعوة صب.

1 لهذا إشارة في باب: الظرف، ج2 م78.

2 سبقت الإشارة لهذا في ج2 باب المفعول المطلق م74.

3 تكملة البيت:

"مني بوصل، وإلا مات أو كرب"

"الدنف: شديد المرض - كرب: اقترب من الموت".

ص: 8

المسألة 128: أقسام المنادى الخمسة 1 وحكم كل

القسم الأول: المفرد العلم، ويراد بالمفرد هنا: ما ليس مضافا، ولا شبيها، بالمضاف؛ فيشمل المفرد الحقيقي2؛ بنوعيه المذكر والمؤنث، ويشمل مثناة، وجمعه، "نحو: فضل، علم رجل - الفضلان - الفضلون - الفضول - عائدة، علم امرأة - العائدتان - العائدات - العوائد. . ."، ويشمل كذلك الأعلام المركبة قبل النداء؛ سواء أكان تركيبها مزجيا؛ كسيبويه "علم إمام النحاة المشهور" - أم إسناديا، كنصر الله، أو: شاء الله. علمين، أم عدديا كخمسة عشر3. . .

فكل هذه الأعلام -وأشباهها- تسمى مفردة في هذا الباب، وتعريفها بالعلمية قبل النداء يلازمها بعده -على الأصح- فلا يزيله النداء ليفيدها تعريفا جديدا أو تعيينا. وإنما يقوي التعريف السابق، ويزيد العلمية وضوحا وبيانا. ويلاحظ حذف "أل" وجوبا من صدر المنادى؛ -علما وغيره- إن لم يكن المنادى من المواضع المستثناة التي يصح تصديرها "بأل"4.

حكمه:

أ- الأكثر بناؤه على الضمة -بغير تنوين- أو على ما ينوب عنها. ويكون في محل نصب دائما؛ لأن المنادى في أصله مفعول به5؛ نحو: يا فضل، كل شيء

1 هي المفرد العلم - النكرة المقصودة - النكرة غير المقصودة - المضاف - الشبيه بالمضاف.

2 وهو الذي يدل على واحد. ويلحق به في حكمه هنا مثناه وجمعه، لكن أيعتبر هذان بعد النداء أعلاما أم نكرات مقصودة؟ الجواب في رقم 3 من ص16.

3 عند غير الكوفيين الذين يجعلون صدر المركب العددي بمنزلة المضاف، منصوبا، "كما سيجيء في رقم، من ص16 وفي هامش ص17 ورقم 1 من هامش ص32". ورأيهم ضعيف. وأثر الخلاف يظهر في توابع المنادى.

4 ستجيء في ص36.

5 المنادى بمنزلة المفعول به لفعل محذوف مع فاعله -في أحد الآراء- نائب عنهما "يا" أو إحدى أخواتها. يقول النحاة في مثل: يا علي. . . إن أصله كما تقدم، في "د" من ص7: أدعو، أو: أنادي عليا. . . حذف الفعل، مع فاعله ونابت عنهما "يا" وصار المفعول به منادى، مبنيا على الضم في محل نصب. ويستدلون على أنه في محل نصب بورود كثير من توابعه منصوبا في الكلام الصحيح المأثور. وليس في الجملة ما يصلح سببا لنصبه إلا مراعاة المحل.

ص: 9

يحتاج إلى العقل، والعقل يحتاج إلى التجربة - يا فضلان1. . . يا فضلان. . .1 يا فضول - يا أفاضل2. . . - يا عائدة. . . - يا عائدتان. . . - يا عائدات. . . - يا عوائذ. . .

فالمفراد العلم في هذه الأمثلة -وما شابهها- مبني على الضمة في المفرد الحقيقي، وفي جمع التكسير، وجمع المؤنث السالم، ومبني على الألف في المثنى، وعلى الواو في جمع المذكر السالم. وهو في أكثر أحواله مبني3 لفظا على الضمة وفروعها، منصوب محلا4.

ولا فرق بين أن تكون الضمة ظاهرة؛ كالتي في بعض الأعلام السالفة، أو مقدرة كالتي في آخر الأعلام المختومة بحرف علة؛ كموسى في وقوله تعالى:{يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ} . . . وكالتي في آخر الأعلام المركبة التي ذكرناها، ومنها: سيبويه. . .، منذ5 -كيف- قطام. . . وغيرها من كل لفظ سمي به، وصار علما، وكان مبنيا أصالة قبل أن يصير علما منادى فتبقى علامة البناء الأصلي السابق على حالها، وتقدر على الآخر علامة البناء الجديدة التي جلبها النداء، ويكون المنادى في كل ذلك، في محل نصب5. . .

ويلحق بالمفرد العلم المبني أصالة قبل النداء في حكم البناء على الضمة المقدرة، كل ما ينادى من المعارف الأخرى المبنية أصالة قبل النداء؛ وليست

1، 1 راجع رقم 3 ص16 في الزيادة والتفصيل ما يختص بنداء العلم المثنى والجمع؛ لأهميته.

2 جمع: أفضل.

3 إلا صورة يجوز في بنائها أمران، تجيء في ص18 وإلا ثلاث صور معربة "في ص13 و20 و34".

4 راجع "د" من ص7، ورقم 4 من هامش الصفحة السابقة. ولا فرق في هذا الحكم بين العلم الموصوف وغير الموصوف، انظر "الملاحظة" التي في ص22.

5، 5 ويقال في كلمة مثل:"منذ" -علم- عند نادئها، إنها منادى، مبني على ضم مقدر على آخره منع من ظهوره علامة البناء الأصلي، في محل نصب، وعلامة البناء الأصلي في هذه الكلمة هي: الضمة. وهذه تختلف عن ضمة البناء التي يجلبها النداء.

"ثم انظر "ج" ص23، وص12".

ص: 10

أعلاما؛ كأسماء الإشارة "نحو: هذا - هؤلاء. . ." وأسماء الموصولات غير المبدوءة بأل1 "نحو: من - ما. . ." وضمير المخاطب "نحو: أنت - إياك. . ." أما غير المخاطب فلا ينادى، كما عرفنا2.

1 أما اسم الموصول المبدوء "بأل فله حكم خاص يجيء في "الحالة الرابعة" من ص38.

2 في ص7 هذا، وإلحاق الأشياء المذكورة بالمفرد العلم، هو رأي كثير من النحاة شاع أتباعه والاقتصار عليه؛ ويعارضه رأي آخر أنسب. "كما سيذكر في "الملاحظة التالية" ص12" وقد يكون من السائغ أن نذكر -بإيجاز- للمتخصصين ما في المطولات النحوية من خلاف جدلي شكلي حول حكم المعارف المبنية قبل النداء وليست أعلاما. يدور الخلاف حول نوع تعريفها بعد النداء؛ أهو الذي كان لها قبله، أم هو تعريف جديد بدل السابق، حل محله؟ فشارح المفصل "ج1 ص129" يعرض الرأيين، ويرجح -في وضوح وصراحة- الرأي القائل إن المعارف كلها -أعلاما وغير أعلام- تفقد تعريفها السابق، وتصير نكرات، ويجلب لها النداء بما فيه من القصد والإقبال على المخاطب تعريفا جديدا يزيل تنكيرها الجديد. ويؤيد هذا بكلام طويل. أما غيره -كأبي بكر بن السراج، ومن معه من القدامى، وكالصبان من المتأخرين- فيؤيد الرأي الآخر؛ بحجة أن أكثر المعارف لا يمكن أن يزول عنه تعريفه القديم مطلقا، ولا يمكن أن يتجرد منه، ويصير نكرة تقبل التعريف المجلوب بالقصد والمخاطبة مع النداء، "كلفظ الجلالة "الله" وكأسماء إشارة

" وقد وردت إشارة موجزة لهذه المسألة على هامش كتاب سيبويه "ج1 ص303" اكتفى فيها المقرر بأن أحال إيضاحها وتفصيلها وتفريعها إلى ما جاء في شرح السيرافي لها. كذلك أشار صاحب شرح التصري "في أول الفصل الثاني من أقسام المنادى" إلى المنادى المعرف؛ ما كان منه مذكرا أو مؤنثا، علما وغير علم، معرفا قبل النداء أو بعده، إلى غير هذا مما اشتملت عليه المطولات من تفريعات، وتشعيبات لا خير في سردها الآن، ومن الممكن أن نستخلص منها نتيجتين.

الأولى: أن العلم إذا نودي؛ وجب بناؤه على الضمة؛ وأنه -بعد النداء- معرفة لا شك في تعرفه، علم لا خلاف في علميته. ولا يعنينا بعد هذا أن يكون تعرفه وعلميته هما السابقان على النداء، أو مجلوبان بعد النداء، مجلوبان بسببه؛ لأنه في الحالتين علم، بالرغم من وجود أعلام لا يفارقها التعريف مطلقا؛ كلفظ الجلالة "الله".

