الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأولى: اقتصاره في عزوه على أحمد، وقد رواه أبو يعلى، وابن حبان! ولعله عن عمْدٍ فعل ذلك؛ تعميةً لصحّته عن القراء، وإن كان هو لا يُؤمِن بتصحيح ابن حِبان، ولا يعتدُّ به مطلقًا! وهو من جَنَفِه وظلمِه؛ والحقُّ التفصيلُ -كما هو معروفٌ-.
والأخرى: اقتصارهُ على قولُه: "ورجاله ثقات"؛ وحقه أن يقول: "إسناده صحيح"، بدلَ:"ورجاله ثقات"، أو يجمع بينهما؛ فإنَّه من رواية حمّاد ابن سَلَمَة، عن ثابت، عن أبي عُثمان النَّهْدي، عن أبي هريرة.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ على شرط مسلم، كما كنتُ ذكرت ذلك في "الإرواء"(4/ 99)، وذلك لأنَّ أبا عُثمان النَّهْدي -واسمه: عبد الرحمن بن مُلٍّ- أخرج له الشيخان عن أبي هُريرة؛ وحمّاد بن سَلَمَة احتجّ به مسلمٌ في روايته عن ثابت، وهو فيها ثقةٌ اتفاقًا، فلا أدري -إذن- لِمَ لَمْ يُصَحِّحه؟ !
أهو المشاكسةُ والمعاندةُ التي جرى عليها في تضعيفاتهِ؟ !
أُم هي المعاداةُ لأئمة السنة الذين منهم حمّادُ بن سَلَمة؟ القائلُ: "من طلب الحديث لغير اللَّه -تعالى- مُكِرَ به"، والذي قال فيه إمامُ السنة -أحمدُ ابن حنبلٍ-:"إِذَا رأيتَ الرجلَ يغمِزُ حمّاد بن سَلَمَة فاتّهمه على الإسلام، فإِنَّه كان شديدًا على المبتدعة"، ولذلك أعلن تضعيفَه بعضُ المبتدعة وأعداء السنة في هذا العصر، فأخشى أن يكون (الهدَّام) منهم؛ فإِني أراه منحرفًا عنه! وضعّف له حديثًا من روايته عن ثابت، تقدم برقم (6)! !
111
- حديث: "هَلُمَّ إلى الغداء المبارك":
عزاه (الهدَّام)(1/ 528) لرواية جمع -منهم ابن خُزيمة، وابن حبّان- عن العِرْباض، وقال:"وفي إسناده ضعف"، وإلى النسائي عن المِقْدام، وابن حِبّان عن أبي الدّرداء، وقال:"وفيهما كلامٌ أيضًا".
قلتُ: هذا التضعيفُ المبهم إمّا أن يعني أنَّ متنَ الحديثِ ضعيفٌ لا يتقوّى بمجموع هذه الطرق؛ فهذا باطلٌ، لأنَّها ليست شديدةَ الضعفِ -كما يشير إلى ذلك إخراجُ ابن خزيمة، وابن حبان في "صحيحهما" للحديثِ-؛ فهو صحيحٌ لغيره.
وإن كان يعني أنَّه صحيحٌ أو حسنٌ على الأقلّ؛ فلماذا كتمه، وما بيّنه؟ !
على أنَّ له شواهدَ أخري، لا أستبعد أنَّه تَعَمَّد كتمانَها:
منها حديا عائشة عند أبي يعلى (4679)، وحديث ابن عباس في "أوسط الطبراني"، وعنه الخطيب (1/ 387)(1) وكلُّها مخرّجةٌ عندي في "صحيح أبي داود"(2030)، ولذلك أشار المنذري في "الترغيب"(1/ 92/ 5 و 6) إلى تقويته، وكذلك عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الصغرى"(1/ 382).
وإنّ مما يؤكّد كتمانَه المذكورَ: أنَّ من طرقه -عند النسائي- ما رواه من طريق ثَوْر، عن خالد بن مَعْدان -مرسلًا-، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لرجلٍ. . . فذكره.
وإنّما كتمه لصحّة سنده! ولأنَّ الحديث يتقوّى به وبموصولٍ واحدٍ من تلك المسندات؛ كما هي القاعدةُ عند العلماء؛ ونصّ على مثل ذلك الإِمام الشافعي رحمه الله؛ فكيف لا يُقَوّى بها كلِّها؟ !
وكتم -أيضًا- شاهدًا قويًا عند النسائي -أيضًا-؛ من طريق عبد اللَّه بن الحارث، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
(1) ثم خرّجته في "الصحيحة"(2983)، وسقت إسناده، وبيّنت صحته مع مرسل خالد ابن مَعْدان -الآتي-.
دخلتُ على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتَسَحّر، فقال:"إنَّها برَكَةٌ أعطاكم اللَّه إياها؛ فلا تَدَعُوه".
وإسنادهُ صحيحٌ، وصحّحه عبد الحق الإشبيلي.
انتهى الرَّد على حسّان عبد المنّان - (الهدَّام) - في تعليقاته الظالمة، والمضعِّفة للأحاديث الصحيحة في الجزء الأول مِن "إغاثة اللهفان".
ويتلوه الردُّ على تعليقاتهِ في الجزء الثاني -منه-: