المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المسألة 172: جمع التكسير ‌ ‌مدخل … المسألة 172: جمع التكسير معناه: في الأبيات الآتية التي - النحو الوافي - جـ ٤

[عباس حسن]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الرابع

- ‌المسألة 127: النداء وما يتصل بأحكامه

- ‌مدخل

- ‌المسالة 129: الجمع بين حرف النداء، و"أل

- ‌المسألة 130: أحكام تابع المنادى

- ‌المسألة 131: المنادى المضاف إلى ياء المتكلم

- ‌المسألة 132: الأسماء التي لا تكون إلا منادى

- ‌المادة 133: الاستغاثة

- ‌المسألة 134: النداء المقصود به التعجب

- ‌المسألة 135: الندبة

- ‌المسألة 136: المندوب المضاف لياء المتكلم

- ‌المسألة 137: الترخيم

- ‌المسألة 138: القسم الثاني ترخيم الضرورة الشعرية

- ‌المسألة 139: الاختصاص

- ‌المسألة 140: التحذير والإغراء

- ‌المسألة 141: أسماء الأفعال

- ‌المسألة 143: نونا التوكيد

- ‌المسألة 144: إسناد المضارع والأمر إلى ضمائر الرفع البارزة بغير توكيدها، ومع التوكيد

- ‌المسألة 145: ما لا ينصرف

- ‌مدخل

- ‌المسألة 147:

- ‌المسألة 148: إعراب الفعل المضارع

- ‌المدخل

- ‌المسألة 149:

- ‌المسألة 150:

- ‌المسألة 151:

- ‌المسألة 152:

- ‌المسألة 153: إعراب المضارع

- ‌مدخل

- ‌المسألة 154:

- ‌المسألة 155:

- ‌المسألة 156:

- ‌المسألة 157:

- ‌المسألة 158:

- ‌المسألة 159:

- ‌المسألة 160:

- ‌المسألة 161:

- ‌المسألة 162: أدوات التحضيض، والتوبيخ، والعرض، والامتناع

- ‌المسألة 163: العدد

- ‌مدخل

- ‌المسألة 164: تمييز العدد

- ‌المسألة 165: تذكير العدد وتأنيثه

- ‌المسالة 166: صياغة العدد على وزن "فاعل

- ‌المسألة 168: كنايات العدد

- ‌المسألة 170: المقصور، والممدود

- ‌المسألة 172: جمع التكسير

- ‌مدخل

- ‌المسألة 173:

- ‌المسألة 174: أحكام عامة

- ‌المسألة 175: التصغير

- ‌المسألة 177: النسب

- ‌مدخل

- ‌المسألة 178: النسب إلى ما حذف منه بعض أصوله

- ‌المسألة 179: أحكام عامة في النسب

- ‌المسألة: التصريف

- ‌مدخل

- ‌المسألة 181: الإعلان والإبدال

- ‌المسالة 184: الإعلال بالحذف

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌ ‌المسألة 172: جمع التكسير ‌ ‌مدخل … المسألة 172: جمع التكسير معناه: في الأبيات الآتية التي

‌المسألة 172: جمع التكسير

‌مدخل

المسألة 172: جمع التكسير

معناه:

في الأبيات الآتية التي يصف بها الشاعر1 أسباب العظمة، وخلود السيرة -أمثلة مختلفة مما يسميه النحاة:"جمع التكسير"، قال:

وليس الخلد مرتبة تلقى2

وتؤخذ من شفاه الجاهلينا

ولكن منتهى همم كبار

إذا ذهبت مصادرها3 بقينا

وسر العبقرية حين يسري

فينتظم الصنائع والفنونا

وآثار الرجال إذا تناهت

إلى التاريخ خير الحاكمينا

وأخذك من فم الدنيا ثناء

وتركك في مسامعها طنينا4

فالكلمات: "شفاه، همم، كبار، مصادر، صنائع، فنون، آثاره، رجال، مسامع"

، هي مما يسمونه:"جمع التكسير". يريدون: أن كل واحدة منها تتضمن أمرين معا، هما:

أ- معنى ينصب على أفراد لا تقل عن ثلاثة، وقد تزيد.

ب- وجود مفرد لكل واحد، يشاركها في معناها، وفي حروفها الأصلية مع اختلاف يطرأ على صيغة هذا المفرد عند جمعه عليها.

فكلمة: "شفاء" -مثلا- تدل على شفاه ثلاث على أقل -وقد تزيد- ولها مفرد هو: "شفة"، يشاركها في معناها، وفي حروفها الأصلية، مع اختلاف طرأ عليه عند الجمع؛ إذ صارت "الشين" مكسورة بعد أن كانت مفتوحة، وزيدت "ألف" قبل الآخر لم يكن لها وجود قبل الجمع؛ فالاختلاف هنا بزيادة بعض الحروف، وبتغيير بعض الحركات.

وكلمة: "همم" -مثلا- تدل على ثلاثة فأكثر من هذا النوع، ومفردها

1 أحمد شوقي المتوفى سنة 1932م.

2 المراد: تؤخذ تلقينا، أو وراثة مجردة.

3 أصولها وأصحابها.

4 صوتا مدويا، كصوت النحاس أو الطبل.

ص: 625

"همة" يشاركها يفي معناها، وفي حروفها الأصلية. وقد تغيرت صيغته عند جمعه للتكسير بعض تغير؛ فحذفت التاء من آخره، وانفك الإدغام الذي كان في ثانيه. فالتغير الذي طرأ على المفرد عند جمعه كان في الحركات وفي الفك.

وكلمة: "كبار" تدل على عدد من هذا النوع لا يقل عن ثلاثة، ومفردها:"كبير" يشاركها في المعنى. وفي الحروف الأصلية؛ وقد طرأ على صيغته بعض تغير عند الجمع؛ فحذف من آخرهء الياء، وكسر أوله المفتوح، وفتح ثانيه المكسور، وزيدت "ألف" قبل آخره. فتناول التغيير ضبط بعض الحروف وحذف بعض منها، والزيادة عليها

وهكذا بقية الجموع السالفة ونظائرها

مما سبق يتضح تعريفهم جمع التكسير بأنه: "ما يدل على ثلاثة أو أكثر، وله مفرد1 يشاركه في معناه، وفي أصوله، مع تغير حتمي يطرأ على صيغته عند الجمع".