وما سبق خاص بالعلم المفرد الذي ليس مثنى ولا مجموعا، فإن كان مثنى أو مجموعا فله حكم آخر يجيء في رقم 3 من ص16.

الثانية: أن المعارف الأخرى التي ليست أعلاما، والتي يغلب أن تكون قبل النداء مبنية أصالة "كالضمير، والإشارة

" لا شك في تعرفها ولا يعنينا أيضا أن يكون هذا التعريف هو السابق على النداء، وأنه استمر بعده؛ "إذ لا يمكن تنكيرها -على الأصح" أو هو تعريف جديد حل محل الأول الذي زال بالنداء وصارت المعرفة نكرة بعد زواله، ثم زال تنكيرها بتعريف القصد والخطاب مع النداء

لا يعنينا ذلك؛ لأن هذه المعارف التي ليست أعلاما والتي هي مبنية أصالة قبل=

ص: 11

ملاحظة:

ما تقدم من حكم الضمة المقدرة في آخر الأعلام المبنية أصالة قبل النداء، وفي آخر ما ألحق بها

هو الرأي الشائع عند أكثر النحاة -كما أشرنا-1 وفيه مع صحته وشيوعه نوع من التضييق والتعقيد؛ لأن بعض المحققين يتوسع فيقول: "إذا نقلت الكلمة المبنية وجعلتها علما لغير ذلك اللفظ، فالواجب الإعراب"2. يريد: فالواجب اعتبارها معربة بعد النقل، وقبل مناداتها، وتناسى البناء السابق، ويراعى عند ندائها هذا الاعتبار الجديد، الذي يجعلها في حكم الأسماء المعربة، الأصلية الأعراب مجيء النداء.

وبناء على هذا الرأي الشامل للضمير والإشارة، وغيرهما صرح بعض النحاة بأنك "تقول في: كيف، وهؤلاء، وكم، ومنذ

أعلاما" - "يا كيف يا هؤلاء - يا كم- يا منذ

بضمة ظاهرة؛ فهي متجددة للنداء. ا. هـ".

= النداء - ستبنى بعده على الضمة المقدرة أو فروعها. وتعتبر ملحقة بقسم المفرد العلم السالف؛ ولا تلحق بقسم النكرة المقصودة -كما يرى بعض النحاة- لأنها معارف قبل النداء، وليست نكرة تامة التنكير تصير بالنداء والخطاب نكرة مقصودة. ولو فرضنا أن تعريفها السابق يزوال بالنداء، ويحل محله تعريف جديد -وهذا رأي ضعيف مردود- لوجب أن يكون التعريف المتجدد مماثلا لتعريفها السابق نوعا ودرجة، كما عاد للعلم نوع تعريفه الساق ودرجته وهو العلمية، "على رأي من يقول: إنه يفقد علميته بالنداء، ثم تعود له بعده" فليس بمقبول أن يقال إنها معارف في أصلها، زال تعريفها السابق، فصارت نكرة، ثم نوديت فاكتسبت التعريف الجديد المخالف للسابق، وصارت به نكرة مقصودة، "مع أن أكثر تلك المعارف لا يفقد تعريفه مطلقا في الرأي الأقوى -كما سبق". وإنما ألحقت بالعلم لقرب درجة تعريفها منه، ولم تدخل في عداده لأنها ليست علما

وهذا الخلاف شكلي؛ بالرغم مما يرقبون عليه من وضع المعارف في درجات متفاوته القوة في التعريف تفاوتا يؤدي إلى تقديم بعضها في ترتيب الكلام على بعض، لكن لا أثر له في ضبط الكلمة، ولا معناها، ولا إعرابها؛ فهي على الرأيين معرفة بعد النداء، ومبنية على الضمة، سواء أكانت من قسم المفرد المقصودة

"وقد سبق تفصيل الكلام على العلم في ج1 ص200 م22".

1 في رقم 2 من هامش ص11.

2 هذا كلام "الرضي" في باب: "العلم" نقله "خالد" وعلق عليه في شرحه: على "التصريح""ج2 أول الفصل الثاني، في أقسام المنادى". وقال الرضي أيضا ما نصه: "كل مفرد مبني تسمى به شخصا فالواجب فيه الإعراب مع الصرف -أي مع التنوين-....". ا. هـ. راجع حاشية "خالد" على التصريح، آخر باب:"ما لا ينصرف".

ص: 12

وفي هذا الرأي توسعة، وتيسير محمودان؛ لأنه يجعل حكم المنادى1 المفرد العلم مطردا؛ يعم ويشمل صورا كثيرة بغير تفرقة ولا تشتيت. ومن ثم كان الأخذ به أفضل من الأخذ بالرأي الأول.

وإنما يبنى المفرد العلم -وملحقاته- إذا لم يكن معربا مجرورا باللام في "الاستغاثة والتعجب" مع ذكر "يا" فيهما؛ كما في نحو: "يا لعلي للضعيف"؛ للاستغاثة بعلي في نصر الضعيف. و: "يا لعلي المحسن"؛ للتعجب من كثرة إحسانه. فالمنادى فيهما. معرف وجوبا، كما كان قبل النداء، مجرور باللام في محل نصب. لأنه خرج بسبب الجار من قسم "المفرد العلم" ودخل في قسم المضاف2 تأويلا.

وكذلك يجب إعرابه "ولا يصح بناؤه" إذا كان هذا العلم المفرد منقولا من أحد الأعداء المتعاطفة، بالتفصيل الموضح في مكانه3.

وهناك صورة يجوز فيها الإعراب والبناء، وستجيء4.

1 وهو البناء على الضمة أول ما ينوب عنها، من غير تفرقة بين ما أصله علم قبل النداء أو غير علم، مبني أو غير مبني. لأن إدراك هذه التفرقة، والوصول إلى معرفتها اليوم عسير كل العسر على جمهرة الناس، ففي الاستغناء عنها راحة بغير ضرر. وهناك نص آخر يؤيد ما سبق؛ ملخصه: وجوب الإعراب والتنوين معا قبل النداء في كل لفظ أصله مفرد حقيقي "أي: ليس مثنى ولا جمعا، ولا نوعا من أنواع المركبات الثلاثة التي منها المركب الإضافي، وشبه الملحق به" ومبني ثم ترك أصله، وصار علما منقولا من معناه وحكمه السابقين إلى معنى وحكم جديدين، مثل كلمة:"أسس، وغاقر" إذا صارتا علمين؛ فعند ندائهما يجري عليهما حكم الأسماء المعربة قبل النداء.

"راجع التصريح أول الفصل الثاني في أقسام المنادى، ج2 ص166 وحاشيته آخر باب "الممنوع من الصرف" ص226" وسبق لهذا الحكم بيان مفيد في ج1، بابي المعرب والمبني - والعلم، م6 و23 ص74 و278".

2 كما سيجيء هذا في ص79 من باب الاستغاثة.

3 ص33 وص34.

4 في ص20.

ص: 13

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

1-

ما كيفية بناء المفرد العلم الذي كان في أصله اسما منقوصا، منونا، ثم نقل إلى العلمية؛ مثل: هاد، راض، مرتض، مستكف، وغيرها؟

الأصل في المنقوص أن يكون مختوما بالياء1 الظاهرة إلا في بضع حالات قليلة؛ أهمها: أن يكون منونا مرفوعا أو مجرورا؛ فيجب حذفها نطفا وكتابة؛ لأن الضمة والكسرة ثقيلتان على الياء، فتحذفان؛ طلبا للخفة. فإذا حذفتا تلاقت الياء ساكنة مع التنوين فيجب حذفها؛ تخلصا من التقاء الساكنين؛ فتصير الكلمة إلى الصور السالفة. "فأصل:"هاد" -مثلا- في: "أنت هاد للخير" هو: هادين: بكتابة التنوين نونا ساكنة تبعا لأصله2. ثم حذفت الضمة؛ منعا للثقل؛ فصارت الكلمة: "هادين" بياء ونون ساكنتين. ثم حذفت الياء2؛ للتخلص من الساكنين؛ فصارت الكلمة: "هادن"؛ بإثبات التنوين على شكله الأول نونا ساكنة. ثم جرى الاصطلاح على كتابة التنوين كسرة مكررة لكسرة الحرف الأخير الذي قبل الياء المحذوفة، فصار للحرف الأخير كسرتان؛ إحداهما حركة أصلية هجائية، والأخرى بدل التنوين. وانتهت الكلمة إلى صورتها الأخيرة:"هاد" ومثلها استمعت لهاد. وأصلها: هاديين حذفت كسرة الياء، وجرى ما سبق

".

