المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة 135: الندبة - النحو الوافي - جـ ٤

[عباس حسن]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الرابع

- ‌المسألة 127: النداء وما يتصل بأحكامه

- ‌مدخل

- ‌المسالة 129: الجمع بين حرف النداء، و"أل

- ‌المسألة 130: أحكام تابع المنادى

- ‌المسألة 131: المنادى المضاف إلى ياء المتكلم

- ‌المسألة 132: الأسماء التي لا تكون إلا منادى

- ‌المادة 133: الاستغاثة

- ‌المسألة 134: النداء المقصود به التعجب

- ‌المسألة 135: الندبة

- ‌المسألة 136: المندوب المضاف لياء المتكلم

- ‌المسألة 137: الترخيم

- ‌المسألة 138: القسم الثاني ترخيم الضرورة الشعرية

- ‌المسألة 139: الاختصاص

- ‌المسألة 140: التحذير والإغراء

- ‌المسألة 141: أسماء الأفعال

- ‌المسألة 143: نونا التوكيد

- ‌المسألة 144: إسناد المضارع والأمر إلى ضمائر الرفع البارزة بغير توكيدها، ومع التوكيد

- ‌المسألة 145: ما لا ينصرف

- ‌مدخل

- ‌المسألة 147:

- ‌المسألة 148: إعراب الفعل المضارع

- ‌المدخل

- ‌المسألة 149:

- ‌المسألة 150:

- ‌المسألة 151:

- ‌المسألة 152:

- ‌المسألة 153: إعراب المضارع

- ‌مدخل

- ‌المسألة 154:

- ‌المسألة 155:

- ‌المسألة 156:

- ‌المسألة 157:

- ‌المسألة 158:

- ‌المسألة 159:

- ‌المسألة 160:

- ‌المسألة 161:

- ‌المسألة 162: أدوات التحضيض، والتوبيخ، والعرض، والامتناع

- ‌المسألة 163: العدد

- ‌مدخل

- ‌المسألة 164: تمييز العدد

- ‌المسألة 165: تذكير العدد وتأنيثه

- ‌المسالة 166: صياغة العدد على وزن "فاعل

- ‌المسألة 168: كنايات العدد

- ‌المسألة 170: المقصور، والممدود

- ‌المسألة 172: جمع التكسير

- ‌مدخل

- ‌المسألة 173:

- ‌المسألة 174: أحكام عامة

- ‌المسألة 175: التصغير

- ‌المسألة 177: النسب

- ‌مدخل

- ‌المسألة 178: النسب إلى ما حذف منه بعض أصوله

- ‌المسألة 179: أحكام عامة في النسب

- ‌المسألة: التصريف

- ‌مدخل

- ‌المسألة 181: الإعلان والإبدال

- ‌المسالة 184: الإعلال بالحذف

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌المسألة 135: الندبة

‌المسألة 135: الندبة

يتضح معناها مما يأتي:

1-

قيل لأعرابي: "مات عثمان بن عفان اليوم

" فصرخ: "واعثمان، واعثمان. أثابك الله وأرضاك؛ فلقد كنت عامر القلب بالإيمان، شديد الحرص على دينك، بارا بالفقراء، مقنعا بالحياء

".

2-

وقيل لعمر رضي الله عنه: أصابنا جدب شديد

فصاح: واعمراه، واعمراه.

3-

وقيل لفتى يتأوه: ما بك؟ فأمسك رأسه، وقال: وارأسي. وقيل الآخر: مالك تضع يدك على كبدك؟ فردد قول الشاعر:

فواكبدا من حب من لا يحبني

ومن عبرات ما لهن فناء

4-

وسئل غني افتقر: أين أعوانك وخدامك والمحيطون بك؟ فقال في أسف وحرارة: وافقراه.