وهذا التغير الطارئ على المفرد عند جمعه جمع تكسير قد يكون مقصورا على ضبط بضع الحروف فقط؛ نحو: أسد، والجمع: أسد، وقد يكون مقصورا على زيادة بعض الحروف فقط؛ نحو: أسد، والجمع آساد؛ وقد يشتمل على الزيادة وتغيير الضبط معا؛ نحو: رجل ورجال، وقد يشتمل على تغيير الضبط مع نقص بعض الأحرف؛ نحو: كتاب وكتب. وقد يشتمل على تغيير الضبط مع نقض الأحرف وزيادتها؛ نحو: كبير وكبيرة، وجمعهما للتكسير هو: كبار

، وهكذا؛ فلا بد من تغيير محتوم يصيب المفرد عند جمعه تكسيرا2.

1 وهذا المفرد قد يكون حقيقيا، أو تقديريا بالتفصيل الهام والإيضاح الضروري الواردين في رقم 5 من ص678 م174، ولا بد في هذا المفرد أن يكون خاليا من التركيب ومن الإعراب بحرفين

طبقا للبيان الذي سبق في ج1 عند الكلام على شروط جمع المذكر السالم -م10.

2 وهذا التغيير هو السبب في تسميته "تكسيرا"؛ فكأنما أصابه الكسر عند جمعه ونقله من صيغته المفرد التي هو عليها إلى صيغة الجمع الجديدة -هكذا قالوا كما أشرنا في رقم 1 من هامش ص613.

ص: 626

قسماه، والفرق بينه وبين جمعي التصحيح1:

استقصى اللغويون جموع التكسير في الكلام العربي -جهد طاقتهم- فتبينوا ثلاثة أمور:

الأمر الأول: أن العرب يستعملون2 -في الأغلب- صيغا معينة إذا أرادوا من التكسير عددا محددا لا يقل عن ثلاثة، ولا يزيد على عشرة. ويستعملون صيغا أخرى إذا أرادوا عددا لا يقل عن ثلاثة، ولكنه يزيد على عشرة؛ "بأن يكون أحد عشر، أو اثني عشر، أو أكثر

فالنوعان متشابهان. في المبدأ، مختلفان في النهاية3. وأشهر الصيغ الأولى أربعة، تسمى: "صيغ جموع القلة"4. وتسمى الصيغ الأخرى: "صيغ جمع الكثرة"4

1 جرى اصطلاح النحاة -لا اللغويين- على اعتبار كل جمع من الجموع الثلاثة "وهي جمعا التصحيح، وجمع التكسير" دالا على أكثر من اثنين دلالة عددية، وقد سبق البيان -في ج1- عند الكلام المفصل على جمعي التصحيح، ولا تكملة هنا في رقم 3 التالي، وفي ص675 ورقم 5 من هامشها.

2 استعمالا حقيقيا، لا مجازيا -كما سيجيء.

3 كثرة النحاة تقول إن مدلول جمع الكثرة بطريق الحقيقة -لا المجاز- هو ما فوق العشرة إلا ما لا نهاية. ولكن بعض المحققين -كما نقل الصبان- لم يرتض ذلك، وقال:"إن جمع القلة هو من الثلاثة إلى العشرة -مع إدخال العشرة في الحكم، طبقا لنص الصبان بعد ذلك مباشرة، وجمع الكثرة من الثلاثة إلى ما لا يتناهى. فالفرق بينهما من جهة النهاية. بخلاف ما ذكره الشارح الأشموني". ا. هـ.

وهذا هو الرأي السديد؛ لأن معناه أعم، فالأخذ به يحقق المعنى المراد من كثير من أساليب العرب، فوق أنه يمنع التعارض والتناقض الذي قد يقع بين العدد المفرد "3 و10 وما بينهما" ومعدوده حين يكون هذا المعدود صيغة من صيغ جمع الكثرة "مثل: ثلاثة بيوت، أربعة جداول، خمسة جبال، ست مدائن، سبع سفن

" فلو أخذنا بالرأي الأول لكان العدد في هذه الأمثلة وأشباهها دالا على شيء حسابي معين لا يزيد على عشرة مطلقا. في حين يدل المعدود -وهو صيغة جمع الكثرة- على شيء يزيد على العشرة حتما. وهذا هو التعارض والتناقض المعنوي المعيب. أما على الرأي الثاني السديد فلا وجود لهذا التعارض والتناقض.

4 و4 "ملاحظة": ما ذكرناه من معنى: "القلة والكثرة" هنا يخالف معناهما في موضع آخر يجيء مفصلا في 633 و634 وهامشها؛ حيث المراد منهما: "المطرد" ونحوه مما يقاس عليه، و"غير المطرد" ونحوه مما لا يصح القياس عليه؛ طبقا للبيان المدون هناك. ومن آثاره القلة العددية والكثرة أن تقول: كتبت إليك رسالة لثلاث خلون من شهر كذا، وجاءني كتابك لخمس عشرة خلت من ذلك الشهر؛ فنجيء بنون النسوة حينا، وبتاء التأنيث حينا آخر. فما الضابط الذي يرجع إليه في استخدام أحدهما؟ الجواب -تفصيلا- في رقم 1 من هامش ص565. وله إشارة في الصفحة الآتية.

ص: 627

وهما غير: "جمع الجمع" وهذا لا يدل على أقل من عشرة -كما سيجيء1

فالأربعة الخاصة بجموع القلة، وهي:

1-

أفعلة؛ نحو: أغذية وأدوية، وأبنية -جمع: غذاء، ودواء، وبناء

2-

أفعل: نحو: السن، وأرجل، وأعين؛

جمع: لسان، ورجل، وعين

3-

فعلة؛ نحو: صبية، وفتية، وولدة؛ جمع: صبي، وفتى، وولد.