فإذا نوديت وجب حذف التنوين؛ لأن المنادى هنا علم مفرد؛ فيجب بناءه على الضم بغير تنوين. وهذا الضم مقدر على الياء. لكن أتبقى الياء محذوفة كما كانت، والضم مقدر عليها، برغم حذفها -لأنها ملحوظة كالمذكورة- أم تعود بعد النداء إلى مكانها؛ فتظهر نطقا وكتابة. ويكون الضم مقدرا عليها كذلك؟ رأيان؛ أحدهما: يوجب حذف التنوين واستمرار حذف الياء؛ لأن الكلمة المناداة كانت منونة ومحذوفة الياء قبل المناداة، فوجب حذف التنوين؛ لأنه معارض لبناء المنادى، كما يوجب ألا ترجع الياء؛ لعدم وجود ما يقتضي إثباتها وإرجاعها؛ فقد

1 يجوز حذفها بالتفصيل الخاص بحذف الياء -وقد سبق بيانه مفصلا في ج1 ص16.

2 و2 أوضحنا هذا وسببه في صدر الجزء الأول عند تفصيل الكلام على التنوين م2.

ص: 14

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

طرأ عليها النداء وهي محذوفة، فتبقى على حالها من الحذف.

والآخر: يوجب حذف التنوين للسبب السالف، ويوجب إرجاع الياء وإثباتها لأن سبب حذفها -وهو تلاقيها ساكنة مع التنوين- قد زال بزوال التنوين. وإذا زال السبب لا تبقى بعده آثاره التي توجد بوجوده. فالرأيان متفقان على حذف التنوين وسببه، مختلفان في إرجاع الياء وإثباتها، أو عدم إرجاعها.

ويتفقان على إرجاعها إذا لم يكن في العلم المنقوص إلا حرف أصلي واحد، مثل "مر". اسم فاعل من "أرى"، فتقول في نداء المسمى به: يا مري.

والحق أن هذه الأدلة جدلية محضة ليس فيها مقنع. والفيصل إنما هو السماع الوارد عن العرب، ولم ينقل إلينا منه ما يكفي للترجيح؛ فالرأيان متكافئان. وقد يكون الأنسب هو الرأي الداعي إلى إثبات الياء؛ لأنه أقرب إلى الوضوح، وأبعد من اللبس والاختلاط.

وكل ما قيل في كلمة: "هاد" -مما أسلفناه- يقال في سائر الأعلام المنقوصة المنونة عند ندائها

-كما سيجيء البيان1.

2-

إذا كان المفرد العلم في أصله منقولا من اسم مقصور منون. "نحن: مرتضى - مصطفى- رضا

وأشباهها" وجب عند ندائه حذف تنوينه؛ لأنه مبني على الضم. وهذا البناء يقتضي حذف التنوين حتما. لكن أتعود بعد ذلك ألف المقصور التي حذفت من آخره نطقا؛ بسبب تلاقيها ساكنة مع التنوين الساكن. أم لا تعود؟.

"ذلك أن الأصل في كلمة مثل: مرتضى؛ هو مرتضى؛ أي: مرتضين رفعا -والنون الساكنة هي التنوين- تحركت الياء، وانفتح ما قبلها؛ فقلبت ألفا، وصارت الكلمة: مرتضان، تلاقى ساكنان: الألف وهذه النون، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين، وصارت الكلمة: مرتضن، لكنها تكتب "مرتضى" طبقا لقواعد رسم الحروف؛ وهي تقضي بأن يوضع على الحرف الذي قبل النون حركة

1 في باب: تثنية المقصور، والممدود، وجمعهما "

هامش ص613".

ص: 15

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثانية مماثلة لحركته الهجائية، تغني عن النون بعد حذفها، وتكون هذه الحركة الهجائية الثانية هي الرمز الدال على التنوين، بدلا من التنوين".

ويجيب النحاة: أن الظاهر في هذه المسألة هو تطبيق حكم المسألة السابقة فيجرى على ألف المقصور ما جرى على ياء المنقوص من وجود رأيين متفقين على حذف التنوين، مختلفين في رجوع الألف نطقا أو عدم روجعها، بالحجة التي تساق لكل. وقد يكون الأنسب إرجاع الألف

3-

في باب المثنى1 أن العلم المفرد إذا ثني أو جمع، زالت علميته، وصار نكرة ولا يحكم له بالتعريف إلا بوسائل جديدة تزاد؛ منها: إدخال "أل" المعرفة عليه، أو نداؤه

أو

فإذا نودي العلم بعد تثنية وجمعه حكم له بالتعريف الناشئ من النداء، لا من العلمية؛ لأن النداء هنا دخل على منادى خال من العلمية، فقد أزالها ما طرأ من التثنية أو الجمع، مثل: يا محمدان - يا محمدون

وأشباههما؛ فيصير بعد ندائه في حكم النكرة المقصودة -عند كثير من النحاة- تجري عليه أحكامها التي منها: صحة نعتها -أحيانا- بالنكرة أو بالمعرفة؛ فيراعى إما أصله الأول الذي زالت علميته قبل النداء، وإما حالة تعريفه الطارئة بعد النداء2

بخلاف العلم الذي ليس مثنى، ولا جمعا، فإن علميته تبقى بعد النداء ويتعرف بها، أو لا تبقى؛ فيتعرف بالنداء الطارئ لا بتلك العلمية السابقة، على حسب الخلاف الذي سبق3.

4-

إذا نودي: "اثنا عشر" و"اثنتا عشرة" علمين، جاز أن يقال: يا اثنا عشر، ويا اثنتا عشرة، فاثنا واثنتا مبنيان على الألف؛ لأن المثنى وملحقاته في هذا الباب في حكم المفرد؛ فيبنى على ما يرفع به. وكلمة:"عشر وعشرة" بعدهما مبنية على الفتح، لا أهمية لها؛ لأنها بمنزلة نون المثنى. وهمزتهما للقطع4 ما داما علمين.

1 ج1 ص83 م9.

2 طبقا لما سيجيء في "د" من ص30.

3 في رقم 2 من هامش ص11.

4 انظر رقم 3 من هاشم ص38 و2 من هامش ص247.

ص: 16

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويجوز أن يقال: يا اثني عشرة، ويا اثنتي عشرة

بالنصب بالياء على اعتبار المثنى مع كلمة: "عشر" أو "عشرة" بمنزلة المضاف مع المضاف إليه في الصورة، والمنادى المضاف واجب النصب1.

1 هذا رأي الكوفيين الذي أشرنا إليه "في رقم 2 من هامش ص9 و1 من هامش ص32" وبمقتضاه تكون الأعداد المركبة كلها داخلة في قسم المنادى المضاف، فصدر كل واحد منها واجب النصب، عند الكوفيين في النداء، ويظل العجز مبنيا على الفتح، بمنزلة النون.

أما عند غيرهم فالأعداد المركبة كلها مبنية على فتح الجزأين "ما عدا العلمين: اثني عشر واثنتي عشرة؛ والمنادى هو العدد المركب بجزأيه معا إلا هذين. فإذا كان المنادى العلم هو: اثنا عشر، واثنتا عشرة؛ فصدرهما وحده، في حكم العلم، المثنى، المنادى، المبني.

ويترتب على الخلاف بين الكوفيين وغيرهما الخلاف في ضبط تابع المنادى.

ص: 17

ب- من المفرد العلم صورة يجوز فيها أمران1: البناء على الضم في محل نصب، أو البناء على الفتح في محل نصب. وهذه الصورة الجائزة بحكميها لا بد أن يكون فيها المنادى علما مفردا "أي: غير مثنى، ولا مجموع"، وأن يكون آخره مما يقبل الحركة "فلا يكون معتل الآخر: كعيسى، ولا مبنيا على السكون لزوما، مثل:"من" إذا صارت علم شخص

" وأن يوصف مباشرة -أي: بغير فاصل- بكلمة: "ابن" أو: "ابنة"2، دون "بنت"، وكلتاهما مفردة، مضافة إلى علم آخر، مفرد أو غير مفرد3

مثل: يا حسن بن علي، من أثنى عليك بما فعلت فقد كافأك. ويا فاطمة بنة محمد، أنت فخر النساء، ببناء كلمتي:

1 انظر الزيادة والتفصيل ص20 ففيها أمر ثالث حكمه الإعراب، وتعليل الأوجه الثلاثة.

2 فلو كان لفظ: "ابن وابنة" غير نعت كأن يكون بدلا، أو خبرا لمبتدأ أو لناسخ، أو منصوبا بعامل محذوف -مثل: أعني- لم يصح حذف التنوين وما يتبعه -كما سيجيء هنا.

3 ولا يشترط في العلمين ولا في أحدهما التذكير -على الرأي الراجح- ولا مانع أن يكون العلم اسما، أو كنية، أو لقبا. أو جنسيا للأعلام المجهولة؛ نحو: يا فلان بن فلان، أو: يا حارث بن همام، "للشخص الذي تخيله:"الحريري" وجعله دعامة المحاورات في مقاماته، وأدار الحديث بلسانه في كثير منها". وكذلك: يا سيد بن سيد؛ لكثرة استعماله كالأعلام، وبضع كلمات ساغت كهذه.