ففي الأمثلة السابقة أساليب نوع من النداء يسمى: "الندبة"؛ ومنه: واعثمان، واعمراه، وارأسي، واكبدا، وافقراه

ويقولون في تعريفها: "إنها نداء موجه للمتفجع عليه، أو للمتوجع منه"1. يريدون بالمتفجع عليه: من أصابته المنية، فحملت الناس على إظهار الحزن، وقلة الصبر؛ سواء أكانت الفجيعة حقيقة كالتي في المثال الأول: "واعثمان"، أم حكمية كالتي في المثال الثاني: "واعمراه" فإن عمر حين قال ذلك كان حيا، ولكنه بمنزلة من أصابه الموت؛ لشدة الألم، والهول الذي حل به2.

1 سبقت إشارة لهذا في رقم 2 من هامش ص2.

2 ومما يصلح للفجيعة الحكمية النداء المجازي في مثل قول المعري:

فواعجبا، كم يدعي الفضل ناقص

وواأسفا، كم يظهر النقص فاضل

فهو يندب العجب والأسف، وكأن كلا منهما قد مات في وقت اشتداد الحاجة إليه. ويشترط في هذه الصورة أن تكون الندبة للعجب نفسه، وكذا للأسف من غير إضافتها لياء المتكلم المنقلبة ألفا، وإلا كانت هذه الألف ليست للندبة -كما سيجيء في رقم 1 من ص64 من رقم 1 من ص99.

ص: 89

ويريدون بالمتوجع منه: الموضع الذي يستقر فيه الألم، وينزل به، "كالمثال الثالث: وارأي، واكبدا"، أو: السبب الذي أدى للأم وأحدثه؛ "كالمثال الرابع: وافقراه"؛ فالمتوجع منه هو مكان الألم، أو سببه.

والمنادى في هذه الأساليب -وأشباهها- يسمى: المندوب1، فهو: المتفجع عليه، أو المتوجع منه.

والغرض من الندبة: الإعلام بعظمة المندوب، وإظهار أهميته، أو شدته، أو العجز عن احتمال ما به

ومن المندوب وحرف النداء يتألف أسلوب "النداء الاصطلاحية"2 فهما ركناه. ولكل منهما أحكامه التي تتلخص فيما يأتي:

أ- حرف النداء:

1-

لا يستخدم في الندبة إلا أحد حرفين من أحرف النداء:

أحدهما: أصيل، وهو:"وا"؛ لأنه مختص بالندبة، لا يدخل على غير المنادى المندوب؛ كالذي في الأمثلة السالفة.

والآخر غير أصيل؛ وهو: "يا" لأنه غير مختص بالندبة، وإنما يدخل على المنادى المندوب وعلى سواه. واستعمال "يا" قليل هنا، وهو -على قلته- جائز، بشرط أمن اللبس بوجود القرينة الدالة على أن الأسلوب للندبة، لا لنوع آخر من أساليب النداء. ومن الأمثلة ما جاء في خطبة أحد الأدباء يرثي زعيما3 وطنيا فوق قبره:

1 هل المندوب منادى؟ الجواب في رقم 2 من هامش الصفحة الآتية.

2 تعريف الندبة وأسلوبها الاصطلاحي، هو ما ورد هنا، وهناك أساليب غير اصطلاحية لا شأن لها بالضوابط والأحكام الآتية؛ كأن يقال: ما أشد الفجيعة في فلان، أو فقدنا فلانا، أو كانت المصيبة فيه فوق الاحتمال.. أو..

3 هو محمد فريد رئيس الحزب الوطني المصري المتوفى سنة 1919 في منفاه ببرلين، ثم أحضره الوطنيون، ودفن بالقاهرة خلال تلك السنة.

ص: 90

"لقد أفنيت عمرك في الجهاد، واستنزفت مالك -وما كان أكثره- في طلب الحرية للبلاد، واسترجاع الحق المغصوب، والاستقلال المسلوب، حتى ذاب جسمك، وانطفأ مصباح حياتك؛ فآه!! آه!! يا محمداه

".