4-

أفعال؛ نحو: أبطال، وأسياف، وأنهار؛ جمع: بطل، وسيف، ونهر

ومعنى اختصاص هذه الصيغ بالقلة أن المدلول الحقيقي "لا المجازي" لكل واحدة منها هو عدد مبهم -أي: لا تحديد ولا تعيين لمدلوله-2 ولكنه لا يقل عن ثلاثة ولا يزيد على عشرة، بشرط ألا توجد قرينة تدل على أن المراد الكثرة، لا القلة، فعن عدم القرينة تتعين القلة حتما؛ اعتمادا على أن الصيغة موضوعة في أصلها للقلة، ومختصة بها؛ فلا يجوز إبعادها إلى الكثرة بغير قرينة؛ وإلا كان هذا إبعادا لها عن أصلها، وإخراجها منه إلى غيره مما لا يصلح له في حقيقة ولا مجاز3

وكما تتعين القلة عند عدم القرينة تتعيين أيضا في حالة ثانية؛ هي أن تكون تلك الصيغة الدالة على المعدود هي من الصيغ الموضوعة للكثرة، والعدد هو ثلاثة، أو عشرة، أو عدد آخر بينهما، وإنما تتعين للقلة هنا منعا للتعارض بين مدلول العدد ومدلول المعدود، لأن كل واحد من هذه الأعداد المفردة صريح في دلالته على القلة، فلا يصح أن يخالفه معدوده في مضمون هذه الدلالة، ولا أن يعارضه، فلو كانت صيغة المعدود موضوعة في أصلها للكثرة لكانت مع العدد المفرد للقلة.

ومن كل ما تقدم يتضح أن معنى القلة يتعين ويتحتم وحده في صورتين:

"الأولى"

أن تكون صيغة المعدود هي من صيغ القلة المتجردة لدلالتها

1 في ص675.

2 سبق توضيح هذا وشرحه في ص525.

3 إذ يشترط في المجاز وجود القرينة التي تمنع من إرادة المعنى الأصل....

ص: 628

ألأصلية، ولا توجد قرينة تبعدها عن هذه الدلالة، وتخرجها منها إلى الدلالة على الكثرة.

و"الأخرى" أن تكون الصيغة الدالة على المعدود هي إحدى الصيغ الدالة على الكثرة، لكن العدد الخاص بها دال على القلة، كالعدد ثلاثة، أو عشرة، أو أحد الأعداد التي بينهما.

وعدد الصيغ الثانية المختصة بجموع الكثرة قد يزيد على ثلاثين، ولكن المشهور القياسي منها يقارب ثلاثا وعشرين صيغة. وسنعرف الكثير منها؛ مثل: فعل، وفواعل، ومفاعل، وفعالي، وفعل

و

نحو: حمر، وجواهر، ومعابد، وصحارى، وكتب

ولاختيار نوع الصيغة الدالة على التكسير أثر آخر في تركيب الأسلوب أحيانا فوق أثره المعنوي السالف؛ ذلك أن صيغة جمع القلة يناسبها نون النسوة، وأن صيغة جمع الكثرة يناسبها تاء التأنيث؛ فقولنا: رأيت أذرعا امتددن

أفضل من امتدت، ولوالد أياد غمرت أبناءه

أحسن من غمرن1

وما تقدم هو الأفضل والأحسن، ولكنه ليس واجبا.

الأمر الثاني2: أن العرب قد يضعون جمعا معينا على وزن صيغة خاصة بأحد النوعين، ولكنهم يستعملون هذا الجمع في القلة حينا، وفي الكثرة حينا آخر استعمالا حقيقيا، لا مجازيا -والقرائن وحدها في السياق هي التي تعينه لأحد النوعين- بالرغم من أن الصيغة خاصة بأحدهما فقط، وأن وزنها يشيع استعماله عندهم في نوع منهما دون النوع الآخر، أي: أنهم يكتفون بوزنه الغالب الشائع في أحد النوعين ويستعملونه فيه، وفي الآخر أيضا من غير أن يجمعوا المفرد جمع تكسير على وزن من الأوزان التي تشيع في هذا النوع الآخر. ومن الأمثلة استعمالهم في القلة، والكثرة معا: أرجل، وأعناق، وأفئدة "وهي جمع: رجل، وعنق، وفؤاد" مع أن صيغة: أفعل، وأفعال، وأفعلة هي من الصيغ الغالبة في القلة، فاكتفوا بها في النوعين عند تكسير هذه

1 لهذا إشارة في رقم 3 و4 من هامش ص627 أما التفصيل ففي ص565.

2 تقدم الأمر الأول في ص627.

ص: 629

الكلمات، ولم يجمعوا كلمة: رجل، ولا عنق، ولا فؤاد، على صيغة من الصيغ الخاصة بجمع الكثرة.

ومن الأمثلة أيضا: رجال وقلوب "جمع: رجل، وقلب" في القلة والكثرة، مع أن صيغة:"فعال" و"فعول" من الصيغ الغالبة في الكثرة. فاكتفوا بها في الدلالة على النوعين عند تكسير الكملتين، ولم يجمعوا رجلا، وقلبا، على صيغة للقلة.

الأمر الثالث: أن العرب قد يستعملون صيغة شائعة في أحد نوعي التكسير مكان صيغة وضعوها للنوع الآخر، وشاعت فيه. فكلتا الصيغتين موجودة فعلا، وتشيع في أحدهما1، وحده، ولكنهم يستعملونها في معنى الآخر؛ بقرينة في الكلام خارجة عن الصيغة وعن وزنها تدل على هذا النقل والتبادل. وبغير القرينة لا يصح الحكم على الصيغة بأنها مستعملة في غير نوعها2.

1 في صيغ جمع القلة وأنها قد تستعمل للكثرة والعكس يقول ابن مالك في أول باب عنوانه: "جمعا لتكسير" وسنذكر أبياته مرتبة هنا ترتيبها في "ألفيته":

أفعلة، أفعل، ثم: فعلة

ثمت: أفعال جموع قله

"ثمت: هي: "ثم" العاطفة، زيدت في آخرها تاء التأنيث المفتوحة"، تلك صيغ القلة. وانتقل بعدها مباشرة إلى استعمالها في الكثرة، وصيغ الكثرة في القلة، فقال:

وبعض ذي بكثرة وضعا يفي

كأرجل، والعكس جاء كالصفي

يقول: إن بعض هذه الأوزان يفي بالكثرة، أي: يدل عليها ويغني فيها؛ كأرجل؛ جمع رجل؛ فإنها تكون للكثرة كما تكون للقلة. وهذا بالوضع العربي: أي: أن العرب وضعوا الجمع المكسر: "أرجل" للكثرة كما وضعوه للقلة فهو صالح للمعنيين، ولم يعرف لجمع:"رجل" صيغة مسموعة خاصة بالكثرة؛ فالوضع للمعنيين أصيل وحقيقي. ولكن صيغته في أحدهما أكثر شيوعا منه في الآخر. والعكس صحيح كذلك، فقد جمعوا بعض الألفاظ لتدل على القلة، مع أنها مصوغة على وزن بعض الصيغ الشائعة في الكثرة -كما قلنا- وضرب مثالا هو:"الصفي" جمع صفاة "بمعنى: الصخرة الملسا، وأصله: صفوي، اجتمعت التاء والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء؛ عملا بقواعد الإعلال، وأدغمت الياء في الياء، فصارت صفي، ثم قلبت الضمة قبل الياء كسرة؛ لأن الكسرة هي التي تناسبها؛ فصارت: صفي، بياء مشددة، ولم يشددها الناظم لضرورة الوزن".

