المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المسألة 155: الأمور التي تختلف فيها الأدوات الشرطية الجازمة: الأمور التي تختلف - النحو الوافي - جـ ٤

[عباس حسن]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الرابع

- ‌المسألة 127: النداء وما يتصل بأحكامه

- ‌مدخل

- ‌المسالة 129: الجمع بين حرف النداء، و"أل

- ‌المسألة 130: أحكام تابع المنادى

- ‌المسألة 131: المنادى المضاف إلى ياء المتكلم

- ‌المسألة 132: الأسماء التي لا تكون إلا منادى

- ‌المادة 133: الاستغاثة

- ‌المسألة 134: النداء المقصود به التعجب

- ‌المسألة 135: الندبة

- ‌المسألة 136: المندوب المضاف لياء المتكلم

- ‌المسألة 137: الترخيم

- ‌المسألة 138: القسم الثاني ترخيم الضرورة الشعرية

- ‌المسألة 139: الاختصاص

- ‌المسألة 140: التحذير والإغراء

- ‌المسألة 141: أسماء الأفعال

- ‌المسألة 143: نونا التوكيد

- ‌المسألة 144: إسناد المضارع والأمر إلى ضمائر الرفع البارزة بغير توكيدها، ومع التوكيد

- ‌المسألة 145: ما لا ينصرف

- ‌مدخل

- ‌المسألة 147:

- ‌المسألة 148: إعراب الفعل المضارع

- ‌المدخل

- ‌المسألة 149:

- ‌المسألة 150:

- ‌المسألة 151:

- ‌المسألة 152:

- ‌المسألة 153: إعراب المضارع

- ‌مدخل

- ‌المسألة 154:

- ‌المسألة 155:

- ‌المسألة 156:

- ‌المسألة 157:

- ‌المسألة 158:

- ‌المسألة 159:

- ‌المسألة 160:

- ‌المسألة 161:

- ‌المسألة 162: أدوات التحضيض، والتوبيخ، والعرض، والامتناع

- ‌المسألة 163: العدد

- ‌مدخل

- ‌المسألة 164: تمييز العدد

- ‌المسألة 165: تذكير العدد وتأنيثه

- ‌المسالة 166: صياغة العدد على وزن "فاعل

- ‌المسألة 168: كنايات العدد

- ‌المسألة 170: المقصور، والممدود

- ‌المسألة 172: جمع التكسير

- ‌مدخل

- ‌المسألة 173:

- ‌المسألة 174: أحكام عامة

- ‌المسألة 175: التصغير

- ‌المسألة 177: النسب

- ‌مدخل

- ‌المسألة 178: النسب إلى ما حذف منه بعض أصوله

- ‌المسألة 179: أحكام عامة في النسب

- ‌المسألة: التصريف

- ‌مدخل

- ‌المسألة 181: الإعلان والإبدال

- ‌المسالة 184: الإعلال بالحذف

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌ ‌المسألة 155: الأمور التي تختلف فيها الأدوات الشرطية الجازمة: الأمور التي تختلف

‌المسألة 155:

الأمور التي تختلف فيها الأدوات الشرطية الجازمة:

الأمور التي تختلف فيها متعددة النواحي1؛ منها: الاختلاف في ناحية الاسمية والحرفية، "وليس فيها أفعال"، وفي ناحية اتصالها ب"ما" الزائدة وعدم اتصالها، وفي ناحية معناها، وفي ناحية إعرابها.

أ- ففي ناحية الاسمية والحرفية: منها الأسماء باتفاق؛ وهي: "من، متى، أي، أين، أيان، أنى، حيثما".

ومنها اسم على الأرجح، وهو: مهما" بدليل عودة الضمير عليه مذكرا، والضمير لا يعود إلا على اسم؛ مثل قوله تعالى قوم موسى:{وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} .

ومنها الحرف باتفاق. وهو: "إن"، ومنها الحرف على الأرجح؛ وهو:"إذ ما"2.

ب- وفي ناحية اتصالها بما الزائدة منها: ما لا يجزم إلا بعد اتصالها بما الزائدة، وهو:"حيث، وإذ"، فلا بد أن يقال فيهما عند الجزم بهما:"حيثما"، "إذ ما".

ومنها ما يمتنع اتصاله بها عند استخدامه أداة شرط جازمة، وهو؛ من، ما، مهما، أنى.

ومنها ما يجوز فيه الأمران، وهو: إن، أي، متى، أين، ويزاد عليها، أيان، في الرأي الأصح.