فلا مجال للالتباس هنا؛ لأن المقام مقام رثاء، والمنادى الذي دخلت عليه "يا" ميت

2-

ولا بد في أسلوب الندبة من أن يذكر أحد هذين الحرفين؛ فلا يصح حذفه1، ولا الاستغناء عنه بعوض أو بغير عوض

ب- المنادى، وهو المندوب2 هنا:

1-

كل اسم يصلح أن يكون مندوبا، إلا نوعين من الأسماء:

أحدهما؛ النكرات العامة؛ "وهي الباقية على أصلها من الإبهام والشيوع، -وتشمل النكرة المقصودة- مثل: رجل، فتاة، عالم، طبيبة

" وهذه النكرات العامة لا تصلح أن تكون مندوبا إذا كان متفجعا عليه، أما إن كان متوجعا منه فتصلح؛ نحو: وامصيبتاه

، في مصيبة غير معينة3

والآخر: بعض المعارف4. وينحصر في الضمير، وفي اسم الإشارة الخالي

1 سبقت الإشارة لهذا في "ب" من ص2.

2 يقول بعض النحاة؛ إن المندوب ليس منادى حقيقة؛ وإنما هو على صورة المنادى، وحجته: أنك لا تريد منه أن يجيبك، ويقبل عليك، وأنهم منعوا في النداء. "يا غلامك"، ونحوه مما يكون فيه المنادى مضافا إلى المخاطب؛ لأن خطاب المضاف المنادي يناقض في مدلوله المراد من المضاف إليه، فلا يجمع بين خاطبين في جملة واحد "كما سبق في رقم 2 من هامش ص4" مع أن هذا واقع في أسلوب الندبة؛ مثل: واغلامك.

وقال آخرون: إنه منادى. وتصدى آخرون للتوفيق بين الرأيين بما صرح به الرضي من أنه منادى مجازا لا حقيقية، فإذا قلت في الندبة:"وامحمداه" فكأنك تقول له: أقبل؛ فإني مشتاق إليك -مثلا- وإذا قلت: "واحزناه" فكأنك تقول: احضر حتى يعرفك الناس فيعذروني فيك. ورأى الرضي هو الجدير بالأخذ به، والاقتصار عليه.

3 كما سيجيء في ص93.

4 وحجتهم أنه لا يخلو من إبهام، كما سبق في أبوابه، والمندوب لا بد أن يكون معينا لا إبهام فيه، ليتحقق الغرض من الندبة.

ص: 91

من علامة خطاب في آخره. وفي الموصولات المبدوءة "بأل"، وفي "أي" الموصولة وفي "أي" التي تكون منادى. فلا يصلح شيء من هذه المعارف لأن يكون مندوبا؛ فلا يقال مثلا: وا أنت، ولا: وا أياك، ولا: وا هذا، وا الذي ابتكر دواء شافيا - وا أيهم مخترع - وا أيها الرجلاه.

أما الموصولات المجردة من "أل" فيرى فريق من النحاة صلاحها للندبة، بشرط أن تكون صلتها شائعة الارتباط بالموصول، معروفة بذلك بين المخاطبين؛ نحو: وا من1 بني هرم مصر -وا من2 أنشأ مدينة القاهرة، لأن هذا الموصول بمنزلة قولك: وا "خوفو" -وا "معز"؛ بل أقوى، لما فيه من الإشادة بذكر شيء هام ينسب له.

ويرى آخرون المنع: بحجة أن شيوع الصلة. وإدراك المراد منها. عسير في أغلب الأحيان. وربما شاعت عند قوم وخفيت على غيرهم. والأخذ بالرأي الأول أنسب عند الحاجة.

ويرى آخرون المنع: بحجة أن شيوع الصلة. وإدراك المراد منها، عسير في أغلب الأحيان. وبما شاعت عند قوم وخفيت على غيرهم. والأخذ بالرأي الأول أنسب عند الحاجة.

واسم الموصول: "من" في المثالين السالفين مبني على ضم مقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بسكون البناء الأصلي في محل نصب. وهذا على اعتبار اسم الموصول -في الرأي الأصح- من قسم المنادى المفرد. فإن جعل من قسم الشبيه بالمضاف -كما يرى بعض النحاة- فهو منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بسكون البناء الأصلي. وأثر كل رأي يظهر في توابعه، فهي إما توابع منادى مبني على الضم، لها أحكامها التي سبقت3 وإما توابع منادى منصوب؛ فتنصب على الوجه المشروع هناك. ومثل هذا يقال في بقية الموصولات المبنية قبل النداء.