2 وقد كثر هذا النقل والتبادل في بعض الصيغ؛ كصيغة "أفعال" التي للقلة؛ فقد أشاعوها؛ في المعنيين؛ وإن كانت للقلة أوفر شيوعا. ومن الجائز لنا في كل وقت أن نستعملها في المعنيين مثلهم، =

ص: 630

والفرق بين هذه الحالة والتي سبقتها: أن المفرد هنا له نوعان شائعان من التكسير أحدهما: يكون بصغة مستقلة تختص بجمع التكسير الدال على القلة، والآخر يكون بصغة مستقلة تختص بجمع التكسير الدال على الكثرة، فتستعمل إحداهما في معنى الأخرى بقرينة. أما الحالة السابقة فالمفرد له جمع تكسير على وزن خاص بأحدهما فقط، فصيغة جمعه مقصورة على نوع منهما وحده؛ فلم يضع العرب لهذا المفرد نوعين للتكسير، تكون صيغة أحدهما مستقلة الدلالة على القلة، وصيغة الآخر مستقلة الدلالة على الكثرة، وإنما وضعوا للمفرد جمعا من نوع واحد، بصيغة تختص بهذا النوع، ولكنها مشتركة الدلالة فتدل على الكثرة حينا وعلى القلة حينا آخر على حسب القرائن، وبرغم أنها من الصيغ الخاصة بأحدهما دون الآخر -كما قلنا- يستعملونها في النوعين.

ومما تجب ملاحظته:

1-

أن هذه الدلالة العددية التي يدل عليها جمع التكسير هي إحدى نواعي الفرق بينه وبين جمعي التصحيح؛ ذلك بأن جمع التكسير قد يكون مدلوله عددا محدودا لا يقل عن ثلاثة، ولا يزيد على عشرة. وقد يكون مدلولها عددا لا يقل عن ثلاثة، ولكنه يزيد على العشرة -طبقا للبيان الذي عرضناه-1 ولكل دلالة صيغ معينة. أما جمعا التصحيح، فمدلولهما الغالب عند "سيبويه" عدد محدود لا يقل عن ثلاثة ولا يزيد على عشرة. فهما يدلان عنده على القلة التي يدل عليها أحد نوعي جمع التكسير، ولا يدلان على الكثرة إلا بقرينة أخرى خارجة

= فيكون الاستعمال حقيقيا لا مجازيا؛ بسبب شيوعه عندهم. أما غير الشائع عندهم فنستعمله مجازا؛ لأن استعمال القليل في موضع الكثير أو العكس، جائز بلاغة؛ ويكون من قبيل المجاز المرسل الذي علاقته الكلية أو الجزئية، واستعماله مطرد، ما دامت شروط المجاز متحققه، ولا يتوقف على استعمال العرب للكلمة أو الكلمات المجازية ذاتها، وأنهم استعملوها مجازا؛ إذ لا أهمية مطلقا لاستبانة أمرهم في هذه الكلمة أو الكلمات؛ لأن استخدام المجاز قياسي بغير قيد، إلا قيد تحقق شروطه. غير أن العرب إذا استعملوا صيغة الكثرة في القلة أو العكس وكان هذا الاستعمال كثيرا شائعا فإنه يكون من قبيل الاستعمال الحقيقي لا المجازي، ويكون استعمالنا إياه حقيقيا كذلك؛ كاستعمالهم صيغة:"أفعال" في الكثرة؛ فهو حقيقي لنا أيضا. بخلاف استعمال "فعل" -مثلا- في القلة فإنه مجازي.

1 في ص579.

ص: 631

عن صيغتها؛ فليس لهما صيغ تدل على القلة أو على الكثرة كلاصيغ التي لجمع التكسير في هذين النوعين.

هذا رأي سيبويه. لكن الرأي الأرجح أن جمعي التصحيح لا يختصان بالقلة وإنما يصلحان1 للقلة والكثرة. عند خلو الكلام من قرينة تعين الجمع لأحدهما دون الآخر.

2-

وأن هناك فرقا هاما آخر؛ هو: أن جمع التكسير لا بد أن تتغير، فيه صيغة مفرده؛ بخلاف جمعي التصحيح؛ فإن مفردهما لا يتغير -في الأغلب- عند جمعه على أحدهما، بل يظل حافظا صورته الأصلية2.

3-

وأن جمع التكسير وجمع المؤنث السالم يعربان بالحركة، أما جمع المذكر السالم فيعرب بالحرف3.

قياسية جمع التكسير:

صيغ جمع التكسير -بنوعيه- متعددة، وأوزانه كثيرة تجاوز الثلاثين؛

1 راجع خاتمة "المصباح المنير"، ص954 بعنوان: "فصل: الجمع قسمان، قلة وكثرة

" حيث صرح بالرأي الأرجح وبأدلته. ومن أمثلة الكثرة قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ} ومما يدل على القلة قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} والمراد بها: أيام التشريق، وهي قلة

وكذلك كتاب "مجمع البيان لعلوم القرآن" تأليف الطبرسي ج3 ص88 ونقلنا في الجزء الأول "م10 رقم 2 من هامش125 باب جمع المذكر السالم" رأي أبي علي الفارسي في هذا، فقد جاء في كتاب:"المحتسب" لابن جني "ج1 ص187 سورة النساء" ما نصه:

"كان أبو علي ينكر الحكاية المروية عن النابغة، وقد عرض عليه حسان بن ثابت شعره، وأنه صار إلى قوله:

لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحا

وأسيافنا يقطرن من نجده دما

قال له النابغة: لقد قللت جفانك وسيوفك.

قال أبو علي: هذا خبر مجهول لا أصل له؛ لأن الله تعالى يقول:

{وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} ولا يجوز أن تكون الغرف كلها التي في الجنة من الثلاث إلى العشر. ا. هـ.

2 انظر رقم 1 من هامش ص613. ورقم 2 من هامش ص679.

