المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وقال الجماهير من أصحاب الحديث والفقه والأصول: إنَّه متصل محمول - النصيحة بالتحذير من تخريب «ابن عبد المنان» لكتب الأئمة الرجيحة وتضعيفه لمئات الأحاديث الصحيحة

[ناصر الدين الألباني]

الفصل: وقال الجماهير من أصحاب الحديث والفقه والأصول: إنَّه متصل محمول

وقال الجماهير من أصحاب الحديث والفقه والأصول: إنَّه متصل محمول على السماع بشرط أن لا يكون المعنعِن مدلّسًا، وبشرط إمكان لقاء بعضهم بعضًا -كما صرح به النووي وغيره، وسبق بيانه في المقدمة رقم (5) -؛ وحقّقت -هناك- أنَّ شرط اللقاء إنَّما هو شرطُ كمالٍ وليس شرطَ صحةٍ، وأن (الهدَّام) لم يَرْضَ -عمليًّا- حتى ولا بشرط اللقاء، وأنَّه أخذ يعلِّل الأحاديث الصحيحة بالإرسال والانقطاع لعدم تصريح الراوي بالسماع! كما فعل في هذا الحديث، مع مخالفته لتصحيح الحفاظ الذين سبق ذكرُهُم، هذا التصحيحُ الذي هو من مئات التصحيحات التي تؤكِّد ما ذكره النووي من جَرَيان العمل على الاكتفاء بالمعاصرة، فتنبَّه.

‌31

- "وفي "المسند" و"الترمذي" من حديث أبي سعيد الخُدْري، قال: كان النبي -صلي الله عليه وسلم- إذا قام إلى الصلاة استفتح، ثم يقول: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم؛ من همزه ونفخه ونفثه"":

ضعّفه (الهدَّام) من جيمع طرقه، وقد سرق -على عادته - تخريجَها من كتابي "إرواء الغليل"، دون أدنى إشارة إلَاّ للنقد بما لا طائلَ تحته، يأخذ منه ما قبل من العِلَلِ فيها -أو في بعضها -، دون أن يذكر ما فيه من الأقوالِ المصحَّحة لبعضها، وما يقوِّيه من الشواهد!

لقد خرَّجته -هناك - في أكثر من عشر صفحات (2/ 48 - 59) بتتبُّعٍ لطرقهِ، وتوسُّعٍ لا تراه في غيره -إن شاء الله تعالى-، وعن جمع من الصحابة.

ويرى القراء أن في الحديث سُنَّتين:

إحداهما: الاستفتاح بدعاء: "سبحانك اللهم وبحمدك

"، وذلك صريحٌ

في رواية التِّرمذي وغيره.

والآخر الاستعاذة.

ص: 100

فختم (الهدَّام) تخريجه المشار إليه بقوله (1/ 136):

"قلت: وأحسن هذه الأحاديث حديث أبي سعيد، وأرى (! ) أن يُتَمهَّل في تحسين هذا الحديث أو تصحيحه بهذه الشواهد"!

ثم قال: "قلت: والاستعاذة قبل القراءة في الصلاة لم يصحَّ فيه حديث أصلًا

فحديث أبي سعيد الخدري سبق ضعفه، وحديث عائشة سبق نكارته"! !

أقولُ: لا أريد -الآن- الرَّدَّ عليه، والكلامَ على طرق الحديث، وما يصحُّ منها وما لا يصحُّ

فذلك مبسوطٌ في "الإرواء" - كما أشرت آنفًا -، وإنَّما أريد نصح القراء بالكشف عن شيء من خيانته للعلم، وكتمانه الحقائق تدليساً وتلبيساً على القراء؛ فأقول:

أوَّلًا: كَتَمَ أثر عمر الصحيحَ إسنادُهُ عنه، أنَّه كان إذا كبر للصلاة، كبّر، ثم قال: "سبحانك اللهم وبحمدك

" إلخ

يُسمع ذلك من يليه ويُعَلِّمهم، ثم يتعوَّذ، ولقد رآه (الهدَّام) مخرجًا هناك من رواية جمع من الحفاظ -كمسلم وغيره-، وصرّح بعضهم بصحته- كالدّارقطني وغيره-؛ ولكنّه كتمه؛ لأنَّه يعلم أنَّه يُبطل قوليه المذكورين آنفًا، ويجعل تخريجه في صفحتين هباءً منثورًا! لأنَّ العلم يشهد أنَّ عمر ما كان يستفتح بهذا الاستفتاح ويجهر به لِيُعَلِّم الناس الذين يصلّون خلفه -وهم يُقِرُّونه على ذلك ولا ينكرونه- إلاّ وهو قد تلقَّاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي مثل هذا يظهر أهميّة قوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الرّاشدين من بعدي"، وقوله:"اقتدوا باللَّذين بعدي أبي بكر وعمر"! ولكنَّ (الهدَّام) -تمهيدًا منه لعدم الاحتجاج بهذا الأثر العُمَري ونحوه- قد ضعَّفهما

ص: 101