فليس بين المعارف كلها ما يصلح للندبة إلا العلم، وإلا المضاف لمعرفة يكتسب منها التعريف. وإلا الموصول -عند بعض النحاة- بشرط تجرد من

1 باني الهرم الأكبر بجيزة القاهرة هو فرعون مصري قديم، اسمه:"خوفو" كان البناء قبل الميلاد بنحو ثلاثة آلاف سنة تقريبا -ولا يزال قائما شامخا.

2 هو: المعز لدين الله الفاطمي، وأنشأها حول سنة 360 هـ.

3 في ص40.

ص: 92

"أل"، وبشرط اشتهار الصلة بين المتخاطبين، وإلا بعض المقرون "بأل" مما يصلح للنداء1.

2-

حكم المندوب من ناحيتي الإعراب والبناء حكم غيره من أنواع المنادى فيجب بناؤه على الضم إن كان علما مفردا، أو نكرة مقصودة، مع مراعاة التفصيل الخاص بكل

2 نحو: واعمر - واعثمان، وارأس - واكبد

، وأشباههما مما عرضناه في الأمثلة الأولى وما لم نعرضه.

ويجب نصبه إن كان مضافا أو شبيها بالمضاف2؛ فمثال المضاف قول الشاعر في قصيدة يرثى بها عالما دينيا كبيرا3:

واخادم الدين والفصحى وأهلهما

وحارس "الفقه" من زيغ وبهتان

ومثال الشبيه به ما قيل في رثائه: واناشرا راية العرفان عالية.

ويلحق بالشبيه النكرة المقصودة الموصوفة؛ كقولهم في رثاء الإمام علي:

واإماما خاض أرجاء الوغى

يصرع الشرك بسيف لا يفل

أما النكرة غير المقصودة فلا تصلح مندوبة؛ إذا كانت للمتفجع عليه لا للمتوجع منه -كما سبق-4 فلا يقال: "وارجلاه" لغير معين.

وإذا اضطر شاعر لتنوين المندوب المفرد جاز رفعه ونصبه كما جاز له هذا في المنادى المفرد الذي سبق الكلام عليه5

1 وقد سبق بيانه في ص26.

2 و2 سبق إيضاح شامل للمفرد العلم، والنكرة المقصودة، والنكرة غير المقصودة، والمضاف، وشبهه. في أول باب "المنادى" ص9، 25، 31، 31.

3 هو الأستاذ الشيخ محمد عبده المتوفى سنة 1905.

4 في ص91.

5 في "د" من ص24 -ويقول ابن مالك في باب مستقل: عنوانه: "الندبة" مبينا ما سبق من أن حكم المندوب هو حكم المنادى المحض، وبيان ما لا يندب، وأن الموصول يندب بما اشتهر به:

ما للمنادى اجعل لمندوب وما

نكر لم يندب، ولا ما أبهما

ويندب الموصول بالذي اشتهر

كبئر زمزم؛ يلي: وامن حفر

"يلي وامن حفر، أي يقع بعد قولك: وامن حفر. أي: وامن حفر بئر زمزم".

يريد: أن الموصول يصح أن يكون مندوبا بسبب اشتهاره بصلته. وضرب لهذا مثلا هو: وامن حفر بئر زمزم. والذي حفرها هو عبد المطلب، وشاع بين الناس هذا، فكأنك قلت: واعبد المطلب.

ص: 93

3-

الغالب في المندوب أن يختم -جوازا- بألف زائدة تتصل بآخره، إما حقيقية؛ نحو: واعمراه، وقول المتحسر:

فواأسفا1 من مكرمات أرومها

فينهضني عزمي، ويقعدني فقري

وإما حكما؛ كالتي تزاد في آخر المضاف إليه لغير ياء المتكلم2 إن كان المندوب مضافا؛ نحو: واعبد الملكاه3.