ومتى اجتمعت الشروط في نداء أو غيره وجب -في ذلك الرأي الراجح- حذف همزة الوصل وألفها كتابة ونطقا من: "ابن"، و"ابنة" إلا لضرورة الشعر، أو لوقوع إحداهما في أول السطر، فثبت الألف كتابة. وكذلك يجب -في غير الضرورة الشعرية- حذف التنوين كتابة ونطقا من المستوفى للشروط؛ ولو كان غير منادى. "وقد سبقت إشارة لهذا في ج1 م4 ص44.

غير أن هنا مسألة وقع الخلاف فيها في حذف التنوين من آخر العلم الموصوف المنادى وغير المنادى، وفي حذف همزة الوصل مع ألفها من الصفة "ابن وابنة" هي: أن يكون العلم الأول "الموصوف" كنية أو مضافا آخر، أو يكون العلم الثاني "وهو المضاف إليه" كنية أو مضافا آخر كذلك؛ مثل: أو الخلفاء الراشدين أبو بكر بن قحافة. ومثل محمد بن أبي بكر من أشهر الزهاد.. فيرى كثير من النحاة وجوب إثبات التنوين وألف الوصل في الصورتين. ويرى آخرون جواز حذفهما، وإثباتهما. وقد يكون الحذف -على قلته- هو الأنسب اليوم، ليكون حكمه مطردا شاملا الصور المختلفة.

ومسألة أخرى، هي التي تكون فيها الصفة كلمة:"بنت" ويكون موصوفها علما لمؤنث يصح صرفه، ومنع من الصرف. فهل يجوز بقاء التنوين في موصوفها المنادى وغير المنادى؟ روى سيبويه الحذف والإثبات عن العرب الذين يصرفون كلمة:"هند" وأشباههما؛ مما يجيء في ص238 فيقولون: هذه هندٌ بنت عاصم؛ بتنوين "هند"، وتركه لكثرة الاستعمال.

وقد يكون الأحسن هنا أيضا حذف التنوين، ليكون الحذف مطردا في كل المسائل، وقاعدته عامة.

ص: 18

"حسن"، و"فاطمة"، على الضم أو على الفتح، في محل نصب في الحالتين. ولا بد أن تكون البنوة حقيقية.

فإذا فقد شرط وجب الاقتصار على البناء على الضم، كأن يكون المنادى غير علم، مثل: يا غلام ابن سعيد، أو يكون علما مفصولا1 من المنادى، مثل: يا سليمان النبي ابن داود، أو تكون كلمة:"ابن" و"ابنة" ليست نعتا وإنما هي بدل، أو مفعول، أو خبر: أو منادى جديد، أو غير ذلك مما ليس نعتا2

1 مع الخلاف في العلم إذا كان كنية، على الوجه المبين في هامش الصفحة السالفة.

2 مع ملاحظة ما نردده كثيرا، وهو أن اختلاف الإعراب لا بد أن يتبعه اختلاف المعنى، فالمراد من النعت مغاير كل المغايرة للمراد من البدل

كذلك الشأن في غيرهما.

ص: 19

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

أولا: إذا اجتمعت الشروط السابقة جاز الوجهان المذكوران، ووجه ثالث، هو أن يكون المنعوت معربا منصوبا، بغير تنوين.

وللنجاة في تعليل الأوجه الثلاثة آراء قائمة على التكلف، والتأويل، والحذف أو الزيادة، بغير حاجة ماسة إلا رغبتهم في إلحاق كل وجه بحالة إعرابية ثابتة. وإدخاله تحت قاعدة أخرى مطردة، ولا يعرف العرب شيئا من هذه التعليلات. ولا شأن لهم بها، ولن يتأثر الأسلوب أو ضبط مفرداته بإغفالها، وإهمال الوجه الثالث القائم على الإعراب مع النصب المباشر بغير تنوين.

وفيما يلي بعض تلك الآراء بإيجاز يحتاج إليه الخاصة:

1-

في مثل: يا حسن بن علي -بضم المنادى- يكون بناؤه على الضم في محل نصب؛ مراعاة للقاعدة العامة؛ لأنه مفرد علم. وتعرب كلمة: "ابن" صفة، منصوبة، تبعا لمحل الموصوف. لا لفظه المبني1. وهذا إعراب حسن لا مأخذ عليه.

2-

وفي مثل: يا حسن بن علي

2 -بفتح المنادى- يكون مبنيا على الفتح في محل نصب؛ "فهو مبني لفظا. منصوب محلا". ويقولون: إن حقه البناء على الضم؛ لأنه مفرد علم، ولكن آخره تحرك بحركة تماثل الحركة التي على آخر الصفة، على توهم وتخيل أن الكلمتين بمنزلة كلمة واحدة؛ إذ الفاصل بين آخر المنادى، وآخر صفته حرف واحد ساكن، فالفصل به كلا فصل؛ لأنه جاجز غير حصين -كما يقولون.

وفي هذه الحالة يذكرون في إعراب المنادى: أنه مبني على ضم مقدر، منع من ظهوره فتحة الاتباع3، في محل نصب، وكلمة:"ابن" صفة له، منصوبة باعتبار محله.

1 لأن البناء لا ينتقل من المتبوع إلى تابعه، ولا من كلمة إلى أخرى ليست مبنية.

2 تجيء مناسبة أخرى لهذا النوع من المنادى، في "ج"، من ص53.

3 أي: الفتحة التي جاءت في آخر المنادى متابعة ومماثلة للفتحة التي في آخر صفته.

ص: 20

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فلم هذا التوهم، واللف والالتواء في إعراب المنادى، وإتباع حركته -وهو السابق- لحركة صفته اللاحقة، ما في هذا من مخالفة المألوف الذي يجري على أن يكون المتأخر هو التابع في حركته للمتقدم؟

لم لا نقول: إن المنادى إذا اجتمعت فيه الشروط السالفة جاز أن يكون مبنيا على الفتح مباشرة، أو على الضم. مراعاة للواقع المأثور من فصيح الكلام العربي؟ ولا ضرر في هذا ولا إساءة. بل إنه السائغ المقبول، وهو في الصورتين في محل نصب.

3-

ويجيزون في إعراب المنادى في الصورة السالفة أنه مبني مع صفته على فتح الجزأين، على توهم وتخيل تركيبه مع صفته تركيبا لفظيا، كالتركيب اللفظي الذي في الأعداد: أحد عشر، وثلاثة عشر، وما بعد أربعة عشر إلى آخر تسعة عشر، فإن هذه الأعداد مبنية على فتح الجزأين دائما في جميع الحالات الإعرابية، بسبب تركيب الكلمتين تركيبا يلازمهما، ويقتضي أن يلازمهما فتح آخرهما.

فما الداعي لهذا التكلف أيضا، وحمل المنادى مع صفته في هذه الصورة على تلك الأعداد المركبة، مع وجود الفارق الواضح بينهما؟ ذلك أن العدد المركب لا يؤدي معناه الأساسي المطلوب إلا مع التركيب الحتمي، فكل جزء من الجزأين لا يستقل بنفسه، وإنما هو بمثابة حرف من كلمة هو معروف. ومن ثم كانت المشابهة بين الأسلوبين ضعيفة، وكان الاعتماد عليها هنا غير قوي، وإنما القوي أن نقول في هذه الحالة ما قلناه في الحالة الثانية وهو أن المنادى مبني على الفتح -مباشرة- في محل نصب، نزولا على حكم الواقع الذي لا ضرر في اتباعه، أما كلمة:"ابن" فإعرابها هنا كإعرابها هناك.

4-

ويجيزون أيضا في المنادى السالف ألا يكون مبنيا على الفتح في محل نصب؛ وإنما يكون معربا منصوبا، مباشرة، بغير تنوين، غير أنهم لحظوا أن حالات المنادى المعرب المنصوب لا تنطبق عليه؛ فتلمسوا الوسيلة لإدخاله تحت واحدة

ص: 21

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

منها فارتضوا أن تكون الصفة "ابن" في حكم الزائدة التي لا وجود لها، وأن المنادى مضاف، وأن المضاف إليه هو الكلمة التي بعد كلمة "ابن" وبذا يكون المنادى في تقديرهم داخلا في قسم المضاف الذي يجب إعرابه ونصبه!! ويترتب على هذا أن تكون كلمة:"ابن" مقحمة بين المضاف والمضاف إليه. وأنها لا توصف بإعراب ولا بناء، وإنما هي موقوفة -كما يقولون- ولا محل لها من الإعراب فليست صفة، ولا غيرها.