ج- وفي ناحية اختلاف المعنى، مع اتفاقها جميعا في تعليق وقوع الجواب

1 من هذه النواحي ثلاثة هنا "أ، ب، ج" والرابعة: "د" في ص438؛ أما الأمور التي تتفق فيها فقد سبقت في ص431.

2 غير الأرجح يعتبرها ظرف زمان بمعنى: "متى"، إذا قلناك "إذ ما تستمع للموسيقى تهدأ نفسك" كان المعنى على الرأي الأرجح: إن تستمع.. وعلى الرأي الآخر: متى تستمع..

ص: 427

على وقوع الشرط عند عدم المانع1:

1-

منها: ما وضع في أصله للدلالة على شيء يعقل -غالبا- فإذا تضمن معه معنى الشرط -صار أداة شرطية، للعاقل، جازمة. والغالب أيضا أنه لا يدل بذاته على زمن، وهو:"من"2، كقوله تعالى:{مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} ، {وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا} . وقول الشاعر يمدح قوما:

من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم

مثل النجوم التي يسري بها الساري

2-

ومنها ما وضع في أصله للدلالة على شيء لا يعقل -غالبا- فإذا تضمن معه معنى الشرط صار أداة شرطية لغير العاقل، جازمة. والغالب أنه لا يدل بذاته على زمن. وهو "ما"2، و"مهما". كقوله تعالى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ

1 من الموانع ما سيجيء بيانه في ص434 رقم 4، عند الكلام على أنواع "إن" في "ب".

2 و2 وللنحاة رأي دونوه في باب "الموصول": ملخصه:

أ- أن "من" للعاقل؛ كالتي في قولهم: "من يقصر في التوقعى والحذر، يعرض نفسه للخطر". وتستعمل في غيره مجازا -سواء أكان المجاز علاقته التشبيه فيكون استعارة، أم كانت علاقته شيئا آخر غير التشبيه فيكون مجازا مرسلا

، كقول الشاعر:

أسرب القطا هل من يعير جناحه؟

لعلي إلى من قد هويت أطير

وقول الآخر:

ألا عم صباحا أيها الطلل البالي

وهل يعمن من كان في العصر الخالي

ومن المجاز تغليبه على غير العاقل عند اختلاطه معه؛ نحو: "ولله يسجد من في السموات ومن في الأرض"، أو اقترانه به في عموم فصل بمن؛ نحو قوله تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} لاقترانه بالعاقل المندرج تحت قوله: "كل دابة".

ب- سبق في باب: "الموصول""ج1 م26 ص349 عند الكلام على: "من، الموصولة" أن كلمة:"من" مطلقا -موصولة وغير موصولة- هي من الكلمات التي لفظها مفرد مذكر، ولكن معناها قد يخالف لفظها، ولهذا يصح أن يعود الضمير عليها مفردا مذكرا؛ مراعاة للفظها -وهو الأكثر- ويصح مراعاة المعنى المراد، وهو كثير. فمن الأول قوله تعالى في المشركين:{وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ} ومن الثاني قوله تعالى فيهم: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} وقد اجتمع الأمران في قوله تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} -راجع الموضع السالف حيث البيان الشامل والأمثلة المتعددة.

وأما: "ما" فإنها لغير العاقل؛ كقوله تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ} وتستعمل قليلا في العاقل إذا =

ص: 428

= اختلط بغيره؛ كقوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} وتستعمل في صفات العاقل؛ نحو: تزوجوا ما طاب من النساء، وامتاز بالفضل. وتستعمل في المبهم؛ كأن ترى شبحا من بعد، فتقول: تعال وشاهد ما أرى.

"راجع الأشموني والصبان في بابي الموصول، والجوازم. وقد وفينا الكلام على "من وما" الموصولتين في ج1 ص247 م26".

ويرتضي بعض النحاة أن يقال: "من" للعالم، بدلا من العاقل؛ لأن الله يوصف بأنه عالم ولا يقال له عاقل. ولم يتمسك بهذا فريق آخر

، وإذا لم تتضمن "من" و"ما" معنى الشرط فليستا بشرطيتين، فقد تكونان موصولتين، أو استفهاميتين

أو

أو.... "انظر آخر الهامش رقم 1 من ص422".