والغرض من زيادة الألف مد الصوت ليكون أقوى بنبراته على إعلان ما في النفس. وزيادتها ليست واجبة، وإنما هي غالبة -كما قلنا- لكنها إن زيدت وجب لها أمران.

فأما أحدهما: فحذف التنوين إن وجد قبل مجيئها في آخر المندوب المبني، أو في آخر المضاف إليه نحو؛ فمثال حذفه من المبني ندبة العلم المحكي حكاية إسناده4؛ نحو: وازاد محمودا؛ فيمن اسمه: "زاد محمود" ومثال المضاف إليه:

1 مع مراعاة الشرط الذي سبق في رقم 2 من هامش ص89 والذي يقتضي أن تكون الندبة هنا للأسف نفسه من غير إضافة لياء المتكلم المنقلبة ألفا

و.. -أما المندوب المضاف لياء المتكلم فتفصيل الكلام عليه في ص99.

2 لأن المندوب المضاف للياء له حكم مستقل "سيجيء في ص99". ومن اتصالها حكما زيادتها في آخر بعض التوابع، وزيادتها في صلة الموصول المجرد من "أل" عند من يبيح ندبته، فيقول: وامن بني هرم مصرا - وامن أنشأ مدينة القاهرتا. ويصح: مصراه، والقاهرتاه؛ بزيادة هاء السكت الساكنة؛ كما سيجيء هنا. وإنما كانت الزيادة التي في آخر المضاف إليه وفي آخر الصلة -وأشباههما؛ كالتابع- حكمية؛ لأنها لم تصل بآخر المندوب مباشرة. وإنما اتصلت بآخر شيء وثيق الارتباط به؛ إذ المضاف والمضاف إليه متلازمان لا يستغني أحدهما عن الآخر؛ فالزيادة المتصلة بآخر المضاف إليه تعتبر حكما وتأويلا بمنزلة المتصلة بآخر المضاف، وكذلك الشأن في الزيادة المتصلة بآخر الصلة، والتابع، هذا تعليل النجاة. والعلة الحقة هي استعمال العرب.

3 الهاء للسكت. والكلام عليها في ص96.

4 اشتمل المثال على ندبة العلم المحكي إسنادا لأنه الذي يوجد فيه التنوين مع النداء؛ تحقيقا للحكاية. ولا يحذف هذا التنوين إلا مع زيادة ألف الندبة -كما سيجيء هنا، وفي "ب" من ص97 أما المنادى العلم المفرد فمبني على الضم؛ فلا تنوين فيه اختيارا -كما عرفنا في "د" من ص24- وإنما يوجد التنوين أحيانا فيما يتممه، كصلة الموصول عند من يعتبره مفردا، وأما المندوب المضاف فلا يدخله تنوين مطلقا، وقد يدخل في المضاف إليه، وفي الجزء الثاني المتمم لشبه المضاف. أما الجزء الأول من شبه المضاف فلا يحذف تزينه. لأن ألف الندبة لا تتصل به، وأما النكرة المقصودة فقد تنون إذا وصفت؛ طبقا لما سلف في 28.

ص: 94

واحارس بيتاه. في ندبة: "حارس بيت".

وأما الآخر: فأن يتحرك ما قبلها بالفتحة -بشرط أمن اللبس- إن كان غير مفتوح؛ لأن الفتحة هي التي تناسبها؛ كالأمثلة السالفة. فإن أوقعت الفتحة في لبس وجب تركها، وإبقاء الحركة الموجودة على حالها مع زيادة حرف بعدها يناسبها: فتبقى الكسرة وتجيء بعده ياء، وتبقى الضمة وتجيء بعدها واو؛ ففي مثل: واكتابك -بكسر الكاف- تقول: واكتابكي، ولا يصح مجيء الألف؛ فلا يقال: واكتابكا؛ إذ لا يتبين مع الألف حال المضاف إليه؛ أهو خطاب لمذكر أم لمؤنث؟ وكذلك لا يتبين في "واكتابه" لو جئنا بالألف؛ فيجب الاستغناء عنها بالواو بعد الهاء.