فما هذا؟ وما الدافع له؟ الخير في إهماله، وإنما ذكرناه لتعرض شيئا يستحق الإعراض عنه. ثم نواجه الواقع بحكم أصيل يناسبه، لا إقحام فيه، ولا وقف، ولا بناء، فتعتبر المنادى معربا بغير تنوين، وكلمة:"ابن" صفة له. منصوبة.

"ملاحظة":

كل ما تقدم خاصا بكلمة: "ابن" يسري على كلمة: "ابنة" الواقعة مثلها صفة لمنادى مؤنث. مستوف للشروط. ولا يسري على غيرهما، فإذا وصف المفرد العلم بغيرهما بقي مفردا علما1، له ولتوابعه أحكامهما الخاصة، ولا ينتقل بسبب الوصف إلى قسم الشبيه بالمضاف؛ إذ لو انتقل إليه لوجب نصبه في جميع الأحوال، كالشبيه بالمضاف، ويصير هذا النصب العام مخالفا للحكم الصحيح.

ثانيا2: المنادى النكرة المقصودة الموصوف بكلمة: "ابن"، أو "ابنة" أو غيرهما، له حكم خاص يختلف عن الحكم السابق، فيتوقف على حال هذه النكرة، أكانت موصوفة قبل النداء بإحدى الكلمتين السالفتين، أو بغيرهما، أم جاء الوصف بعد النداء، وطرأ بعد تحققه؟ وسيجيء الحكم مفصلا عند الكلام على النكرة المقصودة3.

1 سيجيء هذا في أول ص30.

2 سبق الكلام على: "أولا" في ص20.

3 ص28.

ص: 22

ح- وإذا كان المفرد العلم مبنيا قبل النداء بقي على بنائه القديم في اللفظ، ولكن يطرأ عليه بناء جديد، مقدر يجلبه النداء معه -طبقا للرأي الشائع من رأيين كما أسلفنا-1 فكلمة مثل:"سييويه" -وهي علم على إمام النحاة المشهور- مبنية قبل النداء على الكسر لزوما. فإذا نودي، وقيل: يا سيبويه، أحسن الله جزاءك..، كانت كلمة "سيبويه" منادى مبني على ضم مقدر على آخره منع من ظهوره البناء الأصلي على الكسر، في محل نصب1....

ولهذا البناء الجديد المقدر أثره في التوابع، كالنعت وغيره -وستجيء الأحكام المفصلة الخاصة بتوابع المنادى-2 فإذا جاء للمنادى تابع صح في هذا التابع أن يكون في مظهره الشكلي مرفوعا3؛ مراعاة صورية -غير حقيقية- للضم المقدر في المنادى، وجاز أن يكون منصوبا؛ مراعاة لمحل هذا المنادى؛ لأنه مبني في محل نصب -كما عرفنا- ولا يجوز مراعاة علامة البناء الأصلي التي ليست طارئة مع النداء. تقول يا سيبويه النحويُّ، ببناء كلمة "النحوي" على الضم -رفعا صوريا غير3 حقيقي- أو بنصبها مباشرة: باعتبارها معربة. ومثل هذا يقال في كل علم مفرد لازم البناء في أصله في مناداته؛ سواء أكان بناؤه الأصلي اللازم على الكسر "ومنه: حَذَامِ، رَقَاشِ

علمين على امرأتين عند من يبنيهما" أم على غير كسر؛ "مثل حيثُ - كيفَ - أربعةَ عشرَ، وأخواتها من الأعداد المركبة المبنية على فتح الجزأين، - نَعَمْ

أعلام أشخاص" فيقال في كل علم من هذه الأعلام: إنه مبني على الضم المقدر منع من ظهوره علامة البناء الأصلي "على الكسر، أو على الضم، أو على الفتح، أو على فتح الجزأين، أو على السكون" في محل نصب في كل ذلك.

ومثل هذا يقال في العلم المعرب المنقول من جملة محكية، مثل:"صنعت خيرا" علم على شخص. فيقال: يا صنعت خيرا الشجاع فالمنادى -وهو:

1 و1 في رقم4 من هامش ص11، وانظر "الملاحظة" التي في ص12 حيث تعرض الرأي الآخر المفيد.

2 ص40.

3 و3 هل يقال لهذا اللفظ إنه مرفوع، مع أن رفعه صوري، وغير حقيقي؟ وما إعرابه؟ الإجابة والبيان في ص52.

ص: 23

"صنعت خيرا" مبني على ضم مقدر على آخره منع من ظهوره حركة الحكاية، في محل نصب. ويجوز في النعت:"الشجاع" الرفع الصوري1 تبعا للفظ المنادى والنصب تبعا لمحله.

د- المنادى المفرد العلم مبني -في الأكثر كما عرفنا- فلا ينون إلا في الضرورة الشعرية، فيباح تنوينه مع رفعه2، أو نصبه3، فمثال الأول قوله الشاعر يهدد خصمه حميدا:

لا تهجني -يا حميدٌ- إن لي

فتكة الليث، إذا الليث غضب

ومثال الثاني قول المادح:

حسبنا منك -يا عليًّا4- أياد

يتغنى بها الزمان نشيدا

وإذا كان المنادى المفرد العلم مبنيا على الضم، لكنه منون للضرورة لزم التصريح بهذا عند إعرابه2، وجاز في تابعه الرفع مراعاة للفظه -إن لم يوجد مانع آخر- والنصب مراعاة لمحله. أما إذا كان منصوبا منونا فيقال في إعرابه إنه منصوب منون للضرورة، ولا يجوز في تابعه إلا النصب؛ لأن النصب هو الأصل المحلي في المبني، وقد ظهر النصب في اللفظ، فلا داعي لإهماله، ومراعاة غيره

1 يقال هنا ما سبق في رقم3 من هامش الصفحة السالفة.

2 و2 ويقال عند إعرابه: إنه منادى مبني على الضم، ولحقه التنوين للضرورة، وقد اجتمع التنوين وعدمه في العلم:"مطر" في بيت يستشهد به قدماء النحاة؛ هو:

سلام الله يا "مطرٌ" عليها

وليس عليك يا "مطر" السلام

3 والنصب في الضرورة -بالرغم من إباحته- أقل وأضعف من الرفع. ويقال في إعرابه: إنه منصوب مراعاة لبعض اللهجات، ومنون لضرورة الشعر.

4 الضرورة في هذا البيت مباحة للشاعر، ولكن تركها أفضل؛ إذ لا يختل الوزن بتركها، وبعض النحاة يستشهد ببيت مثله؛ هو قول الشاعر:

ضربت صدرها إليَّ وقالت

يا "عديا" لقد وقتك الأواقي

وموضع الشاهد: هو: يا عديا.

ص: 24

القسم الثاني: النكرة 1 المقصودة: ويراد بها:

"النكرة التي يزول إيهامها وشيوعها بسبب ندائها، مع قصد فرد من أفرادها، والاتجاه إليه وحده بالخطاب"؛ فتصير معرفة دالة على واحد معين2 بعد أن كانت تدل على واحد غير معين، ولولا هذا النداء لبقيت على حالتها الأولى من غير تعريف. فكلمة مثل:"رجل" هي نكرة، مبهمة، لا تدل على فرد واحد بذاته، وإنما تصدق على محمود، وحامد، وصالح، و

، وكل رجل آخر. فإذا قلنا: يا رجل سأساعدك على احتمال المشقة، تغير شأنها، ودلت على فرد معروف الذات والصفات -دون غيره- هو الذي اتجه إليه النداء، وخصه المتكلم بالاستدعاء، وطلب الاستماع؛ فصارت معرفة معينة بسبب الخطاب، لا شيوع فيها ولا إبهام.

والنكرة المقصودة هي -في الرأي الأنسب- القسم الوحيد الذي يستفيد التعريف من النداء، دون بقية أقسام المنادى.

حكمها:

الأكثر البناء3 على الضمة، أو ما ينوب عنها في محل نصب، فهي شبيهة بالمفرد العلم في هذا. ومن أمثلتها قول شوقي يخاطب بلبله الحبيس:

يا طير -والأمثال تضـ

ـرب للبيب الأمثال

دنياك من عاداتها

ألا تكون لأعزل

1 وتسمى -كما في رقم 3 من هامش ص4- اسم الجنس المعين. وقد سبق الكلام على النكرة وتعريفها وما يتصل بها في ج1 ص131 م7.

2 الفرق بين التعيين والتعريف في النكرة المقصودة والمفرد العلم أن التعيين والتعريف في الأولى عرضيان طارئان بسبب النداء؛ فهما أثران من آثاره؛ يجيئان معه، ويزولان معه. ولكنهما أصيلان في العلم ملازمان له، ولو لم يوجد النداء، فلا أثر في إيجادهما، أو زوالهما، أو بقائهما -على الرأي الأرجح الذي يبق في رقم 2 من هامش ص11.

