المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وقال الحافظ: "وأَصَحُّ الطرق كلها طريق حَنَش الصنعاني التي خَرَّجها - النصيحة بالتحذير من تخريب «ابن عبد المنان» لكتب الأئمة الرجيحة وتضعيفه لمئات الأحاديث الصحيحة

[ناصر الدين الألباني]

الفصل: وقال الحافظ: "وأَصَحُّ الطرق كلها طريق حَنَش الصنعاني التي خَرَّجها

وقال الحافظ: "وأَصَحُّ الطرق كلها طريق حَنَش الصنعاني التي خَرَّجها التِّرمذي -كما قال ابن منده وغيره-".

هذا؛ وسيأتي -بإِذن الله-تعالى- الكلامُ على الأحاديث التي حَسَّنها- أو على الأقل على بعضها-، والحديث التالي أحدُها.

‌10

- قال ابن القيِّم: "من أطاع الله -تعالى-؛ فقد والاه، ولا يذلُّ من والاه رَبُّه؛ كما في حديث القنوت: "إنَّه لا يذل من واليت ولا يَعِزّ من عاديت": قال (الهدَّام) (1/ 70): "وهو حديث حسن - إن شاء الله تعالى-".

ثم خرًّجه برواية جمع، منهم التِّرمذي؛ وَيَرِدُ عليه المؤاخذات الثلاث التي أوردتها عليه في الحديث الذي قبله، إلاّ أنَّ قول التِّرمذي عقب الحديث -هكذا-:

"هذا حديث حسن، لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه من حديث أبي الحوراء، واسمه (ربيعة بن شيبان)، ولانعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت في الوتر شيئًا أحسن من هذا".

قلت: فأبو الحوراء ثقةٌ مشهورٌ، والرّاوي عنه (بريد بن أبي مريم) قد وثَّقه ابن معين، وأبو زُرعة، والنسائي، وغيرهم -كالدّارقطني -، حتى إنَّه ألزم الشيخين بالتخريج له، وشذّ أبو حاتم -لتشدُّدِه - فقال:"صالح"؛ أي: حسن الحديث -كما تقدم في الذي قبله -، وأظن أنَّ (الهدَّام) قلَّده حين اقتصر على تحسينه، فهو في هذا كهو في الذي قبله! بل هو هنا أسوأُ؛ لأنَّه خالف بالتقليد الجمهورَ الذين وثقّوه، كما خالف الدْين صحّحوا حديثه كابن خزيمة، وابن حبان، وابن الجاورد، والحاكم، والذهبي، وغيرهم -كعبد الحق الإشبيلي-، وما يمنعه من اتِّباعهم -والحق معهم- إلاّ ما ابْتُلِيَ به من حب

ص: 56

الشذوذ والنشوز، نسأل الله السلامة.

فإِن قيل: لعله اتبع الإمام التِّرمذي في التحسين؟ فأقول:

هذا بعيدٌ جدًا، لأسبابٍ أذكرها:

أولاً: هو -مع الأسف- لا يُقيم وزنًا لجميعِ الحفّاظ إذا خالفهم؛ فضلًا عن التِّرمذي؛ لأنَّه متساهلٌ.

ثانيًا: هو مخالف للترمذي -أيضًا- من ناحيتين:

إحداهما: أنَّه شكَّك في تحسينه إيّاه.

والأخرى: أنَّه لم يُفصح عن نهع تحسينه، كما بيَّنت في الذي قبله؛ بخلاف التِّرمذي، فإِنَّه جزم بأنَّه حسن لذاته.

ثالثًا: من المحتمل أنَّ التِّرمذي لم يصحِّحه، لأنَّه من رواية أبي إسحاق، وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي -وفيه كلامٌ معروفٌ-، رواه عن بُريد، أمَّا (الهدَّام) فقد وقف عليه من رواية شعبة عن بُريد، فما الذي منعه من تصحيح إسناده، بله تحسينه؟ ! ما هو إلا حُبّ المخالفة للعلماء، والعياذ بالله -تعالى-.

وقد يخطر في البال أنَّ من المحتمل أنَّه رأى ابن حزم ضعَّف الحديث في "المحلّى"(4/ 147 - 148) -وقد رواه من طريق أبي إسحاق -، فتوسّط هو بينه وبين الجمهور، فحَسَّنَهُ! ومع أنَّ هذا ليس من العلم في شيء، فابن حزم معذور، لأنَّه لم يقف على رواية شعبة الصحيحة، فما عذر (الهدَّام) وقد اطلّع عليها؟ !

وانظر تخريج الحديث في "الإرواء"(2/ 172 - 175)، وتصحيح الشيخ أحمد شاكر للحديث وردّه على ابن حزم في تعليقه على "المحلى"، وفي تعليقه على "سنن الترمذي"(2/ 329).

ص: 57