وفي مثل: واكتابهم، واكتابهموه، ولا يصح واكتابهماه، بزيادة الألف؛ إذ لا يتضح معه نوع الضمير؛ أهو لمثنى أم لجمع؟

ويجب أن يحذف للألف الزائدة ما قد يكون في آخر المندوب من ألف أخرى نحو: مصطفى، فيقال: وامصطفاه1

هذا والأحرف الثلاثة السابقة "الألف، الواو، الياء"، زائدة، لا تعرب شيئا، ولا يقال فيها إلا أنها زائدة للندبة، ولا تأثير لها فيما اتصلت بآخره إلا باحتياجها إلى حركة قبلها تناسبها؛ فالفتحة قبل الألف، والضمة قبل الواو، والكسرة قبل الياء2

1 وعند إعرابه يقال: "مصطفى" منادى مبني على ضم مقدر للتعذر -كما كان قبل الندبة- على الألف المحذوفة لالتقاء الألفين الساكنين، والألف الموجودة زائدة للندبة، والهاء للسكت. وهذا هو الرأي الأقوى بالنسبة للرأي الآخر الذي يقول إن المندوب المختوم بالألف مبني على الفتح.

وإذا حذفت الألف من آخر المندوب بسبب مجيء ألف الندبة وجب -في الأرجح- مجيء هاء السكت معها لتدل على أن الألف المذكورة هي الزائدة للندبة، وليست من حروف المندوب -كما أشرنا.

2 يقول ابن مالك في زيادة ألف الندبة وحذف ما قد يكون في آخر المندوب من ألف أو تنوين لأجلها:=

ص: 95

ويصح في حالة الوقف زيادة هاء السكت1 الساكنة بعد الثلاثة، أو عدم زيادتها، فيقال: وعمراه، واكبداه، واإماماه، واخادم وطناه، واكتابكيه، واكتابهوه

كما يقال: وا عمرا، واكبدا، واإماما

، ولا تزاد الهاء جوازا، إلا بعد حرف من أحرف المد الثلاثة. والأفصح حذف الهاء في وصل الكلام إلا في الضرورة الشعرية فتبقى وتتحرك بالكسر أو بالضم. ومن القليل الذي يحسن إهماله أن تبقى في الاختيار، وأن تتحرك فيه بالكسر أو بالضم2!!.

=

ومنتهى المندوب صله بالألف

متلوها إن كان مثلها حذف

"متلوها أي: الذي تليه وتقع بعده" يقصد: أن آخر المندوب يجيء بعده ألف الندبة، فإن وقعت ألف الندبة بعد مثيل لها، "أي: بعد ألف" وجب حذف المثيل؛ لالتقاء الساكنين، دون ألف الندبة لأنها جاءت لغرض. ثم قال:

كذاك تنوين الذي به كمل

من صلة أو غيرها. نلت الأمل

يريد: كذلك يحذف التنوين من الشيء الذي أكمل المندوب، وجاء بعد المندوب ليتمه؛ كالصلة بعد اسم الموصول، والمضاف إليه بعد المضاف، وبعض التوابع بعد متبوعاتها

وبقية البيت دعاء للمخاطب، سبق للتكملة الشعرية

ثم قال بعد ذلك فيما يختص بشكل المندوب وضبطه بالفتحة عند مجيء الألف، وهل يحدث لبس بسببها؟ وكيف نتوفاه؟

والشكل حتما، أوله مجانسا

إن يكن الفتح بوهم لابسا

"لابسا بوهم= خالطا المقصود بغيره، بسبب وهم. والوهم: ذهاب الطن لغير المراد".

يقول: إن كان الفتح قبل ألف الندبة يحدث لبسا، بسبب وهم فالواجب العدول عن الفتحة وعن الألف، والمجيء بحرف مجانس للشكل الموجود، بدل الألف، فالكسرة يجانسها الياء، فتجيء بعدها الياء، والضمة يجانسها الواو فتجيء بعدها الواو. وهذا معنى: أول الشكل مجانسا له، أي: اذكر يعد الشكل الحرف الذي يجانسه.