3 راجع أحكام هذه الجموع وكثير مما يختص بها في ج1 م7 "أنواع البناء والإعراب

".

ص: 632

منها: "الصيغ المطردة"، ويتصدى علم:"النحو الصرف لبيانها، وعرض أحكامها، ومنها: "غير المطردة"، والسبيل إلى معرفتها مقصور على المراجع اللغوي الأخرى التي تسرد أمثلة من الوارد "السماعي" الذي ليس مطردا.

المراد بالصيغة "المطردة" ما تتطلب مفردا مشتملا على أوصاف معينة، إذا تحققت فيه جاز جمعه تكسيرا على تلك الصيغة بدون تردد، ولا رجوع إلى كتب اللغة، أو غيرها لمعرفة وروده عن العرب، أو عدم وروده؛ فمثل هذا الجمع يكون صحيحا فصيحا ولو كان غير مسموع1. ولا يصح رفضه، ولا الحكم عليه بالضعف اللغوي، أو بشيء يعيبه من ناحية صياغته، أو وزنه، أو فصاحته، فصيغة "فعل" -مثلا تكون جمعا مطردا لكل مفرد مذكر على وزن: "أفعل" أو مؤنث على وزن: "فعلاء" بشرط أن يكون المفرد في الحالين مشتقا، دالا على لون، أو عيب

نحو: هذا أحمر، وهؤلاء حمر، وهذه حمراء، وهن حمر. وذاك أخرس، وخم خرس وتلك خرساء، وهن خرس

وهكذا كل صيغة أخرى من جموع القلة أو الكثرة، فإن المفرد يطرد جمعه عليها إذا كان مستويا للشروط التي يجب تحققها فيه؛ ليصلح أن يجمع على وزنها. فمعنى تحققت تلك الشروط ساغ جمعه عليها من غير استشارة المراجع اللغوية، وساغ استعمال هذا الجمع بغير توقف لمعرفة رأيها فيه، أهو موافق لما تحتويه أم مخالف؟ فإن هذا التوقف لا مسوغ له بعد أن تحققت في المفرد كل الشروط والصفات التي جعلته صالحا لأن يجمع جمع تكسير على تلك الصيغة والوزن.

وما أكثر تعدد الجموع في المراجع اللغوية، وكثير منها مخالف في صيغته لصيغة الجمع المطرد، فلا يؤدي هذا -مع كثرة الصيغ المخالفة- إلى تخطئة المطرد، ولا إلى الحكم عليه بالنسب، أو العيب، وإنما يؤدي إلى أن لهذا المفرد جمعين للتكسير -أو أكثر أحيانا- وأن أحد الجمعين كثير شائع، فهو لهذا

1 راجع ص "ع" من الكتاب الذي أخرجه مجمع اللغة العربية باسم: "مجموعة القرارات العلمية من الدورة الأولى إلى الدورة الثامنة والعشرين

".

ص: 633

قياسي مطرد، والآخر قليل في ذاته1 أو نادر؛ فهو سماعي، ولا يجوز القياس عليه؛ لقلته الذاتية وندرته1، ولا اتخاذ وزنه مقياسا يجمع عليه مفرد آخر غير الذي ورد مسموعا فيه عن العرب؛ وهذا هو المسمى: ب"جمع التكسير السماعي" أو: جمع التكسير غير المطرد". ومن ثم يتبين خطأ من يتوهم أن كل جموع التكسير سماعي، وأن الرجوع في كل جمع منها إلى المظان اللغوية محتوم على من يعرف الأوصاف المشروطة في مفرد كل صيغة، ومن لا يعرف.

نعم الرجوع إلى تلك المظان محتوم على من لا يعرف تلك الأوصاف والضوابط. أما من يعرفها فله أن يصل من طريق معرفته إلى ما يريد من جموع التكسير المطردة في تلك المفردات، ولا تمنعه معرفته أن يرجع -إذا شاء- إلى المظان اللغوية، ليستخدم ما تنص عليه من جموع أخرى مسموعة للمفردات التي معه؛ أي: أنه حر في استعمال جمع التكسير القياسي أو السماعي، من غير أن يفرض عليه الاقتصار على السماعي وحده2، وإلا كانت الضوابط المطردة، والقواعد العامة المستنبطة من الكلام العربي الشائع عبثا لا جدى منه3، فوق ما في

1 و1 بشرط أن تكون القلة ذاتية، لا نسبية. وقد سبق تفصيل الكلام عليهما في أجزاء الكتاب؛ ومن ذلك ج3 م93 ص64 و78.

2 وبهذا الرأي الحكيم يأخذ جماعة من أئمة النحاة، في مقدمتهم الكسائي زعيم المدرسة الكوفية، ولا يقتصر في تطبيقه على الجموع أو المصادر ونحوهما؛ بل يجعله عاما شاملا في كل ما اجتمع له سماع وقياس. جاء في مقدمة:"القاموس المحيط" في الأمر الخامس من الأمور التي اختص بها القاموس ما نصه عند الكلام على ضبط المضارع

: "السماع مقدم على القياس عند غير الكسائي. وأجاز الكسائي القياس مع السماع أيضا، على ما قرر في الدواوين الصرفية". ا. هـ. ولهذه المسألة -مسألة الجمع بين القياس والسماع تكملة هامة تجيء في رقم 3 هنا.

3 للمجمع اللغوي القاهري قرار حاسم -فوق المشار إليه كل ما سبق- أصدره بعد دراسة وافية، وهو يقطع بأن "المطرد"، و"القياس" بمعنى واحد؛ "كما اء في الصفحة الخامسة والخمسين من محاضر جلسات الدور الرابع لانعقاده: وهي الجلسة الرابعة صباح الثلاثاء 19 من يناير 1937، وكما ورد أيضا في الصفحة الأولى من الجزء الرابع من مجلة المجمع" ونص القرار.

"يرى المجمع أن الكلمات التي يستعملها قدامى النحويين والصرفيين؛ وهي: القياس: والأصل، والمطرد، والغالب، والأكثر، والكثير، والباب، والقاعدة

ألفاظ متساوية الدلالة على ما ينقاس. وأن استعمال كلمة منها في كتبهم يسوغ للمحدثين من المؤلفين وغيرهم قياس ما لم يسمع على ما سمع، وأن المقيس على كلام العرب هو من كلام العرب". ا. هـ وفي محاضر جلسات الدور الرابع للانعقاد ص38 وما بعدها ما نصه:"ويقال للشاذ: القليل، والأقل، والنادر، وأمثالها مما يفيد القلة والضعف أيضا". ا. هـ. =

ص: 634

البحث عن "المسموع" من عناء وإرهاق يبلغان حد التعجيز؛ بسبب كثرة المراجع

= والمراد من تسجيل هذا القرار هنا ومن الإيضاح الذي ذكرته قبله، إزالة كل غموض عن قياسية الجموع المطردة، ومحو كل وهم تردد أو يتردد على خاطر بعض القدامى والمحدثين بهذا الشأن.

