المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(8/ 223 و 227 و 282 و 297) أحاديثُ صرّح - النصيحة بالتحذير من تخريب «ابن عبد المنان» لكتب الأئمة الرجيحة وتضعيفه لمئات الأحاديث الصحيحة

[ناصر الدين الألباني]

الفصل: (8/ 223 و 227 و 282 و 297) أحاديثُ صرّح

(8/ 223 و 227 و 282 و 297) أحاديثُ صرّح فيها بسماعه منه، ولذلك أشار الحافظُ -أَيضًا- إلى تقوية الحديث في الموضع الذي سبقت الإشارة إليه، وكذلك المنذري.

‌133

- "قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تَحِلُّ الصدقة لغني، ولا لذي مِرَّة سَوِيٍّ":

قلت: خرَّجه برواية جماعةٍ من حديث أبي هريرة، وقال:"وهو حديثٌ صحيحٌ لشواهده، انظر "الإحسان" (3290) ".

قلت: لقد جمع -بهذه الإحالةِ علي "الإحسان"- بين الزُّور والظُّلم!

أمّا الزورُ، فإِنَّه أوهم القراء أنَّ تصحيحَه المذكور هو في "الإحسان"؛ والواقعُ خلافُهُ، فإِنَّه قوّى إسناد أبي هريرة عند الجماعة لذاته، وصحَّح إسنادًا آخر عنه، وقوّى -أيضًا- إسناد شاهده من حديث ابن عمرو! وفي كلِّ ذلك نَظَرٌ عندي، قد بيّنته في "الإرواء"(3/ 381 - 385)، وقد خَرَّجْتُهُما -بأبسطَ مما في "الإحسان"-، مع شاهدين آخرين لم يُخَرَّجا فيه، أحدهما عن رجلٍ من بني بلال سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، وسنده جيّد.

وأمّا الظُّلمُ، فهو أنَّه ما استفاد الصحةَ التي ذكرها إلّا من مجموع هذه الأحاديث الأربعة، فكان العدلُ والإنصافُ يوجب عليه أن يُحيلَ إلى "الإرواء"، لكي لا يقعَ في مخالفة قولُه -تعالى-:{ولا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} .

‌134

- ذكر ابنُ القيِّم رحمه الله الملائكةَ، فقال:

"قد أطَّت بهم السماء، وحُقّ لها أن تَئطَّ، ما فيها موضعُ أربعِ أصابعَ إلّا ومَلَكٌ قائم، أو راكع، أو ساجد".

و"يدخل البيتَ المعمورَ كَلَّ يوم منهم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه آخر ما عليهم".

ص: 243

قال (الهدَّام)(2/ 157) واضعًا رقم التعليق على آخِر حديث البيت المعمور:

"حديثٌ ضعيفٌ، أشرنا إليه في "رياض الصالحين"، من منشورات المكتبة الإسلامية"!

قلت: لقد تورَّط صاحبُ المكتبة الإسلامية -أصلحني اللَّه وإياه-، فطبع له كتاب "الرياض" الذي عُلِم ما فيه من التغير والتبديل لأصلهِ! والتضعيفِ لعشراتِ الأحاديثِ الصحيحة! وظنِّي أنَّ ذلك كان قبلَ أن يتبيَّن له جهلُهُ بهذا العلم الشريف، وانتصابُه لمعاداة علماء الحديث وأئمّتهم، ومعارضتُه إياهم في أحكامِهم؛ فهو في صفّ، وهم في صفّ! !