والمعارف متفاوتة في درجة التعريف، وقوته، طبقا لما سبق تفصيله في الموضع الأنسب "وهو ج1 م17 رقم 3 من هامش ص191" ومنه يعرف أن النكرة المقصودة في درجة اسم الإشارة؛ لأن التعريف بكل منهما يتم إما بالقصد الذي يعينه المشار إليه، وإما بالتخاطب كما في الموضوع السالف، وكما في "ب" من ج1 م32 ص339 وأن التعريف بالعلمية ذاتي؛ فهو أقوى.

3 إلا في الضرورة الشعرية -كما سنعرف، وفي صورة أخرى معربة ستجيء في الزيادة والتفصيل: ص28 - "1". وثالثة معربة تجيء في ص34.

ص: 25

ولا يصح تنوينها إلا في الضرورة الشعرية، فتنون مرفوعة أو منصوبة، كقول الشاعر وهو ينظر للقمر:

يا قمرًا لا تفش أسرار الورى

وارحم فؤاد الساهر الولهان

ويصح: يا قمرٌ. وفي الحالتين يكون إعرابها كالمفرد1 العلم المنون فيهما.

هذا حكم النكرة بشرط أن تكون مقصودة، ومفردة "أي: غير مضافة، ولا شبيهة بالمضاف" فإن كانت غير مقصودة فهي من القسم الثالث الآتي، وإن كانت غير مفردة فهي من أحد القسمين التاليين: الرابع، والخامس.

وإنما تبنى النكرة المقصودة المفردة على الوجه السالف بشرط ألا تكون موصوفة، وألا تكون من الأعداد المتعاطفة2، ولا معربة مجرورة باللام في حالة الاستغاثة أو التعجب؛ مع وجود حرف النداء:"يا"3؛ لأن للأولين حكما سيجيء2، وأن الجار يجعلها من قسم المنادى المضاف -تأويلا، دون غيره، وهو معرب واجب النصب؛ نحو: يا لقوي لضعيف يستنصره، ويا للمطر الهتون!! في نداء منكرين معينين. فالمنادى مجرور باللام في محل نصب. وقد بقي معربا كشأنه السابق على النداء، وسيجيء البيان في باب الاستغاثة4..

1 سبق في "د" ص24. ويجب التصريح باسمها عند الإعراب.

2 و2 انظر "ا" ص28 وص34.

3 دون غيره، ولا يصح حذفه في الحالتين -كما سبق وفي رقم 5 و6 من ص3.

4 ص77 ويقول ابن مالك في أحكام المنادى المبني على الضم مطلقا، "أي: سواء أكان مفردا علما، أم فكرة مقصودة".

وابن المعرف المنادى المفردا

على الذي في رفعه قد عهدا

فهو يطالب ببناء المنادى المفرد المعرف، وأن يكون بناؤه على العلامة المعهودة فيه في حالة رفعه قبل النداء؛ لأن الضم -لا الرفع- هو علامة البناء في الشائع، فالذي علامته الضمة يبنى عليها، والذي علامته الألف؛ كالمثنى، أو الواو كجمع المذكر، يبنى عليهما

وهذا الحكم ينطبق على القسمين: المفرد العلم والنكرة المقصودة؛ فكلاهما مفرد ومعرف. غير أن تعريف المفرد العلم أصيل، سببه العلمية؛ فهو سابق على النداء، وباق معها ولو زال النداء؛ طبقا لأحد الرأيين المعروضين في ص11. أما تعريف النكرة المقصودة؛ فطارئ؛ بسبب النداء ملازم له مدة وجوده، زائل بزواله -كما سبق في هامش الصفحة الماضية- وبناء المفرد العلم على الضم إنما يكون واجبا في غير الضرورة وبعض الصور=

ص: 26

_________

= التي أشرنا إليها في رقم 3 من هامش ص10. كما أن النكرة الموصوفة لا تبنى -في غير الضرورة- على الضم وجوبا إلا عند عدم وصفها وعدم طولها. فإن وصفت أو طالت جرت عليها الأحكام الآتية في ص28 و34. ثم بين ابن مالك وإجراؤه مجرى المعرب الذي زال إعرابه بسبب النداء، وحل محله بناء جديد، أو مجرى اسم مبنى في أصله، زال في التقدير بناءه القديم وحل محله بناء طارئ جديد بسبب النداء -مع ملاحظة أن الجديد هو الذي يراعى وحده في توابعه- يقول: -ورأيه مدفوع برأي آخر سبق في ص11.

وانو انضمام ما بنوا قبل النداء

وليجر مجرى ذي بناء وجددا

وقبل أن يتمم الكلام على هذا القسم أقحم بيتا يتعلق بأقسام أخرى سيجيء شرحها وشرحه في ص33 هو:

والمفرد المنكور، والمضافا

وشبهة انصب، عادما خلافا

وعاد بعده إلى بيان حكم المنادى العلم المفرد الموصوف بكلمة "ابن" -أو ابنة- وأنه يجوز فيه البناء على الفتح أو الضم، ولم يذكر الشروط؛ وإنما اكتفى في البيت الأول بأن ساق مثالا الشروط -وقد شرحناها مفصلة في ص18، 20- واكتفى في البيت الذي يليه بالنص على أن الصفة "وهي كلمة: ابن، وابنة" إن لم تقع مباشرة بين علمين لم يصح البناء على الفتح، ووجب الاقتصار على البناء على الضم يقول في اختصار معيب:

ونحو زيد ضم، وافتحن من

نحو: أزيد بن سعيد لا تهن

"تهن: مضارع، مجزوم، معناه: تضعف. وماضيه: وهن، معنى: ضعف".

والضم إن لم يل الابن علما

أو يل الابن علم قد حتما

"الألف التي في آخر كل شطرة زائدة لوزن الشعر".

بريد: أن البناء على الضم محتوم إن لم يقع الابن بعد علم "بشرط ألا يكون المنادى نكرة تقتضي حكما خاصا" أو لم يقع علم بعد الابن. أي: إذا لم يتوسط "الابن" بين علمين مباشرة -كما قلنا؛ فمقال الأول يا غلام ابن سعد - سليمان النبي ابن داود. ومثال الثاني: يا سليمان ابن النبي.

ثم عرض الحكم آخر من أحكام المنادى المستحق للبناء؛ فأوضح أنه يجوز فيه الرفع والنصب مع التنوين في الحالتين عند الاضطرار الشعري.

واضمم أو انصب ما اضطرارا نونا

مما له استحقاق ضم بينا

أي: اضمم أو انصب ما نون اضطرارا من كل ما له استحقاق ضم بين فيما سبق. والذي يستحق الضم فيما سبق هو المفرد العلم والنكرة المقصودة

والمنادى المبني على الضم إذا نون يبقى على بنائه، وتنوينه طارئ للضرورة. أما في حالة تنوينه منصوبا فنقول -في الأحسن- إنه معرب منصوب، تبعا لبعض الجهات، وأنه منون للضرورة، -كما سبق في هامش ص24.

ص: 27

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

1-

تبنى النكرة المقصودة على الضم وجوبا إذا كانت غير موصوفة مطلقا1 "أي: لا قبل النداء، ولا بعده". فإن دلت قرينة واضحة -أي قرينة؛ لفظية، أو غير لفظية- على أنها كانت قبله موصوفة بنعت مفرد، أو غير مفرد؛ فالأغلب الحكم بوجوب نصبها مباشرة؛ إذ قد اتصل بها شيء تمم معناها، ولم تقتصر على لفظها وحده، فدخل عليها النداء وهي متصلة بما يتممها؛ وبسببه تخرج من قسم النكرة المقصودة إلى قسم الشبيه بالمضاف، وهو واجب النصب

مثال هذا أن تخاطب: "شاهدتك من بعيد قادما علينا، ويبدو أنك رجل غريب. فيا رجلا غريبا ستكون بيننا عزيزا". فالنكرة الكلام السابق عليها. ومن الأمثلة للنعت بالجملة أن تسمع: "سيزورنا اليوم وفد نعزه

" فتقول: يا وفدا فعزه نحن في شوق لرؤيتك. ويصح: يا وفدا من بلاد عزيزة

أو يا وفدا أمامنا إذا كانت الصفة قبل النداء شبه جملة. ومن هذا أبيات الشاعر التي أنشأها حين قيل له: هذا شرع وراء دجلة تعبث به الرياح؛ فقال أبياته التي مطلعها:

يا شراعا وراء دجلة يجري

في دموعي، تجنبتك العوادي

ومن الأمثلة المسموعة التي لها قرائن معنوية تدل على النكرة وصفت قبل النداء ما حكاه الفراء عن العرب في مشهور بالكرم: يا رجلا كريما أقبل. وقوله عليه السلام: يا عظيما2.