ويرى أكثر النحاة أن الشرطيتين مبهمتان من ناحية الزمن، بمعنى: أنهما لا يدلان على زمن معين معروف البداية والمقدار، يربط الجواب بالشرط؛ فكل واحدة منهما لا تدل بذاتها على وقت محدد لهذا الربط؛ ففي مثل: من يحسن إلى أشكر له

أو: ما تزرع تحصد

لا تدل "من" على مبدأ زمن الشكر، ولا على تحديد مدته، أو توقيتها، ومثلها:"ما" فإنها لا تدل على مبدأ زمن الحصد، ولا على تحديد مدته، أو توقيتها.

وقال فريق آخر: إن كل واحدة منهما قد تفيد -أحيانا- مع اشرط الزمن المؤقت المعين من غير أن تعتبر ولا أن تعرب بسببه ظرف زمان -وكل هذا بشرط وجود قرينة تدل على الزمن؛ من يلمس نارا تحرقه، أي: مدة لمسه النار تحرقه، وقول الشاعر يمدح:

نزور فتى يعطي على الحمد ماله

ومن يعط أثمان المحامد يحمد

أي: يحمد مدة إعطائه أثمان المحامد. وقول الشاعر:

فما تحي لا تسأم حياة، وإن تمت

فلا خير في الدنيا ولا العيش أجمعا

أي: مدة حياتك لا تسأم حياة..... وقول الشاعر:

نبئت أن أبا شتيم يدعى

مهما يعش يسمع بما لم يسمع

وأمثلة أخرى متعددة يؤيدون بها رأيهم، وتشهد بصحته وقوته. أما للكثرة فتؤول تلك الشواهد تأويلا لا داعي له، ولا فائدة منه إلا الرغبة في اطراد قاعدتهم، بل إنهم يتركون بعض الشواهد بغير تأويل؛ إذ لا يجدون لها تأويلا مقبولا، ويحكون عليها بالشذوذ. وخير من هذا التكلف الأخذ برأي الأقلية هنا، مع مراعاة ضوابطه وتفصيلاته السالفة.

ملاحظة: في المرجع السابق "ج1 م26 هامش ص428 وهو المرجع المذكور في: "ب" السالفة" أن "ما" مثل "من" -كما في الصبان- لفظها مفرد مذكر، ومعناها قد يكون غير ذلك فيجوز في الضمير العائد عليها مراعاة لفظها أو معناها.

ص: 429

ومهما تكن عند امرئ من خليقة1

وإن خالها2 تخفى على الناس تعلم3

ومنها ما وضع في أصله للزمان المجرد4؛ فإذا تضمن معه معنى الشرط جزم؛ وهو: "متى و"أيان"5؛ فكلاهما ظرف زمان جازم. ومن الأمثلة قول الشاعر في الورد:

متى تزره تلق من عرفه6

ما شئت من طيب ومن عطر

وقال الآخر يصف عظيما:

متى ما7 يقل لا يخلف القول فعله

سريع الخيرات غير قطوب8

وقول الآخر يفتخر:

أيان نؤمنك تأمن غيرنا، وإذا

لم تدرك الأمن منا لم تزل خائفا

ولا أهمية للرأي الذي يجيز إهمال: "متى" الشرطية فيجعلها شرطية غير جازمة؛ لأنه رأي تعززه الشواهد المتعددة، والحجة القوية.

4-

ومنها ما وضع في أصله للمكان -غالبا- فإذا تضمن معه معنى الشرط صار أداة شرطية للمكان، جازمة، وهو:"أين، حيثما، أنى"9 كقوله تعالى:

1 عادة وخلق.

2 ظنها.

3 يستدل بعض النحاة بهذا البيت على أن: "مهما" حرف؛ إذ لا محل لها من الإعراب، ولم يعد عليها ضمير. وردوا كلامه بأنها: إما خبر للفعل الناقص "تكن"، و"خليقة" اسمه، و"من" زائدة، وإما مبتدأ. واسم "تكن" ضمير يعود على "مهما"، و"عند امرئ" خبر "تكن". وكل ما سبق هو على اعتبار "تكن" ناقصة، أما على اعتبارها -تامة- فـ"مهما" مبتدأ، والضمير المستتر في الفعل "تكن" هو فاعله، و"عند امرئ" ظرف لغو، متعلق بالفعل "تكن" التام. و"من" بيان لمهما على وجهي اعتباره مبتدأ.

4 الذي لا دلالة معه على استقبال أو غيره. فإذا صار للشرط جعل زمن فعله وجوابه مستقبلا.

5 ويصح زيادة: "ما" في آخرها -كما سبق في ص427.