وفيما تقدم -ويأتي- أكبرُ دليل على ذلك، بحيث لا يَدَعُ أيَّ شك أو ريب في قلب من (قد) لا يزال يُحَسّن الظن به -لحذلقتِه- أنَّه منحرفٌ عن سبيل العلماء، وها هو الآن يقدّم مثالًا جديدًا على ما ذكرنا؛ وإليك البيان:

أولًا لقد توهّم -لجهله بالسنّة- أنَّ حديثَ الأَطيط وحديثَ البيت المعمور حديثٌ واحد؛ ولذلك وضع رقمَ التعليقِ على آخر حديث البيت، وضعَّفه، وحديثُ البيتِ صحيحٌ متّفقٌ عليه بين الشيخين -كما يأتي-، وله نحُو هذا التخليط الشيءُ الكَثيرُ، ولعلّه تقدم -أو يأتي- بعضُه، وما لنا نذهب بعيدًا؟ ! فيها هو المثال فيما أحال إليه من "رياضه"، وهو يُشير إلى الحديث الذي أورده في "ذيله" (ص 512):"14 - حديث أبي ذَرّ: إني أرى ما لا تَرَوْن، وأسمعُ ما لا تسمعون، أَطَّت السماء. . . "؛ فذكره بتمامه -كما هو في "الصحيحة"(1722) -، وهو يحتوي على أربعِ فِقْرات، أرى من النُّصح تفصيلَها، وبيان موقف (الهدَّام) تُجاهَها، ومبلغ جنايتهِ على أغلبها؛ من أجلِ واحدةٍ منها!

الأولى: حديث الأطيط -الذي هنا-.

ص: 244

الثانية: "واللَّه لو تعلمون ما أعلم؛ لضحكتم قليلًا، ولبكيتم كثيرًا".

والثالثة: "وما تلذَّذتم بالنساء على الفُرُش".

والرابعة: "ولخرجتم إلى الصُّعُدات تجأرون إلى اللَّه -تعالى-".

قلت: فقال (الهدَّام) -هناك- بعد تخريجه:

"وفيه إبراهيم بن مُهاجِر، وهو ضعيفٌ، ولبعضه شواهد، ولا يصحُّ بطوله"!

قلت: فأنت ترى أنَّه عمَّى الأَمْرَ على القُرّاء! فخصّ التضعيفَ بطوله، ومفهومُه أنَّ بعضَه صحيحٌ، وأيّده بقوله:"ولبعضِه شواهدُ"، ولكنّه كتمها ولم يبيّن ما هي! ! وبذلك يبقى القارئُ حيرانَ؛ لأنَّ (الهدَّام) قصد ذلك بعدم تمييز ما يصحُّ منه مما لا يصحُّ! فكأنّه لا يصحُّ عنده قولُه صلى الله عليه وسلم:"الدين النصيحة. . . "، وإلّا لما كتم الحقَّ، ولَسارع إلى بيانه، وبخاصّة أن جُلَّ الحديثِ صحيحٌ -إن لم أقلّ: كله - كما يأتي-، وحينئذٍ، فما فائدةُ التضعيف المذكور إلّا الهدم؟ !

أمّا الجملةُ الأولى: فهي صحيحةٌ بشواهدها، التي منها حديث حَكِيم بن حِزَام بسند صحيح، كما بيّنته في "الصحيحة"(852 و 1060).

ومن تمام إخلال (الهدَّام) بالأمانة العلمية؛ أنّه أشار في آخر تخريجه -المشار إليه- إلى هذا الشاهد، ولكنّه صَمَتَ صَمْتَ الحجرِ الأصَمّ، فلا هو أشار إلى صِحّته! ولا إلى ضَعْفِهِ! وفاقدُ الشيء لا يُعطيه! !

وأمّا الجملةُ الثانيةُ؛ فهي في "الصحيحين" من حديث أنس، وفي "البخاري" -أيضًا- من حديث أبي هريرة، وهما مخرّجان في "الصحيحة"(3194)، و"فِقه السِّيرة"(479).

فتأمّلوا مبلغَ جنايةِ هذا (الهدَّام) على السنّة الصحيحة، بعدم استثنائه هذه الجملةَ على الأقل من الضعف الذي ذكره، واللَّه المستعان!

ص: 245