1 في هذه الصورة يصح وصف المعرفة بالنكرة، "طبقات للبيان الآتي هنا وفي "د - ص30" كذلك في رقم 2 من هامش ص44". ولا تبنى النكرة المقصودة التي من الأعداد المتعاطفة "انظر ص33".

2 في هذا المثال -وأشباهه- مما يقع فيه المنادى نكرة مشتقة متحملة الضمير وبعدها جملة -يرى ابن هشام إعراب هذه الجملة حالا من الضمير المستقر في المنادى المشتق، وليست نعتا؛ لأن النعت لا يكون معمولا للمنعوت المشتق- ويكون المشتق هو العامل الذي نصب جملة الحال؛ فهي من معمولاته التي تتم معناه. ويترتب على هذا عنده أن يكون المنادى من نوع الشبيه بالمضاف، وليس من قسم النكرة المقصودة التي تنصب. بشرط ألا يثبت أن الوصوف متأخر عن النداء -كما سبق.

ويخالفه ابن مالك في تلك الصورة فيرى أن الجملة نعت -برغم تنكيرها حكما- لا حال، ولعل السبب عنده أن العامل في النعت هو "يا" أو ما نابت عنه، ولا شأن للمنادى بالعمل؛ فليست الجملة من معمولاته ولا مما يقتضي أن يكون من قسم الشبيه بالمضاف. ورأي ابن مالك أوضح وأيسر، ورأي ابن هشام أدق.

فإن كان المنادى نكرة جامدة فهي خالية من الضمير، ولا مكان -في الغالب- لمجيء الجملة أو شبهها حالا منه، ويتعين إعرابها صفة.

ص: 28

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يرجى لكل عظيم، ويا حليما لا يعجل. وقول الشاعر:

أدارا بحزوى هجت للعين عبرة

فماء الهوى يرفض أو يترقرق

فالرجاء في الله وحلمه ثابتان قبل النداء، وكذلك قيام الدار ووجودها قبل أن يناديها الشاعر. فالنكرات المقصودة في الأمثلة السالفة وأشبابهها منصوبة. وقيل اكتسبت هي وصفتها التعريف بسبب النداء؛ لأن النداء حين جاء كانت الصفة والموصوف متلازمين مصطحبين، فأفادهما التعريف معا، وإن شئت فقل: إنه أكسب المنادى التعريف، وسرى هذا التعريف فورا من المنادى الموصوف إلى صفته، فالصفة هنا تتمة للمنادى؛ فهي بمنزلة المعمول من العامل. ومن أجلها انتقلت النكرة المقصودة1 إلى قسم الشبيه بالمضاف. وقيل إنها لا تنتقل للشبيه بالمضاف، ولكن يحسن فيها النصب.

أما إذا دلت القرينة الواضحة على أن وصف النكرة المقصودة كان بعد النداء فإن المنادى يجب -في الأغلب- بناؤه على الضم، ولا يصح نصبه، بالرغم من وجود صفة له. ذلك أن النداء حين دخل على النكرة المقصودة لم تكن موصوفة، فاستحقت البناء وجوبا. فإذا جاءت الصفة بعد ذلك فإنما تجيء بعد أن تم البناء على الضم وتحقق، فلا تكون مكملة للنكرة المقصودة التكميل الأصلي الذي يخرجها إلى قسم الشبيه بالمضاف، الواجب النصب. والمنادى في هذه الصورة إذ لا مانع في هذه الصورة من أن يوصف بالنكرة أو بما هو في حكمها -كالجملة- لأن تعريف الموصوف هنا طارئ غير أصيل2. والتعريف الطارئ على المنعوت لا يوجب في النعت المطابقة فيه. وإنما يجيزه، فمخالفة المطابقة في التعريف مغتفرة في هذه الصورة؛ "كما سيجيء"3.

1 وفي ص34 صورة أخرى تنتقل فيها النكرة الموصوفة إلى قسم الشبيه بالمضاف.

2 راجع الخضري، ثم التصريح وحاشيته في هذا الباب عند الكلام على النكرة المقصودة غيرها. وسبق إيضاح هذا لمناسبة أخرى في باب "الإضافة" عند الكلام على أثر الإضافة غير المحضة "ج3 م93 ص29" ولها إشارة في باب النعت أيضا "ج3 م114 ص435".

3 في "د". وأما الصفة التي سبقت مجيء النداء فمطابقة في التعريف والتنكير للموصوف، حتما ولا تتغير المطابقة عد النداء.

ص: 29

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإن لم توجد قرينة، تدل بوضوح على أن وصف النكرة المقصودة كان قبل النداء أو بعده جاز الأمران: النصب، والبناء على الضم.

ويرى بعض النحاة أن النصب جائز مطلقا في النكرة الموصوفة؛ سواء أكان وصفها قبل النداء أم بعده، ولا يرى حاجة للتقييد، بغير داع؛ إذ يصعب -في الأغلب- تحقيق القيد؛ بمعرفة أن الوصف كان قبل النداء أو بعده، ورأيه أيسر وأخف مؤنة، لخلوه من العناء، وإن كان أقل دقة في أداء المعنى من الأول؛ فالرأيان محمودان.

ولا يسري ما سبق على العلم الموصوف فإنه حين يوصف يظل على حاله في قسم المفرد العلم1، ولا يتركه إلى قسم الشبيه بالمضاف؛ لأن العلم ليس شديد الحاجة إلى الوصف شدة النكرة إليه.

ب- إذا كانت النكرة المقصودة اسما منقوصا، منونا، محذوف الباء للتنوين؛ "مثل" داع، مرتض، مستهد" -أو اسما مقصورا منونا محذوفا الألف "مثل: فتى، علا، غنى"- وبنيت على الضم. كأن الشأن في وجوب حذف تنوينها، وإعادة حرف العلة المحذوف أو عدم إعادته، هو ما تقدم2 في المفرد العلم في تلك الصيغتين، فكل ما قيل فيه من الأسباب والنتائج يقال هنا.

ح- هل يعد من النكرة المقصودة نداء المعارف المبنية أصالة قبل النداء وليست أعلاما "كالإشارة، وضمير المخاطب

" فتبنى على الضم المقدر؟

راجع الشرح والتفصيل الذي بسطناه3.

د- تصير النكرة المقصودة التي لم توصف قبل النداء، معرفة بسبب النداء -كما شرحنا- فتعريفها به طارئ؛ فتوصف بالمعرفة، تبعا لهذا التعريف الطارئ، ويصح وصفها بالنكرة مراعاة لحالتها السابقة من التنكير؛ فتقول لرجل معين: يا رجلا المهذب، أو مهذبا. والأول أحسن4.

أما النكرة التي توصف قبل أن تنادى فإن صفتها واجبة المطابقة لها تعريفا وتنكيرا؛ فيجيء النداء وهي مطابقة قبل مجيئه فلا يغير المطابقة.

1 راجع ما سبق في ص21 خاصا بهذا.

2 في رقم 2 ص15.

3 في رقم 3 من هامش ص91.

4 سبق بيان المراجع في هامش رقم2 من ص28.

ص: 30

القسم الثالث: النكرة غير المقصودة1، وهي الباقية على إبهاهما وشيوعها كما كانت قبل النداء، ولا تدل معه على فرد معين مقصود بالمناداة؛ ولهذا لا تستفيد منها تعريف.

حكمها:

وجوب نصبها مباشرة، نحو: يا عاقلا تذكر الآخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا، وقول الشاعر:

أيا راكبا إما2 عرضت3 فبلعن

نداماي4 من نجران5 أتلاقيا

القسم الرابع: المضاف. بشرط أن تكون إضافته لغير ضمير المخاطب6، سواء أكانت محضة؛ كقول الشاعر:

فيا هجر ليلى قد بلغت بي المدى

وزدت على ما ليس يبلغه هجر

ويا حبها زدني جوى كل ليلة

ويا سلوة الأيام موعدك الحشر

ومثل قول القائل:

يا أخا البدر سناء7 وسنا8

حفظ الله زمانا أطلعك

أم غير محضة كقول الآخر:

يا ناشر العلم بهذي البلاد

وفقت؛ نشر العلم مثل الجهاد

حكمها:

وجوب النصب بالفتحة، أو بما ينوب عها.

1 وتسمى اسم الجنس غير المعين -كما سبق في رقم 3 من هامش ص4.

2 "إما" هذه مركبة من "إن" الشرطية المدغم، فيها:"ما" الزائدة.

3 أتيت....

4 ندامى: جمع؛ من مفرداته: ندمان، وهو: المؤانس في مجلس الشراب.

5 بلد في اليمن.