6 رائحته.

7 "ما" زائدة -طبقا لما سبق في: ب من ص427.

8 القطوب: العابس.

9 لا يصح زيادة "ما" بعد "أنى" الشرطية، ولا يصح -في الأرجح- حذفها من آخر "حيث" الشرطية، ويجوز الأمران مع:"أين" -وقد تقدم كل هذا في ب من ص427.

ص: 430

{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} 1، وقولهم: أين2 ينزل العدل يتبعه الأمن والرخاء. وقولهم: حيثما تجد صديقا وفيا تجد كنزا نفيسا. وقول الشاعر:

خليلي، أنى تقصداني تقصدا

أخا غير ما يرضيكما لا يحاول

5-

ومنها المضاف الذي يصلح للأمور الأربعة السالفة؛ فيكون للعاقل أو لغيره، وللزمان، أو للمكان؛ تبعا للمضاف إليه في ذلك كله، فأداة الشرط مضافة، وتدل على أحد المعاني السالفة على حسب دلالة المضاف إليه، وهي:"أي". فمثالها للعاقل: أي إنسان تستقم خطته تأتلف حوله القلوب. ومثالها لغير العاقل: أي عمل صالح تمارسه أمارس نظيره. وللزمان: أي يوم تسافر أسافر معك. وللمكان: أي بقعة جميلة تقصد أقصد. وفي كل تلك الحالات يصح زيادة "ما" في آخرها.

6-

ومنها: ما يختص إما بالأمر المتيقن منه أو المظنون3. ولكن الأول هو الأغلب، وهو "إذا" الشرطية.

وإما بالمشكوك فيه4 أو بالمستحيل، وهو باقي الأدوات الشرطية. ومن المستحيل قوله تعالى:{قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} ، وأما نحو قوله تعالى:{وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ، أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} ،

1 كَلٌّ: حمل ثقيل.

2 "أين" هنا شرطية، ولو لم يتصل بآخرها "ما" الزائدة؛ لأن هذا الاتصال وعدمه سيان معها -كما سبق هنا في رقم 9 من الهامش السالف، وكما في ص427، ومن أمثلة عدم الاتصال قول الشاعر:

أين تصرف بنا العداة تجدنا

نصرف العيس نحوها للتلاقي

3 أي: المرجح حصوله وتحققه.

4 الذي يتساوى فيه توقع الحصول وعدم التوقع.

ص: 431

فلتنزيله منزلة الشكوك فيه؛ لإبهام زمن الموت1

والقرائن وحدها هي التي تعين اليقين، أو الظن، أو الشك، أو الاستحالة

مع الدلالة على الشرطية في كل حالة.

7-

ومنها ما وضع -في الأكثر- لتعليق الجواب على الشرط تعليقا مجردا يراد منه الدلالة على وقوع الجواب وتحققه، بوقوع الشرط وتحققه، من غير دلالة على زمان، أو مكان، أو عاقل، أو غير عاقل؛ وهو:"إن"2 و "إذ ما"2 مع دلالتهما على الشرك أو الاستحالة كدلالة الأدوات الشرطية الأخرى عليهما، غير "إذا" -كما سبقت الإشارة في الأمر السادس- فمثال "إن" قوله تعالى:{وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} وقولهم: المرء إن يجبن يعيش مرذولا، ومثال "إذ ما" قول الشاعر:

وإنك إذ مات تأت ما أنت آمر

به تلف من إياه تأمر آتيا

1 راجع "الخضري""ج2 باب: الإضافة، عند الكلام على: "إذا" -وقد سبقت الإشارة لهذا في ج2 ص260 م79- باب: "الظرف". وهناك البيان التام عن "إذا الشرطية الظرفية"، من ناحية عدم دلالتها على التكرار، وعدم إفاتها للشمول والتعميم، وتجردها للظرفية المحضة، وبعض أوجه الاختلاف بينها وبين "إن الشرطية" وغيرها من أدوات الشرط الجازمة.

2، 2 لا بد للجزم "بإذ" من زيادة "ما" في آخرها. أما زيادتها بعد "إن" الشرطية فجائزة -كما تقدم في: ب من ص427- "وانظر أول ص434".

ص: 432

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

أ- هل يقترن جواب "إن الشرطية" باللام؟

الإجابة عن هذا في رقم 3 من هامش ص457 وفي رقم 9 من ص463.