وهناك أسباب أخرى قوية تزيل الشك أو الوهم عن قياسيته؛ هي الأسباب العامة الجليلة التي أشرنا إليها في مواضع متفرقة من الأجزاء الأربعة في الرد على من يتشككون في قياسية بعض المسائل. كالذي سجلناه بإفاضة في الجزء الثالث عند الكلام على: "أبنية المصادر القياسية""ص183م 98". ومن تلك الأسباب آراء العالم العبقري ابن جني التي يرجع إليها المجمع اللغوي في كثير من بحوثه، ويستشهد بفصله الرائع الذي عنوانه:"باب في اللغة المأخوذة قياسا" والذي نقلناه كاملا مستقلا ختمنا به الجزء الثاني. وقد سجلته مجلة المجمع في عددها الأول، كما سجلته محاضر جلساته مرة أخرى في الصفحة الخامسة والأربعين من محاضر جلسات الدور الرابع للانعقاد، وأيضا ما نقله عن المازني، وكذلك آراء العالم الذكي:"الفراء" الذي ورد عنه في محاضر جلسات المجمع اللغوي "دور الانعقاد الرابع ص108": "أنه إمام الكوفيين، ووارث علم الكسائي، ولا تثريب لينا إذا أخذنا بمذهبه". وكذلك الزمخشري وصاحب المصباح المنير، وغيرهم من الأئمة الذين سردنا آراءهم الجليلة مفصلة في الجزء الثالث -كما سبقت الإشارة هنا م98 ص183.

بقي السؤال عن المعنى الدقيق للاطراد الذي يباح عليه القياس، والمعنى الدقيق للكثرة التي تبيح القياس كذلك؟ ما عددها؟ وما شياتها؟ وما نعوتها؟.. وقد ورد هذا السؤال في ص129 من الكتاب الصادر من مجمع اللغة العربية بالقاهرة باسم:"كتاب في أصول اللغة" وهو المشتمل على مجموعة القرارات: التي أصدرها المجمع من الدورة التاسعة والعشرين إلى الدورة الرابعة والثلاثين، وتصدى للإجابة عن هذا السؤال أحد الأعضاء المجمعين مسجلا إجابته في تلك الصفحة قائلا ما نصه الحرفي:"أضع بين يدي السائل ما قال أصحاب أصول النحو في ذلك من بيان وتحديد نسبة عددية يمكن أن تكون أصلا لنسبة مئوية كالتي يستعملها المحدثون في الإحصاء؛ وذلك هو ما نقله السيوطي صاحب الاقتراح في ص21 سطر10 وما بعده -وكذلك في "المزهر" ج1 ص140- ونصه: "قال الشيخ جمال الدين بن هشام: أعلم أنهم يستعملون غالبا، وكثيرا، ونادرا وقليلا، ومطردا. فالمطرد لا يتخلف، والغالب أكثر الأشياء، ولكنه يتخلف، والكثير دونه، والقليل دونه، والنادر أقل من القليل. فالعشرون بالنسبة إلى ثلاثة وعشرين غالب، والخمسة عشر بالنسبة إليها كثير لا غالب، والثلاثة قليل والواحد نادر. فاعلم بهذا مراتب ما يقال فيه ذلك". ا. هـ. سيوطي.

وبمحاولة علم هذا مفسرًا بالنسبة المئوية كما يقال اليوم تكون النتيجة هي: المطرد الذي مثله بثلاثة وعشرين وجعلها نهاية هو 100 % والغالب وهو 20 من 23 = 20/ 23 86 % أو 87 % تقريبا، والكثير وهو 15 من 23 % يساوي 65 %، والقليل وهو 3 من 23 % يساوي 13 % والنادر وهو 1 من 23 % يساوي 1/ 3 4% تقريبا. وبهذا يكتفون، ولا يذكرون الشذوذ في هذا المقام بعدما وصلوا إلى الندرة وهي أقل القليل كما رأينا

". ا. هـ. انتهت الإجابة.

هذا وقد أشرنا "في رقم 4 من هامش ص627" إلى أن المراد هناك من القلة، والكثرة، والاطراد، وعدم الاطراد مخالف للمراد منها هنا.

ص: 635

وتنوعها، وتباين طرائفها

و

وفيما يلي الأوزان المطردة -أي: القياسية- لجمع التكسير بقسيمة: "جمع القلة، وجمع الكثرة"، والأوصاف الواجب تحققها في المفرد المراد جمعه على إحدى الصيغ، مع الإشارة إلى أن كل صيغة من هذه الصيغ المطردة قد تزاحمها صيغ كثيرة مسموعة، مرجعها اللغة وحدها.

أ- أشهر الصيغ المستعملة في جموع القلة أربعة:

1-

أفعلة: وهو مقيس في كل مفرد يكون اسما، "لا وصفا"، مذكرا، رباعيا، قبل آخره حرف مده؛ نحو: طعام وأطعمة، بناء وأبنية1، عمود وأعمدة، رغيف وأرغفة

وهو مقيس أيضا في كل اسم على وزن: فعال، أو فعال "بفتح الفاء أو كسرها" إذا كان عين كل منهما ولامه من جنس واحد، أو كانت لامهما حرف علة، فالأول، نحو: بتات2 وأبتة، وزمام وأزمة3، والثاني نحو:"قباء4 وأقبية، وكساء وأكسية""فناء وأفنية، ورداء وأردية"

5.

2-

أفعل: وينقاس في كل مفرد، اسم "لا صفة" على وزن: فعل "بفتح فسكون" صحيح العين؛ سواء أكان صحيح اللام أم معتلها؛ ليست فاؤه واوا، كوقت وليس مضعفا كعم وجده. فمثال صحيح اللام: بجر وأبحر نهر وأنهر

ومثال معتلها: ظبي وأظب جرو وأجر6.