1 وتسمى: ها الاستراحة.

2 وفي هاء السكت "هاء الاستراحة" يقول ابن مالك:

وواقفا زد "هاء" سكت إن ترد

وإن ترد فالمد "والها" لا تزد

أي: إن شئت عند الوقف أن تزيد على المندوب بعد ألفه هاء السكت فزدها، وإن شئت ألا تزيدها فأنت حر -إلا في الصورة التي عرضناها عند الشرح في رقم 1 من هامش الصفحة السابقة- وإن شئت الاستغناء عنهما فلا تزد حرف المد، ولا الهاء "وحرف المد هو الألف، والواو، والياء" ولا تزال الهاء إلا بعد واحد منها.

ص: 96

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

أ- إذا كان المندوب مثنى أو جمع مذكر سالما فإن نونهما لا تحذف عند مجيء ألف الندبة، فيقال: واإبراهيمانا - واإبراهيمونا، فيبنيان على الألف والواو؛ كالمنادى المجرد.

ب- إذا ندب المفرد ولم تلحقه ألف الندبة، كان المنادى المحض مبنيا على الضم في محل نصب -كما سبق- واجعفر. أما في مثل: سيبويه، و"قام محمود" -علمين- فيقال: واسيبويه - واقام محمود "في ندبة من اسمه هذا"، فالمنادى مبني على ضم مقدر منع من ظهوره علامة البناء الأصلي في سيبويه، وحركة الحكاية في الثاني المنون. وهو في الحالتين في محل نصب. فإذا جاءت ألف الندبة؛ فقلنا: واجعفرا، فهو منادى مبني على ضم مقدر على آخره، منع من ظهوره الفتحة التي جاءت لمناسبة الألف في محل نصب. وإذا قلنا: واسيبويها، فهو منادى مبني على ضم مقدر، منع من ظهوره علامة البناء الأصلي التي حذفت لأجل فتحة المناسبة، في محل نصب، أو: أنه مبني على ضم مقدر منع من ظهوره فتحة المناسبة -مباشرة- في محل نصب، وهذا أوضح؛ لأن اعتبار الألف الظاهرة أولى من اعتبار المحذوف. وإذا قلنا: واقام محمودا1. بزيادة ألف الندبة. فالمنادى مبني على ضم مقدر منع من ظهوره حركة الحكاية التي حذفت لأجل فتحة المناسبة -في محل نصب. أو مبني على ضم مقدر منع من ظهوره فتحة المناسبة -مباشرة- في محل نصب. والأفضل أن يكون الضم مقدرا لفتحة المناسبة، مراعاة للناحية اللفظية المذكورة.

أما المضاف وشبهه2، نحو: وا كتاب جعفراه - واقارئا كتاباه - فالجزء الأول منصوب دائما كالنداء المحض، والجزء الثاني يقدر إعرابه، وسبب التقدير مجيء الفتحة، لمناسبة الألف.

ج- إذا كان للمندوب تابع فإن كان بدلا، أو عطف بيان، أو توكيدا

1 بغير تنوين: طبقات لما سبق في ص94.

2 سبق تعريفه وحكمه في ص32.

ص: 97

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

معنويا - فالأحسن ألا تدخل ألف الندية على التابع، ويكتفي بدخولها على المتبوع.

وإن كان عطف نسق دخلت على المعطوف. نحو: واعمر واعثماناه. ويجيز بعضهم دخولها على المعطوف والمعطوف عليه. وهذا حسن.

وإن كان توكيدا لفظيا دخلت عليهما. نحو: واعمراه واعمراه

أما إن كان نعتا لفظه كلمة: "ابن" المضافة لعلم فإن الألف تدخل على المضاف إليه؛ نحو: واحسين بن علياه. فإن كان النعت لفظا آخر فالأحسن إدخالها على المنعوت وحده.

ص: 98