ب- "إن" أنواع كثيرة، منها:

1-

"إن، الزائدة". وتسمى: "الوصلية"؛ أي: الزائدة لوصل الكلام بعضه ببعض، وتقوية معناه؛ فلا تعمل شيئا، ويمكن الاستغناء عنها1 ما لم يمنع وزن الشعر. ويكثر هذا الوصل حين تتوسط بين "ما" النافية وما دخلت عليه من جملة فعلية أو اسمية، كقول الشاعر يصف وجه غادة:

ما إن رأيت ولا سمعت بمثله

درا يعود من الحياء عقيقا

وقول الآخر يذم قوما:

بني غدانة، ما إن أنتمو ذهب

ولا صريف2، ولكن أنتم الخزف

وقد تزاد بعد "ما المصدرية" كقول الشاعر:

ورج الفتى للخير ما إن رأيته

على السن خيرا لا يزال يزيد

وبعد "ما الموصولة" كقول الشاعر:

يرجي المرء ما إن لا يراد

وتعرض دون أدناه الخطوب

وبعد "ألا" التي للاستفتاح؛ كقول الآخر:

ألا إن سرى3 ليلى فبت كئيبا

أحاذر أن تنأى النوى بغضوبا4

1 جاء في حاشية ياسين على التصريح أول باب: "المعرب والمبني""ج1" بشأن "إن" الوصلية: أهي لمجرد الوصل والربط فلا جواب لها؛ لا في اللفظ ولا في التقدير، أم هي مع ذلك شرطية فيقدر جوابها؟ أم هي شرطية ولكن لا جواب لها؟

ثم قال: إن للسعد فيها كلاما مضطربا ببيته في حواشي المختصر، في بحث تقييد المسند بالشرط.

2 فضة خالصة.

3 نسبة السرى إلى الليل مجاز عقلي.

4 غضوب: اسم امرأة.

ص: 433

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويكثر وقوع "ما" الزائدة بعد "إن" الشرطية فتدغم فيها النون نطقا وكتابة؛ كقوله تعالى في الوالدين: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} ، وقوله تعالى:{فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} 1 وتسمى في هذه الصورة: "إن، المؤكدة بماء".

2-

ومنها: "إن، المخففة من الثقيلة"، و"إن" النافية الناسخة، وقد سبقنا في النواسخ ج1، ومعهما "إن" النافية التي لا تعمل.

3-

ومنها: "إن، الشرطية التي لا تجزم". وهذه أضعف الأنواع، وأقلها دورانا في فصيح الكلام. ومن الواجب إغفال أكثر حالاتها2؛ وعدم استعمالها إلا في بعض الصور.

4-

ومنها: ما اختلف النحاة في نوعه اختلافا مرهقا -نذكره؛ لأنه لا يخلو من فائدة- وهو "إن" في مثل: الحريص -وإن كثر ماله- بخيل. فقيل: وصلية3، والواو للحال، أي: الحريص بخيل، والحال أنه كثر ماله4. وقيل شرطية، حذف جوابها. لوجود ما يدل عليه، والواو للعطف على جملة مقدرة، أي: إن لم يكثر ماله وإن كثر فهو بخيل. لكن ليس المراد بالشرط في الجملة حقيقة التعليق؛ لأنه لا تعليق حقيقيا على الشيء ونقيضه معا؛ لما في ذلك من المنافاة العقلية؛ إذ كيف يحدث الجواب الذي هو بمثابة المسبب عن الشرط حين يوجد الشرط وحين يعدم؟ وبعبارة أوضح: كيف ينتج الشرط -وهو بمثابة السبب- نتيجة واحدة لا تختلف باختلاف وجوده وعدمه؟

من أجل ذلك قيل إن معنى "إن" في الجملة السالفة الذكر "التعميم""لا""التعليق". ويقولون: إن المحذوف أحيانا قد يكون الواو هي والمعطوف -لا

1 تجدنهم.

2 إلا ما كان منها دالا على تفصيل من غير أن يجزم، وسيجيء في رقم 5 من ص436.

3 انظر رقم 1 من هامش الصفحة السابقة.

4 ومن الأساليب الفاسدة التي تتردد في كلام المولدين قولهم: فلان وإن كثر ماله لكنه بخيل -أو: إلا أنه بخيل.. وقد سبق الكلام على هذه الأساليب في الموضع المناسب "ج1 م33 ص450 "و" وأن بعض النحاة المتأخرين حاول تأويل ذلك الأسلوب يصححه، ولكنه لم ينجح.

ص: 434