1 ومثل: لسان وألسنة، وسنان وأسنة، قولهم: إعجاب المرء بنفسه يشرع إليه أسنة الطاعنين، وتطاوله على أبناء جنسه يجمع عليه ألسنة الشانئين

2 متاع البيت، أو الزاد.

3 انظر جمع "فعل" ص642.

4 العباءة أو: البرنس.

5 الهمزة في آخر المفردات الأربعة منقلبة عن حرف علة والأصل "قباو، كساو""فناي، رداي".

6 أصل أظب وأجر: "أظبي"، و"أجرو" استثقلت الضمة على الياء في الكلمة الأولى فحذفت، فالتقى ساكنان، الياء والتنوين؛ فحذفت الياء التخلص من الساكنين؛ كطريقة حذفها في المنقوص. أما في الكلمة الثانية فقبلت الواو ياء لوقوعها متطرفة بعد كسرة، ثم حذفت بالطريقة السابقة.

ص: 636

وينقاس أيضا في كل اسم رباعي مؤنث تأنيثا معنويا؛ "أي: بغير علامة تأنيث ظاهرة"، قبل آخره مدة، "ألف، أو واو، أو ياء"؛ مثل: عناق "لأنى الجدي" وأعتق، وعقاب "لإحدى الطيور الجارحة" وأعقب، وذراع وأذرع، ويمين وأيمن، وثمود وعمود "على اعتبارها من أسماء المؤنث" وجمعهما: أثمد وأعمد.

3-

أفعال، وينقاس فيما لا ينقاس فيه "أفعل" السابق؛ فيطرد في كل اسم معتل العين بالواو أو بالياء أو بالألف؛ نحو: ثوب وأثواب سيف وأسياف باب وأبواب

وفي كل اسم واوي الفاء؛ أو مضعف؛ نحو وقت وأوقات، وعم وأعمام.

وفي كل اسم ثلاثي مفتوح الأول، مع فتح ثانيه، أو مع كسره، أو ضمه، نحو: جمل وأجمال، ونمر وأنمار، وعضد وأعضاد.

وفي كل اسم ثلاثي مكسور الأول مع فتح ثانيه، أو مع كسره، أو تسكينه؛ نحو: عنب وأعناب، وإبل وآبال، وحمل وأحمال.

وفي كل اسم ثلاثي على وزن: "فعل، أو فعل""بضم الأول والثاني، أو بسكون الثاني"، نحو: عنق وأعناق، وقفل وأقفال.

فإن كان المفرد على وزن: "فعل""بضم ففتح" فالكثير1 أن يكون جمعه على: "فعلان""بكسر فسكون"؛ نحو: صرد2 وصردان، ونغر3 ونغران، وجرذ4 وجرذان.

وينقاس في كل اسم على وزن "فعل" معتل اللام أو مضاعفا5.

أما الاسم الثلاثي الذي على وزن: "فعل""بفتح فسكون" صحيح العين -غير ما سبق- فمنع كثير من النحاة جمعة قياسا على: "أفعال"6. وهذا منع

1 كما يأتي في ص651.

2 اسم طائر.

3 اسم طائر.

4 فأر.

5 إيضاح هذا في ص650 و651.

6 مع أن "التصريح" وحاشيته نقلا منه نحو عشرين: منها: فرخ وأفراخ، حبر وأحبار، زند وأزناد، حمل وأحمال، شكل وأشكال، سمع وأسماع، لفظ وألفاظ، لحظ وألحاظ، محل وأمحال، رأي وآراء، سطر وأسطار، جفن وأجفان، لحن وألحان، نجد وأنجاد، فرد وأفراد، ألف وآلاف، أنف وآناف، وغيره ما ذكره كثير متناثر في المراجع اللغوية، منه: أرض وآراض، رمس وأرماس، عرش وأعراش، نهر وأنهار، نذل وأنذال، شخص وأشخاص، شرط وأشراط، جفر "وهي: الشاة السمينة" وأجفار، بعض وأبعاض، دخل وأدخال، ضرب وأضراب.

ص: 637

لا يستند إلى أساس سليم، والصواب جواز جمعه قياسيا على:"أفعال" فيقال: بحث وأبحاث، وسهم وأسهام

و

1 ولا مانع أن يجمع

1 سبب منعهم جمع: "فعل على أفعال" الذي وصفناه هو ما جاء في الجزء الثاني من كتابه سيبويه "ص175 بعنوان: هذا تكسير الواحد للجمع

" من أنه يجمع على: "فعال، وعلى فعول، وأفعل". وأن جمعه على:"أفعال" ليس بالباب في كلام العرب وإن كان قد ورد منه بعض ألفاظ؛ كأفراح، وأجداد، وأفراد.

وقد جرى كثير من النحاة وراء سيبويه حتى عصرنا، وكانوا -في هذه المسألة- متسرعين؛ بدليل ما نقلناه من الصيغ الكثيرة في رقم 6 من هامش الصفحة السابقة، وكذلك من جاء في الجزء الخامس ص392 من كتاب:"إرشاد الأريب لمعرفة الأديب"، تأليف ياقوت الرومي، وطبعة مرجليوت، ونصه:

"حدث أبو حيان التوحيدي. قال: "قال الصاحب بن عباد يوما: "فعل" بفتح فسكون -ويريد ما كان منه صحيح العين، ليس من الأنواع التي ذكروها"، "أفعال" قليل. ويزعم النحويون أنه ما جاء منه إلا زند وأزناد، وفرخ وأفراخ، وفرد وأفراد. فقلت له: أنا أحفظ ثلاثين حرفا "أي: كلمة" كلها: "فعل وأفعال". فقال: هات يا مدعي. فسردت الحروف -أي: الكلمات- ودللت على مواضعها من الكتب، ثم قلت: ليس للنحوي أن يلزم هذا الحكم إلا بعد التبحر، والسماع والواسع، وليس للتقليد وجه إذا كانت الرواية شائعة والقياس مطردا

، وهذا كقولهم: فعيل "بفتح فكسر، فياء ساكنة" على عشرة أوجه، وقد وجدته أنا يزيد على أكثر من عشرين وجها، وما انتهيت في التتبع إلى أقصاه. فقال: خروجك من دعواك في فعل "فتح فسكون" يدل على قيامك في فعيل". ا. هـ.