6 مسايرة للأساليب العربية الصحيحة؛ فإنها لا تجمع في الجملة الواحدة الندائية التي ليست للندبة، خطابين لشخصين مختلفين. على حين يجب أن يكون المضاف غير المضاف إليه في المعنى، ومخالفا في المدلول؛ فبين مطلوب النداء ومطلوب أن الإضافة تعارض -وهذا في غير الندبة- فلا يصح أن يقال: يا خادمك؛ لأن النداء خطاب للمضاف؛ مع أن المضاف إليه هنا ضمير لمخاطب آخر غير المضاف -ولهذا إشارة في ص50 أما في الندبة فيجيء الكلام عليها في رقم 2 من هامش ص91.

7 شرفا ورفعة.

8 ضوءا.

ص: 31

ويلحق بهذا القسم نداء: "اثني عشر، واثنتي عشرة" فينصب صدرها بالياء في أحد الرأيين اللذين سبق شرحهما1 -وهو الرأي المرجوع الذي يجعل الأعداد المركبة كلها من قسم المنادى المضاف.

وقد تفصل لام الجرد الزائدة بين المنادى والمضاف إليه، بشرط أن تكون زيادتها لضرورة شعرية، كما القائل2، في غادة:

لو تموت لراعتني، وقلت: ألا

يا بؤس للموت، ليست الموت أبقاها

وقول الآخر3:

يا بؤس للجهل ضرارا لأقوام

القسم الخامس: الشبيه بالمضاف: ويراد به كل منادى جاء بعده معمول يتم معناه، سواء أكان هذا المعمول مرفوعا بالمنادى، أو منصوبا به، أم مجرورا بالحرف -لا بالإضافة-4 والجار والمجرور متعلقان بالمنادى، أو معطوفا على المنادى قبل النداء، أم نعتا له قبل النداء أيضا

5.

حكمه:

كسابقه -وجوب نصبه بالفتحة، أو بما ينوب عنها، فمثال المعمول المرفوع قولهم: يا واسعا سلطانه، فإنه الظلم بلا على صاحبه، ويا عظيما جاهه لا تغتر؛ فإن الغرور رائد الهلاك. ومثال المنصوب قولهم: يا غاصبا ما ليس لك كيف تسعد؟ ويا آكلا مال غيرك، كيف تنعم؟ وقول حافظ في عمر بن الخطاب:

يا رافعا راية الشورى، وحارسها

جزاك ربك خيرا عن محبيها

1 في رقم 2 من هامش ص9 وهامش ص17 وهو الرأي الكوفي المرجوح، الذي يحتج بأن صورتها كالمتضايفين، وكذلك صور بقية الأعداد المركبة، ويوجب نصب صدورها.

2 هو جنادة العذري، ممن أدركوا الدولة الأموية.

3 هو جنادة الذبياني. وصدر البيت: قالت بنو عامر: خالوا بني أسد

"يقال: خالي فلان قبيلته، أي: تركها". والمعنى: اتركوا بني أسد، ولا تجهلوا عليهم بالحرب -والبيت سبق في ج2 باب "حروف الجر" عند الكلام على اللام.

4 لأن المعمول إذا كان مجرورا بالإضافة كان المنادى هو المضاف؛ فيدخل في قسم المضاف، لا الشبيه به.

5 طبقا للبيان الخاص بالنعت في ص28.

ص: 32

ومثال المجرور بالحرف وهما متعلقان بالمنادى قول شوقي:

يا طالبا لمعالي الملك مجتهدا

خذها من العلم، أو خذها من المال

وكذلك المستغاث المجرور باللام الأصلية "كما سبق1، وكما يجيء".

ومثال المنادى المعطوف عليه قبل النداء ما سمي بمجموع المتعاطفين2 من أسماء الأعداد المتعاطفة قبل مناداتها، نحو: يا سبعة وعشرين - يا تسعة وأربعين

و

في نداء المسمى بهما معا. وتظل الواو عاطفة، ومنه قول الشاعر في نداء قصر يرثه، يسمى: خمسا وعشرين:

أخمسا وعشرين3 صرت خرابا

فكيف؟ وأنت الحصين المنيع

وقد سبقت أمثلة النعت قبل النداء4.

"ملاحظة عامة" من كل ما سبق يتبين أن قسمين من أقسام المنادى الخمسة -هنا: المفرد العلم، والنكرة المقصودة- يبنيان في أكثر حالاتهما على الضمة أو فروعها، وأن الثلاثة الباقية -وهي النكرة غير المقصودة، والمضاف، وشبهه- منصوبة دائما.

1 في ص13 و26 والبيان في ص79.

2 هما: المعطوف والمعطوف عليه.

3 علم على قصر فخم أشم، أقامه أحد ملوك الطوائف الأندلسية، واشتهر بهذا الرقم.

4 في ص28 وفي الأقسام الثلاثة الأخيرة يقول ابن مالك في بيت سبقت الإشارة إليه في ص27:

والمفرد المنكور، والمضافا،

وشبهه، انصب. عادما خلافا

يقول: انصب المفرد المنكور "وهو النكرة الباقية على تنكيرها، وليست مضافة ولا شبيهة بالمضاف" وانصب كذلك المضاف، وشبه المضاف، بغير خلاف في نصب الثلاثة؛ إذ إنك لا تجد في نصبها خلافا ذا قيمة. ثم انتقل بعد ذلك مباشرة إلى أبيات ثلاثة شرحها وتفصيل الكلام عليها في مناسباتها الخاصة "ص27 وما بعدها" وهي:

ونحو: زيد ضم وافتحن من

نحو: أزيد بن سعيد لا تهن

والضم إن لم يل الابن علما

أو يل الابن علم، قد حتما

واضمم أو انصب ما اضطرارا نونا

مما له استحقاق ضم بينا

ص: 33

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

1-

في نداء الأعداد المتعاطفة1 المسمى بها قبل النداء -كالتي في الصفحة السالفة- يلاحظ أن المعطوف والمعطوف عليه يجب نصبهما معا عند النداء، بشرط أن يكونا -معا- علما على فرد واحد، سمي بهما قبل النداء؛ فنصب المعطوف عليه واجب؛ لأنه شبيه بالمضاف في الطول، ونصب المعطوف واجب؛ لأنه تابع للمعطوف عليه2

وفي هذه الصورة يمتنع إدخال حرف النداء على المعطوف؛ لأنه جزء من العلم يشبه الجزء الأخير من العلم: "عبد شمس" أو "عبد قيس"، أو غيرهما من الأعلام المضافة والمركبة؛ حيث لا يصح تكرار حرف النداء بين جزأي العلم عند مناداته.

وكذلك لو ناديت جماعة واحدة، معينة، مقصودة، عدتها هذه، وأردت المجموع فيجب نصب الجزأين؛ لأن المنادى نكرة مقصودة، لكنها طالت، بسبب العطف عليها، فصارت من قسم الشبيه بالمضاف، منصوبة، وما بعد الواو معطوف منصوب مثلها.

أما إذا كان المنادى أحد الأعداد المعطوفة، كخمسة وعشرين، ونظائرها، ولكن أردت بالأول وحده -وهو المعطوف عليه المنادى- جماعة معينة عددها خمسة، وأردت بالثاني -وهو المعطوف- جماعة معينة أخرى، عددها عشرون، وجب بناء الأول على الضم؛ لأنه نكرة مقصودة، ووجب نصب الثاني أو رفعه3؛ مراعاة لمحل المتبوع، أو لفظه، من غير مراعاة لبنائه، والأرجح في مثل هذه الصورة إدخال "أل" على الثاني؛ لأنه اسم جنس أريد به معين؛ فتدخل عليه "أل" لتفيده التعريف؛ إذ لم يدخل "عليه -مباشرة- حرف نداء يفيده ذلك،

1 أي: المشتملة على معطوف عليه ومعطوف.

2 والإعراب السابق هو المختار عندهم. على الرغم من أن التسمية وقعت بكلمتين معا فإعراب كل واحد منهما على حدة مشكل -كما جاء في حاشية ياسين على التصريح في هذا الموضع- ثم قالت ما نصه: "إلا أن يقال: إن في إعراب كل بالإعراب الذي استحقه المجموع دفعا للتحكم. كقولهم: "الرمان حلو حامض".

3 هذا الرفع صوري ظاهري فقط؛ طبقا للبيان الآتي رقم3 من ص52.

ص: 34

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أما الحرف الموجود فهو داخل على الأول، مقصور عليه، ولا مانع من الاستغناء عن "أل" هذه، ومجيء حرف نداء مكانها؛ ليفيد المعطوف تعريفا مباشرا، ويجب في هذه الصورة بناؤه على الواو؛ لأنه نكرة مقصودة، ولا تذكر معه "أل"؛ إذ لا تجتمع مع حرف النداء إلا على الوجه الذي سنشرحه في الصفحة التالية.

ب- وأيضا تعتبر النكرة المقصودة الموصوفة قبل النداء داخلة في قسم الشبيه بالمضاف. وقد سبق شرحها وتفصيل الكلام عليها1

1 في الزيادة والتفصيل ص28 - "ا".

ص: 35