وقد يفهم من كلام "التوحيدي" أيضا شيء آخر؛ هو أن الكثير الذي يباح عليه القياس يتحقق بورود ثلاثين مثالا مسموعة منه. والحق أن هذا فوق الكثير المبالغ فيه فيما أرى؛ لأنه ساقه في معرض التحدي وإثبات الحفظ والمعرفة كما يفهم من روح القصة لا مجرد نقل المسموع الذي يؤيده.

وجاء على لسان أحد أعضاء المجمع اللغوي القاهري "وهو الأب أنستاس الكرملي" ما يأتي منقولا من محاضر جلسات دور الانعقاد الرابع ص51:

"إن النحاة لم يصيبوا في قولهم: إن: "فعلا" لا يجمع على: "أفعال" إلا في ثلاثة الفاظ لا رابع لها: وهي: فرخ وأفراخ، وحمل وأحمال، وزند وأزناد، وأكد ابن هشام أن لا رابع لها. "والذي وجدته أن ما سمع عن الفصحاء من جموع: فعل على أفعال أكثر مما سمع من جموعه -أي: المطردة- عى: أفعل "بفتح، فسكون، فضم" أو فعال "بكسر ففتح"، أو: فعول "بضمتين" فعدد ما ورد =

ص: 638

-كغيره- على صيغة أخرى إذا انطبق عليه وصف المفرد الذي يطرد جمعه عليها.

4-

فعلة "بكسر، فسكون، ففتح"

ولا يعرف لهذه الصيغة مفردات لها أوصاف معينة، وإنما يعرف عنها أنه مسموعة في جمع مفردات معدودة بعضها على وزن: فعل: "بفتحتين"؛ نحو: ولد وولدة، وفتى وفتية

أو على وزن: فعل "بفتح فسكون"، نحو: شيخ وشيخة ثور وثيرة، أو على وزن فعل "بكسر ففتح"، نحو: ثنى1 وثنية. أو على وزن: فعال "بفتح أوله وثانيه" نحو: غزال وغزلة. أو على: وزن فعال "بضم ففتح"، نحو: غلام وغلمة، أو على وزن: فعيل "بفتح فكسر"؛ نحو: صبي وصبية

وبعض صيغ أخرى لا ضابط لها

= على أفعل هو "142" اسما، وعلى فعال "221" اسما، وعلى فعلان "كذا في الأصل ولعل الصواب فعول" هو "42" فأن يسلموا بجمعه قياسا مطردا على "أفعال" أحق وأولى؛ لأن عدد ما ورد فيها هو "340" لفظة وكلها منقولة عنهم، لورودها في الأمهات المعتمدة؛ مثل القاموس واللسان"، ثم قال: "يحق للمجمع ألا يعتمد على مجرد الأقوال التي تداولها النحاة ناقلين الأقوال الواحد عن الآخر بلا اجتهاد ولا إمعان في التحقيق بأنفسهم. أما الذي يؤيده الاجتهاد فمخالف لما أثبتوه. وقد حان الوقت أن ينادي المجمع على رءوس الملأ بهذه القاعدة الجديدة المبنية على أقوال الأئمة الفصحاء

". ا. هـ.

ثم ذكر بعد هذا أن كل الأمثلة التي وجدها هي لصحيح العين والفاء

وقد وافق المجمع اللغوي القاهري ومؤتمره المنعقد بالقاهرة في يناير سنة 1970 على القرار التالي، ونصه -كما ورد في ص223 من الجزء السادس والعشرين من مجلة المجمع الصادر في شهر ربيع الأول سنة 1390 هـ ومايو سنة 1970- هو:"قرر المجمع من قبل أن قياس جمع "فعل" الاسم الصحيح العين أن يكون على "أفعل" جمع قلة، وعلى "فعال" أو "فعول" جمع كثرة. واستنادا إلى نص عبارة أبي حيان في استحسان الذهاب إلى جمع فعل على "أفعال" مطلقا، واستناد أيضا إلى الألفاظ الكثيرة التي وردت مجموعة على هذا الوزن ترى اللجنة جواز جمع "فعل" اسما صحيح العين مثل: بحث وأبحاث على "أفعال" ولو كان صحيح الفاء، أو اللام ويدخل في ذلك مهموز الفاء، ومعتلها، والمضعف. وقد وافق المؤتمر على قرار اللجنة بصيغته المعروضة". ا. هـ.

1 الأمر الذي يعاد مرتين. وأيضا: الثاني في السيادة؛ أي: الذي يلي الرئيس الأكبر في السيادة والمكانة ومن الأول قوله عليه السلام: لا ثني في الصدقة. أي: لا تؤخذ مرتين في السنة.

ص: 639

إلا السماع المحض؛ لأن صيغة: "فعلة" لا تطرد في جمع مفردات معينة -كما سبق- وإنما أمر مفرداتها موقوف على السماع1

1 للأوزان الثلاثة الأولى ضوابط عرضها ابن مالك مختصرة بقوله في: "أفعل".

لفعل اسما صح عينا: "أفعل"

وللرباعي اسما أيضا يجعل

إن كان كالعناق والذراع في

مد، وتأنيث، وعد الأحرف

وقد اكتفى ابن مالك في ضابط "أفعل" بأن مفرده يكون صحيح العين، وأن الرباعي يكون كالعناق في المد، والتأنيث، وعدد الحروف. وقد شرحنا المراد.

ثم قال في صيغة: "أفعال"، إن الذي لا يطرد جمعه على "أفعل" يجمع على "أفعال": والغالب أن "فعلان" هو جمع لفعل. كصردان فإن مفرده: صرد:

وغير ما "أفعل" فيه مطرد

من الثلاثي اسما "بأفعال" يرد

وغالبا أعناهمو "فعلان"

في: "فعل"؛ كقولهم: صردان

ثم انتقل إلى صيغة: "أفعلة"، فقال:

في اسم مذكر رباعي بمد

ثالث "افعلة" عنهم اطرد

والزمه في: "فعال" أو: "فعال"

مصاحبي تضعيف، أو إعلال

أما وزن "فعلة" -ومفرده لا يكون إلا سماعيا- فعرضه في الشرط الثاني من بيت بعد هذا مباشرة، شطره الأول خاص يجمع من جموع الكثرة. "سيجيء في هامش ص642" قال:

"فعل" لنحو أحمر وحمرا

و"فعلة" جمعا بنقل يدرى

يريد من الشطر الثاني أن "فعلة". يدرى مفرده ويعلم بالنقل الوارد عن العرب وبالسماع المأثور عنهم. فلا ضابط له ولا قياس.

ص: 640